أسأل نفسي وربما يسأل الكثير السؤال نفسه، ماذا لو أن وزير التعليم السعودي الجديد الدكتور أحمد
العيسى ألف كتاباً عن «عبقرية التعليم» في تركيا، أو أنه كتب مقالة عن أهمية الجامعات الأميركية والأوروبية التي قدمت بمناهجها الغربية، وفتحت فروعها في دولة قطر الجارة، هل كان سيختلف رد فعل الحركيين تجاهه؟ وهل سيحظى بالقبول ووصلات المديح، التي تعود الحركيون والإخوان إسباغها على من يدور في فلكهم، ويتعبد الله على طريقتهم الإخوانية؟
لكن، قبل أن نعرف الجواب لنعد بالذاكرة قليلاً، لنرى أن الأمر تكرر مرات عدة، لكننا -للأسف- ننسى سريعاً، ففي الثامن من شهر ذي الحجة 1425، الموافق 8 (شباط) فبراير 2005، صدر أمر ملكي بتعيين الشيخ الدكتور عبدالله بن صالح بن عبيد وزيراً للتربية والتعليم، وهو لمن لا يعرفه أحد كبار أهل الدعوة في المملكة وخارجها، وابن المؤسسة الدينية في السعودية.
ولنكتشفه أكثر علينا أن نلقي قليلاً من الضوء على شيء من سيرته العطرة، فقد عمل وكيلاً للرئيس العام لشؤون الحرمين فترة من حياته العملية، ثم وكيلاً للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، ومديراً لها، وعمل لاحقاً أميناً عاماً لرابطة العالم الإسلامي، ورئيساً للهيئة العالمية للإغاثة الإسلامية، وأميناً عاماً للمجلس الأعلى للمساجد، ورئيس هيئة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، إضافة إلى عشرات من المناصب والعضويات التي خدم بها وطنه في عمره الحافل.
كان اختيار الدولة للشيخ ابن عبيد مستنداً إلى تاريخه الطويل في الدعوة والعمل الإسلامي، وخبراته التربوية الثرية، لكن هذا التاريخ المشرف للشيخ الجليل في خدمة الإسلام والدعوة والتربية، لم يشفع له عند الحركيين و«الإخوان» والسرورين، بل شنوا عليه حملة كبرى لإسقاطه، مشككين في نياته وأمانته العلمية على النشء، فقط لأنه ليس من كادرهم الحركي.
بالطبع، ذلك ليس بغريب عليهم، وليس الأول ولن يكون الأخير، لكنه يذكرنا دائماً بأخلاقيات ذلك «الرهط» الباغي، الذين سخروا أنفسهم أوصياء على الدولة والناس، وكأنهم فراعنة صغار، يقولون لنا وللدولة «لا ترون إلا ما نرى».
اليوم، هاهم يكيدون الكيد نفسه، ويمكرون المكر نفسه، مع وزير التعليم الجديد الدكتور أحمد العيسى، على رغم أنه قادم من خلفية إسلامية معتدلة، لكنه ليس حركياً ولا يجامل أفكار جماعة الإخوان الإرهابية، ولا يحب المرشد العام، ولا يسبح بحمده -مثل البعض منهم- سراً وعلانية، وليس له أي انتماء إلا لدينه ووطنه، وهو نفس ما قاموا به مع ابن عبيد، وسيقومون به مع أي وزير ومسؤول عُين أو سيعين من خارج حزبهم الحركي.
وعلى رغم أن الدولة هي المسؤولة -أمام شعبها المبايع لها برضا ومحبة- عن التعيين والتغيير متى ما رأت أن الحاجة تتطلب ذلك، إلا أن مكر الحركيون والسروريون و«الإخوان» وصل إلى أقصى درجات الشر الذي يحلمون به ويسعون إليه، وهو جر الدولة لمنطقة الشلل الإداري؛ كي لا تستطيع العمل إلا بمباركتهم ومشورتهم فقط.
محاولين تكرار تجارب بعض دول الخليج التي تورطت بحسن نية، قبل عقود ودمجت «الإخوان» في الدولة، وسمحت لهم باختراقها وتمرير أجنداتهم، وكيف جازوها أسوء الجزاء، ثم عاثوا فيها وعطلوا عجلة التنمية، وجعلوها دولاً مشلولة فاشلة، وهو ما يحلمون لتحقيقه سعودياً.
محمد الساعد | الأربعاء 16 كانون الأول 2015
محمد الساعد | الأربعاء 16 كانون الأول 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..