الخميس، 18 ديسمبر 2014

معلمون وطلاب يُحرجون سيبويه.. "ينصبون" الفاعل ويرفعون المفعول

معلمون وطلاب يُحرجون سيبويه.. "ينصبون" الفاعل ويرفعون المفعول 26 صفر 1436-2014-12-1801:11 AM
الأمم المتحدة أدخلت "العربية" ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل بها
عيسى الحربي- سبق-الرياض: وقف الطالب عادل السالم وسط أساتذته وزملائه في كلية اللغة العربية، يخطب فيهم عن أهمية لغة الضاد في حفظ كتاب الله وتلاوته وتفسير معانيه وتدبرها، مؤكداً لهم فائدة اللغة في تأسيس جيل يحافظ على هويته وشخصيته العربية الأصيلة، فنال تصفيقاً حاراً من الجميع.
 
تخرج عادل في كُليته، وتوجه للعمل مدرساً للغة العربية في إحدى المدارس، وهناك لم يترك مناسبة، إلا ويقف بين طلابه وزملائه في المدرسة مخاطباً إياهم بلغة فصحى بليغة، يشرح ويفسر لهم ما استشكل عليهم من مفردات اللغة، ويقرض الشعر، فيسعد الجميع بخطبه وقصائده، ولكن لم ينتبه أحد، سواء في "الكلية" أو "المدرسة"، أن عادل، هذا الطالب والمعلم المتفوق في اللغة العربية، ينصب "الفاعل" ويرفع "المفعول"، ويجر "المفعول به"، وهو يبتسم للجميع.
 
ويمثل "عادل" جيلاً عريضاً من الطلاب والمعلمين، الذين يعانون ضعفاً واضحاً في الإلمام باللغة العربية، يظهر هذا الضعف في صورة أخطاء لغوية وإملائية أثناء الكتابة، إلى جانب عدم القدرة على ارتجال كلمات باللغة العربية الفصحى، دون أن تتخللها أخطاء في النطق، ومخالفة قوانين النحو والصرف، أو كتابة نص شعري خال من تجاوزات متطلبات مادة العروض.
 
اليوم العالمي
ويحتفل العالم في 18 ديسمبر باليوم العالمي للغة العربية، وفي هذا اليوم، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190، والذي يقر بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، وذلك بعد اقتراح قدمته المملكة العربية السعودية ومملكة المغرب. وتخرج 12 جامعة منتشرة في ربوع المملكة، ما يقرب من 8400 معلم في اللغة العربية كل عام، بمتوسط يبلغ 700 خريج في كل جامعة، يتم تعيين من 400 إلى 600 في سلك التعليم، وينضم الباقون إلى قائمة العاطلين عن العمل عدة سنوات، قبل أن يتم تعيينهم من قِبل وزارة الخدمة المدنية، وخلال سنوات البطالة، يتبخر ما تعلموه في الكلية من علوم اللغة، وهو ما دعا الكثيرين إلى تقليص نصاب الحصص المخصصة لمعلم اللغة العربية إلى أربع حصص فقط بدلاً من خمس، من أصل سبع حصص، ما يمنح الفرصة لتعيين عدد أكبر من الخريجين.
 
وقد دفعت الأوضاع الصعبة، التي يعانيها خريجو اللغة العربية في المملكة، إلى ممارسة ضغوط على المسؤولين لإيجاد حل لمشكلاتهم، حيث اتجهوا في عام 2011 إلى الفضاء الإلكتروني لتنظيم حملات تبرز حجم معاناتهم. وتمنع الوزارة تعيين خريجي الجامعات في المدارس الابتدائية وتقصر ذلك على مدارس المرحلتين المتوسطة والثانوية.
 
فاقد الشيء
وفيما يلقي طلاب باللائمة على معلمي اللغة في المدارس الخاصة والحكومية، يرى المعلمون أن الآباء هم من يتحملون أسباب ضعف أبنائهم في تعلم أسرار اللغة، بتركيزهم على تعليم أبنائهم اللغة الأجنبية وتشجيعهم على ذلك، على حساب لغتهم الأصلية (العربية).
 
ويقر الطالب عبد العزيز المالكي بتفوق طلاب كثيرين في اللغة العربية على معلميهم، ويقول: "فاقد الشيء لا يعطيه، هذا المثل أتذكره عندما يدخل علينا معلم اللغة العربية، ليشرح النصوص والنحو والصرف، فنجده غير ملم بأبسط معلومات اللغة، ليس هذا فحسب، بل نشعر بأنه غير واثق من نفسه، خصوصاً عندما يرفع أي طالب يديه، موجهاً له بعض الأسئلة في المادة، فيهرب من الإجابة، ويختلق أي مشكلات أخرى، للهروب من مواجهة الطالب السائل"، مؤكداً أن "جميع الطلاب لا يستفيدون من حصص اللغة العربية، ويجتهدون للإلمام بالمادة معتمدين على أنفسهم، في الوقت ذاته، يساعدهم المعلم على النجاح، خوفاً من أن يواجه اتهامات بأنه السبب في ضعفهم ورسوبهم في الاختبارات".
 
أخطاء إملائية
وضبط وائل القحطاني، الطالب في المرحلة المتوسطة، خطأً إملائياً فادحاً لمعلمه في دفتر المادة، وقال: "لم أصدق نفسي عندما رأيت المعلم يكتب "قرء" بدلاً من الفعل "قرأ"، راجعته وقلت له بأدب جم، أنه قد نسي أن يكتب حرف الألف أثناء كتابة الفعل، ولكنه أصر على أن كتابته صحيحة، وأنني مخطئ، فشككت في معلوماتي وقدراتي، وراجعت إلى أحد المعلمين وسألته عن الخطأ، فأكد أنني على حق، والمعلم على خطأ".
 
وأضاف "بعد هذا الموقف، لم أعد مقتنعاً بمعلمي، ولم أعد انتبه إليه أثناء الشرح، فقد سقطت هيبته في نظري، واعتمدت على نفسي في الإلمام بالمادة ومراجعتها، وما حدث لي، حدث بأشكال أخرى مع زملاء لي في المدرسة، لم يقتنعوا بالمعلم وإمكاناته، لدرجة أن البعض منهم احتفظوا له بأوراق كتبها بخط يديه، مليئة بالأخطاء الإملائية واللغوية، بهدف التندر عليه فيما بينهم".
 
الخريجون في السابق
ويقارن المعلم عبدالله الراشد بين خريجي اللغة العربية حالياً، والخريجين في السابق، ويقول: "اعتمدت المملكة في ستينات وسبعينات القرن الماضي على المعلمين الأجانب، الذين يأتون من كل الدول العربية، للعمل في مدارس المملكة الحكومية، وهؤلاء نجحوا في تخريج طلاب على مستوى عالٍ في كل التخصصات، ومن بينها اللغة العربية، وكان هؤلاء المعلمون يخضعون لاختبارات علمية دقيقة عدة قبل المجيء إلى المملكة، أما الاختبارات التي تجرى اليوم لمعلمي اللغة العربية قبل تعيينهم، فهي ضعيفة، ولا تضمن اختيار المعلم الكفء لتعليم النشء"، مشيراً إلى أن "الظروف العامة والعادات تغيرت لدى المجتمع السعودي، الذي تحول إلى الاهتمام باللغات الأجنبية والمواد العلمية على حساب اللغة العربية وتعلم القرآن الكريم، مما أثر في المستوى العلمي لخريجي اللغة العربية".

مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..