رغم أن أردوغان يسعى لإظهار
تركيا على أنها علمانية ليتمكن من ضمها للإتحاد الأوروبي ولا
بوادر لتحقق
هذا الحلم، ولكن العرب أو بالأحرى من يُسمون بالأتراك العرب، يصرون على أنه
حوّل تركيا لدولة إسلامية.
ورغم أن علاقة تركيا بإيران إقتصادياً وسياسياً في تطور مستمر، إلا أن الأتراك العرب يصرون على إقناع الناس أن أردوغان يعادي إيران.
ورغم
تودد أردوغان لإسرائيل وإعلان الترابط بينها وبين تركيا وإعلان تعاونهما
العسكري وزيادة التبادل التجاري بينهما، إلا أن الأتراك العرب يراهنون على
أردوغان سيحرر لهم القدس ويقسمون على أنه ينصر الشعب الفلسطيني.
ورغم
كل ما يفعله في سوريا من دعم للإرهاب وتسهيله لدخول الدواعش للدول
المجاورة له وتجارته باللاجئين ونهب المعونات الدولية التي من المفترض أن
تصلهم عن طريقه، إلا أن الأتراك العرب مقتنعون أنه يساعد الشعب السوري.
ورغم
خذلانه للعرب في عاصفة الحزم وإمتناعه عن إرسال جندي واحد وتخييبه لآمالهم
حتى على الصعيد السياسي، إلا أن الأتراك العرب يطبلون له ويتكلمون عن
بطولاته التي لم يرها أحد.
ورغم خضوعه لروسيا وإعتذاره
المتكرر من بوتين وقبوله بكل ما يُملى عليه إلا أن الأتراك العرب يرون فيه
الرجل الشجاع الذي يقف صامداً في وجه روسيا.
ورغم تعسف
أردوغان وقمعه لشعبه وإقصائه لكل من ليس معه ورغم الإعتقالات العشوائية
وظهوره في أوضح صور الدكتاتورية، إلا أن الأتراك العرب يتغنون بديمقراطيته.
يا
ترى هؤلاء العرب المقدسون لأردوغان أين ذهبت عقولهم، وأين كرامتهم، وفي
سبيل ماذا يتخلون عن نعم الله عليهم، لماذا يصممون على إهانة أنفسهم
والتخلي عن شرفهم غير آبهين من ضحك العالم عليهم وإحتقار الناس لهم
ولتفكيرهم. ما الذي يدفعهم لتبجيل شخص لم يروا منه خيراً ويربطون تقديسهم
له بالإسلام، والإسلام مما يفعلون بريء؟ ما الذي يجبر الخليجي الذي يعيش في
أكثر دول العالم أماناً واستقراراً على تقديس شخص تركي بحجة أنه عمل لشعبه
ولوطنه؟ لو فكروا قليلاً لوجدوا هذا الشعب يتمنى أن يعمل بأي وظيفة في
الدول العربية، ولو ذهبوا إلى تركيا لوجدوا هذا الدكتاتور يعمل لمصلحته
الخاصة ويمكّن حزبه فقط، أما الشعب التركي فسيجدون جزءا منه يعمل ويكدح
ليوفر قوت يومه، وجزءا آخر ينتمي للعصابات الإجرامية، وجزءا صامتا يخشى
الكلام حتى لا يلحق بجزء ليس ببسيط يقبع خلف القضبان تنفيذاً لأوامر
أردوغان خاصة بعد محاولة أو ما يسمى بمسرحية الانقلاب.
إذا
كان أردوغان ساهم في نهضة تركيا كما يزعم الأتراك العرب فلماذا تراجعت
السياحة فيها لمستوى لم تصل له منذ 22 عاماً؟ وإن كان يهمه شعبه فلماذا
أغلق مئات المدارس وعشرات الجامعات والمعاهد ودور النشر بالإضافة لبعض
المستشفيات والكثير من وسائل الإعلام التي أمر بإيقافها وطرد موظفيها؟
أبرز
موضوعين اشتهر أردوغان بهما في السنوات الأخيرة هما دعمه لداعش وسائر
الفصائل الإرهابية، وكذلك إعطائه المثليين حقوقهم في تركيا ودفاعه عنهم،
فهل يا ترى لهذين السببين يحبه ويقدسه الأتراك العرب ويخرون ساجدين كلما
ذكر إسمه؟، فبينما الأتراك في المناسبات يرفعون علم تركيا نشاهد الأتراك
العرب في المناسبات وبدون مناسبات يرفعون علم أردوغان، وبينما هو يعترف
بأخطائه هم ينكرونها ليثبتوا يوماً بعد يوم أنهم أردوغانيون أكثر من
أردوغان.
متى سيفيق هؤلاء الأردوغانيون من غفلتهم ويعلمون
أن العثماني لم ولن يكون أحن عليهم من حكامهم؟ متى سيتعظون مما يحدث
لغيرهم وهم رأوا كيف حرض السوريين ودفعهم لتدمير وطنهم ثم خذلهم؟ وإلى متى
ستبقى عبادة الأصنام مسيطرة عليهم ويظنون أن عبادة الله وحده لا تكفي
لإكمال دينهم؟
في بداية ظهور الإسلام تم تحطيم الأصنام
التي كانت حول الكعبة ولكن أبتلينا الآن بمن يطوفون حولها ويدعون للصنم
التركي وكأنهم لا يستطيعون التخلي عما كان عليه أسلافهم في الجاهلية. ليس
هذا فحسب فالأردوغانيون يسعون لفرض جهلهم على غيرهم ويستميتون في الدفاع عن
صنمهم الدكتاتور التركي فلا يدخرون جهداً ولا وقتاً في التطاول على كل من
لا يحبه أو يختلف معه. فتارة نجدهم في وسائل الإعلام يكفرون من حولهم
لأجله، وتارة يشتمون الناس في برامج التواصل الإجتماعي معبرين عن
أردوغانيتهم وتطرفهم ومثليتهم التي اكتسبوها من صنمهم المتخبط سياسياً
ودينياً واجتماعياً.
علي الحمادي
كاتب من الإمارات
First Published: 2016-08-05
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..