الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن هذا الحديث قد ضعفه أكثر أئمة الحديث، وتراجع في هذا الفتوى رقم: 24520.
أما معنى العرق دساس، فقد فسره السفاريني في غذاء الألباب بقوله:
وقوله: فإن "العرق دساس" أي دخّال بالتشديد، لأنه نزع في خفاء ولطف،
ومعناه أن الرجل إذا تزوج من منبت صالح، جاء الولد يشبه أهل الزوجة في
الأعمال والأخلاق وعكسه. انتهى.
والله أعلم.
--------------------------
السلام عليكم.
الحديث الشريف الذي فيه توصية من النبي صلى الله عليه وسلم (( تخيروا
لنطفكم فإن العرق دساس )) أريد معرفة التفسير لهذا الحديث، حيث إن بعض
الأصدقاء لي يفهمونه فهماً خاطئاً، بحيث إنه عندما يرغب في الزواج وكأنه
ولابد له من البحث عن أصل المرأة وأجدادها، ومن أين جاء نسلها؟ وإلى غير
ذلك، بحيث تغيب عنه الحكمة من هذا الحديث.
أفيدونا جزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فأما عن الحديث الذي أشرت إليه فقد خرجه ابن ماجة في السنن ولفظه: (تخيروا لنطفكم وأنكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم)، والحديث إسناده لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك لفظ : (العرق
دساس) خرجه الديلمي من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما – وكلها أحاديث لا
يقوم لها سند ولا يحتج بها، ولم تثبت بوجه يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم
.
وأيضاً فإن معناها لا يحمل على المعنى الذي يتبادر عند العوام، بل المعنى
المقصود أن يطلب الإنسان أصحاب الدين فلا يزوج بناته إلا منهم، وكذلك فلا
يتزوج إلا منهنَّ، وكذلك هو لا يتزوج إلا صاحبات الدين، ويختار من الناس
أصحاب الدين والمروءة لمصاهرتهم.
والمقصود أن أصح أقوال الأئمة الفقهاء - عليهم جميعاً رحمة الله تعالى – في
معنى كفاءة الزوج، هو ما تحقق فيه شرطان اثنان: فالشرط الأول هو الاستقامة
في الدين ومعناه أن يكون الخاطب مسلماً عدلاً غير فاسق، والشرط الثاني:
السلامة من العيوب القادحة في البدن وهي التي ترجع إلى الأمور العضوية
كالبرص والجنون ونحوها من الأمراض المنفرة. وأما ما سوى ذلك من أمور فليس
شرطاً في الكفاءة، وذلك ككون الخاطب من أصل أعجمي يريد أن يخطب فتاة عربية
أو فتاة أعجمية يتقدم إليها رجل عربي، أو قبيلة أرفع من قبيلة ونحو ذلك من
الاعتبارات، فأصح أقوال أهل العلم - عليهم جميعاً رحمة الله تعالى – أن
النسب ليس شرطاً في الكفاءة، وإن كان الحرص على أن تكون المرأة صاحبة دين
وصاحبة نسب، هو أمر حسن في نفسه وليس مذموماً، ولكن لا يقدم النسب على
الدين.
والمقصود أنه إذا اجتمعت الصفات في المرأة الصالحة بحيث كانت صاحبة دين
وخلق وضمت إلى ذلك النسب الطيب فهذا أمر حسن، ومع هذا فهو ليس شرطاً لحصول
المقصود من الزواج بل يجوز للرجل أن يتقدم للفتاة الصالحة ولو كانت أقل في
النسب.
وأما ما أشرت إليه من أن بعض الإخوة عند سعيهم في الزواج يسعون للسؤال عن
الأب والجد، أي بعبارة مختصرة: يسألون عن النسب، فهذا أمر لا حرج فيه ولا
مانع منه، ولكن لا يكون هو المعيار الذي يقوّم فيه الإنسان. قال تعالى: ((يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ))[الحجرات:13].
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كلكم من آدم وآدم من تراب).
والمقصود أن المعيار الحق في الزوجة الصالحة وكذلك في الزوج الصالح هو
(الدين المستقيم والخلق الحسن)، وما سوى ذلك من الأمور كالنسب والمال
والجمال والمستوى الدراسي والاجتماعي ونحوها من الأمور التي قد يحرص عليها
بعض الناس فلا مانع من رعايتها ولكن بشرط ألا تكون هي الأصل، فلو قدر وجود
فتاة صاحبة دين ولكنها ليست صاحبة نسب وأخرى صاحبة نسب وليست بصاحبة دين
فإن المؤمن يقطع بالزواج من صاحبة الدين، ولو كانت ليست بصاحبة نسب إذا لم
يجد سبيلاً إلا بين هذه أو تلك، وكذلك المرأة الصالحة فلو تقدم إليها رجل
نسيب شريف في قومه وكان ناقص الدين أو الخلق وتقدم إليها رجل صالح صاحب دين
وخلق ولكنه دونه في النسب ولم تجد سبيلاً إلا بينهما فإن المؤمنة تقطع
باختيار صاحب الدين، وهذا أمر ينبغي التوسط فيه، فليس هو بالمعيار الذي
يقيم به الإنسان! وفي نفس الوقت ليس بالمهدر الذي لا اعتبار له، بل هو
معتبر ولكن بحسب المقدور عليه وبحسب ما اعتاد عليه الناس من هذا الشأن،
فبهذا يحصل التوسط المقصود، ولذلك كان أصح أقوال أهل العلم - عليهم جميعاً
رحمة الله تعالى – أن الكفاءة في الزواج إنما هي سلامة الدين والسلامة من
العيوب القادحة من جنس الأمراض التي أشرنا لبعضها، فخير ما يكون للإنسان في
هذه الحالة هو السعي في طاعة الله وذلك بالظفر بوصية النبي صلى الله عليه
وسلم: (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها،
فاظفر بذات الدين تربت يداك) متفق على صحته. وخرج مسلم في صحيحه عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة). وخرج ابن ماجة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما
استفاد المرء بعد تقوى الله خيراً من امرأة صالحة إذا نظر إليه سرته، وإذا
أمرها أطاعته وإذا أقسم عليها أبرته وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله).
ونسأل اللهَ عز وجل أن يشرح صدوركم وأن ييسر أموركم وأن يجعلكم من عباد الله الصالحين وأن يوفقكم لما يحب ويرضى.
وبالله التوفيق.
المصدر
-----------------------------------------
مامعنى قول (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس)حيث يعتقد البعض بعدم زواج القبيلي من غير القبيليه والعكس وما رأيكم في ذلك ؟
** هذا الحديث غير صحيح فإذا عرفنا أن هذا الحديث غير صحيح بطل ما أحتج به هؤلاء الشعوبيون
( العلامة ابن عثيمين رحمه الله
قلت وحمله بعض العلماء على فرض صحته على عدم الزواج من
اسرة عرفت بالشر والفجور والله اعلم
وسئل بعض اهل العلم عن هذا الحديث فقال
.
وأما حديث
"تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس"، فهو ليس بحديث بهذه الصيغة المشهورة على الألسن، فهو مركب من حديثين، أحدهما حديث عائشة -رضي الله عنها- مرفوعاً: "تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم" أخرجه ابن ماجة (1968) والحاكم (2/176،177) وصححه، وضعَّفه غيره،
والشطر الثاني ما جاء في حديث آخر، وفيه: "وانظر في أي نصاب تضع ولدك فإن العرق دساس" أخرجه ابن عدي (6/178)، والقضاعي (638)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1007)، وفي لفظ: "تزوجوا في الحجز الصالح فإن العرق دساس" أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (1015)، وفي لفظ: " في الحي الصالح" أخرجه ابن عدي (7/72) وهي ألفاظ كلها ضعيفة، وضعفها شديد.
وقد جاءت الصيغة الأولى من كلام عمر -رضي الله عنه- والمراد منها أن يتخير الإنسان عند رغبته في الزواج أو التزويج المنبت الصالح، سواء كان في الأسرة أو العشيرة.
وليس كل امرأة في منبت سوء غير صالحة، وليس كل امرأة في منبت صالح غير سيئة، وإنما الحكم للغالب. والله أعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..