9 رجب 1436-2015-04-2801:53 PM
على ارتفاع 800 متر: "غار ثور" ..عندما تُهديك المخلفات للطريق
هادي العصيمي، أحمد الزهراني- سبق- مكة المكرمة:
هناك في بقعة تعزّ على كل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها، توارى فيها خاتم
الأنبياء عليه الصلاة والسلام، وصدّيق الأمة أبي بكر -رضي الله عنه- عندما
اشتدّ الطلب في أثرهما من قريش، وهناك نزل قرآن يتلى إلى قيام الساعة،
وهناك كانت عدسة "سبق"، حيث وصلت لارتفاع قارب 800 متر؛ حيث غار ثور،
منطلقة في رحلتها سيراً على الأقدام لمدة ساعتين، رصدت خلالها النفايات
ومخلفات المواشي حوله، وأخطاراً محدقة بالكبار والنساء، وتحكم للعمالة
الباكستانية المخالفة في تشغيل الجبل كاملاً، وتكنيس عتباته، وبيع
المشروبات والمنتجات بضعف أسعارها، وآثار إتلاف عشش على امتداده سرعان ما
عاد بعضها، فهناك لوحات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التوعوية غير
بارزة وملقاة على الأرض؛ حيث لا مواقف لقاصدي غار ثور تسببت في زحام
المركبات على المدخل الوحيد، وهناك مخلفات الحمير تهديك للطريق.
مواشٍ ومركبات
أوقفت "سبق" مركبتها عند آخر نقطة وصول، وتزوّدت بالمياه من أحد المحالّ في
أسفل الطريق المؤدي إلى قمة الغار، إذ تتواجد بأسفله مركبات الليموزين
وبعض الجاليات سوادها الأعظم من الجالية الباكستانية، إذ خصصت لها مصلى في
أسفل الغار وبعض الغرف وموقع قامت فيه بتربية بعض الماشية والدواجن.
مخلفات الحمير
وهناك يبدو الطريق طويلاً، وتكاد تفقد مسارك الصحيح وأنت في بعض منعطفاته
لا يدلك عليه إلا بعض مخلفات الحمير المستخدمة كوسيلة نقل للعمالة وحمل
متاعهم، ويخيل إليك أن المكان لا يتواجد فيه أحد؛ لارتفاع الجبل الشاهق
وقلة مرتاديه، إذ يتيه بعض الذاهبين إليه في الطريق عن مساره الصحيح، وتجد
ممرات أخرى قد زُيّنت وسُوّيت باجتهادات شخصية من بعض العمالة؛ حيث وضعوا
كراتين صغيرة عند بعض العتبات التي يقومون بإصلاحها، ووُجد بداخلها بعض
الريالات وبقربها معدات يدوية للحفر لتدل على أن ما يؤخذ من المال يُصرف
لصيانة الطريق.
مُحْرَقة وعشة
وشاهدت "سبق" بعض الأكياس المعبأة بالنفايات، وقد أحرقت بعضها في جنباته
واكتست أطرافه بالمئات والمئات من علب المياه والمشروبات الغازية، والتي
خلا الطريق من العشش التي تقوم ببيعها عدا واحدة في منتصف الجبل، ويوجد بها
مصلى صغير، بالإضافة لعشة أخرى تبعد عنها عدة أمتار يتم فيها تقديم بعض
الوجبات في حال شهد الموقع زحاماً وكثافةً في أوقات المواسم.
"الباكستانية" والعتبات
ورصدت "سبق" بعض الكتابات المنتشرة من أسفل الجبل، وتزداد كلما قربت من
الغار كما وجدت أعداداً قليلة من العشش في وسط الجبل، وتقوم العمالة
الباكستانية المخالفة بتشغيل الجبل كاملاً، وتكنيس عتباته، والعمل على
ترميمها؛ ذلك من خلال حمل أكياس الأسمنت والماء، ومن ثم إعادة تسوية
العتبات، كما يقومون بتأمين المياه والمشروبات والثلج للمحالّ الواقعة في
أعلى الجبل في مدة صعود تستغرق قرابة الساعتين إلى محالّ البيع في الأعلى
التي تبيع بضعف أسعارها في الأسفل.
أعياهم التعب
ويتوافد على الجبل أعداد قليلة من شتى الدول، يأتون فرادى وأحياناً من
ثلاثة إلى خمسة أشخاص؛ حيث يكاد يخلو من المارة في بعض ممراته إذ تسمع أو
تشاهد كبار السن وقد أعياهم التعب، ورموا بأجسادهم لأقرب مكان يلتقطون فيه
أنفاسهم بسبب طول المسافة وصعوبة الصعود، معتقدين أنه من الواجب عليهم
الوصول إلى ذلك الموقع، وحب الفضول.
البدع والشركيات
ولاحظت "سبق" قلة البدع والشركيات بداخل الغار، واعتقادات خاطئة مقارنة
بغار حراء من الصلاة والتمسح بجنباته، وكتابة بعض آيات القرآن الكريم،
وعبارات بلغات عدة غير مفهومة، كما أن جنبات الغار قد دُهنت بالمسك
والروائح العطرة التي تفوح من داخله، وهناك من يقوم بتنظيم الدخول والخروج
منه.
من التعبد للألم
وأكد بعض الزوار الذين قامت "سبق" برصد انطباعاتهم حول تواجدهم داخل الغار،
أنهم لا يأتون لهذا الموقع للتعبد، ولكن ليشعر بحجم التعب والألم الذي لحق
بسيد الخلق عليه الصلاة والسلام وصاحبه، وكيف اختبأ في هذا التجويف الصخري
بوحي من الله جلّ في علاه، بينما اعتبره آخر رياضة يعشقها ويستمتع بها؛
لكونه يسكن في مناطق جبلية ويرغب في استكشاف المكان.
نفايات وخطر
وناشدت إحدى الأسر الخليجية، تحديداً من دولة الإمارات الشقيقة، الجهات
المعنية، الاهتمام بهذا الموقع والحفاظ عليه بدلاً من انتشار النفايات
ومخلفات المواشي في الطريق حوله التي تزكم الأنوف، مطالبين بعدم دفع أي
مبالغ للعمالة الموجودة في أعلاه؛ لكونهم من يتسببون في انتشارها بهذا
الشكل، مناشدين مجدداً الجهات المعنية منع صعود كبار السن والنساء وبالذات
في آخر النهار، مشيرين إلى أن صعودهم يعرضهم للفقد وتعرض النساء للخطر، لا
سيما وأن من يتواجدون في أعلاه يُعتبرون عمالة مخالفة وقد يشكّلون خطراً
عليهم.
جهات وعشش وحذر
ولاحظت "سبق" قلة عدد الزائرين مقارناً بغار حراء؛ نظراً لوعورته وارتفاعه
الشاهق، فعندما يقوم أحد من المواطنين بزيارة الجبل فإنه يشوب العاملين فيه
نوع من الحذر، وكأنهم يعلمون أن الأشخاص يتبعون لإحدى الجهات الحكومية أو
الخدماتية، كما أن الجبل بأكمله مراقَب ومكشوف من قِبل العمالة المخالفة،
ووضعت لها أسرّة في أطرافه للنوم والمراقبة، إذ شهد الموقع آثار إزالة
واضحة وإتلاف كامل لجميع العشش الموجودة سابقاً وعلى امتداده، والتي سرعان
ما عاد بعضها لموقعه.
"إرشاد" ساقط
وفي نهاية الجولة، لاحظت "سبق" عدداً من اللوحات الإرشادية، مستندة على
الأرض والتابعة لمركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمخصصة
لتوعية الزوار من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الزوار أثناء الزيارة داخل
غار ثور؛ حيث وضعت في موقع غير بارز، بالرغم من شمولها عدداً من اللغات
إلا أنها مهملة، ولا تؤدي الغرض من أجله، وملقاة على الأرض ولا يستفاد من
تحذيراتها على وضعها الحالي، كما لا يوجد مواقف مخصصة لقاصدي غار ثور، مما
سبب تزاحم المركبات على المدخل الوحيد.
على ارتفاع 800م
يُذكر أن غار ثور يقع في جبل ثور في مكة المكرمة غربي السعودية، ويقع على
بُعد نحو أربعة كيلومترات في الجهة الجنوبية من المسجد الحرام، ويبلغ
ارتفاعه نحو 748م من سطح البحر، وهو عبارة عن صخرة مجوفة ارتفاعها 1.25م،
وله فتحتان فتحة في جهة الغرب، وهي التي دخل منها النبي وأبو بكر، وفتحة
أخرى من جهة الشرق، وهو الغار الذي أوى إليه النبي محمد -صلى الله عليه
وسلم- وأبو بكر الصديق، وهما في طريقهما إلى المدينة المنورة في رحلة
الهجرة النبوية، وفيه دخلا حتى هدأ طلب قريش لهما تابعا طريقهما.
الله ثالثهما
وكانت "قريش"، أثناء وجودهما في الغار، تبحث عنهما، حتى وقفت على فم الغار،
إلا أن الله ردّها بفضله وقدرته؛ حيث قال أبو بكر -رضى الله عنه- للنبى:
"لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه"، فقال رسول الله: "يا أبا
بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما".
حبال وطيران
وأوضح الناطق الإعلامي بإدارة الدفاع المدني بالعاصمة المقدسة، النقيب نايف
الشريف، أن دور الدفاع المدني يتمثل في إنزال المحتجز من مكان احتجازه عن
طريق رجال الإنقاذ في الدفاع المدني؛ ذلك بواسطة الحبال أو عن طريق استخدام
طيران الأمن حال وجوده بمكان يصعب الوصول إليه، ومن ثم تسليمه للمؤسسة
التابع لها لمتابعة حالته الصحية.
فرق إنقاذ
وأضاف: "فرق الإنقاذ أنقذت نحو حالتين خلال الستة أشهر الماضية، ولدينا
الكثير من المعوقات، تتمثل في صعوبة الوصول للمحتجز في بعض الأماكن من
الجبل لوعورة الطريق، ولدينا لجنة مشكّلة من أمانة العاصمة المقدسة والهيئة
العليا لتطوير منطقة مكة المكرمة، وكذلك الشؤون الصحية وهيئة كبار
العلماء؛ للوصول إلى نتائج ملموسة، تسهل على الحاج والمعتمر زيارة غار حراء
وجبل ثور".
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..