عن
حكيم بن حزام - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
((البيِّعانِ بالخيار ما لم يتفرَّقا، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في
بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما))؛ متفق عليه.
((ﺍﻟﺒﻴﻌﺎﻥ)): ﺍﻟﺒﺎﺋﻊ ﻭﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻱ، ﻭﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﺒﻴﻊ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺘﻐﻠﻴﺐ؛ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﺍﻟﻘﻤﺮﺍﻥ ﻟﻠﺸﻤﺲ
ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ، ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻥ لأﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ.
ﻭﻗﻮﻟﻪ: ((ﺑﺎﻟﺨﻴﺎﺭ))؛ ﺃﻱ: ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻳﺨﺘﺎﺭ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ.
((ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻔﺮﻗﺎ))؛ ﺃﻱ ﻣﺎ ﺩﺍﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﻟﻢ ﻳﺘﻔﺮﻗﺎ ﻓﺈﻧﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﺨﻴﺎﺭ.
ﻭﻣﺜﺎﻟﻪ:
ﺭﺟﻞ ﺑﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺁﺧﺮ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﺑﻌﺸﺮﺓ ﺁلاﻑ، ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻔﺮﻗﺎ
ﻓﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﺨﻴﺎﺭ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﺒﺎﺋﻊ ﻓﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﻊ، ﻭﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻱ ﻓﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﻊ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ
ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ - ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ - ﻭﺗﻮﺳﻴﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ؛ لأﻥ الإﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ
ﺍﻟﺴﻠﻌﺔ ﻋﻨﺪ ﻏﻴﺮﻩ ﺻﺎﺭﺕ ﻏﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺤﺐ ﺃﻥ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﻭﺳﻴﻠﺔ، ﻓﺈﺫﺍ
ﺣﺼﻠﺖ ﻟﻪ ﻓﺮﺑﻤﺎ ﺗﺰﻭﻝ رغبته عنها؛ لأﻧﻪ ﺃﺩﺭﻛﻬﺎ، ﻓﺠﻌﻞ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻟﻪ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ لأﺟﻞ
ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻭﻯ ﻭﻳﺘﺰﻭﺩ ﺑﺎﻟﺘﺄﻧﻲ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ، ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻟﺮﺟﻼﻥ ﻟﻢ ﻳﺘﻔﺮﻗﺎ ﻓﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﺨﻴﺎﺭ،
ﻭﺇﻥ ﻃﺎﻝ ﺍﻟﻮﻗﺖ؛ ﻟﻌﻤﻮﻡ ﻗﻮﻟﻪ: ((ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻔﺮﻗﺎ)).
ﻭﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﺃﻭ ﻳﺨﻴﺮ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ
الآﺧﺮ؛ أﻱ: ﺃﻭ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻟﻶﺧﺮ: ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﻟﻚ ﻭﺣﺪﻙ؛ ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﻟﻪ ﻭﺣﺪﻩ،
ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ لا ﺧﻴﺎﺭ ﻟﻪ، ﺃﻭ ﻳﻘﻮلا ﺟﻤﻴﻌًﺎ: لا ﺧﻴﺎﺭ ﺑﻴﻨﻨﺎ؛ ﻓﺎﻟﺼﻮﺭ أﺭﺑﻊ:
١ - ﺇﻣﺎ ﺃﻥ يكون ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﻟﻬﻤﺎ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﻴﻊ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺷﺮﻁ.
٢ - ﻭﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﺘﺒﺎﻳﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﺃلا ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ، ﻭﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻟﺒﻴﻊ ﻟﻤﺠﺮﺩ ﺍﻟﻌﻘﺪ ولا ﺧﻴﺎﺭ لأﺣﺪ.
٣ - ﻭﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﺘﺒﺎﻳﻌﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﻟﻠﺒﺎﺋﻊ ﻭﺣﺪﻩ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻱ، ﻭﻫﻨﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﻟﻠﺒﺎﺋﻊ، ﻭﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻱ لا ﺧﻴﺎﺭ ﻟﻪ.
٤ -
ﻭﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﺘﺒﺎﻳﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﻟﻠﻤﺸﺘﺮﻱ، ﻭﺍﻟﺒﺎﺋﻊ لا ﺧﻴﺎﺭ ﻟﻪ، ﻭﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﻜﻮﻥ
ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﻟﻠﻤﺸﺘﺮﻱ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﺒﺎﺋﻊ ﺧﻴﺎﺭ؛ ﻭﺫﻟﻚ لأﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﺣﻖ ﻟﻠﺒﺎﺋﻊ ﻭﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻱ،
ﻓﺈﺫﺍ رضيا ﺑﺈﺳﻘﺎﻃﻪ، ﺃﻭ رضي ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺩﻭﻥ الآﺧﺮ، ﻓﺎﻟﺤﻖ ﻟﻬﻤﺎ لا ﻳﻌﺪﻭﻫﻤﺎ، ﻭﻗﺪ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ -: ((ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻭﻃﻬﻢ، ﺇلا ﺷﺮﻃًﺎ ﺃﺣﻞ ﺣﺮﺍﻣًﺎ ﺃﻭ ﺣﺮﻡ ﺣﻼلاً)).
ﻭﻗﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ -: ((ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻔﺮﻗﺎ)) ﻟﻢ ﻳﺒﻴﻦ ﺍﻟﺘﻔﺮﻕ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺍﻟﺘﻔﺮﻕ ﺑﺎﻟﺒﺪﻥ، ﻓﺈﻥ ﺗﻔﺮﻗﺎ ﺑﻄﻞ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﻭﻟﺰﻡ ﺍﻟﺒﻴﻊ.
((ﻓﺈﻥ ﺻﺪﻗﺎ ﻭﺑﻴﻨﺎ ﺑﻮﺭﻙ ﻟﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺑﻴﻌﻬﻤﺎ))؛
ﺇﻥ ﺻﺪﻗﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺼﻔﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻌﺔ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﻏﻮﺑﺔ، ﻭﺑﻴﻨﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺼﻔﺎﻥ ﺑﻪ
ﺍﻟﺴﻠﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﻜﺮﻭﻫﺔ؛ ﻓﻤﺜﻼً ﻟﻮ ﺑﺎﻉ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ "ﻣﻮﺩﻳﻠﻬﺎ" ﻛﺬﺍ،
ﻭﻧﻈﻴﻔﺔ، ﻭﻳﻤﺪﺣﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ، ﻧﻘﻮﻝ: ﻫﺬﺍ ﻛﺬﺏ ﻓﻴﻤﺎ ﻗﺎﻝ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﺎﻋﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ
ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻋﻴﺐ، ﻭﻟﻢ ﻳﺨﺒﺮﻩ ﺑﺎﻟﻌﻴﺐ، ﻧﻘﻮﻝ: ﻫﺬﺍ ﻛﺘﻢ، ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻴﻦ، ﻭﺍﻟﺒﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺪﻕ
ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻥ؛ ﻓﺎﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺮﻏﻮﺑًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ،
ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻜﺮﻭﻫًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ؛ ﻓﻜﺘﻤﺎﻥ ﺍﻟﻌﻴﺐ ﻫﺬﺍ ﺿﺪ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ، ﻭﻭﺻﻔﻪ
ﺍﻟﺴﻠﻌﺔ ﺑﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺿﺪ ﺍﻟﺼﺪﻕ.
ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺁﺧﺮ:
ﺑﺎﻉ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﺎﺓ، ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻣﺮﺽ ﻏﻴﺮ ﺑﻴﻦ،
ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺘﻤﻪ، ﻧﻘﻮﻝ: ﻫﺬﺍ ﻟﻢ ﻳﺒﻴﻦ، ﻭﺇﺫﺍ ﻭﺻﻔﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ
ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ؛ ﻓﻬﺬﺍ ﻗﺪ ﻛﺬﺏ ﻭﻟﻢ ﻳﺼﺪﻕ؛ والله أعلم.
------
| ||
باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وبه قال ابن عمر وشريح والشعبي وطاوس وعطاء وابن أبي مليكة 2004 حدثني إسحاق أخبرنا حبان بن هلال حدثنا شعبة قال قتادة أخبرني عن صالح أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث قال سمعت حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما |
الحاشية رقم: 1 |
[ ص: 385 ] قوله : ( باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وبه قال ابن عمر ) أي : بخيار المجلس ، وهو بين من صنيعه الذي مضى قبل باب ، وأنه كان إذا اشترى شيئا يعجبه فارق صاحبه . وللترمذي من طريق ابن فضيل عن يحيى بن سعيد " وكان ابن عمر إذا ابتاع بيعا وهو قاعد قام ليجب له " ولابن أبي شيبة من طريق محمد بن إسحاق عن نافع " كان ابن عمر إذا باع انصرف ليجب له البيع " ولمسلم من طريق ابن جريج قال : أملى علي نافع فذكر الحديث وفيه : " قال نافع : وكان إذا بايع رجلا فأراد أن لا يقيله قام فمشى هنيهة ثم رجع إليه " وسيأتي صنيع ابن عمر ذلك من وجه آخر بعد بابين ، وروى سعيد بن منصور عن خالد بن عبد الله عن عبد العزيز بن حكيم : " رأيت ابن عمر اشترى من رجل بعيرا فأخرج ثمنه فوضعه بين يديه فخيره بين بعيره وبين الثمن " . قوله : ( وشريح والشعبي ) أي : قالا بخيار المجلس ، وهذا وصله سعيد بن منصور عن هشيم عن محمد بن علي : سمعت أبا الضحى يحدث أنه شهد شريحا واختصم إليه رجلان اشترى أحدهما من الآخر دارا بأربعة آلاف فأوجبها له ، ثم بدا له في بيعها قبل أن يفارق صاحبها فقال لي : لا حاجة لي فيها . فقال البائع : قد بعتك فأوجبت لك . فاختصما إلى شريح فقال : هو بالخيار ما لم يتفرقا . قال محمد : وشهدت الشعبي قضى بذلك . وروى ابن أبي شيبة عن وكيع عن شعبة عن الحكم عن شريح قال : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " وعن جرير عن مغيرة عن وكيع عن الشعبي أنه أتي في رجل اشترى من رجل برذونا فأراد أن يرده قبل أن يتفرقا فقضى الشعبي أنه قد وجب البيع ، فشهد عنده أبو الضحى أن شريحا أتي في مثل ذلك فرده على البائع ، فرجع الشعبي إلى قول شريح . قوله : ( وطاوس ) قال الشافعي في " الأم " : أخبرنا ابن عيينة عن عبد الله بن طاوس عن أبيه قال : [ ص: 386 ] " خير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا بعد البيع " قال : وكان أبي يحلف ما الخيار إلا بعد البيع . قوله : ( وعطاء وابن أبي مليكة ) وصلها ابن أبي شيبة عن جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة وعطاء قالا : البيعان بالخيار حتى يتفرقا عن رضا . ونقل ابن المنذر القول به أيضا عن سعيد بن المسيب والزهري وابن أبي ذئب من أهل المدينة ، وعن الحسن البصري والأوزاعي وابن جريج وغيرهم ، وبالغ ابن حزم فقال : لا نعلم لهم مخالفا من التابعين إلا النخعي وحده ورواية مكذوبة عن شريح ، والصحيح عنه القول به ، وأشار إلى ما رواه سعيد بن منصور عن أبي معاوية عن حجاج عن الحكم عن شريح قال : إذا تكلم الرجل بالبيع فقد وجب البيع ، وإسناده ضعيف لأجل حجاج وهو ابن أرطاة . قوله : ( حدثنا إسحاق ) قال أبو علي الجياني : لم أره منسوبا في شيء من الروايات ، ولعله إسحاق بن منصور ، فإن مسلما روى عن إسحاق بن منصور عن حبان بن هلال . قلت : قد رأيته منسوبا في رواية أبي علي بن شبويه عن الفربري في هذا الحديث إسحاق بن منصور ، ولم أره في مسند إسحاق بن راهويه من روايته عن حبان ، فقوى ما قال أبو علي - رحمه الله - ، ثم رأيت أبا نعيم استخرجه من طريق إسحاق بن راهويه عن حبان وقال : أخرجه البخاري عن إسحاق فالله أعلم . قوله : ( حبان بن هلال ) هو بفتح الحاء بعدها موحدة ثقيلة . قوله : ( حدثنا شعبة ) سيأتي بعد باب من هذا الوجه " عن همام " بدل شعبة ، وهو محمول على أنه كان عند حبان عن شيخين حدثاه به عن شيخ واحد . قوله : ( ما لم يتفرقا ) في رواية همام الماضية قبل باب " ما لم يفترقا " وفي رواية سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر ، وعن عطاء عن ابن عباس مرفوعا " ما لم يفارقه صاحبه فإن فارقه فلا خيار له " وقد اختلف القائلون بأن المراد أن يتفرقا بالأبدان هل للتفرق المذكور حد ينتهى إليه؟ والمشهور الراجح من مذهب العلماء في ذلك أنه موكول إلى العرف ، فكل ما عد في العرف تفرقا حكم به وما لا فلا ، والله أعلم . قوله : ( فإن صدقا وبينا ) أي : صدق البائع في إخبار المشتري مثلا وبين العيب إن كان في السلعة ، وصدق المشتري في قدر الثمن مثلا وبين العيب إن كان في الثمن ، ويحتمل أن يكون الصدق والبيان بمعنى واحد ، وذكر أحدهما تأكيد للآخر . قوله : ( محقت بركة بيعهما ) يحتمل أن يكون على ظاهره وأن شؤم التدليس والكذب وقع في ذلك العقد فمحق بركته ، وإن كان الصادق مأجورا والكاذب مأزورا . ويحتمل أن يكون ذلك مختصا بمن وقع منه التدليس ، والعيب دون الآخر ، ورجحه ابن أبي جمرة . وفي الحديث فضل الصدق والحث عليه وذم الكذب والحث على منعه ، وأنه سبب لذهاب البركة ، وأن عمل الآخرة يحصل خيري الدنيا والآخرة . |
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..