إن الزوجين بعد سن الأربعين لا يحسنان التعامل مع بعضهما البعض لعدم معرفتهما بالتغيرات التي حدثت لهما، وقد عرضت علي قضايا كثيرة دخلت فيها للإصلاح وكان السبب هو عدم وعي الزوجين بطبيعة المرحلة التي هما فيها، فأكثر الأزواج وحتى الزوجات مزاجهم ونفسيتهم وطريقة تفكيرهم تختلف بعد سن الأربعين، وهذا يتطلب تعارفا جديدا من كلا الطرفين، وقد يسبق الزوج الزوجة في التغير أو تسبق الزوجة زوجها، ولكن كليهما لا بد أن يمر في هذه المرحلة التغييرية في الحياة، ولعل هذا يتطلب مجهودا أكبر من كل طرف لكسب الطرف الآخر، فالبعض يحب أن يسترجع هواياته القديمة ويحيي مواهبه الدفينة، بعدما عاش أول عشرين سنة من حياته مشغولا في التعليم، وثاني عشرين سنة من حياته مشغولا في الأسرة، والآن هو داخل في العشرين الثالثة والتي يفكر ويخطط لها، علما بأن أكثر الناس لا يعرف ماذا يعمل في العشرين الثالثة.
لكن هناك حقائق لا بد من معرفتها في عالم الرجال وهي تفيد المرأة، مثل أن الرجل بشكل عام يحب التغيير والتنوع في هذه السن، ويشعر أنه قدم الكثير من الأعمال والتضحيات، والآن هو يستحق أن يكافئ نفسه بالأشياء التي حرم نفسه منها في أول حياته، فبعض الرجال يتعامل مع هذه الحاجة بعقلانية وحكمة وبعضهم لا يحسن إدارة هذه الحاجة فتكون سببا في دمار حياته الشخصية أو الأسرية، والأمر الآخر إذا صار الزوج لا يهتم بكلام زوجته ولبسها وطلباتها فإن هذا مؤشر على الملل الزوجي، فتحتاج الزوجة في هذه الحالة لوقفة حتى تلتفت إلى احتياجاته الجديدة فتتعرف عليها ثم تسعى لتشبعه بها، فالمرأة الذكية هي التي تعرف كيف تكون عدة نساء في امرأة واحدة لزوجها، كما أن الزوج في هذه المرحلة يحب المرأة الصديقة ويكره المرأة المحاسبة له، لأنه يرى نفسه رشيدا ناضجا ولا يريد أحدا أن يحاسبه، وهذا يتطلب أن تتحدث الزوجة معه بطريقة تشعره بصداقتها لا بمحاسبته على تقصيره، لأن الصمت بعد سن الأربعين إما دليل على أن الحوار في بداية الزواج لم يكن جيدا، أو عدم ارتياح كل طرف للآخر بطريقة حواره وكلامه.
الأمر الثالث الذي تحتاج الزوجة أن تهتم به في هذه المرحلة رشاقتها وشكلها وجسمها وكذلك شعرها، فالشعر كما قيل هو تاج الجمال، فالزوج يجد نفسه أمام زوجة مختلفة عن التي تزوجها وهذا يساعده على الاستقرار معها ويشبع رغباته التي ازدادت عنده بعد سن الأربعين.
أما الحقائق التي لا بد من معرفتها في عالم المرأة وهي تفيد الرجل، فإن المرأة بعد سن الأربعين تكون متوقعة أن يتفرغ لها زوجها بعدما كان مشغولا عنها في أول عشرين سنة من حياتهما، فقد كان مشغولا بتأسيس البيت ومواجهة تحديات الحياة، فإذا استمر في شغله أو فتح مشاريع أخرى وانشغل عنها أكثر فإنها تصاب بالإحباط بسبب أن واقعها صار على خلاف توقعاتها، فإذا أراد الزوج أن يكسب زوجته بعد سن الأربعين فعليه أولا أن يشعرها بأنه يعوض لها تقصيره أو غيابه عنها خلال العشرين السنة الماضية بالطريقة التي يراها مناسبة، مثل تقديم الهدايا أو الاستجابة لطلباتها التي كان يرفضها بالسابق بسبب انشغاله أو قلة المادة عنده فيعوضها بالسفر أوالمشي اليومي أو تناول الإفطار معها أو الحديث معها وأخذ رأيها، ولعل هذا من أهم ما تحتاجه المرأة التي تجاوزت سن الأربعين، فهي تريد شخصا يتحدث معها ويستمع إلى حديثها فيشعرها بأنه صديقها وهو في الحقيقة زوجها، وفي حالة لو كان عند الرجل أطفال صغار فعليه أن يعوضهم فيعطيهم من وقته، ويوصلهم للمدرسة ويدرسهم وقت المساء، ويجلس ويلعب معهم ويشارك في تربيتهم فيؤثر ذلك على المرأة ايجابيا، ومن البرامج الجميلة في هذه المرحلة العمرية اشتراك الزوجين في العبادة مثل صلاة التراويح برمضان، أو حضور برامج علمية، أو متابعة مسلسل تاريخي ومناقشة أحداثه، أو المشاركة في مشروع خيري، وغيرها من البرامج التي فيها خدمة للدين أو للمجتمع.
كل هذه الأفكار التي كتبتها للزوجة أو للزوج يحتاجها من تجاوز عمره الأربعين سنة، وإني أستطيع أن أقسم الأسر التي تجاوز زواجها العشرين سنة إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول أسر تسعى للطلاق والتفريق بسبب عدم فهم طبيعة المرحلة التي هم فيها وبسبب كثرة المشاكل القديمة، والقسم الثاني أسر تعيش بصمت من أجل الحفاظ على الأسرة والأبناء إلا أن كل زوج له حياته المستقلة عن الآخر، والثالث أسرة منسجمة وبين الزوجين محبة ومودة حتى بعد سن الأربعين، ولعل هذا المقال يفيد الزوجين من القسم الأول والثاني ويعزز العلاقة للأسرة التي في القسم الثالث.
د. جاسم المطوع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..