بعد أن بينا في المقالات السابقة
بصورة مختصرة: ما هي المذاهب الفلسفية اليونانية، واستعرضنا أهم الأفكار
التي جاء بها الفلاسفة، نكون بذلك قد أنهينا المرحلة الأولى من تلك
السلسلة.
وقد ذكر السيوطي قصة دخول الفلسفة اليونانية إلى المسلمين، فقال: ( إن يحيى بـن خالد البرمكي ـ وهو من الفرس الذين كانت لهم صولة ودولة في حكم العباسيين ـ هـو الذي جلب كتب الفلسفة اليونانية إلى أرض الإسلام من بلاد الروم، حيث أرسل البرمكي إلى ملك الروم يطلب منه هذه الكتب، وكان الملك يخاف على الروم أن ينظروا في كتب اليونان فيتركون دين النصرانية ويرجعون إلى الوثنية ديانة اليونانية، ومن ثـم تتفـرق كلمتهم وجمعهم، فجمع الكتب اليونانية ووضعها في بئر وأغلق عليها بالحجر والجـص.
فأرسلها للمسلمين الذين طلبوها، فبعث الكتب اليونانية إلى يحيى بن خالد البرمكي، فلما وصلت إليه جمع عليها كل زنديق وفيلسوف، وبدأ التعريب والنقل على يد البرمكي، وأكمل ذلك الخليفة العباسي المأمون، ويقال أن أول من بدأ بتعريب الكتب اليونانية هو خالد بن يزيد بن معاوية لما أولع بكتب الكيمياء).
وهؤلاء المترجمين كانوا في غالبيتهم على دين النصارى، ومنهم من هو علـى دين الصابئة، وليس فيهم مسلم واحد، مما ترتَّب عليه أنهم تركوا تعاطي الاحتكاك بالنص القرآني؛ فكانت الترجمة الحرفية، والنقص في إجادة العربية الفصحى، والضـعف فـي التكوين الفلسفي، وسيطرة المعتقد غير الإسلامي، مما أدي إلى وضع لغوي معقد جدًا، لا تفيد معه معرفة قواعد اللسان العربي ولا أساليب الكتابة العربية، كما أدى إلـى دخـول العقائد الكفرية إلى الفكر الإسلامي.
ولكن على الرغم من ذلك نجد من العلماء ـ ومنهم القدامى ـ قد قالوا بأهمية الفلسفة، بل ألفوا كتبًا في الرد على من أنكر أهميتها، مثلما فعل ابن رشد في كتاب: ( تهافت التهافت ).
([1]) وهو معروف بأبو زيد طبيب ومترجم، وترجم عن اليونانية إلي السريانية والعربية، اتصل بالخليفة المتوكل وخدمه بالطب، عين له المتوكل كُتَّابًا للترجمة، يترجمون ويراجع هو ترجماتهم، ذكر القفطي كتبه المؤلفة والمترجمة في كتاب: (أخبار العلماء بأخبار الحكماء
مفكرة الإسلام:
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
وما يجب أن يسترعي انتباهنا هو: كيف دخلت الفلسفة إلى
الفكر الإسلامي؟ كيف تحولت تلك الأفكار المعقدة من اللغة اللاتينية إلى
العربية؟ كيف تلقفتها العقول الإسلامية ومن الذي تلقفها؟
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ( إن أمتنا أهل الإسلام
ما زالوا يزنون بـالموازين العقلية، ولم يسمع سلفًا بذكر هذا المنطق
اليوناني، وإنما ظهر في الإسلام لمـا عُرِّبـَت الكتب الرومية في عهد دولة
المأمون أو قريبا منها )
وقد ذكر السيوطي قصة دخول الفلسفة اليونانية إلى المسلمين، فقال: ( إن يحيى بـن خالد البرمكي ـ وهو من الفرس الذين كانت لهم صولة ودولة في حكم العباسيين ـ هـو الذي جلب كتب الفلسفة اليونانية إلى أرض الإسلام من بلاد الروم، حيث أرسل البرمكي إلى ملك الروم يطلب منه هذه الكتب، وكان الملك يخاف على الروم أن ينظروا في كتب اليونان فيتركون دين النصرانية ويرجعون إلى الوثنية ديانة اليونانية، ومن ثـم تتفـرق كلمتهم وجمعهم، فجمع الكتب اليونانية ووضعها في بئر وأغلق عليها بالحجر والجـص.
فلما علم يحي بن خالد البرمكي بها أرسل لملك الروم في
طلبها، ولقد فرح ملك الـروم لهذا الطلب، فجمع بطارقته وقال لهم: ما دخلت
هذه العلوم على دولة شرعية إلا أفسدتها وأوقعت بين علمائها، وإن القوم
الذين يطالعون هذه الكتب سيهلك دينهم وستبدد جماعتهم، وأنا أرى أن نرسلها
للمسلمين حتى يبلتون بها ونسلم نحن من شرها، وإني لا آمن أن يأتي من بعدي
من يخرجها للناس فيقعوا فيما أخاف منه، فقالت البطارقـة: نعـم الرأي أيها
الملك.
فأرسلها للمسلمين الذين طلبوها، فبعث الكتب اليونانية إلى يحيى بن خالد البرمكي، فلما وصلت إليه جمع عليها كل زنديق وفيلسوف، وبدأ التعريب والنقل على يد البرمكي، وأكمل ذلك الخليفة العباسي المأمون، ويقال أن أول من بدأ بتعريب الكتب اليونانية هو خالد بن يزيد بن معاوية لما أولع بكتب الكيمياء).
ومن المسلَّم به أن فلسفة أرسطو نُقلت إلى العربية، إما
مباشرة مـن اليونانيـة، وهذا هو شأن كتاب المقولات الذي نقله حنين بن
إسحاق([1])، وإما عن طريق السـريانية التي طبعتها أساليب اليونان في
التعبير، وكانوا يؤثرون الترجمة الحرفية باعتبارها تمثل الأسلوب العلمي
الصحيح للنقل، كما كانت معرفة هؤلاء المترجمين بالعربية غير متينة، بل كانت
ًأحيانا لا تتجاوز معرفة العامية.
وأما معرفتهم بالفلسفة، فلم تكن حقـًا معرفـة المختصين،
ولم تكن مقصودة لذاتها، بل كانت عندهم وسيلة لإتقـان الترجمـة، وربمـا
اكتسبوها عن طريق التمرس على نقل النصوص الفلسفية.
وهؤلاء المترجمين كانوا في غالبيتهم على دين النصارى، ومنهم من هو علـى دين الصابئة، وليس فيهم مسلم واحد، مما ترتَّب عليه أنهم تركوا تعاطي الاحتكاك بالنص القرآني؛ فكانت الترجمة الحرفية، والنقص في إجادة العربية الفصحى، والضـعف فـي التكوين الفلسفي، وسيطرة المعتقد غير الإسلامي، مما أدي إلى وضع لغوي معقد جدًا، لا تفيد معه معرفة قواعد اللسان العربي ولا أساليب الكتابة العربية، كما أدى إلـى دخـول العقائد الكفرية إلى الفكر الإسلامي.
وما يسترعي الانتباه هنا هو وصف السيوطي للذين قاموا
بترجمة الكتب اليونانية: ( فلما وصلت إليه جمع عليها كل زنديق وفيلسوف )،
مما يدل على أن السيوطي ـ ومن سار على نهجه قبله ـ
كان يرى أن الاشتغال بالفلسفة كفر وزندقة.
كان يرى أن الاشتغال بالفلسفة كفر وزندقة.
ولقد بينا في مقالات سابقة آراء الفلاسفة اليونان في:
الوجود، الله، العقل، الطبيعة ... إلى غير ذلك من القضايا مما أظهر تباينًا
واضحًا بين الفلسفة اليونانية والفكر الإسلامي بصورة عامة.
ولكن على الرغم من ذلك نجد من العلماء ـ ومنهم القدامى ـ قد قالوا بأهمية الفلسفة، بل ألفوا كتبًا في الرد على من أنكر أهميتها، مثلما فعل ابن رشد في كتاب: ( تهافت التهافت ).
لذا؛ قبل أن نبدأ ببيان الطريقة التي اتبعها الفلافسة
للتوفيق بين الفلسفة والإسلام، سنقوم بتوضح الفرق بين الاثنين، وما هي وجهة
النظر الصحيحة في مدى جدية تعلم الفلسفة، كذا التفريق بين الفلسفة وعلم
المنطق، وما هي فائدة ـ أو خطورة ـ تعلم علم المنطق.
([1]) وهو معروف بأبو زيد طبيب ومترجم، وترجم عن اليونانية إلي السريانية والعربية، اتصل بالخليفة المتوكل وخدمه بالطب، عين له المتوكل كُتَّابًا للترجمة، يترجمون ويراجع هو ترجماتهم، ذكر القفطي كتبه المؤلفة والمترجمة في كتاب: (أخبار العلماء بأخبار الحكماء
مفكرة الإسلام:
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..