السبت، 12 يوليو 2014

حد الحرابة في الاسلام

بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري
 
اللهم لك الحمد أولاً وآخراً على ما شرعت لنا في كتابك الكريم وفي سنة نبيك صلوات ربي وسلامه عليه, حمداً طيباً مباركاً فيه , ملْ السموات والأرض وملء ما بينهما وملْ ما شئت من بعد, وهك وعظيم سلطانك, سبحانك ربنا لا نحصي ثناء عليك انت كما أثنيت على نفسك, وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة حق وصدق وعدل توافيني بها في ميزان الأعمال يوم القيامة
 يوم لا ينفع لا مال ولا بنون الا من اتى الله بلقب سليم
 
وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله, وصفيه وخليله, نشهد والله انه بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة وجاهد في سبيل الله حق الجهاد حتى ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يضلُّ عنها الا هالك, اللهم صلي وسلم وبارك على هذا النبي الصادق الوعد الأمين واجزه عنا خير ما جزيت به نبيا عن أمته واسقنا من حوضه الشريف شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبداً برحمتك التي وسعت كل شيء يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين, لا اله الا أنت سبحتانك اني كنت من الظالمين, وبعد
 
يقول المولى تبارك وتعالى في محكم تنزيله الكريم في سورة المائدة 22- 23
 
انما جزاء الذين يُحاربون الله ورسوله ويسعوْنَ في الأرض فساداً أنْ يُقتّلوا أويُصلّبوا أوتُقطّع أيديهُمْ وأرجلَهُمْ مِنْ خِلافٍ أو يُنفَوْا من الأرضِ ذلكَ لهمْ خِزْيٌ في الدنيا ولهم في الآخرةِ عذابٌ عظيمٌ
 
والحرابة هي حد من حدود الله عزوجل فرضه على الذين يعثون في الارض فساداً, والذين اطلقوا اليوم عليهم اسم البلطجية او الشبيحة
 
والحرابة هي قطع الطريق , وتتحقق بخروج فردا واحداً أو جماعة مسلحة على الناس الآمنة المطمئنة وذلك لاحداث الفوضى وسفك الدماء وسلب الأموال أو هتك الأعراض , واهلاك الحرث والنسل, بأيّ أداة كانت (ألة حادة أو عصاً أو حجراً أو سلاحاً) مُجاهرًا بفعلته, واشترط الفقهاء رحمهم اللهأن يكون الارهاب خارج العمران , أما إذا كان الإرهاب داخل العُمران مع إمكان الاستغاثة بالناس او المارّة فلم تكن حِرابة عند بعضهم رحمهم الله،وبعضهم أَلْحَقَ داخل العمران بالحرابة لعموم الآية الكريمة, ولأنّ الترويع موجود في أي مكان, ذلك لأنّ الحرابة أساساً تقوم على المجاهرة بالارهاب وعدم الخوف, ولو لم تتحقق هذه الشروط أمكن للقاضي أن يحكم بالتعزير, والتعزير عند ابي حنيفة رحمه الله قد يصل الى القتل.
والعقوبات التي اوجبها الله عزوجل على من يستحقون تطبيق حد الحرابة فيهم , متسلسلة تسلسلا كما في كتاب الله عزوجل, وقد قسّم أهل العلم رحمهم الله وبيّنوا كل عقوبة منها على قدر الجريمة المرتكبة, فقالوا رحمهم الله: ان كانت الجريمة قتل مع أخذ مال عنوة كانت العقوبة قتلٌ وصلب, وان كانت الجريمة قتل فقط دون سلب مال فالعقوبة قتلٌ فقط, وان كانت العقوبة أخذ مال دون قتل فالعقوبة قطع الأرجل والأيدي من خلاف (كأن تقطع الرجل اليمنى مع اليد اليسرى أو قطع الرجل اليسرى مع اليد اليمنى) وان كانت الجريمة ارهاب فقط دون قتل او اخذ مال فالعقوبة نفي من الأرض
 
وقال الامام مالك رحمه الله: العقوبة مخيرة وللقاضي ان يحكم بما يشاء فيها – أي على ضوء العقوبات الواردة في قوله تعالى دون هوادة
 
لماذا أمر الشرع بتطبيق حد الحرابة؟

 
لقد شرع الله الشرع لمصلحة العباد، وضمنَ لهم الأمن على أنفسهم وأموالهم، وجعل للمفسدين في الأرض جزاءً يُوافق جريمتهم، ويحدُّ من خطرهم، لإنهم يصيرون في المجتمع كالعضو المريض الذي لابد من بتره، حتى لا يسري المرض إلى غيره، وحول هذا الموضوع والذي نرى أنّه قد حان الوقت لتطبيق شرع الله في الأرض حتى لا نُكتب عند الله من الكافرين والظالمين والفاسقين , كما في قوله تعالى في سورة المائدة 44- 46
 
إِنَّآ أَنزَلۡنَا ٱلتَّوۡرَٮٰةَ فِيہَا هُدً۬ى وَنُورٌ۬‌ۚ يَحۡكُمُ بِہَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسۡلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّـٰنِيُّونَ والأحبارُبِمَا ٱسۡتُحۡفِظُواْ مِن كِتَـٰبِ ٱللَّهِ وَڪَانُواْ عَلَيۡهِ شُہَدَآءَ‌ۚ فَلَا تَخۡشَوُاْ ٱلنَّاسَ وَٱخۡشَوۡنِ وَلَا تشۡتَرُواْ بِـَٔايَـٰتِى ثَمَنً۬ا قَلِيلاً۬‌ۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ * وَكَتَبۡنَا عَلَيۡہِمۡ فِيہَآ أَنَّ ٱلنَّفۡسَ بِٱلنَّفۡسِ وَٱلۡعَيۡنَ بِٱلۡعَيۡنِ وَٱلۡأَنفَ بِٱلۡأَنفِ وَٱلۡأُذُنَ بِٱلۡأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلۡجُرُوحَ قِصَاصٌ۬‌ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِۦ فَهُوَ ڪَفَّارَةٌ۬ لَّهُ ۥ‌ۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡڪُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ * وَقَفَّيۡنَا عَلَىٰٓ ءَاثَـٰرِهِم بِعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَ مُصَدِّقً۬ا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَٮٰةِ‌ۖ وَءَاتَيۡنَـٰهُ ٱلۡإِنجِيلَ فِيهِ هُدً۬ى وَنُورٌ۬ وَمُصَدِّقً۬ا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَٮٰةِ وَهُدً۬ى وَمَوۡعِظَةً۬ لِّلۡمُتَّقِينَ * وَلۡيَحۡكُمۡ أَهۡلُ ٱلۡإِنجِيلِ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فِيهِ‌ۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡڪُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ
 
أما من سيأتي ويقول ولكن هذه الأحكام جاءت في أهل الكتاب, فنقول له: اليس التوراة والانجيل كتابان سماويان كما القرآن الكريم؟ أليس شرع الله وحدوده وفرائضه وقوانينه واحدة في كافة الشرائع السماوية؟ ومن يدّعي هذا الادعاء ويقول هذا القول فليتابع سرد الايات الكريمات في نفس السورة العظيمة 48- 50 يقول الله تعالى لنبيه الكريم صلوات الله وسلامه عليه
 
وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقً۬ا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلۡڪِتَـٰبِ وَمُهَيۡمِنًا عَلَيۡهِ‌ۖ فَٱحۡڪُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ‌ۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡحَقِّ‌ۚ لِكُلٍّ۬ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةً۬ وَمِنۡهَاجً۬ا‌ۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَڪُمۡ أُمَّةً۬ وَٲحِدَةً۬ وَلَـٰكِن لِّيَبۡلُوَكُمۡ فِى مَآ ءَاتَٮٰكُمۡ‌ۖ فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٲتِ‌ۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُڪُمۡ جَمِيعً۬ا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ * وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَہُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَ‌ۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَہُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِہِمۡ‌ۗ وَإِنَّ كَثِيرً۬ا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَـٰسِقُونَ  أَفَحُكۡمَ ٱلۡجَـٰهِلِيَّةِ يَبۡغُونَ‌ۚ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمً۬ا لِّقَوۡمٍ۬ يُوقِنُونَ
 
وعن قوله تعالى : لكلٍّ جعلنا شِرعةً ومِنهاجاً: اي كل ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة , لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير لهذا الجزء الكريم من الآية الكريمة، فقال:الشرعة: ما ورد في القرآن، والمنهاج: ما ورد في السنة
 
لماذا فرض الله عزجل علينا تطبيق حد الحرابة؟

اننا ولله الحمد والمنة لنعلم يقيناً دون ان يساورنا ادنى شك أو ريبة بأنّ جميع بنو آدم على اختلاف الوانهم واطيافهم ومناهجهم ومذاهبهم يهدفون ويتمنون العيش في مجتمعات تملؤها السعادة والأمن والأمان والطمأنينة، ولا يمكن أن تحقق السعادة لبني البشر بوجود الأمن والطمأنينة, ولا يمكن أن يتحقق الأمن والطمأنية الا بتحكيم كتاب الله الكريم , ومن بعده سنة نبيه المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه.
هذا هو المنهج الرباني الشامل الضامن لسعادة البشرية جمعاء من خلق آدم عليه الصلاة والسلام الى قيام الساعة، الى أن يرث الله عزوجل الأرض ومن عليها, وهذا المنهج الرباني القويم والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لا يمكن أن يطرأ عليه زيادة أو نقصان ، ولا يمكن أن تتخلف أحكامه على مر العصور والدهور , يقول المولى تبارك وتعالى في سورة الأنعام 38 مؤكدا لنا هذه الحقيقة
 
وَمَا مِن دَآبَّةٍ۬ فِى ٱلۡأَرۡضِ وَلَا طَـٰٓٮِٕرٍ۬ يَطِيرُ بِجَنَاحَيۡهِ إِلَّآ أُمَمٌ أَمۡثَالُكُم‌ۚ مَّا فَرَّطۡنَا فِى ٱلۡكِتَـٰبِ مِن شَىۡءٍ۬‌ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّہِمۡ يُحۡشَرُونَ
 
وفي سورة الحجر9 يقول المولى عزوجل
 
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
 
انّ سعادةالبشرية لا تتحق الا حينما ترتبط  هذه السعادة بكتاب الله تبارك وتعالى , وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتطبيقها في شتى مجالات الحياة، ومن بينها وأهمها: مجال الأمن والأمان ، مجال الحدود والقصاص والمعاملات، فالله جل وعلا ما شرّع لنا الشرائع وحدّ لنا الحدود عبثاً, حاشا لله, بل شرّع لنا الشرائع وحدّ لنا الحدود لأننا خلقه وعبيده , وهو سبحانه وتعالى أعلم بما ينفعنا وما يضرنا, لأجل ذلك جعل الله عزوجل هذا أمراً مشروعاً، بل ومن أعظم المنن علينا وعلى عباده، أن جعل قيامنا  به سبباً لرفاهيتنا ونعيمنا.
 
إنَ مجتمعاً تملؤه العقيدة ويعلم أفراده أنّ هناك جزاءً في الدنيا وجزاءً في الآخرة, فوالله انه لكافٍ في  أن يرتدع أفراد هذا المجتمع عن أن يَعتدي بعضُهم على بعض. ذلك أن َ مجتمعاً تملؤه العقيدة عليه أنْ يعلم أفرادهأن ثواب فعل الخيرات لا تضيع عند الله عزوجل كما في الحديث الذي رواه الامام البخاري رحمه الله من حديث ابن عمر رضي الله عنهما, انّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:
 البِرُّ لا يَبلى , والذنب لا يُنسى , والديان لا يموت, افعل ما شئت فكما تَدينُ تُدان
 
وكما وعد الله عزوجل عباده الحسنة بعشر أمثالها ويزيد، وأنّ من عمل صالحاً فلنفسه، وأنه سبحانه وتعالى يبارك له فيما عمل من الصالحات، فلم لا يتنافس المتنافسون من أفراد المجتمعات الاسلامية بما حباهم الله عزوجل من نعمة التوحيد ، وفي التسابق بفعل الطاعات والخيرات , وحُبَّ وبر بعضهم بعضا، ونفع بعضهم بعضاً؟  هكذا أراد الله لهذه المجتمعات الانسانية أن تكون , وهكذا مجتمعات العقيدة يجب ان تكون , على حين المجتمعات التي تحكمها القوانين الدنيوية الوضعية , والأنظمة البشرية فهيلا تزن عند الله عزوجل جناح بعوضة ولا مثقال ذرة من خردل, فسنة الله نافذة دائما وأبداً بأنّ لم يحكم بماأنزل الله فأولئك همالكافرون..الظالمون..الفاسقون , وكما قال تعالى: ولن تجد لسنة الله تبديلا, ولن تجد لسنة الله تحويلاً
 
لأجل ذلك لا يجوز لمجتمعٍ يؤمن بعقيدة ربانية أن تحكمه القوانين الوضعية التي هي من صنع البشر, حتى لا يكون هناك تلاعب بالشرع والقانون , وحتى لا تكون هناك فرص للاحتيال على الانظمة والتشريعات الالهية , فيستغلها المارقون على القانون وينتهزها العابثون لتحقيق مآربهم ومطامعهم الدنيوية ولو حتى في ازهاق النفس البشرية التي كفل الله عزوجل عزتها وكرامتها, بعدم سفك دمها , أو اثارة القلق في البلاد وقلب الأمور الى الفوضى.
 
إن الله عزّ وجل ما شرع القصاص والحدود والعقوبات على الجرائم الا لضمان سلامة أفراد المجتمع، ولضمان سعادتهم، ولبقاء علاقاتهم على حد من الثقة والأمانة، ولولا ذلك ما وجدنا أحدٌ يهنأ في الحياة وما وجدنا أحدٌ باع ولا اشترى، وماوجدنا أحدٌ سافر أو ارتحل، وما وجدنا أحدٌ أقام أو سكن, لكن اذاعلم أفراد المجتمع وآمن وأيقن بأنّ الله عزوجل رقيبعلى العباد، وأن العباد يخشون الله تبارك وتعالى فيما يفعلون، وأن الله عزوجل ما شرّع كل هذه العقوبات الا لردع كلمن تسول له نفسه بالظلم والتعدي على حرية وحقوق الآخرين ,عند ذلك فقط يطمئن أفراد المجتمع ويعيشون بسعادة يمارسون حياتهم على اكمل وجه دون خوفٍ أو وجل. اقرأ قوله جلّ شأنه وعلا في سورة البقرة 178
 
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّبِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُمِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِبِإِحْسَانٍ
 
وقوله تبارك وتعالى في الآية التي تليها من نفس السورة الكريمة
 
وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ
 
الله أكبر الله أكبر الله اكبر حين يجعل الله عزوجل حياة الأرواح في القتل؟  في
 القصاص من القاتل؟  على مبدأ النفس بالنفس والعين بالعين؟  والأنف بالأنف؟ والأذن وبالأذن؟, والسن بالسن ؟ والجروج قصاص ؟ تماما كما مرّ معنا آنفاً في سورة المائدة 45 قوله تعالى
 
وَكَتَبۡنَا عَلَيۡہِمۡ فِيہَآ أَنَّ ٱلنَّفۡسَ بِٱلنَّفۡسِ وَٱلۡعَيۡنَ بِٱلۡعَيۡنِ وَٱلۡأَنفَ بِٱلۡأَنفِ وَٱلۡأُذُنَ بِٱلۡأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلۡجُرُوحَ قِصَاصٌ۬‌ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِۦ فَهُوَ ڪَفَّارَةٌ۬ لَّهُ ۥ‌ۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡڪُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ
 
أمّا لماذا شرّع الله عزوجل هذا التشريع ؟ فلأنه إذا قُتل القاتل قصاصاً، قُطُع دابرُ القتل وعاش الناس بأمن وأمان واطمئنان ,  وأنه إذا عوقب المعتدي ققصاصاً ُقطع دابرُالإفساد والمفسدون ، ولكن إذا تُرك الحبل على الغارب, فعند ذلك ستعمُّ الفوضى ويكون هناك مجالات للانتقام والأخذ بالثأر , ويموج المجتمع بالفوضى لتأكل الأخضر واليابس ، فلا يبقى على الأرض احد مطمئن بمعيشة، ولا متلذذ  بأمن وأمان واطمئنان، فمن أجل راحتك وسعادتك وحياتك أيها الانسان شرع الله تبارك وتعالى لك القصاص، وجعله عقوبة للقتل في كل ألوان الجرائم والعقوبات. فعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أشرف يوم الدار ، فقال : أنشدكم بالله تعالى تعلمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : زنا بعد إحصان ، أو ارتداد بعد إسلام ، أو قتل نفس بغير حق يقتل به" . " فوالله ما زنيتُ في جاهلية ولا إسلام , ولا ارتددت منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قتلت النفس التي حرم الله ، فبمَ تقتلوني ؟وفي هذا يقول يقول النبي صلى الله عليه وسلم في رواية أخرى وصحيحة للحديث: لايحل دم امرئ إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة، والثيب الزاني
 
انّ الله تبارك وتعالى في علاه , قد شرع لولاة الأمر أن يجعلوا القتل من باب السياسة الشرعية لقطع دابر الفساد والمفسدين , وما جاءت الشريعة الغراء الا لتحفظ المجتمع بضوابط معينة لا يتجاوزها ولا يتعداها، ومن تجاوزهذه الضوابط وتعداها , فقد أوجدت الشريعة له عقوبات: كرجم الزاني المحصن (والمحصن هو من سبق له الزواج ولو مرة واحدة طيلة حياته)، وبجلد الزاني البكر (الذي لم يسبق له الزواج أبداً) ونهي النساء عن الخروج من بيوتهنّ متبرجات , وأمر الناس بغض أبصارهم واعطاء الطريق حقه، وأمر النساء بغض أبصارهنّ وألا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ولا يخرجن كاسيات عاريات, و أمر البنات والنساء بالقرار والسكن في البيوت، فمن تعدى هذه الدائرة من القيم ومن يلحق بها من مثل وأخلاق وتشريعات ومبادئ سامية, ومن تجاوز ذلك كان قد استوجب اقامة الحد عليه بنص القرآن  الكريم والسنة النبوية المطهرة .
 
انّ  نعم  الله الخالق تبارك وتعالى علينا والتي لا تعدُّ ولا تُحصى علينا في بلاد الاسلام العظيمة، ولا تهنأ نفوسنا بهذه النعم الا عندما نرى السيف يَجُزُّ رقبةا لقاتل ، فيتدحرج رأسه أمام البشر، وتسيل الدماء من عروقه وبدنه، لكي يرتدع كل من تسول نفسه قتل نفس بريئة بغير حق، وهذه هي نعمة الأمن والطمأنينة.
 
وإن من نعم الله عزوجل على عباده, أن نجد يد السارق معلقة مقطوعة ليراها الناس فيعلموا انها ما قطعت الا لأنه سرق , فيزدجر غيره ويعتبر ويرتدع عن أخذ أموال االناس بالباطل، فلا يعتدون على منازلهم ولا أموالهم ولا أعراضهم ، ولا يسفكون الدماء البريئة, ولا ينهبون. وإنّ من نعم الله عزوجل على عباده في أن يروا شارب الخمر يُجلد أمام الناس، لكي يرتدع عن التمادي فيها وليعتبر الآخرون بما ينتظرهم ان هم سلكوا مسلكه، فلا يقعون في الآثام أوالعقوبات. وإنّ لمن نعم الله عزوجل على عباده ، أن يُرجم الزاني المحصن، وأن يُجلد الزاني البكر، فإنها لمن أعظم نعم الله عزوجل التي نحمدالله عليها.
 
فو الله الذي لا اله غيره لا يمكننا أن ننعم بمجتمع هانىءٍ مطمئنٍ الا بتطبيق شريعة الله عزوجل ، وأخصّ منها بالذكر الحدود الالهية والعقوبات الشرعية، وبدونها لعجز بعضنا بعضا أن يذهب بماله من عمله إلى بيته، ولخشي بعضنا بعضا أن نخرج في ظلمة الليل الحالك، ولخاف بعضنا بعضا في ان نترك ابواب بيوتنا مفتوحة ولو للحظة واحدة، ولكن يوم أن ثبت الله عزوجل سلطان الشريعة في الأرض ، ووضع هيبتها في قلوب كثير من البشر، ارتدع كل ظالم عن ظلمه، وارتدع كل من تسول له نفسه بظلم الآخرين، وان بقيت شرذمة فاجرة قليلة "وهذا أمر لا بدّ منه" , عندها ليكون لرجال الأمن دور في تعقب هذه الشرذمة الفاجرة بما حقق الله عزوجل لهم من سلطان الكتاب الكريم والسنة المطهرة.
 
 
 
قد يأتيك سائل فيسأل : اذا كان الله جل وعلا شرع ألواناً من الحدود ردعاً لكثير من الجرائم، وهيأ ألواناً من العقوبات دفعاً لكثير من المصائب. فالقتل بالقتل في القصاص. والرجم والجلد في الزنا. والجلد في قذف المحصنات، وقذف المؤمنين. والجلد في شرب الخمور. وكذلك القتل بأبشع طريقة في جريمة اللواط، وجريمة الشذوذ. ولكن هناك ألوان من الجرائم تكون قد تشيطن فيها طائفة من البشر، بل وتفننوا في الوقوع فيها، حتى لا يقعوا في تطبيق أركان الحدود عليهم، ويلتمس بعضهم في ذلك أن يُفلتوا من الحد إلى العقوبات التي هي دون الحدود.
 
نقول لهذا السائل الكريم: بأن الله يوم أن شرع القصاص في القتل، وشرع الرجم، والجلد وكثيراً من العقوبات، شرع باباً عظيماً وبوابة كبيرة في ردع الفساد والمفسدين، ألا هو حد الحرابة، وباب السياسة الشرعية. أما حد الحرابة فهو الذي يدل عليه قول الله جل وعلا: في سورة المائدة 33
 
إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
 
فمن عُرف منه الفسادُ والإفساد في أي لون من ألوان التخريب والتدمير، أو إثارة القلق وزعزعة أمن المجتمع، فإن الله جل وعلا قد شرع لولاة الأمر أن يوقعوا عقوبة تبدأ بغرامة الدينار، ثم إلى الجلد بالسوط، وتنتهي إلى قطع الرقبة، حتى لا يقال: إن مجتمعاً من المجتمعات قتل نفساً لم يرد في القرآن دليل على قتلها، بل إن دليل قتلها وإزهاقها إذا كانت مُفسدة، وأي شيء أبلغ من هذه الآية؟! أن يجعل الله حد الحرابة والقتل وقطع الأيدي والأرجل من خلاف، لردع الفساد والمفسدين. كذلك  قد تقطع يد السارق في سرقةٍ من حرز، ولو كانت في مال يسير، فيقول قائل: وما بال منيسرق أموال المؤمنين؟! فما بال من يسرق أموال المسلمين؟! نقول: إن الله جل وعلا قد شرع باباً واسعاً في السياسة الشرعية، لا يقف عند قطع اليد من الكوع، بل قد ينتهي إلى قطع اليد عند الكتف، أو إلى قتل النفس وإزهاقها بالكلية، حفاظاً على المجتمع .
 
 واعلموا أن المجتمع إذا طُبقت فيه الشريعة، وسادت فيه الحدود والعقوبات الشرعية، فإن الله جل وعلا يحفظ رجاله وأبناءه، وجميع أفراده، أما إذا تساهل الناس أو تساهل ولاة الأمور، أو تساهل الحكام في تطبيق الشريعة، فإن ذلك يفتح باباً من الفساد وزعزعة الأمن والقلق والتخريب بقدر ما تُرك من تطبيق الحدود والعقوبات. وهذا واضح، والميزان متناسب عكسياً، فمتى قلّ نصيب الأخذ بتطبيق الشريعة، زاد نصيب المجتمع من الجرائم والاعتداء والإفساد, فهذا أمر واضح جلي, نسأل الله جل وعلا أن يديم علينا نعمة تطبيق الحدود، وأن يتمم نعمة تحكيم الشريعة على هذا المجتمع في شتى مجالاته وألوانحياته.

وفي مجال تحريم  الشفاعة في حد من حدود الله:   فلنحذر من أن تدخل الشفاعات أو الواسطات أو الواجهات أو المحسوبيات في تطبيق الحدود والشريعة،وجعل ذلك من باب الخيانة العظمى: لقوله تعالى في سورة الانفال 27
 
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواأَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
 
فيوم أن تدخل المحسوبية،أو الواسطة، أو الوجاهة، أو الشفاعة في حدود الله جل وعلا فإن ذلك نذير شؤم، ومؤشربلاء على المجتمع, فقد سرقت امرأة من بني مخزوم وهي شريفة من شريفات قومها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ورُفع شأنها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليحكم عليه الصلاة والسلام في أمرها ، فحكم فيها بما شرع له ربه جلّ وعلا، وبما أنزل عليه في كتابه الكريم، أن تُقطع يدُ المرأة المخزومية الشريفة، أن تُقطع يدُ هذه المرأة عالية النسب في مجتمعها، فأهمّ قريشاً أمرها، وخاضوا في شأنها،وقالوا: مّنْ يُحدِّثُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرها، فقالوا: لا نجد إلا حبُّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وابن حِب رسول الله(صلى الله عليه وسلم) أسامةبن زيد بن الحارثة رضي الله عنهما)، فلما جاء أسامه رضي الله عنه ليُكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنها، فتمعَّر وجه النبي صلى الله عليه وسلم، واحمرَّت وجناته الشريفة، وانتفخت أوداجُه، ثم قال:
 أتشفع في حد من حدود الله ياأسامة؟! أتشفع في حد من حدود الله ياأسامة؟! أتشفع في حد من حدود الله ياأسامة؟!
 ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم وخطب الناس، وقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه،وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم: أيها الناس! إنما أهلكَ من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الضعيفأقاموا عليه الحد، وإذا سرق فيهم القوي تركوه، وايم الله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعتُ يدها
 
حاشا لله ان تسرق سيدة نساء اهل الجنة رضي الله عنها , ولكن من باب الزجر قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك, لعظم اثم السرقة وخطرها على المجتمعات الاسلامية.
 
يقول الله جل وعلا لنبيه: صلى الله عليه وسلم في سورة الزمر 65
 
وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ
 
فهل يمكن أن يُشرك الرسول صلى الله عليه وسلم؟! بالطبع لا, وحاشى لنبي أو رسول أن يفعل ذلك,  ولكن لبيان خطر الشرك وعظمه عند الله عزوجل:
 انّ الشرك لظلم عظيم
ويقول الله جل وعلا في سورة الأحزاب 32
 
يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ
 
وهل تخضع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بالقول؟! حاشا لله وكلا؛ ولكن من
 باب تشديد الأمر، والتغليظ والزجر في بابه وشأنه
.
فحذارِ ... حذارِ يا عباد الله!  من أن تشفعوا أو تتوسّطوا أو تتدّخلوا بشيء يمنوجب عليه العقوبة من كتاب الله تبارك وتعالى، تطبيقاً لشريعة الله جلّ وعلا.
إن من أعظم المصائب أن ترى رجلاً يشفع في شاب قد هرَّب المخدرات، أو ترى رجلاً يشفع في أحد أسرته، أو قبيلتهوالله- لو كان فيه من الخير ما يُسعدُ به مجتمعه وأمته , ما حاول أحد ان يشفع في حد من حدود الله تعالى، ولا توسط احد  في تخريبٍ قد يُراد به أمن المجتمع والأمة
 
فاياكم واياكم من الشفاعة في حدٍّ من حدود الله تعالى ، وإياكم والوَساطة، واعلموا أنّ من قدّم رجلاً على آخر وهناك في المسلمين منْ هو خيرٌ منه, فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين ، لما في ذلك خطر أن يُرَجَّع أو يُرَدَّ من وجبت عليه العقوبة، سواءً كانت حداً أو تعزيراً، وبتطبيق احكام الله عزوجل والله تستقيم الحياة وتستقر الأمور، وتثبت المجتمعات , ذلك لأنه نتيجة المراوغة في تطبيق الأحكام الالهية ، أو نتيجة تطبيق بعضها وترك البعض يقع الفساد , والله جل وعلا قد عاتب بني إسرائيل في سورة البقرة 85
 
أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ
 
فمعاذ الله أن تكون خاتمة الأمة تنتهي إلى هذا! بل الرضا بالقضاء، بل الرضا بما شرع الله في كتابه الكريم كما في سورة النساء 65
 
فَلاوَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لايَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً
 
نسأل الله جل وعلا أن يُعز الإسلام والمسلمين، وأن يُديم الأمن والطمأنينة على مجتمعاتنا الاسلامية في مشارق الأرض ومغاربها, وأن يردنا برحمته الى دينه رداّ جميلا, وأن يجيرنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن, وان يجعل بلاد المسلمين سخاء رخاء آمنة مطمئنة برحمته التي وسعت كل شيء, وصلى الله وسلم على نبي الرحمة محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن استنّ بسنته واهتدى بهديه الى يوم الدين , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 
والله وحده اعلم بغيبه
 


مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..