الخميس، 22 أكتوبر 2015

حقيقة مقتل الحسين رضى الله عنه

   إن من أعظم البلايا وأشد الرزايا هو تزييف الحقائق والكذب على التاريخ , ولا يخفى على أحد أن تاريخ المسلمين قد امتلأ وللأسف بكثير من الكذب والتلفيق ، وراء هذا كُلِه رواةٌ كذابون يحملهم على
تشويه الحقائق عقيدة فاسدةٌ, أو غرضُ حطام من دنيا ، أو بحثٍ عن شهرة ، ولو كان ذلك على حساب تاريخ الأمة وتزوير الحقائق ،
ومن هذه القصص التي كثر فيها التزوير والتشويه قصة مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه حفيد رسول الله وريحانته من الجنة وأحد سادة شباب أهل الجنة .
هذا الإمام العلم رضي الله عنه الذي ضل بسبب مقتله وتشويه ما حصل له طوائف من المسلمين , ولذلك وجب علينا أن نعرف أبعاد هذه القصة وحقيقة ما حصل له وحتى يعرف العالم أجمع أن باكوه اليوم هم قاتلوه بالأمس !!!.
إن من المؤسف أننا مضطرون في كل سنة, وفي مثل هذا الوقت تحديداً ذكر هذه القصة وسردها وبيان ما حصل فيها ، وحتى لا يؤثر علينا هذا الإعلام غير المتجرد وغير المنصف في نفس الوقت من أولئك الذين أصبحوا من خلاله يقتاتون على إذكاء الطائفية ,وإيغار الصدور, وشحن الصدور ، والتصوير للجهلة من المسلمين أن قتل الحسين كان مؤامرة قام بها الصحابة رضوان الله عليهم ليتخذوا ذلك مطعناً فيهم مع أن التاريخ يشهد بأن قتل الحسين لم يشترك فيه صحابي واحد, وأنى لهم أن يشتركوا وقد علموا ما للحسين من فضل ومكان عند خليلهم وقرة أعينهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
(بداية القصة)
بدأت القصة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه على يد الخوارج, وهنا وقع الاختلاف بين الصحابة رضى الله عنهم , فمعاوية رضي الله عنه الذي كان والياً على الشام كان يرى أنه لن يبايع علياً حتى يقتص أولاً من قتلة عثمان ، وعلي يرى أن المصلحة في إرجاء هذا الأمر حتى تستقر له الأمور وتهدأ ، فوقع بينهم الاختلاف وانقسم الصحابة إلى فريقين ، ويجب أن يُعلم أن خلاف علي ومعاوية داخل في الاجتهاد الذي يؤجر طرفيه وقد أطبقت كلمة الأمة ( على الترضي عنهم والكف عما شجر بينهم ) قال الإمام أحمد رحمه الله لما سئل عن فتنة الصحابة تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ) ، ولما مات علي تولى بعده ابنه الحسن بن علي, والذي كان منه أنه قام مختاراً مُؤثراً حقن الدماء, وزهق الأرواح, تنازل لمعاوية بن أبي سفيان الذي كان والياً على الشام في ذلك الوقت ، وسمي ذلك العام عام الجماعة لأن الناس اجتمعوا على إمامٍ واحد واجتمعوا بعد التفرق الذي حصل بينهم ، وصدقت في الحسن بن علي نبوءة النبي صلى الله عليه إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ) وكان قد اعترض عليه أخوة الحسين فقال الحسن :" والله لقد هممت أن أسجنك في بيت وأطبق عليك بابه فسكت الحسين "
_وفي عام 60 هـ توفي معاوية واستخلف ابنه يزيد وكان معاوية يوصي ابنه يزيد بالحسين حتى قال له قبل موته : انظر إلى الحسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله فإنه أحب خلق الله إلى الناس ,فصل رحمه, وأرفق به يَصْلُحُ لَكَ أَمْرَه ، وفي هذا الوقت أخذت كتب أهل العراق تفد على الحسين تبشره بموت معاوية وتعده بأنه إن خرج إليها في العراق فليبشر بمن يبايعه وقد وعدوه بــ 100 ألف سيف يخرجون معه وكان في بعض كتبهم :....... فقد اخضرت الجنان وأينعت الثمار ولطمت الحِمَام فإن شئت فأقدم على جند لك مجندة والسلام .
وكان في كتبهم " أن اخرج إلينا فإنه ليس لنا إمام فإن خرجت بايعناك " .
- وأخذت الكتب تتتابع عليه رضي الله عنه حتى غروه فأرسل ابن عمه مُسْلمَ بن عقيل يتثبت الخبر فسار مسلمُ بن عقيل حتى جاء العراق فأ,خذ الناس يبايعونه وكان ذلك في الكوفة ، حينئذ شعر يزيد بالخطر وأن والي الكوفة النعمان بن بشير عنده تقوى وحِلْمْ وأن الأمر تعدى مرحلة الحلم فأمر عبيد الله بن زياد ( والي البصرة ) أن يفد على الكوفة وأن يضمها إليه ، وكان شرساً شديداً ولم يكن من الصحابة حتى لا يُحمل الصحابة دم الحسين ، وفعلاً وصل ابن زياد وجمع أمراء القبائل وأشراف الناس عنده في قصر الكوفة وفي هذا الوقت خرج مسلم بــأربعة آلاف من أهل العراق حتى أتوا القصر فاختبأ ابن زياد وأخذ يهدد ويتوعد أمراء الناس والقبائل أن يصرفوا الناس عن مسلم بن عقيل وإلا أرسل إليهم جيش الشام فيبيدونهم ، وفعلاً أخّّّذ أمراء القبائل وأشراف الناس يتوعدونهم ويهددونهم وهكذا دب الضعف فيهم وبدأت معالم الخيانة تظهر ولا غرابة إذا علمنا بأن في الجيش الذي خرج مع مسلم بن عقيل ( المختار بن أبي عبيد)أحد من إدعي النبوة !!!
وبعد ذلك أخذ أمراء الناس يثبطون من في جيش مسلم فانفض الناس عنه حتى لما دنت الشمس من الغروب لم يبق معه من الأربعة آلاف أحد ’ ففر منهم رحمه الله حتى جيء به فَطُلِبَ أن يكتب وصيته فكان مما أوصى به رحمه الله :-
1. سداد دينه .
2. أن يدفن .
3. أن يكتب إلى الحسين يثنيه عن الخروج فوافق بن زياد وكان مما كتب مسلم في كتابه للحسين :" اللهم احكم بيننا وبين قوم غرونا وخذلونا " ، ولم يدري بأن الحسين كان قد خرج , وبعد ذلك قطع رأس مسلم وألقي من فوق القصر ثم اتبعت جثته رحمه الله .
وفي هذه الأثناء خرج الحسين رضي الله عنه ولا بد أن نعرف أن خروجه لم يقره عليه أحد من شيوخ الصحابة ولا من العلماء بل كانوا ينهونه ويحذرونه وكان منهم بن عباس ، ابن عمر ، ابن عمرو ، أبو سعيد الخدري ، وكان ابن عباس يقول :" تخرج إلى قوم قتلوا أباك وخذلوا أخاك " .
- وقال له الفرزدق وهو ممن يعرف أهل الكوفة وقد كان قد جاء من العراق لما سأله الحسن :" قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أميه " .
- خرج الحسين إلى قدره ( وليقضي الله أمراً كان مفعولًا ) فلما دنا من العراق وصله خطاب مسلم بن عقيل وكان معه إخوان مسلم ونساؤه وأخوة مسلم فاسترجع رضي الله عنه وبكى مسلماً وقال :" اللهم سلط على أهل الكوفة من يذلهم حتى يكونوا أذل من قرم الامه " .
- وفي هذا الوقت وصل جيش بن زياد وعددهم يقال 4 آلاف وكان الحسين بن علي قد عزم على الرجوع إلى المدينة لما رأى من خيانة أهل العراق فيه وكان في موضع يقال له كربلاء فقال أين نحن ؟ قالوا : كربلاء ، قال : هذا كرب وبلاء . وكانت الصدمة والفاجعة أن فيمن يقود جيش ابن زياد هم أنفسهم من أرسل الكتب إلى الحسين يسألونه الخروج إليهم ، وقال لهم الحسين : يا شبيب بن ربعي ، يا حجار بن أبحر ، يا قيس بن الأشعث ، ألم تكتبوا إلى أنه قد أينعت الثمار, واخضر الجنان فأقدم علينا ، فقالوا : لم نفعل ، فقال : سبحان الله والله لقد فعلتم حينها خيرهم الحسين في أن يعطوه إحدى ثلاث :-
1. أن يرسلوه حتى يبايع يزيداً في الشام .
2. أن يلحق الثغور .
3. أن يرجع من حيث أتى .
فلم يجيبوه لواحدة من هذه وقالوا : تذهب إلى أميرنا في الكوفة ابن زياد وتبايعه فأبى أن يمد يده في يد ابن زياد لما عرف من ظلمه وجوره وقتله ابن عمه مسلم بن عقيل .
- فقالوا : فنحن نقاتلك فأخذ يذكرهم الله ويذكرهم فضله وعظم نسبه وعلو قدره وشرفه وكان يقول : راجعوا أنفسكم هل يصح لكم قتال مثلي ؟ أنا ابن بنت نبيكم ، وعلي أبي ، وجعفر ذو الجناحين عمي ، وحمزة سيد الشهداء عم أبي ، وقال لي رسول الله ولأخي :" هذان سيد شباب أهل الجنة " ، فإن كذبتموني فأصحاب رسول الله أحياء أما تتقون الله في دمي .
- فرد عليه عدو الله شمر بن ذي الجوشن فقال : هو يعبد الله على حرف وقال له: ما أكثر ما تتكلم ، فلم يجد بداً رضي الله عنه في قتالهم .
- فحالوا في هذا الوقت بينه وبين الفرات حتى ينهكه العطش فلا يستطيع أن يقاتل هو ومن معه فقال لهم : منعتم من التوجه في بلاد الله العريضة وحلتم بيني وبين الفرات الجاري الذي يشرب منه الكلب والخنزير وقد صرعنا العطش, بئس ما خلفتم محمداً في ذريته لا سقاكم الله يوم الظمأ الأكبر إن لم تتوبوا وترجعوا عما أنتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه .
- قتل الحسين رضي الله عنه وقتل جميع من معه ولم يبقى إلا النساء واثنين من أبنائه ( علي ، عمر ) وكانا صغاراً جداً فأرسل عبيد الله بن زياد إلى يزيد في الشام رأس الحسين وأرسل ذرية الحسين ونساءه فلما رأى ذلك يزيد بكى وقال لعن الله ابن زياد , كنت أرضى من طاعته بدون قتل الحسين, والله لو كنت مكانه لعفوت عنه , فأكرم أهله وأرسلهم إلى المدينة وكان في هذه الأثناء يؤاكل أبناءه الصغار ولا يلتفت إلى زعم من قال أنه سباهم فهذا جزء من مسلسل الكذب ,هذه هي قصة الحسين ومقتله, ولا يغرنكم التهويل والتزوير الذي يزعمه بعض من لا خلاق له .
- فرضي الله عن الحسين وعن أهل بيته وكان من قدر الله جل وعلا أن الحسين قتل رحمه الله في العاشر من محرم سنة إحدى وستين من الهجرة وكان يوم جمعه ، أما جسده قال الفضل بن دكين وذكره ابن جرير أيضاً : أن موضع قبره اندثر ولا يوجد أحد
يعلم مكانه وأما رأسه فالصحيح أنها في الشام ، وليست في مصر كما يدعون
طبعا لاعلاقة بين صيام عاشوراء وما سبق سرده
- والحكمة من صيام عاشوراء : هو شكر الله على إنجاء موسى عليه السلام من فرعون ومن معه , وأما الحكمة من صيام التاسع هو مخالفة أهل الكتاب من اليهود . ويجوز للمسلم أن يفرد عاشوراء وحده بالصوم .
. ومن الفوائد : أن نعلم علم اليقين :-
- أن ما يفعله هؤلاء في يوم عاشوراء من اللطم وإراقة الدماء سبب في صرف الناس عن الدين فبالله عليكم لو رأى من يريد الإسلام ما يفعل من ضرب السياط والسلاسل ولطم الخدود ، هل سيفكر في أن يعتنق الإسلام ؟ لا أظن ذلك .
. ومن الفوائد : الأثر السيئ للبدع والمحدثات ، فانظروا إلى قصة مضى عليها قرابة أكثر من ألف وثلاثمائة سنة وما زالت آثار هذه البدعة تتتابع ( من البكاء ، النحيب ، اللطم ، وضرب السيوف ) كل هذا لأجل شحن النفوس وزرع الأحقاد حتى في قلوب الصغار .
ثم إنه من العجيب أنك لا تجد هذا البكاء ولا أدنى منه بكثير على موت النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا على موت أبي بكر الصديق ، ولا على عمر ابن الخطاب وقد قتل ، ولا على عثمان وقد قتل مظلوماً ، ولا على أبو الحسين على ابن أبي طالب وكان قد قتل !!!
أليس هذا من التناقض ؟
يرى شيخ الإسلام رحمه الله بدعية الاحتفال والسرور والابتهاج في يوم عاشوراء والذي شرع لنا هو الصيام هذا اليوم شكراً لله على نعمة نجاة موسى عليه السلام ومن معه من فرعون ، قال رحمه الله : قابل بعض الجهال بدعة الندب والنياحة وانتشار مقاصد الحزن قابلهم طائفة من الجهال فوضعوا الآثار في شعائر الفرح والسرور يوم عاشوراء كالاكتحال والخضاب وتوسيع النفقات على العيال ونحو ذلك مما يفعل في الأعياد والمواسم فصاروا يتخذون يوم عاشوراء موسماً كمواسم الأعياد والأفراح ، كما اتخذه هؤلاء مأتماً للأحزان والأتراح وكلا الطائفتين مخطئة خارجة عن السنة .
ولم يسن رسول الله ولا خلفاؤه الراشدون في يوم عاشوراء شيئاً من هذه الأمور لا شعائر الحزن والترح ولا شعائر السرور والفرح .
اللهم أحينا على الإسلام والسنة
كتبها
الشيخ د. محمد ضاوي العصيمي

------------------------------------------------------------------------





إضافة

يصنع آلهته في ورشته ثم يستغيث بها..!
قال تعالى:(هل يَسْمَعونَكم إذْ تَدْعون أوْ يَنْفَعونَكُم أو يَضرُّون)







 ‏ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..