"وأنا أريد إسقاط النظام". تركي الفيصل.
كانت هذه الجملة المدوية التي ختم بها كلمته "داهية" السياسة
السعودية، سمو الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات الأسبق، في مؤتمر
المعارضة الإيرانية الذي انعقد قبل يومين في باريس،
حيث ردد الـ100 ألف مشارك في المؤتمر هتاف: "الشعب يريد إسقاط النظام"، ليرد عليهم: "وأنا أريد إسقاط النظام".
مشاركة السعودية في تلك التظاهرة الكبيرة للمعارضة الإيرانية، والجهر بصراحة متناهية لرؤيتنا، بما تمثله إيران الخميني للمنطقة، وما فعلته خلال كل السنوات الماضيات؛ خطوة ممتازة أتت في وقتها، بل وفي رأيي الخاص أنها بداية نقلة حقيقية للمعركة إلى داخل إيران، وإشغالها بنفسها، إن استطعنا البناء على هذه الخطوة الجريئة بخطوات أقوى ومدروسة، فضلا عن توحيد فصائل المعارضة الإيرانية المتفرقة.
الحقيقة تابعت بكل شغف ما قاله سمو الأمير تركي الفيصل، وأيقنت أن مدرسة سلمان بن عبدالعزيز الحازمة والصريحة، باتت منهجا للسياسة السعودية، فسموه قال بلا مواربة: "لم يجلب نظام الخميني سوى الدمار والطائفية وسفك الدماء، ليس في إيران فحسب، وإنما في جميع دول الشرق الأوسط"، وإن "السعي لتصدير الثورة الإيرانية هو السبب الرئيسي وراء خلافات العالم العربي والإسلامي"، قائلا إن "الخميني رسخ سلطة مطلقة لنفسه في نظام ولاية الفقيه، وناهض كل الأنظمة الملكية الإسلامية وليس السعودية فقط".
كلام قوي وصريح، عبّر بكل ما يعتمل في نفس دول الخليج تجاه الممارسات الإيرانية، مما جعل بعض الأصدقاء يوجلون من أن إيران ستقوم بردة فعل عكسية، وتقوم بتبني المعارضة السعودية أو الخليجية حتى، فأجبتهم: "ما الذي ستفعله أكثر مما تفعله اليوم؟! أليست هي من تقوم بدعم نمر النمر وأشباهه جهرة؟! ، أليست هي من تقوم بتدريب وتمويل "حزب الله الحجاز" التنظيم الشيعي السعودي المتطرف؟! أليسوا هم من خلق الحوثيين في خاصرتنا الشمالية، ونكبوا أهلنا في اليمن بهم؟! ، أليسوا هم من يدعم جمعية "الوفاق" الشيعية المحظورة بالبحرين؟! ، فما الذي سيفعلونه أكثر من ذلك؟".
في اتصال هاتفي مع أحد المعارضين الإيرانيين من منطقة بلوشستان في إيران، الصديق عبدالرحيم ملا شاه زادة، المعروف بـ"أبو منتصر البلوشي" المقيم في لندن، والذي أبدى ترحيبه –كمعارض- في هذه الخطوة السعودية القوية، وإن أبدى تحفظا تجاه التعويل الكامل على مجاهدي "خلق"، مشيرًا إلى الأيديولوجيا التي انبثقت منها، كمنظمة شيعية يسارية، ربما لا تكون مناسبة، فضلا عن أن سمعتها داخل إيران سيئة، بسبب تعاونها مع نظام صدام حسين، وقد رددت عليه بأن السيدة مريم رجوي، تخطت مسألة الايديولوجيات، وشهدنا لها وقفات قوية مع أهل السنّة وبقية القوميات القاطنة في إيران، وأن الحزب ذاته مرّ بأطوار ثلاثة، بَلْه عن أنه أقوى أحزاب المعارضة الإيرانية الحالية، ومن المنطق والعقل البدء بالأقوى.
الباحث اللبناني الشهير رضوان السيد كتب عن هذه النقطة، في مقالة له بالأمس بعنوان: "الوجه الجديد للمعارضة الإيرانية"، وقال: إن الحزب –مجاهدي خلق- دخل المرحلة الثالثة، مرحلة التحالفات، والنضال السلمي، وتجاوز الأصول العنفية، والماركسيات، مضيفا: "إذ إن آلافًا من المثقفين والفنانين ورجال الأعمال والناشطين المدنيين والذين يعيشون في الخارج أو نجحوا في الخروج من السجون إلى المنافي، كانوا قد يئسوا من إمكانية انفتاح النظام نهائيًا. إذ عايشوا فترتي محمد خاتمي المخيِّبتين، ثم اشتد بهم الغضب لإدراكهم استحالة التغيير من الداخل سلمًا ومن طريق الانتخابات عام 2009. ولذلك لم تجد «مريم رجوي» صعوبات كبيرة في مغادرة التنظيم إلى المجلس، وهي صممت لذلك منذ عام 2005، لكنها لم تلق استجابات بارزة إلا بعد عام 2009".
لا أود تلميع هذا الحزب، بيد أنه المنطق والعقل؛ البدء بالأكثر حضورا في الساحة اليوم، والأقدم في المعارضة. غير أن الصديق أبو منتصر البلوشي، لم يقتنع بوجهة نظري، وقال: إن الخميني قبل أن يأتي طهران من باريس، أطلق وعودا وتصريحات تجاه السنة أكثر من مريم رجوي، ومن المهم ألا تكرر دول الخليج خطأها في لبنان، بدعمها للشيعة، لأنهم سيرتدون عليها، والأصلح والأحكم على المدى البعيد، خلق معارضة سنية قوية، حيث يوجد الأكراد والبلوش والعرب، لأن الخشية أننا نستبدل نظاما ديكتاتوريا بآخر مثله، كما حدث مع الشاه والخميني، فلا فرق بينهما.
بعيدا عن الصديق أبو منتصر، فالأهم برأيي الآن، الخطوة التالية، في إدخال بعض دول الخليج في موضوع دعم المعارضة الإيرانية بكافة فصائلها، وتوحيد وجهات نظرها، ومن المهم أن تحظى هذه الخطوات بحملات إعلامية مركزة، وقد أشدت بتغطية قناة "العربية" المميز للمؤتمر في تغريدة بموقعي على "تويتر"، وكم أتمنى أن تخطو باقي القنوات العربية المؤثرة كـ"الجزيرة" ذات الخطوة، فسلاح الإعلام هو الذي نعول عليه في التأثير على المثقفين و "البازار" والأكاديميين والداخل الإيراني، وإبراز فكر وعمل المعارضة الإيرانية في تخليص الشعب الإيراني من النظام الثيوقراطي الذي يرزح تحته منذ أربعة عقود.
إشغال إيران بداخلها، هو الحل الأمثل والأبسط والأقوى لتفكيك نظام الملالي، وكفّ شرورهم عن المنطقة.
مقالتي اليوم حول حضور وكلمة تركي الفيصل في مؤتمر المعارضة الإيرانية. . وحوار ساخن لي مع المعارض الإيراني عبدالرحيم شاه زادة البلوشي حول نجاعة حضور السعودية المؤتمر. .
بقلم :عبدالعزيز قاسم
الشرق القطرية
حيث ردد الـ100 ألف مشارك في المؤتمر هتاف: "الشعب يريد إسقاط النظام"، ليرد عليهم: "وأنا أريد إسقاط النظام".
مشاركة السعودية في تلك التظاهرة الكبيرة للمعارضة الإيرانية، والجهر بصراحة متناهية لرؤيتنا، بما تمثله إيران الخميني للمنطقة، وما فعلته خلال كل السنوات الماضيات؛ خطوة ممتازة أتت في وقتها، بل وفي رأيي الخاص أنها بداية نقلة حقيقية للمعركة إلى داخل إيران، وإشغالها بنفسها، إن استطعنا البناء على هذه الخطوة الجريئة بخطوات أقوى ومدروسة، فضلا عن توحيد فصائل المعارضة الإيرانية المتفرقة.
الحقيقة تابعت بكل شغف ما قاله سمو الأمير تركي الفيصل، وأيقنت أن مدرسة سلمان بن عبدالعزيز الحازمة والصريحة، باتت منهجا للسياسة السعودية، فسموه قال بلا مواربة: "لم يجلب نظام الخميني سوى الدمار والطائفية وسفك الدماء، ليس في إيران فحسب، وإنما في جميع دول الشرق الأوسط"، وإن "السعي لتصدير الثورة الإيرانية هو السبب الرئيسي وراء خلافات العالم العربي والإسلامي"، قائلا إن "الخميني رسخ سلطة مطلقة لنفسه في نظام ولاية الفقيه، وناهض كل الأنظمة الملكية الإسلامية وليس السعودية فقط".
كلام قوي وصريح، عبّر بكل ما يعتمل في نفس دول الخليج تجاه الممارسات الإيرانية، مما جعل بعض الأصدقاء يوجلون من أن إيران ستقوم بردة فعل عكسية، وتقوم بتبني المعارضة السعودية أو الخليجية حتى، فأجبتهم: "ما الذي ستفعله أكثر مما تفعله اليوم؟! أليست هي من تقوم بدعم نمر النمر وأشباهه جهرة؟! ، أليست هي من تقوم بتدريب وتمويل "حزب الله الحجاز" التنظيم الشيعي السعودي المتطرف؟! أليسوا هم من خلق الحوثيين في خاصرتنا الشمالية، ونكبوا أهلنا في اليمن بهم؟! ، أليسوا هم من يدعم جمعية "الوفاق" الشيعية المحظورة بالبحرين؟! ، فما الذي سيفعلونه أكثر من ذلك؟".
في اتصال هاتفي مع أحد المعارضين الإيرانيين من منطقة بلوشستان في إيران، الصديق عبدالرحيم ملا شاه زادة، المعروف بـ"أبو منتصر البلوشي" المقيم في لندن، والذي أبدى ترحيبه –كمعارض- في هذه الخطوة السعودية القوية، وإن أبدى تحفظا تجاه التعويل الكامل على مجاهدي "خلق"، مشيرًا إلى الأيديولوجيا التي انبثقت منها، كمنظمة شيعية يسارية، ربما لا تكون مناسبة، فضلا عن أن سمعتها داخل إيران سيئة، بسبب تعاونها مع نظام صدام حسين، وقد رددت عليه بأن السيدة مريم رجوي، تخطت مسألة الايديولوجيات، وشهدنا لها وقفات قوية مع أهل السنّة وبقية القوميات القاطنة في إيران، وأن الحزب ذاته مرّ بأطوار ثلاثة، بَلْه عن أنه أقوى أحزاب المعارضة الإيرانية الحالية، ومن المنطق والعقل البدء بالأقوى.
الباحث اللبناني الشهير رضوان السيد كتب عن هذه النقطة، في مقالة له بالأمس بعنوان: "الوجه الجديد للمعارضة الإيرانية"، وقال: إن الحزب –مجاهدي خلق- دخل المرحلة الثالثة، مرحلة التحالفات، والنضال السلمي، وتجاوز الأصول العنفية، والماركسيات، مضيفا: "إذ إن آلافًا من المثقفين والفنانين ورجال الأعمال والناشطين المدنيين والذين يعيشون في الخارج أو نجحوا في الخروج من السجون إلى المنافي، كانوا قد يئسوا من إمكانية انفتاح النظام نهائيًا. إذ عايشوا فترتي محمد خاتمي المخيِّبتين، ثم اشتد بهم الغضب لإدراكهم استحالة التغيير من الداخل سلمًا ومن طريق الانتخابات عام 2009. ولذلك لم تجد «مريم رجوي» صعوبات كبيرة في مغادرة التنظيم إلى المجلس، وهي صممت لذلك منذ عام 2005، لكنها لم تلق استجابات بارزة إلا بعد عام 2009".
لا أود تلميع هذا الحزب، بيد أنه المنطق والعقل؛ البدء بالأكثر حضورا في الساحة اليوم، والأقدم في المعارضة. غير أن الصديق أبو منتصر البلوشي، لم يقتنع بوجهة نظري، وقال: إن الخميني قبل أن يأتي طهران من باريس، أطلق وعودا وتصريحات تجاه السنة أكثر من مريم رجوي، ومن المهم ألا تكرر دول الخليج خطأها في لبنان، بدعمها للشيعة، لأنهم سيرتدون عليها، والأصلح والأحكم على المدى البعيد، خلق معارضة سنية قوية، حيث يوجد الأكراد والبلوش والعرب، لأن الخشية أننا نستبدل نظاما ديكتاتوريا بآخر مثله، كما حدث مع الشاه والخميني، فلا فرق بينهما.
بعيدا عن الصديق أبو منتصر، فالأهم برأيي الآن، الخطوة التالية، في إدخال بعض دول الخليج في موضوع دعم المعارضة الإيرانية بكافة فصائلها، وتوحيد وجهات نظرها، ومن المهم أن تحظى هذه الخطوات بحملات إعلامية مركزة، وقد أشدت بتغطية قناة "العربية" المميز للمؤتمر في تغريدة بموقعي على "تويتر"، وكم أتمنى أن تخطو باقي القنوات العربية المؤثرة كـ"الجزيرة" ذات الخطوة، فسلاح الإعلام هو الذي نعول عليه في التأثير على المثقفين و "البازار" والأكاديميين والداخل الإيراني، وإبراز فكر وعمل المعارضة الإيرانية في تخليص الشعب الإيراني من النظام الثيوقراطي الذي يرزح تحته منذ أربعة عقود.
إشغال إيران بداخلها، هو الحل الأمثل والأبسط والأقوى لتفكيك نظام الملالي، وكفّ شرورهم عن المنطقة.
مقالتي اليوم حول حضور وكلمة تركي الفيصل في مؤتمر المعارضة الإيرانية. . وحوار ساخن لي مع المعارض الإيراني عبدالرحيم شاه زادة البلوشي حول نجاعة حضور السعودية المؤتمر. .
بقلم :عبدالعزيز قاسم
الشرق القطرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..