الخميس، 21 مايو 2015

ثمن المعرفة

١/  زميلي في العمل يضع عطراً رائعاً رفض إخباري باسمه. وعبثا حاولت و"ترجيت" ولكن بدون فائدة.
وذات يوم طلب مني خدمة تتجاوز حدود صلاحياته فابتسمت بخبث وقلت:
إن أخبرتني باسم العطر أخبرتك بما تريد وبالفعل أخبرني فأخبرته !!
٢/  كما يحكى أن إحدى المؤسسات استدعت فنياً لإصلاح جهاز التكييف المركزي. وبعد الفحص أدرك الفني وجود انسداد في أحد أنابيب الفريون فأخذ مطرقة وضرب الأنبوب في مكان معين فعاد الجهاز إلى العمل. وحين سأله المدير عن أجرة الإصلاح قال :
ثلاثمائة وعشرون ريالاً.
فقال المدير: كل هذا المبلغ من اجل ضربة واحدة بالمطرقة.
قال الفني: لا
عشرون ريالاً من أجل الضرب بالمطرقة، وثلاثمائة ريال لأنني أعرف أين أضربها!!
- الآن تمعن معي في هاتين القصتين:
في الحالة الأولى كنت (أنا) أملك المال لشراء العطر ولكن زميلي يملك معلومة لا أعرفها وبالتالي تصرف من موقف قوة. وحين احتاج (هو) الى معلومة أعرفها اصبحت (أنا) في موقف القوي - وبدون الحاجة لإنفاق أي مبلغ.
والحالة الثانية لا تبتعد كثيراً عن هذا الإطار فالجميع يعرف كيف يضرب بالمطرقة ولكن (معرفة) الفني جعلته في موقف القوة وتحديد السعر!!
وهاتان القصتان على بساطتهما تفسران كيف أن المعرفة قوة وأن لها تأثيراً أقوى من المال والسلاح.
والدول التي (تعرف) تتفوق بسهولة على الدول التي (لا تعرف) مهما حباها الله من ثروة ومال فحين (تعرف) تقلب الموقف لصالحك وتحدد السعر الذي تريد، وحين لا تعرف ستخدع بسهولة ويؤخذ مالك ثمناً لجهلك!
وحين نفكر في الفرق بين الدول العربية والنمور الآسيوية نرى الفرق بين أمم استوردت المعرفة وأخرى استوعبتها. فنحن حين نحتاج الى جهاز ما نعمد ببساطة الى استيراده،
ولكن حين تحتاج كوريا وتايوان الى نفس الجهاز يسعون لفهمه وانتاج مثله!!
ورغم أن دولاً مثل اليابان وكوريا وتايوان تعاني من شح ثرواتها الطبيعية الا انها امتلكت ثروة معرفية حولت التراب الى ذهب والخردة الى اجهزة الكترونية..
ولعل بعضكم اطلع على المثل الذي ضربته (في الطبعة الدولية) عن كمية الحديد الخام التي يساوي سعرها في الأسواق 200ريال..
فكمية الحديد هذه إذا عرفت كيف تحولها الى حذوات فرس سيرتفع سعرها الى 2000ريال.
وإذا حولتها الى ابر خياطة سيرتفع سعرها الى 20000ريال.
وإذا حولت نفس الكمية الى زنبركات دقيقة سيرتفع سعرها الى 200000ريال.
واذا استعملت هذه الزنبركات في ساعات ذات شهرة عالمية ستكسب مليوني ريال!
ولاحظ هنا أن كمية الحديد لم تتغير في كل الحالات؛ ولكن المعرفة هي التي رفعت سعرها من مائتين الى مليوني ريال..
وما أتصوره ان جميع الأمم تبدأ بنفس الكمية من "الحديد" ولكن الفرق تحديد المعرفة وما ستفعله لاحقا بهذه الكمية..
فالأمم التي (تعرف) تصدر معرفتها بثمن مرتفع وتتراكم لديها الثروة عاما بعد عام. والأمم التي (لا تعرف) تضطر للاستيراد وتستنزف ثروتها عاما بعد عام!!
يقال إن النفط هو الذي حول أمريكا إلى قوة عظمى في القرن العشرين، وليس لدي ادنى شك ان المعلومات هو ما سيجعلها تحافظ على هذا المركز في القرن الواحد والعشرين..
قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون!؟
  /  فهد عامر الاحمدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..