أصحاب الكهف هم الذين آمنوا بالله وتركوا عبادة قومهم عبادة الأوثان وعبدوا الله وحده هكذا
يطلق عليهم عند المسلمون ويطلق عليهم عند المسيحيين السبعة النائمون الذين عاشوا في عهد اضطهاد المسيحيين وكان ذلك في ظل حكم ديقيانوس.
كانت توجد قرية مشركة، ضل ملكها وأهلها عن الطريق المستقيم، وعبدوا مع
الله مالا يضرهم ولا ينفعهم. عبدوهم من غير أي دليل على ألوهيتهم. ومع ذلك
كانوا يدافعون عن هذه الآلهة المزعومة، ولا يرضون أن يمسها أحد بسوء.
ويؤذون كل من يكفر بها، ولا يعبدها. في هذا المجتمع الفاسد، ظهرت مجموعة من
الشباب العقلاء. ثلة قليلة حكّمت عقلها، ورفضت السجود لغير خالقها، الله
الذي بيده كل شيء. فتية، آمنوا بالله، فثبتهم وزاد في هداهم. وألهمهم طريق
الرشاد. لم يكن هؤلاء الفتية أنبياء ولا رسلا، ولم يتوجب عليهم تحمل ما
يتحمله الرسل في دعوة أقوامهم. إنما كانوا أصحاب إيمان راسخ، فأنكروا على
قومهم شركهم بالله، وطلبوا منهم إقامة الحجة على وجود آلهة غير الله. ثم
قرروا النجاة بدينهم وبأنفسهم بالهجرة من القرية لمكان آمن يعبدون الله
فيه. فالقرية فاسدة، وأهلها ضالون. عزم الفتية على الخروج من القرية،
والتوجه لكهف مهجور ليكون ملاذا لهم. خرجوا ومعهم كلبهم من المدينة
الواسعة، للكهف الضيق. تركوا وراءهم منازلهم المريحة، ليسكنوا كهفا موحشا.
زهدوا في الأسرّية الوثيرة، والحجر الفسيحة، واختاروا كهفا ضيقا مظلما. إن هذا ليس بغريب على من ملأ الإيمان قلبه. فالمؤمن يرى الصحراء روضة إن أحس أن الله معه. ويرى الكهف قصرا، إن اختار الله له الكهف. وهؤلاء ما خرجوا من قريتهم لطلب دنيا أو مال، وإنما خرجوا طمعا في رضى الله. وأي مكان يمكنهم فيه عبادة الله ونيل رضاه سيكون خيرا من قريتهم التي خرجوا منها. استلقى الفتية في الكهف، وجلس كلبهم على باب الكهف يحرسه. وهنا حدثت معجزة إلاهية. لقد نام الفتية ثلاثمئة وتسع سنوات. وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين كهفهم وتغرب عن شماله، فلا تصيبهم أشعتها في أول ولا آخر النهار.
وكانوا يتقلبون أثناء نومهم، حتى لا تهترئ أجاسدهم. فكان الناظر إليهم يحس بالرعب. يحس بالرعب لأنهم نائمون ولكنهم كالمستيقظين من كثرة تقلّبهم. بعد هذه المئات الثلاث، بعثهم الله مرة أخرى. استيقظوا من سباتهم الطويل، لكنهم لم يدركوا كم مضى عليهم من الوقت في نومهم. وكانت آثار النوم الطويل بادية عليهم. فتساءلوا: كم لبثنا؟! فأجاب بعضهم: لبثنا يوما أو بعض يوم. لكنهم تجاوزوا بسرعة مرحلة الدهشة، فمدة النوم غير مهمة. المهم أنهم استيقظوا وعليهم أن يتدبروا أمورهم. فأخرجوا النقود التي كانت معهم، ثم طلبوا من أحدهم أن يذهب خلسة للمدينة، وأن يشتري طعاما طيبا بهذه النقود، ثم يعود إليهم برفق حتى لا يشعر به أحد. فربما يعاقبهم جنود الملك أو الظلمة من أهل القرية إن علموا بأمرهم. قد يخيرونهم بين العودة للشرك، أو الرجم حتى الموت. خرج الرجل المؤمن متوجها للقرية، إلا أنها لم تكن كعهده بها. لقد تغيرت الأماكن والوجوه. تغيّرت البضائع والنقود. استغرب كيف يحدث كل هذا في يوم وليلة. وبالطبع، لم يكن عسيرا على أهل القرية أن يميزوا دهشة هذا الرجل. ولم يكن صعبا عليهم معرفة أنه غريب، من ثيابه التي يلبسها ونقوده التي يحملها. لقد آمنت المدينة التي خرج منها الفتية، وهلك الملك الظالم، وجاء مكانه رجل صالح. لقد فرح الناس بهؤلاء الفتية المؤمنين. لقد كانوا أول من يؤمن من هذه القرية. لقد هاجروا من قريتهم لكيلا يفتنوا في دينهم. وها هم قد عادوا. فمن حق أهل القرية الفرح. وذهبوا لرؤيتهم. وبعد أن ثبتت المعجزة، معجزة إحياء الأموات. وبعدما استيقنت قلوب أهل القرية قدرة الله سبحانه وتعالى على بعث من يموت، برؤية مثال واقي ملموس أمامهم. أخذ الله أرواح الفتية. فلكل نفس أجل، ولا بد لها أن تموت. فاختلف أهل القرية. فمنهم من دعى لإقامة بنيان على كهفهم، ومنهم من طالب ببناء مسجد، وغلبت الفئة الثانية. لا نزال نجهل كثيرا من الأمور المتعلقة بهم. فهل كانوا قبل زمن عيسى، أم كانوا بعده. هل آمنوا بربهم من تلقاء نفسهم، أم أن أحد الحواريين دعاهم للإيمان. هل كانوا في بلدة من بلاد الروم، أم في فلسطين. هل كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم، أم خمسة سادسهم كلبهم، أم سبعة وثامنهم كلبهم. كل هذه أمور مجهولة. إلا أن الله عز وجل ينهانا عن الجدال في هذه الأمور، ويأمرنا بإرجاع علمهم إلى الله. فالعبرة ليست في العدد، وإنما فيما آل إليه الأمر. فلا يهم إن كانوا أربعة أو ثمانية، إنما المهم أن الله أقامهم بعد أكثر من ثلاثمئة سنة ليرى من عاصرهم قدرة على بعث من في القبور، ولتتناقل الأجيال خبر هذه المعجزة جيلا بعد جيل.
قال محمد بن إسحاق بن يسار عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد قال : لقد حدثت أنه كان على بعضهم من حداثة سنه وضح الورق. قال ابن عباس : فكانوا كذلك ليلهم ونهارهم في عبادة الله، يبكون ويستغيثون بالله، وكانوا ثمانية نفر : مكسلمينا وكان أكبرهم وهو الذي كلم الملك عنهم، ومجسيميلنينا وتمليخا ومرطونس، وكشطونس، وبيرونس، وديموس، ويطونس وقالوش.
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا إِذْ
أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ
لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى وَرَبَطْنَا
عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا
شَطَطًا هَؤُلَاءِ
قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ
بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ
كَذِبًا وَإِذِ
اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى
الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ
مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا وَتَرَى
الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ
وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ
مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ
وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا وَتَحْسَبُهُمْ
أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ
الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ
عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا «الكهف»
وفقا للاعتقاد السائد فإن أصحاب الكهف, الذين أثنت عليهم المصادر الإسلامية والمسيحية, تعرضوا لطغيان الإمبراطور الرومانى ديقيانوس. وفي محاولة من هؤلاء الفتية للتصدى لظلم ديقيانوس
وطغيانه, حذروا قومهم مراراً من أن يتركوا دين الله. ولكن أمام إعراض
قومهم, واشتداد ظلم الإمبرطور وتوعده لهم بالقتل, ترك الفتية مساكنهم.
تكشف السجلات التاريخية عن عدد من الأباطرة الذين مارسوا سياسة الاضطهاد والإرهاب والتعذيب في حق المؤمنين الأوائل بالمسيحية .
و في خطاب أرسله الحاكم الرومانى "بيلونيوس" (690-113 ميلادية) ؛ بشمال غرب الأناضول, إلى الإمبراطور "تريانيوس" ,أشار "بيلونيوس" إلى " أصحاب المسيح " الذين أوذوا لرفضهم عبادة تمثال الإمبراطور. ويعد هذا الخطاب أحد الوثائق الهامة التي تتحدث عن الظلم والقهر الذي تعرض له المسيحيون الأوائل آنذاك.
وفى ظل تلك الظروف, رفض هؤلاء الفتية الخضوع لهذا النظام الكافر, وعبادة الإمبراطور إلهاً من دون الله. ذكر في القرآن وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا «الكهف».
أما بالنسبة للمكان الذي كان يعيش فيه أصحاب الكهف, فإن الآراء تتعدد وتتباين, ولكن أكثر هذه الآراء اعتدالاً هو مدينتى "إفسوس" و"طرسوس".
و يعتبر "دقيوس", إلى جانب "نيرو", هو الإمبراطور الرومانى الذي نكل بالمسيحيين تنكيلاً شديداً. وأثناء فترة حكمه القصيرة, أجبر "دِقيوس" كل من يخضع لحكمه أن يقدم القرابين للآلهة، بل وأن يأتي بما يثبت أنه فعل ذلك ويعرضه على كبار الدولة. ومن لم يستجب منهم, كان يأمر بقتله.
تنص المصادر المسيحية على أن الغالبية العظمى من المسيحيين رفضوا ممارسة تلك الأفعال الوثنية، وهموا بالفرار من مدينة إلى أخرى, أو الاختباء في أماكن نائية. ومن المرجح أن أصحاب الكهف كانوا من ضمن هؤلاء المسيحيون الأوائل.
و في الوقت نفسه لابد هنا من التأكيد على نقطة هامة وهي أن تلك الأحداث نقلها لنا بعض مؤرخى المسلمين والمسيحيين بما يشبه الحكاية، وتحولت بعد ذلك إلى أسطورة نتيجة لما أضيف إليه من أكاذيب وإشاعات، ولكن رغم كل ذلك فإن الحدث يعد واقعة تاريخية. هل كان أصحاب الكهف في "إفسوس"؟ و فيما يتعلق بالمدينة التي عاش فيها الفتية والكهف الذي أووا إليه, فتشير المصادر إلى عدة أماكن. ويرجع ذلك إلى سببين :
الأول :رغبة الناس في الاعتقاد بأن مثل هؤلاء الفتية الشجعان كانوا يعيشون في مدينتهم. والثاني : الشبه الكبير بين الكهوف في تلك المنطقة ؛حيث أنه في جميع الأماكن تقريباً, يوجد مكان للعبادة يقال أنه بُنى فوق الكهوف. و كما هو معروف فإن المسيحيون اتفقوا على أن تكون "إفسوس" هي المكان المقدس؛ حيث يوجد في تلك المدينة منزلاً يُقال إنه للسيدة مريم العذراء, وقد أصبح فيما بعد كنيسة. لذلك فإنه من المرجح أن يكون أصحاب الكهف قد أقاموا في واحد من تلك الأماكن المقدسة. علاوة على ذلك, فإن بعض المصادر المسيحية تؤكد أن "إفسوس"هىالمكان.
و يعد القديس السورى "جيمز" (وُلد452 ميلادية) أقدم المصادر في ذلك الصدد, واستشهد "جيبون" المؤرخ الشهير في كتابه " تدهور وسقوط الدولة الرومانية" بالكثير من دراسة "جيمز". ووفقاً لما جاء في هذا الكتاب, فإن الإمبراطور الذي عذَب الفتية السبعة المسيحيين المؤمنين هو "دِقيوس". وقد حكم "دقيوس" الإمبراطورية الرومانية في الفترة ما بين 249 و251 ميلادية.واشتهرت فترة حكمه بألوان العذاب التي مارسها ضد أتباع النبي عيسى.
ويرى المفسرون المسلمون أن المكان الذي وقع فيه الحدث هو إما "أفسوس" أو "أفسُس", في حين يرى "جيبون" أنه "إفسوس." ولأن تلك المدينة تقع على الساحل الغربي لبلاد الأناضول, فإنها تعد من أكبر موانى ومدن الإمبراطورية الرومانية. واليوم يُعرف حطام تلك المدينة باسم"مدينة إفسوس العتيقة"
و يرى الباحثون المسلمون أن الإمبراطور الذي كان يحكم البلاد في الفترة التي قام فيه أصحاب الكهف من رقدتهم اسمه "تيزوسيوس", في حين يرى "جيبون" أن اسمه "ثيودسيوس الثانى" وقد حكم هذا الإمبراطور البلاد في الفترة من 408 إلى 450 ميلادية بعدما دانت الإمبراطورية الرومانية بالمسيحية.
و في بعض التفسيرات المتعلقة بالآية التالية, قيل أن باب الكهف كان من نحو الشمال, وعليه فإن ضوء الشمس كان لا يصل إلى الداخل، ولهذا فإن من يمر على الكهف كان لا يستطيع أن يرى ما بداخله, والآية توضح هذا المعنى: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا
وأشار عالم الآثار دكتور "موسى باران" في كتابه "إفسوس" إلى مدينة "إفسوس" باعتبارها المكان الذي كان يعيش فيه مجموعة الفتية، وأضاف قائلاً
"في عام 250 ميلادية, كان يعيش سبعة فتية في "إفسوس" وقد اختاروا المسيحية ديناً لهم وتركوا عبادة الأوثان, وفيما هم يبحثون عن مكان للهروب بدينهم, عثروا على كهف بالمنحدر الشرقي لجبل "بيون". وقد رأى ذلك جنود الرومان فبنوا حائطاً ليسدوا به مدخل الكهف"[1]
واليوم يشاهد العديد من المباني الدينية وقد بنيت فوق هذه الحجارة والقبور، أظهرت الحفريات التي قام بها المعهد الأسترالي الأثري عام 1926 أن الآثار التي ظهرت على سفح جبل بيون تعود إلى بناء تم تشييده تكريماً لأصحاب الكهف في منتصف القرن السابع (خلال حكم ثيودوسيوس الثاني)[2].
و قد حدد "الطبرى"، وهو واحد من أهم مفسرى القرآن الكريم, اسم الجبل الذي يوجد به الكهف على أنه "بينسيلوس" وذلك في كتابه "تاريخ الأمم"و أضاف أن الجبل في "طرسوس, وقال أيضاً "محمد أمين", وهو من أشهر مفسرى القرآن, أن الجبل كان اسمه "بنسيلوس" وأنه في "طرسوس". ويمكن أن تنطق "بنسيلوس" على أنها "إنسيلوس", وفي رأيه أن الاختلاف بين الكلمتين يرجع إلى اختلاف نطق حرف "الباء", أو لفقدان حرف من الكلمة الأصلية وهو ما يُعرف "بالنحت التاريخى للكلمة".
و أوضح "فخر الدين الرازى"(3), وهو أيضاً من أشهر علماء القرآن الكريم, أنه بالرغم من أن المكان يُطلق عليه "إفسوس", فإن القصد هو "طرسوس" لأن "إفسوس" ما هي إلا مسمى آخر لمدينة "طرسوس." بالإضافة إلى ذلك, فإنه في شروح كل من: القاضي البيضاوى والناصفى وتفسير الجلالين والتبيان (4)و تفسير العاملي والناصوحى بيلمين وغيرهم من العلماء, تم تحديد المكان على أنه "طرسوس." هذا إلى جانب أن كل هؤلاء المفسرين فسروا قوله تعالى: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا «الكهف»، بقولهم أن مدخل الكهف كان من نحو الشمال (4).
وكذلك كان مُقام أصحاب الكهف موضعاً للاهتمام أيام الخلافة العثمانية, وقد أُجريت بعض الأبحاث بهذا الشأن. وتمت بعض المراسلات وتبادل المعلومات حول هذا الموضوع في مخازن السجلات العثمانية برئاسة الوزراء؛ فعلى سبيل المثال, أشتمل خطاب بعثته إدارة "طرسوس" المحلية إلى رئيس خزانة الدولة العثمانية على طلباً رسمياُ بإعطاء مرتبات لهؤلاء المسؤولين عن تنظيف "الكهف" والحفاظ عليه. ونص الرد على أنه لكى تُخَصص مرتبات لهؤلاء الأشخاص, لابد من التأكد أن هذا المكان هو بالفعل المكان الذي أقام به أصحاب الكهف. والبحث الذي أُجرى بهذا الصدد قد ساعد كثيراً في تحديد المكان الحقيقى للكهف. وبعد التحقيقات التي أجراها المجلس القومى تم إعداد تقرير ينص علىالآتى:
"إلى الشمال من مدينة طرسوس, في بلدة "عَدَنة", يوجد كهفاً على جبل يبعد ساعتين عن المدينة ومدخله يتجه ناحية الشمال كما أخبر القرآن الكريم"
و كثُيراً ما كانت المناظرات حول هوية أصحاب الكهف وأين ومتى كانوا يعيشون حافزاً للسلطات لكى تجرى المزيد من البحوث بهذا الشأن. وبرغم التعليقات العديدة, فإن أياً من هذه التعليقات لا يعتبر أكيداً؛ ولذلك فإن أسئلة مثل: "في أى فترة عاش هؤلاء الفتية المؤمنون" و" أين الكهف الذي أخبرنا عنه القرآن الكريم" ظلت دون إجابة واضحة.
ورد في سورة "الكهف" العديد من القصص القرآنية العجيبة والمتعددة، منها
قصة موسى مع الخضر، وقصة ذي القرنين، وقصة الفتية المؤمنين الذين فروا
بدينهم واعتزلوا قومهم فآووا إلى أحد الكهوف بوحي من الله، يقول الله
سبحانه وتعالى:" وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف، ينشر
لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا"(1)، ولأهمية هذه القصة وهذا
الكهف فقد تم تسمية السورة الكريمة باسمه أي "سورة الكهف".
وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن علاقة حركة الشمس بهذا الكهف وأن ذلك من آياته في قوله سبحانه وتعالى: "وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه، ذلك من آيات الله، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا" (2).
الكهف في اللغة هو الغار في الجبل، وهو المغارة الواسعة في الجبل(3)، أما الفجوة فيقال فجوة الدار أي ساحتها (4)، والفجوة أيضا المتسع بين الشيئين(5). ويذكر ابن كثير () في شرح الآية الكريمة(6): "أن هذا دليل على أن باب هذا الكهف المذكور كان من نحو الشمال، لأنه تعالى أخبر أن الشمس إذا دخلته عند طلوعها تزاور عنه (ذات اليمين) أي يتقلص الفيئ يمنة، كما قال ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة (تزاور) أي تميل وذلك أنها كلما ارتفعت في الأفق تقلص شعاعها بارتفاعها حتى لايبقى منه شيئ عند الزوال في مثل ذلك المكان، ولهذا قال (وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال) أي تدخل إلى غارهم من شمال بابه وهو من ناحية المشرق فدل على صحة ما قلناه وهذا بين لمن تأمله وكان له علم بمعرفة الهيئة وسير الشمس والقمر والكواكب، وبيانه أنه لو كان باب الغار من ناحية المشرق لما دخل إليه منها شيء عند الغروب، ولو كان من ناحية القبلة (يقصد الجنوب) لما دخل منها شيئ عند الطلوع ولاعند الغروب ولاتزاور الفيئ يمينا ولاشمالا، ولو كان من جهة الغرب لما دخلته وقت الطلوع بل بعد الزوال ولم تزل فيه إلى الغروب فتعين ما ذكرناه ولله الحمد، وقال مالك عن زيد بن أسلم تميل (ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه) أي في متسع منه داخلا بحيث لا تصيبهم إذ لو أصابتهم لأحرقت أبدانهم وثيابهم قاله ابن عباس، (ذلك من آيات الله) حيث أرشدهم إلى هذا الغار الذي جعلهم فيه أحياء والشمس والريح تدخل عليهم فيه لتبقى أبدانهم.
ويقول الإمام الشوكانى () في تفسير الآية الكريمة(7): " للمفسرين في تفسير هذه الآية قولان: الأول: أنهم مع كونهم في مكان منفتح انفتاحا واسعا في ظل جميع نهارهم ولا تصيبهم الشمس في طلوعها ولا في غروبها لأن الله حجبها عنهم. والثاني: أن باب الكهف كان مفتوحا جهة الشمال فإذا طلعت الشمس كانت عن يمين الكهف وإذا غربت كانت عن يساره".
أولا: اكتشاف مكان الكهف المذكور بالقرآن الكريم وأدلة ذلك : اختلفت الآراء حول موقع ومكان الكهف الذي ارتبط بقصة الفتية المؤمنين المذكورة في القرآن الكريم ضمن سورة الكهف، وقد أشارت بعض الاكتشافات الأثرية في العقود الماضية لبعض الكهوف التي تم اكتشافها بالقرب من عمان بالأردن أو أفسوس بآسيا الصغرى أو حتى في اسكتلندا، وقد رجحت بعض الأدلة التاريخية والأثرية وكذلك انطباق آية طلوع الشمس وغروبها أن الكهف الموجود بجنوب عمان في الأردن أن يكون هو الكهف المذكور في القرآن الكريم.
ففي عام 1963 قامت دائرة الآثار العامة الأردنية بحفريات أثرية تحت إشراف المرحوم رفيق وفا الدجاني في منطقة تسمى "سحاب"،وتقع على بعد حوالي 13 كم جنوب شرق العاصمة الأردنية عمان، وقد استدل علماء الآثار والتاريخ بعدة أدلة ترجح بقوة أن يكون هذا الكهف هو الذي جاء ذكره في القرآن الكريم، وهذه الأدلة هي:
أ- الدليل التاريخي: من الأدلة التاريخية التي يذكرها رجال الآثار أن العديد من الصحابة وقادة الجيوش الإسلامية قد ذكروا أن موقع الكهف الذي يوجد به أصحاب الكهف موجود بجبل الرقيم بالأردن حيث زاروا هذا الموقع وعرفوه، ومنهم الصحابي عبادة بن الصامت الذي مر على الكهف في زمن عمر بن الخطاب وأيضا معاوية بن أبي سفيان، وكذلك حبيب بن مسلمة وابن عباس قد دخلوا هذا الكهف ورأوا عظام أصحاب الكهف (8). ب-الدليل الأثري: تم العثور على بناء أثري بنى فوق الكهف وهو الذي أشير إليه في قوله تعالى: "فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم، قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا"، فقد أثبتت الحفريات عن وجود بنيان فوق هذا الكهف كان معبدا (كنيسة) ثم تحول إلى مسجد في العصر الإسلامي، ويوجد بقايا سبعة أعمدة مصنوعة من الأحجار غير مكتملة الارتفاع ومخروطة على شكل دائري، كما يوجد بقايا محراب نصف دائري يقع فوق باب الكهف تماما، وبين الأعمدة الباقية بالمسجد بئر مملوءة بالماء وهي البئر التي كان يتم استخدامها في الوضوء، وقد أتيح لمقدم البحث أن يرى هذا المسجد خلال الزيارة الميدانية للكهف، شكل (1).
وقد تم ترميم المسجد أكثر من مرة وفقا لما هو مدون على الأحجار التي وجدت بداخله، وهي تشير إلى تجديد تم عام 117 هجرية ثم عام 277 هجرية، ثم أعيد التجديد مرة أخرى عام 900 هجرية مما يدل على اهتمام المسلمين الأوائل بهذا المسجد لاقتناعهم بأنه المذكور في القرآن الكريم، ومما يؤكد الاهتمام بهذا الموقع وجود مسجد آخر يقع بالجهة القبلية من الكهف وما زال منبر هذا المسجد قائما إلى اليوم وهو مكون من ثلاث درجات ضخمة من الأحجار على يمين المحراب، شكل (2)، وقد عثر بالمسجد على بلاطة تفيد بأن الخليفة الموفق العباسي قد أمر بتجديده.
كما تم العثور على ثمانية قبور بنيت بالصخر أربعة منها يضمها قبو يقع على يمين الداخل للكهف والأربع الأخرى تقع في قبو على يسار الداخل للكهف والمرجح أنها القبور التي دفن فيها الفتية التي ورد ذكرهم في القرآن، شكل (3)، وفي المنطقة الواقعة بين القبوين في الجزء الأول من الكهف تم العثور على جمجة لكلب وبفكه ناب واحد وأربعة أضراس، ويوجد بالكهف دولاب زجاجي يحتوى على جمجمة الكلب إلى جانب بعض قطع من النقود التي كانوا يستعملونها ومجموعة من الأساور والخواتم والخرز وبعض الأواني الفخارية، شكل (4).
ج- الدليل الجيولوجي: يؤكد المهندس الجيولوجي ناظم الكيلانى(9) من خلال فحوصاته المختبرية على أن تربة الكهف ومنطقة الرقيم تساعدان على صيانة الجسم، ويذكر أن هذه التربة تتكون من الكاربوهيدرات والكالسيوم والمغنسيوم إضافة إلى حفريات النباتات والحيوانات المشبعة بالراديوم، وهذه المواد توجد في معادن اليورانيوم والثوريوم المشعة
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
يطلق عليهم عند المسلمون ويطلق عليهم عند المسيحيين السبعة النائمون الذين عاشوا في عهد اضطهاد المسيحيين وكان ذلك في ظل حكم ديقيانوس.
زهدوا في الأسرّية الوثيرة، والحجر الفسيحة، واختاروا كهفا ضيقا مظلما. إن هذا ليس بغريب على من ملأ الإيمان قلبه. فالمؤمن يرى الصحراء روضة إن أحس أن الله معه. ويرى الكهف قصرا، إن اختار الله له الكهف. وهؤلاء ما خرجوا من قريتهم لطلب دنيا أو مال، وإنما خرجوا طمعا في رضى الله. وأي مكان يمكنهم فيه عبادة الله ونيل رضاه سيكون خيرا من قريتهم التي خرجوا منها. استلقى الفتية في الكهف، وجلس كلبهم على باب الكهف يحرسه. وهنا حدثت معجزة إلاهية. لقد نام الفتية ثلاثمئة وتسع سنوات. وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين كهفهم وتغرب عن شماله، فلا تصيبهم أشعتها في أول ولا آخر النهار.
وكانوا يتقلبون أثناء نومهم، حتى لا تهترئ أجاسدهم. فكان الناظر إليهم يحس بالرعب. يحس بالرعب لأنهم نائمون ولكنهم كالمستيقظين من كثرة تقلّبهم. بعد هذه المئات الثلاث، بعثهم الله مرة أخرى. استيقظوا من سباتهم الطويل، لكنهم لم يدركوا كم مضى عليهم من الوقت في نومهم. وكانت آثار النوم الطويل بادية عليهم. فتساءلوا: كم لبثنا؟! فأجاب بعضهم: لبثنا يوما أو بعض يوم. لكنهم تجاوزوا بسرعة مرحلة الدهشة، فمدة النوم غير مهمة. المهم أنهم استيقظوا وعليهم أن يتدبروا أمورهم. فأخرجوا النقود التي كانت معهم، ثم طلبوا من أحدهم أن يذهب خلسة للمدينة، وأن يشتري طعاما طيبا بهذه النقود، ثم يعود إليهم برفق حتى لا يشعر به أحد. فربما يعاقبهم جنود الملك أو الظلمة من أهل القرية إن علموا بأمرهم. قد يخيرونهم بين العودة للشرك، أو الرجم حتى الموت. خرج الرجل المؤمن متوجها للقرية، إلا أنها لم تكن كعهده بها. لقد تغيرت الأماكن والوجوه. تغيّرت البضائع والنقود. استغرب كيف يحدث كل هذا في يوم وليلة. وبالطبع، لم يكن عسيرا على أهل القرية أن يميزوا دهشة هذا الرجل. ولم يكن صعبا عليهم معرفة أنه غريب، من ثيابه التي يلبسها ونقوده التي يحملها. لقد آمنت المدينة التي خرج منها الفتية، وهلك الملك الظالم، وجاء مكانه رجل صالح. لقد فرح الناس بهؤلاء الفتية المؤمنين. لقد كانوا أول من يؤمن من هذه القرية. لقد هاجروا من قريتهم لكيلا يفتنوا في دينهم. وها هم قد عادوا. فمن حق أهل القرية الفرح. وذهبوا لرؤيتهم. وبعد أن ثبتت المعجزة، معجزة إحياء الأموات. وبعدما استيقنت قلوب أهل القرية قدرة الله سبحانه وتعالى على بعث من يموت، برؤية مثال واقي ملموس أمامهم. أخذ الله أرواح الفتية. فلكل نفس أجل، ولا بد لها أن تموت. فاختلف أهل القرية. فمنهم من دعى لإقامة بنيان على كهفهم، ومنهم من طالب ببناء مسجد، وغلبت الفئة الثانية. لا نزال نجهل كثيرا من الأمور المتعلقة بهم. فهل كانوا قبل زمن عيسى، أم كانوا بعده. هل آمنوا بربهم من تلقاء نفسهم، أم أن أحد الحواريين دعاهم للإيمان. هل كانوا في بلدة من بلاد الروم، أم في فلسطين. هل كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم، أم خمسة سادسهم كلبهم، أم سبعة وثامنهم كلبهم. كل هذه أمور مجهولة. إلا أن الله عز وجل ينهانا عن الجدال في هذه الأمور، ويأمرنا بإرجاع علمهم إلى الله. فالعبرة ليست في العدد، وإنما فيما آل إليه الأمر. فلا يهم إن كانوا أربعة أو ثمانية، إنما المهم أن الله أقامهم بعد أكثر من ثلاثمئة سنة ليرى من عاصرهم قدرة على بعث من في القبور، ولتتناقل الأجيال خبر هذه المعجزة جيلا بعد جيل.
قال محمد بن إسحاق بن يسار عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد قال : لقد حدثت أنه كان على بعضهم من حداثة سنه وضح الورق. قال ابن عباس : فكانوا كذلك ليلهم ونهارهم في عبادة الله، يبكون ويستغيثون بالله، وكانوا ثمانية نفر : مكسلمينا وكان أكبرهم وهو الذي كلم الملك عنهم، ومجسيميلنينا وتمليخا ومرطونس، وكشطونس، وبيرونس، وديموس، ويطونس وقالوش.
سبب نزول قصة أصحاب الكهف في القرآن
ان سبب نزول قصة أصحاب الكهف، وخبر ذي القرنين ما ذكره محمد بن إسحاق وغيره في السيرة أن قريشا بعثوا إلى اليهود سألونهم عن أشياء يمتحنون بها محمد رسول الله ويسألونه عنها؛ ليختبروا ما يجيب به فيها فقالوا:سلوه عن أقوام ذهبوا في الدهر فلا يدري ما صنعوا، وعن رجل طواف في الأرض وعن الروح. فأنزل الله((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ)) ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ)) وقال ههنا ((أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَأبَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا))أي؛ ليسوا بعجب عظيم بالنسبة إلى ما أطلعناك عليه من الأخبار العظيمة، والآيات الباهرة والعجائب الغريبة. والكهف هو الغار في الجبل. فقد ذكر الله في القران:دراسات عن اصحاب الكهف
تكشف السجلات التاريخية عن عدد من الأباطرة الذين مارسوا سياسة الاضطهاد والإرهاب والتعذيب في حق المؤمنين الأوائل بالمسيحية .
و في خطاب أرسله الحاكم الرومانى "بيلونيوس" (690-113 ميلادية) ؛ بشمال غرب الأناضول, إلى الإمبراطور "تريانيوس" ,أشار "بيلونيوس" إلى " أصحاب المسيح " الذين أوذوا لرفضهم عبادة تمثال الإمبراطور. ويعد هذا الخطاب أحد الوثائق الهامة التي تتحدث عن الظلم والقهر الذي تعرض له المسيحيون الأوائل آنذاك.
وفى ظل تلك الظروف, رفض هؤلاء الفتية الخضوع لهذا النظام الكافر, وعبادة الإمبراطور إلهاً من دون الله. ذكر في القرآن وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا «الكهف».
أما بالنسبة للمكان الذي كان يعيش فيه أصحاب الكهف, فإن الآراء تتعدد وتتباين, ولكن أكثر هذه الآراء اعتدالاً هو مدينتى "إفسوس" و"طرسوس".
- ويمن القول أن جميع المصادر المسيحية على وجه التقريب تعتبر مدينة "إفسوس" هي مكان الكهف الذي التجأ إليه هؤلاء الفتية المؤمنين. *ويتفق بعض الباحثين المسلمين ومفسري القرآن مع المسيحيين على أن "إفسوس" هي المكان,
و يعتبر "دقيوس", إلى جانب "نيرو", هو الإمبراطور الرومانى الذي نكل بالمسيحيين تنكيلاً شديداً. وأثناء فترة حكمه القصيرة, أجبر "دِقيوس" كل من يخضع لحكمه أن يقدم القرابين للآلهة، بل وأن يأتي بما يثبت أنه فعل ذلك ويعرضه على كبار الدولة. ومن لم يستجب منهم, كان يأمر بقتله.
تنص المصادر المسيحية على أن الغالبية العظمى من المسيحيين رفضوا ممارسة تلك الأفعال الوثنية، وهموا بالفرار من مدينة إلى أخرى, أو الاختباء في أماكن نائية. ومن المرجح أن أصحاب الكهف كانوا من ضمن هؤلاء المسيحيون الأوائل.
و في الوقت نفسه لابد هنا من التأكيد على نقطة هامة وهي أن تلك الأحداث نقلها لنا بعض مؤرخى المسلمين والمسيحيين بما يشبه الحكاية، وتحولت بعد ذلك إلى أسطورة نتيجة لما أضيف إليه من أكاذيب وإشاعات، ولكن رغم كل ذلك فإن الحدث يعد واقعة تاريخية. هل كان أصحاب الكهف في "إفسوس"؟ و فيما يتعلق بالمدينة التي عاش فيها الفتية والكهف الذي أووا إليه, فتشير المصادر إلى عدة أماكن. ويرجع ذلك إلى سببين :
الأول :رغبة الناس في الاعتقاد بأن مثل هؤلاء الفتية الشجعان كانوا يعيشون في مدينتهم. والثاني : الشبه الكبير بين الكهوف في تلك المنطقة ؛حيث أنه في جميع الأماكن تقريباً, يوجد مكان للعبادة يقال أنه بُنى فوق الكهوف. و كما هو معروف فإن المسيحيون اتفقوا على أن تكون "إفسوس" هي المكان المقدس؛ حيث يوجد في تلك المدينة منزلاً يُقال إنه للسيدة مريم العذراء, وقد أصبح فيما بعد كنيسة. لذلك فإنه من المرجح أن يكون أصحاب الكهف قد أقاموا في واحد من تلك الأماكن المقدسة. علاوة على ذلك, فإن بعض المصادر المسيحية تؤكد أن "إفسوس"هىالمكان.
و يعد القديس السورى "جيمز" (وُلد452 ميلادية) أقدم المصادر في ذلك الصدد, واستشهد "جيبون" المؤرخ الشهير في كتابه " تدهور وسقوط الدولة الرومانية" بالكثير من دراسة "جيمز". ووفقاً لما جاء في هذا الكتاب, فإن الإمبراطور الذي عذَب الفتية السبعة المسيحيين المؤمنين هو "دِقيوس". وقد حكم "دقيوس" الإمبراطورية الرومانية في الفترة ما بين 249 و251 ميلادية.واشتهرت فترة حكمه بألوان العذاب التي مارسها ضد أتباع النبي عيسى.
ويرى المفسرون المسلمون أن المكان الذي وقع فيه الحدث هو إما "أفسوس" أو "أفسُس", في حين يرى "جيبون" أنه "إفسوس." ولأن تلك المدينة تقع على الساحل الغربي لبلاد الأناضول, فإنها تعد من أكبر موانى ومدن الإمبراطورية الرومانية. واليوم يُعرف حطام تلك المدينة باسم"مدينة إفسوس العتيقة"
و يرى الباحثون المسلمون أن الإمبراطور الذي كان يحكم البلاد في الفترة التي قام فيه أصحاب الكهف من رقدتهم اسمه "تيزوسيوس", في حين يرى "جيبون" أن اسمه "ثيودسيوس الثانى" وقد حكم هذا الإمبراطور البلاد في الفترة من 408 إلى 450 ميلادية بعدما دانت الإمبراطورية الرومانية بالمسيحية.
و في بعض التفسيرات المتعلقة بالآية التالية, قيل أن باب الكهف كان من نحو الشمال, وعليه فإن ضوء الشمس كان لا يصل إلى الداخل، ولهذا فإن من يمر على الكهف كان لا يستطيع أن يرى ما بداخله, والآية توضح هذا المعنى: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا
وأشار عالم الآثار دكتور "موسى باران" في كتابه "إفسوس" إلى مدينة "إفسوس" باعتبارها المكان الذي كان يعيش فيه مجموعة الفتية، وأضاف قائلاً
"في عام 250 ميلادية, كان يعيش سبعة فتية في "إفسوس" وقد اختاروا المسيحية ديناً لهم وتركوا عبادة الأوثان, وفيما هم يبحثون عن مكان للهروب بدينهم, عثروا على كهف بالمنحدر الشرقي لجبل "بيون". وقد رأى ذلك جنود الرومان فبنوا حائطاً ليسدوا به مدخل الكهف"[1]
واليوم يشاهد العديد من المباني الدينية وقد بنيت فوق هذه الحجارة والقبور، أظهرت الحفريات التي قام بها المعهد الأسترالي الأثري عام 1926 أن الآثار التي ظهرت على سفح جبل بيون تعود إلى بناء تم تشييده تكريماً لأصحاب الكهف في منتصف القرن السابع (خلال حكم ثيودوسيوس الثاني)[2].
هل أصحاب الكهف في طرسوس؟
و المكان الثاني الذي أُشير إليه باعتباره المكان الذي عاش فيه أصحاب الكهف هو مدينة "طرسوس." وبالفعل فإن هناك كهفاً شديد الشبه بذلك الذي وصفه القرآن الكريم، ويقع على جبل يُعرف باسم "إنسيلوس" أو "بنسيلوس" بشمال غرب "طرسوس." وفكرة أن تكون مدينة "طرسوس" هي المكان الصحيح كان رأى علماء المسلمين.و قد حدد "الطبرى"، وهو واحد من أهم مفسرى القرآن الكريم, اسم الجبل الذي يوجد به الكهف على أنه "بينسيلوس" وذلك في كتابه "تاريخ الأمم"و أضاف أن الجبل في "طرسوس, وقال أيضاً "محمد أمين", وهو من أشهر مفسرى القرآن, أن الجبل كان اسمه "بنسيلوس" وأنه في "طرسوس". ويمكن أن تنطق "بنسيلوس" على أنها "إنسيلوس", وفي رأيه أن الاختلاف بين الكلمتين يرجع إلى اختلاف نطق حرف "الباء", أو لفقدان حرف من الكلمة الأصلية وهو ما يُعرف "بالنحت التاريخى للكلمة".
و أوضح "فخر الدين الرازى"(3), وهو أيضاً من أشهر علماء القرآن الكريم, أنه بالرغم من أن المكان يُطلق عليه "إفسوس", فإن القصد هو "طرسوس" لأن "إفسوس" ما هي إلا مسمى آخر لمدينة "طرسوس." بالإضافة إلى ذلك, فإنه في شروح كل من: القاضي البيضاوى والناصفى وتفسير الجلالين والتبيان (4)و تفسير العاملي والناصوحى بيلمين وغيرهم من العلماء, تم تحديد المكان على أنه "طرسوس." هذا إلى جانب أن كل هؤلاء المفسرين فسروا قوله تعالى: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا «الكهف»، بقولهم أن مدخل الكهف كان من نحو الشمال (4).
وكذلك كان مُقام أصحاب الكهف موضعاً للاهتمام أيام الخلافة العثمانية, وقد أُجريت بعض الأبحاث بهذا الشأن. وتمت بعض المراسلات وتبادل المعلومات حول هذا الموضوع في مخازن السجلات العثمانية برئاسة الوزراء؛ فعلى سبيل المثال, أشتمل خطاب بعثته إدارة "طرسوس" المحلية إلى رئيس خزانة الدولة العثمانية على طلباً رسمياُ بإعطاء مرتبات لهؤلاء المسؤولين عن تنظيف "الكهف" والحفاظ عليه. ونص الرد على أنه لكى تُخَصص مرتبات لهؤلاء الأشخاص, لابد من التأكد أن هذا المكان هو بالفعل المكان الذي أقام به أصحاب الكهف. والبحث الذي أُجرى بهذا الصدد قد ساعد كثيراً في تحديد المكان الحقيقى للكهف. وبعد التحقيقات التي أجراها المجلس القومى تم إعداد تقرير ينص علىالآتى:
"إلى الشمال من مدينة طرسوس, في بلدة "عَدَنة", يوجد كهفاً على جبل يبعد ساعتين عن المدينة ومدخله يتجه ناحية الشمال كما أخبر القرآن الكريم"
و كثُيراً ما كانت المناظرات حول هوية أصحاب الكهف وأين ومتى كانوا يعيشون حافزاً للسلطات لكى تجرى المزيد من البحوث بهذا الشأن. وبرغم التعليقات العديدة, فإن أياً من هذه التعليقات لا يعتبر أكيداً؛ ولذلك فإن أسئلة مثل: "في أى فترة عاش هؤلاء الفتية المؤمنون" و" أين الكهف الذي أخبرنا عنه القرآن الكريم" ظلت دون إجابة واضحة.
دراسة ميدانية وشمسية لكهف الفتية بالأردن
وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن علاقة حركة الشمس بهذا الكهف وأن ذلك من آياته في قوله سبحانه وتعالى: "وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه، ذلك من آيات الله، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا" (2).
الكهف في اللغة هو الغار في الجبل، وهو المغارة الواسعة في الجبل(3)، أما الفجوة فيقال فجوة الدار أي ساحتها (4)، والفجوة أيضا المتسع بين الشيئين(5). ويذكر ابن كثير () في شرح الآية الكريمة(6): "أن هذا دليل على أن باب هذا الكهف المذكور كان من نحو الشمال، لأنه تعالى أخبر أن الشمس إذا دخلته عند طلوعها تزاور عنه (ذات اليمين) أي يتقلص الفيئ يمنة، كما قال ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة (تزاور) أي تميل وذلك أنها كلما ارتفعت في الأفق تقلص شعاعها بارتفاعها حتى لايبقى منه شيئ عند الزوال في مثل ذلك المكان، ولهذا قال (وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال) أي تدخل إلى غارهم من شمال بابه وهو من ناحية المشرق فدل على صحة ما قلناه وهذا بين لمن تأمله وكان له علم بمعرفة الهيئة وسير الشمس والقمر والكواكب، وبيانه أنه لو كان باب الغار من ناحية المشرق لما دخل إليه منها شيء عند الغروب، ولو كان من ناحية القبلة (يقصد الجنوب) لما دخل منها شيئ عند الطلوع ولاعند الغروب ولاتزاور الفيئ يمينا ولاشمالا، ولو كان من جهة الغرب لما دخلته وقت الطلوع بل بعد الزوال ولم تزل فيه إلى الغروب فتعين ما ذكرناه ولله الحمد، وقال مالك عن زيد بن أسلم تميل (ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه) أي في متسع منه داخلا بحيث لا تصيبهم إذ لو أصابتهم لأحرقت أبدانهم وثيابهم قاله ابن عباس، (ذلك من آيات الله) حيث أرشدهم إلى هذا الغار الذي جعلهم فيه أحياء والشمس والريح تدخل عليهم فيه لتبقى أبدانهم.
ويقول الإمام الشوكانى () في تفسير الآية الكريمة(7): " للمفسرين في تفسير هذه الآية قولان: الأول: أنهم مع كونهم في مكان منفتح انفتاحا واسعا في ظل جميع نهارهم ولا تصيبهم الشمس في طلوعها ولا في غروبها لأن الله حجبها عنهم. والثاني: أن باب الكهف كان مفتوحا جهة الشمال فإذا طلعت الشمس كانت عن يمين الكهف وإذا غربت كانت عن يساره".
أولا: اكتشاف مكان الكهف المذكور بالقرآن الكريم وأدلة ذلك : اختلفت الآراء حول موقع ومكان الكهف الذي ارتبط بقصة الفتية المؤمنين المذكورة في القرآن الكريم ضمن سورة الكهف، وقد أشارت بعض الاكتشافات الأثرية في العقود الماضية لبعض الكهوف التي تم اكتشافها بالقرب من عمان بالأردن أو أفسوس بآسيا الصغرى أو حتى في اسكتلندا، وقد رجحت بعض الأدلة التاريخية والأثرية وكذلك انطباق آية طلوع الشمس وغروبها أن الكهف الموجود بجنوب عمان في الأردن أن يكون هو الكهف المذكور في القرآن الكريم.
ففي عام 1963 قامت دائرة الآثار العامة الأردنية بحفريات أثرية تحت إشراف المرحوم رفيق وفا الدجاني في منطقة تسمى "سحاب"،وتقع على بعد حوالي 13 كم جنوب شرق العاصمة الأردنية عمان، وقد استدل علماء الآثار والتاريخ بعدة أدلة ترجح بقوة أن يكون هذا الكهف هو الذي جاء ذكره في القرآن الكريم، وهذه الأدلة هي:
أ- الدليل التاريخي: من الأدلة التاريخية التي يذكرها رجال الآثار أن العديد من الصحابة وقادة الجيوش الإسلامية قد ذكروا أن موقع الكهف الذي يوجد به أصحاب الكهف موجود بجبل الرقيم بالأردن حيث زاروا هذا الموقع وعرفوه، ومنهم الصحابي عبادة بن الصامت الذي مر على الكهف في زمن عمر بن الخطاب وأيضا معاوية بن أبي سفيان، وكذلك حبيب بن مسلمة وابن عباس قد دخلوا هذا الكهف ورأوا عظام أصحاب الكهف (8). ب-الدليل الأثري: تم العثور على بناء أثري بنى فوق الكهف وهو الذي أشير إليه في قوله تعالى: "فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم، قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا"، فقد أثبتت الحفريات عن وجود بنيان فوق هذا الكهف كان معبدا (كنيسة) ثم تحول إلى مسجد في العصر الإسلامي، ويوجد بقايا سبعة أعمدة مصنوعة من الأحجار غير مكتملة الارتفاع ومخروطة على شكل دائري، كما يوجد بقايا محراب نصف دائري يقع فوق باب الكهف تماما، وبين الأعمدة الباقية بالمسجد بئر مملوءة بالماء وهي البئر التي كان يتم استخدامها في الوضوء، وقد أتيح لمقدم البحث أن يرى هذا المسجد خلال الزيارة الميدانية للكهف، شكل (1).
وقد تم ترميم المسجد أكثر من مرة وفقا لما هو مدون على الأحجار التي وجدت بداخله، وهي تشير إلى تجديد تم عام 117 هجرية ثم عام 277 هجرية، ثم أعيد التجديد مرة أخرى عام 900 هجرية مما يدل على اهتمام المسلمين الأوائل بهذا المسجد لاقتناعهم بأنه المذكور في القرآن الكريم، ومما يؤكد الاهتمام بهذا الموقع وجود مسجد آخر يقع بالجهة القبلية من الكهف وما زال منبر هذا المسجد قائما إلى اليوم وهو مكون من ثلاث درجات ضخمة من الأحجار على يمين المحراب، شكل (2)، وقد عثر بالمسجد على بلاطة تفيد بأن الخليفة الموفق العباسي قد أمر بتجديده.
كما تم العثور على ثمانية قبور بنيت بالصخر أربعة منها يضمها قبو يقع على يمين الداخل للكهف والأربع الأخرى تقع في قبو على يسار الداخل للكهف والمرجح أنها القبور التي دفن فيها الفتية التي ورد ذكرهم في القرآن، شكل (3)، وفي المنطقة الواقعة بين القبوين في الجزء الأول من الكهف تم العثور على جمجة لكلب وبفكه ناب واحد وأربعة أضراس، ويوجد بالكهف دولاب زجاجي يحتوى على جمجمة الكلب إلى جانب بعض قطع من النقود التي كانوا يستعملونها ومجموعة من الأساور والخواتم والخرز وبعض الأواني الفخارية، شكل (4).
ج- الدليل الجيولوجي: يؤكد المهندس الجيولوجي ناظم الكيلانى(9) من خلال فحوصاته المختبرية على أن تربة الكهف ومنطقة الرقيم تساعدان على صيانة الجسم، ويذكر أن هذه التربة تتكون من الكاربوهيدرات والكالسيوم والمغنسيوم إضافة إلى حفريات النباتات والحيوانات المشبعة بالراديوم، وهذه المواد توجد في معادن اليورانيوم والثوريوم المشعة
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..