الأربعاء، 7 أكتوبر 2015

الشاعر : علي العبيدي :القصة الشهيرة مع إبراهيم باشا

هو الشاعر المشهور علي بن عبدالرحمن العبيدي، جد أسرة العبيدي في الزلفي، وهو صاحب القصة الشهيرة مع الحملة المصرية بقيادة إبراهيم باشا ومفادها ( أن الباشا إبراهيم بن محمد علي لما قضى على عاصمة الدولة السعودية، مدينة الدرعية، توجه إلى البلدات والمدن النجدية وأخذ بهدمها وقتل علمائها وأمرائها المخلصين للدولة السعودية والدعوة الإصلاحية، فلم تسلم منه بلدة من بلاد نجد المشهورة إلا وقد أزيلت أسوارها أو قتل علمائها وأمرائها. فلما وصل إلى الزلفي وكان ذلك في حدود عام 1234هـ، حيث ورد في تاريخ ابن بشر أن الباشا أخذ قبيلة عنزة على الزلفي. اقترب من بلدة الزلفي وطلب قدوم كل من له يد مع الدعوة الإصلاحية في الزلفي ومن ضمنهم الأمراء والمشائخ والشعراء، فتذكر الرواية المحلية أن الشاعر علي العبيدي طلب من أهله أن يعملوا على كيه مع بطنه سبع كيات ففعلوا ما أمر، فلما قدمت رُسل الباشا تبحث عنه، طلبت منه الامتثال لأوامر الباشا بالمثول أمامه فقال لهم: إنه يريد ذلك ولكنه على فراش الموت وأظهرهم على ما في بطنه من علامات الكي، فذهبت الرسل إلى الباشا فأخبرته فأعادهم وقال لهم أحضروه ولو كان موضوعاً في قبره فذهبوا إليه مرة أخرى و أخبروه بما طلب الباشا وأن يستعد للذهاب فعملوا على حمله فلما أقبل على الباشا قال له :
 ألفٍ صباح الخير وألف ٍمرحبا   = وألف من العز القديم يذكرا      
والله والله ما توانا خادمك     =   إلا    عليل ما يشد المركبا    
ارخص لنا يا سيد سادات الملا * = حتى يطيب الكيف لي والمشربا 

* سيد سادات الملا : أخشى ان بها محظور شرعي !
-----
فقال له الباشا اعمل على سب الشيخ محمد بن عبدالوهاب والإمام عبدالله بن سعود وإلا وضعناك في فم هذا المدفع, فقال له علي العبيدي إنني رجال موات ولا أستطيع ولم يبق من عمري إلا القليل، فلما نظر إليه الباشا عرف حيلته، فقال لابد من سبك لهم، فقال لم يبق من العمر إلا القليل ولن أعمل على سبهم، فلما وضعوه وتبيّن للباشا أنه لن يسبهم أمر بإنزاله وأُعجب بفعله وإخلاصه لهم، فقال الباشا: إنني قد أحضرت معي شاعراً لا يستطيع أحد أن يجاريه فإن تمكنت من أن تغلبه فلك مني ما تريد، فقال له علي العبيدي: حسنا أستطيع ذلك ولكن بشرط أن جيشك لا يتعرض لأمي، فقال له: لك ذلك، فقال العبيدي إبدأ بالقصيدة فقال شاعر للباشا ويقال له ابن مغامس: 
نوخت لي حيد من الزمل صبار  = حيد ولد حيد ارفاع امتونه
رجليه في صنعاء وراسه بسنجار  = وعالي سنامه حلق الطير دونه 
وبطنه كبير ويحتمل كل الأشجار  = وعجزوا حشاحيش الملا يشبعونه 
الشط  شربه وألحقه سبعة أبحار  = والشط الآخر ما يندي اسنونه 
 ونجر اشداده تسعة ألآف نجار = وعجزوا نجاجير الملا ينجرونه 


فلما انتهى قال :تستطيع ترد عليه؟،
فقال: نعم أنا أستطيع ذلك وفي رواية أنه قال: نعم يوجد من يستطيع ذلك وهو ابن ربيعة،الملقب بالمريدي..
فقال الباشا: ومن هو ابن ربيعة؟
فقال: فلاح في شمال الزلفي له فلاحة،يعرف  بالقصير، فأرسل من يستدعيه، فلما أتى فإذا هو رجل قصير قد رفع ثوبه، فلما أحضر وأُخبر الخبر قال نعم أستطيع فعلى الروايتين أنه قال :

والله يا سبع يذكر بالأقطار  = سبع يهول طافحات اسنونه
نابين بالمشرق وناب بالأمصار  = تناوشه بالناب وأعمى اعيونه
كَل الجمل وأقفى ولا كن شن صار  =صريخه اللي بالسماء يسمعونه
راسه حديد والظهر خلق من نار  = وجنوبه البالود ما تقدرونه



فتعجب الباشا من قوة الرد وسرعته مع عجز الأخرين عن مجاراته، فقال العبيدي على الرواية الأولى وابن ربيعة على الرواية الثانية: أنا عندي لغز لا يستطيع أن يجاريه شاعرك،
فقال: وما هو؟!
فقال الشاعر:
وش قرن بنت عليه الثويرات ؟؟      
فقال ابن مغامس : هذا ليس لغزاً
فقال الباشا : ما هذا يا العبيدي أو ابن ربيعة؟
فقال: بلى هو لغز مليان لكنه لا يستطيع أن يحله!
فقال: إذن حله أنت وإلا فإن العقوبة سوف تكون عليك،
فقال له عند ذلك: إن الدنيا مبنية على قرن ثور كما يقول القدماء
فقال له الباشا: صدقت.
عند ذلك قال :أطلب ما تريد،
فقال له الشاعر: أطلب وتعطيني؟
قال: نعم، قال: أمي لا تتعرض لها.
فقال له: ولك ذلك، وطلب من رجاله التوجه لهدم السور وجمع السلاح وما إلى ذلك من الأموال والنهب،
فقال له الشاعر: ماذا تفعل وأين وعدك لي؟
فقال: نعم نعم لا تتعرضوا لبيت والدة هذا الشاعر.
فقال له الشاعر: إن أمي هي بلدة الزلفي!
فقال: ماذا والله إني قد سمعت بكم يا أهل الزلفي قبل أن أصل إلى الرس بأنكم شياطين فأقسمت لأدخلن الخيل من جنوبها إلى شمالها ولأجعلن الغبار يرتفع في سماها وقد اشترطت على كل بلدة آخذ سلاحها حتى لا تحاربني.
فقال له الشاعر: الحل بسيط لتحلل قسمك.
فقال له: وكيف ذلك؟ 

فقال: نفتح لك فتحة من السور الجنوبي وفتحة من السور الشمالي وتدخل الخيل راكضة مسرعة من الجهة الجنوبية إلى الجهة الشمالية حتى يثور الغبار ويرتفع في السماء ونجمع لك السلاح وتكون قد بررت بقسمك.
فقال له: هذا رأي سديد وعمل بما قال وسلمت بلدة الزلفي من شر هذا الطاغية ودخلت الخيل وعلى ظهورها الفرسان وهم مسرعين لا يلتفتون كما أمرهم الباشا وأصبحت من البلدات القلائل اللاتي لم تتعرض لخطر الباشا وجماعته وكل هذا بفضل من الله ثم من شاعرنا العبيدي وعلى رواية أخرى أنه الشاعر ابن ربيعة..الملقب بالمريدي..
هذا والشاعر علي العبيدي قد ورد من ضمن أشهر الشعراء الذين ذكرهم صالح بن عثمان القاضي في تاريخه وقد ذكر أنه في عام 1245هـ.

( المحقق الأستاذ الباحث : عبدالعزيز بن سعود الفرهود )
المصدر ( نشرة الفراهيد العدد الرابع 1431هـ )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..