الخميس، 28 يناير 2016

من أين أتيت بهذا؟

    لم أتفاجأ بما تم تناوله مؤخرا من تصريح مفاده أن نقد المتدين هو نقد للدين. لا أدري من الذي تلفظ بهذا القول ولا يعنيني القائل، بل سأركز على
     نقض هذا القول وخطورته على المجتمع وعلى الإسلام.
أستغفر الله عن مثل هذا الغلو في الدين.
    خطورة هذا القول تتمثل في إلباس رجال الدين لباس الحصانة والعصمة واستنساخ نظام الآيات المعصومين ومراتب رجال الدين ممن سبقنا من أهل الكتاب.
    كأني بمن صرح بهذا التصريح يريد أن يدخلنا "جحر الضب" الذي دخلته الكنيسة من قبلنا، حيث سيتبع الأخذ بهذا القول تفسيق وتكفير كل من انتقد رجل دين وكأن مجتمعنا ينقصه التكفير.
الحق لا يخشى من النقد فالنقد لا يحيله إلى باطل.
     نزلت آيات بينات تخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أفعاله: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم)، التحريم1، (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمتَ عليه أمسك عليك زوجك واتقِ الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه)الأحزاب 37، (عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى أما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك أن لايزكى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره) عبس 1-12
   فإذا كان الأمر كذلك مع خير البشر عليه أفضل الصلاة والتسليم فمن أين أتى صاحب تلك المقالة بمقالته، ونحن نراهم يخطئون الخطأ تلو الخطأ؟!
  لاشك أن مثل هذه المقالة تعدت تزكية النفس التي نهى الله عنها بمراحل، قال تعالى (هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى)ا لنجم 32
وإذا كان الله نهى عن تزكية النفس فكيف بهذا التقديس المحدث الذي ما أنزل الله به من سلطان.
إن مثل هذا التقديس المصطنع يأخذ المجتمع بعيدا عن هدي الإسلام إلى تقديس الأشخاص. فإذا قدسوا قدست أقوالهم وأفعالهم.
   المجتمع لايقبل أن يزايد أحد على الدين فهو دين الجميع. ولا أن ينصب أحد من نفسه نائبا عن الله معصوما لايجوز نقده ولا توجيهه وقد رأينا النساء من عامة المسلمين تردد قول الخليفة الراشد ويقر لها بذلك.
لابد من الانتقاد ولابد من التقويم وسبحان من حبب إلينا لحى، وكرّه إلينا لحى، وحبب إلينا متدينين، وكره إلينا متدينين. وما أحببنا من أحببنا إلا لحسن أخلاقهم، وإلا فإن الله أعلم بمن اتقى.

  الخميس 18ربيع الأخر 1437 هـ - 28 يناير 2016م - العدد 17384

البيت العربي

د. محمد ناهض القويز

المصدر
-

.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..