الاثنين، 16 نوفمبر 2015

أيها الغرب: تكفينا فاتورة 11

أطرقت برأسي أسِفا، عقب مطالعة أخبار وصور تفجيرات باريس، وتمتمت وأنا أزفر آهة مصدور: «سيعيد الغرب الظالم إذلاله لنا، وسيحمّلنا أخرى فاتورة هذه الجرائم، ونحن من سيدفع الثمن، بما فعلوا بعد 11 سبتمبر، وقد نقبوا مناهجنا
التعليمية وأبدلوها، ودققوا في حساباتنا البنكية، واتهمونا في مناشط العمل الخيري الخارجي وأوقفوها، وفتشوا حتى غرف نومنا، وحاسبونا حتى على أحلامنا، تحت ذريعة محاربة الإرهاب». للمرة الألف نكرّر بأن الدول العربية -والسعودية على وجه التحديد - تصطلي بنار الإرهابيين، الذين قامت الاستخبارات الأمريكية في الثمانينيات بصنعهم في أفغانستان، وبعد الانتهاء منهم، ظن رعاة البقر هؤلاء، أنهم محارم ورق استخدموها ورموها، ولم يدروا بأنهم خلقوا وحشا استدار لهم، وأراهم شيئا من بطشه في 11 سبتمبر، ومذّاك الحين والأمريكان كالثور الجريح يبطش بمن أمامه دون تبصّر أو تفكير. كتبت قبل أسابيع هنا في زاويتي، معلقا على دخول بوتين بطائراته ومرتزقته سوريا، تحت أنظار الغرب الصامت، وجزمت حينها بأن الإرهاب الذي يزعمون محاربته في بلاد الشام، سيرتد إليهم في عواصمهم التي يظنون أنها آمنة، فلا منجى من هذا الداء المتعاظم إلا باتحاد العالم أجمع على محاربة الظلم وإرساء العدل، وواهم من يظن أن بقية العواصم الأوروبية - وحتى الولايات المتحدة - بمنأى عن هذا الإرهاب الذي سيسربل العالم كله، طالما لم نقض على منبعه، وأتحنا لبوتين الأخرق ليأتي بصواريخه وطائراته على أطفال ونساء سوريا، تحت ذريعة محاربة «داعش». أجزم يقينا بأن صمت الأوروبيين عن ذلك الظلم سبب أكيد لما حصل في باريس، وما سيحصل لاحقا في بقية العواصم الغربية. إذ لا أشد ولا أقسى من الظلم، ولو عدل القوم ووقفوا ضد هؤلاء الروس ومن خلفهم الصفويون وحزب «اللات»، ونصروا الشعب السوري في قضيته العادلة، لتصاغرت «داعش» وكل الفصائل المتطرفة، فالناس تريد أن تعيش وتحيا بسلام، ولكن عندما غضوا الطرف عن تلك المجازر التي تحدث، اصطلوا اليوم بنارها في باريس، وسيصطلون في غدهم بأشد وأنكى مهما حاولوا وتمترسوا بقوانين الإرهاب، إذ لن يتوقف هؤلاء الانتحاريون أبداً عما يرونه جهادا وشهادة في سبيل الله، والأيام بيننا.
لأولئك المنهزمين من كتبتنا في الخليج والذين كرّروا أسطوانتهم المشروخة، وكتبوا مباشرة بأن مناهجنا السبب، وأن علماءنا ودعاتنا هم المحرضون، أقول لهم: شيئا من الحياء يا هؤلاء، فالمناهج تمّ تعديلها، وكل الذي طالب به الغرب وسمع لكم فيه فعلناه، بيد أن الإرهاب يتزايد ولا ينقص، وطوابير الملتحقين بـ»داعش» زرافات ووحدانا، ما يعني أن كل ما تبجحتم به هو من نسج خيالاتكم المريضة التي أقنعتم بها الكاوبوي الأمريكي، ليقوم بتصويب مسدسه تجاهنا لنفعل ما أردتم وأراد، والنتيجة ما يعيشونه ونعيش في أتون هذا الإرهاب الذي يضرب الجميع، وبرأيي أن السبب يكمن بأنكم غششتم أسيادكم، ولم تعلموهم بالأسباب الحقيقية لنشوء التطرف والمتطرفين والتي غضضتم الطرف عنها عمدا. الظلم الذي تمارسه الدول الغربية بحق الشعوب المسلمة، خصوصا في قضية فلسطين، السبب الأول والرئيسي في نشوء التطرف، غض الطرف عن الديكتاتوريات التي تحكم الدول العربية الجمهورية سبب آخر، عدم العدالة الاجتماعية وإرساء الحقوق وسوء توزيع الثروة والفساد وعدم الحفاظ على المال العام، كلها أسباب لتذمر الشباب ومن ثم تطرفهم، ثقوا أيها الغرب بأن هذه هي أهم أسباب التطرف، ولو تمّ علاجها لتحجّمت الظاهرة بشكل كبير، ولكن من يسمع في ضجيج هذه الأصوات الليبرالية والمنهزمة. أعود لتفجيرات فرنسا، وكلنا ضدها ولا نقرّها، رؤساء وعلماء ومجتمعا، وها هو مليكنا سلمان بن عبد العزيز يكتب عقب الحادثة مباشرة: «مجزرة باريس لا يقرّها دين ولا عقل، والإسلام بريء من هذه التصرفات. أعزي الشعب الفرنسي، وأدعو العالم مجددا لتكثيف الجهود في محاربة الإرهاب»، وهيئة كبار العلماء في السعودية أصدرت بيانا أدانت تلك الجرائم. أتمنى من الحكومة الفرنسية فتح حوار بين مسلميها بكل أطيافهم – لا ذلك الطيف الموالي لها - وبين الحكومة والنخب الفرنسية، إذ جَرْح المسلمين في صميم عقيدتهم بما فعلت مجلة «شارلي إيبدو» قبل أشهر بعيدة، يظل سببا مباشرا لتطرف الشباب المسلم لديكم، والشاب سيلتحق بأي تنظيم يتيح له الانتقام لرمز مقدس، هو أحبّ إليه من نفسه وماله وأهله. وللمنهزمين لدينا أقول: رجاء لا تمارسوا علينا جلد الذات، ولو فتحنا صفحات التاريخ ليهولكم ما فعله الفرنسيس بأجدادنا في الجزائر والمغرب والسنغال ومالي وسوريا وكل بلاد المسلمين التي استعمرتها، وتفجيرات الأمس في باريس – على استنكارنا لها - تظل مجرد لعبة أمام مذابح ومجازر لا إنسانية، لا توصف من فرط وحشيتها، وأرجوكم أن تدخلوا فقط على «جوجل» وتشاهدوا صور المذابح التي ارتكبتها فرنسا المتمدنة وبلاد النور والعطور والأناقة تجاه شعب الجزائر العزّل الضعفاء فترة استعمارها الذي أربى على الـ130 عاما، والقوم يرفضون حتى اليوم الاعتذار عن تلك المجازر البشعة، أقول هذا لكم كي لا تتبجح علينا فرنسا اليوم بكم، وتمارس ما مارسته الولايات المتحدة مرة أخرى. لفرنسا والغرب نقول: تكفي فاتورة 11 سبتمبر، نحن وأنتم سواء في الحرب على الإرهاب، فلا تزايدوا علينا رجاء، وتستمعون للمنهزمين منا، إذ لن نسمح لكم هذه المرة.
-------------------

مقالتي اليوم تتحدث عن تفجيرات باريس ومحاولة الطابور الخامس استعداء فرنسا علينا بما فعلوا مع الأمريكان. .
أيها الغرب: تكفينا فاتورة 11 سبتمبر
بقلم:عبدالعزيز قاسم
 .....)

الشرق -  - عبدالعزيز محمد قاسم

- المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..