قبل فترة دار حوار بيني وبين الزميل حاتم الحربي،فذكرت أن المرأة في بعض الحالات ترث أكثر من الرجل .. فسألني عن مثال .. فوعدت .. ثم نسيت.
وبينما كنت أبحث عن شيء ما في كراس (حتى لا يذيب الصمت ألسنتنا أو جراب الحاوي) وقعت عيني على المثال .. فتذكرت السؤال.
قبل المثال ... يتعجب الإنسان من أطنان الحبر التي سكبت في الرد على شبهة المستشرقين – وبعض المستغربين – حول ميراث المرأة في الإسلام .. وكأن كتاب الله سبحانه وتعالى ليس فيه – في باب المواريث – سوى آية واحدة هي (((فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ))[النساء:176])!!
قبل المثال ننظر إلى الأمر من زاويتين :
الزاوية الأولى : أن الأمر في الإسلام .. من أول نبي إلى أن ختموا بالحبيب محمد عليه وعليهم الصلاة والسلام .. مبني على (الاستسلام) لما جاء عن الخالق سبحانه وتعالى .. وإلا كيف يكون "مستسلما" من يريد أن يعمل بما يوافق عقله فقط!!
وهذا لا علاقة له بالبحث عن الحكمة .. وقد نفترض (مستفسطا) قرأ سُنة عدم النفث في الشراب – قبل أن يكتشف باستور 1822 / 1895 "الجراثيم" – ولم يعرف حكمة لذلك .. وقرأ حديث (عكرمة بن خالد المخزومي عن أبيه أو عن عمه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في غزوة تبوك : " إذا وقع الطاعون بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها ، وإذا وقع بها ولستم بها فلا تقدموا عليه ) فلم يقتنع "عقله"بعلة ذلك .. فخرج من بلد فيه "الطاعون".
نتيجة "الطاعة" تجنب نفث الجراثيم في الإناء وإن جهل وجودها أصلا .. ونتيجة"المعصية" – في حالة الطاعون – نشر الوباء .. إلخ
الزاوية الثانية : إذا سألنا أحد ألئك المستشرقين : إذا افترضنا جدلا وجود بعض الشركات .. بعضها ترأسه امرأة .. وبعضها الآخر يرأسه رجل .. هل يمكن لأحد أن يدعي أن تلك الشركات منحازة ضد أحد الجنسين؟
الأمر نفسه مع ميراث المرأة .. مرة تأخذ المرأة نصف نصيب الرجل .. وفي حالة أخرى تأخذ أكثر من الرجل .. إلخ
وهذه (الـ إلخ) .. تعيدنا إلى الأسطر التي عثرت عليها في كراس " حتى لا يذيب .. ".. فإلى تلك الأسطر ..
علما أن مسألة ميراث المرأة، مسألة فيها تفصيل كثير، ويقول المثل الغربي ( الشيطان يكمن في التفاصيل)، وقد أخذ البعض آية ({يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) النساء 11، وتم تعميمها، مع وجود حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، وحالات أخرى ترث أقل منه، وقد تمنعه من الإرث، ولكن لأن الأمر بدأ لدا المستشرقين للطعن في الإسلام، فقد تم البناء على نفس النظرية، رغم أن المواريث في الإسلام، أعمق وأشمل بكثير من مسألة (للذكر مثل حظ الأنثيين)، ومن يتعمق في طريقة توزيعها، وتلك التقسيمات، ربع هنا، وسدس هناك، ونصف ... تلك هي الرياضيات العليا، في باب توزيع الثروة.
كي لا يكون الأمر مجرد دعوى ،هذه بعض الأمثلة :
المرأة ترث مثل الرجل ( مساواة)
بنت، وابن الابن ( للبنت النصف، والباقي لابن الابن، أي النصف)
المرأة تحجب ( تمنع) الرجل من الميراث :
زوجة، وبنت، أخ لأم، أخ شقيق. ( للزوجة الثمن، للبنت النصف، الأخ الشقيق، يحصل على الباقي، والأخ لأم، لا يأخذ شيئا( البنت حجبت الأخ لأم حجب حرمان)
المرأة ترث أكثر من الرجل :
زوج، بنت، عم ( للزوج الربع، وللبنت النصف، والباقي للعم).
إذا هذه امرأة ( أنثى) ورثت مثل ( ذكرين) في المجتمع الذكوري.!!
كفانا تزويرا للحقائق، وحتى لو منح الله الرجل أكثر من المرأة، فالمسلمة تقول (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا)، أو هكذا يُفترض.
وكذلك لو منح ربنا، سبحانه وتعالى، المرأة ضعف ما منح للرجل، أيضا (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا).
وأني لأتصبب خجلا، نيابة عن المرأة المسلمة، حين أقرأ أن الشاعرة العراقية، لميعة عباس عمارة، وهي من الصابئة، ردت على رجل تعجب من كونها لا تشرب، ولا تدخن، ولا ترقص، واتهمها بالرجعية، قالت له :
( إنني من فئة ثالثة، من أولئك الذين ارتفعن فوق هذه وتلك، وإن عليك أن ترفع رأسك عاليا جدا لكي تراني){ ص 244 ( حُكم الأصوات : النساء العربيات يتكلمن )/ عائشة لمسين/ ترجمة : د. حافظ الجمالي/ دمشق/ دار طلاس/ الطبعة الأولى / 1987م.}
أبو أِشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
وبينما كنت أبحث عن شيء ما في كراس (حتى لا يذيب الصمت ألسنتنا أو جراب الحاوي) وقعت عيني على المثال .. فتذكرت السؤال.
قبل المثال ... يتعجب الإنسان من أطنان الحبر التي سكبت في الرد على شبهة المستشرقين – وبعض المستغربين – حول ميراث المرأة في الإسلام .. وكأن كتاب الله سبحانه وتعالى ليس فيه – في باب المواريث – سوى آية واحدة هي (((فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ))[النساء:176])!!
قبل المثال ننظر إلى الأمر من زاويتين :
الزاوية الأولى : أن الأمر في الإسلام .. من أول نبي إلى أن ختموا بالحبيب محمد عليه وعليهم الصلاة والسلام .. مبني على (الاستسلام) لما جاء عن الخالق سبحانه وتعالى .. وإلا كيف يكون "مستسلما" من يريد أن يعمل بما يوافق عقله فقط!!
وهذا لا علاقة له بالبحث عن الحكمة .. وقد نفترض (مستفسطا) قرأ سُنة عدم النفث في الشراب – قبل أن يكتشف باستور 1822 / 1895 "الجراثيم" – ولم يعرف حكمة لذلك .. وقرأ حديث (عكرمة بن خالد المخزومي عن أبيه أو عن عمه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في غزوة تبوك : " إذا وقع الطاعون بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها ، وإذا وقع بها ولستم بها فلا تقدموا عليه ) فلم يقتنع "عقله"بعلة ذلك .. فخرج من بلد فيه "الطاعون".
نتيجة "الطاعة" تجنب نفث الجراثيم في الإناء وإن جهل وجودها أصلا .. ونتيجة"المعصية" – في حالة الطاعون – نشر الوباء .. إلخ
الزاوية الثانية : إذا سألنا أحد ألئك المستشرقين : إذا افترضنا جدلا وجود بعض الشركات .. بعضها ترأسه امرأة .. وبعضها الآخر يرأسه رجل .. هل يمكن لأحد أن يدعي أن تلك الشركات منحازة ضد أحد الجنسين؟
الأمر نفسه مع ميراث المرأة .. مرة تأخذ المرأة نصف نصيب الرجل .. وفي حالة أخرى تأخذ أكثر من الرجل .. إلخ
وهذه (الـ إلخ) .. تعيدنا إلى الأسطر التي عثرت عليها في كراس " حتى لا يذيب .. ".. فإلى تلك الأسطر ..
علما أن مسألة ميراث المرأة، مسألة فيها تفصيل كثير، ويقول المثل الغربي ( الشيطان يكمن في التفاصيل)، وقد أخذ البعض آية ({يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) النساء 11، وتم تعميمها، مع وجود حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، وحالات أخرى ترث أقل منه، وقد تمنعه من الإرث، ولكن لأن الأمر بدأ لدا المستشرقين للطعن في الإسلام، فقد تم البناء على نفس النظرية، رغم أن المواريث في الإسلام، أعمق وأشمل بكثير من مسألة (للذكر مثل حظ الأنثيين)، ومن يتعمق في طريقة توزيعها، وتلك التقسيمات، ربع هنا، وسدس هناك، ونصف ... تلك هي الرياضيات العليا، في باب توزيع الثروة.
كي لا يكون الأمر مجرد دعوى ،هذه بعض الأمثلة :
المرأة ترث مثل الرجل ( مساواة)
بنت، وابن الابن ( للبنت النصف، والباقي لابن الابن، أي النصف)
المرأة تحجب ( تمنع) الرجل من الميراث :
زوجة، وبنت، أخ لأم، أخ شقيق. ( للزوجة الثمن، للبنت النصف، الأخ الشقيق، يحصل على الباقي، والأخ لأم، لا يأخذ شيئا( البنت حجبت الأخ لأم حجب حرمان)
المرأة ترث أكثر من الرجل :
زوج، بنت، عم ( للزوج الربع، وللبنت النصف، والباقي للعم).
إذا هذه امرأة ( أنثى) ورثت مثل ( ذكرين) في المجتمع الذكوري.!!
كفانا تزويرا للحقائق، وحتى لو منح الله الرجل أكثر من المرأة، فالمسلمة تقول (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا)، أو هكذا يُفترض.
وكذلك لو منح ربنا، سبحانه وتعالى، المرأة ضعف ما منح للرجل، أيضا (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا).
وأني لأتصبب خجلا، نيابة عن المرأة المسلمة، حين أقرأ أن الشاعرة العراقية، لميعة عباس عمارة، وهي من الصابئة، ردت على رجل تعجب من كونها لا تشرب، ولا تدخن، ولا ترقص، واتهمها بالرجعية، قالت له :
( إنني من فئة ثالثة، من أولئك الذين ارتفعن فوق هذه وتلك، وإن عليك أن ترفع رأسك عاليا جدا لكي تراني){ ص 244 ( حُكم الأصوات : النساء العربيات يتكلمن )/ عائشة لمسين/ ترجمة : د. حافظ الجمالي/ دمشق/ دار طلاس/ الطبعة الأولى / 1987م.}
أبو أِشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..