الثلاثاء، 29 يوليو 2014

لعن الله اليهود في الزبور والإنجيل والقرآن

﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُون ﴾ [المائدة: 78]
ازدادت وتيرة العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، وخاصةً في قطاع غزة، ففي يومٍ واحدٍ كان
استشهاد ما يناهز عشرين مسلمًا، ثلثاهم من كتائب القسام، ولم يَخْلُ يومٌ من شهيد هنا، أو شهيدين، أو ثلاثة، أو أكثر من ذلك، حتى إذا لم يجدِ العدُّو يومًا هدفًا للمقاومة راح يستهدف البِنْيَةَ التحتية للحكومة والحركة، وكان من أثر ذلك أن يذهب العشرات جرحى في حفل زفافٍ لآل عبد الجواد حينما قصفت الطائرات بالقنابل الثِّقال مبنًى مستأجرًا لوزارة الداخلية، وقد تَمَّ إخلاؤه من شهورٍ عديدة، وقد استشهدت امرأةٌ كَهْلٌ، ويُخْشَى أن يلحق بها بعض ذوي الجروح الغائرة.


وقد صَبَّ كلُّ المداخلين - تعقيبًا على الجرائم - لعناتِهم على اليهود المجرمين، فقد أفردت وسائل الإعلام المحلية - باستثناء إعلام السلطة - مساحة واسعة لتغطية ذلك العدوان في موجة مفتوحة حتى ساعات الفجر الأولى، وأكدوا أنه لا ينفع مع أولئك الطغاة إلا المقاومة والجهاد في سبيل الله، وأن أوجب الواجبات اليوم إيقاف المفاوضات العبثية، تلك التي يفاوض فيها فريقٌ ملتصقٌ بالشعب الفلسطيني على حجم التنازلات، تلك التي هَوَتْ بنا في مكانٍ سحيق، ولا زال اليهود طامعين أن تُوصِلَنا إلى القناعة بالتحول أداةً في أيديهم، نَحْرُسُ أمنهم، ونزرع أرضهم، ونكنس مدنهم، مقابل لقمة العيش التي تدفعها الدول المانحة من الجيوب العربية غالبًا.


إن تلك الصيحة لن تجد أُذُنًا واعية، وسيظلون في مفاوضاتهم يعمهون، ولا أكون مبالغًا إنْ قلت: إن ذلك العدوان قد بُورِكَ في تلك اللقاءات، وأضعف الاحتمال أن تكون قلوبهم قد اهْتَزَّتْ طربًا؛ فإن العدوان قد يُمَهِّدُ لعودة أزلام التفاوض إلى السيطرة على زمام القطاع، وقد حدثنا القرآن عن قارون الذي كان من قوم موسى فبغى عليهم؛ أنه شارك مع فرعون وهامان في قرار قَتْلِ أبناء الذين آمنوا مع سيدنا موسى، واستحياء نسائهم، كما في سورة غافر (23-25).

إن هذا الاحتمال يرقى إلى مرتبة اليقين بعد اكتشاف تورط زبائن في رام الله فيما هو أَلْعَنُ من جرائم الصهاينة، فقد بات مؤكدًا أنهم بَيَّتُوا أن يحدثوا مجزرة في حفل تكريم الحجاج، أولئك الذين كسروا الحصار بإصرارهم على الذهاب والإياب عبر معبر رفح، ولو كره المجرمون، فلما فشل العملاء في تحقيق ما يشتهون، راحوا يُعِدُّون عملية انتحارية في المصلين في مسجدٍ اعتاد أن يصلي فيه رئيس الوزراء الأستاذ إسماعيل هنية، وليس غريبًا أن الذي تولى كبرها شخصية طالما أفشتْ بدقائق أسرار الرئيس عرفات للاحتلال، ثم دَسَّتْ له السُّمَّ؛ حتى يتسنى لهم إرضاء اليهود والصليبيين بالتنازل عما تَبَقَّى من فلسطين.


أما آية المائدة فتخبر عن الذين كفروا من بني إسرائيل؛ أنهم لُعِنوا على لسان داوود وعيسى بن مريم في الإنجيل والزبور، وأن تلك اللعنة كانت بسبب عصيانهم لله، وعدوانهم على أنبيائه وأوليائه، فقد كانوا يقتلون النبيين بغير حقٍّ، ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، وأردفت سورة المائدة أنهم كانوا لا يَتَنَاهَوْنَ عن منكر فعلوه، وأن المعاصرين منهم للإسلام كانوا يوالون المشركين في حربهم للصحابة الأولين، وأن ذلك هو الذي جَرَّ عليهم سخط الله وغضبه ولعنته.


وقد رأى بعض المفسرين أن الذين لُعِنوا على لسان داود هم الذين اعتدوا في السبت، فقيل لهم: كونوا قردةً خاسئين، وأن لعنة عيسى بن مريم هي التي مُسِخوا بها خنازير، ويشهد لذلك سورة المائدة فيما سلف من الآيات: ﴿ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ ﴾ [الآية: 60].



وقد جاء في الصحيح أن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أن الواحد منهم كان يلقى أخاه على معصية الله، فيقول له: اتقِ الله، ودَعْ ما تصنع؛ فإنه لا يحلُّ لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه أن يكون أَكِيلَهُ وقَعِيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داوود وعيسى بن مريم، ثم تلا الآيات (78-81) من المائدة.



ومن الجدير بالذكر أن لعنة اليهود قد سَجَّلها القرآن الكريم في مواضع من سورة البقرة، والنساء، والمائدة، وذكر المزيد من أسبابها ونتائجها، ومن ذلك أنهم كانوا قد دُعُوا إلى الإيمان بالقرآن، فقالوا: قلوبنا غُلْفٌ؛ أيْ مغلقة لا تعي ما تطلبون، فأخبر الله عزَّ وجلَّ أن السبب في عدم إيمانهم هو لعنة الله التي حاقتْ بهم بسبب كفرهم، وأن ذلك الكفر قد وقع حسدًا أن تنزل الرسالة على رجلٍ عربيٍّ من بني إسماعيل، لا على عِبْريٍ من بني إسرائيل، مع أنهم حين كانوا يقتتلون مع الأوس والخزرج يتوعدونهم بنبيٍّ قد أظلَّ زمانه، سيتبعونه، ويقتلونهم معه قَتْلَ عادٍ وإِرَم، قال تعالى: ﴿ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ * وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 88-89].



لذلك فقد تواطؤوا على كتمان ما جاء في التوراة من نعوت خاتم النبيين، والبشارة به، فاستحقوا أن يلعنهم الله، وأن يلعنهم اللاعنون من الخلائق كلِّهم، إنسهِم وجِنِّهِم، حيوانات وجمادات، ما لم يتوبوا من قبل أن يأتي أحدَهم الموتُ، وإلَّا فلو ماتوا وهم كفار فإن عليهم لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين؛ قال عز وجل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ﴾ [البقرة: 159-162].



فإذا انتقلنا إلى سورة النساء وجدناها تخبر عنهم أنهم يُحَرِّفون الكَلِمَ عن مواضعه بتحريف التوراة، وأنهم يقولون سمعنا وعصينا إذا دُعُوا إلى الإسلام، بل يَدْعُونَ على النبي صلى الله عليه وسلم بعدم السمع، ويتهمونه بالرُّعُونة؛ لَيًَّا بألسنتهم، وطعنًا في الدين، وأن كلَّ ذلك من أثر لعنة الله بسبب كفرهم، فلا يؤمنون إلا قليلًا، ذلك أنهم كانوا يؤمنون ببعض الكتاب، ويكفرون ببعض، لذلك فقد ناداهم بالإيمان بالكتاب من قبلِ أن يفعل بهم إحدى عقوبتين؛ إما أن يجعل أعينهم ووجوههم إلى الأدبار، فيمشوا القهقرى، أو يجعلهم قردةً خاسئين؛ قال عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولًا ﴾ [الآيتان: 46-47].



وقد أخبر بعد ذلك أنهم يؤمنون بالجِبْتِ والطاغوت؛ أي الأصنام والشياطين، ويقولون لكفار قريش؛ إنهم أهدى من الذين آمنوا سبيلًا، ذلك أن وفدًا من خيبر وبني النضير راح يُوَلَِّبُ قريشًا على معركة الأحزاب، ويستنصر بهم علينا، فأخبر سبحانه أنه لعنهم لذلك، وأن من يلعنِ اللهُ فلن تجد له نصيرا. انظر الآيتين (50-51).



وأما في المائدة فقد لعنهم الله بسبب نقضهم ميثاقَهم، وَجَعلَ قلوبهم قاسية، وكان من آثار قسوتها أن يقولوا: ﴿ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ ﴾
فقال الله:
﴿ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾...

إن اليهود قد قست قلوبهم، فهي كالحجارة أو أشدُّ قسوة، وقد استوجبوا لعناتِ الله تترى، ولا سبيل لإلجامهم عن العدوان إلا بالإثخان، وأن نُشَرِّدَ بهم مَنْ خلفهم من العربان وأهل الصلبان.

والله وليُّ المؤمنين.

بالعصيان والعدوان لعن الله اليهود في الزبور والإنجيل والقرآن
د. يونس الأسطل
تاريخ الإضافة: 7/12/2013 ميلادي - 4/2/1435 هجري






مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..