الخميس، 19 مارس 2015

دور الاستثمار الأجنبي المباشر في تحقيق التنمية الاقتصادية

    تتأكد أهمية مشروعات الاستثمار الأجنبي في تحقيق التنمية الاقتصادية كونها تتوقف على عنصرين أساسيين أحدهما نوعية المشروعات الاستثمارية الأجنبية المستهدفة غير التقليدية، والآخر
درجة تأثير تلك المشروعات على دعم المستثمرين المحليين بما ينعكس ايجاباً على الاقتصاد الوطني، وبما أن انتقال المال والمعرفة يُعد أهم المعالم الرئيسة التي يتسم بها عصرنا الحاضر، والقناة الرئيسة التي يتجسد عبرها هذا الانتقال هي ما اصطلح على تسميته بالاستثمار الأجنبي الذي يؤدي دوراً كبيراً في التنمية الاقتصادية إذا ما أُحسن استضافته، لما له من آثار إيجابية لزيادة حجم الصادرات الوطنية وتقليل الواردات، وإيجاد التنوع الاقتصادي، وإيجاد فرص وظيفية جديدة لمواطني الدولة ورفع مستوى الأجور ويحد من البطالة، ويفتح أسواقا جديدة لتبادل السلع والمنتجات الوطنية مع مختلف الدول.
ويوجد لدى المملكة كغيرها من الدول، الاهتمام بكل ما يحقق التنمية في مختلف جوانبها لتلبية احتياجات أفراد المجتمع، والبحث عن مصادر خارجية لتمويل خططها التنموية من خلال تشجيع حركة الأموال الأجنبية وتهيئة البيئة الجاذبة لها باعتبارها وسيلة فعالة في تمويل مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي أصبحت هدفاً رئيساً تسير نحو تحقيقه من أجل زيادة دخلها الوطني والارتقاء بمستوى المعيشة لمواطنيها، خاصة أن لديها النفط كمصدر للطاقة العالمية، والموقع الجغرافي الاستراتيجي، وتتميز بعلاقات سياسية متنوعة، وشراكات اقتصادية مع كافة دول العالم، كما تتمتع بموارد طبيعية، ونمو ملموس في الموارد البشرية ذات التأهيل العلمي والخبرة العملية، وتميز الاقتصاد السعودي باستجابته المتسارعة للمتغيرات الاقتصادية المختلفة على المستوى العالمي والاقليمي والمحلي، وتُعد المملكة من أسرع دول العالم نمواً، ولديها (25%) من احتياطي النفط في العالم، وأحد أكبر (20) اقتصاداً في العالم، وأكبر اقتصاد في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، وحققت نمواً اقتصادياً ملموساً في السنوات الأخيرة حيث أشاد تقرير صندوق النقد الدولي بالسياسة المالية للمملكة، وهذا ما أكده خبراء الصندوق في تقريرهم الصادر عام (2013م)، وهذا يؤكد أن الآفاق المستقبلية للاقتصاد السعودي تتسم بالقوة ولا تظهر عليه أي آثار مباشرة جراء الأزمات الحالية العالمية، وتقلب أسعار النفط والأوضاع المتأزمة في منطقة الشرق الأوسط، وهذا نتاج تمتع المملكة باستقرار سياسي واقتصادي عزز من ثقة المستثمر الأجنبي في جاذبية البيئة السعودية للمشروعات الاستثمارية الأجنبية، يدرك من خلال الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية وتوفير الخدمات الذي أسهم في توسع حجم انتاج السوق السعودي من المنتجات والسلع الوطنية، ليس هذا فحسب، بل وإعادة تصدير تلك السلع والمنتجات إلى الأسواق الخارجية وتنوع الشراكات الاستراتيجية مع مختلف الاقتصادات المختلفة في كافة القارات الدولية.
لهذا عكفت أجهزتها الإدارية المختصة على تنظيم الجوانب المتعلقة بجذب المال الأجنبي لمساسه المباشر بتحقيق التنمية الاقتصادية من خلال رسم سياسات عامة تهيئ البنية التحتية التي تجذب وتشجع المستثمر الاجنبي على الاستثمار، وبالرغم من أهمية وجود بيئة الاستثمار الجاذبة بما فيها البنية التحتية التي تسهم في تأسيس المشروعات الوطنية أو الأجنبية، إلا أن الأهم من ذلك، توفر البيئة التشريعية والعدلية التي أسهمت بطريقة مباشرة في تحفيز المستثمر الأجنبي على القدوم بما لديه من أموال وخبرات متميزة في مختلف الأنشطة الاقتصادية للاستثمار في سبيل تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية بحيث تكون هذه البيئة التشريعية والعدلية بمثابة صمام أمان فيما يتعلق بحفظ حقوق الطرفين سواء أكانت الدولة أم المستثمر الأجنبي، وتوفر له الضمانات القانونية والحماية اللازمة التي ينشدها وتكفل له الطمأنينة ضد المخاطر غير التجارية، لذلك توجهت المملكة الى التوسع في نطاق منح الضمانات والمزايا التشجيعية للاستثمار الأجنبي من خلال ابرام العديد من الاتفاقيات الدولية الثنائية والجماعية لتشجيع الاستثمار الاجنبي ومنع الازدواج الضريبي، وتعدد خيارات تسوية منازعات الاستثمار على النطاق الوطني أو الدولي بهدف استقطاب وجلب أكبر قدر منه إليها.
أدت هذه العوامل وخاصة مع توفر مقومات مناخ الاستثمار الذي أسهم بشكل ايجابي في جذب مختلف المشروعات الاستثمارية التي يحتاجها الاقتصاد السعودي، الى تحقيق خطوات تنموية ملموسة تبلورت في ارتفاع تنامي الايرادات المالية من المنتجات النفطية وغير النفطية، وتقليص هيمنة المنتجات النفطية كمصدر للدخل، انعكس ايجاباً على زيادة التوسع في البنية التحتية وإقامة المشاريع الحيوية اللازمة لتنمية المجتمع في مختلف جوانبها، وعزز من المكانة الاقتصادية للمملكة وقدرتها التنافسية لجذب المشروعات الاستثمارية وتشجيع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في كافة الأنشطة الاقتصادية المتاحة وفق الأنظمة المعمول بها.

الخميس 28 جمادى الأولى 1436 هـ - 19 مارس 2015م - العدد 17069 , صفحة رقم ( 56 )
د. ماجد بن عبدالله الهديان *
*متخصص في قانون وعقود الاستثمار



-------------------
التعليق :

بارك الله فيك ووفقك
الإستثمار عندنا  سار بمفهوم خاطىء  منذ بداياته
كان الأولى  جلب التقنية و البحوث   واستغلال ما نتميز به من موارد  وتدريب الكوادر الوطنية
ما حدث هو أن الجهات القائمة  " كانت تتثائب وتستنسخ من دول فقيرة ماديا" وتطلب جلب رأس المال !
بينما الوضع عندنا مختلف   فالأموال تملأ البنوك  ولدينا صندوق تنمية صناعية !  فلماذا نستهدف جلب أموال ؟!
هنا كان الخطأ
وعندما قامت الهيئة العامة ...  ظهرت تجارة التأشيرات !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..