الاثنين، 1 ديسمبر 2014

أمننا بين الزعزعة والثبات!

لاتنعم الآمم ولا تنتعش الحياة إلا بالآمن ولا تستقيم العبادات إلا بالآمن ولاتقوم مصالح الناس وعلاقاتهم إلا بالآمن..عصب الحياة.
كان أول مطلب يطلبه إبراهيم عليه السلام حين أسكن زوجه وأهله بمكة هو الآمن قال تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصير).
كان هذا الوطن الكبير السعودية قبل أن يوحَّد على يد الملك المؤسس الباني عبدالعزيز أل سعود يفتقد للآمن العام تماما,كان القتل والسلب والنهب بين قبائله لاينقطع عنها يوما واحدا,حتى قيض الله لها من يزيح عنها هذا الشقاء وهذا العناء بأمر الله وتوفيقه الملك عبد العزيز...ولاريب أنه لم يكن ليتأتى له ذلك لو لم يجعل القرأن والسنة النبوية دستوراً لحكمه ولمملكته وشعبها..!!!
ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم ونحن نتفيأ ظلال هذا الآمن الوارف وننعم بالخيرات والنعم من أرضنا ومما يُجلب لنا من كل أرض حلالاً طيبا,والناس تأوي اليه من كل مكان طلباً للآمن والرزق.
إن أساس تكوين كيان هذا الوطن هو الإلتفاف حول شرائع الدين الحنيف,هذه الشرائع التي يحميها ولاة الآمر من الآمراء والعلماء  ومن الوجهاء والآدباء والمفكرين والسياسيين الصالحين وكل من يهمهم أمر دينهم ووطنهم وأمتهم من المواطنين الشرفاء النبلاء.
غير أن هذه النقلة الآمنية النوعية لهذا الوطن الكبير لم ولن ترضي أعداء الإسلام وأعداء الوطن على إختلاف أطيافهم وأجناسهم ومشاربهم,وتاالله أنهم لكثر..يمكرون المكر الكُبار ويتربصون بأمننا الليل مع النهار, يتحالفون مع شياطين الإنس والجن بغضاً وكيدا!!
لم يفتأ المخططون لزعزعة الآمن في هذا البلد منذ تأسيسة كدولة ذات كيان ودستور يتربصون به الدوائر ويتحينون الفرص ..لكن الله لم يمكنهم لتنفيذ ما أعدوه من مؤامرات حتى اليوم..وإن كانت هذه المؤمرات لازالت من أهم الآجندات التي أُعدت وأنجز منها البعض وتبقى منها الكثير...لاحققها الله لهم وجعلها تدميراً ووبالا عليهم!!
والذي تحقق لهم لايُعدّ بالآمر السهل,بل هو من قواعد لعب المؤامرة التي دُرستْ بعناية فائقة في الداخل والخارج وربما تحت إشراف بعض السفارات مع أقزام زوارها المتأمرين المتعاونين على الآمن.
ولاجرم أن المتأمرين قد يختلفون في طروحاتهم ورؤاهم وأفكارهم ويمقت بعضهم بعضا,فهم بين علمانيين لبراليين يسعون لنسف الثوابت والمسلّمات والقيم من بين المجتمع, وبين متدينين غلاة مارقين ..أكثر شراً وخطراً على الإسلام وأهله من أعدائه الظاهرين وبين البعض من أهل العقائد المخالفة الذين لاإلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء..لكنهم يتقاطعون معهم في لبّ المشروع والهدف للمؤامرة ويوافقونهم ويمدونهم بما لديهم من معاول الزعزعة الآمنية التي يرحبون بها..حتى وإن لم ينالوا منها سلطة أومنصب إلا فقدان الآمن العام لكفى.
ولاريب أن لكل صنفٍ من هذه الأصناف التي نذكرها عمقا فكرياً جماهيريا يقابلها خارج هذه البلاد على مستوى دول ومجتمعات وأطياف تتناغم معها وتمدها بما تستطيع من خطط إستراتيجية وأفكار وبرامج لا تنفك عنها البتة ..حتى تحقق غاياتها المشؤومة.
فالفئة الضالة التي أُبتليت بها هذه البلاد وإن كانت تقضي جُلّ أوقاتها  في جحورها تتحين الفرص, تتناغم مع الفئات الضالة المشهورة كالقاعدة وداعش, وأما فئة اللبراليين والعلمانيين فيتناغمون مع جميع الآطياف عدا الاسلاميين المعتدلين,غير
 أن أهل البدع يتناغمون مع كل أهل البدع والهوى في الآرض
 حتى وإن خالفوهم فهم لهم أحباب أخِلاء.
إذن فكل هذه الجماعات والفئات تتفق على زعزعة الآمن العام في هذا البلد, وإن اختلفت في الرؤى والمعطيات,ففئة تريد أن يكون منهج ابن ملجم هو السائد وفئة تريد منهج ابن العلقمي وأخرى تسعى لتحقيق منهج جون لوك وبرتراند رسل.
والحقيقة أن كل واحدة أخطر من الآخرى,فالفئات الضالة تزعزع الآمن باسم الدين والدين منها براء فهي التي تكفِّر وتفجِّر وتعتدي على مؤسسات الوطن ومكتسباته,واللبرالية والعلمانية تزعزع الآمن باسم الحرية المطلقة التي تطمس هوية الآمة ودينها وقيمها,فلا تقل عن الفئة الضالة إن لم تكن أشر منها, وأما فئة المبتدعة فهي تسعى لطمس العقيدة الصحيحة وفتح ابواب الوطن لمن يتناغم معهم في بدعتهم من خارج البلاد فهم أخصُّ وأحب لديهم من كل معاني المواطنة والولاء الداخلي والإنتماء الشعبي,وهذا من أسوأ مايهدد أمن الوطن.
ولاريب أن أمن الوطن مطلب كل إنسان يعيش فيه,فكما قال خادم الحرمين الشريفين(وطن لانحميه لانستحق العيش فيه)وحقا أن من لايحمي هذا الوطن الكريم مهبط الوحي ومنطلق الرسالة وحاضن المشاعر المقدسة لايستحق العيش فيه,والناس تحمي أوطانها على إختلاف أديانها وأجناسها,وليست أوطانهم أشرف من موطن الحرمين, لكن لاجدل..أن كل إنسان يرى أن وطنه أغلى وطن.
وعلى هذا الآساس فإن كل من يعيش على تراب هذا الوطن مسؤول عن أمن الوطن فيعتَبر كلُ مواطن رجلُ أمنٍ أول حتى رأس الهرم في هذا الوطن الكريم..كلٌ فيما يخصه ويقدرعليه بالعدل والمعروف
وإذا أردنا حقا أن يستمر هذا الظل الآمني الوارف وأردنا العيش بأمان في هذا الوطن الكبير الكريم, فلا بد لنا أن نكون صرحاء مع أنفسنا أولا,لندرك الحقائق التالية:
أولا) أن الآمن لن يستقيم إلابالطاعة المطلقة لله ولرسوله,بالإخلاص والمتابعة يقول تعالى(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ).
ثانيا)لايستقيم الآمن حتى نكون جميعا صفاً واحداً في مواجهة كل من يعكر صفو الآمن في هذه البلاد,فلاتستر ولا إيواء لآي منهم بل الإبلاغ عنه لجهات الآمن.
ثالثا)لايستقيم الآمن ولن ننعم به البتة حتى نكون عونا لولاة أمرنا وعلمائنا ,فلا نروج لما يردده أعداء الدين والوطن ضد ولآة أمرنا ودعاتنا..بل نظن بهم خيرا وندعو لذلك,فهم بشر يجتهدون.. يخطئون ويصيبون وليسوا بمعصومين.
رابعا)يستقيم الآمن تماما حين تضرب السلطات التنفيذية والتشريعية معا, بأيد من حديد على مزعزعي ألامن ولو بأبسط الآشياء.
خامسا)يستقر الآمن ويثبت بإذن الله حين تتوقف دعاوى التغريب في جميع وسائل الإعلام المقرؤ والمسموع والمرئي..بتعليمات رسمية..وبخلق بدائل إسلامية معتدلة ولو بالتدرج الهاديء.

رافع علي الشهريم ع ق
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..