الخميس، 3 نوفمبر 2016

كيف تتم برمجة الاستخفاف بالعقول

    بين حين وآخر .. تنتشر فجأة رسائل عبر  شبكات التواصل  ومنها " الواتس - أب " يضخ فيها رسائل ذات مغزى  قد يخفى على البعض  .. كما كان في الماضي  ، فيؤخذ  على أنه من التناصح  و أنه من أخلاق
المسلم ..  الخ
لكن ،    مع الوقت بدأت تظهر  أهداف  مثل تلك الرسائل  وسأبينها في نهاية الموضوع، وسأعرض هنا  لنموذجين منها  لعل هذا يفي بالغرض ،،  وسأعلق عليها مفصلة  بعد كتابتها كاملة ..
يتداولون  مثلا '' '

 -  فتاة تركب جانب سائق التاكسي، والمقاعد الخلفية فارغة....!!
انها زوجة سائق التاكسي
.

# رجل يمر من أمام المسجد والناس يصلون، فيمضي دون أن يدخل للصلاة....!!
لقد صلى في مسجدٍ آخر
.

# رجل مررت بجانبه وألقيت التحية، فلم يرد عليك السلام....!!
ببساطة، لم يسمعك
.

قال أحد السلف:
لو رأيت أحد إخواني ولحيته تقطر خمراً، لقلت ربما سُكبت عليه
!. 

ولو وجدته واقفاً على جبلٍ وقال: أنا ربكم الأعلى ، لقلت أنه يقرأ آيه من القران!

-------------------
يقول ابن القيم: والله إن العبد ليصعب عليه معرفة نيته في عمله،  فكيف يتسلط على نيات الخلق!
في أغلب الأحيان أنت لا ترى سوى جزء من الصورة، فتخيل الجزء الآخر بشكل إيجابي، لكي لا تظلم الناس ولا تبخسهم حقوقهم.
#احسنوا_الظن_بالآخرين
👌

انتهت الرسالة  ...


والتعليق على هذا..

أنه  صحيح   الى  حد  ما   ، لكن هذه افتراضات  لا تحدث الا نادرا .. وإذا  حدثت  فبالإمكان  تمييزها
بمعرفة هيئة  قائلها  أو فاعلها
فلا يصح أن ندعى إلى السذاجة المفرطة فنستجيب بهذا الشكل ..
لنستعرض  الجمل واحدة تلو الأخرى ..
تقول الرسالة :
فتاة تركب جانب سائق التاكسي، والمقاعد الخلفية فارغة....!!
انها زوجة سائق التاكسي



وأقول : وهل أنا ملزم أصلا   بتقصي مثل هذا المشهد ؟   ثم  .. 
ما يدريك أنها  " زوجة سائق التاكسي " حتى تجزم بهذا الشكل وتنفي اية شبهة !!؟

---
رجل يمر من أمام المسجد والناس يصلون، فيمضي دون أن يدخل للصلاة....!!
لقد صلى في مسجدٍ آخر


وأقول :          أيضا  لسنا ملزمين   بتقصي مثل هذا المشهد ، إلا اذا كان  واقفا يتحدث في هاتفه  بجوار المسجد او يتحدث مع أحد  وهو  واقف عند المسجد  ‘‘ فهنا يجب تنبيهه  إلى أن الصلاة أهم  بكثير من حديث يفترض تأجيله ،،  وإن كان قد صلى في مسجد آخر    .. فليحسن  لنفسه ويبتعد  عن ما يثير الشك بأنه مهمل !

رجل مررت بجانبه وألقيت التحية، فلم يرد عليك السلام....!!
ببساطة، لم يسمعك


وأقول :     هذه  أمرها سهل ، فالمفترض ان يرفع الرجل صوته بالسلام ، وليس كما يفعل البعض " إسسسس "  ، وكأنه يشح بها !  وعندما يرفع الصوت  .. فلا مجال  للشك  او  للسذاجة المطبقة بحسن الظن .. إلا أن يكون  أصما !

--
قال أحد السلف:
لو رأيت أحد إخواني ولحيته تقطر خمراً، لقلت ربما سُكبت عليه
!.

وأقول :   يا هذا  !!  أحد إخوانك  ولحيته تقطر خمرا !!! 
يا لفراستك  التي جعلتك تعرف الخمر في شعيرات لحيته  !!  وكأن الخمر   صبغة !
على أية حال  سنسايرك  قليلا ..  وأقول : وهل اذا سكبت عليه  سيخرج ليستعرض بها أمام الناس !؟
أم يزيل أثرها  ويغسله فورا  !؟!  علما بأنه قيل أن  نجاستها محل نظر !


---
ولو وجدته واقفاً على جبلٍ وقال: أنا ربكم الأعلى ، لقلت أنه يقرأ آيه من القران
'
أقول  : هل بلغت بكاتب هذه  الجملة السذاجة مبلغها  حتى لا يفرق بين صيغة الخطاب ونبرة الصوت  وهيئة المتكلم  في " أنا ربكم الأعلى " حتى  تجزم بأنه يقرأ القرآن  الكريم !؟؟
ولماذا تسوق مثل هذه الجمل الإفتراضية أصلا  !!
علما بأن المقدمة الطويلة ليست من كلام ابن القيم رحمه الله


-----------------------------------
الرسالة الثانية   المتداولة :

⛔عاجل لكن لا تستعجل⛔
اقرأ وطبق ولاتستعجل هذه عشرة أشياء تثبت منها
----------------------------
١/ أثبت العلماء .. (أي علماء؟)
٢/ أكّدت الدراسات .. (ما مصدرها؟)
٣/ تناقلت وسائل الإعلام .. (من هي؟)
٤/ قال ناشطون .. (من هم؟)
٥/ أكّد شهود عيان .. (ما مصداقيتهم؟)
٦/ أكّدت المصادر .. (ما هذه المصادر؟)
٧/ أثبتت الأبحاث العلمية .. (أين هي؟)
٩/ قال النبي كذا وكذا .. (متأكد أو لا؟)
١٠/ أفتى الشيخ ب....... (مرجعك لو سمحت)

هذه المصطلحات والاستهلالات يخدعون بها الناس، يكفي إيرادها في بداية النص ثم يكذبون كما يشاؤون !
تجدها مثلها الكثير في قناة أو صحيفة أو موقع أو رسالة !!

ونحن بكل جهل وحسن نية نكمل القصة بإرسالها لكافة الأسماء المضافة لدينا والمجموعات !
قال المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام:   "كفى بالمرء إثما أن يحدّث بكل ما سمع"
التثبت واجب شرعاً وعرفاً.
منقول


التعليق :
هذه الرسالة  أخف بكثير من سابقتها  ،  مع أن كاتبها   نسي  جملة ' حدثني أحد الثقات'  ...  
و  أي ثقات عندما  يكون المتكلم نفسه قد  اشتهر  بالكذب؟!!
أيضا  فمن كتب مثل هذا   لا يطبق نفس الكلام  مع نفسه أو حزبه !   وأرجو  الا يكون ضمن  من تنطبق عليهم  الآية : 
"أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزىٌ فى الدنيا ويوم القيامة يُردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون "

خلاصة القول :
أن الهدف  هو  ألا تبلغ بنا السذاجة مبلغها  في اتباع  أصحاب الهوى وتنميق الكلام  في ما يخصهم  أو يخص أحزابهم ، فيريدون  الأتباع كالقطيع  يسير على غير هدى  محسنا الظن  بشكل مفرط ..
وهذا  ما  بلغ بالبعض  ان يقدس افرادا لهم من الطوام ما لهم  .. خاصة في مجال العقيدة .
قالت العرب : سوء الظن من الحزم  .  ومعناه  صحيح
وقالت ايضا :  "من حسن ظنه بالناس كثرت ندامته"   وهذا يرويه البعض على أنه حديث .. 
و الصحيح ليس هو بحديث   وإنما هو من كلام العرب   ومعناه  صحيح أيضا  ..
وأختم بدعاء :
اللهم أرناالحق حقاوأرزقنا إتباعه
والباطل باطلاوأرزقناإجتنابه
وأهدنا لماأختلف فيه من الحق بإذنك  ،إنك"سبحانك"تهدي من تشاءإلى صراط مستقيم


كتبه  :

سليمان الذويخ

الأربعاء  2 صفر 1438هـ
2 نوفمبر 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..