الخميس، 10 يوليو 2014

وقفات مع "مذكرات تشرشل"

  عبارة ربما لم يلق لها صاحبها بالا ,, قذفت بي إلى مذكرات"تشرشل" !!
عبر حوار عابر،ورد ذكر "تشرشل"فذكر أحد إخواننا عبارة نقلت عنه تتعلق ببعض حكام عالمنا
العربي .. فقال الأخ ما معناه لعل أبا أشرف يتأكد من ذلك.
كنت قد ألقيت قلمي .. فوجدتها فرصة .. لأقرأ الكتاب .. ولكن القراءة أعادتني إلى الكتابة !!
تداويت من ليلى بليل من الهوى .. كما تداوى شارب الخمر بالخمر!!
قبل الوقفات،الكتاب لا يتحدث المؤلف فيه عن حياته .. وإنما يسرد قصته مع الحرب العالمية الثانية .. وقد اطلعت على نسخة إلكترونية في جزئين .. وليس عليها اسم مترجم الكتاب .. ودوت مقدمة!!
الوقفة الأولى : بدا لي أن عالمنا العربي – إبان تلك الحرب – كان خاليا من البشر!! رغم أن تشرشل زار .. وعقد اجتماعات عدة في مصر،والمغرب .. إلخ. إلا أنه لم يشر مجرد إشارة إلى سكان تلك البلاد .. ولا إلى ساستها!! مع أننا نعلم قصة محاصرة الدبابات البريطانية لقصر عابدين لإجبار الملك فاروق على تكليف النحاس بتشكيل (الوزارة) .. ومحاولتهم دخول مصر الحرب في صف الحلفاء .. إلخ.
الوقفة الثانية : يبدو أنني كنت أقرأ عن القنبلة الذرية التي قُصفت بها اليابان .. من زاوية واحدة .. زاوية أن ما حدث جريمة مروعة .. ولكن لتشرشل رأي آخر .. فهو يرى أنها كانت (أخف الضررين)!! ويجادل بتصور كيفية إنهاء الحرب دون إلقاء تلك القنبلة .. وأن ذلك قد يتطلب قتل الجنود اليابانيين جنديا جنديا .. لأنهم لن يستسلموا .. إضافة إلى من سيسقط من جنود الحلفاء .. وعليه .. فالقنبلة الذرية كانت رحمة .. حقنت الكثير من الدماء!!!
كما تحدث أيضا عن سعي بعض الدول – عبر الأمم المتحدة - التي لا يصل عدد سكانها إلى مليون .. وتريد أن تتحدث باسم العالم .. تبريرا لـ(الفيتو)!! ومع ذلك فقد كتب عبارة لافتة عن الأمم المتحدة :
(وكانت منظمة الأمم المتحدة لا تزال في طفولتها،إلا أنه اتضح منذ البداية،أن العيوب الموجودة فيها قد تقيم الدليل على أنها من الخطورة إلى الحد الذي يبطل الأهداف التي قامت من أجلها) { ص 285 جـ 2 }
الوقفة الثالثة : أطنان من الحبر سكبت للتباكي على توحد أوربا وعجز العرب عن التوحد .. رغم كثرة قواسمهم المشتركة .
شخصيا أعتقد أن المدرسة الأولى التي صنعت (الوحدة الأوربية) هي مدرسة (مآسي الحرب) .. والدمار الذي خلفته .. والرعب من حروب أخر.
عندما انتهت الحرب الأولى سنة 1918 .. وبعد توقيع اتفاقية فرساي .. علق الماريشال الفرنسي "فوش"بالقول :
( إنها ليست سلاما،بل هدنة لمدة عشرين سنة ){ عن ( مذكرات تشرشل)}.
وفعلا أعادت ألمانيا صناعة آلة حربها .. واجتاحت أوربا .. وكانت صناعة تلك القوة أمام أنظار أوربا .. ولم تتخذ موقفا من ذلك .. ما جعل تشرشل .. يكتب عبارة .. نستطيع أن ننزلها ببساطة على بعض الدول العربية الكبيرة الآن!! كتب تشرشل :
(وسنرى كيف أن اتباع سياسة التردد قد تصبح عاملا أساسيا للخطر،وكيف أن الحل المعقول الذي ينبع من الرغبة في السلامة والحياة الهادئة قد يؤدي بنتيجته إلى مواجهة الكارثة) {ص 12 جـ1 ( مذكرات تشرشل) : دار المعرفة للطباعة والنشر / منشورات مكتبة المنار بغداد}.
بالعودة إلى رعب أوربا من الحرب .. نجد أن بريطانيا وفرنسا – بعد انتهاء الحرب الثانية – وقعتا "معاهدة دنكرك" سنة 1947 للمساعد حالة تعرض إحدى الدولتين لعدوان ألماني .. وفي سنة 1948 وُقعت (معاهدة بروكسل) بين بريطانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا و لوكسمبورغ للمساعدة عند تعرض أي من هذه الدول لـ(العدوان) .. دون ذكر ألمانيا هذه المرة.
ولم ينقذ أوريا من الغول الجديد الذي خلف (النازية) أي (الشيوعية) إلا قيامة حلف الأطلنطي .. وقد عبر تشرشل عن ذلك بقوله :
( ومن الثابت أن حلف الأطلنطي قد حقق بجوده في البداية أكثر مما حقق بعمله،فقد أعاد إلى أوربا الثقة،لاسيما البلاد الواقعة على مقربة من الاتحاد السوفيتي وتوابعه،وقد سبب هذا الأثر انحسارا بحق لقوة الأحزاب الشيوعية في البلاد المهددة) { ص 286 جـ 2 ( مذكرات تشرشل) : دار المعرفة للطباعة والنشر / منشورات مكتبة المنار بغداد}.
غني عن القول أن الحرب لم تصنع وحدها الوحدة الأوربية .. والاستقرار الأوربي .. فقد بنيت المدرسة على الفكر .. ثم التقانة .. ثم (الفكرة) .. يقول تشرشل :
( وقد شرعنا في عام 1947 في"الحركة الأوربية"التي تستهدف الدعوة إلى وحدة أوربا،وبحث الوسائل التي تؤدي إلى تنفيذه عمليا،ولكن بصورة تدريجية،لأن من الخطأ في المشروعات الضخمة،أن يحاول المرء التخطيط وكأنه في عملية عسكرية،وكانت مهمتنا إقامة اتحادات ووشائج أدبية وثقافية وأخلاقية واجتماعية في جميع أنحاء العالم){ص 287 جـ 2}
ما أحوج بعض الدول العربية إلى وضع قول تشرشل (من الخطأ في المشروعات الضخمة،أن يحاول المرء التخطيط وكأنه في عملية عسكرية) في اعتبارها .. عندما تخطط لمشاريعها الكبرى!!
الوقفة الرابعة : عود على بدأ .. وتلك العبارة التي قرأت المذكرات بحثا عنها،لم أجدها – كما قلت من قبل – ولكنني وجدت عبارة أخرى .. توقفت عندها .. ولاشك عندي في وجود خطأ ما .. وقد يكون في الترجمة .. وقد حاولت أن أبحث عن النص في لغته الأصلية .. لعرضه على بعض من يجيدون اللغة الإنجليزية .. ولكني وجدت أن الكتاب لا يحمل اسم ( مذكرات تشرشل) .. بل (مذكرات الحرب العالمية ) .. بقلم تشرشل .. إضافة إلى أن الكتاب في ست أو ثمانية مجلدات – أنسيت العدد – وهذه عجيبة أخرى!!
أما العبارة التي لفتت نظري فهي ضمن قول تشرشل :
( لقد كنت منذ صدور وعد بلفور في عام 1917،من أخلص أنصار القضية الصهيونية ومؤيديها،ولم أشعر قط أن البلاد العربية قد جنت منا إلا العدل في معاملتها،فالعرب مدينون لبريطانيا ولبريطانيا وحدها في وجودهم كدول،فنحن خلقنا هذه الدول،فلقد دفعت الأموال البريطانية والمستشارون البريطانيون بها سريعا في طريق التقدم،وكانت الأسلحة البريطانية هي التي تتولى حمايتهم،وكان لنا،وما زال كما آمل،عدد من الأصدقاء الأوفياء والشجعان في المنطقة،وكان الملك عبد الله حاكما في منهى الحكمة،وأدى اغتياله إلى زوال الفرصة في تسوية سلمية للمشكلة الفلسطينية،وكان الملك بن سعود حليفا قويا،وكنت أتابع في العراق بإعجاب سلوك نوري السعيد الشجاع والحكيم،إذ كان يخدم بإخلاص ملكه،ويقود بلاده في طريق الحكمة،دون أن يتأثر بالتهديدات الخارجية،أو بالضجيج المتناثر من الخارج في الوطن،ومن سوء الحظ أن هؤلاء الرجال كانوا من الشواذ)
{ في الهامش : "هذا هو رأي المؤلف الخاص وقد وجدنا نقله بدقة وأمانة دون أي تعليق" :
ص 292 ( مذكرات تشرشل)}

مرة أخرى .. لاشك عندي في وجود خطأ ما في الترجمة .. رغم تعليق الناشر.
وأختم .. بهذه العبارة اللافتة التي نقلها تشرشل عن بلوتارك .. ولعله يقصد نفسه .. وأمته .. بعد عدم نجاحه في الانتخابات .. رغم إنجازاته في الحرب .. يقول بولتارك :
(إن الجحود نحو الرجال العظام،هو من ميزات الشعوب القوية).
أمر طبعي .. مع قسوة لفظة (الجحود) .. لأن الأمم العظيمة لديها الكثير من الرجال العظماء ..
ولا تعمل بطريقة ( ما في البلد غير ها الولد)!!



كتبه :
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني




---------------------------------
ردا على الشنقيطي
عايض الدوسري : الترجمة العربية غير موثقة

نقل الاستاذ الشنقيطي نصا عن تشرشل ثم أحال على مقالة له عن مذكرات تشرشل. وفي مقاله عن مذكرات تشرشل أورد نصا غريبا فيه طعن سياسي أخلاقي على بعض الزعماء العرب ومنهم الملك عبدالعزيز رحمه الله.

وللأمانة فان الشنقيطي استغرب هذا النص واستشكله
 عايض الدوسري الرياض: هذا هو النص أنقله بتمامه:
"كانت مشكلة فلسطين من أعقد المشاكل التي واجهتها بريطانيا، وكنت منذ صدور وعد بلفور عام 1917 من أخلص أنصار القضية الصهيونية ومؤيديها، ولم أشعر قط أن البلاد العربية جنت منا غير العدل في معاملتها، فالعرب مدينون لبريطانيا ولبريطانيا وحدها في وجودهم كدول، فنحن خلقنا هذه الدول، والأموال البريطانية والمستشارون البريطانيون من دفع بها سريعاً على طريق التقدم، وكانت الأسلحة البريطانية هي التي تتولى حمايتهم وكان لنا ومازال كما آمل عدد من الأصدقاء الأوفياء الشجعان في المنطقة، وكان المرحوم الملك عبد الله حاكماً في منتهى الحكمة، وأدى اغتياله إلى زوال الفرصة في تسوية سلمية للمشكلة الفلسطينية وكان الملك ابن سعود حليفاً قوياً، وكنت أتابع في العراق بإعجاب سلوك نوري السعيد الشجاع الحكيم، فقد كان يخدم بإخلاص ملكه، ويقود بلاده في طريق الحكمة من دون أن يتأثر بالتهديدات الخارجية، أو بالضجيج الداخلي المتأثر من الخارج، ومن سوء الحظ أن هؤلاء الرجال كانوا من الشواذ".

تشرشل، كتاب مذكرات
 تشرشل، جزء: 2، ص 292، دار المعرفة للطباعة والنشر، منشورات مكتبة المنار بغداد.

 وتعليقي كالتالي:
1- الترجمة العربية غير موثقة ومن ثم غير موثوقة، فلا يوجد فيها اسم المترجم ولا معلومات النسخة او الطبعة الانجليزية التي اعتمدت عليها الترجمة العربية.

2- راجعتُ النسخة الانجليزية المختصرة في مجلد واحد، وكذلك النسخة الكاملة في ستة مجلدات فلم اعثر على هذا النص.

ولهذا جرى هذا التنبيه.

والله اعلم
د عايض بن سعد الدوسري


مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..