الثلاثاء، 13 أكتوبر 2015

دور التغذية ونمط الحياة الصحي في منع عودة سرطان الثدي

 ان اهمية دور نمط الحياة الصحى بات اليوم معروفاً للجميع بكل ما يتعلق للوقاية من الامراض. ومنها السرطان وسرطان الثدي تحديداً. وخاصة في دوره على منع عودة المرض.

يتميز نمط حياتنا المعاصر بالخمول والنظام الغذائي الغني بالدهون والكربوهيدرات المكررة والبروتينات الحيوانية.
مما يلعب دورا حاسما بعدة مشاكل صحية مثل الانتشار الكبير للوزن الزائد، المتلازمات الايضية (وهي تتميز بمستويات

مرتفعة للسكر في الدم، السمنة خاصة في منطقة البطن، مستوى مرتفع للدهون في الدم وارتفاع ضغط الدم)، مقاومة الانسولين ومستويات عالية من عوامل النمو (Growth Factor) وهورمونات الجنس في الدم. غالبية هذه العوامل معروفة كمسببات او عوامل خطر للاصابة بسرطان الثدي وهي تساهم في عودته في المستقبل للمريضة.
دور التغذية ونمط الحياة الصحي في منع عودة سرطان الثدي تبين الدراسات الحديثة ان نقص التوازن الايضي والهرموني هذا يمكن ان يتغير بمساعدة تغيير غذائي شامل من التغذية الغربية لاتباع انظمة غذائية اكثر تقليدية "عرقية" - مثل نظام البحر الابيض المتوسط والصيني الاسيوي (اكثر نباتية، غني  في الحبوب والخضروات والبقوليات).
على الرغم من ان الوراثة تعتبر من اهم عوامل الخطر للاصابة بالسرطان، الا انه تنسب اغلبية حالات السرطان، لتاثير العوامل البيئية غير الوراثية، والتي يمكن تقليلها. حيث تعود حوالي ثلث حالات الوفيات الناجمة عن السرطان للعادات غير السليمة والنظام الغذائي الضار وعدم ممارسة الرياضة.
وفي عام 2006 عرضت كل من الجمعية الامريكية للتغذية والنشاط البدني وجمعية منع الاصابة بامراض القلب وداء السكري - عوامل الخطر الثلاث المتفق عليها المسببة لسرطان الثدي:
  • السمنة في سن البلوغ
  • شرب الكحول
  • عدم ممارسة الرياضة.
التعرض لعوامل الخطر في جميع مراحل الحياة، بما في ذلك عوامل الخطر الغذائية، من الرحم، و / او جيل المراهقة يمكن ان تؤثر على ظهور المرض.
ولذلك، فان النهج التغذوي يسلط الضوء على تجنب الاضرار اثناء الطفولة والمراهقة من خلال الحفاظ على نظام غذائي سليم والوزن الصحي طوال الحياة.

العلاقة بين سرطان الثدي والسمنة بمراحل متاخرة من العمر

زيادة الوزن والسمنة بعد سن الياس، ترتبط بزيادة خطر الاصابة بسرطان الثدي، ولكن من جهة اخرى لا توجد هنالك صلة بل وحتى هناك انخفاض طفيف لخطر الاصابة بسرطان الثدي في حالة السمنة قبل سن انقطاع الطمث.
ان زيادة الوزن لا ترتبط بزيادة الخطر للاصابة بالمرض فحسب بل ايضا الزيادة في الوزن بعد التشخيص وخلال فترة العلاج، تزيد من عوامل الخطر لدى المصابات. ويبدو ان السبب يكمن بمستويات اعلى من هرمون الاستروجين الذي ينتج في الانسجة الدهنية المتضخمة لدى النساء اللواتي تعانين من السمنة.
لدى النساء السمينات اللواتي تعالجن بالهرمونات البديلة (بعد سن الياس)، لا يوجد تاثير واضح للوزن الزائد، ربما لانه اي حال حصول النساء على مستوى عال من هرمون الاستروجين اكثر مما يستطيع الجسم انتاجه بعد سن الياس.

سرطان الثدي والنشاط البدني

يرتبط اسلوب الحياة الخامل والخالي من النشاط البدني بزيادة خطر الاصابة بسرطان الثدي، قبل وبعد انقطاع الطمث على حد سواء. النساء اللواتي يقمن بممارسة التمارين الرياضية بانتظام تقل لديهن نسبة الخطورة بـ 30%. ممارسة الرياضة تقلل ايضا من خطر تكرار وعودة المرض - بحوالي 50% لدى النساء اللواتي يمشين نصف ساعة يوميا مشيا سريعا جدا! النشاط  المكثف بشكل اكبر لم يزد من الحماية.
لذا ينصح بممارسة الرياضة المعتدلة او النشطة ، خلال خمسة واربعين دقيقة الى ساعة، خمسة ايام في الاسبوع او اكثر، ما قد يقلل من خطر الاصابة بالمرض.

التوصيات العامة للجمعية الامريكية للسرطان (ACS)

  • الحفاظ على وزن صحي طوال الوقت عبر استهلاك السعرات الحرارية المناسبة وممارسة الرياضة.
  • ممارسة النشاط البدني بانتظام، بحيث: لا يقل عن ثلاثين دقيقة من معتدلة الى مكثفة النشاط، خمسة ايام في الاسبوع على الاقل عند الكبار. بينما نشاط المعتدل الى القوي، خمسة ايام في الاسبوع على الاقل عند الاطفال والمراهقون ولمدة ساعة واحدة على الاقل.
  • عدم الافراط في شرب الكحول.
بالاضافة لذلك: 
  • قراءة الملصقات الغذائية لمعرفة حجم الوجبة ومكوناتها.
  • الحد من او تجنب تناول الاطعمة ذات السعرات الحرارية العالية مثل: البطاطس المقلية، الدوناتس، البيتزا ،الحلوى والكعك وغيرها، والاستعاضة عنها بالاطعمة منخفضة السعرات الحرارية مثل الخضروات والفواكه (باعتدال) والبقول وكذلك شرب الماء بدلا عن المشروبات الغازية المحلاة.
  • تناول مجموعة متنوعة من الخضار والفواكه يوميا - على الاقل 9 في اليوم (سابقا اوصى بـ 5)  وتفضيل تناول الفاكهة  على شرب عصائر الفاكهة.
  • تفضيل الاطعمة الطازجة، المطهوة على البخار، المسلوقة، المخبوزة، المشوية، والتقليل من الاطعمة المقلية، المعالجة او المتفحمة.
  • تفضيل الحبوب الكاملة على المعالجة.
  • تقليل اللحوم المصنعة والحمراء و/ او الدهنية ويفضل السمك والدجاج (الاجزاء النحيفة) والبقوليات جنبا الى جنب مع الحبوب- كمصدر للبروتين.

علاقة الكحول

يزيد المزج بين الكحول والتدخين  من خطر الاصابة بسرطان الثدي، اكثر من تاثير كل عامل على حدة. شرب عدة  مشروبات  كحولية خلال الاسبوع، يزيد من خطر الاصابة بسرطان الثدي لدى النساء وخاصة لدى اولئك اللواتي لا تستهلكن ما يكفي من حمض الفوليك الموجود بكميات كبيرة في الاوراق الخضراء ،اللحوم ،الاسماك ،الحليب ،البرتقال ،البيض ، جذور القمح والحبوب المدعمة.  لذلك فمن المستحسن بالنسبة للنساء اللواتي لديهن خطر مرتفع للاصابة بسرطان الثدي التفكير جديا بتجنب الكحول. 

الصلة باستهلاك الدهون

هنالك جدل بشان العلاقة بين استهلاك الدهون وسرطان الثدي. وعلى الرغم من ان ابحاث كثيرة اثارت احتمال وجود صلة، لم تصادق الكثير من الابحاث المعتمدة على ذلك. وجد في بحث الـ WINS   ان تقليل الدهون لمستوى اقل من 20٪ ( تستهلك الولايات المتحدة ما معدله 40٪ من السعرات الحرارية من الدهون ) خفض  بشكل ملحوظ الانتكاس (عودة المرض) بنسبة 22٪! خاصة في اوساط النساء اللواتي لا توجد لديهن استجابة هرمونية، وبالتالي يحتجن الى هذه الحماية مقارنة مع النساء اللواتي تمت معالجتهن بمضادات  الاستروجين (مثل  تاموكسيفين). تجسد الاهمية التغذوية لهذه الفروق اهمية التوجه الفردي للتدخل الغذائي في المستقبل.

المواد المضادة للاكسدة

لحماية نفسه  من اضرار الاكسدة المرتبطة بزيادة مخاطر السرطان، يفعل الجسم  الياته الداخلية، ويستخدم  المواد الغذائية من الخضروات والفواكه. وتشمل كابحات الاكسدة  هذه فيتامين C، فيتامين E، الكاروتينات، البوليفينولات وغيرها. لذلك، للتقليل من خطر السرطان، يوصي بزيادة تناول الكثير من الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة والمكسرات  -اللوز الطازج مع زيت الزيتون. كلما نوعنا اكثر  من كابحات الاكسدة هكذا نكفل حماية افضل، حيث ان واحدا يدعم،  يعزز ويجدد  الثاني . لدى مراقبة النساء اللواتي تناولن المزيد من الخضار والفواكه، ارتفع تركيز الاصباغ الصفراء-الحمراء (الكروتونوئيدات) في دمائهن بنسبة 20٪ وانخفض خطر تكرار الاصابة بسرطان الثدي بنسبة 43٪!

الالياف الغذائية

على الرغم من ان الدراسات بشان مساهمة الالياف بالوقاية من سرطان الثدي لم تكن متناسقة، الا انه وفي دراسة اجريت في انجلترا، شمل 35792 امراة ونشر في يناير 2007، في مجلة علم الاوبئة، وجد ان الدفاع من قبل الالياف كان كبيرا واستطاعت تقليل  تكرار الاصابة بسرطان الثدي بنسبة 50٪! فقط في اوساط النساء قبل انقطاع الطمث.
عندما تم دمج تناول الالياف مع عامل وقائي اضافي - حمض الفوليك، على سبيل المثال، وجد  ان الدمج ساهم بالحماية اكثر بكثير من الالياف وحدها. 
اتضح ان الياف الحبوب، لديها اكبر مساهمة في الحماية من السرطان.
تساهم الالياف  في تقليل مستويات الانسولين القياسية اليومية ورصد مستوى هرمون الاستروجين في الدم، ولذلك اهمية كبرى  في سن مبكرة، حيث يكون فيه مستوى الهرمونات الطبيعي  اعلى بكثير بالمقارنة مع انخفاض  مستوى الهرمونات في سن الياس. بالاضافة الى ذلك، فالاطعمة  غنية اكثر بالالياف من الحبوب الكاملة والفواكه، كما انها غنية  بمثبطات الاكسدة، وبالتالي فهي موصى بها بشكل خاص للحماية من السرطان.

زيت الزيتون واوميغا 3

على الرغم من  التوصية العامة للتقليل من كمية السعرات الحرارية من الدهون وتوصيات محددة للحد من استهلاك الدهون المشبعة،  تشير الدراسات المتكررة الى مساهمة محتملة للحماية من قبل زيت الزيتون ومصادر اوميغا 3 في النظام الغذائي. مساهمة زيت الزيتون- الذي يميز الحمية المتوسطية -   للحماية من سرطان الثدي يرتبط مع مقاومته للاكسدة ومثبطات الاكسدة الموجودة في زيت الزيتون، والذين ثبت انهم  جنبا الى جنب يساهمون في الحماية من سرطان الثدي. ايضا للاحماض الدهنية اوميغا 3 هنالك مساهمة في الحماية من السرطان. علينا ان  نتذكر احماض اوميغا 3 الدهنية معرضة جدا للاكسدة، ولذا فمن الافضل الحصول عليها من الغذاء الكامل - الخضراوات الخضراء، بذور الكتان، زيت الكانولا، الاسماك البحرية وغيرها ودمج ذلك مع استهلاك الخضار التي تحوي مكونات تحميها. هنالك اهمية خاصة للحفاظ على  نسبة بين زيوت اوميغا 6 واوميغا 3 (حوالي 5).

الصلة الهرمونية - والمتلازمة الايضية

النساء اللواتي تعانين من  المتلازمة الايضية كن بخطر اكبر للاصابة بسرطان الثدي. هذا وقد اقترحت بعض الدراسات وجود علاقة بين زيادة   مستويات الانسولين ومستويات السكر في الدم وخطر الاصابة بسرطان الثدي - بعد انقطاع الطمث (سن الياس). بالاضافة الى ذلك، فان المستويات العالية من الهرمونات الجنسية بعد سن الياس ترتبط بزيادة مخاطر الاصابة بسرطان الثدي. وكانت النساء مع المستوى الاعلى من الهرمونات الجنسية بخطر 2-3 مرات للاصابة بسرطان الثدي من اولئك اللواتي لديهن مستوى ادنى . ولم تكن هنالك علاقة مشابهة لدى النساء قبل انقطاع الطمث (سن الياس).

التغذية التي تقلل من عوامل الخطر لسرطان الثدي

اثبت ان النظام الغذائي الغربي  يزيد من الاصابة بسرطان الثدي بعد انقطاع الطمث عند النساء، على سبيل المثال- في الصين. ولا سيما عند اتباع نظام غذائي مع تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة والحبوب المكررة، السكاكر والحلويات. وجدت دراسة اخرى ان الاستهلاك المفرط من الكربوهيدرات مع مؤشر(جليكيمي) نسبة السكر في الدم عالي  ارتبط بزيادة كبيرة من الخطر وخاصة في اوساط النساء الشابات والنحيفات (BMI <25 b="" nbsp="">
في المقابل، فان النظام الغذاي المتوسطي يسهم اسهاما كبيرا في الحماية من  سرطان الثدي ومن تكرار الاصابة به، وخاصة لدى النساء اللواتي تعانين من المتلازمة الايضية  ومستوى الهرمونات المرتفع في الدم.

نصائح وقائية

* التقليل من السعرات الحرارية من خلال تفضيل  الاطعمة المشبعة مثل الحبوب الكاملة ،البقول والخضار.
* خفض استهلاك الاطعمة ذات مؤشر نسبة السكر في الدم الجليكيمي  العالي (حبوب الصباح المصنوعة  من الذرة ،الارز ، الخبز الابيض ، المعجنات ،النقارش والكعك)، وزيادة استهلاك الخضروات.
* التقليل من الدهون المشبعة (اللحوم الحمراء المصنعة ومنتجات الالبان الدسمة) ويفضل استخدام الزيت النباتي (يفضل ان يكون غير مكرر)، مثل زيت الزيتون ،الجوز ،اللوز والفستق.
* موازنة استهلاك البروتين وخاصة من المنتجات الحيوانية (باستثناء الاسماك).

للتلخيص

بما ان العلاقة بين النظام الغذائي وسرطان الثدي هي علاقة ممتدة على مدى الحياة ، فان النظام الغذائي يتغير بموجب الظروف، وكذلك الملائمة بين النظام الغذائي والانسان بشكل محدد - لذا يجب عدم الاستغراب من تضارب الابحاث. عموما، هناك اجماع على ان النظام الغذائي الغربي يزيد من نسبة الاصابة بالسرطان بشكل مقلق، وهناك من يسمون معدل الزيادة بالوباء. بصرف النظر عن الاتفاق على وجوب الوقاية من السمنة المتاخرة، الحد من الكحول، زيادة النشاط البدني - هناك اثباتات بحثية  لعوامل الحماية  في الغذاء، ولكن ليس دائما في نفس مستوى الادلة. 
بدلا من الاستنتاج بخصوص  النتائج المتناقضة بين اساليب  تغذية  مختلفة وفي ظروف حياة مختلفة  تماما، حيث انه ليس هناك علاقة اكيدة وواضحة، وتجاهل النتائج المترتبة على عاداتنا الغذائية ، من الافضل ان  نفهم ان العلاقة اكثر تعقيدا وتحتاج الى استثمار اكثر في المستوى البحثي العلمي  لفهم العلاقة  ومعناها  الشخصي بغرض تطبيقها.


مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..