مقدمة بين يدي هذه الأسطر :
اطلعت على وسم حول "ما ذا تريد من وزير التعليم الجديد" .. أي الدكتور أحمد بن محمد العيسى.
وقد لفتت نظري تغريدة لإحدى الأخوات،ذكرت فيها أن ما طلبته سابقا لم يتحقق .. لذلك لن تذكر
مطالبها!!
هذه "براءة"تأخذ بمجامع النفس .. هل يقرأ الوزراء ما كتبناه .. فضلا عن تلبية مطالبنا؟!!
إننا نكتب فقط لإبراء الذمة .. أو بلغة أخرى .. نؤدي دورنا في إبداء الرأي .. وهم يؤدون دورهم .. أيضا.
حين أُعلن خبر تعيين الدكتور "العيسى" وزيرا للتعليم .. قام البعض بفتح ملفات الوزير القديمة .. وتاريخه في كلية اليمامية .. وما قال .. وما كتب .. إلخ.
هنا زاويتان :
الأولى : من حق الناس أن يعلنوا آراءهم في كل وزير يتم تعيينه .. أي يخبروا "الحكومة"بوجهة نظرهم .. وردة فعلهم على تعيين شخص ما.
الزاوية الثانية : علينا ألا نقلق من ماضي أي وزير .. لسبب بسيط هو أن الحكومة تعرف الوزير – أي وزير – أكثر مما يعرفه الناس .. الوزير – أي وزير – جزء من منظومة الحكومة – كل حكومة – فهو لا يعمل بمفرده .. وقد يتم تعيين وزير "لبرالي"فيسعد اللبراليون .. ولكنه لا يحدث أي تغيير .. وحين تنتهي دورته الوزارية،ويذهب .. يحس اللبراليون أنهم – كما يقول إخواننا في مصر – "خدوا على أفاهم"! وقد يتم تعيين وزير "محافظ"ويحدث في عهده تغيير .. دون أن يستطيع – كما يقول إخواننا في مصر – أن يقول "تلت التلاه كام"! .. فلاشيء يدعو للقلق.
في الحقيقة لم يعد لديّ ما أضيفه بعد أن كتبت ( كلام في التعليم .. ) – وهو مرفق هنا – وكتبت – أيضا – ( صعود السلم لإعادة الهيبة للمعلم).
صحيح أنني لا أستطيع أن أضيف شيئا إلى ما كتبته من قبل عن التعلم،ولكن ذلك لم يمنعني من الاطلاع على بعض ما كُتب عن الدكتور"العيسى"أو عن كتابه "إصلاح التعليم". وقد عثرت على ما كتبه الأستاذ سليمان الخراشي تحت عنوان "تعليقات مختصرة على كتاب الدكتور أحمد العيسى"إصلاح التعليم".
عجبتُ .. فكل التعليقات ،والنقولات تدور في فلك "اللبراليين السعوديين" .. المرأة .. التعليم الديني .. إلخ.
سأكتفي بنقل عبارة صغيرة توقفت عندها كثيرا،أعني قول الدكتور العيسى،كما نقل عنه الأستاذ"الخراشي" :
(قال "ص 90" : "ولعل المنطلقات الفكرية الأساسية التي يستند إليها هذا الفكر ترى أن مكان المرأة الأصلي هو المنزل،وأن خروجها هو استثناء للضرورة" ويعلق الأستاذ "الخراشي"قائلا : "هذا الذي تسميه المنطلقات الفكرية هو نص القرآن "وقرن في بيوتكن .."،فلماذا لا تُسمي الأشياء بأسمائها؟ وهلا أخبرنا الدكتور عن منطلقاته؟){ موقع صيد الفوائد :
http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/m/178.htm}
قلتُ أنني توقفت طويلا عند هذا الاقتباس،وأنا الذي قضيت أكثر من ثلاثة عقود أقرأ وأكتب عن المرأة وقضيتها.
"مكان المرأة الأصلي هو المنزل"هذا الذي استنكره الدكتور"العيسى"كيف نجده في بعض واقع المرأة غير المسلمة،حيث لا يسيطر الصحويون،ولا التفكير الديني على التعليم؟
يقول الروائي المعروف غابراييل غارسا ماركيز :
(الحضارة الحديثة تجعل النساء بائسات. وعندما كن مثقلات بحمل إدارة البيت وجدت النساء في بطولتهن سببا وتفسيرا لحياتهن الخاصة. ولكنهن عندما تحررن من هذا الثقل،فقد تجردن – بشكل مفارق – من الدوافع للحياة القادمة. النساء كن سعيدات فقط عندما كان في الواقع دوافع قليلة لكي يصبح ذلك واقعيا."في صحيفة يونيتا 1988م"){ نقلا عن : ص 223 (هروبي للحرية ) : علي عزت بيجوفيتش / ترجمة : إسماعيل أبو البندورة / دمشق / دار الفكر / الطبعة الثالثة 1429هـ = 2008م}.
بطبيعة الحال"كن سعيدات"هذه نستطيع أن نضع تحتها بعض الخطوط .. فإذا تجاوزنا معاناة المرأة مع هذا الثالوث :
الزوج .. المنزل .. الأطفال .. فسنستشعر ما تعنيه إضافة "رابعة الأثافي" – إن صح التعبير – أي العمل خارج المنزل.
يقول "بيوجوفيتش ":
(هذا الضغط المتواصل من أجل تشغيل النساء خارج البيت،ومساهمتها بشكل بسيكولوجي،إنه يقوم على عدم معرفة كل تلك القيم الاقتصادية التي تحققها النساء في البيت،بالولادة،وتربية الأطفال،والمحافظة على الأمور البيتية. فربة البيت هي ذلك العامل الذي يعمل يوميا عشرة أو اثني عشرة ساعة ونصفها نحن في إحصاءاتنا بأنها شخص عاطل عن العمل،ونصفها في جدول"العناصر العاطلة عن العمل". نعرف جميعا جيدا،كم هي المرأة عاملة،ولكننا بالوقت نفسه نتظاهر بأننا لا نراه. هذا التجاهل لعمل المرأة هو أحد جوانب الضغط،"وهذه المرة أخلاقيا – على المرأة لترك البيت،وإدارة ظهرها للعائلة. الثقافة الإسلامية يجب حرفها باتجاه آخر،وبداية ذلك بالاعتراف بعمل الأم وربة البيت){ ص 126 (هروبي إلى الحرية) ..}.
وفي الصفحة 218 من كتاب"بيجوفيتش" نجد التالي :
(برهن العلماء الأمريكان أن الطفل الذي لا يشعر بحب الأم في السنة الثانية من عمره،فلن يقدر أن يحب بشكل سوي. وهذا لا يمكن لأي نظام اجتماعي أن يعوضه."بروفيسور بيتر مارتينوفتش" – عالم أحياء يوغسلافي").
وتقول الأستاذة صافيناز كاظم،في كتابها "رومانتيكيات" – دار الهلال 1970م ص 46- :
(أنا لا أطالب بعودة المرأة إلى المنزل،ولكنني أطالب بعودتها إلى الإنسانية،أنا مستاءة بشدة من حالة المرأة في العالم الآن،مستاءة من العبودية الشديدة الغارقة فيها لأذنيها،متمثلة بالذات في المرأة العربية،مستاءة من العلاقة الثلجية التي تربطها بأطفالها وعالمها البيتي.){ ص 84( هموم المرأة العربية في القصة والرواية) / أحمد محمد عطية / القاهرة / هيئة الكتاب 1992}.
العجيب أنه في الوقت الذي نجد فيه هذه المرأة العربية المسلمة – الأستاذة صافيناز – لا تطالب بعودة المرأة للبيت نجد في أمريكا وضعا مختلفا!
كتب الأستاذ محمد صادق :
( من تجربة المرأة الأمريكية التي تحسدها عليها نساء العالم والدعوة لعودة المرأة إلى البيت والأسرة لا تنحصر الدعوات في تلك الصادرة عن الرجل،والمؤسسات الاجتماعية،وإنما تصدر تلك الدعوات،وهو الأمر المهم،من المرأة الأمريكية نفسها،إذ تفيد الإحصاءات والاستطلاعات أن حوالي 60% من النساء الأمريكيات يتمنين ويرغبن في ترك العمل والعودة إلى البيت){جريدة الشرق الأوسط العدد 5949 في 12 / 10 / 1415هـ = 13 / 3 / 1995م}.
ونجد أيضا هذا العنوان "الأمريكيات يفضلن البقاء في المنزل عن العمل"وفي الخبر :
(يزداد عدد النساء الأمريكيات اللواتي يفضلن البقاء في المنزل عن العمل ولكنهن غير قادرات على القيام بذلك ){ جريدة الشرق الأوسط العد 6118 في 3 / 4 / 1416هـ = 29 / 8 / 1995م}.
وقبل الأمريكيات،في ( فرنسا تطلع علينا الأنباء لتقول أن السيدة / كريستيان كولنج الكاتبة الفرنسية المعروفة قد ألفت كتابا بعنوان"أريد العودة إلى المنزل"وفيه تقول :"إذا كان للمرأة طفل واحد فهذه مشكلة،وإذا كان لها طفلان فإن المشكلة تصبح أضعافا،أما إذا كان لديها ثلاثة أولاد فعندها تتضاعف المشكلة مائة مرة){ ص 130 ( المرأة العربية المعاصرة .. إلى أين؟! ) / د.صلاح الدين جوهر/ القاهرة / الطبعة الأولى 1402هـ = 1982م}.
ويقول لنا "بيجوفيتش" – في "هروبي إلى الحرية" - (تكرس "مارجريت دوراس في كتابها"العالم الواقعي"أهم فصوله للبيت كعالم للمرأة){ ص 220}.
ويضيف بيجوفيتش :
(بدأ يتضح بأن وضع المرأة يما يسمى بالدول المتحضرة قد تغير ولكنه لم يتحسن. في السجل للفئات المسحوقة إلى جانب مواطني المناطق الصناعية التي لا مستقبل لها،والشباب بالمؤهلات المتدنية،كانت النساء على رأس القائمة،لأنه ترافق مع تحررهن والارتفاع المتفاوت للواجبات والأهداف المهنية والاجتماعية){ ص 198 – 199 (هروبي إلى الحرية ).. .}
في هذا المعطى لن نتعجب من هذه الأرقام التي نقلتها لنا الدكتورة نورة السعد :
( 80% من الأمريكيات يعتقدن أن"الحرية"التي حصلت عليها المرأة خلال الثلاثين عاما هي سبب الانحلال والعنف في الوقت الراهن.
87% يرين أنه لو عادت عجلة الحياة للوراء لاعتبرن المطالبة بالمساواة مؤامرة اجتماعية ضد الولايات المتحدة وقاومن اللواتي يرفعن شعارها){ جريدة الرياض العدد 13044 في 20 / 1 / 1425هـ}.
وحتى المرأة السعودية،التي غادرت بيتها لتعمل خارجه،متأخرة نسبيا ،فقد اشتكت هي الأخرى :
( كشفت دراسة ميدانية استطلاعية أن خمسين بمائة من المواطنات اللواتي يعملن يرغبن في ترك العمل والتفرغ لشؤون الأسرة والبيت لو سمحت الظروف لهن بذلك. وبينت الدراسة التي أعدها الدكتور إبراهيم بن مبارك الجوير أن 45% من عينة النساء العاملات يعتريهن شعور بالتقصير إزاء الأسرة والأطفال نتيجة خروجهن للعمل في حين أن 67 بالمائة منهن أكدن أن العمل يمثل لهن مجهودا مزدوجا أو إضافيا){ المجلة العربية العدد 245 / جمادى الآخرة 1418هـ}.
بما أنني أطلت أكثر مما ينبغي .. فسأكتفي بالإشارة إلى أن وجهة نظري في عمل المرأة - خارج بيتها – أوضحتها في كُليمتي "ومضة من حياة المرأة في "عرب ستان"وزبدته .. أن تعمل المرأة نصف الوقت الذي يعمله الرجل،مع تقاضيها 60% من راتبه – لأن المجتمع يحتاجها وليس العكس،ولا يتعلق الأمر بالعرض والطلب .. إلخ – مع عمل"نظام"يسهل عملية خروجها من منظومة العمل،وعودتها إليه .. حسب ظروفها.
مرة أخرى أعود لهذه العبارة :
"مكان المرأة الأصلي هو المنزل". ينتقد الدكتور"العيسى"- وكثيرون – "الحفظ"في مناهجنا،ويدعون – محقين – إلى ترسيخ التفكير والاستنتاج ... إذا :
حين يقول الله سبحانه وتعالى لأبينا آدم – عليه وعلى نبينا السلام – محذرا له ولأمنا حواء – عليها السلام - من الشيطان ( ولا يخرجنكما من الجنة فتشقى" .. فالخروج بالمثنى والشقاء للمفرد .. وحين يجعل الإسلام"المهر " و"النفقة" على الرجل .. ماذا نستنتج من هذا؟!
أن الإسلام يرى أن "مكان المرأة الأصلي هو المنزل"أم أن الإسلام يرى أن على المرأة أن"تشقى"مثل الرجل؟!
هل أشرت إلى مسألة"الحفظ"؟ .. هذه النقطة لا أقصد بها الدكتور "العيسى" بشكل خاص،فهي قضية عامة .. كثيرا ما تُوجه سهام النقد للحفظ والاستظهار .. ولو أن تلك السهام انتقدت الحفظ دون فهم .. لاتفق الجميع معها،ولكن النقد الذي يوجه لـ"الحفظ"نفسه . . وكأنه "جريمة"هو الأمر الذي يستحق التوقف عنده .
قبل يوم – أو يومين – كنت أشاهد حلقة من برنامج الأستاذ الدكتور عبد الباسط السيد،المتخصص في طب الأعشاب .. والله وحده يعلم عدد المصطلحات الطبية التي ذكرها .. والأدوية .. والأمراض .. فهل هذا حفظ أم فهم؟ وهل الجراح حين يضع مشرطه على جسد المريض،ليشقه .. ثم يوصل الشرايين والأوردة .. هل ذلك حفظ أم فهم؟ و وماذا عن قوانين الفيزياء والكيمياء والرياضيات التي يحفظها طلبة،ومعلمو تلك العلوم؟! والمعلومات الجغرافية .. بما فيها رسم الخرائط من الذاكرة ماذا عنها أيضا؟
يقول "بيجوفيتش" :
(لو قدر لي سأدخل في جميع مدارس الشرق الإسلامي دروسا عن"الفكر النقدي"فالشرق على خلاف الغرب،لم يمر بهذه المدرسة القاسية،وهذا هو مصدر معظم قصوره).
قصدت بهذا الاقتباس،أن على من يوجهون سهام النقد – غير المقيدة – للحفظ والاستظهار،أن "ينتقدوا"أطروحتهم بسؤال مثل : "ما ذا عن الذي لم يحفظ .. ولم يفهم"؟!
وسيجدون النتيجة مثل هذه الإجابات،التي اقتبستها من مسابقة وظيفية أُجريت في الجامعة التي أعمل بها :
س : (..) أطول الناس أعناقا يوم القيمة .. من هم؟
جـ : المنافقون
جـ : النساء
س : من قام بجمع القرآن الكريم؟
جـ : الملك عبد العزيز
س : سورة تكررت فيها البسملة مرتين .. فما هي؟
جـ : لا توجد.
جـ : الفاتحة
جـ : البقرة
جـ : آل عمران
جـ : التوبة
س : ما هي عاصمة هولندا؟
جـ : موريتانيا
جـ : بريطانيا
س : كم دامت خلافة عمر بن عبد العزيز؟
جـ : 130 سنة
جـ : يوم وليلة.
س : كم عدد الدول العربية في قارة آسيا؟
جـ : 75 دولة
جـ : لا توجد.
ولا تعليق بطبيعة الحال.
أعتقد أن مربط الفرس في قضية الحفظ – بما أن الحديث عن الدكتور"العيسى" – هو حفظ القرآن الكريم ... وهنا أقول في الهامش أن ابنتي تدرس في الصف الثاني الثانوي،ولم تأخذ حصة واحدة من القرآن،في الصفين الأول والثاني .. وسيكون القرآن الكريم مقررا في السنة الثالثة فقط!! كما أن ولدي درس القانون في جامعة الملك عبد العزيز،وكان القرآن الكريم مادة "اختيارية" .. رغم أن القرآن الكريم – مع السنة – هو دستور البلاد!!
هذا في الوقت الذي تقول لنا آداب الغرب – الذي سحرنا – أنهم هناك يحفظون بعضا من نصوص رواياتهم .. ويقتبسون منها متعة .. وعند الحوار .. و الروايات الأدبية،ليست نصا مقدسا .. ولا يؤجر من يحفظها!!
أخيرا .. قرأت تغريدة للدكتور"العيسى" – قبل أن يصبح وزيرا – تقول :
(سهولة اتخاذ قرار تعليق الدراسة عند كل رشة مطر أو مناسبة وطنية يبعث برسائل سلبية حول مستوى اهتمامنا بكل ساعة علم وتعليم في مدارسنا وجامعاتنا!).
هنا قضيتان :
القضية الأولى : "عند كل رشة مطر" .. وهذه قضية لا تخص وزارة التعليم،بل تخص خللا في تصريف مياه الأمطار،وتعليق الدراسة حفاظا على الأرواح .. وحفظ الأرواح مقدم على ما سواه .
ويبقى أمر ساعات الدراسة الضائعة،وعلى الوزارة أن تبحث عن وسيلة لتعويضها.
القضية الثانية : "مناسب وطنية" .. هنا أتفق تماما مع الدكتور "العيسى" وسبق لي أن كتبت عن ذلك تحت عنوان : (العالم الدراسي : بين التعليق والتمديد).
وترحمت على زمن كانت الإجازة فيه لا تتجاوز ثمانية أيام،في السنة كلها .. كما ذكر الأستاذ عبد العزيز الربيع :
(كانت السنة الدراسية اثني عشر شهرا إلا ثمانية أيام. وهذه الثمانية من أيام هي إجازة العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى. وليس هناك أي إجازات أخرى){ ص 118 (ذكريات طفل وديع)}
لم يبق لكم في ذمتي إلا "كلام في التعليم .. بين وزيرين" ... وفي رواية .. بين ثلاثة وزراء!!
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
كلام في التعليم .. بين وزيرين
ما إن يتم تعيين وزير جديد،حتى تنبت للأمل في التغيير أجنحة،فيهرع أصحاب الأقلام إلى أقلامهم لطرح ما لديهم من أفكار وتصورات.. إلخ.
حين هرعت – كغيري لأكتب – وجدت مستودة رسالة كتبتها حين تم تعيين الأمير خالد الفيصل وزيرا .. وقد صرفني صارف الفيل عن مكة،عن إكمالها .. ثم طواها النسيان!!
الرسالة المذكورة سأرفقها بهذه الأسطر . . فهي نظرة من زاوية تختلف عن الزاوية التي أنظر منها اليوم.
من محاسن القدر أنني حديث عهد بقراءة كتاب ( الإسلام بين الشرق والغرب) للمفكر البوسني علي عزت بيجوفيتش وهو رجل تميز بكونه ابنا للثقافة الغربية .. وابنا بارا للفكر الإسلامي .. وقد وصفه الدكتور عبد الوهاب المسيري بأنه ( صاحب اجتهادات مهمة في تفسير ظاهرة الإنسان في كل تركيباتها. وهذه التركيبة،المرتبطة تمام الارتباط بثنائية الإنسان والطبيعة،هي نقطة انطلاقه والركيزة الأساسية لنظامه الفلسفي){ص 9 مقدمة "الإسلام بين الشرق والغرب"}.
قبل بسط الأفكار سأمهد بتغريدة للدكتور علي الحكمي،وأردفها بمقولة لبيجوفيتش نفسه،من كتابه ( هروبي إلى الحرية) :
( كليات التربية في جامعاتنا السعودية تقبل أعدادا أكبر بكثير مما يحتاجه التعليم العام،وبالتالي تسهم في زيادة العاطلين عن العمل من الجامعيين) د.علي الحكمي
أما علي عزت بيجوفيتش فيتساءل :
( ما هدف التعليم ؟ التطوير المتكامل للشخصية الإنسانية أم التخصص الصناعي الدقيق للحيوان العامل؟).
أعتقد أننا في حاجة إلى أن نطرح على أنفسنا سؤالين :
ماذا نريد من هذا الطالب الذي أحضرناه من بيت أهله؟
ما هي الفلسفة أو الأساس الذي سنبني عليه صرحنا التعليمي؟
سنبدأ بالسؤال الثاني لأنه الأهم ... وهنا نتذكر قول بيجوفيتش .. (التعليم وحده لا يرقى بالناس ولا يجعلهم أفضل مما هم عليه أو أكثر حرية،أو أكثر إنسانية. إن العلم يجعل الناس أكثر قدرة ،أكثر كفاءة، أكثر نفعا للمجتمع. لقد برهن التاريخ على أن الرجال المتعلمين والشعوب المتعلمة يمكن التلاعب بها بل يمكن أن يكونوا أيضا خُداما للشر،ربما أكثر كفاءة من الشعوب المتخلفة (..)(فالتعليم المدرسي في العالم المتحضر يعتمد على الفكر أكثر مما ينبغي،والجانب الإنساني فيه أضأل مما ينبغي. وباستخدام المصطلحات المعتادة نقول إنه تعليم تقني أكثر مما يجب ويكاد يكون مضمحلا في جانبه الكلاسيكي "التقليدي") {ص 113 ( الإسلام بين الشرق والغرب ) / علي عزت بيجوفيتش / ترجمة : محمد يوسف عدس / القاهرة / دار الشروق / الطبعة الخامسة 2014}.
ويشير بيجوفيتش إلى مسألة في غاية الأهمية .. فيقول .. (في الدول الشيوعية ينطوي التعليم على أن يتشرب الأفراد نظام الدولة الأيديولوجي والسياسي،ويخضع لمصالحها. وفي الدول الرأس مالية يتلاءم التعليم عموما مع المتطلبات الاقتصادية ويخدم النظام الصناعي. وفي كلتا الحالتين فالتعليم هو تعليم وظيفي وفي خدمة النظام) {ص 115 ( الإسلام بين الشرق والغرب )}.
من هذه النقطة تحديدا نشير إلى أهمية إلى أن يكون تعليمنا يعرف ما يريد .. بل وأن يعلن عن نفسه كرسالة جاءت لتنقذ العالم من التدمير الذي تمارسه الحضارة المادية .. يضج الغرب تحت وطأة ماكينة الحضارة المادية التي تطحنه .. بالعودة إلى بيجوفيتش نجده يقول .. (إنه لمن الخطأ الشديد أن نظن – تأسيسا على قول ظاهر – أن ثورة الشباب سنة 1968 في أمريكا وفرنسا كانت ثورة سياسية أو أيديولوجية "عقدية"فالذي حدث كان – على الحقيقة – ثورة أخلاقية (..) أما"أرثر مللر"،وهو حَكم عدل في أمريكا الحديثة،فقد قال :"إن مشكلة انحراف الشباب لا تنتمي فقط للمدن الكبرى بل إلى الريف أيضا،إنها ليست مشكلة الرأس مالية فحسب،بل الاشتراكية أيضا،ولا يقتصر ظهورها مع الفقر فقط بل مع الثراء كذلك،(..) إنني أعتقد أن المشكلة – في وضعها الراهن – هي نتاج التكنولوجيا التي دمرت الإنسان كقيمة ذاتية .. وباختصار لقد اندثرت الروح وتلاشت"){ص 130}.
ثم يسأل بيجوفيتش ..(كيف يمكن تفسير حقيقة أن عدد حالات الانتحار والأمراض النفسية تتناسب طرديا مع مستوى الحضارة؟ وقد اشتكى عالم نفساني أمريكي فقال :"هذه حقيقة هامة من وجهة نظر نفسية،هل هؤلاء الناس أصبحوا أقل رضا مع وجود التحسينات التي طرأت على حياتهم المعيشية؟". هذه الظاهرة بصفة خاصة في بعض الدول المتقدمة الخالية من المشكلات الاجتماعية التقليدية،تهز في أعماقنا الثقة في التقدم (..) وطبقا لتقرير رسمي لسلطات الصحة الأمريكية سنة 1978،أن واحدا من كل خمسة أمريكيين عانى من انهيار عصبي أو كان على حافته . هذه النتيجة مؤسسة على مادة لا تقبل الشك،فقد اختيرت عينة من الأشخاص تمثل 11 مليونا من السكان في سن النضج بين سن"19 – 79") {131}.
وقبل بيجوفيتش نبهنا – كمسلمين – محمد أسد فكتب يقول .. ( إن عالمي الإسلام والغرب لم يكونا يوما أقرب،أحدهما للآخر،كما هما اليوم. وهذا القرب هو صراع ظاهر وخفي،ذلك أن أرواح الكثيرين من المسلمين والمسلمات لتتغضن رويدا رويدا تحت تأثير العوامل الثقافية الغربية. إنهم يتركون أنفسهم يبتعدون عن اعتقادهم السابق بأن تحسين مقاييس المعيشة يجب أن لا يكون سوى واسطة لتحسين أحاسيس الإنسان الروحية. إنهم يسقطون في وثنية"التقدم"نفسها التي تردى فيها العالم الغربي بعد أن صغروا الدين لمجرد صلصلة رخيمة في مكان ما من مؤخرة الأحداث (..) أنا لا أعني أن المسلمين لا يستطيعون أن يفيدوا كثيرا من الغرب،وبخاصة في مجال العلوم والفنون الصناعية،ذلك أن اكتساب الأفكار والأساليب العلمية ليس في الحق"تقليدا"وبالتأكيد ليس في حالة قوم أمرهم دينهم بطلب العلم حيثما يمكن أن يوجد (..) ولو أن المسلمين احتفظوا برباطة جأشهم وارتضوا الرقي وسيلة في ذاتها إذن لما استطاعوا الاحتفاظ بحريتهم الباطنية فحسب،بل ربما استطاعوا أيضا أن يعطوا إنسان الغرب سر طلاوة الحياة الضائع){ الطريق إلى مكة / محمد أسد / ترجمة : عفيف بعلبكي / بيروت / دار العلم الملايين / الطبعة الخامسة }.
لقد كتب "أسد"هذا الكلام قبل أن تظهر الكوارث التي أضرت بالبيئة .. وبالإنسان.
من صرخة "أسد"هذه نعود لسؤلنا الأول :
ماذا نريد من هذا الطالب الذي أحضرناه من بيت أهله؟
مرة أخرى قبل بسط الفكرة .. أذكر بـ"فيديو" من تلك الـ"فديوهات" التي يبحث أصحابها عن "خفة الظل" حيث يسال صاحبه عن فائدة الرياضيات؟ أو شيء من هذا القبيل .. ثم يقرر أن الطبيب .. عند العلاج .. أو المهندس .. عند تخطيط المباني .. لا يسأل في الرياضيات!
قد يكون من غير العسير القول أنه يدون الرياضيات ما كان للأخ أو الابن أن يتحدث للعالم عبر "فيديو" !
ولكن هذه ليست هي القضية .. القضية هي أننا أثقلنا كاهل الطالب .. بأطنان من المواد .. بعضها لا زم لكل مسلم .. وبعضها لا يعني إلا تخصصا معينا .. كما أن "الفيديو" المذكور إضافة إلى مقولة كانت رائجة،يدلان على احتقار العلم التجريبي .. أعني مقولة ( خد علمه وحطه في قارورة)!!
نعاود الكرة نحو فكر بيجوفيتش والذي قال .. (الثقافة هي تأثير الدين على الإنسان أو تأثير على نفسه،بينما الحضارة هي تأثير الذكاء على الطبيعة أو على العالم الخارجي (..)وتعليمنا يزكي فينا الحضارة فقط ولا يساهم بشيء في ثقافتنا ) {ص 107 - 111بيجوفيتش }.
لعلنا في حاجة إلى زراعة فكرة المؤاخاة بين الدين والعلم .. كأفكار أولية .. يفترض أن نخبر الطفل كيف استفاد المسلم من تطبيقه حديث النهي عن التنفس في الإناء .. قبل اكتشاف "الجراثيم والمكروبات" .. وقبل باستور – الذي ولد سنة 1822م - .. ثم تتخذ تلك الفائدة مدخلا للحديث عن تاريخ العلم التجريبي .. عند العلماء المسلمين الأوائل .. وانتقاله إلى الغرب بعد ذلك .. ثم زرع فكرة استعادة المسلمين مشعل الحضارة مرة أخرى.. وإنقاذ العالم من المادية الجامدة التي تكاد أن تدمر الكرة الأرضية بمن عليها .. والتذكير بأن كل (ثقافة) تنتج ما يماثلها .. في الغرب القنبلة الذرية – في الحرب – والعلاج الكيميائي المدمر – في الطب – كلاهما نتاج ثقافة تسعى إلى التدمير والإحراق .. وحتى المبيدات الحشرية تحمل نفس الجرثومة .. ونقارن ذلك بوصية الإسلام بعدم قطع الأشجار .. في الحرب .. إلخ.
وبعد .. أعتقد أننا إذا كنا مقتنعين بأهمية أن نسلك طريقا إلى التقدم غير ذلك الذي سلكه الغرب،فإن علينا أن نؤسس أبناءنا تأسيسيا مختلفا عن ذلك التأسيس الذي يثقل كاهل التلميذ بخليط من العلوم الدينية والعلمية،وأن نخصص المرحلة الأولى من التعليم على النحو التالي :
السنة الأولى للقراءة والكتابة،ومبادئ العقيدة أو الضروري منها.
ومن السنية الثانية إلى نهاية المرحلة الابتدائية – بغض النظر عدد السنوات المتبقية من تلك المرحلة – فتكون لتعليم (مبادئ) العلوم .. ونستطيع – إن أردنا – أن نسكب لهم الرياضيات عبر (الرياضيات الشرعية ) – إن صح التعبير – فإن صلاة الصبح إن زادت عن ركعتين .. فسدت .. لأن 1 + 1 = 2 ولا يقبل الله الفجر إلا ركعتين .. وهكذا.. إضافة إلى سرد قصة تطور العلوم .. وتحفيز التلميذ بالتحسر على انتظار الأمة أكثر من ألف سنة حتى يكتشف لها بعض الباحثين الغربيين،أو الشرقيين، إعجازا هنا أو إعجازا هناك في الكتاب أو السنة .. إضافة إلى ذلك نزرع في الطفل - قبل أن يصل إلى مرحلة البحث العلمي – أن لديه – بعون الله – القدرة على اكتشاف علاج لكل مرض،مسلحا بقول الذي لا ينطق عن الهوى – صلى الله عليه وسلم – فيما معناه : (ما أنزل الله داء إلا وأنزل له دواء .. إلا السام) أو كما قال عليه الصلاة والسلام .. ومستعينا بالله بصلاة ركعتين قبل البحث في كل معضلة .. إلخ
غني عن القول أن هذه مجرد رؤوس أفكار – إن جاز التعبير – وإن أمة لا تنظف شوارعها،ولا تطبخ طعامها،ولا تغسل ملابسها .. هي أمة في خطر،وإن تصحيح الأخطاء التي أنتجتها (الطفرة) في حاجة إلى وقت طويل .. لإعادة الأمور إلى نصابها. ولعل الأمر في حاجة إلى تجاوز فكرة ( المعاهد المهنية) والتي أحسب أنها لم تؤد الغاية منها،كما أريد لها .. وعليه فإن الأمر برمته في حاجة إلى إعادة النظر.
برزخ بين مقالتين :
أمسكتُ بتلابيب نفسي لكي لا تكتب هذه الومضة .. ولكنها انتصرت عليّ !
ومضة : أين ذلك اليوم؟ الذي يدخل فيه طالب مرحلة ما .. وهو يحمل (خبزا) – أو أي شيء آخر – صنعه بنفسه في مدرسته ... بعد أن تبين ميله إلى ذلك العمل اليدوي الشريف.
إلى الرسالة التي كتبتها وصرفني عنها صارف الفيل عن مكة :
رسالة مفتوحة إلى الأمير خالد الفيصل
صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل .. وزير التربية والتعليم .. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد :يقول المتنبي
ظللت بين أصيحابي أكفكفه .. وظل يسفح بين العذر والعذل
أنا أيضا ظللت تائها بين (عذل) إضاعة أمانة القلم الذي أحمله وعدم الكتابة .. وبين (عذر) أن الصوت سوف يضيع في زحمة الأقلام التي ستتسابق لإبداء وجهات نظرها ..
وأخيرا تغلب (العذل) .. ورأيت أن مسؤوليتي تتوقف عند إبداء الرأي فقط .. فقلت :
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ..
إن الخطأ الأكبر الذي قد يُرتكب هو حضور المسؤول – وعلى وجه الخصوص أي مسؤول يتم تعيينه على رأس وزارة التربية والتعليم - وبيده أدوات البناء .. أو معاول الهدم،إذ أن المشكلة التي تعاني منها .. هي بناء الأساس السليم للمنظومة التعليمية.
أعتقد أن التعليم على مستوى العالم يواجه مشاكل جمة .. مع التغيرات التي تعصف بالعالم ...
حتى في الغرب قرأنا شكاوى من اعتماد الطالب على البحوث التي يجدها منشورة في الشبكة العنكبوتية ..
حتى في بريطانيا العظمى – سابقا – قرانا الصرخة التي أطلقتها صحيفة "الصنداي تايمز"- سنة 1995- ونقلها لنا الأستاذ عبد الله با جبير :
( التلاميذ يقولون عن مدرسيهم أنهم"زبالة" .. والمدرسون يقولون عن التلاميذ أنهم سفلة . عديمو التربية.
وقد نشرت صحيفة"الصنداي تايمز"تحقيقا كبيرا عن الأزمة وقالت أن سن المجرم والعنيف،تنخفض باستمرار. الحكومة البريطانية قامت بدراسة حول المشكلة الخطيرة التي تهدد المجتمع البريطاني،وقد أوضحت هذه الدراسة أن نسبة الأطفال الذين يقومون بأعمال العنف .. اغتصاب،قتل،سرقة،إدمان .. في ازدياد مستمر.
غلام عمره 12 سنة يغتصب فتاة عمرها 11 سنة،غلام عمره 13 سنة في مدينة يورك شير يغتصب فتاة عمرها 8 أعوام،غلام عمره 13 سنة يطلق الرصاص على مدرسه ويقتله.
يقول أحد المشتركين في الدراسة لقد بدأت هذه الظاهرة منذ عام 1987 وقد نبهنا السلطة والأسرة معا لخطورة الظاهرة ولكن أحدا لم يهتم.. وعلينا الآن دفع الثمن.
وقد تزايد عدد المدرسين الهاربين من مهنة التدريس خوفا من عنف الطلبة. وقال أحد المدرسين وهو يقدم استقالته : "إنني لا أستطيع التدريس لمجموعة من الوحوش يتعمدون إهانتي وإثارتي طول الوقت".
والأسباب : انخفاض المستوى الاقتصادي،ألعاب الفيديو،أفلام العنف،ضعف الأسرة،غياب الآباء والأمهات عن البيت .. انتشار المخدرات){ جريدة الشرق الأوسط العدد 5965 في 28/10/1415هـ = 29/3/1995م}.
أعتقد أن الأسباب المذكورة موجودة في مجتمعنا بصورة أو بأخرى،أو بتفاوت بين سبب وآخر .. وعلى رأس تلك المصائب ألعاب العنف،والتي من ضمنها (لعبة) يتم فيها الاعتداء على سيارات الأمن .. وهو أمر يجعلها تدخل ضمن (المساس بهيبة رجال الأمن).
إضافة إلى الأسباب المذكورة في المقالة .. لدينا ما يزيد الطين بلة – إن صح التعبير – وأقصد الدور الذي لعبته (الدراما) في الإساءة إلى صورة المعلم .. وعلى رأس ذلك تأتي مسرحية (مدرسة المشاغبين) ... والتي وجهت سهامها – عبر الإضحاك – لهدم قيمتين هما (الأب) و (المدرس) .. وعلى سوء تلك المسرحية لم أقرأ نقدا كبيرا وجه لها - حسب اطلاعي - باستثناء مقالة ممتازة للأستاذ عبد الله با جبير ،كما أشار إلى ذلك الأستاذ منير عامر – ربما في كتابه "تربية الأبناء في الزمن الصعب" – والذي ذكّر بأن تلك المسرحية كانت مسجلة على أشرطة"كاسيت"حتى حفظها الناس .. كما ذَكر أن مؤلف المسرحية ندم على كتابتها!! والعجيب أن المسرحية المذكورة رغم قدمها ورداءة تصويرها – خصوصا عند المقارنة مع التصوير الحديث – لا زالت الفضائيات تواصل عرضها!!
سمو الأمير ..
لا يختلف اثنان على أن التعليم هو الركيزة الأولى لتقدم الأمم والشعوب ..
ولا يختلف اثنان – فيما أحسب – على أن طرق التعليم ليست ثابتة،وإنما تتخذ كل أمة ما يناسبها وتسلك الطريق الذي يوصلها إلى هدفها .. وهنا أتذكر ما طرحه الفيلسوف الأمريكي إيفان إيليش في كتابه(مجتمع بلا مدارس)،وقد قرأت ترجمة للكتاب،ولكن ذلك كان قبل فترة طويلة،ثم وجدت مقالة للأستاذ عبد الله المطيري،كتبها تحت نفس العنوان ومما جاء فيها :
(ليس هذه بدعة جديدة بل هناك خط فكري مهم وفي أرقى الدول يطالب بمجتمع بلا مدارس. لعل من أبرز رافعي هذه المطالبة الفيلسوف الأمريكي"إيفان إيليش"الذي أصدر كتابا شهيرا بعنوان "مجتمع بلا مدارس" كان له صدى واسع على المستوى العلمي والمستوى الجماهيري أيضا. ولكن ما هي مشكلة "إيليش"مع المدارس؟) انتهى كلام الأستاذ المطيري.
ليس من أهداف هذه الرسالة بسط وجهة نظر الفيلسوف الأمريكي،,لكن الذي يلفت النظر أنه بعد عقود من دعوة ذلك الفيلسوف الأمريكي، تم تشريع"التعليم البيتي"في أمريكا سنة 1993م. ومنذ عام 1994 تضاعف ثلاث مرات تقريبا عدد الأسر الأمريكية التي قررت سحب أبنائها من المؤسسات المدرسية،,قد ارتفع عدد الطلاب من 850 ألفا،إلى أكثر من مليونين في العام 2006م.
قبل أن أصل إلى الهدف من ذكر هذا التجاذب بين التمدرس المؤسسي والتعليم البيتي .. أشير في عجالة إلى أضلاع العملية التعليمية :
المعلم
لا يوجد تعليم جيد دون معلم جيد، ومشكلتنا مع المعلم، أننا وضعنا أنفسنا في دائرة مفرغة يصعب علينا الخروج منها.
يحسد الجميع – وأحاديث المجالس، والتزاحم يؤكدان ذلك- المعلم، على ما لديه من مميزات – دون أن يفكروا في معاناته – يسيل لها لعاب طالبي التوظيف،راتب جيد، إجازة طويلة - كانت كذلك! - عدم الإصابة برهاب ( الترقية)، فأصبح الطالب يدرس ليحصل على وظيفة ( معلم) ... وحين يحصل عليها، يقوم بتعليم طالب ليس له هدف إلا أن يصبح ( معلما) ... فضاعت الأهداف السامية للتعليم، وضاع البحث عن (الثواب) .. وأصبحنا ندور في حلقة مفرغة ... طالب يدرس لهدف وحيد هو أن يصبح ( معلما) – أو موظفا بدرجة معلم – ثم يصبح ذلك الطالب – الضعيف - معلما، يعلم طلابا لهم همٌ وحيد، أن يصبحوا ( معلمين) ليكتمل الدوران في الحلقة المفرغة.. فمن يخرجنا منها؟العجيب أنه حين كثر الطلب على وظيفة ( معلم)، وتزايدت أعداد الخريجين، لم نستفد من نظرية العرض والطلب، حين كان الخريجون قلة، كنا نقبل كل من يتقدم أيا كان مستواه، وحين أصبح لدينا فائض في عدد الخريجين، لم نشترط تميز المتقدمين لطلب وظيفة ( معلم)، ولم نشعرهم أنهم يجب أن يتميزوا عن غيرهم- ولم نشعر كذلك المعلم الذي على رأس العمل، بضرورة التميز – من طالبي الوظائف، ولو اشترطنا التميز ... لتميزوا ... ولو حرصا على نيل الوظيفة. بطبيعة الحال هذه نظرة مختزلة حاولت أن تنظر من زاوية واحدة لخطورة دور المعلم،وإلا فأحلام الطلاب متنوعة ومتفاوتة.. ومشاكل،ومطالب المعلمين متعددة كذلك.
"المناهج" : الطالب ... والحول الفكري
أشفق على طلابنا، فهم يقعون تحت تجاذب نظريتين، يفتحون التلفاز، فيجدون – خصوصا عبر الدراما المتلفزة - الصراع بين الآباء والأبناء،يريد الآباء لأبنائهم تخصصا بعينه، ويُفضل الأبناء تخصصا آخر، وتميل الدراما إلى إظهار الأبوين- والأب بشكل خاص- في صورة المتسلط الذي يريد أن يجبر ابنه على ارتياد الكلية التي يختارها الأب، وفي الغالب يكون الأب قد( فشل) في دخول تلك الكلية، فأراد تحقيق حلمه عبر ابنه... ويتم تمجيد كفاح الابن في سبيل دراسة التخصص الذي يميل إليه، ويجد نفسه فيه، ويحقق طموحه، ويستطيع أن يبدع فيه .. الخ ... الصورة الأخرى هي الدعوات المتكررة لتوجيه الطلاب إلى التخصصات التي يحتاجها سوق العمل، وإلا فإننا ندفع بمزيد من الخريجين الذين لا مكان لهم في السوق، أي مجموعة من العاطلين .. الطالب يصدق من ؟! هل يسير خلف الدراما التي تدعوه إلى أن يدرس ما يحب؟ أم يبحث عن متطلبات سوق العمل؟ ... أم ينظر بعين إلى هذا،وبعين إلى ذاك؟ فيصاب بحول في التفكير؟!!! ... أليس كافيا على الطلاب ما في كتبهم من حشو، وأشياء قد لا تناسب أعمارهم، وأشياء لا معنى لها أو تناقض الواقع الذي يعيشونه؟!!
جناية المكان
المكان هو الضلع الثالث من أضلاع العملية التعليمية، ولاشك أنه يؤثر سلبا أو إيجابا، لا على الطالب فقط، بل إن تأثيره يشمل العملية التعليمية بأكملها، وللأسف فإن ( المكان) التعليمي لدينا – في الأعم الأغلب، وفي الأغلب الأعم – لا يولد لدا الطالب الرغبة في الذهاب إليه، ولا يساعد المعلم على تأدية رسالته... أو حتى وظيفته.
وهنا نجد أيضا حلقة مفرغة، يصعب – كي لا نقول يستحيل – الخروج منها، فمحدودية المكان، تلزمنا أن (نزيح) طلاب المرحلة الابتدائية،ليتركوا ( حيزا) للطلاب الجدد ... و ( نزيح) طلاب المرحلة المتوسطة، ليتركوا (حيزا) لطلاب المرحلة الابتدائية ... وهكذا حتى ( نلقى) بطلاب الجامعات في أحضان البطالة ... ليتركوا ( حيزا) لطلاب المرحلة الثانوية ... وهكذا دواليك.
إذا كانت العرب تسمي الجبل "ثالثة الأثافي"فإن كل ضلع من أضلاع العملية التعليمية يمثل"جبلا"أو قضية تستحق أن تفرد بالبحث والدراسة.
سمو الأمير .. عود على بدأ .. وقضية التمدرس المؤسسي .. والتعليم البيتي ..
لعل هذه فرصة تاريخية .. أن يكون على رأس هرم التعليم الشاعر القائل :
يا مدور الهين ترا الكايد أحلى ..
ما الهين؟
أخذ هذا النظام التعليمي أو ذاك .. وترجمة مقرراته التعليمية إذا لزم الأمر .. وتطبيقها ..
أما "الكايد" فهو بناء منهج خاص لا يستنسخ تجارب الآخرين،كما لا يحرم نفسه الاستفادة منها ..
الذي يتلجلج في الخاطر أننا كأمة مسلمة لنا خصوصيتنا .. وإن كان العالم الغربي قد فصل بين الدين والدنيا فنحن لم نفعل – ولا يحق لنا أن نفعل – خصوصا في دولة دستورها (القرآن الكريم)،وذلك يعني أن على الأمة أن توازن بين (التعبد) و(إعمار الأرض) ..
ولكي يكون لدينا تعليمنا المميز والمتميز .. علينا أن نبدأ بطرح الأسئلة الصحيحة ..
هنا أتذكر كتاب ( هروبي إلى الحرية) للرئيس البوسني الأسبق علي عزت بيجوفيتش – رحمه الله والديّ ورحمه – وأنقل عنه عبارات لافتة :
( ما هدف التعليم؟ التطوير المتكامل للشخصية الإنسانية أم التخصص الصناعي الدقيق للحيوان العامل؟){ص 309}.
وقوله :
(صرامة ووضوح الأفكار هي نتاج الحضارة الغربية،ومستوى التفكير الذي أنشأته. وفي هذا يكمن أحد مصادر قدرة الغرب){ ص 187}.
وأخيرا يقول :
(لو قدر لي سأدخل في جميع مدارس الشرق الإسلامي دروسا عن"الفكر النقدي"فالشرق على خلاف الغرب،لم يمر بهذه المدرسة القاسية،وهذا هو مصدر معظم ظواهر قصوره).
سمو الأمير ..
كل ضلع من أضلاع العملية التعليمية في حاجة إلى فريق عمل لدراسته .. بشكل منفصل :
المعلم قضية في حد ذاته ... في مستواه .. وقدراته .. وما يستحق من محفزات .. وما يعانيه من نقص،يؤدي إلى تكليفه – أحيانا - بتدريس مادة ليست من تخصصه .. إلى حضوره من منزله القريب .. أو الذي يبعد أكثر من مائة كيلو متر .. ليوقع في دفتر الحضور .. في مدرسة ليس فيها تلميذ واحد!!
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني
وقد لفتت نظري تغريدة لإحدى الأخوات،ذكرت فيها أن ما طلبته سابقا لم يتحقق .. لذلك لن تذكر
مطالبها!!
هذه "براءة"تأخذ بمجامع النفس .. هل يقرأ الوزراء ما كتبناه .. فضلا عن تلبية مطالبنا؟!!
إننا نكتب فقط لإبراء الذمة .. أو بلغة أخرى .. نؤدي دورنا في إبداء الرأي .. وهم يؤدون دورهم .. أيضا.
حين أُعلن خبر تعيين الدكتور "العيسى" وزيرا للتعليم .. قام البعض بفتح ملفات الوزير القديمة .. وتاريخه في كلية اليمامية .. وما قال .. وما كتب .. إلخ.
هنا زاويتان :
الأولى : من حق الناس أن يعلنوا آراءهم في كل وزير يتم تعيينه .. أي يخبروا "الحكومة"بوجهة نظرهم .. وردة فعلهم على تعيين شخص ما.
الزاوية الثانية : علينا ألا نقلق من ماضي أي وزير .. لسبب بسيط هو أن الحكومة تعرف الوزير – أي وزير – أكثر مما يعرفه الناس .. الوزير – أي وزير – جزء من منظومة الحكومة – كل حكومة – فهو لا يعمل بمفرده .. وقد يتم تعيين وزير "لبرالي"فيسعد اللبراليون .. ولكنه لا يحدث أي تغيير .. وحين تنتهي دورته الوزارية،ويذهب .. يحس اللبراليون أنهم – كما يقول إخواننا في مصر – "خدوا على أفاهم"! وقد يتم تعيين وزير "محافظ"ويحدث في عهده تغيير .. دون أن يستطيع – كما يقول إخواننا في مصر – أن يقول "تلت التلاه كام"! .. فلاشيء يدعو للقلق.
في الحقيقة لم يعد لديّ ما أضيفه بعد أن كتبت ( كلام في التعليم .. ) – وهو مرفق هنا – وكتبت – أيضا – ( صعود السلم لإعادة الهيبة للمعلم).
صحيح أنني لا أستطيع أن أضيف شيئا إلى ما كتبته من قبل عن التعلم،ولكن ذلك لم يمنعني من الاطلاع على بعض ما كُتب عن الدكتور"العيسى"أو عن كتابه "إصلاح التعليم". وقد عثرت على ما كتبه الأستاذ سليمان الخراشي تحت عنوان "تعليقات مختصرة على كتاب الدكتور أحمد العيسى"إصلاح التعليم".
عجبتُ .. فكل التعليقات ،والنقولات تدور في فلك "اللبراليين السعوديين" .. المرأة .. التعليم الديني .. إلخ.
سأكتفي بنقل عبارة صغيرة توقفت عندها كثيرا،أعني قول الدكتور العيسى،كما نقل عنه الأستاذ"الخراشي" :
(قال "ص 90" : "ولعل المنطلقات الفكرية الأساسية التي يستند إليها هذا الفكر ترى أن مكان المرأة الأصلي هو المنزل،وأن خروجها هو استثناء للضرورة" ويعلق الأستاذ "الخراشي"قائلا : "هذا الذي تسميه المنطلقات الفكرية هو نص القرآن "وقرن في بيوتكن .."،فلماذا لا تُسمي الأشياء بأسمائها؟ وهلا أخبرنا الدكتور عن منطلقاته؟){ موقع صيد الفوائد :
http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/m/178.htm}
قلتُ أنني توقفت طويلا عند هذا الاقتباس،وأنا الذي قضيت أكثر من ثلاثة عقود أقرأ وأكتب عن المرأة وقضيتها.
"مكان المرأة الأصلي هو المنزل"هذا الذي استنكره الدكتور"العيسى"كيف نجده في بعض واقع المرأة غير المسلمة،حيث لا يسيطر الصحويون،ولا التفكير الديني على التعليم؟
يقول الروائي المعروف غابراييل غارسا ماركيز :
(الحضارة الحديثة تجعل النساء بائسات. وعندما كن مثقلات بحمل إدارة البيت وجدت النساء في بطولتهن سببا وتفسيرا لحياتهن الخاصة. ولكنهن عندما تحررن من هذا الثقل،فقد تجردن – بشكل مفارق – من الدوافع للحياة القادمة. النساء كن سعيدات فقط عندما كان في الواقع دوافع قليلة لكي يصبح ذلك واقعيا."في صحيفة يونيتا 1988م"){ نقلا عن : ص 223 (هروبي للحرية ) : علي عزت بيجوفيتش / ترجمة : إسماعيل أبو البندورة / دمشق / دار الفكر / الطبعة الثالثة 1429هـ = 2008م}.
بطبيعة الحال"كن سعيدات"هذه نستطيع أن نضع تحتها بعض الخطوط .. فإذا تجاوزنا معاناة المرأة مع هذا الثالوث :
الزوج .. المنزل .. الأطفال .. فسنستشعر ما تعنيه إضافة "رابعة الأثافي" – إن صح التعبير – أي العمل خارج المنزل.
يقول "بيوجوفيتش ":
(هذا الضغط المتواصل من أجل تشغيل النساء خارج البيت،ومساهمتها بشكل بسيكولوجي،إنه يقوم على عدم معرفة كل تلك القيم الاقتصادية التي تحققها النساء في البيت،بالولادة،وتربية الأطفال،والمحافظة على الأمور البيتية. فربة البيت هي ذلك العامل الذي يعمل يوميا عشرة أو اثني عشرة ساعة ونصفها نحن في إحصاءاتنا بأنها شخص عاطل عن العمل،ونصفها في جدول"العناصر العاطلة عن العمل". نعرف جميعا جيدا،كم هي المرأة عاملة،ولكننا بالوقت نفسه نتظاهر بأننا لا نراه. هذا التجاهل لعمل المرأة هو أحد جوانب الضغط،"وهذه المرة أخلاقيا – على المرأة لترك البيت،وإدارة ظهرها للعائلة. الثقافة الإسلامية يجب حرفها باتجاه آخر،وبداية ذلك بالاعتراف بعمل الأم وربة البيت){ ص 126 (هروبي إلى الحرية) ..}.
وفي الصفحة 218 من كتاب"بيجوفيتش" نجد التالي :
(برهن العلماء الأمريكان أن الطفل الذي لا يشعر بحب الأم في السنة الثانية من عمره،فلن يقدر أن يحب بشكل سوي. وهذا لا يمكن لأي نظام اجتماعي أن يعوضه."بروفيسور بيتر مارتينوفتش" – عالم أحياء يوغسلافي").
وتقول الأستاذة صافيناز كاظم،في كتابها "رومانتيكيات" – دار الهلال 1970م ص 46- :
(أنا لا أطالب بعودة المرأة إلى المنزل،ولكنني أطالب بعودتها إلى الإنسانية،أنا مستاءة بشدة من حالة المرأة في العالم الآن،مستاءة من العبودية الشديدة الغارقة فيها لأذنيها،متمثلة بالذات في المرأة العربية،مستاءة من العلاقة الثلجية التي تربطها بأطفالها وعالمها البيتي.){ ص 84( هموم المرأة العربية في القصة والرواية) / أحمد محمد عطية / القاهرة / هيئة الكتاب 1992}.
العجيب أنه في الوقت الذي نجد فيه هذه المرأة العربية المسلمة – الأستاذة صافيناز – لا تطالب بعودة المرأة للبيت نجد في أمريكا وضعا مختلفا!
كتب الأستاذ محمد صادق :
( من تجربة المرأة الأمريكية التي تحسدها عليها نساء العالم والدعوة لعودة المرأة إلى البيت والأسرة لا تنحصر الدعوات في تلك الصادرة عن الرجل،والمؤسسات الاجتماعية،وإنما تصدر تلك الدعوات،وهو الأمر المهم،من المرأة الأمريكية نفسها،إذ تفيد الإحصاءات والاستطلاعات أن حوالي 60% من النساء الأمريكيات يتمنين ويرغبن في ترك العمل والعودة إلى البيت){جريدة الشرق الأوسط العدد 5949 في 12 / 10 / 1415هـ = 13 / 3 / 1995م}.
ونجد أيضا هذا العنوان "الأمريكيات يفضلن البقاء في المنزل عن العمل"وفي الخبر :
(يزداد عدد النساء الأمريكيات اللواتي يفضلن البقاء في المنزل عن العمل ولكنهن غير قادرات على القيام بذلك ){ جريدة الشرق الأوسط العد 6118 في 3 / 4 / 1416هـ = 29 / 8 / 1995م}.
وقبل الأمريكيات،في ( فرنسا تطلع علينا الأنباء لتقول أن السيدة / كريستيان كولنج الكاتبة الفرنسية المعروفة قد ألفت كتابا بعنوان"أريد العودة إلى المنزل"وفيه تقول :"إذا كان للمرأة طفل واحد فهذه مشكلة،وإذا كان لها طفلان فإن المشكلة تصبح أضعافا،أما إذا كان لديها ثلاثة أولاد فعندها تتضاعف المشكلة مائة مرة){ ص 130 ( المرأة العربية المعاصرة .. إلى أين؟! ) / د.صلاح الدين جوهر/ القاهرة / الطبعة الأولى 1402هـ = 1982م}.
ويقول لنا "بيجوفيتش" – في "هروبي إلى الحرية" - (تكرس "مارجريت دوراس في كتابها"العالم الواقعي"أهم فصوله للبيت كعالم للمرأة){ ص 220}.
ويضيف بيجوفيتش :
(بدأ يتضح بأن وضع المرأة يما يسمى بالدول المتحضرة قد تغير ولكنه لم يتحسن. في السجل للفئات المسحوقة إلى جانب مواطني المناطق الصناعية التي لا مستقبل لها،والشباب بالمؤهلات المتدنية،كانت النساء على رأس القائمة،لأنه ترافق مع تحررهن والارتفاع المتفاوت للواجبات والأهداف المهنية والاجتماعية){ ص 198 – 199 (هروبي إلى الحرية ).. .}
في هذا المعطى لن نتعجب من هذه الأرقام التي نقلتها لنا الدكتورة نورة السعد :
( 80% من الأمريكيات يعتقدن أن"الحرية"التي حصلت عليها المرأة خلال الثلاثين عاما هي سبب الانحلال والعنف في الوقت الراهن.
87% يرين أنه لو عادت عجلة الحياة للوراء لاعتبرن المطالبة بالمساواة مؤامرة اجتماعية ضد الولايات المتحدة وقاومن اللواتي يرفعن شعارها){ جريدة الرياض العدد 13044 في 20 / 1 / 1425هـ}.
وحتى المرأة السعودية،التي غادرت بيتها لتعمل خارجه،متأخرة نسبيا ،فقد اشتكت هي الأخرى :
( كشفت دراسة ميدانية استطلاعية أن خمسين بمائة من المواطنات اللواتي يعملن يرغبن في ترك العمل والتفرغ لشؤون الأسرة والبيت لو سمحت الظروف لهن بذلك. وبينت الدراسة التي أعدها الدكتور إبراهيم بن مبارك الجوير أن 45% من عينة النساء العاملات يعتريهن شعور بالتقصير إزاء الأسرة والأطفال نتيجة خروجهن للعمل في حين أن 67 بالمائة منهن أكدن أن العمل يمثل لهن مجهودا مزدوجا أو إضافيا){ المجلة العربية العدد 245 / جمادى الآخرة 1418هـ}.
بما أنني أطلت أكثر مما ينبغي .. فسأكتفي بالإشارة إلى أن وجهة نظري في عمل المرأة - خارج بيتها – أوضحتها في كُليمتي "ومضة من حياة المرأة في "عرب ستان"وزبدته .. أن تعمل المرأة نصف الوقت الذي يعمله الرجل،مع تقاضيها 60% من راتبه – لأن المجتمع يحتاجها وليس العكس،ولا يتعلق الأمر بالعرض والطلب .. إلخ – مع عمل"نظام"يسهل عملية خروجها من منظومة العمل،وعودتها إليه .. حسب ظروفها.
مرة أخرى أعود لهذه العبارة :
"مكان المرأة الأصلي هو المنزل". ينتقد الدكتور"العيسى"- وكثيرون – "الحفظ"في مناهجنا،ويدعون – محقين – إلى ترسيخ التفكير والاستنتاج ... إذا :
حين يقول الله سبحانه وتعالى لأبينا آدم – عليه وعلى نبينا السلام – محذرا له ولأمنا حواء – عليها السلام - من الشيطان ( ولا يخرجنكما من الجنة فتشقى" .. فالخروج بالمثنى والشقاء للمفرد .. وحين يجعل الإسلام"المهر " و"النفقة" على الرجل .. ماذا نستنتج من هذا؟!
أن الإسلام يرى أن "مكان المرأة الأصلي هو المنزل"أم أن الإسلام يرى أن على المرأة أن"تشقى"مثل الرجل؟!
هل أشرت إلى مسألة"الحفظ"؟ .. هذه النقطة لا أقصد بها الدكتور "العيسى" بشكل خاص،فهي قضية عامة .. كثيرا ما تُوجه سهام النقد للحفظ والاستظهار .. ولو أن تلك السهام انتقدت الحفظ دون فهم .. لاتفق الجميع معها،ولكن النقد الذي يوجه لـ"الحفظ"نفسه . . وكأنه "جريمة"هو الأمر الذي يستحق التوقف عنده .
قبل يوم – أو يومين – كنت أشاهد حلقة من برنامج الأستاذ الدكتور عبد الباسط السيد،المتخصص في طب الأعشاب .. والله وحده يعلم عدد المصطلحات الطبية التي ذكرها .. والأدوية .. والأمراض .. فهل هذا حفظ أم فهم؟ وهل الجراح حين يضع مشرطه على جسد المريض،ليشقه .. ثم يوصل الشرايين والأوردة .. هل ذلك حفظ أم فهم؟ و وماذا عن قوانين الفيزياء والكيمياء والرياضيات التي يحفظها طلبة،ومعلمو تلك العلوم؟! والمعلومات الجغرافية .. بما فيها رسم الخرائط من الذاكرة ماذا عنها أيضا؟
يقول "بيجوفيتش" :
(لو قدر لي سأدخل في جميع مدارس الشرق الإسلامي دروسا عن"الفكر النقدي"فالشرق على خلاف الغرب،لم يمر بهذه المدرسة القاسية،وهذا هو مصدر معظم قصوره).
قصدت بهذا الاقتباس،أن على من يوجهون سهام النقد – غير المقيدة – للحفظ والاستظهار،أن "ينتقدوا"أطروحتهم بسؤال مثل : "ما ذا عن الذي لم يحفظ .. ولم يفهم"؟!
وسيجدون النتيجة مثل هذه الإجابات،التي اقتبستها من مسابقة وظيفية أُجريت في الجامعة التي أعمل بها :
س : (..) أطول الناس أعناقا يوم القيمة .. من هم؟
جـ : المنافقون
جـ : النساء
س : من قام بجمع القرآن الكريم؟
جـ : الملك عبد العزيز
س : سورة تكررت فيها البسملة مرتين .. فما هي؟
جـ : لا توجد.
جـ : الفاتحة
جـ : البقرة
جـ : آل عمران
جـ : التوبة
س : ما هي عاصمة هولندا؟
جـ : موريتانيا
جـ : بريطانيا
س : كم دامت خلافة عمر بن عبد العزيز؟
جـ : 130 سنة
جـ : يوم وليلة.
س : كم عدد الدول العربية في قارة آسيا؟
جـ : 75 دولة
جـ : لا توجد.
ولا تعليق بطبيعة الحال.
أعتقد أن مربط الفرس في قضية الحفظ – بما أن الحديث عن الدكتور"العيسى" – هو حفظ القرآن الكريم ... وهنا أقول في الهامش أن ابنتي تدرس في الصف الثاني الثانوي،ولم تأخذ حصة واحدة من القرآن،في الصفين الأول والثاني .. وسيكون القرآن الكريم مقررا في السنة الثالثة فقط!! كما أن ولدي درس القانون في جامعة الملك عبد العزيز،وكان القرآن الكريم مادة "اختيارية" .. رغم أن القرآن الكريم – مع السنة – هو دستور البلاد!!
هذا في الوقت الذي تقول لنا آداب الغرب – الذي سحرنا – أنهم هناك يحفظون بعضا من نصوص رواياتهم .. ويقتبسون منها متعة .. وعند الحوار .. و الروايات الأدبية،ليست نصا مقدسا .. ولا يؤجر من يحفظها!!
أخيرا .. قرأت تغريدة للدكتور"العيسى" – قبل أن يصبح وزيرا – تقول :
(سهولة اتخاذ قرار تعليق الدراسة عند كل رشة مطر أو مناسبة وطنية يبعث برسائل سلبية حول مستوى اهتمامنا بكل ساعة علم وتعليم في مدارسنا وجامعاتنا!).
هنا قضيتان :
القضية الأولى : "عند كل رشة مطر" .. وهذه قضية لا تخص وزارة التعليم،بل تخص خللا في تصريف مياه الأمطار،وتعليق الدراسة حفاظا على الأرواح .. وحفظ الأرواح مقدم على ما سواه .
ويبقى أمر ساعات الدراسة الضائعة،وعلى الوزارة أن تبحث عن وسيلة لتعويضها.
القضية الثانية : "مناسب وطنية" .. هنا أتفق تماما مع الدكتور "العيسى" وسبق لي أن كتبت عن ذلك تحت عنوان : (العالم الدراسي : بين التعليق والتمديد).
وترحمت على زمن كانت الإجازة فيه لا تتجاوز ثمانية أيام،في السنة كلها .. كما ذكر الأستاذ عبد العزيز الربيع :
(كانت السنة الدراسية اثني عشر شهرا إلا ثمانية أيام. وهذه الثمانية من أيام هي إجازة العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى. وليس هناك أي إجازات أخرى){ ص 118 (ذكريات طفل وديع)}
لم يبق لكم في ذمتي إلا "كلام في التعليم .. بين وزيرين" ... وفي رواية .. بين ثلاثة وزراء!!
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
كلام في التعليم .. بين وزيرين
ما إن يتم تعيين وزير جديد،حتى تنبت للأمل في التغيير أجنحة،فيهرع أصحاب الأقلام إلى أقلامهم لطرح ما لديهم من أفكار وتصورات.. إلخ.
حين هرعت – كغيري لأكتب – وجدت مستودة رسالة كتبتها حين تم تعيين الأمير خالد الفيصل وزيرا .. وقد صرفني صارف الفيل عن مكة،عن إكمالها .. ثم طواها النسيان!!
الرسالة المذكورة سأرفقها بهذه الأسطر . . فهي نظرة من زاوية تختلف عن الزاوية التي أنظر منها اليوم.
من محاسن القدر أنني حديث عهد بقراءة كتاب ( الإسلام بين الشرق والغرب) للمفكر البوسني علي عزت بيجوفيتش وهو رجل تميز بكونه ابنا للثقافة الغربية .. وابنا بارا للفكر الإسلامي .. وقد وصفه الدكتور عبد الوهاب المسيري بأنه ( صاحب اجتهادات مهمة في تفسير ظاهرة الإنسان في كل تركيباتها. وهذه التركيبة،المرتبطة تمام الارتباط بثنائية الإنسان والطبيعة،هي نقطة انطلاقه والركيزة الأساسية لنظامه الفلسفي){ص 9 مقدمة "الإسلام بين الشرق والغرب"}.
قبل بسط الأفكار سأمهد بتغريدة للدكتور علي الحكمي،وأردفها بمقولة لبيجوفيتش نفسه،من كتابه ( هروبي إلى الحرية) :
( كليات التربية في جامعاتنا السعودية تقبل أعدادا أكبر بكثير مما يحتاجه التعليم العام،وبالتالي تسهم في زيادة العاطلين عن العمل من الجامعيين) د.علي الحكمي
أما علي عزت بيجوفيتش فيتساءل :
( ما هدف التعليم ؟ التطوير المتكامل للشخصية الإنسانية أم التخصص الصناعي الدقيق للحيوان العامل؟).
أعتقد أننا في حاجة إلى أن نطرح على أنفسنا سؤالين :
ماذا نريد من هذا الطالب الذي أحضرناه من بيت أهله؟
ما هي الفلسفة أو الأساس الذي سنبني عليه صرحنا التعليمي؟
سنبدأ بالسؤال الثاني لأنه الأهم ... وهنا نتذكر قول بيجوفيتش .. (التعليم وحده لا يرقى بالناس ولا يجعلهم أفضل مما هم عليه أو أكثر حرية،أو أكثر إنسانية. إن العلم يجعل الناس أكثر قدرة ،أكثر كفاءة، أكثر نفعا للمجتمع. لقد برهن التاريخ على أن الرجال المتعلمين والشعوب المتعلمة يمكن التلاعب بها بل يمكن أن يكونوا أيضا خُداما للشر،ربما أكثر كفاءة من الشعوب المتخلفة (..)(فالتعليم المدرسي في العالم المتحضر يعتمد على الفكر أكثر مما ينبغي،والجانب الإنساني فيه أضأل مما ينبغي. وباستخدام المصطلحات المعتادة نقول إنه تعليم تقني أكثر مما يجب ويكاد يكون مضمحلا في جانبه الكلاسيكي "التقليدي") {ص 113 ( الإسلام بين الشرق والغرب ) / علي عزت بيجوفيتش / ترجمة : محمد يوسف عدس / القاهرة / دار الشروق / الطبعة الخامسة 2014}.
ويشير بيجوفيتش إلى مسألة في غاية الأهمية .. فيقول .. (في الدول الشيوعية ينطوي التعليم على أن يتشرب الأفراد نظام الدولة الأيديولوجي والسياسي،ويخضع لمصالحها. وفي الدول الرأس مالية يتلاءم التعليم عموما مع المتطلبات الاقتصادية ويخدم النظام الصناعي. وفي كلتا الحالتين فالتعليم هو تعليم وظيفي وفي خدمة النظام) {ص 115 ( الإسلام بين الشرق والغرب )}.
من هذه النقطة تحديدا نشير إلى أهمية إلى أن يكون تعليمنا يعرف ما يريد .. بل وأن يعلن عن نفسه كرسالة جاءت لتنقذ العالم من التدمير الذي تمارسه الحضارة المادية .. يضج الغرب تحت وطأة ماكينة الحضارة المادية التي تطحنه .. بالعودة إلى بيجوفيتش نجده يقول .. (إنه لمن الخطأ الشديد أن نظن – تأسيسا على قول ظاهر – أن ثورة الشباب سنة 1968 في أمريكا وفرنسا كانت ثورة سياسية أو أيديولوجية "عقدية"فالذي حدث كان – على الحقيقة – ثورة أخلاقية (..) أما"أرثر مللر"،وهو حَكم عدل في أمريكا الحديثة،فقد قال :"إن مشكلة انحراف الشباب لا تنتمي فقط للمدن الكبرى بل إلى الريف أيضا،إنها ليست مشكلة الرأس مالية فحسب،بل الاشتراكية أيضا،ولا يقتصر ظهورها مع الفقر فقط بل مع الثراء كذلك،(..) إنني أعتقد أن المشكلة – في وضعها الراهن – هي نتاج التكنولوجيا التي دمرت الإنسان كقيمة ذاتية .. وباختصار لقد اندثرت الروح وتلاشت"){ص 130}.
ثم يسأل بيجوفيتش ..(كيف يمكن تفسير حقيقة أن عدد حالات الانتحار والأمراض النفسية تتناسب طرديا مع مستوى الحضارة؟ وقد اشتكى عالم نفساني أمريكي فقال :"هذه حقيقة هامة من وجهة نظر نفسية،هل هؤلاء الناس أصبحوا أقل رضا مع وجود التحسينات التي طرأت على حياتهم المعيشية؟". هذه الظاهرة بصفة خاصة في بعض الدول المتقدمة الخالية من المشكلات الاجتماعية التقليدية،تهز في أعماقنا الثقة في التقدم (..) وطبقا لتقرير رسمي لسلطات الصحة الأمريكية سنة 1978،أن واحدا من كل خمسة أمريكيين عانى من انهيار عصبي أو كان على حافته . هذه النتيجة مؤسسة على مادة لا تقبل الشك،فقد اختيرت عينة من الأشخاص تمثل 11 مليونا من السكان في سن النضج بين سن"19 – 79") {131}.
وقبل بيجوفيتش نبهنا – كمسلمين – محمد أسد فكتب يقول .. ( إن عالمي الإسلام والغرب لم يكونا يوما أقرب،أحدهما للآخر،كما هما اليوم. وهذا القرب هو صراع ظاهر وخفي،ذلك أن أرواح الكثيرين من المسلمين والمسلمات لتتغضن رويدا رويدا تحت تأثير العوامل الثقافية الغربية. إنهم يتركون أنفسهم يبتعدون عن اعتقادهم السابق بأن تحسين مقاييس المعيشة يجب أن لا يكون سوى واسطة لتحسين أحاسيس الإنسان الروحية. إنهم يسقطون في وثنية"التقدم"نفسها التي تردى فيها العالم الغربي بعد أن صغروا الدين لمجرد صلصلة رخيمة في مكان ما من مؤخرة الأحداث (..) أنا لا أعني أن المسلمين لا يستطيعون أن يفيدوا كثيرا من الغرب،وبخاصة في مجال العلوم والفنون الصناعية،ذلك أن اكتساب الأفكار والأساليب العلمية ليس في الحق"تقليدا"وبالتأكيد ليس في حالة قوم أمرهم دينهم بطلب العلم حيثما يمكن أن يوجد (..) ولو أن المسلمين احتفظوا برباطة جأشهم وارتضوا الرقي وسيلة في ذاتها إذن لما استطاعوا الاحتفاظ بحريتهم الباطنية فحسب،بل ربما استطاعوا أيضا أن يعطوا إنسان الغرب سر طلاوة الحياة الضائع){ الطريق إلى مكة / محمد أسد / ترجمة : عفيف بعلبكي / بيروت / دار العلم الملايين / الطبعة الخامسة }.
لقد كتب "أسد"هذا الكلام قبل أن تظهر الكوارث التي أضرت بالبيئة .. وبالإنسان.
من صرخة "أسد"هذه نعود لسؤلنا الأول :
ماذا نريد من هذا الطالب الذي أحضرناه من بيت أهله؟
مرة أخرى قبل بسط الفكرة .. أذكر بـ"فيديو" من تلك الـ"فديوهات" التي يبحث أصحابها عن "خفة الظل" حيث يسال صاحبه عن فائدة الرياضيات؟ أو شيء من هذا القبيل .. ثم يقرر أن الطبيب .. عند العلاج .. أو المهندس .. عند تخطيط المباني .. لا يسأل في الرياضيات!
قد يكون من غير العسير القول أنه يدون الرياضيات ما كان للأخ أو الابن أن يتحدث للعالم عبر "فيديو" !
ولكن هذه ليست هي القضية .. القضية هي أننا أثقلنا كاهل الطالب .. بأطنان من المواد .. بعضها لا زم لكل مسلم .. وبعضها لا يعني إلا تخصصا معينا .. كما أن "الفيديو" المذكور إضافة إلى مقولة كانت رائجة،يدلان على احتقار العلم التجريبي .. أعني مقولة ( خد علمه وحطه في قارورة)!!
نعاود الكرة نحو فكر بيجوفيتش والذي قال .. (الثقافة هي تأثير الدين على الإنسان أو تأثير على نفسه،بينما الحضارة هي تأثير الذكاء على الطبيعة أو على العالم الخارجي (..)وتعليمنا يزكي فينا الحضارة فقط ولا يساهم بشيء في ثقافتنا ) {ص 107 - 111بيجوفيتش }.
لعلنا في حاجة إلى زراعة فكرة المؤاخاة بين الدين والعلم .. كأفكار أولية .. يفترض أن نخبر الطفل كيف استفاد المسلم من تطبيقه حديث النهي عن التنفس في الإناء .. قبل اكتشاف "الجراثيم والمكروبات" .. وقبل باستور – الذي ولد سنة 1822م - .. ثم تتخذ تلك الفائدة مدخلا للحديث عن تاريخ العلم التجريبي .. عند العلماء المسلمين الأوائل .. وانتقاله إلى الغرب بعد ذلك .. ثم زرع فكرة استعادة المسلمين مشعل الحضارة مرة أخرى.. وإنقاذ العالم من المادية الجامدة التي تكاد أن تدمر الكرة الأرضية بمن عليها .. والتذكير بأن كل (ثقافة) تنتج ما يماثلها .. في الغرب القنبلة الذرية – في الحرب – والعلاج الكيميائي المدمر – في الطب – كلاهما نتاج ثقافة تسعى إلى التدمير والإحراق .. وحتى المبيدات الحشرية تحمل نفس الجرثومة .. ونقارن ذلك بوصية الإسلام بعدم قطع الأشجار .. في الحرب .. إلخ.
وبعد .. أعتقد أننا إذا كنا مقتنعين بأهمية أن نسلك طريقا إلى التقدم غير ذلك الذي سلكه الغرب،فإن علينا أن نؤسس أبناءنا تأسيسيا مختلفا عن ذلك التأسيس الذي يثقل كاهل التلميذ بخليط من العلوم الدينية والعلمية،وأن نخصص المرحلة الأولى من التعليم على النحو التالي :
السنة الأولى للقراءة والكتابة،ومبادئ العقيدة أو الضروري منها.
ومن السنية الثانية إلى نهاية المرحلة الابتدائية – بغض النظر عدد السنوات المتبقية من تلك المرحلة – فتكون لتعليم (مبادئ) العلوم .. ونستطيع – إن أردنا – أن نسكب لهم الرياضيات عبر (الرياضيات الشرعية ) – إن صح التعبير – فإن صلاة الصبح إن زادت عن ركعتين .. فسدت .. لأن 1 + 1 = 2 ولا يقبل الله الفجر إلا ركعتين .. وهكذا.. إضافة إلى سرد قصة تطور العلوم .. وتحفيز التلميذ بالتحسر على انتظار الأمة أكثر من ألف سنة حتى يكتشف لها بعض الباحثين الغربيين،أو الشرقيين، إعجازا هنا أو إعجازا هناك في الكتاب أو السنة .. إضافة إلى ذلك نزرع في الطفل - قبل أن يصل إلى مرحلة البحث العلمي – أن لديه – بعون الله – القدرة على اكتشاف علاج لكل مرض،مسلحا بقول الذي لا ينطق عن الهوى – صلى الله عليه وسلم – فيما معناه : (ما أنزل الله داء إلا وأنزل له دواء .. إلا السام) أو كما قال عليه الصلاة والسلام .. ومستعينا بالله بصلاة ركعتين قبل البحث في كل معضلة .. إلخ
غني عن القول أن هذه مجرد رؤوس أفكار – إن جاز التعبير – وإن أمة لا تنظف شوارعها،ولا تطبخ طعامها،ولا تغسل ملابسها .. هي أمة في خطر،وإن تصحيح الأخطاء التي أنتجتها (الطفرة) في حاجة إلى وقت طويل .. لإعادة الأمور إلى نصابها. ولعل الأمر في حاجة إلى تجاوز فكرة ( المعاهد المهنية) والتي أحسب أنها لم تؤد الغاية منها،كما أريد لها .. وعليه فإن الأمر برمته في حاجة إلى إعادة النظر.
برزخ بين مقالتين :
أمسكتُ بتلابيب نفسي لكي لا تكتب هذه الومضة .. ولكنها انتصرت عليّ !
ومضة : أين ذلك اليوم؟ الذي يدخل فيه طالب مرحلة ما .. وهو يحمل (خبزا) – أو أي شيء آخر – صنعه بنفسه في مدرسته ... بعد أن تبين ميله إلى ذلك العمل اليدوي الشريف.
إلى الرسالة التي كتبتها وصرفني عنها صارف الفيل عن مكة :
رسالة مفتوحة إلى الأمير خالد الفيصل
صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل .. وزير التربية والتعليم .. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد :يقول المتنبي
ظللت بين أصيحابي أكفكفه .. وظل يسفح بين العذر والعذل
أنا أيضا ظللت تائها بين (عذل) إضاعة أمانة القلم الذي أحمله وعدم الكتابة .. وبين (عذر) أن الصوت سوف يضيع في زحمة الأقلام التي ستتسابق لإبداء وجهات نظرها ..
وأخيرا تغلب (العذل) .. ورأيت أن مسؤوليتي تتوقف عند إبداء الرأي فقط .. فقلت :
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ..
إن الخطأ الأكبر الذي قد يُرتكب هو حضور المسؤول – وعلى وجه الخصوص أي مسؤول يتم تعيينه على رأس وزارة التربية والتعليم - وبيده أدوات البناء .. أو معاول الهدم،إذ أن المشكلة التي تعاني منها .. هي بناء الأساس السليم للمنظومة التعليمية.
أعتقد أن التعليم على مستوى العالم يواجه مشاكل جمة .. مع التغيرات التي تعصف بالعالم ...
حتى في الغرب قرأنا شكاوى من اعتماد الطالب على البحوث التي يجدها منشورة في الشبكة العنكبوتية ..
حتى في بريطانيا العظمى – سابقا – قرانا الصرخة التي أطلقتها صحيفة "الصنداي تايمز"- سنة 1995- ونقلها لنا الأستاذ عبد الله با جبير :
( التلاميذ يقولون عن مدرسيهم أنهم"زبالة" .. والمدرسون يقولون عن التلاميذ أنهم سفلة . عديمو التربية.
وقد نشرت صحيفة"الصنداي تايمز"تحقيقا كبيرا عن الأزمة وقالت أن سن المجرم والعنيف،تنخفض باستمرار. الحكومة البريطانية قامت بدراسة حول المشكلة الخطيرة التي تهدد المجتمع البريطاني،وقد أوضحت هذه الدراسة أن نسبة الأطفال الذين يقومون بأعمال العنف .. اغتصاب،قتل،سرقة،إدمان .. في ازدياد مستمر.
غلام عمره 12 سنة يغتصب فتاة عمرها 11 سنة،غلام عمره 13 سنة في مدينة يورك شير يغتصب فتاة عمرها 8 أعوام،غلام عمره 13 سنة يطلق الرصاص على مدرسه ويقتله.
يقول أحد المشتركين في الدراسة لقد بدأت هذه الظاهرة منذ عام 1987 وقد نبهنا السلطة والأسرة معا لخطورة الظاهرة ولكن أحدا لم يهتم.. وعلينا الآن دفع الثمن.
وقد تزايد عدد المدرسين الهاربين من مهنة التدريس خوفا من عنف الطلبة. وقال أحد المدرسين وهو يقدم استقالته : "إنني لا أستطيع التدريس لمجموعة من الوحوش يتعمدون إهانتي وإثارتي طول الوقت".
والأسباب : انخفاض المستوى الاقتصادي،ألعاب الفيديو،أفلام العنف،ضعف الأسرة،غياب الآباء والأمهات عن البيت .. انتشار المخدرات){ جريدة الشرق الأوسط العدد 5965 في 28/10/1415هـ = 29/3/1995م}.
أعتقد أن الأسباب المذكورة موجودة في مجتمعنا بصورة أو بأخرى،أو بتفاوت بين سبب وآخر .. وعلى رأس تلك المصائب ألعاب العنف،والتي من ضمنها (لعبة) يتم فيها الاعتداء على سيارات الأمن .. وهو أمر يجعلها تدخل ضمن (المساس بهيبة رجال الأمن).
إضافة إلى الأسباب المذكورة في المقالة .. لدينا ما يزيد الطين بلة – إن صح التعبير – وأقصد الدور الذي لعبته (الدراما) في الإساءة إلى صورة المعلم .. وعلى رأس ذلك تأتي مسرحية (مدرسة المشاغبين) ... والتي وجهت سهامها – عبر الإضحاك – لهدم قيمتين هما (الأب) و (المدرس) .. وعلى سوء تلك المسرحية لم أقرأ نقدا كبيرا وجه لها - حسب اطلاعي - باستثناء مقالة ممتازة للأستاذ عبد الله با جبير ،كما أشار إلى ذلك الأستاذ منير عامر – ربما في كتابه "تربية الأبناء في الزمن الصعب" – والذي ذكّر بأن تلك المسرحية كانت مسجلة على أشرطة"كاسيت"حتى حفظها الناس .. كما ذَكر أن مؤلف المسرحية ندم على كتابتها!! والعجيب أن المسرحية المذكورة رغم قدمها ورداءة تصويرها – خصوصا عند المقارنة مع التصوير الحديث – لا زالت الفضائيات تواصل عرضها!!
سمو الأمير ..
لا يختلف اثنان على أن التعليم هو الركيزة الأولى لتقدم الأمم والشعوب ..
ولا يختلف اثنان – فيما أحسب – على أن طرق التعليم ليست ثابتة،وإنما تتخذ كل أمة ما يناسبها وتسلك الطريق الذي يوصلها إلى هدفها .. وهنا أتذكر ما طرحه الفيلسوف الأمريكي إيفان إيليش في كتابه(مجتمع بلا مدارس)،وقد قرأت ترجمة للكتاب،ولكن ذلك كان قبل فترة طويلة،ثم وجدت مقالة للأستاذ عبد الله المطيري،كتبها تحت نفس العنوان ومما جاء فيها :
(ليس هذه بدعة جديدة بل هناك خط فكري مهم وفي أرقى الدول يطالب بمجتمع بلا مدارس. لعل من أبرز رافعي هذه المطالبة الفيلسوف الأمريكي"إيفان إيليش"الذي أصدر كتابا شهيرا بعنوان "مجتمع بلا مدارس" كان له صدى واسع على المستوى العلمي والمستوى الجماهيري أيضا. ولكن ما هي مشكلة "إيليش"مع المدارس؟) انتهى كلام الأستاذ المطيري.
ليس من أهداف هذه الرسالة بسط وجهة نظر الفيلسوف الأمريكي،,لكن الذي يلفت النظر أنه بعد عقود من دعوة ذلك الفيلسوف الأمريكي، تم تشريع"التعليم البيتي"في أمريكا سنة 1993م. ومنذ عام 1994 تضاعف ثلاث مرات تقريبا عدد الأسر الأمريكية التي قررت سحب أبنائها من المؤسسات المدرسية،,قد ارتفع عدد الطلاب من 850 ألفا،إلى أكثر من مليونين في العام 2006م.
قبل أن أصل إلى الهدف من ذكر هذا التجاذب بين التمدرس المؤسسي والتعليم البيتي .. أشير في عجالة إلى أضلاع العملية التعليمية :
المعلم
لا يوجد تعليم جيد دون معلم جيد، ومشكلتنا مع المعلم، أننا وضعنا أنفسنا في دائرة مفرغة يصعب علينا الخروج منها.
يحسد الجميع – وأحاديث المجالس، والتزاحم يؤكدان ذلك- المعلم، على ما لديه من مميزات – دون أن يفكروا في معاناته – يسيل لها لعاب طالبي التوظيف،راتب جيد، إجازة طويلة - كانت كذلك! - عدم الإصابة برهاب ( الترقية)، فأصبح الطالب يدرس ليحصل على وظيفة ( معلم) ... وحين يحصل عليها، يقوم بتعليم طالب ليس له هدف إلا أن يصبح ( معلما) ... فضاعت الأهداف السامية للتعليم، وضاع البحث عن (الثواب) .. وأصبحنا ندور في حلقة مفرغة ... طالب يدرس لهدف وحيد هو أن يصبح ( معلما) – أو موظفا بدرجة معلم – ثم يصبح ذلك الطالب – الضعيف - معلما، يعلم طلابا لهم همٌ وحيد، أن يصبحوا ( معلمين) ليكتمل الدوران في الحلقة المفرغة.. فمن يخرجنا منها؟العجيب أنه حين كثر الطلب على وظيفة ( معلم)، وتزايدت أعداد الخريجين، لم نستفد من نظرية العرض والطلب، حين كان الخريجون قلة، كنا نقبل كل من يتقدم أيا كان مستواه، وحين أصبح لدينا فائض في عدد الخريجين، لم نشترط تميز المتقدمين لطلب وظيفة ( معلم)، ولم نشعرهم أنهم يجب أن يتميزوا عن غيرهم- ولم نشعر كذلك المعلم الذي على رأس العمل، بضرورة التميز – من طالبي الوظائف، ولو اشترطنا التميز ... لتميزوا ... ولو حرصا على نيل الوظيفة. بطبيعة الحال هذه نظرة مختزلة حاولت أن تنظر من زاوية واحدة لخطورة دور المعلم،وإلا فأحلام الطلاب متنوعة ومتفاوتة.. ومشاكل،ومطالب المعلمين متعددة كذلك.
"المناهج" : الطالب ... والحول الفكري
أشفق على طلابنا، فهم يقعون تحت تجاذب نظريتين، يفتحون التلفاز، فيجدون – خصوصا عبر الدراما المتلفزة - الصراع بين الآباء والأبناء،يريد الآباء لأبنائهم تخصصا بعينه، ويُفضل الأبناء تخصصا آخر، وتميل الدراما إلى إظهار الأبوين- والأب بشكل خاص- في صورة المتسلط الذي يريد أن يجبر ابنه على ارتياد الكلية التي يختارها الأب، وفي الغالب يكون الأب قد( فشل) في دخول تلك الكلية، فأراد تحقيق حلمه عبر ابنه... ويتم تمجيد كفاح الابن في سبيل دراسة التخصص الذي يميل إليه، ويجد نفسه فيه، ويحقق طموحه، ويستطيع أن يبدع فيه .. الخ ... الصورة الأخرى هي الدعوات المتكررة لتوجيه الطلاب إلى التخصصات التي يحتاجها سوق العمل، وإلا فإننا ندفع بمزيد من الخريجين الذين لا مكان لهم في السوق، أي مجموعة من العاطلين .. الطالب يصدق من ؟! هل يسير خلف الدراما التي تدعوه إلى أن يدرس ما يحب؟ أم يبحث عن متطلبات سوق العمل؟ ... أم ينظر بعين إلى هذا،وبعين إلى ذاك؟ فيصاب بحول في التفكير؟!!! ... أليس كافيا على الطلاب ما في كتبهم من حشو، وأشياء قد لا تناسب أعمارهم، وأشياء لا معنى لها أو تناقض الواقع الذي يعيشونه؟!!
جناية المكان
المكان هو الضلع الثالث من أضلاع العملية التعليمية، ولاشك أنه يؤثر سلبا أو إيجابا، لا على الطالب فقط، بل إن تأثيره يشمل العملية التعليمية بأكملها، وللأسف فإن ( المكان) التعليمي لدينا – في الأعم الأغلب، وفي الأغلب الأعم – لا يولد لدا الطالب الرغبة في الذهاب إليه، ولا يساعد المعلم على تأدية رسالته... أو حتى وظيفته.
وهنا نجد أيضا حلقة مفرغة، يصعب – كي لا نقول يستحيل – الخروج منها، فمحدودية المكان، تلزمنا أن (نزيح) طلاب المرحلة الابتدائية،ليتركوا ( حيزا) للطلاب الجدد ... و ( نزيح) طلاب المرحلة المتوسطة، ليتركوا (حيزا) لطلاب المرحلة الابتدائية ... وهكذا حتى ( نلقى) بطلاب الجامعات في أحضان البطالة ... ليتركوا ( حيزا) لطلاب المرحلة الثانوية ... وهكذا دواليك.
إذا كانت العرب تسمي الجبل "ثالثة الأثافي"فإن كل ضلع من أضلاع العملية التعليمية يمثل"جبلا"أو قضية تستحق أن تفرد بالبحث والدراسة.
سمو الأمير .. عود على بدأ .. وقضية التمدرس المؤسسي .. والتعليم البيتي ..
لعل هذه فرصة تاريخية .. أن يكون على رأس هرم التعليم الشاعر القائل :
يا مدور الهين ترا الكايد أحلى ..
ما الهين؟
أخذ هذا النظام التعليمي أو ذاك .. وترجمة مقرراته التعليمية إذا لزم الأمر .. وتطبيقها ..
أما "الكايد" فهو بناء منهج خاص لا يستنسخ تجارب الآخرين،كما لا يحرم نفسه الاستفادة منها ..
الذي يتلجلج في الخاطر أننا كأمة مسلمة لنا خصوصيتنا .. وإن كان العالم الغربي قد فصل بين الدين والدنيا فنحن لم نفعل – ولا يحق لنا أن نفعل – خصوصا في دولة دستورها (القرآن الكريم)،وذلك يعني أن على الأمة أن توازن بين (التعبد) و(إعمار الأرض) ..
ولكي يكون لدينا تعليمنا المميز والمتميز .. علينا أن نبدأ بطرح الأسئلة الصحيحة ..
هنا أتذكر كتاب ( هروبي إلى الحرية) للرئيس البوسني الأسبق علي عزت بيجوفيتش – رحمه الله والديّ ورحمه – وأنقل عنه عبارات لافتة :
( ما هدف التعليم؟ التطوير المتكامل للشخصية الإنسانية أم التخصص الصناعي الدقيق للحيوان العامل؟){ص 309}.
وقوله :
(صرامة ووضوح الأفكار هي نتاج الحضارة الغربية،ومستوى التفكير الذي أنشأته. وفي هذا يكمن أحد مصادر قدرة الغرب){ ص 187}.
وأخيرا يقول :
(لو قدر لي سأدخل في جميع مدارس الشرق الإسلامي دروسا عن"الفكر النقدي"فالشرق على خلاف الغرب،لم يمر بهذه المدرسة القاسية،وهذا هو مصدر معظم ظواهر قصوره).
سمو الأمير ..
كل ضلع من أضلاع العملية التعليمية في حاجة إلى فريق عمل لدراسته .. بشكل منفصل :
المعلم قضية في حد ذاته ... في مستواه .. وقدراته .. وما يستحق من محفزات .. وما يعانيه من نقص،يؤدي إلى تكليفه – أحيانا - بتدريس مادة ليست من تخصصه .. إلى حضوره من منزله القريب .. أو الذي يبعد أكثر من مائة كيلو متر .. ليوقع في دفتر الحضور .. في مدرسة ليس فيها تلميذ واحد!!
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..