إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا , إنه من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ,
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمد اعبده ورسوله
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
أما بعد ,,,
قال تعالى "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم : 21 )
وقال تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" (النساء : 1 )
وقال تعالى "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" ( النساء : 19 )
قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ":
أي : طيبوا أقوالكم لهن ، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم ، كما تحب ذلك منها ، فافعل أنت بها مثله ، كما قال تعالى : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) [ البقرة : 228 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي " وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة دائم البشر ، يداعب أهله ، ويتلطف بهم ، ويوسعهم نفقته ، ويضاحك نساءه ، حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين يتودد إليها بذلك . قالت : سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته ، وذلك قبل أن أحمل اللحم ، ثم سابقته بعد ما حملت اللحم فسبقني ، فقال : " هذه بتلك " ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان ، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها . وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد ، يضع عن كتفيه الرداء وينام بالإزار ، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلا قبل أن ينام ، يؤانسهم بذلك صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) اهــــــ
لقددرج على ألسنة بعض الوعاظ وانتشر في عدد من المواقع والمنتديات أقوال وفتاوى سارت في ركب فكر منحرف شاع في هذه العصور في عدد كثير من المنتسبين للتدين وللعلم , فكر أهم أسباب نشأته هي:
الأول: زلات لبعض المجتهدين من السلف , جمعوا من كل مجتهد منهم زلته ووضعوها في سلة واحدة وضربوا بالنصوص الواضحة عرض الحائط فأخذوا يصححون الضعيف ويلوون عنق الصحيح ويحتجون بما ليس حجة
الثاني: الانتصار لبعض العادات والثقافات الموروثة والنزعات القبلية بإضفاء الشرعية عليها لأن في المجتمع المسلم والعربي خصوصا من أراد أن يجعل أمرا ما من المُسَلَّمات ويُنزل الناس جميعا عليه طائعين أو مكرهين هو أن يجعله دينا
الثالث: محاولة التصدي لفكر آخر منحرف أيضا بدأ مع قدوم الاستعمار السياسي والثقافي للمجتمع المسلم وهو الفكر الليبرالي والذي يعنينا في هذا الموضوع "فقه المرأة" وبالتحديد "الزوجة".
فقد عمل الاستعمار ووكلاءه كثيرا لتغريب المجتمع وإفساده أخلاقيا عن طريق الكتابات و النداءات التي تدعو وتحسن للمرأة نزع الحجاب والتبرج والإختلاط بالرجال والسفر بدون محرم حتى وصلت في الآونة الأخيرة لتبرير العهر و الرقص والغناء والتمثيل الذي يعج بالمخالفات الشرعية تحت مسمى "الفن"
حتى أن واحدا يطلق عليه "داعية" وكان الأجدر أن يطلق عليه "داهية" أفتى لبعض الممثلات التائبات حين عزمن على الإعتزال بأن يرجعن للتمثيل لأنه رسالة واجبة عليهن ولأن الفن - بزعمه - من معتقداتنا!
لكن محاولة التصدي لهذا الفكر التغريبي أدت بالبعض - وهم أصحاب الفكر الأول - إلى الإنحراف والغلو في الإتجاه المقابل
وذلك كما حصل من بعض الأسلاف في الماضي حين جاءوا يواجهون الخوارج فوقعوا في الإرجاء
وآخرين جاءوا يواجهون القدرية النفاة فوقعوا في عقيدة الجبر
وآخرين جاءوا يواجهون الممثلة فوقعوا في التعطيل
فهؤلاء أيضا بدلا من أن يردوا مسألة التحرر الغير منضبط بالشرع للمرأة من إباحة التبرج والاختلاط والخروج للعمل الذي لا حاجة شرعية ولا داعي له إلا فقط مزاحمة الرجال وما يسمونه "تحقيق الذات" بدلا من أن يردوا ذلك للكتاب والسنة ويبينوا قدر الحرية التي سمح بها الشرع لكل من الرجل والمرأة وأن المرأة في الإسلام مصونة ومكرمة ولا تحتاج هذه الدعوات الليبرالية التي قد تحقق لها بريقا مؤقتا لكن ستؤدي بها إلى مخالفات شرعية ومن ثم قلة البركة ومشاكل لاحقة في الحياة بدلا من ذلك نزعوا عن المرأة - متزوجة كانت أم غير متزوجة - كل حقوقها تقريبا في الحياة وأوجبوا عليها ما لم يوجبه الله تعالى ولا رسوله عليها وجعلوا من الزوجة مجرد أمة وخادمة عند زوجها لا تكاد تجد فرقا عمليا عند هؤلاء بين الزوجة والأمة إلا ربما من حيث الصداق الذي يجب للأولى دون الثانية , ولسان حالهم يقول إله الرجال الله في السماء و إله المرأة زوجها في الأرض , فيوجبون عليها طاعة الزوج في معصية الله فتأتمر بأمره فيما نهى الله عنه وتنتهي عما ينهاها فيما أمر الله به.
فهؤلاء علموا أم لم يعلموا قد ضلوا وأضلوا , وذلك من أكثر من وجه:
الأول: التقول على الله ورسوله بغير علم وتشريع ما لم يأذن به الله في شرعه , تشريعا مرده للأهواء وتقليد ما وجدوا عليه آبائهم فأغفلوا النصوص صحيحة الثببوت صريحة الدلالة التي لا يوافقها مذهبهم وصححوا أخبار ضعيفة ومكذوبة وحملوا بعض النصوص مالا تحتمله وأقحموا فيها معان ليست فيها لتوافق مذهبهم
قال تعالى "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"
وقال تعالى "وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ"
الثاني: نفروا كثيرا من المسلمين من شرع الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
الثالث: أعطوا فرصة ومدخلا كبيرا للكفار و دعاة التغريب للطعن والتشكيك في الدين , ووجدت كثير من النساء ضالتهن وسعادتهن في البعد عن التدين فوقعن فريسة في شباك العلمانية التي فتحت لهن أبوابها وخدعتهن بأنهن في ظل العلمانية مكرمات ولهن حقوقا أفضل مما لهن في ظل الإسلام
فكان ذنب كثير من هؤلاء النساء يبوء بجزء كبير منه هؤلاء الجهال الذين يفتون بغير علم وآخرين يقلدون ولا يتفقهون
الرابع: تسببوا في ظلم كثير من الأزواج لزوجاتهم , فهذا يريد من زوجته أن تقطع رحمها وآخر يريد من زوجته ألا تذهب لوالديها ولا تبرهما وفي نفس الوقت يطالبها بأن تحسن لأهله هو وتقوم بخدمتهم , وآخر يفرض على زوجته أن تعمل كخادمة فقط له وللأولاد وظيفتها أن تلبي له ما يريد وتطبخ له ما يريد وقت ما يريد ولا يساعدها في شئ بل البعض يعتبر هذه إهانة في حقه الخ
وواحدة من هذه الفتاوى نحن بصددها الان , فتوى وقعت عليها مصادفة , وهي فتوى منسوبة لأحد شيوخ العصر ولا ندري إن كانت حقا فتواه أم مكذوبة عليه فالشيخ نفسه له كلام يناقض هذه الفتوى. وعلى كل المهم الان هو محتوى الفتوى و ما بها من أخطاء لأن المعنى الموجود بها مما هو موجود في فتاوى أخرى ومما يشاع بين طائفة ممن المسلمين.
وجدت أن آخذها مثالا للغلو الذي أشرنا إليه و ما فيها من ظلم للزوجات و تحميلهن واجبات لم يوجبها عليهم الشرع وحثهن على قطع الرحم وعقوق الوالدين بذريعة طاعة الزوج , وجدت أن أسوقها وأرد عليها مبينا ما فيها من أخطاء وبيان الحق في المسألة إن شاء الله تعالى عملا بقوله تعالى "وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"
والوجوب الشرعي هو: ما طلب فعله علي سبيل الحتم والإلزام بحيث يثاب فاعله ويعاقب تاركه .
والقول بوجوب الخدمة هو القول الراجح بل الصحيح .
قال الله تعالى (( ولهن الذي عليهن بالمعروف))
اذا فماذا لهن وماذا عليهن ؟؟
• لهن :
1- المعاشرة بالمعروف .
2- أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت .
3- الإنفاق عليها وعلى اولادها أمر حتمي ولازم، قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم: (( كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت))
• ماذا عليهن :
القائلين باستحباب الخدمة يقولون أن الذي عليهن هو الاستمتاع بهن !!
ولكن المرأة ايضا تستمتع بالرجل فهو حق مشترك بينهم وهذا يرد عليهم .
وإذا كان الرجل يكد ويعمل خارج المنزل ثم يعود فيعمل ايضا داخل المنزل فما الذي على النساء اذا ؟؟
قالوا: إن خدمة فاطمة وأسماء كانت تبرعا و احسانا !!
نقول: أن فاطمة عليها السلام أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى وبلغها أنه جاءه رقيق فلم تصادفه فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته عائشة قال فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال: (( على مكانكما)) فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدميه على بطني فقال: (( ألا أدلكما على خير مما سألتما إذا أخذتما مضاجعكما أو أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين فهو خير لكما من خادم)) .
ولو كانت خدمة المرأة مستحبة فقط لألزم النبي صلى الله عليه وسلم علي ان يأتي لفاطمة بخادم .
من حقوق الزوج علي زوجته :
أن تخدمه ولكن بالمعروف (أي لا يكلفها فوق طاقتها )
خدمة المرأة لأهل زوجها (أبيه وأمه ) ليست واجبة إنما مستحبة .
يستحب للرجل أن يشارك أهله في بعض أعمال البيت .
فعن إبراهيم عن الأسود قال سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته قالت كان يكون في مهنة أهله تعني خدمة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة
لا يجوز للمرأة ان تتصدق بشئ من بيته الا بإذنه قال صلى الله عليه وسلم: (( لا تنفق المرأة من بيتها شيئا إلا بإذن زوجها)) قالوا يا رسول الله ولا الطعام؟ قال: (( ذلك من أفضل أموالنا))
يجوز للمرأة ان تنفق من بيت زوجها إذا علمت أنه لن يغضب .
عن همام قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره فله نصف أجره))
يجوز للمرأة أن تنفق من مالها الخاص دون إذن زوجها .
ألا تخرج من البيت دون إذنه سواء قبل البناء (بيت ابيها ) أو بعد البناء (بيت زوجها ) .
لا يجوز للمرأة أن تدخل أحد مما يكره الزوج بيته الا بإذنه (حتى أبوها و أمها . . )
لا تخشن بصدرة ( أي لا تأتي من الأفعال ما يخشن صدرة ) . .
عن بشير بن يسار عن الحصين بن محصن أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (( أذات زوج أنت)) قالت: نعم، قال: (( كيف أنت له))، قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: (( فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك)) .
عن عبد الرحمن ابن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت)) .
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها)).
إنتهت الفتوى.
قوله تعالى "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" قد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فلا نحتاج لتفسيرات غيره
فقد روى مسلم في صحيحه عن جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته ، في حجة الوداع : "فاتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف"
وقد يتسع المعنى لكل ما يشترك فيه الطرفان كالكلمة الطيبة و التجمل مثل ما روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة ; لأن الله يقول : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم .
فهذا هو فهم حبر القرآن عبد الله بن عباس وهكذا كان فهم الصحابة رضوان الله عليهم أنه كما يريد منها أن تتزين له فعليه أن يتزين هو أيضا لها
وكلمة "واجب" في الشرع لا ينبغي أن تقال إلا لما جاء به نص شرعي فواجبات الشرع ليست متروكة لأهواء واستحسانات البشر
وأما العرف فإن اعتبار العرف هنا هو فيما ورد به النص وهو الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه "الرزق والكسوة" يعني لم يعين الشارع قدرا محددا من المال أو الإنفاق بل تركها للعرف كل ينفق بحسب سعته وحسب ما تحتاج من مثل زوجته , قال تعالى "وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ"
وقال تعالى "لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا"
وأما ما عليهن وهو عدم مضاجعة غير الزوج , وقد فسرت أيضا بعدم إدخال غريب لبيته في غيبته بغير إذنه - جاء في شرح النووي على الحديث:
قال المازري : قيل : المراد بذلك أن لا يستخلين بالرجال ، ولم يرد زناها ، لأن ذلك يوجب جلدها ، ولأن ذلك حرام مع من يكرهه الزوج ومن لا يكرهه .
وقال القاضي عياض : كانت عادة العرب حديث الرجال مع النساء ، ولم يكن ذلك عيبا ولا ريبة عندهم ، فلما نزلت آية الحجاب نهوا عن ذلك . اهــــــــ
وعليه فإن العرف سيق هنا أصالة لما "لهن" وليس لما "عليهن"
لأن ما عليهن معلوم بالنص الشرعي الذي يخالف عرفا كان موجودا وهو دخول الرجال الأجانب على النساء وحديثهم معهن بدون إذن الأزواج
والزوجة شرع الله لها أن تأخذ أجرة على الرضاعة وهي مما تعارف عليه بين عامة المسلمين قيام الزوجة به
قال تعالى "أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى"
فهنا فرض الله على الزوج أن يعطي أجرة الزوجة التي تطلبها مقابل إرضاعها فإن شق عليه مقدار الأجرة فله أن يستأجر مرضعة أخرى
قال الحافظ بن كثير:
وقوله : ( وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ) أي : وإن اختلف الرجل والمرأة ، فطلبت المرأة أجرة الرضاع كثيرا ، ولم يجبها الرجل إلى ذلك أو بذل الرجل قليلا ولم توافقه عليه ، فليسترضع له غيرها . فلو رضيت الأم بما استؤجرت عليه الأجنبية فهي أحق بولدها . اهـــــــ
فإذا كانت الزوجة لها ألا ترضع إلا بما تطلبه من مقابل مع أنه ابنها ووبضعة منها وارضاعها له أولى من غيرها فلأن يكون لها الحق في أجرة أو خادم لأعمال المنزل هو من باب أولى
وعدم وجوب خدمة الزوجة بل استحبابها هو قول أبي حنيفة و الشافعي ومالك وأهل الظاهر , قالوا:
لأن عقد النكاح إنما اقتضى الاستمتاع ، لا الاستخدام وبذل المنافع ، قالوا : والأحاديث المذكورة إنما تدل على التطوع ومكارم الأخلاق ، فأين الوجوب منها.
وبالفعل فالأحاديث الواردة تفيد الجواز أو الاستحباب ولا تفيد الوجوب , وهي حالات أعيان لا تدل على ما يراد الاستدلال له , النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه لم يرضى أن يتزوج علي بن أبي طالب على ابنته فاطمة إلا أن يطلقها مع أن المسألة لم تكن واجب أو محرم بل مفضول وأفضل
قال الإمام القرطبي في تفسيره لقوله تعالى "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"
استدل علماؤنا بقوله تعالى : وعاشروهن بالمعروف على أن المرأة إذا كانت لا يكفيها خادم واحد أن عليه أن يخدمها قدر كفايتها ، كابنة الخليفة والملك وشبههما ممن لا يكفيها خادم واحد ، وأن ذلك هو المعاشرة بالمعروف . وقال الشافعي وأبو حنيفة : لا يلزمه إلا خادم واحد - وذلك يكفيها خدمة نفسها ، وليس في العالم امرأة إلا وخادم واحد يكفيها ؛ وهذا كالمقاتل تكون له أفراس عدة فلا يسهم له إلا لفرس واحد ؛ لأنه لا يمكنه القتال إلا على فرس واحد . قال علماؤنا : وهذا غلط ؛ لأن مثل بنات الملوك اللاتي لهن خدمة كثيرة لا يكفيها خادم واحد ؛ لأنها تحتاج من غسل ثيابها لإصلاح مضجعها وغير ذلك إلى ما لا يقوم به الواحد ، وهذا بين . والله أعلم .
اهـــــ
وحديث "لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"
فضعيف لم يثبت ضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه
ولو صح فالسجود المقصود هو سجود التحية وليس سجود العبادة أو التذلل كسجود والدي يوسف عليه السلم له لما رفعهما على العرش ولكن السجود بجميع أنواعه قد حرم في الإسلام إلا لله تعالى
فالحديث لا يصح ولو صح لما صلح استنباط أي حكم شرعي منه
والقول بأن الإستمتاع بهن ليس يحق فيه لهن مقابل لأن المرأة أيضا تستمتع بالرجل (حق مشترك) فهذا قول في غاية السقوط , وصاحبه يجب ألا ينسب لأهل العلم , فهذا القول مصادم للنصوص القرآنية الصريحة الدلالة في وجوب إعطاء المهر للمرأة مقابل الإستمتاع
قال تعالى "فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً"
فالله تعالى فرض للزوجة فريضة مالية (مهرا) وبين أن هذا المهر هو مقابل الإستمتاع , ولو كان هذا الدعاء الساقط صحيحا لما فرض الله لهن شيئا مقابل الإستمتاع لأنه مشترك!
بل معروف بين الناس ومما هو مستقر في الفطر أن المتعة شئ يحسب للرجل , يبدي له الرغبة ويبذل العطاء لنيله
فحتى في عالم الزواني فالمشهور أن المومسات هن من يُطلبن من قبل الرجال ويأخذن الأجر ولا نكاد نسمع عن العكس
كذلك فإن في المعاشرة الزوجية يكفي الرجل أن يجامع مرة في االعمر أما المرأة فعليها أن تستجيب لطلب زوجها إذا دعاها للفراش - إلا بالطبع إن كان عندها عذر شرعي من مرض أو حيض أو خلافه
تبين إذن أن هذا قول باطل ظاهر البطلان
فعجبا على من يتجرأ بالكلام في دين الله بغير علم, و الله المستعان.
وأما القول بأنه (لا يجوز للمرأة أن تدخل أحد مما يكره الزوج بيته الا بإذنه (حتى أبوها و أمها . . )
فتعميم القول حتى على الأب والأم فيه نظر
فهم يستدلون بحديث "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه" رواه البخاري
طبعا كما هو معروف في الأصول أن ألفاظ العموم في النصوص الشرعية منها ما يُقصد به العموم (وهو العام المحفوظ) ومنها العام المخصوص ومنها العام الذي قُصد به الخصوص
فالعام المحفوظ كقوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِ شَيْءٍ قَدِيرٌ" فهذا عام في كل شئ , لا يستثنى شئ من قدرة الله تعالى
والعام المخصوص هو ما جاء بصيغة العموم لفظا لكن خرج من هذا العموم بعض الأفراد أو الحالات حكما
مثال قوله تعالى "اقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ"
فهل يعني هذا أن كل مسلمٍ يجد مشركاً عليه أن يقتله, بمعنى أنه يجب قتل كل مشرك؟ أم خرج من هؤلاء المشركين بعض الأصناف كالمعاهدين والمستأمنين؟
بالطبع وبالإجماع فإن المعاهدين والمستأمنين خارجين من عموم الأمر باالقتل.
فهو عام مخصوص جاءت نصوص تخرج بعض من أصناف المشركين من هذا العموم، فأُخرِج المعاهد في قوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ} وأُخرِج المستأمن في قوله تعالى "وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ"
والعام الذي أُريد به الخصوص وهو ما جاء بصيغة العموم لفظا لكن قُصد به أحد أفراد العموم أو بعضه حكما
كقوله تعالى "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ"
المراد هنا في الآية شخص واحد فقط وهو نعيم بن مسعود , اللفظ عام: (الناس), لكنه يراد به شخص واحد.
وكقوله تعالى "رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا"
"كل شئ" هنا لفظ عام لكن هل معنى ذلك أن الريح دمرت كل شئ في الكون الأرض والكواكب والنجوم ..؟! بالطبع لا , لكن المقصود أنها تدمر كل شئ يأتي في طريقها فهي فعليا لم تدمر إلا قوم عاد فقط
نعود للحديث "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه" هنا الزوجة وجب عليها الاستئذان في أمرين:
"الصوم" و "إذن دخول البيت للضيوف"
لفظ (الصوم) هنا عام لكن هل يا ترى هو عام محفوظ أم عام مخصوص أم عام قصد به الخصوص
بالطبع هو ليس عام محفوظ لأن الأمر بالإستئذان في الحديث لا يشمل صوم رمضان فهذا فرض وجب على الزوجة فعله سواء أذن فيه الزوج أم لم يأذن وهذا مجمع عليه لا خلاف فيه
إذن يبقى أنه إما مخصوص أو دخله الخصوص
والفارق بينهما هنا ليس مهما فهو فارق نظري فقط , والأقرب أنه عام قُصد به الخصوص يعني الصوم المقصود في الحديث هو صوم النافلة التطوعي فقط أما صوم الواجب كصوم رمضان وصوم الكفارة و صوم النذر فهذا واجب شرعي لا استئذان فيه وهذا مما لا خلاف فيه
فكما أن الصوم لفظه عام لكن قُصد به الخصوص فكذلك ينبغي أن يكون "الإذن في دخول البيت" فإن لفظه وإن كان عاما , إلا أن النصوص الأخرى والأصول الشرعية اقتضت أن عموم هذا اللفظ مخصوص بالغرباء وربما خصص أكثر بالغرباء الذي تعلم كره الزوج دخولهم ونحن لا نقول ذلك بعقولنا ولا أهوائننا بل على طريقة أهل العلم بتفسير القرآن والأحاديث بالقرآن والأحاديث ورد المجمل للمفصل ورد المتشابه للمحكم
فإن النصوص تواترت بوجوب بر الوالدين وصلة الرحم وأدنى مراتب البر والصلة إن لم يكن بالنفقة والرعاية والسفر للزيارة فهو أن يكون بالاستقبال والإذن بدخول البيت فاتضح أن عموم الأمر "بالإذن في دخول البيت" هذا مخصوص أو أريد به الخصوص مثله مثل الصيام تماما
فيرد على القائلين بطاعة الزوج إن منعها من دخول أبويها بيته : لماذا جعلتم عموم الاستئذان في الصوم مخصوص وفي الإذن محفوظ؟!
ولابد من الإشارة إلى أمر مهم هنا وهو: أن العرف له اعتبار في الشرع وهو يقوم مقام الشرط المنصوص عليه
قال ابن نجيم في الأشباه والنظائر: المعروف عرفاً كالمشروط شرعاً. انتهى
وكذا قال الحموي في غمز عيون البصائر: المعروف عرفاً كالمشروط شرطا. انتهى
فإذا كان المعروف بين المسلمين بل العالم أجمع أن الوالدين لهم حق زيارة ابنتهم و حق عليها أن تزورهم وكذا بالنسبة لإخوة الزوجة وأبناءها فهذا العرف جري مجرى الشرط , يعني كأن الزوجة و وليها اشتراطا في عقد الزواج أن يكون لهما الحق في الصلة و الزيارة وكُتب هذا في العقد ووافق عليه الطرفان , فالشرط يكون مُلزم حينها ولا تلزمها طاعته إن أخل بالشرط.
وهل يٌعرف أن أحدا عندما يخطب إمرأة يقول لوالدها سوف يكون لي الحق في منعك أنت وأمها أن تدخلا البيت وأمنعها من رؤيتكما البتة إن أنا أردت ذلك؟ وهل يٌتصور أن يوافق الولي على ذلك ويقول له أهلا ومرحبا بك زوجا لابنتي حتى لو قطعتها للأبد عنا؟ فهذا صعب جدا أن يحدث ولو أمكن لكان نادرا , هذا على افتراض صحة شرط مثل هذا ولكن حتى لو وٌضع هذا الشرط ووافق الجميع عليه لكان شرطا باطلا لا يُلزم أحدا لقول النبي صلى الله عليه وسلم "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل"
وهذا هو الذي عليه الحنفية والمالكية و الحنابلة :
جاء في الفتاوى الهندية على مذهب الحنفية ما نصه:
لا يمنع - أي الزوج - من الأبوين من الدخول عليها للزيارة في كل جمعة، وإنما يمنعهم من الكينونة عندها، وبه أخذ مشايخنا -رحمهم الله تعالى- وعليه الفتوى. كذا في فتاوى قاضي خان. انتهى.
وقال المواق المالكي -رحمه الله- في التاج والإكليل:
وإن كانت غير متهمة لم تمنع الدخول على ابنتها... قال ابن سلمون: وإن اشتكى ضرر أبويها فإذا كانا صالحين لم يمنعا من زيارتها والدخول عليها، وإن كانا مسيئين واتهمهما بإفسادها زاراها في كل جمعة مرة بأمينة تحضر معهم، وفي العتبية: ليس للرجل أن يمنع زوجه من الخروج لدار أبيها وأخيها ويُقضَى عليه بذلك خلافاً لابن حبيب. انتهى
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف:
لا يملك الزوج منع أبويها من زيارتها، على الصحيح من المذهب. قال في الفروع، والرعايتين: ولا يملك منعهما من زيارتها في الأصح، وجزم به في الحاوي الصغير. وقيل: له منعهما. قلت: الصواب في ذلك: إن عرف بقرائن الحال أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر: فله المنع. وإلا فلا. انتهى.
فهذه نصوص المذاهب الثلاثة. فلم يخالف في هذا الباب إلا الشافعية مثل ابن حجر والنووي ودليلهم في هذا
أولا: عموم لفظ الحديث
وقد بينا بما فيه الكفاية أنه عام مخصوص مثله مثل "الصوم" المذكور في الحديث
ثانيا: قالوا لأن الأصل تحريم دخول منزل الإنسان حتى يوجد الإذن في ذلك منه، أو ممن أذن له في الإذن في ذلك، فإذا كان الزوج ممنوعاً أن يتصرف في مال زوجته بغير إذنها، ويحرم عليه أن يأخذ مالها بدون إذنها ليصل بهذا المال رحمه، أو يحسن به إلى والديه، وليس له أيضاً أن يسكن في بيتها من لا تأذن هي به، وهذا مع عظيم حق الزوج على زوجته، فليس لها في المقابل أن تتصرف بالإذن في بيته بدون رضاه، وليس في هذا قطع للرحم، لأنها يمكن أن تذهب هي لزيارتهم، أو تلتقي بهم في منزل أحد إخوانها أو أخواتها.
يرد عليهم:
بأن مجرد دخول البيت لا يعد انتفاع كامتلاك البيت واستئئجاره أو الإقامة فيه طويلا , ولو كان انتفاعا فالزوجة ولاشك لها حق الانتفاع وبالتالي يجوز للمنتفع أن يشرك غيره في نصيبه , فالزوجة إن لم يكن لها مكان آخر تسكن فيه غير بيت زوجها فهذا البيت وإن كان بيته من جهة هو بيتها أيضا من جهة أخرى ولها حق الانتفاع به وحق الانتفاع يشمل حق استقبال الشخص لضيوفه.
يضاف إلى هذا الأحاديث الصحيحة التي وردت أجاز فيها النبي صلى الله عليه وسلم لبعض النساء تصرف الواحدة في مال زوجها و بغير إذنه - وفيما يكره طالما كان التصرف بالمعروف
فعن أسماء رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله ما لي مال إلا ما أدخل علي الزبير فأتصدق قال "تصدقي ولا توعي فيوعى عليك" متفق عليه
قد يقال: هذا بغير إذن زوجها لكن أين نعرف أنه يكره ذلك
أجيب: بأنها لو لم تعلم أنه يكره لاستأذنته وانتهى الأمر ولما احتاجت أن تستفتي.
فإذا جاز أن تعطي المرأة من مال زوجها لرجل غريب يطرق بابها من غير إذنه أفلا يجوز لها استقبال أبويها بغير إذنه من باب أولى
فقد روى الترمذي والنسائي وأحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان من حديث سلمان بن عامر الضبي مرفوعا "الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة"
ولو صح ما ذهب إليه الشافعية لجاز للزوجة التي لم يأذن لها زوجها في دخول أبويها أو إخوانها - لمجرد أن علة المنع هي التصرف في ملكه - بل وجب عليها في هذه الحالة إذا أتوا إليها أن تترك البيت وتذهب معهم لبيتهم أو لحيث شاءوا كما قالوا هم , والمعلوم أن أي زوج يمنع زوجته من استقبال أهلها لا يكون السبب في هذا مجرد استيائه من دخولهم مبنى البيت , وإنما لعدم رغبته في لقائها بهم و انشغالها معهم , فلو نظرنا لوجدنا أن هذه هي العلة الحقيقية في منع معظم الأزواج زوجاتهم من استقبال الأهل
وعليه فحتى قول الشافعية لن يخدم رغبة هؤلاء لأنه سيلزم الزوجة أن تترك البيت وتذهب مع من يأتيها ممن تلزمها صلتهم من محارمها إن هم أتوا إليها.
والحكم في الإخوة والأخوات كالحكم في الأبوين،
قال في حاشية الصاوي :
وليس له منع أبويها وولدها من غيره أن يدخلوا لها.. وكذا الأجداد وولد الولد والإخوة من النسب، بخلاف الأبوين، وما بعدهما من الرضاع، فله المنع منه. انتهى
والأغرب من هذا قول بعضهم أنه يجوز للزوج منع زوجته من زيارة أبويها وأهلها وعليها طاعته في ذلك.
فإن الشافعية إن كان لهم متمسك في مسألة منع الزوجة من إدخال أهلها بيت الزوج بدون إذنه لأنه بيته ولما فيه من التصرف في ملك الغير بغير إذنه الخ فهؤلاء لا متمسك لهم البتة في منع الزوجة زيارة أهلها بدون إذن زوجها إلا اتباع الهوى و على أفضل الأحوال اتباع الأخبار الضعيفة والباطلة المصادمة للنصوص الصحيحة
فالقاعدة البديهية والمعروفة أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
فالله تعالى أمر الناس جميعا ببر الوالدين وجعل الإحسان لهما بعد الأمر بتوحيده وعدم الشرك به
قال تعالى "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا"
وقال تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ"
وقد استقر في الفطرة واتفق العلماء على أن بر الوالدين يكون بصلتهما زيارة لهما وحسن استقبالهما وطاعتهما في المعروف وبالإنفاق عليهما إذا كانا محتاجين ورعايتهما إذا بلغا الكبر وتمريضهما إذا احتاجا لتمريض
وقد أمر الله تعالى بصلة الرحم وغلظ في تحريم وعقوبة قاطعها والتي جاءت أحاديث مصرحة بتحريم قاطع الرحم على الجنة
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فقال مه قالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة فقال ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى يا رب قال فذلك لك" ثم قال أبو هريرة فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم - متفق عليه
وعن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة قاطع رحم - متفق عليه
فإن أمر أي زوج زوجته بأمر فيه قطيعة للرحم أو عدم إحسان للوالدين فإنه أمر بمعصية الله فلا يجوز للزوجة طاعته أبدا , يجب عليها حسن استقبالهما و زيارتهما بما جرى به العرف
وقد قال جمع من العلماء منهم الحنفية بأنه مرة كل جمعة (كل أسبوع) فلو منعها الخروج لها أن تخرج بدون رغبته وبدون إذنه , وقد أصبح ساقط العدالة
فإنه كما جاء في الحديث الصحيح "إنما الطاعة في المعروف"
وكما هو معلوم بالنقل والعقل "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"
وهذه بعض فتاوى لأهل العلم في هذا الشأن:
(1) قال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق:
"ولو كان أبوها زمِنا -أي مريضا- مثلا وهو يحتاج إلى خدمتها والزوج يمنعها من تعاهده، فعليها أن تعصيه مسلما كان الأب أو كافرا, كذا في فتح القدير, وقد استفيد مما ذكرناه أن لها الخروج إلى زيارة الأبوين والمحارم، فعلى الصحيح المُفتى به: تخرج للوالدين في كل جمعة بإذنه وبغير إذنه، ولزيارة المحارم في كل سنة مرة, بإذنه وبغير إذنه".
المصدر:
"البحر الرائق" (4/212)
(2) قال في "التاج والإكليل على متن خليل" (مالكي) :
" وفي العُتْبية : ليس للرجل أن يمنع زوجه من الخروج لدار أبيها وأخيها ، ويُقضى عليه بذلك.. " أ.هـ
المصدر:
"التاج والإكليل على متن خليل" (5/549)
(3) سؤال للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : إذا منعني زوجي من صلة الأرحام، هل أطيعه في ذلك، ومن هم الأرحام الذين تجب صلتهم عليَّ؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب:
إذا منعك الزوج من الصلة لم يلزمك طاعته؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إنما الطاعة في المعروف) فإذا أمرك بقطيعة الرحم فلا سمع ولا طاعة، ولا مانع أن تصلي أرحامك بالمال والدعاء لهم بالتوفيق والهداية، ولاسيما إذا كانوا فقراء تحسنين إليهم من الزكاة أو غيرها، من مالك لا من ماله هو، لا مانع أن تعطي أرحامك وتصلي أرحامك من مالك أنتِ لا من ماله هو، أما ماله فلا بد من إذنه، أما مالك أنتِ إذا وصلت أمك أو أخواتك أو عماتك أو خالاتك بشيء من المال لفقرهن فلا بأس ولا حرج عليك، وإذا كنت تخشين من شره فصليهن سراً بطريقة خفية لا يعلمها جمعاً بين المصلحتين: حتى تتقين شره، وحتى تفعلين المعروف في أقاربك المحاويج من طريق السر، أو من طريق الخفية حتى لا يسيء إليك وحتى لا يضرك وحتى لا يتسبب طلاق. نسأل الله للجميع الهداية.
المصدر:
http://www.binbaz.org.sa/mat/9542
(4) سؤال للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
السؤال: السائلة أحتكم نور استعرضنا بعض من أسئلتها في حلقة سابقة بقي لها هذا السؤال تقول هل يجوز للزوج أن يمنع زوجته من صلة أرحامها؟
الجواب
الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم علي نبينا محمد وعلي آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين لا يحل للزوج أن يمنع الزوجة من صلة أرحامها لأن صلة الرحم واجبة والقطيعة من كبائر الذنوب ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
المصدر:
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_5097.shtml
ومما يستدل به القائلون بطاعة المرأة لزوجها في ترك صلة الرحم وزيارة الوالدين قصة واهية السند وهي امرأة كانت تحت رجل فمرض أبوها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن أبي مريض وزوجي يأبى أن يأذن لي أن أمرضه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أطيع زوجك فمات أبوها فاستأذنت زوجها أن تصلي عليه فأطاعت زوجها ولم تصل على أبيها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم "قد غفر الله لأبيك بطاعتك لزوجك".
وهي قصة باطلة لا تصح من حيث سندها
أخرجها عبد بن حميد في مسنده و الحارث في مسنده - كما في بغية الحارث - من طريق يوسف بن عطية قال ثنا ثابت عن أنس أن امرأة كانت تحت رجل فمرض أبوها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن أبي مريض وزوجي يأبى أن يأذن لي أن أمرضه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أطيعي زوجك فمات أبوها فاستأذنت زوجها أن تصلي عليه فأطاعت زوجها ولم تصل على أبيها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم "قد غفر الله لأبيك بطواعيتك لزوجك".
وهذا إسناد واهي جداً ، فيه يوسف بن عطية ، فقد اتفق كل من ترجم له على ضعفه ، وقد لخص حاله الحافظ في التقريب بقوله: متروك.
أخرجه الطبراني في الأوسط: من طريق محمد بن موسى نا محمد بن سهل بن مخلد الإصطخري نا عصمة بن المتوكل نا زافر بن سليمان عن إسرائيل بن يونس عن جابر عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا خرج وأمر امرأته أن لا تخرج من بيتها وكان أبوها في أسفل الدار وكانت في أعلاها فمرض أبوها فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال أطيعي زوجك فمات أبوها فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أطيعي زوجك فأرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله غفر لأبيها بطاعتها لزوجها"
وهذا أيضاً ضعيف
قال الإمام الألباني في الإرواء:
أخرجه الطبراني في ( الاوسط ) ( 1 / 169 / 2 ) من طريق عصمة بن المتوكل نا زافر عن سليمان عن ثابت البناني عن أنس بن مالك به . وقال ؟ وقال : لم يروه عن زافر إلا عصمة ) . قلت : وهو ضعيف قال العقيلى في ( الضعفاء ) ( ص 325 ) : ( قليل الضبط للحديث يهم وهما . وقال أبو عبد الله ( يعنى البخاري ) : لا أعرفه ) ثم ساق له حديثا مما أخطا في متنه . وقال الذهبي : ( هذا كذب على شعبة ) . وشيخه زافر وهو ابن سليمان القهستاني ضعيف أيضا . قال الحافظ في التقريب ) : ( صدوق كثير الأوهام ) . وقال الهيثمي في ( المجمع ) ( 4 / 313 ) : ( رواه الطبراني في ( الأوسط ) وفيه عصمة بن المتوكل وهو ضعيف. انتهى كلام الألباني
فالألباني المعروف عنه أنه يصحح أحاديث يضعفها أكثر الأئمة حكم على هذه الرواية بالضعف
وأضيف أن هناك راو آخر في السند ضعيف وهو "يزيد الرقاشي" وهو قدري ضعفه أكثر الحفاظ ووقفت له على أحاديث عجاب يتفرد بها ويخالف فيها الأحاديث الصحيحة فهذه علة أخرى تزيد القصة ضعفا على ضعفها
كما حكم عليها أيضا الشيخ الحويني بأنها قصة باطلة لا تصح
قال:
وأما الحديث الذي رواه عبد بن حميد في مسنده من حديث أنس أن امرأة خرج زوجها في سفر فقيل لها أباكي مريض فامتنعت أن تخرج ، أباكِ مات فامتنعت أن تخرج خلفه ، فلما جاء زوجها وقص ذلك علي النبي فقال: " إن الله قد غفر لأبيك بطاعتك لزوجك " فإن هذا حديث باطل لا يصح , الأدلة متواترة علي جواز خروج النساء لقضاء الحاجة ، وهذا الجواز لا ينافي قوله - عز وجل -: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ ( الأحزاب: 33) لأن هذا هو الأصل فالمرأة مطالبة أن تقر في بيتها ولا تخرج منه إلا لحاجة ، فإن طرأت لها حاجة ولا يوجد من يقوم بهذه الحاجة جاز لها أن تخرج ، هذا معني الجواز
إذًا نخلص بالتوفيق بين الآية وهذه الأحاديث إلي هذا المعني :أن الأصل أن المرأة لا تخرج من بيتها إلا لحاجة لها ، ولذلك قال - عليه الصلاة والسلام -:" إن الله قد أذن لكن في قضاء حوائجكن " أي ما تحتاج إليه المرأة ، فالله قد أذن لها . انتهى كلامه
ومما يستدلون به أيضا على وجوب طاعة الزوجة لزوجها إذا نهاها عن صلة والديها قول السيدة عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم "أتأذن لي أن آتي أبوي"
فقالوا طالما استأذنت فوارد أن يأذن لها أو لا , فدل ذلك على أنه إن لم يأذذن لها فيجب أن تطيعه ولا تصل أبويها!
قلت: سبحان الله على هذا الفقه الأعوج والفهم السقيم أفبمثل هذا ترد الآيات والأحاديث النبوية والأحكام القطعية التي أجمع عليها العلماء
وحتى لا يبدو الكلام أنه فقط عاطفي فلنبين بطلان هذا الإستدلال وفق الأصول العلمية والأصول الفقهية:
أولا:
إذا تعارض قول صحابي مع قول كتاب الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم - والذي غالبا ما يكون تعارضا متوهما فقط - فأيهما نقدم حسب ما هو مقرر في الأصول؟ بالتأكيد الكتاب والسنة
وقد يرد المخالف بأن الحجة ليست في قول السيدة عائشة بل في إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لها
قلنا: النبي صلى الله عليه وسلم إنما أقر زيارتها لأبويها
ثانيا:
أن النبي له خصوصية ومن أهم هذه الخصوصيات أن التشريع يتنزل عليه وكان هذا الحديث في زمن التشريع فهو قد يُسأل عن أمر هل نزل به وحي أم لا أو يُسأل عن أمر فينتظر حتى يأتيه الوحي أما غيره فيُسأل فقط عما استقر في الشريعة التي اكتملت وفي حدود ما أذن له الشرع فيه. كذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم له خصوصية مهمة جدا بنص القرآن وهي أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم
قال تعالى "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ"
وبالتالي أولى بالمؤمنين رجالا ونساء من آبائهم وأمهاتهم
فسؤاله ليس كسؤال غيره وحقوقه ليست كحقوق غيره وطاعته ليست كطاعة غيره
ثالثا:
أن ما أمر به من صلاة وزكاة وصيام و بر الوالدين وصلة الأرحام منه ما هو فرض ومنه ما هو نافلة وهو كل ما زاد قدره عن حد الواجب
فالصلاة مثلا منها الفريضة التي لا تحتاج إذن مخلوق ومن أمر بإضاعتها يٌعصى ولا كرامة أباَ كان أم زوجاً أم حاكماً , أما ما زاد عن الفريضة فهي نافلة وهي التي رُخص فيها للزوجة أن تستأذن زوجها إن كانت النافلة ستؤثر على الحياة الزوجية مثل أن تقوم طويلا من الليل أو صيام النافلة ليس الاستذان لأنه إلاها لها بعد الله ولا لأنها لو كانت تسجد لأحد بعد الله لسجدت له , ولكن لأن هذه النوفل إذا أخذت قسطا كبيرا من الليل أو النهار فستؤدي إلى توقف المعاشرة بينهما وقد يكون الزوج في حاجة لها ليعف نفسه أو يفضي إليها بشئ فتُقدم السنة التي شرع الزواج من أجلها والتي تحفظ الاستقرار و دوام العشرة على السنة أو النافلة الأخرى التي يمكن أن تؤدى في وقت آخر.
والان عودة للموضوع , كيف عرف المستدلون بهذا الحديث أن السيدة عائششة عندما قالت "أتأذن لي أن آتي أبوي" كانت تستأذن للصلة الواجبة وليس الزائدة؟ لماذا تم صرف استئذانها إلى أنه كان في حد الفرض الذي أوجبه الله وليس في حد النفل؟
كذلك فإن السيدة عائشة لا تستأذن في مطلق زيارة الوالدين بل هي تستأذن أن تذهب في هذه الساعة بالتحديد , فالزيارة لم يشرط لها الشرع ساعة محددة من اليوم ولا يوم محدد في الأسبوع إنما مرد ذلك للعرف ومقدرة الزوجة البدنية والمالية , فقد يطلب منها الزوج أن تنتظر ساعة أو يوم لأمر فيه مصلحة أو حتى يستطيع أن يذهب معها الخ
رابعا:
واضح جدا من سياق القصة التي جاءت فيها هذه الجملة - وهي قصة حادثة الإفك - أن السيدة عائشة إنما أكانت تستأذن أن تمكث عند أبويها فترة من الزمن وليس لمجرد الزيارة
وهذا ما قد حدث بالفعل فقد مكثت شهرا في بيت أبويها حتى جاءها رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل عليه الوحي وبرئها الله تعالى مما أٌتُهمت به رضي الله عنها
وقد جاء في رواية أخرى أوردها الحافظ ابن حجر في الفتح في شرح الحديث قال:
قوله : ( فقلت : أتأذن لي أن آتي أبوي ) في رواية هشام بن عروة المعلقة " فقلت: أرسلني إلى بيت أبي ، فأرسل معي الغلام " وسيأتي نحوه موصولا في الاعتصام . ولم أقف على اسم هذا الغلام . انتهى
ومعروف عند العرب أن المرأة إذا قالت "أرسلني لأهلي" إنما تريد أن تترك البيت وتعيش في بيت أهلها أجل طويل
والخلاصة:
الزوجة لها حقوق وعليها واجبات
لها النفقة و الكسوة والمأوى وأن يكون الإنفاق بما يتناسب مع مثلها ومستواها ومقددرة الزوج . ولها المعاملة الحسنة لقوله تعالى "وعاشروهن بالمعروف"
وعليها ألا يُدخلن رجلا غريبا للبيت بدون إذن الزوج وأن تحفظه في عرضه وماله فإن أنفقت أو تصدقت فليكن بالمعروف وأن تجيبه إذا دعاها للفراش - إلا من عذر.
وأن تقر في بيتها وأن تستأذن في الخروج إلا في الضروريات والحاجة الملحة وقضاء الواجبات الشرعية كالخروج للمسجد إن أرادت أن تصلي فيه و الخروج لصلة الوالدين والأهل والإدلاء بالشهادة الخ فهذه أمور لا تحتاج لإذن
أما في غير ذلك من الخروج فينبغي عليها إخبار الزوج واستئذانه
و أما الواجبات الشرعية خارج العلاقة الزوجية من صلاة مكتوبة وزكاة وصوم رمضان وحج البيت و بر الوالدين وصلة الرحم والصدق والأمانة فكلاهما مكلف بها من الله تعالى ولا تحتاج لإذن أحدهما للآخر
فلا يجوز له أن يمنعها الصلاة المفروضة ولا الزكاة ولا صلة الرحم وخصوصا صلة الوالدين ولا يجوز لها أن تطيعه إن منعها
فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
قال تعالى "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم : 21 )
وقال تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" (النساء : 1 )
وقال تعالى "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" ( النساء : 19 )
قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ":
أي : طيبوا أقوالكم لهن ، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم ، كما تحب ذلك منها ، فافعل أنت بها مثله ، كما قال تعالى : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) [ البقرة : 228 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي " وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة دائم البشر ، يداعب أهله ، ويتلطف بهم ، ويوسعهم نفقته ، ويضاحك نساءه ، حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين يتودد إليها بذلك . قالت : سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته ، وذلك قبل أن أحمل اللحم ، ثم سابقته بعد ما حملت اللحم فسبقني ، فقال : " هذه بتلك " ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان ، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها . وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد ، يضع عن كتفيه الرداء وينام بالإزار ، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلا قبل أن ينام ، يؤانسهم بذلك صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) اهــــــ
لقددرج على ألسنة بعض الوعاظ وانتشر في عدد من المواقع والمنتديات أقوال وفتاوى سارت في ركب فكر منحرف شاع في هذه العصور في عدد كثير من المنتسبين للتدين وللعلم , فكر أهم أسباب نشأته هي:
الأول: زلات لبعض المجتهدين من السلف , جمعوا من كل مجتهد منهم زلته ووضعوها في سلة واحدة وضربوا بالنصوص الواضحة عرض الحائط فأخذوا يصححون الضعيف ويلوون عنق الصحيح ويحتجون بما ليس حجة
الثاني: الانتصار لبعض العادات والثقافات الموروثة والنزعات القبلية بإضفاء الشرعية عليها لأن في المجتمع المسلم والعربي خصوصا من أراد أن يجعل أمرا ما من المُسَلَّمات ويُنزل الناس جميعا عليه طائعين أو مكرهين هو أن يجعله دينا
الثالث: محاولة التصدي لفكر آخر منحرف أيضا بدأ مع قدوم الاستعمار السياسي والثقافي للمجتمع المسلم وهو الفكر الليبرالي والذي يعنينا في هذا الموضوع "فقه المرأة" وبالتحديد "الزوجة".
فقد عمل الاستعمار ووكلاءه كثيرا لتغريب المجتمع وإفساده أخلاقيا عن طريق الكتابات و النداءات التي تدعو وتحسن للمرأة نزع الحجاب والتبرج والإختلاط بالرجال والسفر بدون محرم حتى وصلت في الآونة الأخيرة لتبرير العهر و الرقص والغناء والتمثيل الذي يعج بالمخالفات الشرعية تحت مسمى "الفن"
حتى أن واحدا يطلق عليه "داعية" وكان الأجدر أن يطلق عليه "داهية" أفتى لبعض الممثلات التائبات حين عزمن على الإعتزال بأن يرجعن للتمثيل لأنه رسالة واجبة عليهن ولأن الفن - بزعمه - من معتقداتنا!
لكن محاولة التصدي لهذا الفكر التغريبي أدت بالبعض - وهم أصحاب الفكر الأول - إلى الإنحراف والغلو في الإتجاه المقابل
وذلك كما حصل من بعض الأسلاف في الماضي حين جاءوا يواجهون الخوارج فوقعوا في الإرجاء
وآخرين جاءوا يواجهون القدرية النفاة فوقعوا في عقيدة الجبر
وآخرين جاءوا يواجهون الممثلة فوقعوا في التعطيل
فهؤلاء أيضا بدلا من أن يردوا مسألة التحرر الغير منضبط بالشرع للمرأة من إباحة التبرج والاختلاط والخروج للعمل الذي لا حاجة شرعية ولا داعي له إلا فقط مزاحمة الرجال وما يسمونه "تحقيق الذات" بدلا من أن يردوا ذلك للكتاب والسنة ويبينوا قدر الحرية التي سمح بها الشرع لكل من الرجل والمرأة وأن المرأة في الإسلام مصونة ومكرمة ولا تحتاج هذه الدعوات الليبرالية التي قد تحقق لها بريقا مؤقتا لكن ستؤدي بها إلى مخالفات شرعية ومن ثم قلة البركة ومشاكل لاحقة في الحياة بدلا من ذلك نزعوا عن المرأة - متزوجة كانت أم غير متزوجة - كل حقوقها تقريبا في الحياة وأوجبوا عليها ما لم يوجبه الله تعالى ولا رسوله عليها وجعلوا من الزوجة مجرد أمة وخادمة عند زوجها لا تكاد تجد فرقا عمليا عند هؤلاء بين الزوجة والأمة إلا ربما من حيث الصداق الذي يجب للأولى دون الثانية , ولسان حالهم يقول إله الرجال الله في السماء و إله المرأة زوجها في الأرض , فيوجبون عليها طاعة الزوج في معصية الله فتأتمر بأمره فيما نهى الله عنه وتنتهي عما ينهاها فيما أمر الله به.
فهؤلاء علموا أم لم يعلموا قد ضلوا وأضلوا , وذلك من أكثر من وجه:
الأول: التقول على الله ورسوله بغير علم وتشريع ما لم يأذن به الله في شرعه , تشريعا مرده للأهواء وتقليد ما وجدوا عليه آبائهم فأغفلوا النصوص صحيحة الثببوت صريحة الدلالة التي لا يوافقها مذهبهم وصححوا أخبار ضعيفة ومكذوبة وحملوا بعض النصوص مالا تحتمله وأقحموا فيها معان ليست فيها لتوافق مذهبهم
قال تعالى "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"
وقال تعالى "وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ"
الثاني: نفروا كثيرا من المسلمين من شرع الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
الثالث: أعطوا فرصة ومدخلا كبيرا للكفار و دعاة التغريب للطعن والتشكيك في الدين , ووجدت كثير من النساء ضالتهن وسعادتهن في البعد عن التدين فوقعن فريسة في شباك العلمانية التي فتحت لهن أبوابها وخدعتهن بأنهن في ظل العلمانية مكرمات ولهن حقوقا أفضل مما لهن في ظل الإسلام
فكان ذنب كثير من هؤلاء النساء يبوء بجزء كبير منه هؤلاء الجهال الذين يفتون بغير علم وآخرين يقلدون ولا يتفقهون
الرابع: تسببوا في ظلم كثير من الأزواج لزوجاتهم , فهذا يريد من زوجته أن تقطع رحمها وآخر يريد من زوجته ألا تذهب لوالديها ولا تبرهما وفي نفس الوقت يطالبها بأن تحسن لأهله هو وتقوم بخدمتهم , وآخر يفرض على زوجته أن تعمل كخادمة فقط له وللأولاد وظيفتها أن تلبي له ما يريد وتطبخ له ما يريد وقت ما يريد ولا يساعدها في شئ بل البعض يعتبر هذه إهانة في حقه الخ
وواحدة من هذه الفتاوى نحن بصددها الان , فتوى وقعت عليها مصادفة , وهي فتوى منسوبة لأحد شيوخ العصر ولا ندري إن كانت حقا فتواه أم مكذوبة عليه فالشيخ نفسه له كلام يناقض هذه الفتوى. وعلى كل المهم الان هو محتوى الفتوى و ما بها من أخطاء لأن المعنى الموجود بها مما هو موجود في فتاوى أخرى ومما يشاع بين طائفة ممن المسلمين.
وجدت أن آخذها مثالا للغلو الذي أشرنا إليه و ما فيها من ظلم للزوجات و تحميلهن واجبات لم يوجبها عليهم الشرع وحثهن على قطع الرحم وعقوق الوالدين بذريعة طاعة الزوج , وجدت أن أسوقها وأرد عليها مبينا ما فيها من أخطاء وبيان الحق في المسألة إن شاء الله تعالى عملا بقوله تعالى "وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"
عنوان الفتوى: حق الزوج
س: هل خدمة الزوج واجبة أم مستحبة ؟
نص الفتوى :
المطالع لبعض الكتب الفقية يرى بعض أراء الفقهاء تقول أن خدمة المرأة لزوجها مستحبة وليست واجبة !!والوجوب الشرعي هو: ما طلب فعله علي سبيل الحتم والإلزام بحيث يثاب فاعله ويعاقب تاركه .
والقول بوجوب الخدمة هو القول الراجح بل الصحيح .
قال الله تعالى (( ولهن الذي عليهن بالمعروف))
اذا فماذا لهن وماذا عليهن ؟؟
• لهن :
1- المعاشرة بالمعروف .
2- أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت .
3- الإنفاق عليها وعلى اولادها أمر حتمي ولازم، قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم: (( كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت))
• ماذا عليهن :
القائلين باستحباب الخدمة يقولون أن الذي عليهن هو الاستمتاع بهن !!
ولكن المرأة ايضا تستمتع بالرجل فهو حق مشترك بينهم وهذا يرد عليهم .
وإذا كان الرجل يكد ويعمل خارج المنزل ثم يعود فيعمل ايضا داخل المنزل فما الذي على النساء اذا ؟؟
قالوا: إن خدمة فاطمة وأسماء كانت تبرعا و احسانا !!
نقول: أن فاطمة عليها السلام أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى وبلغها أنه جاءه رقيق فلم تصادفه فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته عائشة قال فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال: (( على مكانكما)) فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدميه على بطني فقال: (( ألا أدلكما على خير مما سألتما إذا أخذتما مضاجعكما أو أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين فهو خير لكما من خادم)) .
ولو كانت خدمة المرأة مستحبة فقط لألزم النبي صلى الله عليه وسلم علي ان يأتي لفاطمة بخادم .
من حقوق الزوج علي زوجته :
أن تخدمه ولكن بالمعروف (أي لا يكلفها فوق طاقتها )
خدمة المرأة لأهل زوجها (أبيه وأمه ) ليست واجبة إنما مستحبة .
يستحب للرجل أن يشارك أهله في بعض أعمال البيت .
فعن إبراهيم عن الأسود قال سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته قالت كان يكون في مهنة أهله تعني خدمة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة
لا يجوز للمرأة ان تتصدق بشئ من بيته الا بإذنه قال صلى الله عليه وسلم: (( لا تنفق المرأة من بيتها شيئا إلا بإذن زوجها)) قالوا يا رسول الله ولا الطعام؟ قال: (( ذلك من أفضل أموالنا))
يجوز للمرأة ان تنفق من بيت زوجها إذا علمت أنه لن يغضب .
عن همام قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره فله نصف أجره))
يجوز للمرأة أن تنفق من مالها الخاص دون إذن زوجها .
ألا تخرج من البيت دون إذنه سواء قبل البناء (بيت ابيها ) أو بعد البناء (بيت زوجها ) .
لا يجوز للمرأة أن تدخل أحد مما يكره الزوج بيته الا بإذنه (حتى أبوها و أمها . . )
لا تخشن بصدرة ( أي لا تأتي من الأفعال ما يخشن صدرة ) . .
عن بشير بن يسار عن الحصين بن محصن أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (( أذات زوج أنت)) قالت: نعم، قال: (( كيف أنت له))، قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: (( فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك)) .
عن عبد الرحمن ابن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت)) .
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها)).
إنتهت الفتوى.
والان الرد عليها:
قوله تعالى "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" قد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فلا نحتاج لتفسيرات غيره
فقد روى مسلم في صحيحه عن جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته ، في حجة الوداع : "فاتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف"
وقد يتسع المعنى لكل ما يشترك فيه الطرفان كالكلمة الطيبة و التجمل مثل ما روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة ; لأن الله يقول : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم .
فهذا هو فهم حبر القرآن عبد الله بن عباس وهكذا كان فهم الصحابة رضوان الله عليهم أنه كما يريد منها أن تتزين له فعليه أن يتزين هو أيضا لها
وكلمة "واجب" في الشرع لا ينبغي أن تقال إلا لما جاء به نص شرعي فواجبات الشرع ليست متروكة لأهواء واستحسانات البشر
وأما العرف فإن اعتبار العرف هنا هو فيما ورد به النص وهو الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه "الرزق والكسوة" يعني لم يعين الشارع قدرا محددا من المال أو الإنفاق بل تركها للعرف كل ينفق بحسب سعته وحسب ما تحتاج من مثل زوجته , قال تعالى "وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ"
وقال تعالى "لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا"
وأما ما عليهن وهو عدم مضاجعة غير الزوج , وقد فسرت أيضا بعدم إدخال غريب لبيته في غيبته بغير إذنه - جاء في شرح النووي على الحديث:
قال المازري : قيل : المراد بذلك أن لا يستخلين بالرجال ، ولم يرد زناها ، لأن ذلك يوجب جلدها ، ولأن ذلك حرام مع من يكرهه الزوج ومن لا يكرهه .
وقال القاضي عياض : كانت عادة العرب حديث الرجال مع النساء ، ولم يكن ذلك عيبا ولا ريبة عندهم ، فلما نزلت آية الحجاب نهوا عن ذلك . اهــــــــ
وعليه فإن العرف سيق هنا أصالة لما "لهن" وليس لما "عليهن"
لأن ما عليهن معلوم بالنص الشرعي الذي يخالف عرفا كان موجودا وهو دخول الرجال الأجانب على النساء وحديثهم معهن بدون إذن الأزواج
والزوجة شرع الله لها أن تأخذ أجرة على الرضاعة وهي مما تعارف عليه بين عامة المسلمين قيام الزوجة به
قال تعالى "أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى"
فهنا فرض الله على الزوج أن يعطي أجرة الزوجة التي تطلبها مقابل إرضاعها فإن شق عليه مقدار الأجرة فله أن يستأجر مرضعة أخرى
قال الحافظ بن كثير:
وقوله : ( وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ) أي : وإن اختلف الرجل والمرأة ، فطلبت المرأة أجرة الرضاع كثيرا ، ولم يجبها الرجل إلى ذلك أو بذل الرجل قليلا ولم توافقه عليه ، فليسترضع له غيرها . فلو رضيت الأم بما استؤجرت عليه الأجنبية فهي أحق بولدها . اهـــــــ
فإذا كانت الزوجة لها ألا ترضع إلا بما تطلبه من مقابل مع أنه ابنها ووبضعة منها وارضاعها له أولى من غيرها فلأن يكون لها الحق في أجرة أو خادم لأعمال المنزل هو من باب أولى
وعدم وجوب خدمة الزوجة بل استحبابها هو قول أبي حنيفة و الشافعي ومالك وأهل الظاهر , قالوا:
لأن عقد النكاح إنما اقتضى الاستمتاع ، لا الاستخدام وبذل المنافع ، قالوا : والأحاديث المذكورة إنما تدل على التطوع ومكارم الأخلاق ، فأين الوجوب منها.
وبالفعل فالأحاديث الواردة تفيد الجواز أو الاستحباب ولا تفيد الوجوب , وهي حالات أعيان لا تدل على ما يراد الاستدلال له , النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه لم يرضى أن يتزوج علي بن أبي طالب على ابنته فاطمة إلا أن يطلقها مع أن المسألة لم تكن واجب أو محرم بل مفضول وأفضل
قال الإمام القرطبي في تفسيره لقوله تعالى "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"
استدل علماؤنا بقوله تعالى : وعاشروهن بالمعروف على أن المرأة إذا كانت لا يكفيها خادم واحد أن عليه أن يخدمها قدر كفايتها ، كابنة الخليفة والملك وشبههما ممن لا يكفيها خادم واحد ، وأن ذلك هو المعاشرة بالمعروف . وقال الشافعي وأبو حنيفة : لا يلزمه إلا خادم واحد - وذلك يكفيها خدمة نفسها ، وليس في العالم امرأة إلا وخادم واحد يكفيها ؛ وهذا كالمقاتل تكون له أفراس عدة فلا يسهم له إلا لفرس واحد ؛ لأنه لا يمكنه القتال إلا على فرس واحد . قال علماؤنا : وهذا غلط ؛ لأن مثل بنات الملوك اللاتي لهن خدمة كثيرة لا يكفيها خادم واحد ؛ لأنها تحتاج من غسل ثيابها لإصلاح مضجعها وغير ذلك إلى ما لا يقوم به الواحد ، وهذا بين . والله أعلم .
اهـــــ
وحديث "لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"
فضعيف لم يثبت ضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه
ولو صح فالسجود المقصود هو سجود التحية وليس سجود العبادة أو التذلل كسجود والدي يوسف عليه السلم له لما رفعهما على العرش ولكن السجود بجميع أنواعه قد حرم في الإسلام إلا لله تعالى
فالحديث لا يصح ولو صح لما صلح استنباط أي حكم شرعي منه
والقول بأن الإستمتاع بهن ليس يحق فيه لهن مقابل لأن المرأة أيضا تستمتع بالرجل (حق مشترك) فهذا قول في غاية السقوط , وصاحبه يجب ألا ينسب لأهل العلم , فهذا القول مصادم للنصوص القرآنية الصريحة الدلالة في وجوب إعطاء المهر للمرأة مقابل الإستمتاع
قال تعالى "فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً"
فالله تعالى فرض للزوجة فريضة مالية (مهرا) وبين أن هذا المهر هو مقابل الإستمتاع , ولو كان هذا الدعاء الساقط صحيحا لما فرض الله لهن شيئا مقابل الإستمتاع لأنه مشترك!
بل معروف بين الناس ومما هو مستقر في الفطر أن المتعة شئ يحسب للرجل , يبدي له الرغبة ويبذل العطاء لنيله
فحتى في عالم الزواني فالمشهور أن المومسات هن من يُطلبن من قبل الرجال ويأخذن الأجر ولا نكاد نسمع عن العكس
كذلك فإن في المعاشرة الزوجية يكفي الرجل أن يجامع مرة في االعمر أما المرأة فعليها أن تستجيب لطلب زوجها إذا دعاها للفراش - إلا بالطبع إن كان عندها عذر شرعي من مرض أو حيض أو خلافه
تبين إذن أن هذا قول باطل ظاهر البطلان
فعجبا على من يتجرأ بالكلام في دين الله بغير علم, و الله المستعان.
وأما القول بأنه (لا يجوز للمرأة أن تدخل أحد مما يكره الزوج بيته الا بإذنه (حتى أبوها و أمها . . )
فتعميم القول حتى على الأب والأم فيه نظر
فهم يستدلون بحديث "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه" رواه البخاري
طبعا كما هو معروف في الأصول أن ألفاظ العموم في النصوص الشرعية منها ما يُقصد به العموم (وهو العام المحفوظ) ومنها العام المخصوص ومنها العام الذي قُصد به الخصوص
فالعام المحفوظ كقوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِ شَيْءٍ قَدِيرٌ" فهذا عام في كل شئ , لا يستثنى شئ من قدرة الله تعالى
والعام المخصوص هو ما جاء بصيغة العموم لفظا لكن خرج من هذا العموم بعض الأفراد أو الحالات حكما
مثال قوله تعالى "اقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ"
فهل يعني هذا أن كل مسلمٍ يجد مشركاً عليه أن يقتله, بمعنى أنه يجب قتل كل مشرك؟ أم خرج من هؤلاء المشركين بعض الأصناف كالمعاهدين والمستأمنين؟
بالطبع وبالإجماع فإن المعاهدين والمستأمنين خارجين من عموم الأمر باالقتل.
فهو عام مخصوص جاءت نصوص تخرج بعض من أصناف المشركين من هذا العموم، فأُخرِج المعاهد في قوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ} وأُخرِج المستأمن في قوله تعالى "وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ"
والعام الذي أُريد به الخصوص وهو ما جاء بصيغة العموم لفظا لكن قُصد به أحد أفراد العموم أو بعضه حكما
كقوله تعالى "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ"
المراد هنا في الآية شخص واحد فقط وهو نعيم بن مسعود , اللفظ عام: (الناس), لكنه يراد به شخص واحد.
وكقوله تعالى "رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا"
"كل شئ" هنا لفظ عام لكن هل معنى ذلك أن الريح دمرت كل شئ في الكون الأرض والكواكب والنجوم ..؟! بالطبع لا , لكن المقصود أنها تدمر كل شئ يأتي في طريقها فهي فعليا لم تدمر إلا قوم عاد فقط
نعود للحديث "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه" هنا الزوجة وجب عليها الاستئذان في أمرين:
"الصوم" و "إذن دخول البيت للضيوف"
لفظ (الصوم) هنا عام لكن هل يا ترى هو عام محفوظ أم عام مخصوص أم عام قصد به الخصوص
بالطبع هو ليس عام محفوظ لأن الأمر بالإستئذان في الحديث لا يشمل صوم رمضان فهذا فرض وجب على الزوجة فعله سواء أذن فيه الزوج أم لم يأذن وهذا مجمع عليه لا خلاف فيه
إذن يبقى أنه إما مخصوص أو دخله الخصوص
والفارق بينهما هنا ليس مهما فهو فارق نظري فقط , والأقرب أنه عام قُصد به الخصوص يعني الصوم المقصود في الحديث هو صوم النافلة التطوعي فقط أما صوم الواجب كصوم رمضان وصوم الكفارة و صوم النذر فهذا واجب شرعي لا استئذان فيه وهذا مما لا خلاف فيه
فكما أن الصوم لفظه عام لكن قُصد به الخصوص فكذلك ينبغي أن يكون "الإذن في دخول البيت" فإن لفظه وإن كان عاما , إلا أن النصوص الأخرى والأصول الشرعية اقتضت أن عموم هذا اللفظ مخصوص بالغرباء وربما خصص أكثر بالغرباء الذي تعلم كره الزوج دخولهم ونحن لا نقول ذلك بعقولنا ولا أهوائننا بل على طريقة أهل العلم بتفسير القرآن والأحاديث بالقرآن والأحاديث ورد المجمل للمفصل ورد المتشابه للمحكم
فإن النصوص تواترت بوجوب بر الوالدين وصلة الرحم وأدنى مراتب البر والصلة إن لم يكن بالنفقة والرعاية والسفر للزيارة فهو أن يكون بالاستقبال والإذن بدخول البيت فاتضح أن عموم الأمر "بالإذن في دخول البيت" هذا مخصوص أو أريد به الخصوص مثله مثل الصيام تماما
فيرد على القائلين بطاعة الزوج إن منعها من دخول أبويها بيته : لماذا جعلتم عموم الاستئذان في الصوم مخصوص وفي الإذن محفوظ؟!
ولابد من الإشارة إلى أمر مهم هنا وهو: أن العرف له اعتبار في الشرع وهو يقوم مقام الشرط المنصوص عليه
قال ابن نجيم في الأشباه والنظائر: المعروف عرفاً كالمشروط شرعاً. انتهى
وكذا قال الحموي في غمز عيون البصائر: المعروف عرفاً كالمشروط شرطا. انتهى
فإذا كان المعروف بين المسلمين بل العالم أجمع أن الوالدين لهم حق زيارة ابنتهم و حق عليها أن تزورهم وكذا بالنسبة لإخوة الزوجة وأبناءها فهذا العرف جري مجرى الشرط , يعني كأن الزوجة و وليها اشتراطا في عقد الزواج أن يكون لهما الحق في الصلة و الزيارة وكُتب هذا في العقد ووافق عليه الطرفان , فالشرط يكون مُلزم حينها ولا تلزمها طاعته إن أخل بالشرط.
وهل يٌعرف أن أحدا عندما يخطب إمرأة يقول لوالدها سوف يكون لي الحق في منعك أنت وأمها أن تدخلا البيت وأمنعها من رؤيتكما البتة إن أنا أردت ذلك؟ وهل يٌتصور أن يوافق الولي على ذلك ويقول له أهلا ومرحبا بك زوجا لابنتي حتى لو قطعتها للأبد عنا؟ فهذا صعب جدا أن يحدث ولو أمكن لكان نادرا , هذا على افتراض صحة شرط مثل هذا ولكن حتى لو وٌضع هذا الشرط ووافق الجميع عليه لكان شرطا باطلا لا يُلزم أحدا لقول النبي صلى الله عليه وسلم "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل"
وهذا هو الذي عليه الحنفية والمالكية و الحنابلة :
جاء في الفتاوى الهندية على مذهب الحنفية ما نصه:
لا يمنع - أي الزوج - من الأبوين من الدخول عليها للزيارة في كل جمعة، وإنما يمنعهم من الكينونة عندها، وبه أخذ مشايخنا -رحمهم الله تعالى- وعليه الفتوى. كذا في فتاوى قاضي خان. انتهى.
وقال المواق المالكي -رحمه الله- في التاج والإكليل:
وإن كانت غير متهمة لم تمنع الدخول على ابنتها... قال ابن سلمون: وإن اشتكى ضرر أبويها فإذا كانا صالحين لم يمنعا من زيارتها والدخول عليها، وإن كانا مسيئين واتهمهما بإفسادها زاراها في كل جمعة مرة بأمينة تحضر معهم، وفي العتبية: ليس للرجل أن يمنع زوجه من الخروج لدار أبيها وأخيها ويُقضَى عليه بذلك خلافاً لابن حبيب. انتهى
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف:
لا يملك الزوج منع أبويها من زيارتها، على الصحيح من المذهب. قال في الفروع، والرعايتين: ولا يملك منعهما من زيارتها في الأصح، وجزم به في الحاوي الصغير. وقيل: له منعهما. قلت: الصواب في ذلك: إن عرف بقرائن الحال أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر: فله المنع. وإلا فلا. انتهى.
فهذه نصوص المذاهب الثلاثة. فلم يخالف في هذا الباب إلا الشافعية مثل ابن حجر والنووي ودليلهم في هذا
أولا: عموم لفظ الحديث
وقد بينا بما فيه الكفاية أنه عام مخصوص مثله مثل "الصوم" المذكور في الحديث
ثانيا: قالوا لأن الأصل تحريم دخول منزل الإنسان حتى يوجد الإذن في ذلك منه، أو ممن أذن له في الإذن في ذلك، فإذا كان الزوج ممنوعاً أن يتصرف في مال زوجته بغير إذنها، ويحرم عليه أن يأخذ مالها بدون إذنها ليصل بهذا المال رحمه، أو يحسن به إلى والديه، وليس له أيضاً أن يسكن في بيتها من لا تأذن هي به، وهذا مع عظيم حق الزوج على زوجته، فليس لها في المقابل أن تتصرف بالإذن في بيته بدون رضاه، وليس في هذا قطع للرحم، لأنها يمكن أن تذهب هي لزيارتهم، أو تلتقي بهم في منزل أحد إخوانها أو أخواتها.
يرد عليهم:
بأن مجرد دخول البيت لا يعد انتفاع كامتلاك البيت واستئئجاره أو الإقامة فيه طويلا , ولو كان انتفاعا فالزوجة ولاشك لها حق الانتفاع وبالتالي يجوز للمنتفع أن يشرك غيره في نصيبه , فالزوجة إن لم يكن لها مكان آخر تسكن فيه غير بيت زوجها فهذا البيت وإن كان بيته من جهة هو بيتها أيضا من جهة أخرى ولها حق الانتفاع به وحق الانتفاع يشمل حق استقبال الشخص لضيوفه.
يضاف إلى هذا الأحاديث الصحيحة التي وردت أجاز فيها النبي صلى الله عليه وسلم لبعض النساء تصرف الواحدة في مال زوجها و بغير إذنه - وفيما يكره طالما كان التصرف بالمعروف
فعن أسماء رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله ما لي مال إلا ما أدخل علي الزبير فأتصدق قال "تصدقي ولا توعي فيوعى عليك" متفق عليه
قد يقال: هذا بغير إذن زوجها لكن أين نعرف أنه يكره ذلك
أجيب: بأنها لو لم تعلم أنه يكره لاستأذنته وانتهى الأمر ولما احتاجت أن تستفتي.
فإذا جاز أن تعطي المرأة من مال زوجها لرجل غريب يطرق بابها من غير إذنه أفلا يجوز لها استقبال أبويها بغير إذنه من باب أولى
فقد روى الترمذي والنسائي وأحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان من حديث سلمان بن عامر الضبي مرفوعا "الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة"
ولو صح ما ذهب إليه الشافعية لجاز للزوجة التي لم يأذن لها زوجها في دخول أبويها أو إخوانها - لمجرد أن علة المنع هي التصرف في ملكه - بل وجب عليها في هذه الحالة إذا أتوا إليها أن تترك البيت وتذهب معهم لبيتهم أو لحيث شاءوا كما قالوا هم , والمعلوم أن أي زوج يمنع زوجته من استقبال أهلها لا يكون السبب في هذا مجرد استيائه من دخولهم مبنى البيت , وإنما لعدم رغبته في لقائها بهم و انشغالها معهم , فلو نظرنا لوجدنا أن هذه هي العلة الحقيقية في منع معظم الأزواج زوجاتهم من استقبال الأهل
وعليه فحتى قول الشافعية لن يخدم رغبة هؤلاء لأنه سيلزم الزوجة أن تترك البيت وتذهب مع من يأتيها ممن تلزمها صلتهم من محارمها إن هم أتوا إليها.
والحكم في الإخوة والأخوات كالحكم في الأبوين،
قال في حاشية الصاوي :
وليس له منع أبويها وولدها من غيره أن يدخلوا لها.. وكذا الأجداد وولد الولد والإخوة من النسب، بخلاف الأبوين، وما بعدهما من الرضاع، فله المنع منه. انتهى
والأغرب من هذا قول بعضهم أنه يجوز للزوج منع زوجته من زيارة أبويها وأهلها وعليها طاعته في ذلك.
فإن الشافعية إن كان لهم متمسك في مسألة منع الزوجة من إدخال أهلها بيت الزوج بدون إذنه لأنه بيته ولما فيه من التصرف في ملك الغير بغير إذنه الخ فهؤلاء لا متمسك لهم البتة في منع الزوجة زيارة أهلها بدون إذن زوجها إلا اتباع الهوى و على أفضل الأحوال اتباع الأخبار الضعيفة والباطلة المصادمة للنصوص الصحيحة
فالقاعدة البديهية والمعروفة أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
فالله تعالى أمر الناس جميعا ببر الوالدين وجعل الإحسان لهما بعد الأمر بتوحيده وعدم الشرك به
قال تعالى "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا"
وقال تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ"
وقد استقر في الفطرة واتفق العلماء على أن بر الوالدين يكون بصلتهما زيارة لهما وحسن استقبالهما وطاعتهما في المعروف وبالإنفاق عليهما إذا كانا محتاجين ورعايتهما إذا بلغا الكبر وتمريضهما إذا احتاجا لتمريض
وقد أمر الله تعالى بصلة الرحم وغلظ في تحريم وعقوبة قاطعها والتي جاءت أحاديث مصرحة بتحريم قاطع الرحم على الجنة
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فقال مه قالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة فقال ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى يا رب قال فذلك لك" ثم قال أبو هريرة فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم - متفق عليه
وعن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة قاطع رحم - متفق عليه
فإن أمر أي زوج زوجته بأمر فيه قطيعة للرحم أو عدم إحسان للوالدين فإنه أمر بمعصية الله فلا يجوز للزوجة طاعته أبدا , يجب عليها حسن استقبالهما و زيارتهما بما جرى به العرف
وقد قال جمع من العلماء منهم الحنفية بأنه مرة كل جمعة (كل أسبوع) فلو منعها الخروج لها أن تخرج بدون رغبته وبدون إذنه , وقد أصبح ساقط العدالة
فإنه كما جاء في الحديث الصحيح "إنما الطاعة في المعروف"
وكما هو معلوم بالنقل والعقل "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"
وهذه بعض فتاوى لأهل العلم في هذا الشأن:
(1) قال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق:
"ولو كان أبوها زمِنا -أي مريضا- مثلا وهو يحتاج إلى خدمتها والزوج يمنعها من تعاهده، فعليها أن تعصيه مسلما كان الأب أو كافرا, كذا في فتح القدير, وقد استفيد مما ذكرناه أن لها الخروج إلى زيارة الأبوين والمحارم، فعلى الصحيح المُفتى به: تخرج للوالدين في كل جمعة بإذنه وبغير إذنه، ولزيارة المحارم في كل سنة مرة, بإذنه وبغير إذنه".
المصدر:
"البحر الرائق" (4/212)
(2) قال في "التاج والإكليل على متن خليل" (مالكي) :
" وفي العُتْبية : ليس للرجل أن يمنع زوجه من الخروج لدار أبيها وأخيها ، ويُقضى عليه بذلك.. " أ.هـ
المصدر:
"التاج والإكليل على متن خليل" (5/549)
(3) سؤال للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : إذا منعني زوجي من صلة الأرحام، هل أطيعه في ذلك، ومن هم الأرحام الذين تجب صلتهم عليَّ؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب:
إذا منعك الزوج من الصلة لم يلزمك طاعته؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إنما الطاعة في المعروف) فإذا أمرك بقطيعة الرحم فلا سمع ولا طاعة، ولا مانع أن تصلي أرحامك بالمال والدعاء لهم بالتوفيق والهداية، ولاسيما إذا كانوا فقراء تحسنين إليهم من الزكاة أو غيرها، من مالك لا من ماله هو، لا مانع أن تعطي أرحامك وتصلي أرحامك من مالك أنتِ لا من ماله هو، أما ماله فلا بد من إذنه، أما مالك أنتِ إذا وصلت أمك أو أخواتك أو عماتك أو خالاتك بشيء من المال لفقرهن فلا بأس ولا حرج عليك، وإذا كنت تخشين من شره فصليهن سراً بطريقة خفية لا يعلمها جمعاً بين المصلحتين: حتى تتقين شره، وحتى تفعلين المعروف في أقاربك المحاويج من طريق السر، أو من طريق الخفية حتى لا يسيء إليك وحتى لا يضرك وحتى لا يتسبب طلاق. نسأل الله للجميع الهداية.
المصدر:
http://www.binbaz.org.sa/mat/9542
(4) سؤال للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
السؤال: السائلة أحتكم نور استعرضنا بعض من أسئلتها في حلقة سابقة بقي لها هذا السؤال تقول هل يجوز للزوج أن يمنع زوجته من صلة أرحامها؟
الجواب
الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم علي نبينا محمد وعلي آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين لا يحل للزوج أن يمنع الزوجة من صلة أرحامها لأن صلة الرحم واجبة والقطيعة من كبائر الذنوب ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
المصدر:
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_5097.shtml
ومما يستدل به القائلون بطاعة المرأة لزوجها في ترك صلة الرحم وزيارة الوالدين قصة واهية السند وهي امرأة كانت تحت رجل فمرض أبوها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن أبي مريض وزوجي يأبى أن يأذن لي أن أمرضه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أطيع زوجك فمات أبوها فاستأذنت زوجها أن تصلي عليه فأطاعت زوجها ولم تصل على أبيها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم "قد غفر الله لأبيك بطاعتك لزوجك".
وهي قصة باطلة لا تصح من حيث سندها
أخرجها عبد بن حميد في مسنده و الحارث في مسنده - كما في بغية الحارث - من طريق يوسف بن عطية قال ثنا ثابت عن أنس أن امرأة كانت تحت رجل فمرض أبوها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن أبي مريض وزوجي يأبى أن يأذن لي أن أمرضه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أطيعي زوجك فمات أبوها فاستأذنت زوجها أن تصلي عليه فأطاعت زوجها ولم تصل على أبيها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم "قد غفر الله لأبيك بطواعيتك لزوجك".
وهذا إسناد واهي جداً ، فيه يوسف بن عطية ، فقد اتفق كل من ترجم له على ضعفه ، وقد لخص حاله الحافظ في التقريب بقوله: متروك.
أخرجه الطبراني في الأوسط: من طريق محمد بن موسى نا محمد بن سهل بن مخلد الإصطخري نا عصمة بن المتوكل نا زافر بن سليمان عن إسرائيل بن يونس عن جابر عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا خرج وأمر امرأته أن لا تخرج من بيتها وكان أبوها في أسفل الدار وكانت في أعلاها فمرض أبوها فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال أطيعي زوجك فمات أبوها فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أطيعي زوجك فأرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله غفر لأبيها بطاعتها لزوجها"
وهذا أيضاً ضعيف
قال الإمام الألباني في الإرواء:
أخرجه الطبراني في ( الاوسط ) ( 1 / 169 / 2 ) من طريق عصمة بن المتوكل نا زافر عن سليمان عن ثابت البناني عن أنس بن مالك به . وقال ؟ وقال : لم يروه عن زافر إلا عصمة ) . قلت : وهو ضعيف قال العقيلى في ( الضعفاء ) ( ص 325 ) : ( قليل الضبط للحديث يهم وهما . وقال أبو عبد الله ( يعنى البخاري ) : لا أعرفه ) ثم ساق له حديثا مما أخطا في متنه . وقال الذهبي : ( هذا كذب على شعبة ) . وشيخه زافر وهو ابن سليمان القهستاني ضعيف أيضا . قال الحافظ في التقريب ) : ( صدوق كثير الأوهام ) . وقال الهيثمي في ( المجمع ) ( 4 / 313 ) : ( رواه الطبراني في ( الأوسط ) وفيه عصمة بن المتوكل وهو ضعيف. انتهى كلام الألباني
فالألباني المعروف عنه أنه يصحح أحاديث يضعفها أكثر الأئمة حكم على هذه الرواية بالضعف
وأضيف أن هناك راو آخر في السند ضعيف وهو "يزيد الرقاشي" وهو قدري ضعفه أكثر الحفاظ ووقفت له على أحاديث عجاب يتفرد بها ويخالف فيها الأحاديث الصحيحة فهذه علة أخرى تزيد القصة ضعفا على ضعفها
كما حكم عليها أيضا الشيخ الحويني بأنها قصة باطلة لا تصح
قال:
وأما الحديث الذي رواه عبد بن حميد في مسنده من حديث أنس أن امرأة خرج زوجها في سفر فقيل لها أباكي مريض فامتنعت أن تخرج ، أباكِ مات فامتنعت أن تخرج خلفه ، فلما جاء زوجها وقص ذلك علي النبي فقال: " إن الله قد غفر لأبيك بطاعتك لزوجك " فإن هذا حديث باطل لا يصح , الأدلة متواترة علي جواز خروج النساء لقضاء الحاجة ، وهذا الجواز لا ينافي قوله - عز وجل -: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ ( الأحزاب: 33) لأن هذا هو الأصل فالمرأة مطالبة أن تقر في بيتها ولا تخرج منه إلا لحاجة ، فإن طرأت لها حاجة ولا يوجد من يقوم بهذه الحاجة جاز لها أن تخرج ، هذا معني الجواز
إذًا نخلص بالتوفيق بين الآية وهذه الأحاديث إلي هذا المعني :أن الأصل أن المرأة لا تخرج من بيتها إلا لحاجة لها ، ولذلك قال - عليه الصلاة والسلام -:" إن الله قد أذن لكن في قضاء حوائجكن " أي ما تحتاج إليه المرأة ، فالله قد أذن لها . انتهى كلامه
ومما يستدلون به أيضا على وجوب طاعة الزوجة لزوجها إذا نهاها عن صلة والديها قول السيدة عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم "أتأذن لي أن آتي أبوي"
فقالوا طالما استأذنت فوارد أن يأذن لها أو لا , فدل ذلك على أنه إن لم يأذذن لها فيجب أن تطيعه ولا تصل أبويها!
قلت: سبحان الله على هذا الفقه الأعوج والفهم السقيم أفبمثل هذا ترد الآيات والأحاديث النبوية والأحكام القطعية التي أجمع عليها العلماء
وحتى لا يبدو الكلام أنه فقط عاطفي فلنبين بطلان هذا الإستدلال وفق الأصول العلمية والأصول الفقهية:
أولا:
إذا تعارض قول صحابي مع قول كتاب الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم - والذي غالبا ما يكون تعارضا متوهما فقط - فأيهما نقدم حسب ما هو مقرر في الأصول؟ بالتأكيد الكتاب والسنة
وقد يرد المخالف بأن الحجة ليست في قول السيدة عائشة بل في إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لها
قلنا: النبي صلى الله عليه وسلم إنما أقر زيارتها لأبويها
ثانيا:
أن النبي له خصوصية ومن أهم هذه الخصوصيات أن التشريع يتنزل عليه وكان هذا الحديث في زمن التشريع فهو قد يُسأل عن أمر هل نزل به وحي أم لا أو يُسأل عن أمر فينتظر حتى يأتيه الوحي أما غيره فيُسأل فقط عما استقر في الشريعة التي اكتملت وفي حدود ما أذن له الشرع فيه. كذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم له خصوصية مهمة جدا بنص القرآن وهي أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم
قال تعالى "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ"
وبالتالي أولى بالمؤمنين رجالا ونساء من آبائهم وأمهاتهم
فسؤاله ليس كسؤال غيره وحقوقه ليست كحقوق غيره وطاعته ليست كطاعة غيره
ثالثا:
أن ما أمر به من صلاة وزكاة وصيام و بر الوالدين وصلة الأرحام منه ما هو فرض ومنه ما هو نافلة وهو كل ما زاد قدره عن حد الواجب
فالصلاة مثلا منها الفريضة التي لا تحتاج إذن مخلوق ومن أمر بإضاعتها يٌعصى ولا كرامة أباَ كان أم زوجاً أم حاكماً , أما ما زاد عن الفريضة فهي نافلة وهي التي رُخص فيها للزوجة أن تستأذن زوجها إن كانت النافلة ستؤثر على الحياة الزوجية مثل أن تقوم طويلا من الليل أو صيام النافلة ليس الاستذان لأنه إلاها لها بعد الله ولا لأنها لو كانت تسجد لأحد بعد الله لسجدت له , ولكن لأن هذه النوفل إذا أخذت قسطا كبيرا من الليل أو النهار فستؤدي إلى توقف المعاشرة بينهما وقد يكون الزوج في حاجة لها ليعف نفسه أو يفضي إليها بشئ فتُقدم السنة التي شرع الزواج من أجلها والتي تحفظ الاستقرار و دوام العشرة على السنة أو النافلة الأخرى التي يمكن أن تؤدى في وقت آخر.
والان عودة للموضوع , كيف عرف المستدلون بهذا الحديث أن السيدة عائششة عندما قالت "أتأذن لي أن آتي أبوي" كانت تستأذن للصلة الواجبة وليس الزائدة؟ لماذا تم صرف استئذانها إلى أنه كان في حد الفرض الذي أوجبه الله وليس في حد النفل؟
كذلك فإن السيدة عائشة لا تستأذن في مطلق زيارة الوالدين بل هي تستأذن أن تذهب في هذه الساعة بالتحديد , فالزيارة لم يشرط لها الشرع ساعة محددة من اليوم ولا يوم محدد في الأسبوع إنما مرد ذلك للعرف ومقدرة الزوجة البدنية والمالية , فقد يطلب منها الزوج أن تنتظر ساعة أو يوم لأمر فيه مصلحة أو حتى يستطيع أن يذهب معها الخ
رابعا:
واضح جدا من سياق القصة التي جاءت فيها هذه الجملة - وهي قصة حادثة الإفك - أن السيدة عائشة إنما أكانت تستأذن أن تمكث عند أبويها فترة من الزمن وليس لمجرد الزيارة
وهذا ما قد حدث بالفعل فقد مكثت شهرا في بيت أبويها حتى جاءها رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل عليه الوحي وبرئها الله تعالى مما أٌتُهمت به رضي الله عنها
وقد جاء في رواية أخرى أوردها الحافظ ابن حجر في الفتح في شرح الحديث قال:
قوله : ( فقلت : أتأذن لي أن آتي أبوي ) في رواية هشام بن عروة المعلقة " فقلت: أرسلني إلى بيت أبي ، فأرسل معي الغلام " وسيأتي نحوه موصولا في الاعتصام . ولم أقف على اسم هذا الغلام . انتهى
ومعروف عند العرب أن المرأة إذا قالت "أرسلني لأهلي" إنما تريد أن تترك البيت وتعيش في بيت أهلها أجل طويل
والخلاصة:
الزوجة لها حقوق وعليها واجبات
لها النفقة و الكسوة والمأوى وأن يكون الإنفاق بما يتناسب مع مثلها ومستواها ومقددرة الزوج . ولها المعاملة الحسنة لقوله تعالى "وعاشروهن بالمعروف"
وعليها ألا يُدخلن رجلا غريبا للبيت بدون إذن الزوج وأن تحفظه في عرضه وماله فإن أنفقت أو تصدقت فليكن بالمعروف وأن تجيبه إذا دعاها للفراش - إلا من عذر.
وأن تقر في بيتها وأن تستأذن في الخروج إلا في الضروريات والحاجة الملحة وقضاء الواجبات الشرعية كالخروج للمسجد إن أرادت أن تصلي فيه و الخروج لصلة الوالدين والأهل والإدلاء بالشهادة الخ فهذه أمور لا تحتاج لإذن
أما في غير ذلك من الخروج فينبغي عليها إخبار الزوج واستئذانه
و أما الواجبات الشرعية خارج العلاقة الزوجية من صلاة مكتوبة وزكاة وصوم رمضان وحج البيت و بر الوالدين وصلة الرحم والصدق والأمانة فكلاهما مكلف بها من الله تعالى ولا تحتاج لإذن أحدهما للآخر
فلا يجوز له أن يمنعها الصلاة المفروضة ولا الزكاة ولا صلة الرحم وخصوصا صلة الوالدين ولا يجوز لها أن تطيعه إن منعها
فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..