السبت، 25 أبريل 2015

بالفيديو .. فضيحة

       ربما تكون هذه العبارة من أكثر العبارات تداولاً في وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً.. ونحن من طبعنا الفضول والتفاعل مع ما نشاهده من مقاطع صُورت بشكل عفوي .. ثم تبدأ حملات التعقيب
والاختلاف و المطالبات بالعقاب أو الثواب .. وينتقل المشهد معنا الى المجالس التي تبدأ بعبارة :
( شفتوا المقطع ... ) ثم تجد الجميع وقد شاهده والأمنية الاكبر إذا كان في المجلس من لم يشاهد المقطع .. يبادر أحدهم ويقترب منه ويريه المقطع .. والبقية يحدِّقون في وجهه ليلتقطوا ردة الفعل .. هذا الاهتمام والتشويق يدفع الشخص الى إحداث ردة فعل حتى لو كان المشهد لا يستحق كل هذا ..

دعونا نصنع أحد هذه المشاهد والتي لا تتجاوز الثواني وأحيانا تمتد الى دقيقة أو دقيقتين..

المشهد : - خيال-

شاب يسير مع والدته المسنة والتي أنهكها مرض السكري وابنها يحاول جاهداً أن تكون أمه في وضع جيد وسط زحام الناس .. فتاة طائشة وغير مسؤولة تجلس مع صديقات لها في ركن أحد المحلات يشاهدن المنظر .. ويضحكن من حرص الشاب على أمه المسنة .. تتحدى الفتاة صديقاتها أن تسقط الأم أرضا .. وبالفعل تتجه للأم وتدوس على عباءتها ثم تسقط الأم و هي بلا عباءة وقد تأذت كثيراً .. الشاب يدفع الفتاة يحاول ابعادها .. هي تشتمه لأنه لمسها و يتنبه لضحكاتها وتفاعل صديقاتها يقوم بصفعها وسط ذهول الناس ..


هذا مشهد أو موقف عابر ربما يحدث في مكان ما .. لو أن الكاميرا التقطت المشهد كاملا .. سيتفاعل المشاهد مع الشاب و سيكون في صفه ضد الفتاة، ولو صور المقطع في أول دقيقة سيكون عنوانه : شاب يهتم بوالدته .. ولو التقطت الكاميرا المشهد من المنتصف حتى قبل ردّة فعل الشاب سيكون عنوانه : فتاة تسقط إمرأة مسنة وسط ذهول وسلبية ابنها ... ولو التقطت الكاميرا اللحظات الاخيرة فقط سيكون العنوان : شاب متهور يضرب فتاة ويسقط أمها في السوق !

ما أود توضيحه هنا .. أن الثواني التي نتداولها في هواتفنا وعلى صفحات الفيس بوك وتويتر إنما هي جزء من مشهد أكبر يستحيل أن تعطينا الصورة الكاملة والحدث بكل تفاصيله .. ونحن وبكل بساطة نتحمّل مسؤولية نشر كذبة وافتراء وصورة غير كاملة لموقف لم نعايشه ولا نعرف أبعاده ونراه من زاوية ربما تعطينا شكلا آخر مخالف للواقع وربما نكون سببا في قلب الحقائق وتجريم أناس أبرياء ..
واحيانا كثيرة نشارك في فضح مسلم ستره الله .. ونرسل المقاطع وكأن فضح الناس واجب شرعي

قبل ظهور الجوال و هذه الثورة التواصلية .. حدثت قصة ربما يعرفها البعض .. وكانت محيرة فعلا .. أحداثها عند إشارة مرور .. سيارة واقفة والاشارة خضراء خلف السيارة توقفت سيارة ثم نزل صاحبها وهو منفعل من عدم تحرك السيارة التي في الامام ويتفاجئ بوجود رجل فاقد للوعي وقام بفتح الباب وسحب الرجل خارج سيارته ثم بدأ في عمل تنفس صناعي وحاول إنقاذ الرجل ولكن لم يستطع فالرجل قد مات ..
وحينما تجمع الناس قالوا: ماذا حصل؟ فصاح أحد من رأى الحادثة وقال: أنا رأيت كل شيء وقد كنت خلفهم في سيارتي .. - إلى الآن الأمور جيدة ولكن الجزء الأخير أعجوبة -
أحد المتجمهرين : ماذا رأيت؟ أخبرنا
قال : الإشارة أصبحت خضراء ثم تأخر الرجل في التحرك فنزل قائد السيارة التي في الخلف غاضبا فسحبه ثم رماه أرضا و خنقه حتى الموت ..
نعم هذا مارآه من زاويته التي غيرت كل الحقيقة على الرغم من مشاهدته للحدث بعينه وليس بعدسة كاميرا زواياها محدودة جدا .. تتمة القصة كانت في صالح الرجل بعد تدخل الطب الشرعي ولكن لم يسلم من ملاحقة أبناء المتوفي في كل مكان وتهديده بالقتل لفترة طويلة.

ختاماً ..
حتى لا نساهم في ظلم أو فضح شخص ما .. علينا بتحرّي الدقة وعدم تداول مثل هذا والانجراف خلف عناوين كاذبة ومضللة .. لا أقصد حادثة بعينها بل يجب التعامل مع هذه الظاهرة بشيء من التروي و الذكاء.


منصور محمد الحارثي
2015-04-21 18:17:01
منصور الحارثي

مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..