الاثنين، 13 أبريل 2015

سنّة إيران.. قوة ناعمة لم تفعّل

"الفرس لا يفهمون إلا لغة الحديد والنار، ويسحقون الضعيف ويحتقرونه، واقرؤوا تأريخكم معهم وستدركون هذا". المعارض الايراني عبدالرحيم ملا زاده البلوشي.
بكل صدق؛ لم أك أتصور أبدا أن يكون صدى وأثر "عاصفة الحزم" بهذه القوة وبهذا الانتشار، لدرجة
أنها سربلت مجتمعات لم نكن نتصور أنها تصلها، وأن الفرح يغمرها من أقصاها لأقصاها، وتفخر بنا هذا الفخر الذي لخصه هذا المعارض الإيراني بقوله: "إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بموقفه الشجاع؛ أعاد الروح إلى أهل السنة في إيران، وذكّر الأمة كلها بمواقف صلاح الدين الأيوبي، وإن على المسلمين أن يفخروا بهذا الملك".
البعض القليل من أحبتنا المثقفين، لا يزال متحفظا على "العاصفة" ولم يكتب أي حرف عنها، والتقيت نفرا منهم خلال هذا الأسبوع ، ودخلنا في جلسات حوار طويلة، وكنت أردد عليهم، بأنه ابتداء مهما كان رأينا في هذه الحرب العادلة التي دخلتها قيادتنا لاعادة الشرعية هناك في أرض اليمن، فإنه بمجرد الاعلان من لدن خادم الحرمين الشريفين عن "عاصفة الحزم"؛ فكل اجتهاد غيره يسحب، وكل رأي مخالف ينبغي ألا يجهر به، ويمكن ارساله للقيادة بطريقة خاصة، كي لا يتشوش العوام، ويستغله أعداء الوطن.
كنت أردد على هؤلاء النفر، بأن الدوافع التي جعلت من قيادتنا تتخذ هذا الاجراء ربما لا ندرك جلّها، والمعلومات بمجملها تنقصنا، وإن تحصّلنا على بعض منها؛ فهي ناقصة ومن زاوية واحدة، وأنا مؤمن وواثق بأن بلادنا دوما بلاد سلام، وتقدم الحوار على أي خيار، وأنها لم تلجأ لهذا الخيار الصعب، إلا بعد استنفاذ كل الوسائل التي فهمها الصفوي في "قم"، وذنبه في "صعدة"؛ أنها ضعف وخور وجبن، وأثق مطلقا بصوابية القرار، لأن الحوثي كان سرطانا يتمدد، ولو اجتثثناه في البدايات، لما وصلنا لهذا الحال معه، ولو سكتنا اليوم عنه، لتفشى في الجسد اليمني كله، ولكانت أكلاف استئصاله في الغد أكثر فداحة مما يكلفنا الآن.
جميع الاحتمالات مطروحة أمام قيادتنا، وهي بالتأكيد درستها قبل دخول الحرب، إن سيطول تطهير اليمن من هذا السرطان الحوثي أم يقصر؟، وإن سيخذلنا البعض أو يبتزنا بالمال؟، وهل سندخل الحرب البرية ومتى؟. خبراء عسكريون واستراتيجيون من أبناء وطني أمضوا نصف أعمارهم في التحليل والدراسة، وتتوافر أمامهم اليوم كل المعلومات الاستخباراتية، وهم الذين يقررون اليوم ويديرون بكفاءة هذه الحرب، لا مثقف في تويتر، أو كاتب في صحيفة، أو خطيب في مسجد، أونخب على أرآئكهم الوثيرة، أو عوام على جلسة "بلوت". ليس لنا إلا الدعم بالدعاء والكلمة.
الصديق عبدالرحيم شاه زاده، معارض إيراني منذ أكثر من عشرين عاما، وملمّ بأدق التفاصيل في المجتمع الإيراني، وهو يقول بأنه آن الأوان لتفعيل القوة الناعمة لكم، والمتمثل في سنّة إيران، ودعمهم بالمال والسلاح، فالمقاومة المسلحة هناك موجودة من سنين، إن في بلوشستان أم الأحواز، والسنّة يمثلون اليوم ثلث إيران، وهم محيطون بالملالي من أطراف البلاد، فالبلوش في الخاصرة الجنوبية الشرقية على حدود باكستان، والعرب الأحواز في الخاصرة الجنوبية الغربية، وهناك الأكراد في الشمال، وكذلك التركمان، وكل هذه القوميات سنّة لا شيعة بما يتصوره الكثير منكم.
كنت أسأل الصديق البلوشي هذا عن استعداد قومه، إن لوّحت دول التحالف بنقل المعركة إلى داخل إيران، وقتما تدعو الضرورة ولم يرعو ساستها لدعوات الحوار، ويوقفوا هذا التدخل السافر في شؤون البلاد العربية، فأجاب من فوره بأنهم مستعدون بمئات الالاف، لأنهم عانوا الضيم والاهمال والذلّ من قبل الفرس، ووشائجهم أقرب إلينا كعرب، من أولئك الذين اضطهدوهم على عشرات السنين، وقال لي: "لو أشار لنا الملك سلمان بيده، للبّى البلوش له مباشرة بمئات الالاف، بل وكل سنّة إيران، فنحن ننظر للسعودية أنها قائدة العالم الاسلامي، وندين لها بالحب والولاء".
ألحّ عليّ الصديق عبدالرحيم زاده أن أنقل للقيادة السعودية قضية طلاب المنح الدراسية، فهو يقول بأن إيران اخترقت العالم الاسلامي والمجتمعات العربية والأفريقية بهؤلاء الطلاب، وقتما تركتها دول الخليج، وسرطان الحوثي الذي تعانون منه هو أحد نتاج هذا العمل الدؤوب الذي قاموا به، وخير وسيلة للرد عليهم، هو اعادة مشروع المنح الطلابية،
وإن صعب الأمر لحساسية سياسية أو ما شابه، فيمكن للسعودية، إقامة جامعات في باكستان وأفغانستان وتركيا، يستطيع سنّة إيران الذهاب لها والدراسة هناك، فطالب علم شرعي واحد يفتح الله على يديه، مالا تدركونه من الخير، وأخوف ما يخافه الملالي هناك هم هؤلاء الطلاب الذين يفككون كثيرا من أقاويلهم ويدحضون حجج مذهبهم، بل ويكونون خير سفراء لكم في المجتمع الايراني الهش.
ضاحي خلفان أعلن عن جمعية لنشر التسنن في إيران، ورصد لها مبلغ عشرة مليارات سنويا، وسواء أكان ذلك صحيحا أم هو نوع من الحرب النفسية، إلا أن الرجل وضع يده على نقطة الضعف التي تركع الصفوي، فاختراق المجتمع الإيراني من داخله سيكون اصابة مباشرة في قلب نظام الملالي، وهو يدخل ضمن الحرب المشروعة لكفّ يد التدخل الذي تمارسه إيران، وعلى خبرائنا الاستراتيجيين عقد ورش عمل من الآن، لتحويل فكرة "نشر التسنن" في إيران إلى واقع، متى ما ارتأته القيادة للتنفيذ.
يجب أن يفهم الملالي، أن من الممكن جداً نقل المعركة إلى داخل المجتمع الإيراني؛ كي ينشغل ساسته عن زرع الفتنة في بلادنا العربية، وأن السعودية ودول الخليج قادرة على فعل ذلك، وستدخل إيران أتون حرب داخلية لا تفيق منها لعشرات السنوات، ونحن وإن احترمنا حق الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية على طول تاريخنا؛
إلا أن تصرفات ساسة إيران الرعناء اليوم سترغمنا ودول الخليج على الرد بالمثل، وأن مثل ذلك التبجح الذي قام به الملالي بهتافاتهم المستفزة بأن "صنعاء" رابع عاصمة عربية تسقط في أيديهم جهاراً نهاراً أمام سمع العالم وبصره؛ قد ولى زمانه، فهاهنا رجل اسمه سلمان بن عبدالعزيز اليوم، أراهم بعض الرد، وعلمهم كيف هو الحزم وكيف هي المهابة.
إخوتنا السنّة في داخل إيران قوة ناعمة في أيدينا، ودعمهم واجب شرعي، وضرورة سياسية، وورقة ضغط تُركع الصفوي على قدميه.
مقالتي اليوم اختارت أن تحل ضيفة في صحيفة "سبق "..
تتحدث بصراحة عن ضرورة وأوان  اختراق الداخل الإيراني واستثمار القوة الناعمة المتمثلة في أهل السنة هناك. .بما يفعل الصفوي معنا. .
فهموا سياستنا بعدم التدخل جبن وخور. .
-----------------------------
        بقلم: عبدالعزيز قاسم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..