الأحد، 25 سبتمبر 2016

رسالة نقض S.2040 من الرئيس إلى مجلس الشيوخ الأمريكي:

اُعيد لكم دون موافقتي "قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب أو جاستا" رقم  2040، والذي من شأنه -ضمن العديد من النتائج الأخرى- ان يرفع الحصانة السيادية في محاكم الولايات المتحدة عن الحكومات
الأجنبية التي ليست مصنفة كدول راعية للإرهاب.
لدي تعاطف عميق مع عائلات ضحايا الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر 2001 و الذين عانوا الأمرين. كما لدي تقدير كبير لرغبة هذه الأسر لتحقيق العدالة وانا ملتزم بقوة لمساعدتهم في جهودهم.
وتماشياً مع هذا الالتزام، على مدى السنوات الثمان الماضية  وجهت حكومتي لملاحقة -بلا كلل ولا ملل- تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية التي خططت لهجمات الحادي عشر من سبتمبر. وقد ادت الجهود البطولية لمنسوبي القوات المسلحة الامريكي ومتخصصي مكافحة الإرهاب لتدمير قيادة تنظيم القاعدة وقتل أسامة بن لادن. كما ايدت حكومتي بقوة متمثلة في توقيعي على القوانين والتشريعات التي تكفل أن أولئك الذين استجابوا بشجاعة للمهة في ذلك اليوم الرهيب وغيرهم من الناجين من الهجمات سوف يكونوا قادرين على تلقي العلاج من الاصابات الناجمة عن تلك الهجمات. كما وجهت إدارتي الرئاسية قطاع الاستخبارات لإجراء مراجعة حول رفع السرية عن "الجزء الرابع من تحقيق الكونغرس المشترك في نشاطات قطاع الاستخبارات قبل وبعد الهجمات الإرهابية في تاريخ 11 سبتمبر،" حتى يتسنى لأسر  الضحايا والجمهور الأوسع أن يفهم على نحوٍ افضل المعلومات التي جمعها المحققون بعد ذلك اليوم المظلم من تاريخنا.
وعلى الرغم من هذه الجهود الكبيرة، أدرك أنه لا يوجد شيء يمكن أن يمحو حزن اسر  هجمات الحادي عشر من سبتمبر. ولذلك تظل حكومتي عازمة في التزامها في مساعدة هذه الأسر في سعيها لتحقيق العدالة والقيام بكل ما يمكننا لمنع هجوم آخر في الولايات المتحدة. ولكن سن قانون (جاستا)  لن يحمي الامريكيين من الهجمات الارهابية ولن يُحسن فعالية الاستجابة لهذه الهجمات. كما ان قانون (جاستا) بصيغته الحالية سوف يسمح بالتقاضي الخاص ضد الحكومات الأجنبية في المحاكم الأمريكية بناء على ادعاءات أن أعمال هذه الحكومات الأجنبية خارج الدولة كانت مسؤولة عن إصابات متعلقة بالإرهاب على الأراضي الأمريكية. وهذا التشريع من شأنه أن يسمح بالتقاضي ضد البلدان التي لم يتم تصنيفها من قبل السلطة التنفيذية كدول راعية للإرهاب ولم تنفذ أي تدابير مباشرة في الولايات المتحدة لتنفيذ هجوم داخل البلاد. قانون (جاستا) سوف يضر بالمصالح الوطنية الأميركية على نطاق أوسع، ولهذا اُعيد مشروع القرار من دون موافقتي.
أولا: قانون (جاستا)  يهدد بالحد من فعالية استجابتنا للمؤشرات التي تفيد أن حكومة أجنبية قد اتخذت خطوات خارج حدودنا لتوفير الدعم للإرهاب من خلال اخذ مثل هذه الأمور من أيدي الأمن الوطني ومتخصصي السياسة الخارجية ووضعها في أيدي المحاكم والمتقاضين.
إن أي إشارة إلى أن حكومة أجنبية قد لعبت دورا في هجوم ارهابي على الاراضي الاميركية هو مدعاة للقلق العميق وسبب لتنفيذ استجابة قوية وموحدة من الحكومة الاتحادية التي تنظر إلى مجموعة واسعة من الأدوات الهامة والفعالة المتوفرة بين يديها. واحدة من هذه الأدوات هي تصنيف الحكومة الأجنبية المشكوك بها كدولة راعية للإرهاب، وهذا يحمل في طياته سلسلة من التداعيات، بما في ذلك تجريد الحكومة الأجنبية من الحصانة السيادية أمام محاكم الولايات المتحدة في بعض القضايا المتعلقة بالإرهاب وتعرضها لمجموعة من العقوبات. ونظرا لهذه التداعيات الوخيمة، فإن هذه التصنيفات لا تُصدر إلا بعد ان يقوم خبراء الأمن الوطني والسياسة الخارجية والاستخبارات بمراجعة جميع المعلومات المتاحة  لتحديد ما إذا كانت الدولة تلبي المعايير التي وضعها الكونغرس.
في المقابل، قانون (جاستا)  يحيد عن المعايير  والممارسات المعمولٌ بها منذ فترة طويلة تحت قانون الحصانة السيادية للدول الاجنبية ويهدد بسلب الإجراءات القضائية من جميع الحكومات الأجنبية في الولايات المتحدة بالاعتماد فقط على مزاعم المتقاضين التي تفيد أن سلوك حكومة أجنبية في الخارج كان له دور أو اتصال بجماعة أو فرد نفذت هجوم إرهابي داخل الولايات المتحدة. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى التوصل لقرارات ناتجة عن معلومات ناقصة، ومخاطر تَوصُل محاكم مختلفة إلى أحكام قضائية مختلفة حول مدى تورط الحكومة الأجنبية وحجم دورها في الأنشطة الإرهابية الموجهة ضد الولايات المتحدة – وهذه ليست وسيلة فعالة أو منسقة لنا للرد على الدلائل التي تشير إلى أن حكومة أجنبية قد تكون خلف هجوم إرهابي.
ثانياً: قانون (جاستا) سوف يزعزع المبادئ الدولية القائمة منذ فترة طويلة بشأن الحصانة السيادية، وتضع في مكانها قوانين إن طُبقت على الصعيد العالمي يمكن أن يكون لها تداعيات خطيرة على المصالح الوطنية الأميركية. كما ان الولايات المتحدة لديها حضور عالمي أكبر من أي دولة اخرى، وتحمي مبادئ الحصانة السيادية دولتنا والقوات المسلحة والمسؤولين والمتخصصين الخاصين بنا من إجراءات المحاكم الأجنبية. كما ان هذه المبادئ تحمي أصول حكومة الولايات المتحدة من محاولات الاستيلاء عليها من قبل المتقاضين، خاصة في الخارج. إن رفع الحصانة السيادية في المحاكم الأمريكية عن الحكومات الأجنبية التي لم يتم تصنيفها كدول راعية للإرهاب عبر الاستناد فقط على مزاعم تفيد أن اعمال تلك الحكومات الأجنبية في الخارج كان لها اتصال بإصابات الإرهاب على الأراضي الأميركية من شأنه ان يهدد بتقويض هذه المبادئ التي حمت الولايات المتحدة و موظفيها منذ فترة طويلة.
في الواقع، إن مبدأ المعاملة بالمثل يلعب دورا كبيرا في العلاقات الخارجية، والعديد من البلدان الأخرى لديها بالفعل قوانين تسمح بتعديل الحصانات لدولة أجنبية ما على أساس المعاملة التي تتلقاها حكوماتهم في محاكم الدولة الأخرى. وإن سن قانون جاستا يمكن أن يشجع الحكومات الأجنبية للعمل على أساس المعاملة بالمثل والسماح لمحاكمها المحلية لممارسة الولاية القضائية على الولايات المتحدة أو المسؤولين الأمريكيين بما في ذلك رجالنا ونسائنا في الجيش - بزعم وقوع إصابات في الخارج عن طريق دعم الولايات المتحدة لأطراف ثالثة. وهذا يمكن أن يؤدي إلى قيام دعاوى ضد الولايات المتحدة أو مسؤوليها بسبب افعال من قبل أعضاء في جماعة مسلحة تلقت مساعدة أمريكية، أو استخدام خاطئ لمعدات عسكرية امريكية من قبل قوات أجنبية، أو إساءة استخدام سلطة من قبل وحدات شرطة تلقت تدريبا أمريكيا، حتى ولو انتهت هذه الادعاءات في القضايا إلى غير جدوى. وإذا تمكن المدعون من الفوز بأحكام معينة - على أساس القوانين المحلية الأجنبية والتي تطبقها المحاكم الأجنبية - فإنهم سوف يبدؤون في النظر إلى أصول حكومة الولايات المتحدة المملوكة في الخارج لتلبية تلك الأحكام، مما ينبئ بعواقب مالية خطيرة على الولايات المتحدة.
ثالثا، يهدد قانون جاستا بخلق تداعيات في علاقاتنا حتى مع اقرب شركائنا. فلو تم سن القانون، فربما ترى المحاكم أنه حتى الادعاءات الصغيرة التي تتهم حلفاء الولايات المتحدة او شركائها بالتورط في هجوم ارهابي معين في الولايات المتحدة بأنها ادعاءات كافية مما يفتح المجال لرفع الدعاوى والتقصي واسع النطاق تجاه بلد اجنبي، كما لو قام فرد من بلد اجنبي بارتكاب عمل ارهابي أو اصبح متطرف بعد ان سافر من ذلك البلد. لقد تواصل معنا عدد من حلفائنا وشركائنا معبرين عن قلقهم الكبير إزاء مشروع القانون. إن جاستا من خلال تعريضه هؤلاء الحلفاء والشركاء إلى هذا النوع من رفع الدعاوى في المحاكم الأمريكية، فإنه يهدد بالحد من تعاونهم في قضايا الأمن الوطني الرئيسية بما في ذلك مبادرات مكافحة الإرهاب، في وقت حاسم نسعى فيه إلى بناء التحالفات وليس خلق الانقسامات.
لقد كانت هجمات الحادي عشر من سبتمبر اسوأ عمل ارهابي على الأراضي الأمريكية، ولقد جوبهت برد فعل غير مسبوق من الحكومة الأمريكية. حيث اتخذت الولايات المتحدة اجراءات سريعة وواسعة النطاق لتوفير العدالة لضحايا هجمات 11\9 ولجعل الأمريكيين آمنين، بدءً من توفير التعويض المالي للضحايا وعائلاتهم، إلى تنفيذ برامج على مستوى العالم لمكافحة الإرهاب، وكذلك وضع التهم الجنائية ضد الافراد المتورطين. ولقد واصلتُ هذه الجهود ووسعتها، من أجل مساعدة ضحايا الارهاب في نيل العدالة جراء الفقد والمعاناة التي تكبدوها تجاه احبابهم، وايضا من اجل حماية الولايات المتحدة من هجمات مستقبلية. لكن قانون جاستا لا يسهم في تحقيق هذه الاهداف، ولا يعزز تأمين الأمريكيين من هجمات مستقبلية، ويقوض مصالح الولايات المتحدة.
لهذه الاسباب، يتوجب علي نقض مشروع هذا القانون.
باراك اوباما
البيت الأبيض
23 سبتمبر 2016
المصدر: البيت الأبيض
الكاتب: رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما
التاريخ: 24 سبتمبر 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..