السبت، 19 يوليو 2014

الرد على شبهة حجاج العجمي في البيعة

 مناقشة خلع البيعة
*الكاتب:فضيلة الشيخ / عبد الله بن سعد أباحسين
مؤلف كتاب ( مهمات حول الجهاد )
بسم الله الرحمن الرحيم
انتشر لبعضهم مقطع مرئي قال فيه: إنّه لا بيعة في عنقه لأحد اليوم بسبب غياب الإمام الأعظم، وقال:

“البيعة العظمى في أعناقنا للإمام الأعظم الذي تختاره الأمة برضا”، وقال: “البيعة التي تكون للضرورة في أقطار المسلمين هي السلطة التي تختارها الأمة وتبايعها عن رضا” أهـ، وسأقف مع كلامه وقفات مختصرة، وأُرجئ التطويل إلى مقام آخر(1): الوقفة الأولى: قوله مخالف لاعتقاد أهل السنّة والجماعة؛ لأنّ أهل السنّة والجماعة يقولون بأنّ الإمامة تنعقد بالاختيار، ولا يشترطون للاختيار إجماع الأمّة، وإنّما يجتمع أهل الحلّ والعقد فيختارون الإمام، ويقولون ـ أيضاً ـ : إنّ الإمامة تنعقد بالتغلّب وولاية العهد،فقد استدل الإمام أحمد على صحّة الإمامة بالتغلّب بفعل عبد الله بن عمر حيث بايع عبد الملك بن مروان لمّا تغلّب(2)، وأما دليل ولاية العهد فاستخلاف أبي بكر لعمر وبيعة الصحابة لعمر رضي الله عنهم(3). الوقفة الثانية: لمّا تولّى بنو العباس سنة 132هـ لم تكن ولايتهم باختيار إجماع الأمّة وعن رضا، وإنّما حصلت بالتغلّب على كثير من أمصار المسلمين، وقامت دولة لبني مروان في الأندلس، حيث تغلب عليها عبد الرحمن بن معاوية المعروف بالداخل سنة 137هـ، فهذا واقع يُقرّه أهل السنّة والجماعة ولا يتغافلون عنه(4)، ويقرّرون مع شهادتهم بالواقع أنّ من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية، قال الإمام أحمد: “لا يحل لأحد أن يبيت ليلة ولا يرى أن ليس عليه إمام براً كان أو فاجراً”(5)، ولما ناظره قوم في إمامة الخليفة الواثق وقالوا له: إنّا لا نرضى بإمرته ولا سلطانه قال لهم: “لا تخلعوا يداً من طاعة”(6).
ولم يُعرف عن علماء أهل السنة والجماعة ومن وافقهم قول يُفهم منه أنّ الإمام غائب لأنّ الإمامة الموجودة حصلت بغير اختيار الأمة ورضاها، وإنّما عُرف الطّعن في صحة الإمامة القائمة من قبل المعتزلة والخوارج وأمثالهم، حيث اعتقدوا بطلان إمامة بني العباس وغيرهم وخرجوا عليهم.
الوقفة الثالثة: حقيقة تلك المقالة أنّ واجب إقامة الإمام لم يُعمل به منذ تولي بني العباس وقبله، وأنّ النّصوص الآمرة بالبيعة والسمع والطاعة لا يُعمل بها، وأنّ العلماء الذين اعتقدوا صحة إمامة بني العباس في العراق والشام وصحة إمامة بني مروان في الأندلس وعملوا بنصوص البيعة والسمع والطاعة كانوا على خطأ. الوقفة الرابعة: لمّا قامت الدولة السعودية في القرن الثاني عشر الهجري تابع علماء الدعوة السلفية السلف الصالح فعملوا بالبيعة للأئمة، وأمروا بها، ومن ذلك أنّ الشيخ محمد بن عبد الوهاب بايع الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود بعد أبيه، وأمر بذلك، واستجاب لأمره من تحت حكم الإمام عبد العزيز بن محمد، وبايعوه على الإمامة والسمع والطاعة(7)، وسار على هذا العمل علماء الدولة السعودية إلى زماننا هذا، فمن قال بأنّه لا بيعة في عنقه وأنّ الإمام غائب لأنّ الإمامة حصلت بغير رضا وإجماع الأمة فإنّه مخالف لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي تابع فيها السلف الصالح.
أسأل الله تعالى أن يحفظ علينا اعتقادنا وأمننا وإمامنا، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
——————-
الهوامش:
(1) العمل جارٍ على تقديم أطروحة دكتوراه بعنوان “التطبيق العملي لتعدّد الأئمة في تاريخ المسلمين دراسة عقدية” في كلية التربية بجامعة الملك سعود.
(2)أبو يعلى “الأحكام السلطانية” ص23.
(3)ابن كثير “تفسير القرآن العظيم” (1/221).
(4)ذكر ذلك ابن تيمية “منهاج السنة” (1/547).
(5)ابن رجب “ذيل طبقات الحنابلة” (2/21).
(6)الخلال “السنة” ص133.
(7)ابن غنام “روضة الأفكار” (2/74) وابن بشر “عنوان المجد” (1/99).
***************

للإطلاع على محتوى الكتاب ، فضلاً قم بزيارة الرابط التالي
( مهمات حول الجهاد )
*داعية في وزارة الشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية .



مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..