الثلاثاء، 27 ديسمبر 2016

السد الأثيوبي و الخلاف بين مصر والسعودية !

      صورة الوزير السعودي أحمد الخطيب، وهو يزور سد النهضة الإثيوبي، يبدو أنها كانت العذر للبعض للتراشق الإعلامي، الذي نقل العلاقة بين الرياض والقاهرة من الحميمية إلى لغة غير مألوفة.
وحتى لو افترضنا أن الصورة والزيارة في باطنها معان غير السياحة والاستثمار فإن إدارة الأزمة باستخدام
الإعلام يعتبر وسيلة ضغط قديمة بالية وفاشلة ومضرة.
إثيوبيا دولة مهمة اقتصادياً في أفريقيا، وتعتمد عليها الولايات المتحدة في معالجة عدد من قضاياها العسكرية والسياسية في القارة، حيث نجحت مثلاً في احتواء الصومال بالقوة بعكس أفغانستان، وقامت بتأديب إريتريا، مع هذا فإن مصر تبقى أكبر وأهم، وأكثر قيمة عند السعوديين من إثيوبيا. هذه مسألة محسومة مهما قال عكس ذلك الإعلاميون المصريون والسعوديون.
نعم، تمر على العلاقات هبة شتاء باردة، لكنها ليست حول قضايا سياسية إقليمية كبرى كما يروج، أو على الأقل ليس بعد. ويفترض من الدبلوماسيين المهرة أن يعزلوا أسباب الخلاف عن مجمل العلاقات، ومن المألوف أنه حيثما توجد علاقات كثيفة ومترابطة عادة تقع الخلافات، ولهذا علاقاتنا مع الدول الإسكندنافية دائماً مستقرة.
الخلافات بين البلدين الشقيقين ليست حول ما يروج، ليست سوريا كما يشاع، واستبعد ما زعم بأن مصر تزود المتمردين في اليمن بالصواريخ، لأن مصر تدرك أنه عمل خطر، فالصواريخ الحوثية مسؤولة عن قتل مدنيين سعوديين، حيث يستهدفون عمداً القرى والمدن داخل الحدود السعودية. كلها روايات تروجها أصوات محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين.
كما أن إعلان أطراف عراقية عزم الحكومة تزويد مصر بالمنتجات النفطية بديلاً عن الشحنات السعودية المتوقفة ليس معقولاً، فمن الصعب على العراق مدها به، لأنه لا يملك ما يكفي حاجته، ولا يمكن أن يستمر بتقديمها مجاناً.
أما موقف مصر حيال سوريا فهو واقعي، لا يختلف عن موقف تركيا في الآونة الأخيرة. وفي آخر مشروعين قدمتا للجمعية العمومية صوتت مصر إلى جانب الشعب السوري ضد نظام الأسد، بخلاف بعض الدول العربية الحليفة، كما أن موقفها الأخير في مجلس الأمن ضد المستوطنات الإسرائيلية مرتبط بظروف القاهرة.
ولا نتوقع منها أن تعرض أمنها ومصالحها الكبرى للخطر، خاصة بوجود دول أخرى قامت «بالواجب» نفسه، وأعفت القاهرة من الإحراج والأزمة من أجل قرار رمزي.
الخلافات السعودية- المصرية هي على مسائل ثنائية، ولا أقول ثانوية، وستنتهي بالتفاهم بعد شهر، أو سنة، أو قد لا تحل. ولا يفترض أن تترك العلاقات للمساومة، لأنها استراتيجية، ومخطئ من يحتسب موقف مصر عندما تساند دول مجلس الخليج ضد إيران على أنه موقف تضامني، بل يخدم المصالح المصرية العليا، بمنع إيران من التمدد والهيمنة سواء في سوريا أو العراق أو الخليج.
فتعاظم نفوذ إيران في كل متر على الأرض يتم على حساب مصر كونها دولة إقليمية كبرى موازية. وإذا أرادت القاهرة الانكفاء والتنازل عن دورها فإن هناك العديد من الدول الإقليمية الكبرى الأخرى متحفزة للقيام به، ودول الخليج هي من يرجح الكفة بين تركيا وباكستان وإثيوبيا وإيران.
ولعب الدور الإقليمي يعظم من قيمة الدول سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، فمصر تحصل على ثاني أكبر معونة عسكرية اقتصادية أميركية ليس فقط جزءاً من ترتيبات اتفاقية كامب ديفيد، بل أيضاً لأهميتها الإقليمية، وهو ما أفشل محاولات المعترضين عليها في الكونغرس على وقفها أو تخفيضها.
التوجهات الأخيرة، منذ نحو عامين، ببناء شراكات اقتصاديات جيدة لأنها تضمن ديمومة العلاقات بدلاً من سياسة المنح والمساعدات، فالشراكات توسع حجم النشاط بين الجانبين، أكبر بمرات من القائم حالياً، ويمكن أن تغير واقع اقتصاد مصر والخليج.
هذا ما طرحته الحكومتان السعودية والإماراتية على القاهرة، والعتب دائماً على البيروقراطية المصرية، هي عدوة الحكومة المصرية أكثر من كل خصومها الآخرين مجتمعين. وإن لم تسر مصر سريعاً في طريق الإصلاح فإنها ستفقد الفرص التاريخية، التي تتشكل في الخليج، ولن تكون شريكاً اقتصادياً عملاقاً، وستبقى تتطلع للمعونات التي يستحيل أن تدوم بأرقام كبيرة.
ختاماً، نخن نعرف أن الذين يحاولون تخريب العلاقات جماعات هي خصم للطرفين، يوزعون صور صواريخ مزورة، ويضخمون قرارات سياسية محدودة، ويحرضون على القطيعة.

  عبد الرحمن الراشد
الخلاف المصري- السعودي المصدر:

التاريخ: 27 ديسمبر 2016
إضافة :
غضبوا من زيارة  وفد  للسد ،، ولم يغضبوا ممن وقع إتفاقية السد !!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..