ليس غريبا أن نرى في
هذا الزمن المتأخر والصاخب المضطرب بالفتن,منافقين ضالين وزنادقة منحرفين وملاحدة
مارقين وأصحاب هوى و بدع وغيرهم, لقد كانوا موجودين حتى في عصر النبوة وفي العصور
الاولى المفضلة ..ولا فكاك منهم البتة مادامت السماوات والارض, فلوشاء الله لهدى
الناس جميعا وكانوا كلهم مومنين, لكن اقتضت حكمة الله عزوجل ذلك,قال تعالى (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ
لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن
رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ
جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) !
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
وقد كان كل فريق من
هؤلاء يعرف قَدره الدوني ومكانته الوضيعة ونظرة المجتمع الاسلامي له, فيبقى
المنافق منافقا ولايعلم به إلا الله وقد يظهر في الازمات التي تحيط بالآمة حين
ينحاز لآعداء الآمة لذا.. فلاجدل أنه هو العدو الذي يجب الحذر منه ,وأما الزنادقة
وأهل الهوى فسرعان ماتتكشف أحوالهم, لآنهم يروجون لرغباتهم وتوجهاتهم فيصطدمون
بالمجتمع الاسلامي الذي لايتقبلهم البتة,لذا فهم
يضطرون أن ينفوا أنفسَهم إلى مجتمعات ذات حريات مطلقة فيرتمون في أحضان تلك
المجتمعات,كما فعل الكثير ممن انحرفوا عن الهدى والصلاح فهاجروا من هذه البلاد
المباركة إلى اوروبا وغيرها حتى هلك البعض منهم,ولا زال البعض ينتظر الهلاك.
غير أن الغريب اليوم
أن كل هذه الفئات من منافقين وزنادقة وأهل بدع وهوى اجتمعت على رأي واحد وهوإقصاء
السلفية المعتدلة ورموزها فتناغمت مقاصدها وتقاطعت مصالحها وتلاقحت أفكارها
واجتمعت رؤاها على أن تكون جميعها خادمة للبرالية والتغريب باسم الإصلاح العام
الذي يقتضي المناداة بالحرية الفكرية والتنوير الفقهي المذهبي والدعوة لنبذ التطرف
والغلو.. والذي هو حق أريد به باطل.. والذي يسقطونه على كل سلفي معتدل..وهذا سر
كذبهم!
والآغرب من هذا أنهم
قد التفّوا جميعا حول بعض المبتدعة المحسوبين على العلم وأهله وجعلوهم في مواجهة
هذا المجتمع السلفي المعتدل لعلمهم أنهم لن يخترقوا هذا المجتمع القوي المؤمن إلا
من هذا الباب ,إذ أن ألاشد غرابة أن هؤلاء المبتدعة جدد في بدعتهم,ويتمسكون بها
بقوة..ويدّعون أنهم هم السلفيون حقا,وقد يكونون في أصل العقيدة سلفيين, لكن لقلة
علمهم وفقههم شطحوا حتى وقعوا في حضيض البدعة وخطرها والتي تُفرح الشياطين!
لهذا ارْتَدوا عبائات السلفيين الواعظين وظهروا
بسمت الشيوخ المصلحين المرشدين, وهم في واقع الآمر لبراليون لآنهم لايَصِفون
اللبراليين الا بالمنصفين والمتنورين ولآنهم لايرون ولايسمعون إلا أخطاء أهل العلم
وطلبته,الذين هم بشر يصيبون ويخطئون, فإن حصل منهم أخطاء حتى وإن كانت صغيرة لاتُذكر
أو كانت رأيا فقهيا يخالف منهجهم كبّروها وأذاعوا بها وجعلوها كبيرة
الكبائر,ومرروها لآسياد الصحف والقنوات, فقد كَفَوا اللبراليين المعروفين هَمَّ
الردود والاعتراض والمناظرة,لآنهم من المحسوبين على طلبة العلم ظاهرا,وهم في
الحقيقة محسوبون على اللبرالية واللبراليون.
لقد تمكن هؤلاء من
الخلط العجيب بين الفكر الخارجي المتطرف الذي يكفر ويفسق الحكام ومن أطاعهم من
المسلمين,وبين الإرجاء الذي يخالف التطرف والغلو,غير أنهم قد قلبوا هذه المعادلة
تماما فقد أصبح حكام المسلمين في إعتقادهم جميعا ممن لايأتيهم الباطل من بين
أيديهم ولا من خلفهم وأصبحوا معصومين من الذنوب والخطايا, حتى أن أحد رموزهم
ودعاتهم,سال الله في رمضان وفي العشر الآواخر أن يحشره مع عدد من حكام العرب في
الجنة ومن هؤلاء الحكام من أشتهر بفسقه وظلمه للناس ومحاربته لدين الله وعدم تطبيقه
لآحكام الإسلام.. التي هي دستور حكومتنا الرشيدة..فهوبسؤاله هذا قد ضمن لهم
الجنة,وهذا مخالف لمنهج أهل السنة والجماعة,فلا يُحكم لآحد من المسلمين الموحدين
بجنة أو نار,ولكن يرجى للمحسن الجنة ويخشى على المسيء من النار.
وكم انبروا وهزّوا المنابر في ليبيا ليدافعوا عن
حكم القذافي وفعلوا ذلك في سوريا ايضا , وكم بدّعوا وفسقوا كل من انضم أوانضوى إلى
حزب اسلامي أو سياسي حتى وصل ببعضهم إلى إخراجه من دائرة الإسلام دون الجرأة على
التصريح بكفره على ماأعلم.
مافتيء هؤلاء المُرْتَدون
لعباءات الشيوخ الفضلاء,يحذرون وينهون وينصحون أبناء الآمة كبارا وصغارا رجالا
ونسائا من حضور دروس ومحاضرات وخطب أكثر الدعاة المعروفين على الساحة والذين
استفادت الآمة ولازالت تستفيد في مشارق الآرض ومغاربها من دروسهم وفقههم
وعلومهم,منذ سنين عديدة,عبر المساجد والجوامع والملتقيات والقنوات والاشرطة والنت
وغيرها.
ومافتئوا يخذِّلون
الآمة قاطبة,ليزرعوا في أعماقها تعطيل سنام الإسلام,وجعل كل من يدافع عن نفسه من
أي عدو مستعمر غاشم إرهابي يجب محاربته والآخذ علي يده, لآنهم لم يفرقوا بين متى
يكون مشروعا ومتى يكون ممنوعا,ولاجدل أنه يكون مشروعا حين يأمر به ولي الآمر,و يحث
عليه ويكون تحت الراية التي يوصي بها!!
والآدهى والآمر من
هذا كله,أن هؤلاء القوم قد سخروا أقلامهم العرجاءومؤلفاتهم السقيمة ومحاضراتهم
الركيكة التي لايمكن أن تدلف إلى القلوب ضد,كل عمل علمي دعوي خيري متميز, وضد كل
من يقوم عليه حتى وصل الآمر بهم أن يستنقصوا كتب ومؤلفات أهل العلم السابقين والذي
خدموا الاسلام أيما خدمات وذلك بحجة أن لدى البعض منهم نزعة أشعرية أو نزعة صوفية
وتناسواأن الشيخين بن باز وابن عثيمين وغيرهما أفنوا الكثير من أعمارهم يشرحون
ويعلمون كتب الذين استنقص هؤلاء من العلماء وجهلوا,أن كلا يؤخذ من قوله ويرد
إلانبينا محمد صلى الله عليه وسلم,وأن المؤمن أولى بالحكمة أنى وجدها فهو أحق بها.
رافع علي الشهري
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..