شكر وتقدير
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ، ومَنْ تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين ، وبعد .
فأصل هذا الكتاب بحث نُشر بالعدد الثاني من مجلة كلية القرآن الكريم بجامعة القرآن الكريم
والعلوم الإسلامية .ثم رأى الباحث أنْ يتوسَّع فيه فيطوّره إلى كتاب مستقل .
ويتقدّم الباحث بخالص الشكر والتقدير للأستاذ الدكتور/ بشير حاج التوم من جامعة النيلين على تحكيمه لهذا الكتاب منذ أنْ كان بحثاً .
والشكر موصول إلى هيئة تحرير مجلة كلية القرآن الكريم على تكرمها بنشر البحث الذي طُوِّر.
والشكر ممتد لإخوتنا في إدارة التأليف والترجمة والنشر بمركز بحوث القرآن الكريم والسُّنَّة النَّبويّة لقيامهم بواجب تنسيق وتصميم الكتاب ومتابعة الطباعة .
وختاماً لا ينسى الباحث أنْ يشكر الإخوة في المجلس الإتحادي للمصنّفات الأدبية والفنية لاهتمامهم بالكتاب ومنحهم رقم الإيداع .
والشكر من قبل ومن بعد لله رب العالمين ، الذي بكرمه ومنّه أثمر جهد الباحث عن هذا الكتاب .
مستخلص البحث:
يهدف هذا البحث الموسوم بـ(دور الإدارة التربوية في تخطيط وتنظيم وتوجيه حلقات القرآن الكريم ) إلى الاستفادة من الإدارة التربوية وعناصرها من تخطيط وتنظيم وتوجيه وغيرها في إدارة الحلقات القرآنية لتحقق هدفها المنشود، وهو تحفيظ الطلاب القرآن الكريم.
إتبع الباحث في هذا البحث المنهج الوصفي والتحليلي و لمناسبتها لطبيعة البحث.
توصل الباحث إلى نتائج أهمها عدم استفادة معلمي القرآن الكريم من العلوم التربوية وخاصة الإدارة التربوية، كما أوصي بضرورة عقد الدورات في هذا الموضوع ليستطيع معلمو القرآن الكريم الاستفادة من هذه العلوم التربوية في تنظيم الحلقات وتحفيظ الطلاب القرآن الكريم.
والله الموفق
المبحث الأول
الإطار العام
مقدمة:
الحمد لله الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، وأمره بتعاهده تلاوة وعبادة وتدبراً ، والصلاة والسلام على رسول الله الذي أُرْسِل بمنهج القرآن وبعد.
تُعَدُّ الإدارة التربوية فرعاً من فروع الإدارة ، وهي من الإدارات المهمة في حياة النّاس، إذ إنها تعمل على التخطيط للحياة وتنظيمها وترتيبها بطريقة تحقق أهداف الإدارة في إنجاز أهداف أي مؤسسة ؛ وبالتالي الإدارة التربوية تعم على إنجاز الأهداف التربوية للمؤسسة التعليمية، والتي منها حلقات القرآن التي تمثل مؤسسة صغيرة ذات أهداف سامية هي تنظيم طلبة القرآن الكريم وتحفيظهم القرآن العظيم ، الذي به صلاح الدنيا والآخرة.
إن البحوث التي أجريت في هذا المجال قليلة ومحدودة مع أهميته إذا ما قورنت بالبحوث التي أجريت في المجالات التربوية الأخرى. ويعتبر هذا الميدان ميدان الاستفادة من الإدارة التربوية في إدارة حلقات تحفيظ القرآن الكريم ميداناً بكراً ، ولذلك رأى الباحث ضرورة تقديم بعض الأفكار التي تساعد في إستخداماته في مجال تحفيظ القرآن الكريم الذي هو أجل العلوم وأعظمها. عن النبي قال: (خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه)( ).
يرى الباحث أن الإدارة التربوية يمكن أن تسهم في معالجة مشكلات التربية والتعليم والتنمية؛ والتي يدخل في إطارها تحفيظ القرآن الكريم. ولتكون الإدارة التربوية فاعلة ، ومؤثرة في عملية تطوير طرق حفظ القرآن الكريم لابدّ أن تدرس بطريقة دقيقة تلتزم الواقعية مستفيدة من كل الامكانات المحلية المتاحة ، حتى لا تكون خيالاً بعيداً عن الواقع.
ويرى الباحث أنه لابد من تطوير حلقات القرآن الكريم ، وإلزام المعلمين فيها بتعلم وظائف الإدارة التربوية الحديثة وعناصرها، التي تواكب النقلة النّوعيّة التي حدثت في مجالات الحياة المختلفة؛ ومنها الإدارة التربوية في سبيل تحقيق هذا الدور لها في تنظيم حلقات القرآن الكريم. يتبع الباحث المنهج الوصفي والتحليلي لتحقيق هدف تنظيم حلقات القرآن الكريم التي تساعد في حفظ كتاب الله العزيز.
إن عملية الاستفادة من الإدارة التربوية ونظمها في تنظيم حلقات تحفيظ القرآن الكريم ، تُعدُّ من الإصلاح التربوي الذي يجري الآن في العالم.
لتحقيق هذه الاستفادة ، يأتي الإطار العام لهذا البحث على النحو التالي:
أولاً: مشكلة البحث :
إن مشكلة هذا البحث تكمن في عدم استفادة القائمين على إدارة الحلقات التربوية من وظائف الإدارة المختلفة من تخطيط وتنظيم وتوظيف وتوجيه في ترتيب الحلقات القرآنية وإحكامها وضبطها .
ثانياً: أسئلة البحث :
إن السؤال الرئيس في هذا البحث يمثل مشكلة البحث، وبالإجابة عليه يبدأ حل المشكلة.
السؤال هو :
كيف يستفاد من عناصر الإدارة التربوية في ترتيب وتنظيم حلقات تحفيظ القرآن الكريم ؟
أما الأسئلة الفرعية هي :
1- كيف يخطط لحلقات تحفيظ القرآن الكريم ؟
2- كيف تنظم حلقات القرآن الكريم ؟
3- كيف توظف حلقات القرآن الكريم ؟
4- كيف توجه حلقات القرآن الكريم ؟
ثالثاً: أهداف البحث :
إن هذا البحث يهدف للاستفادة من الإدارة التربوية في التخطيط والتنظيم والتوظيف والتوجيه لحلقات القرآن الكريم ، كما يهدف لإكساب معلمي القرآن الكريم مهارات ضبط العمل وتنظيمه ، وكذلك إكسابهم صفات القائد التربوي للحلقات .
رابعاً: منهج البحث:
لطبيعة هذا البحث الوصفية ، والتي تعتمد على التحليل فإن الباحث يعتمد منهج الوصف والتحليل .
خامساً: هيكل البحث:
يتكون هذا البحث من خمسة مباحث على النحو التالي:
* المبحث الأول: الإطار العام
* المبحث الثاني: نشأة الإدارة وتطورها ، وتعريفها وأهم نظرياتها.
* المبحث الثالث: نشأة الإدارة التربوية وتطورها وتعريفها وأهمّ نظرياتها.
* المبحث الرابع: حلقات تحفيظ القرآن الكريم وطرق التحفيظ فيها.
* المبحث الخامس: دور الإدارة التربوية في تنظيم حلقات تحفيظ القرآن الكريم.
سادساً: التعريف الإجرائي لمصطلحات البحث:
الإدارة التربوية: هي تحقيق الأهداف التربوية للمؤسسة أو المنظمة بوساطة فريق العمل.
حلقات القرآن الكريم: يقصد بالحلقة جلوس المتعلمين حول معلم القرآن الكريم للتلقي منه والاستماع لتوجيهاته والعمل بمقتضاها.
معلم القرآن الكريم: هو الإنسان المتمكن من القرآن الكريم وعلومه وطريقة تدريسه للطلاب ، وتكون له القدرة على متابعتهم وضبطهم.
سابعاً: الخاتمة وتشتمل على الآتي:
أ- النتائج.
ب- التوصيات.
ثامناً:
- ثبت المصادر والمراجع
- فهرست الموضوعات
المبحث الثاني
نشأة الإدارة وتطورها
إن الإدارة قديمة قدم الانسان نفسه، وقد ظهرت العمليات الادارية في تاريخ المجتمع الإنساني عندما أحس الإنسان بأن التعاون مع غيره ضرورة حيوية ، وأن الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها لا تتحقق بالجهد الفردي والطاقة الفردية ، عندئذ ٍ ظهرت الإدارة نشاطاً بشرياً عندما ظهرت اللبنة الأولى لتجمع البشر وهي الأسرة ، والتي طبقت النظم الأدارية في محيطها بطريقة بدائية محاولة لتوزيع الأدوار بين الأم والأب لتربية الأبناء. برزت الإدارة كنشاط بشري باعتبارها ضرورة اجتماعية بظهور الخلية الأولى للتجمع البشري وهي الأسرة ، التي ظهر في محيطها التطبييق البدائي لمبادئ الإدارة كمبدأ تقسيم العمل ، وما يتطلبه من تنسيق بين الزوجين إذا انصرف الزوج إلى تدبير الشئون المعيشية للأسرة من خلال ممارسة الصيد أو الرعي أو الزراعة، وتفرغت الزوجة لتدبير شؤون المنزل( ).
استمر التطور الإداري تلقائياً إلى أن ظهرت القبائل والعشائر التي بدأ منها الاهتمام بالسلطة وذلك عندما تشعبت الحياة وإزداد تعقيدها.
تميزت المجتمعات القديمة بممارسة الإدارة بصور مختلفة مثل مصر الفرعونية ، وإمبراطورية الصين ، والمدن الاغريقية ، والامبراطورية الرومانية ؛ حيث كان لكلٍ ممارسته الإدارية.
تدرجت الإدارة في العصور الوسطى، وأروبا المسيحية ، إلى أن جاء عصر الاسلام الذي أرسى القواعد ونظّم المجتمع، حيث نزل القرآن منظماً لشؤون الحياة موجهاً إياها نحو أهداف وغايات سامية نقلت الإنسان من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
لا يريد الباحث الدخول في تفاصيل الإدارة في العصور السابقة ومقارنتها ببعضها بعضاً أو بما يحدث حالياً ، ولكنّه يركز على الإدارة في العصر الحديث والعصر الاسلامي؛ بغرض تحقيق استفادة مديري الحلقات منها في ترتيبها وتنظيمها لتحقق الحلقات أهدافها الاساسية في تحفيظ الطلاب القرآن الكريم بطريقة منظمة وميسرة.
تطور الإدارة:
حُسِم الجدل الذّي كان في الأوساط الإدارية حول هل الإدارة علم ؟ أم فن؟ أم ماذا؟.
حسم هذا الجدل بأن الإدارة علم له نظرياته العلمية التي تدرس في المدارس والمعاهد والجامعات وتتطور بتطور مصادر المعرفة مواكبة للعصر الذي تمارس فيه ؛ وأن الإدارة هي فن بمعنى أنها موهبة يهبها الله للإنسان ومهارة شخصية .يولد بها الشخص، كما يمكن أن يصقلها بالخبرة والممارسة.( إن الإدارة علم وفن في نفس الوقت)( ).
الفكر الإداري المعاصر:
كانت هناك مساهمات مبكرة في تطوير علم الإدارة ، وأهّم الرّواد في هذا المجال ( هما فريدريك تايلور وهنري فايوي؛ فقد عرف الأول مايسمى بـ"الطريقة العلمية في الإدارة"؛ وحدّد الآخر مايعرف اليوم "بمبادئ الإدارة"( ). ومن هذا يمكن تتبع تتطور المدارس الإدارية العلمية كما يلي:
مدارس الإدارة العلمية (المدرسة التقليدية (المدرسة الكلاسيكية)).
(ماكس فايبر ( 1920م -1964م)):
حاول ماكس فايبر وهو أهم روّاد هذه المدرسة وضع نموذج للادارة الرشيدة في المنظمات الحكومية فأقام النظرية البروقراطية التي تعرف بأنها (إصطلاح سياسي يقصد به نظام الحكم الذي يتمثل في دولة تدير شؤونها طبقة من كبار الموظفين ثم أصبحت تستخدم للدلالة على نظام الحكم الذي يعنى القائمون عليها بالشكليات والتفاصيل الجزئية، وهوامش اللّوائح، ولو كانت تفوت الحكمة من وضع التشريعات، وهو ما يعرف بالأساليب الروتينية)( ).
من التعريف المذكور يتضح أن [البيروقراطية تعني المكتبية والدوانية] وتتميز بالتحديد الوظيفي القاطع الذي يحدد وصف كل وظيفة، وبما أنها نظام مكتبي فهي تتميز بالتوثيق الكتابي ورغم أهمية هذه النظرية فقد وجهت لها إنتقادات كثيرة مثل الأوامر التي تنزل من أعلى إلى أسفل ليقوم الأسفل بالتنفيذ فقط.
الإدارة السلوكية (المنهج السلوكي في الإدارة):
هذه الإدارة جعلت محورها الإنسان باعتباره المحور الذي يدور حوله العمل. وقد ركزت هذه النظرية على النظرة الإنسانية.بينما كانت الإدارة الكلاسيكية تركز على كفاية الاعمال، وتعتبر نشاط الإنسان يتوقف على الأجر المدفوع له.(وقد إهتم العلماء السلوكيون في الإدارة بالهدف والفعل.وهم يرون أن فهم السلوك الإنساني هو وسيلة رئيسة لتحقيق هدف فعّال)( ).
إهتمت الحركة السلوكية بالدافعية للقائد والقاعدة نحو العمل؛ والدافعية عبارة عن إشارة وتوجيه وتنظيم للسلوك الإنساني نحو تحقيق هدف معين)( ) .
الفكر الإداري المعاصر:
بعد العرض السابق يمكن حصرهذه المحاولات الرامية لتطوير النظم الإدارية في الآتي:
[1] نظرية الإدارة من خلال الاتجاه الكلاسيكي في الإدارة:
وهذه النظرية حسب التعريفات السابقة محدودة ومحصورة في المستويات العليا من التنظيم الإداري ؛ ومنها النظريات الكلاسيكية مثل النظرية البيروقراطية( الديوانية والمكتبية) ونظرية الإدارة العلمية.
[2] نظرية الإدارة من خلال الإتجاه نحو العلاقات الإنسانية:
وهذه محورها الاهتمام بالسلوك الإداري الإنساني الذي يجعل التركيز على الجوانب الإنسانية لعمليات الإنتاج.
[3] نظريات الإدارة من خلال الاتجاه نحو السلوك التنظيمي في الإدارة:
تركزت هذه النظريات على ضرورة التعاون والتعامل مع العلاقات الانسانية والإجتماعية بين الأفراد وتلبية حاجاتهم النفسية والاجتماعية لضمان التفاعل والتعاون.
لقد ورد استعمال كلمة السلوك في العبارات السابقة لأهميتها ولذلك لابدّ من الوقوف عند بعض تعريفاتها: السلوك يأتي بمعنى: (سيرة الانسان ومذهبه وإتجاهه؛ يقال : فلان حسن السلوك، أو سيء السلوك؛ وفي علم النفس يعني الاستجابة الكلية الني يبديها كائن إزاء أي موقف يواجهه)( ).
تعريف المعجم الوسيط السابق يجعل السلوك يجمع الصفات الوراثية والمكتسبة وبالتالي يصف فن الانسان وعلمه.
تطور علم الإدارة واشتمل على أنواع كثيرة من النظريات الإدارية يأخذ الباحث بعضاً منها للمثال وليس للحصر:-
[1] الإدارة العامة:
وهي معروفة بأنها الإدارة التي تطبق القانون العام للدولة. الإدارة العامة هي العملية أو الأعمال المتعلقة بأهداف الحكومة)( ).
[2] إدارة الأعمال:
وهذه لها قوانين خاصة تحكمها ولا تتقيد بالنظام العام.(إدارة الاعمال تعني إستخدام الموارد المتاحة إستخداماً إقتصادياً يؤدي إلى تعظيم الربح عادة)( )
[3] الإدارة بالأهداف:
يعنى هذا النوع من الإدارة بالأهداف تحديداً وتنفيذاً ؛ وتبدأ أولى خطواتها بتحديد الأهداف ، وبعض المؤشرات ، وتنتهي بتقويم الأداء والنتائج. (تقوم فلسفة المنظمة هنا على منطق المسؤولية المشتركة بين الإدارة ممثلة بالمدير والمرؤوسين في تحديد أهداف قسمهم على ضوء الأهداف العامة للمنظمة، والعمل على تنفيذها، ومتابعتها، وتقويم نتائجها)( ).
[4] الإدارة بالاستثناء:
هي الإدارة التي لا يتقيد فيها بالهيكل في بعض الأحيان ليتدخل المسئول ويؤدي عملاً ما، حلاً لمشكلة أو معالجة لبعض الأخطاء على أن يترك العمل الذي يسير حسب النظام كما هو.(تعني الإدارة بالاستثناء أن يقوم المديرون بالتركيز على الانحرافات في النتائج عن المعايير الموضوعة وعلاجها وتجاهل النتائج التي تتطابق مع المعايير؛ ويطلق أحياناً اصطلاح الرقابة بالاستثناء على هذه العملية)( ).
[5] إدارة الجودة الشاملة:
الجودة لغة من أجاد الشيء أي أحسن. يقال فلان تكلم فأجاد، أي تكلم فأحسن، وفلان عمل فأجاد أي عمل فأحسن. وعكسه تكلّم فأساء. والجودة تعني الإتقان كما تعني في مستوياتها العليا التفوق والإبداع.
نظام الجودة هو: (الهيكل التنظيمي والمسؤوليات والإجراءات والعمليات والموارد اللازمة لإدارة الجودة. أما إدارة الجودة الشاملة فتعرف بأنها مدخل لإدارة المنظمة الذي يرتكز على الجودة، ويبنى على مشاركة جميع أعضاء المنظمة ويستهدف النجاح طويل المدى من خلال إرضاء العميل، وتحقيق منافع العاملين في المنظمة والمجتمع)( ).
[6] الإدارة بنظام المصفوفة أو بتنظيم الشبكة.
عرف هذا النظام الإداري بنظام المصفوفة أو بنظام الشبكة لأنه يماثل في شكله المصفوفة الهندسية ذات الأبعاد الرأسية والأفقية وهو المزاوجة أو الجمع بين النموذج الوظيفي التقليدي ونموذج التنظيم على أساس المنتج أو الخدمة في نسق تنظيمي واحد.)( ). يتميز نظام المصفوفة بالمرونة ويحقق درجة عالية من التنسيق ، ويجمع كثيراً من محاسن النظم الإدارية.
[7] الإدارة في الإسلام:
الإدارة في الإسلام لا تختلف في عناصرها عن الفكر الإداري عامة ، ولكنها تتميز في أصولها وأسسها لأنها تقوم على مصدر الوحي الذي مصادره القرآن والسّنة ، قال أبوسن: (وكان الفكر الإداري الإسلامي يستند إلى نصوص القرآن والسنة الشريفة، ويقوم على أساس من القيم الإنسانية التي كانت تسود المجتمع الإسلامي في ذلك الوقت)( ). إن منهج الإسلام الإداري هو منهج كامل متكامل يشتمل على الإدارة وغيرها ، وهو منهج وسط يحقق العدل والتوازن ، وهو كذلك منهج عملي وواقعي يدعو إلى التفكر والتدَّبر ، وصالح لكل الأعمال في كلياتها وقد ترك جانب التفاصيل للتخصص وإجتهاد ، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ( ) . والمنهج الإسلامي بالإضافة إلى تحقيق العدل والتوازن هو منهج يقوم على السَّلوك والأخلاق ، والقيم السمحة مثل الصدق والعدل والإحسان . ومنهج الإسلام منهج معاملات اقتصادية ، وسياسية ، واجتماعية .
إن أسس الإدارة من المفاهيم والمبادئ التي اهتم بها الإسلام ، حيث اهتم بالتخطيط ، والتنظيم ، والتوجيه كما سيرد تفاصيله في صلب البحث ، وحري بمعلم القرآن أن يتوقف عند الآيات القرآنية التي تدعو للتدبر والتفكر ، وكذلك التي تدعو إلى الإنتاج ، والضبط الأخلاقي والقيمي والقانوني . قال تعالى : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ( ) ، ويقول تعالى : مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ( ) من هذه النصوص يتضح منهج الكليات الذي أشرنا إليه . كما يُشير إلى منهج الإسلام الذي يكون فيه الخلق مسخرين لخدمة بعضهم بعضاً فالإداري يحتاج للمزارع ، والمزارع يحتاج للمعلم ، وهكذا كلهم يحتاج لبعض ، قال تعالى : نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً ( ).
الوظائف الإدارية أو العمليات الإدارية:
إن الوظائف الإدارية التي وردت في تعريفات الإدارة المختلفة هي العمليات الإدارية التي يقوم عليها العمل الإداري وباختصار هي:
[1] التخطيط:
يعتبر التخطيط الأساس للوظائف الإدارية الأخرى، ويوجد التخطيط في كل الأنشطة الفردية والجماعية ويعرف التخطيط بأنه: (اختبار وربط الحقائق بعضها بعضاً ووضع الفروض أو الافتراضات المتعلقة بالمستقبل فيما يتعلق بتحديد الأنشطة الواجب القيام بها من أجل تحقيق النتائج المرجوة)( ).
وأهم أنواع التخطيط هي :
(أ) التخطيط قصير الأجل (ب) التخطيط متوسط الأجل (ج) التخطيط طويل الأجل.
مفهوم التخطيط:
إن التخطيط كما سبق تعريفه بأنه هو التقرير المقدم لما يجب عمله ، وكيف يمكن عمله ، ومتى يمكن عمله ، ومن الذي يقوم بالعمل ، وكذلك هو افتراضات لما ستكون عليه الأحوال في المستقبل ، ثم وضع خطة تبين الأهداف المطلوب الوصول إليها ، والعناصر الواجب استخدامها لتحقيق الأهداف ، وكيفية استخدام هذه العناصر ، وخط السير والمراحل المختلفة الواجب المرور بها ، والوقت اللازم لتنفيذ الأعمال .
وكثير من العلماء يختصرون تعريف التخطيط في الأسئلة الآتية:
1- أين نحن الآن ؟
2- إلى أين نريد أن نذهب؟
3- كيف نصل إلى هناك ؟
واضح أن هذه الأسئلة تتحدث عن التعريفات السابقة ، حيث أشارت إلى الوضع الحالي أي الإمكانات المتاحة ، كما أشارت إلى نقطة الوصول ، وأشارت كذلك إلى الترتيبات اللاَّزمة والوسائل التي يجب أن تتخذ للوصول إلى الغاية التي يُرمى إليها ، وهذا كلّه يتطلب الامكانات المادية والبشرية . إن التخطيط ليس رجماً بالغيب فالغيب لا يعلمه إلاّ الله ولكنّ التخطيط هو استقراء للماضي واستدلال بأحداثه لتصور ما قد يحدث في المستقبل .
كيف نبهنا القرآن الكريم للتخطيط ؟
قال تعالى في شأن التخطيط للحرب : وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ( ) .
يستنبط من هذه الآية معنى عَام وهو أنه في التخطيط لا بدّ من تحديد الأهداف وفقاً للإمكانات البشرية والمادية المتاحة ، وتحديد الأهداف من أهم أولويات التخطيط وإعداد القوة لا يعني قوة السلاح فقط وإنما يعني إعداد القوة مطلقاً في السلم والحرب فالطاقة الكهربائية والنووية وغيرها يحتاج إليها الإنسان في السلم بصورة أكبر؛ والإسلام دائماً يحث على استخدام العلم لصالح الإنسان وخيره لا لدماره وشرّه – وكلمة قوة نكرة والنكرة تفيد العموم كما هو معلوم عند النحاة.
والإشارات في القرآن للتخطيط كثيرة منها قوله سبحانه وتعالى : قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ( )، وكذلك قوله تعالى في شأن التخطيط: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا( )، وقد ذكر بعض العلماء في شأن التخطيط الوارد في هذه الآية ( إنه توجيه رباني للتخطيط للآخرة ، فالهدف هو ابتغاء حسن العاقبة في الدار الآخرة باستغلال الإمكانات المتاحة التي أنعمها الله علينا من غنى وخير في الدار الدنيا)( ).
من كل ما ذكر يفهم أن التخطيط مهم في الحياة وجعلها مطية للآخرة ولعلَّ من أهمّ الوظائف التي تحتاج للتخطيط عند معلمي القرآن الكريم هو الإعداد للمحاضرات التي تعدّ الإنسان للمستقبل وإعداد الإنسان هو العنصر الأساس في التنمية بأنواعها المختلفة ، فمن الضروري إهتمام الإنسان بالمستقبل حتى ترفرف الرفاهية للأجيال المقبلة ، فقد ورد عن الرسول في الحديث الذي رواه عامر بن سعد بن أبي وقّاص ما نصه : عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه قال رسول الله : (إنك أن تذر وَرثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون النّاس)( ).
كل النصوص التي وردت من القرآن الكريم والسنة المطهرة توضح أهمية التخطيط وخطواته وتحض عليه . فمعلم القرآن أولى من غيره ، بالالتزام بالقرآن الكريم والسنة المطهرة والاستفادة منهما في عمله والتأصيل له تخطيطاً وترتيباً.
التخطيط والخطة:
فإذا كان التخطيط هو العمل المستقبلي المستمر فالخطة هي بداية تنفيذ التخطيط حيث يقسم العمل المخطط له إلى خطط بأزمنة مختلفة ، والخطة تقسم إلى برامج والبرامج إلى مشروعات . ولتكون الخطة جيدة لا بدّ من أن تتوافر فيها الشروط الآتية:
1/ الوحدة : لا بدّ من خطة موّحّدة للمشروع الواحد تتفرع إلى برامج ومشروعات ، كما يجب أن تتكامل مع الخطة الرئيسة للمؤسسة ، وفي موضوعنا هذا لا بدّ أن تتوحد خطة التدريس في حلقات القرآن الكريم مع الخطة الكلية للجامعة .
2/ الاستمرار: يجب أن تكون الخطة مستمرة ، بمعنى أن يكون التخطيط مستمراً وفي كل مرحلة تؤخذ منه الخطط المناسبة للظرف ذاته ولموضوعه ، فالتخطيط لحلقات القرآن يجب أن يكون مستمراً وفي كل مرة يستفاد من التجارب، ومن ملاحظات الطلاب ليكون التخطيط مغطياً لكل الجوانب .
3/ المرونة : ومعنى مرونة الخطة أن تكون قابلة للتكيف مع المتغيرات والظروف الداخلية والخارجية، ويعني هذا أن تغير موضوع الدرس للظروف التي فيها أو لحاجة الظرف الذي أنت فيه أو طلابك.
4/ الدقة: ويقصد بها مدى مطابقة بيانات التنبؤ بواقع المستقبل ، فإذا كان هناك فرق كبير بين التنبؤ وواقع المستقبل تكون الخطة غير دقيقة ، فلذلك لا بدّ من التفكير والانطلاق من الأسئلة التي ذكرت في التعريف (أين نحن ؟ إلى أين نريد أن نذهب ؟ كيف نصل إلى هناك).
5/ السِّرية: أن تكون بعيدة عن متناول أيدي كل النّاس إلاّ المأذون لهم والذين يعملون في إطارها حتّى لا تكون مشاعة لكل النّاس ، وحتى لا يساء استخدامها ووضعها في غير موضعها.
ووضع الخطط واضح في سيرة الرسول حيث خطط للهجرة النبوية ، ولفتح مكة وغيرها . وهذا يعني أن معلم القرآن الكريم لا بدّ أن يخطط لتدريسه ، و يحدد خططه بأزمنة معينة حتى يكون مثالاً لغيره في التخطيط والاستفادة من كل مستجدات العصر التي أوجدها الله سبحانه وتعالى – ليستفيد منها المسلمون في كل شئون حياتهم .
[2] التنظيم:
مدخل:
التنظيم يعنى بجمع وتقسيم أعمال المنظمة وأوجه نشاطها في وحدات إدارية وطبقاً لمبادئ وأسس معينة ، وتحديد خطوط المسئولية والسلطة والعلاقات الوظيفية بين الأقسام)( ). وهذا يعني ترتيب العمل وتقسيم عناصره بين القوى العاملة في المنظمة وكذلك الموارد ، كما يعني وضع الأشياء في أماكنها ، والأشخاص في أماكنهم ، وربط الأشياء بعضها ببعض، والأشخاص بعضهم ببعض بهدف تكوين وحدة متكاملة ؛ ومعلموا القرآن يحتاجون لتنظيم طلابهم وتجليسهم بالصورة المطلوبة.
* مفهوم التنظيم:
التنظيم لغة:
التنظيم لغة يعني التأليف ... نظمه نظماً فانتظم ، وأي شئ قرنته بآخر أو ضممت بعضه إلى بعض فقد نظمته . والنظام ما نظمت فيه الشئ من خيط وغيره ... والجمع أنظمة وأناظيم ، والنظام الإتساق ومنها تناظمت الصخور : تلاصقت( ) .
قال الفيروز أبادي : (النظم : الأليف ، وضم كل شئ إلى شئ آخر ... والنظام كل خيط يجمع فيه اللؤلؤ ونحوه ... والجمع أناظيم ونظم)( ).
من الشرح أعلاه ، نجد أن المعنى اللّغوي يشتمل على :
1/ التأليف .
2/ الجمع في نظام أوسلك .
3/ الإتساق .
4/ التلاصق .
5/ الضم .
التنظيم إصطلاحاً :
اختلف علماء الإدارة في تعريف التنظيم ، كما أورد بعضهم أنه : (لم يحدث اختلاف بين رواد الفكر الإداري حول مفهوم من مفاهيم الإدارة كما حدث لمفهوم التنظيم) .
ولتوضيح تعريف التنظيم عند العلماء نورد بعضاً منها :
1/ قال جيمس موني : (التنظيم هو الطريقة التي يتم بموجبها التعاون الإنساني من أجل تحقيق هدف مشترك .
2/ وقال بعضهم : (التنظيم هو الوسيلة التي ترتبط بها أعداد كبيرة من البشر يستحيل على أفرادها الإتصال المباشر وينهضون بأعمال معقدة ويرتبطون معاً في محاولة واعية منظمة لتحقيق أغراض متفق عليها .
3/ ويقول آخرون في تعريف التنظيم بأنه : ( توزيع المسئولية بين العاملين بشكل يضمن أقصى درجة من الكفاية في تحقيق الأهداف ).
من التعريفات المذكورة نلاحظ أنها تتفق حول معاني مختلفة منها :
1- الاتفاق حول الهدف أو الأهداف .
2- الأعمال التي تقود لتحقيق الأهداف .
3- ربط الأفراد الذين يعملون في المنظمة والتنسيق بينهم .
4- ممارسة الأفراد لأعمال تقود لتحقيق الأهداف .
أهمية التنظيم :
يأتي التنظيم في الأهمية بعد التخطيط في وظائف الإدارة ، وبمقتضاه ترتب الوظائف وتوصف، كما توضح مهام كل وظيفة (الوصف الوظيفي) التي تحدِّد حدودها وعلاقتها مع غيرها من الوظائف ، وكذلك نطاق الاشراف بمعنى عدد المرؤوسين الذين يستطيع أن يشرف عليهم وعلى أدائهم ، وفي هذه الحالة التي نحن بصددها يقصد تحديد عدد الطلاب في الحلقة التي يشرف عليها معلم القرآن الكريم بطريقة مناسبة تمكنه من الإحكام والضبط وتحقيق الفائدة في الحفظ .
من هذا المدخل تتضح أهمية التنظيم في الآتي :
1/ يفهم كل شخص وظيفته من الوصف الوظيفي بمعنى أن المشرف يعرف واجبه ، المعلم يعرف مهمته ، والطالب يعرف الواجب الذي يقوم به .
2/ يوضع كل شخص في مكانه المناسب حسب مواصفات الوظيفة ، فالمشرف يعرف مكانه حينما يدخل القاعة ، والمعلم يعرف مكانه أمام الطلاب يراقبهم ويدرسهم ويكون لهم شمعة تخترق لتضيئ لهم الطريق ومثالاً في اللبس والانضباط . وكذلك الطالب يعرف مقعده ويلتزم الهدوء فيكون هادئاً وديعاً إذا جلس ، ولبقاً مهذباً إذا سأل ، ورشيقاً حفيفاً إذا أجاب .
3/ يعرف كيف يخاطب المعلم طلابه ، كما يعرف الطالب كيف يسأل معلمه بأدب واحترام .
4/ يعرف الطالب أن قائده ورئيسه في هذه الحلقة هو المعلم الذي يدرسه فيكن ُّ له الود ويعامله باحترام ولا يخرج إلا بإذنه ، ويعرف كذلك المعلم أنه هو قائد لهذه المجموعة من الطلاب فيخطب ودهم ويكسب ثقتهم فيكون لهم بمثابة الوالد العطوف والقائد الذي لا يكذب أهله والشيخ الذي لا يحسد تلاميذه إذا تفوقوا عليه .
5/ تحدد المسئوليات فيعرف الطالب واجبه فيلتزم بما يوجهه إليه المعلم طاعة وعبادة لله سبحانه وتعالى الذي أمر الناس بعبادته في كل جوانب الحياة بإخلاص النية ، وصحة المنهج ، وكذلك يعرف المعلم واجبه في إدارة الحلقة إدارة حكيمة تتسم بالعدل والمساواة بين الطلاب مع تأكيد أنّ الإنضباط مهم ، وكذلك الاهتمام بالمظهر والمخبر ، وأن يتبع القول بالفعل فإذا قال لهم احفظوا يجب أن يكون حافظاً وإذا قال لهم اهتموا بالحضور المبكر يجب أن يكون أول الحاضرين ليكون قدوة صالحة وأسوة حسنة لهم كمال كان الرسول مع أصحابه ، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ)( ).
خطوات التنظيم في الحلقة :
يبدأ التنظيم من حيث انتهى التخطيط ؛ فالتخطيط ينتهي باتخاذ القرار الذي يحدد الهدف الأساس للحلقة وهو تحفيظ الطلاب مقرر القرآن الكريم .
فبعد تحديد الهدف لا بدّ من توضيح الطريقة التي توصل إلى تحقيقه ، وهذا يعني إتخاذ القرار والبداية في تنفيذه .
يبدأ المعلم في تحليل الهدف إلى أهداف صغيرة ، وكذلك يحول الأهداف العامة إلى أهداف خاصة وسلوكية ، وينفذها من خلال المحاضرة في الحلقة ، حيث يبدأ بالخطوات التنفيذية من تمهيد ، وعرض ، وإغلاق وتقويم للمحاضرة من خلال الأسئلة التي يوجهها للطلبة ليعرف مدى استيعابهم للمحاضرة وما قيل فيها .
إشارات القرآن الكريم للتنظيم :
في إشارة إلى التنظيم الذي يقوم عليه مجتمع المؤمنين ، حيث يرأس بعضهم بعضاً ، وحتى تنتقل الأوامر والنواهي فيما بينهم بتسلسل ، ويؤدي كل منهم واجبه المفروض عليه ، وبذلك ينصلح حال المجتمع ويسود بين المؤمنين التناصح ، وكل يؤدي واجبه الفردي من إقامة للصلاة وإيتاء للزكاة طاعة لله عز وجل ولرسوله ، كما يؤدي واجبه الجماعي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو قمة الطاعة وإصلاح المجتمع ، قال تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ)( ).
والتنظيم يتضح تماماً في الصلاة وقت الحرب ، قال تعالى : (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ )( ) .
هذه الآية توضح الطريقة التي تكون عليها صلاة الخوف في الحرب ويخاطب المولى عز وجلّ رسوله بالآية أعلاه منبهاً إياه لتنظيم أمره حتى لا تفوت الصلاة في الجماعة ويحذر من الكافرين خوفاً من غدرهم . والمقصود ، قال سيد : ( إذا كنت فيهم أيها النبي فأممتهم في الصلاة ، فلتقم طائفة منهم تصلي معك الركعة الأولى ، على حين تقف طائفة أخرى بأسلحتها من ورائكم لحمايتكم ، فإذا أتمت الطائفة الأولى الركعة الأولى ، رجعت فأخذت مكان الحراسة ، وجاءت الطائفة التي كانت في الحراسة ولم تصل ، فلتصل معك ركعة كذلك . وهنا يسلم الإمام إذ يكون قد أتم صلاته ركعتين . عندئذ تجيء الطائفة الأولى فتقضى الركعة الثانية التي فاتتها مع الإمام وتسلم - بينما تحرسها الطائفة الثانية – ثمّ تجيء الثانية فتقضى الركعة الأولى التي فاتتها وتسلم – بينما تحرسها الطائفة الأولى ... وبذلك تكون الطائفتان قد وصلتا بإمامة الرسول ، وكذلك مع خلفائه ، وأمرائه ، وأمراء المسلمين منهم في كل معركة)( ). وفي السنة وردت إشارات للتنظم منها ، قال رسول : (أيما رجل استعمل رجلاً على عشرة أنفس ، علم أن في العشرة أفضل ممن استعمل ، فقد غش الله وغش رسوله وغش جماعة المسلمين)( ).
في هذا الحديث إقرار لمبدأ مهم من المبادئ التي يقوم عليها التنظيم وهو الترتيب ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب .
بعد شرح أهمية التنظيم وبيانها والأسس التي يقوم عليها نشير إلى أنه لا بدّ من الاستفادة منه في تنظيم وترتيب حلقات القرآن الكريم من حيث الضبط والعطاء والعدل بين الطلاب في توزيع الفرص أثناء المحاضرة .
ركائز التنظيم في الإدارة التعليمية :
يقوم التنظيم في الإدارة التربوية والتعليم على الركائز الآتية :
1/ العنصر البشري ويشتمل على الطلبة والآباء وهيئات التدريس وغيرهم من الموظفين والعمال .
2/ العنصر المادي : ويشتمل على النقود ، والمباني ، والآثاثات ، والتجهيزات والمكتبات والمعامل والورش .
3/ الأفكار والآراء : وهي التي تضح في المناهج والمقررات الدراسية (المنهج النشاط داخل القاعات وخارجها) ، وطرق تدريس ، والمبادئ والقوانين ، وغيرها من الأشياء التي يحتاج إليها المجتمع ، والتي لها آثار على العملية التربوية والتعليمية ، وبذلك يمكن تصور عملية التنظيم في الإدارة التعليمية كما في الشكل التالي :
-أهداف تعليمية - تحديد الأعمال - تنظيم فعّال يؤدي
- بيانات ومعلومات - تقسيم الأعمال إلى مستويات إلى تحقيق الأهداف
- أفكار وآراء - ايجاد علاقة بين المستويات التعليمية
- مبادئ وقوانين المختلفة
- رؤية وفلسفة
- عناصر من القوى البشرية
والموارد المادية
- الوقت
Feed Back
تغذية راجعة
[3] التوظيف:
يعني مهمة وضع الأشخاص في المواقع المناسبة لهم ووضع الوصف الوظيفي لهم ولوظائف إداراتهم التي يقومون عليها ، وحالة حلقات القرآن الكريم أن يعرف المعلم وصفه الوظيفي ويؤدي وظيفته على أكمل وجه ويكون قدوة صالحة في ذلك لطلابه.
[4] التوجيه:
يشتمل على المتابعة والإشراف وهو الإشارة للبداية والتنفيذ والمتابعة لتحقيق الأهداف، وقد عرّفه علماء الإدارة بتعريفات كثيرة ومتعددة نأخذ منها :
قال سيد هواري : (هو اتصال بالرءوسين وإرشادهم وترغيبهم للعمل لتحقيق الأهداف)( ). وقال عساف : (التوجيه هو العمل الدائب لرجل الإدارة أثناء التنفيذ ، حيث يواجه المشكلات ، ويقوم المعوج من الأمور ، ويحقق التعاون بين العاملين ، ويدعم روح الفريق الواحد بينهم ، ويجعل الجميع راضين عن عملهم والظروف المحيطة بهم ، ويحقق الكفاية المستمرة في مستوى الأداء)( ).
من التعريفين السابقين يتضح أن التوجيه يعني :
1- الاتصال من الرئيس بالمرؤوسين.
2- الإرشاد.
3- الترغيب في العمل.
4- حل المشكلات.
5- تقويم المعوج.
6- دعم روح الفريق.
7- تحقيق التعاون بين العاملين.
8- الرضاء عن العمل.
9- تحقيق الكفاية المستمرة في مستوى الأداء.
10- تحقيق الأهداف.
فإذا حاولنا تطبيق هذه النتائج التي استنتجها الباحث من التعريفات التي ساقها ، يجدها تنطبق على حلقات القرآن الكريم ، فالإتصال من معلم القرآن بطلابه أمر مستمر ، والإرشاد والترغيب لهم هو جزء أصيل من عمله ، وحل المشكلات والتقويم هي التي بها يعرف نقاط الضعف والقوة ، وتحقيق التعاون بين الطلبة يجعلهم يساعدون بعضهم بعضاً ممّا يضفى الرضاء التام ، وبه تكون الأهداف المرسومة قد تحققت ، وهنا يكون معلم القرآن قد استفاد فائدة عظيمة من هذه الوظيفة الإدارية وظيفة التوجيه التي بها يستطيع أن يحقق عمليات إدارية أساسية . ومعلم القرآن يدرس طلابه ويوجههم ويدعوهم إلى حفظ القرآن والعمل به ، والله سبحانه وتعالى قد وجّه نبيّه وأمته لاستخدام الحكمة في الدعوة ، فمن باب أولى معلم القرآن مع متعلمي القرآن ، قال تعالى : (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)( ).
من العرض السابق اتضح التوجيه الرائع للقادة والمرؤوسين ، وحث الإسلام لهم على الإنتاج وتحقيق الأهداف ، التي يسعون إلى تحقيقها ، كما تبين أيضاً أن وظيفة التوجيه تقوم على ركائز أساسية متداخلة مع بعضها بعضاً ، وهي : الاتصال والقيادة ، ورفع الروح المعنوية ، والتعاون، وكلها ركائز يحتاج إليها معلم القرآن الكريم في توجيه طلابه .
المبحث الثالث
الإدارة التربوية ( المفهوم والخصائص والعوامل المؤثرة عليها)
مدخل:
إن تاريخ الإدارة التربوية بدأ مع بداية تاريخ حياة الإنسان ، فالإنسان منذ نشأته يحتاج للتربية كما يحتاج للأكل والشرب ، قال عبود : (وجدت الإدارة التعليمية شأنها شأن الإدارة والتربية مع بداية الحياة الإنسانية على الأرض منذ ما يقرب من مليون سنة)( ).
إدارة التربية في عصر ما قبل التاريخ:
يقصد بعصور ما قبل التاريخ تلك الحقبة التاريخية التي كان يعيش فيها الإنسان حياة بدائية . كانت حياته أقرب ما تكون لحياة الحيوان. من حيث السكن والإعاشة.(يسكن الكهوف والجحور ويأكل اللحوم النية)( ).
في تلك الحقب كانت تربية الإنسان يحددها الأب والأم. ( وهكذا كان الأب والأم يمثلان أول مدرسين عرفهما التاريخ)( ).
بعد اكتشاف النار بدأ الإنسان يأكل اللحوم الناضجة كالإنسان المتحضر الحديث، ثم بدأت عملية التجمع على المياه وكذلك الاستئناس والعيش في جماعة بشرية.
أصبحت حياة الإنسان في شكل تجمعات ضرورية للأمن ولقمة العيش ، لأن حياة الجماعة هي مصدر ما يتمناه الإنسان من أمن ، سواء في مجابهة قوى الطبيعة المختلفة أو مجابهة إنسان آخر.
بعد أن تجاوز الإنسان تلك الفترة من تاريخه أصبح في حاجة لتنظيم حياته ونشأت المنظمات؛ وأصبحت كل منظمة تحتاج إلى تنظيم مناشطها وتوظيفها حسب الحاجة .
وهنا لابّد من الإشارة إلى أن الإدارة التربوية هي جزء من الإدارة ؛ فإذا كانت الإدارة؛ (هي الخاصة بتحديد النتائج المطلوب الوصول إليها ، والعمل على تحقيقها عن طريق وبوساطة جهود الجماعة بالاستخدام الفعال للأفراد والموارد الأخرى)( ). فإن الإدارة التربوية هي الخاصة بتحديد النتائج التربوية المطلوب الوصول إليها .
أو التعريف الآخر؛ إن (الإدارة هي التخطيط والتطبيق)( ).
من التعريفين السابقين يلاحظ الباحث الآتي:
1- إن الإدارة هي تحقيق أهداف للمؤسسة.
2- إن الإدارة هي موارد مادية وقوى بشرية تستخدم بأسلوب ما لتحقيق هذه الأهداف التي تهم الفرد والجماعة.
3- النشاط الإداري الذي يحقق الربط بين ما يسعى الفرد لتحقيقه من ما لديه من موارد وقيود مفروضة عليه.
يقصد بالربط الأسلوب أو الطريقة التي تستخدم بها الموارد لتحقيق الأهداف على أحسن درجة.
من كل ما ذكر يُفْهم أن الإدارة هي إنجاز الأهداف وتحقيقها ؛ وبما أن الإدارة التربوية ارتبطت بالتربية فهي تعني إنجاز الأهداف التربوية وتحقيقها ؛ وبما أن الإدارة التربوية تعمل للأهداف التربوية وتحقيقها وبالتالي تصبح الإدارة التربوية هي إدارة ذات أهداف خاصة يراد تحقيقها وكل ما ينطبق على الإدارة من تعريفات وعمليات تنطبق على الإدارة التربوية.
(تتعلق إدارة التربية بالإدارة العامة من جهة معناها وأسلوب عملها بشكل كبير، فإدارة التربية – كالإدارة العامة – مسألة تتعلق باتخاذ القرار، وتنفيذه على أكمل وجه ممكن بما يحقق نجاح نظام التربية في أداء مهمته)( ).
مفهوم الإدارة التعليمية والإدارة التربوية والإدارة المدرسية:
هذه المفاهيم الثلاثة تختلط معانيها على الناس للتشابه الكبير بينها، وكذلك لابّد من التوضيح من أن مفهوم الإدارة التعليمية، ومفهوم الإدارة التربوية لغة لا يختلفان باعتبار أن الكلمة كلمة تعليم هي ترجمة للكلمة الإنجليزية Education وكذلك كلمة تربية أيضاً ترجمة لكلمة Education أما الإدارة المدرسية فهي واضحة school Administration وتعني حصرها في المدرسة، ولكن الاستعمال الاصطلاحي أعطى المصطلحين إدارة تربوية وإدارة تعليمية اختلافا رغم أنهما يكملان بعضهما بعضاً.
الواقع أن المفاهيم الثلاثة قد شاع استخدامها في الكتب والمؤلفات التي تتناول موضوع الإدارة في ميدان التعليم. وقد تستخدم أحياناً على أنها تعني شيئاً وأحداً ويبدو أن الخلط في هذه التعريفات يرجع إلى النقل عن المصطلح الأجنبي Education الذي ترجم إلى العربية بمعنى (التربية) أحياناً و(التعليم) أحياناً أخرى، وقد ساعد ذلك بالطبع على ترجمة المصطلح Educational Administration. إلى الإدارة التربوية تارة، والإدارة التعليمية تارة أخرى على أنهما يعنيان شيئاً واحداً،وهذا صحيح بيد أن الذين يفضلون استخدام مصطلح ( الإدارة التربوية) يريدون أن يسيروا مع الاتجاهات التربوية الحديثة التي تفضل استخدام كلمة (تربية) على كلمة ( تعليم) باعتبار أن التربية أشمل وأعم من التعليم. وأن وظيفة المؤسسة التعليمية هي التربية الكاملة وبهذا تصبح كلمة الإدارة التربوية مرادفة لكلمة الإدارة التعليمية)( ).
في بعض البلاد مثل السودان تستخدم كلمة الإدارة التربوية بصفة العموم والاتساع؛ وتستخدم الإدارة التعليمة بالمعنى الفني فقط أي أن الإدارة التعليمية تأتي بعد الإدارة التربوية في التنظيم الإداري.
خصائص الإدارة التعليمية:-
هناك عدد من العناصر المشتركة بين الإدارة التعليمية وميادين الإدارة الأخرى مثل الإدارة العامة وإدارة الأعمال وإدارة الصناعة وغيرها. هناك مفاهيم وعناصر مثل التخطيط والتنظيم وغيرها من عناصر الإدارة تنطبق على الأنواع المختلفة من الإدارة. (فقد ثبت أن هناك عناصر ومفاهيم يمكن تطبيقها بصفة عامَّة على كل ميادين الإدارة) .
وكما أن أنواع الإدارة المختلفة تشترك في المفاهيم العامة والعناصر الأساسية إلا أن كل إدارة لها بعض الخصائص تميزها عن غيرها.
العناصر المميزة للإدارة التعليمية:
[1] ضرورتها الملحة: أي أن لها خدمات تقدمها مرتبطة بالمنزل وآمال الآباء وتطلعاتهم لنجاح أبنائهم وإحسان تربيتهم ، وكذلك الحاجة لايجاد الإنسان الصالح لنفسه والمصلح لغيره .
[2] المنظور الجماهيري: إن اهتمام الجماهير بموضوع التربية يرجع لاتصاله بفلذات أكبادهم وأغلى استثماراتهم؛ وكل هذا ترعاه الإدارة التعليمية وفروعها.
[3] تعقد الوظائف والفعاليات: إن عملية التعليم لارتباطها بالمجتمع فهي أكثر تعقيداً من أي مؤسسة أو منظمة تعمل في مجال التجارة والصناعة. ( وهذا التعقيد يؤدي إلى كثير من المشاكل التنظيمية والتنسيقية. وإلى جانب هذا فإن تعقيد القيم الاجتماعية يجعل الإدارة التعليمية في موقف حرج)( ).
[4] إلفة العلاقات الضرورية: إن العلاقات بين المعلمين والإدارة والتلاميذ ، والعلاقات بين التلاميذ فيما بينهم تمثل ضرورة إلفة العلاقات الإنسانية في مجتمع المنظمة التعليمية.
[5] التأهيل الفني والمهني للعاملين: إن المعلمين يشترط فيهم توافر حصولهم على المؤهلات العلمية ، كما يجب على الإدارة التعليمية أن تعدهم مهنياً وفنياً للقيام بواجبهم نحو التلاميذ ، فلذلك نجد أن العملية الإدارية التعليمية مدخلاتها بشر، والعمليات تُجري في بشر، والمخرجات هي الأخرى بشر مع تدريبه وإعداده بالتعليم والتدريب
بشر غير مدرب، (تعليم، وخبرات، بشر مزود بخبرات ومعارف
وليس له خبرة ومهارات) ومهارات
4-مشكلات القياس والتقويم :
تحتاج الإدارة التربوية في كل عملياتها للقياس والتقويم التربوي ولذلك يكون القياس والتقويم في العمليات التعليمية في الجوانب الآتية:
(أ) المعلم ويكون التقويم بوساطة المسئولين والطلبة والأقران والتقويم الذاتي.
(ب) المتعلم ويكون القياس والتقويم في الاختبار التحصيلي، وكذلك في النمو الاجتماعي.
(ج) المنهج : ويكون بالملاحظات من المسئولين على محتويات المنهج داخل القاعات والنشاط خارجها.
(د) البيئة التعليمية: وهي كل ما يتعلق بالإدارة ، والعاملين بها بمستوياتهم المختلفة ، وكذلك القاعات، والمكاتب، والمعامل، والساحات، والملاعب وغيرها من خدمات مختلفة.
من هذا يفهم أن القياس والتقويم في المؤسسات التعليمية يكون صعباً ومعقداً لكنه ضروري ومهم وبدونه يصعب تحديد السلبيات والايجابيات والحكم على تحقيق الأهداف وإصدار القرارات الإصلاحية لتطوير المؤسسة وإصلاح بنياتها.
5-التحكم النوعي:
إن الطلاب في المدرسة يكونون مختلفين، ولهم فترات يلزمون بقضائها في المدرسة بصرف النظر عن الاستفادة في هذه الفترة؛ ولكن المدرسة مطلوب منها أن تراعي أحوال الطلاب وتهيئ لهم الفرص. (وتعني الإدارة التعليمية بالفروق الفردية، من حيث إنها تقدم لكل فرد حسب استعداده، وقدراتها مثلها كما في حالة شراء المواد الاستهلاكية للفرد)( )، فمراعاة للفروق الفردية يجب التحكم النوعي بمعنى أن يجد كل إنسان ما يناسبه في حدود ما تقتضيه العملية التربوية.
* العوامل المؤثرة في الإدارة التعليمية:-
يتأثر التعليم بسياسة الدولة تجاه التعليم خاصة فيما يتعلق بمركزية الإدارة ولامركزيتها؛ حيث إنّ المركزية تعمل على سد النَّقص في الموارد المحلية، أما اللامركزية تعتمد على الايمان بحرية الاختيار وبقيمة الفرد في ذاته، وأن الأفراد يختلفون فيما بينهم في القدرات والاستعدادات.
وغير المركزية واللامركزية نجد أن هناك عوامل رئيسة مؤثرة في الإدارة التعليمية منها :
1- العوامل الاجتماعية والسكانية : وهذه عبارة عن عوامل تتعلق بالتمدن أو العمران أو الظروف السكانية، والضغوط الاجتماعية الناتجة عن المعيشة والعلاقات.
2- العوامل الطبيعية والجغرافية والاقتصادية: تتأثر الإدارة بالعوامل الطبيعية والجغرافية، مثل؛ المناخ وشدة البرد في بعض الدول وشدة الحر في دول أخرى تؤثر في الإدارة التعليمية ونظمها، التي تفرضها ،كما أن العوامل الاقتصادية مثل المشكلات المالية التي تواجهها الإدارة التعليمية حيث تعوق هذه المشكلات التنمية التعليمية وما يرتبط بها من زيادة في الإنفاق والتكاليف، حيث الإدارة التعليمية دائماً مطالبة بالتحسين.
3- العوامل السياسية: تتأثر الإدارة التعليمية بسياسات الدولة لأنها دائماً هي مربوطة بسياسات الدول التي تنزلها على الوزارة المختصة حيث إن الإدارة التعليمية هي تحت مسؤولية الوزير المختص والذي يمثل جزءاً من سياسة الدولة.
* وظائف الإدارة التعليمية وعملياتها الرئيسية:-
إن الإدارة التعليمية هي فرع من فروع الإدارة ووظائف الإدارة العامة من تخطيط، وتنظيم، وتوظيف وإشراف، وتوجيه وقرارات وتقويم، هي وظائف الإدارة التربوية مع اختلاف عملية التوظيف والإجراءات لهذه العناصر بإعتبار أن الأهداف في حالة الإدارة التعليمية هي أهداف تربوية محددة تعمل على توصيل المادة والمعرفة للطلبة وكذلك إكسابهم المهارات، وتدريبهم على النظريات ليصبح التنظير عملاً تطبيقياً فلذلك لابّد من أن يكون التوظيف على أسس تربوية.
* القيادة الإدارية في التعليم:
إن نجاح المؤسسة التعليمية وفشلها ينسب إلى القيادة الإدارية التربوية أو القيادة الإدارية في التعليم.
* القيادة لغة:
ورد في لسان العرب (القوْد نقيض السوْق)، يقود الدّابة من أمامها ويسوق من خلفها)( ).
إن هذا التعريف اللغوي للقائد يضع على كاهله عبئاً ثقيلاً يتطلب التميز بصفات معينة لأنه هو الذي يجب أن يؤثر في قواعده وتقوي الثقة بينه وبينها لتحقق المؤسسة أهدافها.
تعرف القيادة بأنها: (هي فن التأثير في الأفراد وتوجيههم بطريقة يمكن منها كسب طاعتهم واحترامهم وولائهم وتعاونهم وصولاً إلى تحقيق أهداف المنظمة)( ).
هذا التعريف يوضح أن القيادة لابّد أن تكون قدوة للعاملين لتكسب طاعتهم وتعاونهم لتحقيق أهداف المؤسسة.
* أهمّ وظائف القائد الإداري التربوي:-
1- التخطيط للأهداف التربوية القريبة المدى، والمتوسطة المدى، والبعيدة المدى، وكذلك التخطيط للعملية التربوية. بحيث تكون الأهداف واقعية، ممكنة التحقيق.
2- تميز القائد بالأفكار الإبداعية ليكون مبتكراً ومبادراً.
3- التميز بالخبرة الإدارية التربوية التي تعينه قي حل المشاكل.
4- صيانة بناء الجماعة، من حيث علاقات الود والتجاذب والتعاون وطرق الاتصال المنظم بين الأعضاء.
5- أن يكون صورة للأب ورمزاً مثالياً للتوحد.
هذه الوظائف يجب أن يعلمها معلم القرآن الكريم بإعتباره قائداً إدارياً تربوياً للحلقة القرآنية.
* أهم صفات القائد الاداري التربوي ومقوماته:-
النية، والايمان، والتقيد بالشريعة الاسلامية، والإخلاص، والشورى، والفهم ، والقدوة الحسنة، والاسوة الصالحة، والقوة، والأمانة، والحفظ، والعلم، الرفق بالرعية والشفقة عليهم، والاجتهاد في معرفة الاصلح، والابداع والمبادرة والمبادأة ، والكياسة ، والصلاح ، وجماعية القيادة ، والاجتهاد ، والعزيمة، والموضوعية، والرحمة والاخلاق ، والرقة، والتواضع ، والصبر، والتوكل، والمهابة، والعلم، والفصاحة ، والبيان، والاصطفاء، والهوّية، والانتماء ، والمنهجية ، والشجاعة في الرأي، والحكمة، وإستدامة البحث عن التفوق وانجاح المؤسسة، والشجاعة والجرأة في إتخاذ القرار، والتفاؤل بالمستقبل وعدم الإحباط، والاهتمام بآراء الآخرين والاستفادة منها، ومحاولة نسبة النجاح للمؤسسة، وتجنب الاستعداء والسلطة، وحسن الاستماع والتجاوب، والحركة وعدم السكون، وإدارة الخلاف ، والدقة في المتابعة. هذه صفات يجب أن توجد في كل القيادات التربوية ومن باب أولى في معلم القرآن الذي يدرسها من خلال القرآن الذي يدرسه والسنة التي تشرحه.
* الفرق بين القائد والرئيس الإداري:-
القائد هو الذّي يقود معتمداً على علاقته بالقاعدة وثقتهم فيه وهي التي تؤهله لذلك ؛ أما الإداري فهو الذي يعتمد على القوانين واللوائح التي تسنده في إدارة مؤسسته.
ومعلم القرآن الكريم هو الذي يقود طلاب الحلقة ويدير شؤونهم، فلذلك لابّد أن يتحلى بصفات القائد التي تقوي الثقة بينه وبين طلابه ليقودهم بسهولة، ويحتاج لمعرفة الإدارة والنظم، والقوانين ، واللّوائح، التي تساعده في الضبط، وإتخاذه الاجراءات اللاّزمة حين الحاجة إليها.
المبحث الرابع
حلقات تحفيظ القرآن الكريم وطرق التحفيظ فيها:
إن القرآن الكريم كلام الله سبحانه وتعالى، أنزله عربياً مبيناً، ليخرج النّاس من الظلمات إلى النّور، وعلمه الإنسان بياناً فصيحاً يتعبد به ويتحاكم إليه، أُنْزِل على الرّسول منهجاً متكاملاً ومعجزة خالدة ليكون للعالمين نذيراً، ومصدراً مهيمناً على كل مصادر التشريع قال أحمد على الإمام: ( هو الأصل المهيمن على مصادر التشريع لاستنباط الأحكام، وماسواه يأخذ مشروعيته وصوابه منه)( ).
أُنزل القرآن الكريم ليُتَعلم وليُعمل به، ولذلك حري بالمسلم أن يتعاهده تلاوة وحفظاً له ولابنائه، وأن يحرص على تعليم أبنائه للقرآن منذ الصّغر حتّى يشبّوا عليه حفظاً وعملاً بمنهجه قال ابن خلدون: ( إعلم أن تعليم الولدان للقرآن شعار الدين أخذ به أهل الملّة ودرجوا عليه في جميع أمصارهم لما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده من آيات القرآن وبعض متون الأحاديث؛ وصار القرآن أصل التعليم الذي يبنى عليه ما يحصل بعد من الملكات وسبب ذلك أن التعليم في الصغر أشّد رسوخاً وهو أصل لما بعده لأن السابق الأول للقلوب كالأساس للملكات، وعلى حسب الأساس وأساليبه يكون حال من يبني عليه واختلفت طرقهم في تعليم القرآن للولدان واختلافهم باعتبار ما ينشأ عن ذلك التعليم من الملكات.)( ).
أشار القرآن إلى ضرورة التلاوة، والتزكية، والتعليم ، قال تعالى:{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ}( ). فتعليم القرآن مهم جداً ولذلك رأى الباحث أن يبحث في الكيفية التي تدار بها حلقات تحفيظ القرآن حتى يجيد المعلمون الكيفية التي يديرون بها الحلقات مستفيدين في ذلك من العلوم التّربوية، مثل الإدارة التربوية.
وفي الحديث عن تعليم القرآن قال الشيخ محمد الغزالي: ( حدد القرآن، عمل النبي بين النّاس في ثلاثة عناصر متماسكة هي تلاوة الآيات، والتزكية والتعليم.)( )
إن العناصر الثلاثة المذكورة مهمة للفرد المسلم والجماعة؛ فالعنصر الأول: تلاوة آيات الله عبادة لله وذكراً. أما العنصر الثاني: فهو التّزكية: وهي أقرب الكلمات وأدلها على معنى التربية بل التربية والتزكية تشتركان في إصلاح النفس وتهذيب الطباع وشد الإنسان إلى أعلى كلما حاولت المثبطات والهواجس أن تسفأ به وتعوج)( ). والعنصر الثالث: هو التعليم وهو موضوع البحث باعتبار إن تعليم القرآن يعني تلاوته وتجويد حفظه مع التفكر والتدبر في معانيه.
* حلقة القرآن الكريم:-
يقصد بحلقة تحفيظ القرآن الكريم جلوس المتعلمين حول معلم القرآن الكريم للتلقي منه؛ وهذه الحلقات يستفيد منها الطلاب ، من المعلمين بالمتابعة للقراءة الصحيحة مع المعلم لطلابه أفراداً وجماعات والحلقة قد تكون في القاعة أو في أي مكان يستطيع الطالب الجلوس فيها مع شيخه الذي يعلمه القرآن الكريم تلاوة وحفظاً وتفسيراً.
إن إحكام هذه الحلقة وضبطها لتؤدي غرضها، يحتاج للإدارة التربوية وعناصرها، التي تحض المعلم على التخطيط والتنظيم وتجويد مادته وطريقة توصيلها وكذلك الالتزام الشخصي بالمخبر والمظهر.
أهم الطرق المتبعة لحفظ القرآن الكريم هي:
[1] الطريقة الكلية: وهي إعطاء الطالب كل الآيات المطلوبة ويكررها المعلم والطالب بغرض حفظها مرة واحدة.
[2] الطريقة الجزئية: وهي طريقة تُقسم فيها الآيات حسب الآيات المطلوب حفظها بعدد معين من الآيات أو الصفحات المختارة من المصحف، حسب الكيفية التي تقع في تخطيط المعلم لتحفيظ طلابه القرآن الكريم.
[3] الطريقة المشتركة وهي الطريقة التي تجمع بين الطريقتين الكلية والجزئية.
[4] طريقة المحور التدريجي: تعتمد هذه الطريقة على كتابة الآيات على السبورة بخط واضح وتشكيل صحيح، يقرأها الطالب بمتابعة المعلم، وكلما حفظ جزءاً أو بعض الآيات يمسح بطرق مختلفة؛ فقد يمسح أول الآية، أو آخرها، أو أن يمسح جزءاً منها، ويطلب المعلم من الطالب قراءتها كاملة بما فيها الجزء الممسوح حتىّ يحفظ.
[5] الحفظ على فترات:
أ/ يطلب المعلم من الطالب قراءة الآيات المطلوب حفظها من المصحف أو حسب الطريقة المكتوبة بها الآيات سواء كانت على الشاشة أو السبورة.
ب/ يترك الآيات التي قرأها في المرة الأولى لفترة تستقر في ذهنه، ثمّ يعود لقراءتها مرة أخرى، ليختبر ذاكرته وحافظته.
ج/ الفاصل الزمني بين كل مجموعة من الآيات لا يكون طويلاً لكيلا ينسى الطالب ما قرأه، هكذا يُحفَظّ الطلاب في الحلقات.
[6] استخدام الوسائل الحديثة مثل الأشرطة والمسجلات وجهاز الحاسوب ويمكن بمتابعة المعلم أو غيره يستطيع الطالب أن يحفظ عن طريق التشغيل والايقاف للمسجل.إن هذه الطرق التي تتبع في تحفيظ القرآن الكريم تحتاج لعناصر الإدارة التربوية. من تخطيط لها، وتنظيم ، وغير ذلك حتى تنضبط هذه الحلقات وتؤتي أكلها.
أهداف حلقات تحفيظ القرآن الكريم( ):-
أهم أهداف حلقات تحفيظ القرآن الكريم هي:
[1] تعليم الطلاب القرآن الكريم تلاوة وتجويداً وتدبراً، والسعي إلى تحفيظهم له عن ظهر غيب.
[2] غرس حب القرآن الكريم في نفوس الطلاب، وتعريفهم بعظمته، وتربيتهم على تعاليمه وآدابه.
[3] حفظ أوقات الطلاب والعمل على صرفهم لها فيما يعود عليهم بالنفع في الدين والدنيا.
[4] تزويد الطلاب بجملة من أحكام الاسلام وآدابه وبخاصة ما لا يسع المسلم جهله، والقيام بتعليمهم بعض جوانب الثقافة الاسلامية وشيء من سير الأنبياء والصحابة والعلماء، وذلك حسب ما يتناسب مع أعمارهم وثقافاتهم.
[5] عمارة المسجد بتلاوة القرآن الكريم، وتعليم العلم الشرعي، وإحياء رسالة المسجد وإعادة بعض من مكانته ودوره للتوسع في هذه النقطة يُرجى الرجوع إلى كتابنا (عمّار المسجد .. المخبر والمظهر).
[6] تخريج دفعات من الطلاب مؤهلة لتدريس القرآن الكريم، وتولي إمامة المصلين في المساجد وإرشادهم.
[7] تقويم ألسنة الطلاب، والعمل على تعليمهم إجادة النطق السليم لحروف اللغّة العربية ومخارجها، وإثراؤهم بجملة وافرة من مفرداتها وأساليبها.
* الأهداف العامّة لتدريس القرآن الكريم:-
إهتم العلماء بالاهداف العامة والأهداف الخاصّة في كل المجالات؛ وفي المجالات التعليمية، الأهداف العامة والخاصّة ترتبط بالمنهج من حيث المحتوى والنشاط، وكذلك المرحلة التي تقوم على تحقيقه؛ ويرى بعض علماء( ) الإدارة أن الأهداف يجب أن تغطي الميادين التالية:
[1] إشباع أمثل للمصالح المختلفة وهذا بما يتعلمه الطالب من قيم قرآنية..
[2] الكفاءة في جميع مجالات العمل معلم القرآن وطالبه الأحرى بها أن يكونا من الأكفياء في كل عمل.
[3] الإنتاج هو الحفظ للقرآن الكريم والإلتزام بقيمه.
[4] البقاء في دنيا الأعمال بما يجلبه للناس من فوائد في تنظيم الحياة، وضبط الوقت.
[5] الصورة الذهنية للمنظمة لدى جماهيرها والجامعة بما فيها الحلقة عبارة عن منظمة ترسخ في الأذهان المعاني الطيبة التي تبقى في الذاكرة.
[6] القيم الأخلاقية وهي التي يتعلمها الطالب من القرآن الكريم.
والملاحظ لدراسة القرآن الكريم وتدريسه، يجده يغطي أغلب هذه الجوانب، خاصّة القيم الأخلاقية، والأشباع الأمثل للمصالح المختلفة وفق المنهج، وكذلك تشجيع الانتاج والمنتجين ؛ والسعي في الأرض لذلك ؛ قال تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }( ).
الأهداف التعليمية:-
صنفت الأهداف التعليمية إلى أهداف تخدم أغراض تلقي المعارف، ومهارات أخرى تغطي القيم والأتجاهات وغيرها, وعلى هذا الأساس نجدها تندرج تحت المجالات الآتية:
[1] المجال المعرفي: يقصد به الجانب الإدراكي والعقلي في العمليات التعليمية.
[2] المجال الوجداني: يقصد به الجانب القيمي، وجانب الاتجاهات والميول في العمليات التعليمية.
[3] المجال النفسي-حركي: يقصد به الجانب المهاري الحركي المتعلق بالجسد ومهارات الأداء.
الأهداف العامة لتدريس القرآن الكريم:-
إن تدريس القرآن الكريم يغطي الأهداف التعليمية المذكورة أعلاه. والناظر إلى القرآن الكريم وشموله للجوانب المختلفة خاصة التعليمية والتربوية يجده يغطي كل المجالات المذكورة تغطية شاملة ومستمرة بل يغطي كل الجوانب التي يتصورها الإنسان في أي وقت من الأوقات لأنّه وحي من الله سبحانه وتعالى جاء لإسعاد البشرية وإخراجها من شقاء عبادة الانسان إلى عبادة الله الذي خلق الانسان.
إن الأهداف العامة لتدريس القرآن الكريم تعني المعاني التي بعث بها الرسول ، والتي جاءت مفصلة؛ قال تعالى:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }( )، قال صاحب التفسير الواضح: (وأول مظهر من مظاهر فضله، ونعمه على خلقه إرسال الرسل وخاصّة النبي محمّداً - - خاتماً للرسل كلهم، ولا شك أن هذه مظاهر عزته وكلمته، هو الحق تبارك وتعالى الذي بعث في العرب رسولاً من جنسهم أمياً مثلهم، لا يقرأ ولا يكتب، ومن ذلك فهو يتلو عليهم الآيات، ويحملهم على طهارة النفس ويخلق فيهم الضمير الحي، وهو الذي يعلمهم القرآن، والحكمة النافعة والمأخوذة من حديثه وقوله وفعله، فهو المثل الأعلى، الذي قاد أمته إلى الحياة الصحيحة، في التشريع والقضاء والسياسة والاقتصاد، وإنْ كانوا من قبل لفي جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، وأي ضلالة أكثر من ضلالة العرب قبل الاسلام)( ).
هذه الأهداف العامة لتدريس القرآن الكريم يمكن تلخيصها في الآتي:( )
(1) إتقان التلاوة بمراعاة أحكام التجويد، وإخراج الحروف من مخارجها الصحيحة، ولفظها بصفاتها المعروفة بها.
(2) فهم الآيات القرآنية ومعاني الكلمات الواردة فيها، ومعرفة أسباب نزولها.
(3) حفظ الآيات القرآنية بإتقان مع جودة التلاوة.
(4) حمل القلب على الخشوع والطمأنينة بالتلاوة والاستماع للآيات القرآنية.
(5) التقرب إلى الله تعالى بتلاوة القرآن الكريم لأنه كلام الله تعالى، وهو أفضل الذكر.
(6) حث الطلاب على تطبيق القيم والآداب المأخوذة من القرآن الكريم المصدر الأول للتشريع الإسلامي ، والمداومة على العمل بتعاليمه.
(7) تعظيم كلام الله تعالى والتأدب عند تلاوة آياته أو سماعها.
* من الذين يؤمون حلقات تحفيظ القرآن الكريم؟
إن الذين يؤمون هذه الحلقات يختلفون في مستوياتهم، فمن الحلقات ما يؤمها طلاب يعرفون القراءة من المصحف:
هؤلاء الذين يؤمون هذه الحلقات وهم يعرفون القراءة من المصحف يسهل عليهم التأمل والمتابعة وهؤلاء يدرسون على النحو التالي:
(1) يحدد معلم القرآن عدداً من الآيات أو قسماً حسب الأقسام التي توجد في المصحف مثل ( الربع والحزب وغيرها) بشرط أن يتناسب مع قدرات الطالب العقلية ونشاطه والوقت المتاح للحلقة وبعض الفنيات التّدريسيّة التّي يعرفها المعلم من خلال النَّص.
(2) يقرأ المعلم المقدار المحدد قراءة نموذجية على الطلاب، وهم يرددون خلفه، ثم يطلب منهم القراءة الفردية، ويعمل المعلم على تصويب الأخطاء وتقويم الأداء. ويمكن أن يستفيد المعلم من بعض الكبار من الطلاب المجيدين للقراءة في تحفيظ إخوانهم الذين هم أقلّ منهم إجادة.
(3) إذا صعب على الطلاب بعض النطق، فعلى المعلم أن يلقنهم حتى يتأكد من القراءة الصحيحة لطلابه.
أما الذين لا يعرفون القراءة من المصحف بسبب صغر السن أو عدم التعليم أو العجمة التي تجعل ألسنتهم لا تنطق الكلمات نطقاً سليماً يلجأ المعلم للآتي:
(1) محاولة تعليمهم القراءة والكتابة.
(2) التحفيظ تلقيناً حتى يتمكنوا من متابعة المصحف والقراءة منه، ثم ينتقل بهم إلى الطريقة الفردية.
* تقويم دروس القرآن الكريم:-
يقصد بالتقويم الحكم على المسألة بعدل بعد قياسها وتشخيصها. والتقويم كما عرفه بعض العلماء هو:(حكم عملي أو أنه عملية تسمح باتخاذ أحكام حول قيمة شئ ما، ويستطيع الفرد أن يُقوِّم المعلومات النّوعية أو الكمية على حد سواء)( ).
من هذا التعريف يتضح أن التقويم يوضح الايجابيات والسلبيات ومناطق القوة والضعف حتى يستطيع المعلم أن يحكم على الطالب في حفظه كتابة أو شفاهة، كما أن التقويم بهذا التعريف يعني متابعة نمو الطالب ، والتقويم للطالب يقوم به المعلم بعد قياس درجاته ونسبتها إلى الدرجة الكلية فمثلاً طالب تحصل على (95) درجة من (100) درجة نقول نسبة تحصيله (95٪). وقياساً على الدرجة الكاملة وهي(100) درجة يُحكَمُ على الطالب بأنه حصل على درجة الامتياز لأن الامتياز يعني الحصول على أكثر من 90٪ معايرة على الدرجة القصوى وهي 100 درجة ، وليكون التقويم شاملاً لابّد من التقويم المستمر لنمو الطالب ضبطاً لسلوكه والتحولات التي تحدث في حياته علاوة على تقويم التحصيل الذي ذكر.
* مقومات معلم القرآن الكريم:-
إن شخصية معلم القرآن الكريم لها النصيب الأكبر في تحفيظه للطلاب، والشخصية التي تقوم بتحفيظ القرآن الكريم يجب أن تتحلى بالمقومات الآتية:
أولاً: المقومات العقدية والأخلاقية والسلوكية:-
(1) أن تكون عقيدته سليمة موحّدة في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، وأن يكون مراقباً لربه سراً وجهراً، رجاء ثوابه.
(2) الإلمام بالمعارف والمهارات التي تعينه في تدريسه.
(3)أن يكون محباً لمهنته التي هي تعليم القرآن الكريم.
(4) أن يكون صحيحاً في بدنه خاصة في النطق، وأن يكون حسن المظهر والهيئة.
(5) أن يحافظ على الوقت ؛ يحاسب نفسه على التأخير ويحاسب غيره.
(6) أن يكون حريصاً على خدمة طلابه لتحقيق الهدف المرجو.
(7) أن يكون ذا خلق، متحكماً في نفسه يملكها عند الغضب.
(8) أن يكون ملماً بمادته (علم التدريس).
(9) أن يكون ملماً بطرق التدريس( فن التدريس).
(10) أن يتعرف على قدرات طلابه وإستعداداتهم.
(11) أن يكون قادراً على إدارة الحلقة يساعده في ذلك نظام الإدارة التربوية.
(12) أن يخطط لدروسه ويحضر لها؛ وهذه قمة الإدارة التربوية، لأن التخطيط هو البداية الصحيحة للعمل.
(13) أن يعرف كيف يمهد للدرس وكيف يغلقه وكيف يقوّم طلابه بالطرق العلمية والتربوية.
(14) أن يكون قدوة لطلابه مخبراً ومظهراً.
بهذه المقومات والصفات يسستطيع معلم القرآن الكريم أن يكون في الصدارة بين أقرانه مع تفوقه عليهم بتدريس لأعظم العلوم وأعزها ، وليكون مثالاً لطلابه لابّد أن يلم بمبادئ الإدارة التربوية التي تساعده في التخطيط إبتداء بتقسيم مفردات المادة على أسابيع السنة وشهورها ، والتخطيط للدرس ، كما تساعده في تنظيم نفسه وطلابه ومتابعتهم .
المبحث الخامس
دور الإدارة التربوية في تنظيم حلقات تحفيظ القرآن الكريم
إن الإدارة التربوية هي الأداة الرئيسة المنظمة للمارسات التربوية وبها تستثمر الامكانات المادية والقوى البشرية في إيجاد الحلقات المنضبطة ، والمعلم المنتظم ، والقائد التربوي ، الذي يعرف واجبه فيؤديه.
إن الإدارة عامة هي علم يتعلمه الانسان مثل بقية العلوم الأخرى، باعتبارها الطريق لتنفيذ الأهداف الخاصة بالمنظمة أو المؤسسة. أما الإدارة التربوية فهي التي تعمل على تحقيق الأهداف التربوية، التي تعني في هذه الحالة إنجاز الأهداف القرآنية الخالصة من تلاوة وتفسير وحفظ وترسيخ قيمها في نفوس الطلاب.
إن الإدارة التعليمية هي التي تساعد في معالجة المشكلات التربوية والتعليمية والتنموية إذا إلتزم القائمون على أمرها بعناصرها من تخطيط، وتنظيم، وتوجيه وغيرها تُعدُّ الإدارة التعليمية الناجحة حجر الزاوية في العملية التعليمية والتربوية .. لأنها تقوم بعمليات التخطيط ووضع الخطط، وتعمل على تنفيذها لتحقيق الأهداف .. والإدارة التعليمية والتربوية أعمالها كثيرة مثل توزيع السلطات في المؤسسة التعليمية، كما تعمل على تفويضها لمن يستطيعها ويقدر عليها.
أما في هذا البحث فيريد الباحث أن يوضح دورها في تنظيم حلقات تحفيظ القرآن الكريم ، ومساعدة الشيخ في الضبط وتقسيم الوقت حسب خطوات الدرس.
* مهارات الإدارة التربوية التي يحتاجها معلم القرآن الكريم:-
إن معلم القرآن الكريم الذي يدرس الطلبة في الحلقات التحفيظية يحتاج لمهارات متعددة أهمها:
[1] المهارات التصورية أو المفهومية:
يقصد بالمهارات المفهومية القدرة على الإبتكار والتخطيط والاحساس بالمشكلات والتفنن في إيجاد الحلول لها في وقتها، كما تشمل التفكير الابداعي الذي يجب أن تهتم به القيادة في كل مستوياتها ، ومن هذه المستويات معلم القرآن الكريم وهو يؤدي واجبه لطلابه .
ومعلم القرآن الكريم حري به أن يتمتع بهذه المهارات التي تساعده في وضع التصور العام للحلقة، وإتخاذ القرار في شأن مشاكل الطلاب بسهولة ويسر كما يطلب منه أن يعلم طلابه كيف يفكرون ؟ و كيف يحاورون ؟
[2] المهارات الفنية :
هذه المهارات يقصد بها إتقان المعلم لمادته وهي القرآن الكريم علماً وفناً وتدريساً يوصل المادة بسهولة ويسر لطلابه. وهذه المهارة الفنية تساعده في ضبط وقت الحلقة، كما تساعده في توزيع الوقت بين نشاطاته المختلفة في الحلقة خاصة وأنَّه يحتاج للقراءة الجماعية والفردية في العرض، كما يحتاج للتقويم والإغلاق حتى يختم حلقته بصورة علمية.
[3] المهارات الإنسانية:
وهي القدرة التي يستطيع المعلم أن يتعامل بها مع الآخرين من إداريين وأقرآن وطلاب لأن هذه المهارات الانسانية تتعلق بالتعامل مع الغير وهي أكثر أهمية للانسان الذي يعمل وسط البشر ، ومعلم القرآن الكريم جُلَّ وقته مع طلابه يتابعونه ويأخذون عنه العلم والخلق قدوة حسنة وأسوة صالحة لهم ، فهو أحق النّاس بحسن المعاملة وإحسانها .
أهم الصفات التدريسية والكفايات لمعلم القرآن الكريم:
إن معلم القرآن الكريم يحتاج لصفات تدريسية وكفايات تساعده في أداء واجبه وهو تحفيظ القرآن الكريم ، ومن هذه الصفات:
1- الصفات الجسمية والعقلية والاجتماعية والوجدانية:
هذه الصفات يجتاج إليها معلم تحفيظ القرآن الكريم مجتمعة وبإجماعها وإكتمالها يستطيع أن يؤدي واجبه على أكمل وجه، وأبرز هذه الصفات المذكورة سلامة الجسم والعقل والذكاء المناسب، والمحبة المتبادلة مع طلابه.
2- الاستعداد الفطري لمهنة التدريس:
وهذا يعني مناسبته للتدريس وأن يكون له حبُُُ ُ لها وانتماء ، وهذا يُطْلَبُ مع المطلوبات الأخرى مثل:
أ- الإطلاع الواسع في مجال تخصصه وهو القرآن الكريم وعلومه من تفسير وناسخ ومنسوخ وغيرها.
ب- أن يكون على قدر عالٍ من الثقافة العامة مثل معرفة الإدارة التربوية والمقصود بها ، وكيف يستخدمها في إدارة الحلقة مثل التخطيط للدروس ، وضبط الوقت، واتخاذ القرار حين حدوث المشكلات.
4) الصفات الخلقية والاجتماعية:
ويقصد بها أن يكون على خلق يألف ويؤلف أي حسن السيرة والسلوك والمظهر والمعشر، مشهوداً له بالإستقامة ، يؤدي حقوق ربه عليه ، وحقوق المسلمين ، ويؤدي حقوق نفسه عليه كذلك قال الأستاذ عثمان العالم:
(أن يكون معلم القرآن الكريم حسن السيره والسلوك والمظهر ، طيب المخبر ، مشهوداً له بالإستقامة ، حريصاً على أداء العبادات)( )
أهمية الإدارة التربوية لمعلم القرآن الكريم:
إن حلقة تحفيظ القرآن الكريم هي منظمة صغيرة، أهدافها الأساسية حفظ القرآن الكريم وتمثله في الحياة، وأعضاء هذه المنظمة هم الطلاب، ورئيسها هو المعلم الذي يعلم القرآن. وإدارتها جزء من الإدارة التربوية التي تتطلب صفات القائد التربوي.
إن معلم القرآن وهو يدخل على طلابه في الحلقة ، يجب عليه أن يتبع الخطوات الآتية التي تساعده في إنجاز أهدافه ، وهذه الخطوات من وظائف المدير التربوي وهي :-
(1) أن يحسن هيأته ومظهره من لبس ووقوف في المكان المناسب مراعياً متابعة الطلاب والاشراف عليهم.
(2) أن يدخل ويبدأ بالسلام (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).
(3) أن يلقي نظرة عامة على طلابه منبهاً إياهم للإنتظام في جلوسهم وتحضير متطلبات الحلقة من ؛ مصحف، ودفتر وغيرهما من مطلوبات الحلقة إشارة إلى ما خططه قبلاً.
(4) تحديد أهداف الحلقة في هذا اليوم، مثل؛ تحديد الآيات التي يرغب في تدريسها ، ويكون هذا في دفتر منظم يسمى دفتر التحضير (التخطيط للدرس).
(5) أن يبدأ بالتمهيد القصير المشوق مثل بعض القصص القرآني وحبذا لو كانت القصة هي التي يدور حولها موضوع الحلقة وهذه تجعل طلابه يثقون فيه ويحبونه، وبذلك يكتسب صفة القيادة.
(6) أن يستحضر عناصر الإدارة التربوية مثل التخطيط والتنظيم والتوجيه والمتابعة وغيرها.
(7) أن يجعل الثقة متبادلة بينه وبين طلابه ، وذلك يتطلب منه إتقان المادة وطرق تدريسها وحسن التصرف في كل شيء يحدث.
(8) أن يكون دائم التبسم ، طلق الوجه ، رفيقاً بطلابه ممّا يجعلهم يحبونه ويشتاقون إليه.
(9) أن يعطي النماذج الطيبة في القراءة (القراءة النموذجية).
(10) أن يحاول إعطاء أكبر فرص لقراءة الطلاب وأن يخاطبهم بأسمائهم بدلاً عن الاشارات التي توحي بعدم المعرفة والاهتمام.
(11) أن يكون عادلاً لا يركز على بعض الطلبة ويترك الآخرين وهذا يكون بتوزيع الفرص بالتساوي ما أمكن ذلك.
(12) أن يلتزم بزمن المحاضرة من البداية إلى النهاية وكذلك تقسيم الزمن أثناء الأداء متمسكاً بحسن إدارة الوقت.
(13) أن يقوِّم المحاضرة بصورة عادلة وحقيقية وموضوعية بتقديم الأسئلة المناسبة من مادة الدرس وفهمها.
(14) أن يغلق المحاضرة بملخص لأهم ما ورد في الحلقة ، وأن يتفق مع طلبته على واجب يعينهم في الدرس التالي، على أن يهتم بالتصحيح والمتابعة لتأكيد الاهتمام.
يستفيد معلم القرآن الكريم من الإدارة التربوية في إدارة حلقته إذا فهم عناصر الإدارة ووظائفها والتزم بها ، وكذلك التعليمات التي ذكرت آنفا خاصة المأخوذة من وظائف الإدارة التربوية وعملياتها. بهذا يتضح الدور المهم للادارة التربوية في تنظيم حلقات القرآن الكريم من حيث الضَّبط والتَّخطيط والتَّنظيم والتوجيه.
ومعلمو القرآن هم من القادة التربويين في المجتمع بحكم الآتي :
1/ حفظ القرآن والمداومة على تلاوته.
2/ التعليم والثقافة.
3/ المراكز الاجتماعية والشرف الذي نالوه بإنتمائهم للقرآن الكريم.
4/ التدين والتعامل بالدين مع المجتمع.
5/ الحب للقرآن والسنة والدين.
6/ النظرة للمجتمع بالمنظور الإسلامي.
إن القائد التربوي لا بدّ أن يتحلى بالصفات المذكورة سابقاً في البحث وأن يكون بحكم موقعه حائزاً على الأحكام المذكورة أعلاه ، حتّى يخرِّج جيلاً متمثلاً معلِّمه أسوة حسنة وقدوة صالحة.
الخاتمة:
إن الإدارة التربوية ذات أثر عظيم في إدارة حلقات القرآن الكريم وتنظيمها إذا إهتم معلمو القرآن بعناصرها من تخطيط وتنظيم وغيره. بعد هذا الشرح توصل الباحث إلى النتائج الآتية:
[أ] النتائج:
(1) لم يستفد معلمو القرآن الكريم من الإدارة التربوية في تنظيم حلقات القرآن إما لجهلهم بها، أو لعدم اهتمامهم بالاستفادة من مخرجات العلم في تدبير أمورهم.
(2) عدم تناول موضوع الإدارة التربوية واستخداماتها من الباحثين في قضايا التدريس وغيرها.
(3) الإدارة التربوية تحتاج لتوضيح دورها في حياة الانسان كبقية فروع الإدارة التي تساعد في إنجاز أهداف أي مؤسسة وتحقيقها.
(4) عدم استخدام الوسائل الحديثة في تحفيظ القرآن الكريم. وكذلك بقية التقنيات التي من شأنها اختصار الزمن مثل power point)) وغيره.
(5) معظم الذين يُدرِّسون في الجامعات لم يتلقوا دورات في علوم التربية وخاصة في الإدارة التربويَّة التي يحتاج إليها الإنسان حتى في تنظيم بيته.
[ب] التوصيات:
(1) عقد دورات في الإدارة التربوية للعاملين في حقل التدريس الجامعي وخاصة الذين يدرسون العلوم الاسلامية مثل تحفيظ القرآن الكريم.
(2) توضيح أهمية الإدارة عامة، والإدارة التربوية خاصة، لاسيما وأن معظم الباحثين يعزون التأخر في كثير من البلاد لسوء الإدارة والتي تبدأ من سوء إدارة المنزل إلى إدارة البلد.
(3) إشاعة ثقافة الاهتمام بالعلوم التربوية في شؤون الحياة، وخاصة للذين يمتهنون مهنة التدريس.
نسأل الله التوفيق للباحثين والمعلمين في مواقعهم المختلفة للاستفادة من العلوم الحديثة وخاصة ما يستجد في علوم الإدارة التربوية وغيرها والله الموفق.
ثبت المصادر والمراجع
أولاً:القرآن الكريم
ثانياً:المصادر
1/ أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ( ابن منظور الإفريقي المصري ) لسان العرب ط3 – المجلد الثالث، دار صادر بيروت، لبنان 1414هـ - 1994م.
2/ أحمد عطية الله ، القاموس الثاني ط3 ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، جمهورية مصر العربية 1968م .ص 248.
3/ المعجم الوسيط، مطابع دار المعارف ،القاهرة، مصر ، ج 1972م ص 445.
4/ محمد بن إسماعيل البخاري ، صحيح البخاري، باب خيركم من تعلم القرآن ،ج15
5/ محمد محود حجازي، التفسير الواضح ، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان 1414هـ-1994م.
ثالثاً: المراجع:
6/ أحمد إبراهيم أبو سن ، الإدارة في الإسلام ط6 مطبعة التمدن المحدودة الخرطوم السودان 1999م.
7/ أحمد علي الإمام ، القرآن الكريم هيمنته، وخاتمته، وعالميته، وخلوده، مجلة كلية القرآن الكريم (العدد الأول ذو الحجة 1428 هـ ديسمبر 2006م.
8/ المؤتمر القومي للخدمة المدنية ، الأوراق العلمية ، الخرطوم ، الفترة من 28/ أبريل إلى مايو 2001م، المجلد الأول
9/ جميل جودت أبو العينين، أصول الإدارة من القرآن والسنة، دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر، بيروت ، لبنان 2002م
10/ حسن أبشر الطيب إدارة الكوارث؛ شركة ميلايت المحدودة، لندن ، المملكة المتحدة 1412هـ - 1992م.
11/ سيد هواري ، (الإدارة والأصول والأسس العلمية ) ط 5، مكتبة عين شمس، القاهرة، جمهورية مصر العربية 1973م.
12/ عبد الرحمن بن خلدون، مقدمة بن خلدون، دار مكتبة الهلال ، بيروت، لبنان، 1983م. ص 334.
13/ عبد الغني النوري ، إتجاهات جديدة في الإدارة التعليمية في البلاد العربية ط1، دار الثقافة ، الدوحة ، دولة قطر 1411هـ - 1991م.
14/ عبد الغني عبود ، إدارة التربية في عالم متغير ط3 ، دار الفكر العربي ، القاهرة – جمهورية مصر العربية 1413هـ- 1992م.
15/ السيد عبده ناجي ، الإدارة العامة (مدخل إداري) ط3 ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، جمهورية مصر العربية 1411هـ -1991م .
16/ عثمان محمد حامد العالم، طرق وأساليب تدريس القرآن الكريم ط1 ( أسس نظرية ونماذج تطبيقية) مكتبة الرشد الرياض، المملكة العربية السعودية 1427هـ 2006م.
17/ فتحي يكن ، نحو صحوة إسلامية في مستوى العصر، مؤسسة الرسالة ,ط1، بيروت ،لبنان 1418هـ - 1997م.
18/ كتاب المنتدى ( سلسلة تصدر عن المنتدى الاسلامي، المدارس والكتاتيب القرآنية (وقفات تربوية وإدارية) مؤسسة المنتدى الاسلامي، 1417هـ.
19/ محمد الغزالي، نظرية التربية الاسلامية للفرد والمجتمع، بحث مقدم لندوة الخبراء التربويين المنعقد في مكة في الفترة بين 11-16/6/1400هـ.
20/ محمد منير مرسي ، الإدارة التعليمية أصولها وتطبيقاتها، عالم الكتب ، القاهرة، جمهورية مصر العربية 1996م.
21/ مسعود بن محمد النمر ، السلوك الإداري ، مطابع جامعة الملك سعود ، الرياض ، المملكة العربية السعودية 1410هـ - 1990م.
22/ مدني عبد القادر علاقي، الإدارة الحديثة [ مفاهيم ،وظائف، وتطبيقات] مكتبة دار زهران للنشر والتوزيع ، جدة، المملكة العربية السعودية 1414هـ - 1993م
23/ موفق حديد محمد، الإدارة( المبادئ والنظريات والوظائف ) ألحان للنشر والتوزيع ، الجبهة ، الأردن 1421هـ 2001م.
24 - lrvin J . Lehmnn. William A. Merens – Measurement and Evaluation In Education and Psycholoy.
ترجمة هيثم كامل الزبيدي دار الكتاب الجامعي، العين، الامارات العربية المتحدة 1424هـ-2003م.
فهرست الموضوعات
م الموضوع الصفحة
1
2
3
4
5
6
7
8
9
الشكر والتقدير
مستخلص البحث
المبحث الأول
(الإطار العام)
المبحث الثاني
نشأة الإدارة وتطورها
المبحث الثالث
الإدارة التربوية (المفهوم والخصائص والعوامل المؤثرة عليها)
المبحث الرابع
حلقات تحفيظ القرآن الكريم وطرق التحفيظ فيها
المبحث الخامس
دور الإدارة التربوية في تنظيم حلقات تحفيظ القرآن الكريم
الخاتمة وتشمل على:
أ- النتائج
ب- التوصيات
ثبت المصادر والمراجع
د. محمد البشير محمد عبد الهادي
....
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ، ومَنْ تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين ، وبعد .
فأصل هذا الكتاب بحث نُشر بالعدد الثاني من مجلة كلية القرآن الكريم بجامعة القرآن الكريم
والعلوم الإسلامية .ثم رأى الباحث أنْ يتوسَّع فيه فيطوّره إلى كتاب مستقل .
ويتقدّم الباحث بخالص الشكر والتقدير للأستاذ الدكتور/ بشير حاج التوم من جامعة النيلين على تحكيمه لهذا الكتاب منذ أنْ كان بحثاً .
والشكر موصول إلى هيئة تحرير مجلة كلية القرآن الكريم على تكرمها بنشر البحث الذي طُوِّر.
والشكر ممتد لإخوتنا في إدارة التأليف والترجمة والنشر بمركز بحوث القرآن الكريم والسُّنَّة النَّبويّة لقيامهم بواجب تنسيق وتصميم الكتاب ومتابعة الطباعة .
وختاماً لا ينسى الباحث أنْ يشكر الإخوة في المجلس الإتحادي للمصنّفات الأدبية والفنية لاهتمامهم بالكتاب ومنحهم رقم الإيداع .
والشكر من قبل ومن بعد لله رب العالمين ، الذي بكرمه ومنّه أثمر جهد الباحث عن هذا الكتاب .
مستخلص البحث:
يهدف هذا البحث الموسوم بـ(دور الإدارة التربوية في تخطيط وتنظيم وتوجيه حلقات القرآن الكريم ) إلى الاستفادة من الإدارة التربوية وعناصرها من تخطيط وتنظيم وتوجيه وغيرها في إدارة الحلقات القرآنية لتحقق هدفها المنشود، وهو تحفيظ الطلاب القرآن الكريم.
إتبع الباحث في هذا البحث المنهج الوصفي والتحليلي و لمناسبتها لطبيعة البحث.
توصل الباحث إلى نتائج أهمها عدم استفادة معلمي القرآن الكريم من العلوم التربوية وخاصة الإدارة التربوية، كما أوصي بضرورة عقد الدورات في هذا الموضوع ليستطيع معلمو القرآن الكريم الاستفادة من هذه العلوم التربوية في تنظيم الحلقات وتحفيظ الطلاب القرآن الكريم.
والله الموفق
المبحث الأول
الإطار العام
مقدمة:
الحمد لله الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، وأمره بتعاهده تلاوة وعبادة وتدبراً ، والصلاة والسلام على رسول الله الذي أُرْسِل بمنهج القرآن وبعد.
تُعَدُّ الإدارة التربوية فرعاً من فروع الإدارة ، وهي من الإدارات المهمة في حياة النّاس، إذ إنها تعمل على التخطيط للحياة وتنظيمها وترتيبها بطريقة تحقق أهداف الإدارة في إنجاز أهداف أي مؤسسة ؛ وبالتالي الإدارة التربوية تعم على إنجاز الأهداف التربوية للمؤسسة التعليمية، والتي منها حلقات القرآن التي تمثل مؤسسة صغيرة ذات أهداف سامية هي تنظيم طلبة القرآن الكريم وتحفيظهم القرآن العظيم ، الذي به صلاح الدنيا والآخرة.
إن البحوث التي أجريت في هذا المجال قليلة ومحدودة مع أهميته إذا ما قورنت بالبحوث التي أجريت في المجالات التربوية الأخرى. ويعتبر هذا الميدان ميدان الاستفادة من الإدارة التربوية في إدارة حلقات تحفيظ القرآن الكريم ميداناً بكراً ، ولذلك رأى الباحث ضرورة تقديم بعض الأفكار التي تساعد في إستخداماته في مجال تحفيظ القرآن الكريم الذي هو أجل العلوم وأعظمها. عن النبي قال: (خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه)( ).
يرى الباحث أن الإدارة التربوية يمكن أن تسهم في معالجة مشكلات التربية والتعليم والتنمية؛ والتي يدخل في إطارها تحفيظ القرآن الكريم. ولتكون الإدارة التربوية فاعلة ، ومؤثرة في عملية تطوير طرق حفظ القرآن الكريم لابدّ أن تدرس بطريقة دقيقة تلتزم الواقعية مستفيدة من كل الامكانات المحلية المتاحة ، حتى لا تكون خيالاً بعيداً عن الواقع.
ويرى الباحث أنه لابد من تطوير حلقات القرآن الكريم ، وإلزام المعلمين فيها بتعلم وظائف الإدارة التربوية الحديثة وعناصرها، التي تواكب النقلة النّوعيّة التي حدثت في مجالات الحياة المختلفة؛ ومنها الإدارة التربوية في سبيل تحقيق هذا الدور لها في تنظيم حلقات القرآن الكريم. يتبع الباحث المنهج الوصفي والتحليلي لتحقيق هدف تنظيم حلقات القرآن الكريم التي تساعد في حفظ كتاب الله العزيز.
إن عملية الاستفادة من الإدارة التربوية ونظمها في تنظيم حلقات تحفيظ القرآن الكريم ، تُعدُّ من الإصلاح التربوي الذي يجري الآن في العالم.
لتحقيق هذه الاستفادة ، يأتي الإطار العام لهذا البحث على النحو التالي:
أولاً: مشكلة البحث :
إن مشكلة هذا البحث تكمن في عدم استفادة القائمين على إدارة الحلقات التربوية من وظائف الإدارة المختلفة من تخطيط وتنظيم وتوظيف وتوجيه في ترتيب الحلقات القرآنية وإحكامها وضبطها .
ثانياً: أسئلة البحث :
إن السؤال الرئيس في هذا البحث يمثل مشكلة البحث، وبالإجابة عليه يبدأ حل المشكلة.
السؤال هو :
كيف يستفاد من عناصر الإدارة التربوية في ترتيب وتنظيم حلقات تحفيظ القرآن الكريم ؟
أما الأسئلة الفرعية هي :
1- كيف يخطط لحلقات تحفيظ القرآن الكريم ؟
2- كيف تنظم حلقات القرآن الكريم ؟
3- كيف توظف حلقات القرآن الكريم ؟
4- كيف توجه حلقات القرآن الكريم ؟
ثالثاً: أهداف البحث :
إن هذا البحث يهدف للاستفادة من الإدارة التربوية في التخطيط والتنظيم والتوظيف والتوجيه لحلقات القرآن الكريم ، كما يهدف لإكساب معلمي القرآن الكريم مهارات ضبط العمل وتنظيمه ، وكذلك إكسابهم صفات القائد التربوي للحلقات .
رابعاً: منهج البحث:
لطبيعة هذا البحث الوصفية ، والتي تعتمد على التحليل فإن الباحث يعتمد منهج الوصف والتحليل .
خامساً: هيكل البحث:
يتكون هذا البحث من خمسة مباحث على النحو التالي:
* المبحث الأول: الإطار العام
* المبحث الثاني: نشأة الإدارة وتطورها ، وتعريفها وأهم نظرياتها.
* المبحث الثالث: نشأة الإدارة التربوية وتطورها وتعريفها وأهمّ نظرياتها.
* المبحث الرابع: حلقات تحفيظ القرآن الكريم وطرق التحفيظ فيها.
* المبحث الخامس: دور الإدارة التربوية في تنظيم حلقات تحفيظ القرآن الكريم.
سادساً: التعريف الإجرائي لمصطلحات البحث:
الإدارة التربوية: هي تحقيق الأهداف التربوية للمؤسسة أو المنظمة بوساطة فريق العمل.
حلقات القرآن الكريم: يقصد بالحلقة جلوس المتعلمين حول معلم القرآن الكريم للتلقي منه والاستماع لتوجيهاته والعمل بمقتضاها.
معلم القرآن الكريم: هو الإنسان المتمكن من القرآن الكريم وعلومه وطريقة تدريسه للطلاب ، وتكون له القدرة على متابعتهم وضبطهم.
سابعاً: الخاتمة وتشتمل على الآتي:
أ- النتائج.
ب- التوصيات.
ثامناً:
- ثبت المصادر والمراجع
- فهرست الموضوعات
المبحث الثاني
نشأة الإدارة وتطورها
إن الإدارة قديمة قدم الانسان نفسه، وقد ظهرت العمليات الادارية في تاريخ المجتمع الإنساني عندما أحس الإنسان بأن التعاون مع غيره ضرورة حيوية ، وأن الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها لا تتحقق بالجهد الفردي والطاقة الفردية ، عندئذ ٍ ظهرت الإدارة نشاطاً بشرياً عندما ظهرت اللبنة الأولى لتجمع البشر وهي الأسرة ، والتي طبقت النظم الأدارية في محيطها بطريقة بدائية محاولة لتوزيع الأدوار بين الأم والأب لتربية الأبناء. برزت الإدارة كنشاط بشري باعتبارها ضرورة اجتماعية بظهور الخلية الأولى للتجمع البشري وهي الأسرة ، التي ظهر في محيطها التطبييق البدائي لمبادئ الإدارة كمبدأ تقسيم العمل ، وما يتطلبه من تنسيق بين الزوجين إذا انصرف الزوج إلى تدبير الشئون المعيشية للأسرة من خلال ممارسة الصيد أو الرعي أو الزراعة، وتفرغت الزوجة لتدبير شؤون المنزل( ).
استمر التطور الإداري تلقائياً إلى أن ظهرت القبائل والعشائر التي بدأ منها الاهتمام بالسلطة وذلك عندما تشعبت الحياة وإزداد تعقيدها.
تميزت المجتمعات القديمة بممارسة الإدارة بصور مختلفة مثل مصر الفرعونية ، وإمبراطورية الصين ، والمدن الاغريقية ، والامبراطورية الرومانية ؛ حيث كان لكلٍ ممارسته الإدارية.
تدرجت الإدارة في العصور الوسطى، وأروبا المسيحية ، إلى أن جاء عصر الاسلام الذي أرسى القواعد ونظّم المجتمع، حيث نزل القرآن منظماً لشؤون الحياة موجهاً إياها نحو أهداف وغايات سامية نقلت الإنسان من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
لا يريد الباحث الدخول في تفاصيل الإدارة في العصور السابقة ومقارنتها ببعضها بعضاً أو بما يحدث حالياً ، ولكنّه يركز على الإدارة في العصر الحديث والعصر الاسلامي؛ بغرض تحقيق استفادة مديري الحلقات منها في ترتيبها وتنظيمها لتحقق الحلقات أهدافها الاساسية في تحفيظ الطلاب القرآن الكريم بطريقة منظمة وميسرة.
تطور الإدارة:
حُسِم الجدل الذّي كان في الأوساط الإدارية حول هل الإدارة علم ؟ أم فن؟ أم ماذا؟.
حسم هذا الجدل بأن الإدارة علم له نظرياته العلمية التي تدرس في المدارس والمعاهد والجامعات وتتطور بتطور مصادر المعرفة مواكبة للعصر الذي تمارس فيه ؛ وأن الإدارة هي فن بمعنى أنها موهبة يهبها الله للإنسان ومهارة شخصية .يولد بها الشخص، كما يمكن أن يصقلها بالخبرة والممارسة.( إن الإدارة علم وفن في نفس الوقت)( ).
الفكر الإداري المعاصر:
كانت هناك مساهمات مبكرة في تطوير علم الإدارة ، وأهّم الرّواد في هذا المجال ( هما فريدريك تايلور وهنري فايوي؛ فقد عرف الأول مايسمى بـ"الطريقة العلمية في الإدارة"؛ وحدّد الآخر مايعرف اليوم "بمبادئ الإدارة"( ). ومن هذا يمكن تتبع تتطور المدارس الإدارية العلمية كما يلي:
مدارس الإدارة العلمية (المدرسة التقليدية (المدرسة الكلاسيكية)).
(ماكس فايبر ( 1920م -1964م)):
حاول ماكس فايبر وهو أهم روّاد هذه المدرسة وضع نموذج للادارة الرشيدة في المنظمات الحكومية فأقام النظرية البروقراطية التي تعرف بأنها (إصطلاح سياسي يقصد به نظام الحكم الذي يتمثل في دولة تدير شؤونها طبقة من كبار الموظفين ثم أصبحت تستخدم للدلالة على نظام الحكم الذي يعنى القائمون عليها بالشكليات والتفاصيل الجزئية، وهوامش اللّوائح، ولو كانت تفوت الحكمة من وضع التشريعات، وهو ما يعرف بالأساليب الروتينية)( ).
من التعريف المذكور يتضح أن [البيروقراطية تعني المكتبية والدوانية] وتتميز بالتحديد الوظيفي القاطع الذي يحدد وصف كل وظيفة، وبما أنها نظام مكتبي فهي تتميز بالتوثيق الكتابي ورغم أهمية هذه النظرية فقد وجهت لها إنتقادات كثيرة مثل الأوامر التي تنزل من أعلى إلى أسفل ليقوم الأسفل بالتنفيذ فقط.
الإدارة السلوكية (المنهج السلوكي في الإدارة):
هذه الإدارة جعلت محورها الإنسان باعتباره المحور الذي يدور حوله العمل. وقد ركزت هذه النظرية على النظرة الإنسانية.بينما كانت الإدارة الكلاسيكية تركز على كفاية الاعمال، وتعتبر نشاط الإنسان يتوقف على الأجر المدفوع له.(وقد إهتم العلماء السلوكيون في الإدارة بالهدف والفعل.وهم يرون أن فهم السلوك الإنساني هو وسيلة رئيسة لتحقيق هدف فعّال)( ).
إهتمت الحركة السلوكية بالدافعية للقائد والقاعدة نحو العمل؛ والدافعية عبارة عن إشارة وتوجيه وتنظيم للسلوك الإنساني نحو تحقيق هدف معين)( ) .
الفكر الإداري المعاصر:
بعد العرض السابق يمكن حصرهذه المحاولات الرامية لتطوير النظم الإدارية في الآتي:
[1] نظرية الإدارة من خلال الاتجاه الكلاسيكي في الإدارة:
وهذه النظرية حسب التعريفات السابقة محدودة ومحصورة في المستويات العليا من التنظيم الإداري ؛ ومنها النظريات الكلاسيكية مثل النظرية البيروقراطية( الديوانية والمكتبية) ونظرية الإدارة العلمية.
[2] نظرية الإدارة من خلال الإتجاه نحو العلاقات الإنسانية:
وهذه محورها الاهتمام بالسلوك الإداري الإنساني الذي يجعل التركيز على الجوانب الإنسانية لعمليات الإنتاج.
[3] نظريات الإدارة من خلال الاتجاه نحو السلوك التنظيمي في الإدارة:
تركزت هذه النظريات على ضرورة التعاون والتعامل مع العلاقات الانسانية والإجتماعية بين الأفراد وتلبية حاجاتهم النفسية والاجتماعية لضمان التفاعل والتعاون.
لقد ورد استعمال كلمة السلوك في العبارات السابقة لأهميتها ولذلك لابدّ من الوقوف عند بعض تعريفاتها: السلوك يأتي بمعنى: (سيرة الانسان ومذهبه وإتجاهه؛ يقال : فلان حسن السلوك، أو سيء السلوك؛ وفي علم النفس يعني الاستجابة الكلية الني يبديها كائن إزاء أي موقف يواجهه)( ).
تعريف المعجم الوسيط السابق يجعل السلوك يجمع الصفات الوراثية والمكتسبة وبالتالي يصف فن الانسان وعلمه.
تطور علم الإدارة واشتمل على أنواع كثيرة من النظريات الإدارية يأخذ الباحث بعضاً منها للمثال وليس للحصر:-
[1] الإدارة العامة:
وهي معروفة بأنها الإدارة التي تطبق القانون العام للدولة. الإدارة العامة هي العملية أو الأعمال المتعلقة بأهداف الحكومة)( ).
[2] إدارة الأعمال:
وهذه لها قوانين خاصة تحكمها ولا تتقيد بالنظام العام.(إدارة الاعمال تعني إستخدام الموارد المتاحة إستخداماً إقتصادياً يؤدي إلى تعظيم الربح عادة)( )
[3] الإدارة بالأهداف:
يعنى هذا النوع من الإدارة بالأهداف تحديداً وتنفيذاً ؛ وتبدأ أولى خطواتها بتحديد الأهداف ، وبعض المؤشرات ، وتنتهي بتقويم الأداء والنتائج. (تقوم فلسفة المنظمة هنا على منطق المسؤولية المشتركة بين الإدارة ممثلة بالمدير والمرؤوسين في تحديد أهداف قسمهم على ضوء الأهداف العامة للمنظمة، والعمل على تنفيذها، ومتابعتها، وتقويم نتائجها)( ).
[4] الإدارة بالاستثناء:
هي الإدارة التي لا يتقيد فيها بالهيكل في بعض الأحيان ليتدخل المسئول ويؤدي عملاً ما، حلاً لمشكلة أو معالجة لبعض الأخطاء على أن يترك العمل الذي يسير حسب النظام كما هو.(تعني الإدارة بالاستثناء أن يقوم المديرون بالتركيز على الانحرافات في النتائج عن المعايير الموضوعة وعلاجها وتجاهل النتائج التي تتطابق مع المعايير؛ ويطلق أحياناً اصطلاح الرقابة بالاستثناء على هذه العملية)( ).
[5] إدارة الجودة الشاملة:
الجودة لغة من أجاد الشيء أي أحسن. يقال فلان تكلم فأجاد، أي تكلم فأحسن، وفلان عمل فأجاد أي عمل فأحسن. وعكسه تكلّم فأساء. والجودة تعني الإتقان كما تعني في مستوياتها العليا التفوق والإبداع.
نظام الجودة هو: (الهيكل التنظيمي والمسؤوليات والإجراءات والعمليات والموارد اللازمة لإدارة الجودة. أما إدارة الجودة الشاملة فتعرف بأنها مدخل لإدارة المنظمة الذي يرتكز على الجودة، ويبنى على مشاركة جميع أعضاء المنظمة ويستهدف النجاح طويل المدى من خلال إرضاء العميل، وتحقيق منافع العاملين في المنظمة والمجتمع)( ).
[6] الإدارة بنظام المصفوفة أو بتنظيم الشبكة.
عرف هذا النظام الإداري بنظام المصفوفة أو بنظام الشبكة لأنه يماثل في شكله المصفوفة الهندسية ذات الأبعاد الرأسية والأفقية وهو المزاوجة أو الجمع بين النموذج الوظيفي التقليدي ونموذج التنظيم على أساس المنتج أو الخدمة في نسق تنظيمي واحد.)( ). يتميز نظام المصفوفة بالمرونة ويحقق درجة عالية من التنسيق ، ويجمع كثيراً من محاسن النظم الإدارية.
[7] الإدارة في الإسلام:
الإدارة في الإسلام لا تختلف في عناصرها عن الفكر الإداري عامة ، ولكنها تتميز في أصولها وأسسها لأنها تقوم على مصدر الوحي الذي مصادره القرآن والسّنة ، قال أبوسن: (وكان الفكر الإداري الإسلامي يستند إلى نصوص القرآن والسنة الشريفة، ويقوم على أساس من القيم الإنسانية التي كانت تسود المجتمع الإسلامي في ذلك الوقت)( ). إن منهج الإسلام الإداري هو منهج كامل متكامل يشتمل على الإدارة وغيرها ، وهو منهج وسط يحقق العدل والتوازن ، وهو كذلك منهج عملي وواقعي يدعو إلى التفكر والتدَّبر ، وصالح لكل الأعمال في كلياتها وقد ترك جانب التفاصيل للتخصص وإجتهاد ، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ( ) . والمنهج الإسلامي بالإضافة إلى تحقيق العدل والتوازن هو منهج يقوم على السَّلوك والأخلاق ، والقيم السمحة مثل الصدق والعدل والإحسان . ومنهج الإسلام منهج معاملات اقتصادية ، وسياسية ، واجتماعية .
إن أسس الإدارة من المفاهيم والمبادئ التي اهتم بها الإسلام ، حيث اهتم بالتخطيط ، والتنظيم ، والتوجيه كما سيرد تفاصيله في صلب البحث ، وحري بمعلم القرآن أن يتوقف عند الآيات القرآنية التي تدعو للتدبر والتفكر ، وكذلك التي تدعو إلى الإنتاج ، والضبط الأخلاقي والقيمي والقانوني . قال تعالى : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ( ) ، ويقول تعالى : مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ( ) من هذه النصوص يتضح منهج الكليات الذي أشرنا إليه . كما يُشير إلى منهج الإسلام الذي يكون فيه الخلق مسخرين لخدمة بعضهم بعضاً فالإداري يحتاج للمزارع ، والمزارع يحتاج للمعلم ، وهكذا كلهم يحتاج لبعض ، قال تعالى : نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً ( ).
الوظائف الإدارية أو العمليات الإدارية:
إن الوظائف الإدارية التي وردت في تعريفات الإدارة المختلفة هي العمليات الإدارية التي يقوم عليها العمل الإداري وباختصار هي:
[1] التخطيط:
يعتبر التخطيط الأساس للوظائف الإدارية الأخرى، ويوجد التخطيط في كل الأنشطة الفردية والجماعية ويعرف التخطيط بأنه: (اختبار وربط الحقائق بعضها بعضاً ووضع الفروض أو الافتراضات المتعلقة بالمستقبل فيما يتعلق بتحديد الأنشطة الواجب القيام بها من أجل تحقيق النتائج المرجوة)( ).
وأهم أنواع التخطيط هي :
(أ) التخطيط قصير الأجل (ب) التخطيط متوسط الأجل (ج) التخطيط طويل الأجل.
مفهوم التخطيط:
إن التخطيط كما سبق تعريفه بأنه هو التقرير المقدم لما يجب عمله ، وكيف يمكن عمله ، ومتى يمكن عمله ، ومن الذي يقوم بالعمل ، وكذلك هو افتراضات لما ستكون عليه الأحوال في المستقبل ، ثم وضع خطة تبين الأهداف المطلوب الوصول إليها ، والعناصر الواجب استخدامها لتحقيق الأهداف ، وكيفية استخدام هذه العناصر ، وخط السير والمراحل المختلفة الواجب المرور بها ، والوقت اللازم لتنفيذ الأعمال .
وكثير من العلماء يختصرون تعريف التخطيط في الأسئلة الآتية:
1- أين نحن الآن ؟
2- إلى أين نريد أن نذهب؟
3- كيف نصل إلى هناك ؟
واضح أن هذه الأسئلة تتحدث عن التعريفات السابقة ، حيث أشارت إلى الوضع الحالي أي الإمكانات المتاحة ، كما أشارت إلى نقطة الوصول ، وأشارت كذلك إلى الترتيبات اللاَّزمة والوسائل التي يجب أن تتخذ للوصول إلى الغاية التي يُرمى إليها ، وهذا كلّه يتطلب الامكانات المادية والبشرية . إن التخطيط ليس رجماً بالغيب فالغيب لا يعلمه إلاّ الله ولكنّ التخطيط هو استقراء للماضي واستدلال بأحداثه لتصور ما قد يحدث في المستقبل .
كيف نبهنا القرآن الكريم للتخطيط ؟
قال تعالى في شأن التخطيط للحرب : وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ( ) .
يستنبط من هذه الآية معنى عَام وهو أنه في التخطيط لا بدّ من تحديد الأهداف وفقاً للإمكانات البشرية والمادية المتاحة ، وتحديد الأهداف من أهم أولويات التخطيط وإعداد القوة لا يعني قوة السلاح فقط وإنما يعني إعداد القوة مطلقاً في السلم والحرب فالطاقة الكهربائية والنووية وغيرها يحتاج إليها الإنسان في السلم بصورة أكبر؛ والإسلام دائماً يحث على استخدام العلم لصالح الإنسان وخيره لا لدماره وشرّه – وكلمة قوة نكرة والنكرة تفيد العموم كما هو معلوم عند النحاة.
والإشارات في القرآن للتخطيط كثيرة منها قوله سبحانه وتعالى : قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ( )، وكذلك قوله تعالى في شأن التخطيط: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا( )، وقد ذكر بعض العلماء في شأن التخطيط الوارد في هذه الآية ( إنه توجيه رباني للتخطيط للآخرة ، فالهدف هو ابتغاء حسن العاقبة في الدار الآخرة باستغلال الإمكانات المتاحة التي أنعمها الله علينا من غنى وخير في الدار الدنيا)( ).
من كل ما ذكر يفهم أن التخطيط مهم في الحياة وجعلها مطية للآخرة ولعلَّ من أهمّ الوظائف التي تحتاج للتخطيط عند معلمي القرآن الكريم هو الإعداد للمحاضرات التي تعدّ الإنسان للمستقبل وإعداد الإنسان هو العنصر الأساس في التنمية بأنواعها المختلفة ، فمن الضروري إهتمام الإنسان بالمستقبل حتى ترفرف الرفاهية للأجيال المقبلة ، فقد ورد عن الرسول في الحديث الذي رواه عامر بن سعد بن أبي وقّاص ما نصه : عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه قال رسول الله : (إنك أن تذر وَرثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون النّاس)( ).
كل النصوص التي وردت من القرآن الكريم والسنة المطهرة توضح أهمية التخطيط وخطواته وتحض عليه . فمعلم القرآن أولى من غيره ، بالالتزام بالقرآن الكريم والسنة المطهرة والاستفادة منهما في عمله والتأصيل له تخطيطاً وترتيباً.
التخطيط والخطة:
فإذا كان التخطيط هو العمل المستقبلي المستمر فالخطة هي بداية تنفيذ التخطيط حيث يقسم العمل المخطط له إلى خطط بأزمنة مختلفة ، والخطة تقسم إلى برامج والبرامج إلى مشروعات . ولتكون الخطة جيدة لا بدّ من أن تتوافر فيها الشروط الآتية:
1/ الوحدة : لا بدّ من خطة موّحّدة للمشروع الواحد تتفرع إلى برامج ومشروعات ، كما يجب أن تتكامل مع الخطة الرئيسة للمؤسسة ، وفي موضوعنا هذا لا بدّ أن تتوحد خطة التدريس في حلقات القرآن الكريم مع الخطة الكلية للجامعة .
2/ الاستمرار: يجب أن تكون الخطة مستمرة ، بمعنى أن يكون التخطيط مستمراً وفي كل مرحلة تؤخذ منه الخطط المناسبة للظرف ذاته ولموضوعه ، فالتخطيط لحلقات القرآن يجب أن يكون مستمراً وفي كل مرة يستفاد من التجارب، ومن ملاحظات الطلاب ليكون التخطيط مغطياً لكل الجوانب .
3/ المرونة : ومعنى مرونة الخطة أن تكون قابلة للتكيف مع المتغيرات والظروف الداخلية والخارجية، ويعني هذا أن تغير موضوع الدرس للظروف التي فيها أو لحاجة الظرف الذي أنت فيه أو طلابك.
4/ الدقة: ويقصد بها مدى مطابقة بيانات التنبؤ بواقع المستقبل ، فإذا كان هناك فرق كبير بين التنبؤ وواقع المستقبل تكون الخطة غير دقيقة ، فلذلك لا بدّ من التفكير والانطلاق من الأسئلة التي ذكرت في التعريف (أين نحن ؟ إلى أين نريد أن نذهب ؟ كيف نصل إلى هناك).
5/ السِّرية: أن تكون بعيدة عن متناول أيدي كل النّاس إلاّ المأذون لهم والذين يعملون في إطارها حتّى لا تكون مشاعة لكل النّاس ، وحتى لا يساء استخدامها ووضعها في غير موضعها.
ووضع الخطط واضح في سيرة الرسول حيث خطط للهجرة النبوية ، ولفتح مكة وغيرها . وهذا يعني أن معلم القرآن الكريم لا بدّ أن يخطط لتدريسه ، و يحدد خططه بأزمنة معينة حتى يكون مثالاً لغيره في التخطيط والاستفادة من كل مستجدات العصر التي أوجدها الله سبحانه وتعالى – ليستفيد منها المسلمون في كل شئون حياتهم .
[2] التنظيم:
مدخل:
التنظيم يعنى بجمع وتقسيم أعمال المنظمة وأوجه نشاطها في وحدات إدارية وطبقاً لمبادئ وأسس معينة ، وتحديد خطوط المسئولية والسلطة والعلاقات الوظيفية بين الأقسام)( ). وهذا يعني ترتيب العمل وتقسيم عناصره بين القوى العاملة في المنظمة وكذلك الموارد ، كما يعني وضع الأشياء في أماكنها ، والأشخاص في أماكنهم ، وربط الأشياء بعضها ببعض، والأشخاص بعضهم ببعض بهدف تكوين وحدة متكاملة ؛ ومعلموا القرآن يحتاجون لتنظيم طلابهم وتجليسهم بالصورة المطلوبة.
* مفهوم التنظيم:
التنظيم لغة:
التنظيم لغة يعني التأليف ... نظمه نظماً فانتظم ، وأي شئ قرنته بآخر أو ضممت بعضه إلى بعض فقد نظمته . والنظام ما نظمت فيه الشئ من خيط وغيره ... والجمع أنظمة وأناظيم ، والنظام الإتساق ومنها تناظمت الصخور : تلاصقت( ) .
قال الفيروز أبادي : (النظم : الأليف ، وضم كل شئ إلى شئ آخر ... والنظام كل خيط يجمع فيه اللؤلؤ ونحوه ... والجمع أناظيم ونظم)( ).
من الشرح أعلاه ، نجد أن المعنى اللّغوي يشتمل على :
1/ التأليف .
2/ الجمع في نظام أوسلك .
3/ الإتساق .
4/ التلاصق .
5/ الضم .
التنظيم إصطلاحاً :
اختلف علماء الإدارة في تعريف التنظيم ، كما أورد بعضهم أنه : (لم يحدث اختلاف بين رواد الفكر الإداري حول مفهوم من مفاهيم الإدارة كما حدث لمفهوم التنظيم) .
ولتوضيح تعريف التنظيم عند العلماء نورد بعضاً منها :
1/ قال جيمس موني : (التنظيم هو الطريقة التي يتم بموجبها التعاون الإنساني من أجل تحقيق هدف مشترك .
2/ وقال بعضهم : (التنظيم هو الوسيلة التي ترتبط بها أعداد كبيرة من البشر يستحيل على أفرادها الإتصال المباشر وينهضون بأعمال معقدة ويرتبطون معاً في محاولة واعية منظمة لتحقيق أغراض متفق عليها .
3/ ويقول آخرون في تعريف التنظيم بأنه : ( توزيع المسئولية بين العاملين بشكل يضمن أقصى درجة من الكفاية في تحقيق الأهداف ).
من التعريفات المذكورة نلاحظ أنها تتفق حول معاني مختلفة منها :
1- الاتفاق حول الهدف أو الأهداف .
2- الأعمال التي تقود لتحقيق الأهداف .
3- ربط الأفراد الذين يعملون في المنظمة والتنسيق بينهم .
4- ممارسة الأفراد لأعمال تقود لتحقيق الأهداف .
أهمية التنظيم :
يأتي التنظيم في الأهمية بعد التخطيط في وظائف الإدارة ، وبمقتضاه ترتب الوظائف وتوصف، كما توضح مهام كل وظيفة (الوصف الوظيفي) التي تحدِّد حدودها وعلاقتها مع غيرها من الوظائف ، وكذلك نطاق الاشراف بمعنى عدد المرؤوسين الذين يستطيع أن يشرف عليهم وعلى أدائهم ، وفي هذه الحالة التي نحن بصددها يقصد تحديد عدد الطلاب في الحلقة التي يشرف عليها معلم القرآن الكريم بطريقة مناسبة تمكنه من الإحكام والضبط وتحقيق الفائدة في الحفظ .
من هذا المدخل تتضح أهمية التنظيم في الآتي :
1/ يفهم كل شخص وظيفته من الوصف الوظيفي بمعنى أن المشرف يعرف واجبه ، المعلم يعرف مهمته ، والطالب يعرف الواجب الذي يقوم به .
2/ يوضع كل شخص في مكانه المناسب حسب مواصفات الوظيفة ، فالمشرف يعرف مكانه حينما يدخل القاعة ، والمعلم يعرف مكانه أمام الطلاب يراقبهم ويدرسهم ويكون لهم شمعة تخترق لتضيئ لهم الطريق ومثالاً في اللبس والانضباط . وكذلك الطالب يعرف مقعده ويلتزم الهدوء فيكون هادئاً وديعاً إذا جلس ، ولبقاً مهذباً إذا سأل ، ورشيقاً حفيفاً إذا أجاب .
3/ يعرف كيف يخاطب المعلم طلابه ، كما يعرف الطالب كيف يسأل معلمه بأدب واحترام .
4/ يعرف الطالب أن قائده ورئيسه في هذه الحلقة هو المعلم الذي يدرسه فيكن ُّ له الود ويعامله باحترام ولا يخرج إلا بإذنه ، ويعرف كذلك المعلم أنه هو قائد لهذه المجموعة من الطلاب فيخطب ودهم ويكسب ثقتهم فيكون لهم بمثابة الوالد العطوف والقائد الذي لا يكذب أهله والشيخ الذي لا يحسد تلاميذه إذا تفوقوا عليه .
5/ تحدد المسئوليات فيعرف الطالب واجبه فيلتزم بما يوجهه إليه المعلم طاعة وعبادة لله سبحانه وتعالى الذي أمر الناس بعبادته في كل جوانب الحياة بإخلاص النية ، وصحة المنهج ، وكذلك يعرف المعلم واجبه في إدارة الحلقة إدارة حكيمة تتسم بالعدل والمساواة بين الطلاب مع تأكيد أنّ الإنضباط مهم ، وكذلك الاهتمام بالمظهر والمخبر ، وأن يتبع القول بالفعل فإذا قال لهم احفظوا يجب أن يكون حافظاً وإذا قال لهم اهتموا بالحضور المبكر يجب أن يكون أول الحاضرين ليكون قدوة صالحة وأسوة حسنة لهم كمال كان الرسول مع أصحابه ، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ)( ).
خطوات التنظيم في الحلقة :
يبدأ التنظيم من حيث انتهى التخطيط ؛ فالتخطيط ينتهي باتخاذ القرار الذي يحدد الهدف الأساس للحلقة وهو تحفيظ الطلاب مقرر القرآن الكريم .
فبعد تحديد الهدف لا بدّ من توضيح الطريقة التي توصل إلى تحقيقه ، وهذا يعني إتخاذ القرار والبداية في تنفيذه .
يبدأ المعلم في تحليل الهدف إلى أهداف صغيرة ، وكذلك يحول الأهداف العامة إلى أهداف خاصة وسلوكية ، وينفذها من خلال المحاضرة في الحلقة ، حيث يبدأ بالخطوات التنفيذية من تمهيد ، وعرض ، وإغلاق وتقويم للمحاضرة من خلال الأسئلة التي يوجهها للطلبة ليعرف مدى استيعابهم للمحاضرة وما قيل فيها .
إشارات القرآن الكريم للتنظيم :
في إشارة إلى التنظيم الذي يقوم عليه مجتمع المؤمنين ، حيث يرأس بعضهم بعضاً ، وحتى تنتقل الأوامر والنواهي فيما بينهم بتسلسل ، ويؤدي كل منهم واجبه المفروض عليه ، وبذلك ينصلح حال المجتمع ويسود بين المؤمنين التناصح ، وكل يؤدي واجبه الفردي من إقامة للصلاة وإيتاء للزكاة طاعة لله عز وجل ولرسوله ، كما يؤدي واجبه الجماعي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو قمة الطاعة وإصلاح المجتمع ، قال تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ)( ).
والتنظيم يتضح تماماً في الصلاة وقت الحرب ، قال تعالى : (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ )( ) .
هذه الآية توضح الطريقة التي تكون عليها صلاة الخوف في الحرب ويخاطب المولى عز وجلّ رسوله بالآية أعلاه منبهاً إياه لتنظيم أمره حتى لا تفوت الصلاة في الجماعة ويحذر من الكافرين خوفاً من غدرهم . والمقصود ، قال سيد : ( إذا كنت فيهم أيها النبي فأممتهم في الصلاة ، فلتقم طائفة منهم تصلي معك الركعة الأولى ، على حين تقف طائفة أخرى بأسلحتها من ورائكم لحمايتكم ، فإذا أتمت الطائفة الأولى الركعة الأولى ، رجعت فأخذت مكان الحراسة ، وجاءت الطائفة التي كانت في الحراسة ولم تصل ، فلتصل معك ركعة كذلك . وهنا يسلم الإمام إذ يكون قد أتم صلاته ركعتين . عندئذ تجيء الطائفة الأولى فتقضى الركعة الثانية التي فاتتها مع الإمام وتسلم - بينما تحرسها الطائفة الثانية – ثمّ تجيء الثانية فتقضى الركعة الأولى التي فاتتها وتسلم – بينما تحرسها الطائفة الأولى ... وبذلك تكون الطائفتان قد وصلتا بإمامة الرسول ، وكذلك مع خلفائه ، وأمرائه ، وأمراء المسلمين منهم في كل معركة)( ). وفي السنة وردت إشارات للتنظم منها ، قال رسول : (أيما رجل استعمل رجلاً على عشرة أنفس ، علم أن في العشرة أفضل ممن استعمل ، فقد غش الله وغش رسوله وغش جماعة المسلمين)( ).
في هذا الحديث إقرار لمبدأ مهم من المبادئ التي يقوم عليها التنظيم وهو الترتيب ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب .
بعد شرح أهمية التنظيم وبيانها والأسس التي يقوم عليها نشير إلى أنه لا بدّ من الاستفادة منه في تنظيم وترتيب حلقات القرآن الكريم من حيث الضبط والعطاء والعدل بين الطلاب في توزيع الفرص أثناء المحاضرة .
ركائز التنظيم في الإدارة التعليمية :
يقوم التنظيم في الإدارة التربوية والتعليم على الركائز الآتية :
1/ العنصر البشري ويشتمل على الطلبة والآباء وهيئات التدريس وغيرهم من الموظفين والعمال .
2/ العنصر المادي : ويشتمل على النقود ، والمباني ، والآثاثات ، والتجهيزات والمكتبات والمعامل والورش .
3/ الأفكار والآراء : وهي التي تضح في المناهج والمقررات الدراسية (المنهج النشاط داخل القاعات وخارجها) ، وطرق تدريس ، والمبادئ والقوانين ، وغيرها من الأشياء التي يحتاج إليها المجتمع ، والتي لها آثار على العملية التربوية والتعليمية ، وبذلك يمكن تصور عملية التنظيم في الإدارة التعليمية كما في الشكل التالي :
-أهداف تعليمية - تحديد الأعمال - تنظيم فعّال يؤدي
- بيانات ومعلومات - تقسيم الأعمال إلى مستويات إلى تحقيق الأهداف
- أفكار وآراء - ايجاد علاقة بين المستويات التعليمية
- مبادئ وقوانين المختلفة
- رؤية وفلسفة
- عناصر من القوى البشرية
والموارد المادية
- الوقت
Feed Back
تغذية راجعة
[3] التوظيف:
يعني مهمة وضع الأشخاص في المواقع المناسبة لهم ووضع الوصف الوظيفي لهم ولوظائف إداراتهم التي يقومون عليها ، وحالة حلقات القرآن الكريم أن يعرف المعلم وصفه الوظيفي ويؤدي وظيفته على أكمل وجه ويكون قدوة صالحة في ذلك لطلابه.
[4] التوجيه:
يشتمل على المتابعة والإشراف وهو الإشارة للبداية والتنفيذ والمتابعة لتحقيق الأهداف، وقد عرّفه علماء الإدارة بتعريفات كثيرة ومتعددة نأخذ منها :
قال سيد هواري : (هو اتصال بالرءوسين وإرشادهم وترغيبهم للعمل لتحقيق الأهداف)( ). وقال عساف : (التوجيه هو العمل الدائب لرجل الإدارة أثناء التنفيذ ، حيث يواجه المشكلات ، ويقوم المعوج من الأمور ، ويحقق التعاون بين العاملين ، ويدعم روح الفريق الواحد بينهم ، ويجعل الجميع راضين عن عملهم والظروف المحيطة بهم ، ويحقق الكفاية المستمرة في مستوى الأداء)( ).
من التعريفين السابقين يتضح أن التوجيه يعني :
1- الاتصال من الرئيس بالمرؤوسين.
2- الإرشاد.
3- الترغيب في العمل.
4- حل المشكلات.
5- تقويم المعوج.
6- دعم روح الفريق.
7- تحقيق التعاون بين العاملين.
8- الرضاء عن العمل.
9- تحقيق الكفاية المستمرة في مستوى الأداء.
10- تحقيق الأهداف.
فإذا حاولنا تطبيق هذه النتائج التي استنتجها الباحث من التعريفات التي ساقها ، يجدها تنطبق على حلقات القرآن الكريم ، فالإتصال من معلم القرآن بطلابه أمر مستمر ، والإرشاد والترغيب لهم هو جزء أصيل من عمله ، وحل المشكلات والتقويم هي التي بها يعرف نقاط الضعف والقوة ، وتحقيق التعاون بين الطلبة يجعلهم يساعدون بعضهم بعضاً ممّا يضفى الرضاء التام ، وبه تكون الأهداف المرسومة قد تحققت ، وهنا يكون معلم القرآن قد استفاد فائدة عظيمة من هذه الوظيفة الإدارية وظيفة التوجيه التي بها يستطيع أن يحقق عمليات إدارية أساسية . ومعلم القرآن يدرس طلابه ويوجههم ويدعوهم إلى حفظ القرآن والعمل به ، والله سبحانه وتعالى قد وجّه نبيّه وأمته لاستخدام الحكمة في الدعوة ، فمن باب أولى معلم القرآن مع متعلمي القرآن ، قال تعالى : (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)( ).
من العرض السابق اتضح التوجيه الرائع للقادة والمرؤوسين ، وحث الإسلام لهم على الإنتاج وتحقيق الأهداف ، التي يسعون إلى تحقيقها ، كما تبين أيضاً أن وظيفة التوجيه تقوم على ركائز أساسية متداخلة مع بعضها بعضاً ، وهي : الاتصال والقيادة ، ورفع الروح المعنوية ، والتعاون، وكلها ركائز يحتاج إليها معلم القرآن الكريم في توجيه طلابه .
المبحث الثالث
الإدارة التربوية ( المفهوم والخصائص والعوامل المؤثرة عليها)
مدخل:
إن تاريخ الإدارة التربوية بدأ مع بداية تاريخ حياة الإنسان ، فالإنسان منذ نشأته يحتاج للتربية كما يحتاج للأكل والشرب ، قال عبود : (وجدت الإدارة التعليمية شأنها شأن الإدارة والتربية مع بداية الحياة الإنسانية على الأرض منذ ما يقرب من مليون سنة)( ).
إدارة التربية في عصر ما قبل التاريخ:
يقصد بعصور ما قبل التاريخ تلك الحقبة التاريخية التي كان يعيش فيها الإنسان حياة بدائية . كانت حياته أقرب ما تكون لحياة الحيوان. من حيث السكن والإعاشة.(يسكن الكهوف والجحور ويأكل اللحوم النية)( ).
في تلك الحقب كانت تربية الإنسان يحددها الأب والأم. ( وهكذا كان الأب والأم يمثلان أول مدرسين عرفهما التاريخ)( ).
بعد اكتشاف النار بدأ الإنسان يأكل اللحوم الناضجة كالإنسان المتحضر الحديث، ثم بدأت عملية التجمع على المياه وكذلك الاستئناس والعيش في جماعة بشرية.
أصبحت حياة الإنسان في شكل تجمعات ضرورية للأمن ولقمة العيش ، لأن حياة الجماعة هي مصدر ما يتمناه الإنسان من أمن ، سواء في مجابهة قوى الطبيعة المختلفة أو مجابهة إنسان آخر.
بعد أن تجاوز الإنسان تلك الفترة من تاريخه أصبح في حاجة لتنظيم حياته ونشأت المنظمات؛ وأصبحت كل منظمة تحتاج إلى تنظيم مناشطها وتوظيفها حسب الحاجة .
وهنا لابّد من الإشارة إلى أن الإدارة التربوية هي جزء من الإدارة ؛ فإذا كانت الإدارة؛ (هي الخاصة بتحديد النتائج المطلوب الوصول إليها ، والعمل على تحقيقها عن طريق وبوساطة جهود الجماعة بالاستخدام الفعال للأفراد والموارد الأخرى)( ). فإن الإدارة التربوية هي الخاصة بتحديد النتائج التربوية المطلوب الوصول إليها .
أو التعريف الآخر؛ إن (الإدارة هي التخطيط والتطبيق)( ).
من التعريفين السابقين يلاحظ الباحث الآتي:
1- إن الإدارة هي تحقيق أهداف للمؤسسة.
2- إن الإدارة هي موارد مادية وقوى بشرية تستخدم بأسلوب ما لتحقيق هذه الأهداف التي تهم الفرد والجماعة.
3- النشاط الإداري الذي يحقق الربط بين ما يسعى الفرد لتحقيقه من ما لديه من موارد وقيود مفروضة عليه.
يقصد بالربط الأسلوب أو الطريقة التي تستخدم بها الموارد لتحقيق الأهداف على أحسن درجة.
من كل ما ذكر يُفْهم أن الإدارة هي إنجاز الأهداف وتحقيقها ؛ وبما أن الإدارة التربوية ارتبطت بالتربية فهي تعني إنجاز الأهداف التربوية وتحقيقها ؛ وبما أن الإدارة التربوية تعمل للأهداف التربوية وتحقيقها وبالتالي تصبح الإدارة التربوية هي إدارة ذات أهداف خاصة يراد تحقيقها وكل ما ينطبق على الإدارة من تعريفات وعمليات تنطبق على الإدارة التربوية.
(تتعلق إدارة التربية بالإدارة العامة من جهة معناها وأسلوب عملها بشكل كبير، فإدارة التربية – كالإدارة العامة – مسألة تتعلق باتخاذ القرار، وتنفيذه على أكمل وجه ممكن بما يحقق نجاح نظام التربية في أداء مهمته)( ).
مفهوم الإدارة التعليمية والإدارة التربوية والإدارة المدرسية:
هذه المفاهيم الثلاثة تختلط معانيها على الناس للتشابه الكبير بينها، وكذلك لابّد من التوضيح من أن مفهوم الإدارة التعليمية، ومفهوم الإدارة التربوية لغة لا يختلفان باعتبار أن الكلمة كلمة تعليم هي ترجمة للكلمة الإنجليزية Education وكذلك كلمة تربية أيضاً ترجمة لكلمة Education أما الإدارة المدرسية فهي واضحة school Administration وتعني حصرها في المدرسة، ولكن الاستعمال الاصطلاحي أعطى المصطلحين إدارة تربوية وإدارة تعليمية اختلافا رغم أنهما يكملان بعضهما بعضاً.
الواقع أن المفاهيم الثلاثة قد شاع استخدامها في الكتب والمؤلفات التي تتناول موضوع الإدارة في ميدان التعليم. وقد تستخدم أحياناً على أنها تعني شيئاً وأحداً ويبدو أن الخلط في هذه التعريفات يرجع إلى النقل عن المصطلح الأجنبي Education الذي ترجم إلى العربية بمعنى (التربية) أحياناً و(التعليم) أحياناً أخرى، وقد ساعد ذلك بالطبع على ترجمة المصطلح Educational Administration. إلى الإدارة التربوية تارة، والإدارة التعليمية تارة أخرى على أنهما يعنيان شيئاً واحداً،وهذا صحيح بيد أن الذين يفضلون استخدام مصطلح ( الإدارة التربوية) يريدون أن يسيروا مع الاتجاهات التربوية الحديثة التي تفضل استخدام كلمة (تربية) على كلمة ( تعليم) باعتبار أن التربية أشمل وأعم من التعليم. وأن وظيفة المؤسسة التعليمية هي التربية الكاملة وبهذا تصبح كلمة الإدارة التربوية مرادفة لكلمة الإدارة التعليمية)( ).
في بعض البلاد مثل السودان تستخدم كلمة الإدارة التربوية بصفة العموم والاتساع؛ وتستخدم الإدارة التعليمة بالمعنى الفني فقط أي أن الإدارة التعليمية تأتي بعد الإدارة التربوية في التنظيم الإداري.
خصائص الإدارة التعليمية:-
هناك عدد من العناصر المشتركة بين الإدارة التعليمية وميادين الإدارة الأخرى مثل الإدارة العامة وإدارة الأعمال وإدارة الصناعة وغيرها. هناك مفاهيم وعناصر مثل التخطيط والتنظيم وغيرها من عناصر الإدارة تنطبق على الأنواع المختلفة من الإدارة. (فقد ثبت أن هناك عناصر ومفاهيم يمكن تطبيقها بصفة عامَّة على كل ميادين الإدارة) .
وكما أن أنواع الإدارة المختلفة تشترك في المفاهيم العامة والعناصر الأساسية إلا أن كل إدارة لها بعض الخصائص تميزها عن غيرها.
العناصر المميزة للإدارة التعليمية:
[1] ضرورتها الملحة: أي أن لها خدمات تقدمها مرتبطة بالمنزل وآمال الآباء وتطلعاتهم لنجاح أبنائهم وإحسان تربيتهم ، وكذلك الحاجة لايجاد الإنسان الصالح لنفسه والمصلح لغيره .
[2] المنظور الجماهيري: إن اهتمام الجماهير بموضوع التربية يرجع لاتصاله بفلذات أكبادهم وأغلى استثماراتهم؛ وكل هذا ترعاه الإدارة التعليمية وفروعها.
[3] تعقد الوظائف والفعاليات: إن عملية التعليم لارتباطها بالمجتمع فهي أكثر تعقيداً من أي مؤسسة أو منظمة تعمل في مجال التجارة والصناعة. ( وهذا التعقيد يؤدي إلى كثير من المشاكل التنظيمية والتنسيقية. وإلى جانب هذا فإن تعقيد القيم الاجتماعية يجعل الإدارة التعليمية في موقف حرج)( ).
[4] إلفة العلاقات الضرورية: إن العلاقات بين المعلمين والإدارة والتلاميذ ، والعلاقات بين التلاميذ فيما بينهم تمثل ضرورة إلفة العلاقات الإنسانية في مجتمع المنظمة التعليمية.
[5] التأهيل الفني والمهني للعاملين: إن المعلمين يشترط فيهم توافر حصولهم على المؤهلات العلمية ، كما يجب على الإدارة التعليمية أن تعدهم مهنياً وفنياً للقيام بواجبهم نحو التلاميذ ، فلذلك نجد أن العملية الإدارية التعليمية مدخلاتها بشر، والعمليات تُجري في بشر، والمخرجات هي الأخرى بشر مع تدريبه وإعداده بالتعليم والتدريب
بشر غير مدرب، (تعليم، وخبرات، بشر مزود بخبرات ومعارف
وليس له خبرة ومهارات) ومهارات
4-مشكلات القياس والتقويم :
تحتاج الإدارة التربوية في كل عملياتها للقياس والتقويم التربوي ولذلك يكون القياس والتقويم في العمليات التعليمية في الجوانب الآتية:
(أ) المعلم ويكون التقويم بوساطة المسئولين والطلبة والأقران والتقويم الذاتي.
(ب) المتعلم ويكون القياس والتقويم في الاختبار التحصيلي، وكذلك في النمو الاجتماعي.
(ج) المنهج : ويكون بالملاحظات من المسئولين على محتويات المنهج داخل القاعات والنشاط خارجها.
(د) البيئة التعليمية: وهي كل ما يتعلق بالإدارة ، والعاملين بها بمستوياتهم المختلفة ، وكذلك القاعات، والمكاتب، والمعامل، والساحات، والملاعب وغيرها من خدمات مختلفة.
من هذا يفهم أن القياس والتقويم في المؤسسات التعليمية يكون صعباً ومعقداً لكنه ضروري ومهم وبدونه يصعب تحديد السلبيات والايجابيات والحكم على تحقيق الأهداف وإصدار القرارات الإصلاحية لتطوير المؤسسة وإصلاح بنياتها.
5-التحكم النوعي:
إن الطلاب في المدرسة يكونون مختلفين، ولهم فترات يلزمون بقضائها في المدرسة بصرف النظر عن الاستفادة في هذه الفترة؛ ولكن المدرسة مطلوب منها أن تراعي أحوال الطلاب وتهيئ لهم الفرص. (وتعني الإدارة التعليمية بالفروق الفردية، من حيث إنها تقدم لكل فرد حسب استعداده، وقدراتها مثلها كما في حالة شراء المواد الاستهلاكية للفرد)( )، فمراعاة للفروق الفردية يجب التحكم النوعي بمعنى أن يجد كل إنسان ما يناسبه في حدود ما تقتضيه العملية التربوية.
* العوامل المؤثرة في الإدارة التعليمية:-
يتأثر التعليم بسياسة الدولة تجاه التعليم خاصة فيما يتعلق بمركزية الإدارة ولامركزيتها؛ حيث إنّ المركزية تعمل على سد النَّقص في الموارد المحلية، أما اللامركزية تعتمد على الايمان بحرية الاختيار وبقيمة الفرد في ذاته، وأن الأفراد يختلفون فيما بينهم في القدرات والاستعدادات.
وغير المركزية واللامركزية نجد أن هناك عوامل رئيسة مؤثرة في الإدارة التعليمية منها :
1- العوامل الاجتماعية والسكانية : وهذه عبارة عن عوامل تتعلق بالتمدن أو العمران أو الظروف السكانية، والضغوط الاجتماعية الناتجة عن المعيشة والعلاقات.
2- العوامل الطبيعية والجغرافية والاقتصادية: تتأثر الإدارة بالعوامل الطبيعية والجغرافية، مثل؛ المناخ وشدة البرد في بعض الدول وشدة الحر في دول أخرى تؤثر في الإدارة التعليمية ونظمها، التي تفرضها ،كما أن العوامل الاقتصادية مثل المشكلات المالية التي تواجهها الإدارة التعليمية حيث تعوق هذه المشكلات التنمية التعليمية وما يرتبط بها من زيادة في الإنفاق والتكاليف، حيث الإدارة التعليمية دائماً مطالبة بالتحسين.
3- العوامل السياسية: تتأثر الإدارة التعليمية بسياسات الدولة لأنها دائماً هي مربوطة بسياسات الدول التي تنزلها على الوزارة المختصة حيث إن الإدارة التعليمية هي تحت مسؤولية الوزير المختص والذي يمثل جزءاً من سياسة الدولة.
* وظائف الإدارة التعليمية وعملياتها الرئيسية:-
إن الإدارة التعليمية هي فرع من فروع الإدارة ووظائف الإدارة العامة من تخطيط، وتنظيم، وتوظيف وإشراف، وتوجيه وقرارات وتقويم، هي وظائف الإدارة التربوية مع اختلاف عملية التوظيف والإجراءات لهذه العناصر بإعتبار أن الأهداف في حالة الإدارة التعليمية هي أهداف تربوية محددة تعمل على توصيل المادة والمعرفة للطلبة وكذلك إكسابهم المهارات، وتدريبهم على النظريات ليصبح التنظير عملاً تطبيقياً فلذلك لابّد من أن يكون التوظيف على أسس تربوية.
* القيادة الإدارية في التعليم:
إن نجاح المؤسسة التعليمية وفشلها ينسب إلى القيادة الإدارية التربوية أو القيادة الإدارية في التعليم.
* القيادة لغة:
ورد في لسان العرب (القوْد نقيض السوْق)، يقود الدّابة من أمامها ويسوق من خلفها)( ).
إن هذا التعريف اللغوي للقائد يضع على كاهله عبئاً ثقيلاً يتطلب التميز بصفات معينة لأنه هو الذي يجب أن يؤثر في قواعده وتقوي الثقة بينه وبينها لتحقق المؤسسة أهدافها.
تعرف القيادة بأنها: (هي فن التأثير في الأفراد وتوجيههم بطريقة يمكن منها كسب طاعتهم واحترامهم وولائهم وتعاونهم وصولاً إلى تحقيق أهداف المنظمة)( ).
هذا التعريف يوضح أن القيادة لابّد أن تكون قدوة للعاملين لتكسب طاعتهم وتعاونهم لتحقيق أهداف المؤسسة.
* أهمّ وظائف القائد الإداري التربوي:-
1- التخطيط للأهداف التربوية القريبة المدى، والمتوسطة المدى، والبعيدة المدى، وكذلك التخطيط للعملية التربوية. بحيث تكون الأهداف واقعية، ممكنة التحقيق.
2- تميز القائد بالأفكار الإبداعية ليكون مبتكراً ومبادراً.
3- التميز بالخبرة الإدارية التربوية التي تعينه قي حل المشاكل.
4- صيانة بناء الجماعة، من حيث علاقات الود والتجاذب والتعاون وطرق الاتصال المنظم بين الأعضاء.
5- أن يكون صورة للأب ورمزاً مثالياً للتوحد.
هذه الوظائف يجب أن يعلمها معلم القرآن الكريم بإعتباره قائداً إدارياً تربوياً للحلقة القرآنية.
* أهم صفات القائد الاداري التربوي ومقوماته:-
النية، والايمان، والتقيد بالشريعة الاسلامية، والإخلاص، والشورى، والفهم ، والقدوة الحسنة، والاسوة الصالحة، والقوة، والأمانة، والحفظ، والعلم، الرفق بالرعية والشفقة عليهم، والاجتهاد في معرفة الاصلح، والابداع والمبادرة والمبادأة ، والكياسة ، والصلاح ، وجماعية القيادة ، والاجتهاد ، والعزيمة، والموضوعية، والرحمة والاخلاق ، والرقة، والتواضع ، والصبر، والتوكل، والمهابة، والعلم، والفصاحة ، والبيان، والاصطفاء، والهوّية، والانتماء ، والمنهجية ، والشجاعة في الرأي، والحكمة، وإستدامة البحث عن التفوق وانجاح المؤسسة، والشجاعة والجرأة في إتخاذ القرار، والتفاؤل بالمستقبل وعدم الإحباط، والاهتمام بآراء الآخرين والاستفادة منها، ومحاولة نسبة النجاح للمؤسسة، وتجنب الاستعداء والسلطة، وحسن الاستماع والتجاوب، والحركة وعدم السكون، وإدارة الخلاف ، والدقة في المتابعة. هذه صفات يجب أن توجد في كل القيادات التربوية ومن باب أولى في معلم القرآن الذي يدرسها من خلال القرآن الذي يدرسه والسنة التي تشرحه.
* الفرق بين القائد والرئيس الإداري:-
القائد هو الذّي يقود معتمداً على علاقته بالقاعدة وثقتهم فيه وهي التي تؤهله لذلك ؛ أما الإداري فهو الذي يعتمد على القوانين واللوائح التي تسنده في إدارة مؤسسته.
ومعلم القرآن الكريم هو الذي يقود طلاب الحلقة ويدير شؤونهم، فلذلك لابّد أن يتحلى بصفات القائد التي تقوي الثقة بينه وبين طلابه ليقودهم بسهولة، ويحتاج لمعرفة الإدارة والنظم، والقوانين ، واللّوائح، التي تساعده في الضبط، وإتخاذه الاجراءات اللاّزمة حين الحاجة إليها.
المبحث الرابع
حلقات تحفيظ القرآن الكريم وطرق التحفيظ فيها:
إن القرآن الكريم كلام الله سبحانه وتعالى، أنزله عربياً مبيناً، ليخرج النّاس من الظلمات إلى النّور، وعلمه الإنسان بياناً فصيحاً يتعبد به ويتحاكم إليه، أُنْزِل على الرّسول منهجاً متكاملاً ومعجزة خالدة ليكون للعالمين نذيراً، ومصدراً مهيمناً على كل مصادر التشريع قال أحمد على الإمام: ( هو الأصل المهيمن على مصادر التشريع لاستنباط الأحكام، وماسواه يأخذ مشروعيته وصوابه منه)( ).
أُنزل القرآن الكريم ليُتَعلم وليُعمل به، ولذلك حري بالمسلم أن يتعاهده تلاوة وحفظاً له ولابنائه، وأن يحرص على تعليم أبنائه للقرآن منذ الصّغر حتّى يشبّوا عليه حفظاً وعملاً بمنهجه قال ابن خلدون: ( إعلم أن تعليم الولدان للقرآن شعار الدين أخذ به أهل الملّة ودرجوا عليه في جميع أمصارهم لما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده من آيات القرآن وبعض متون الأحاديث؛ وصار القرآن أصل التعليم الذي يبنى عليه ما يحصل بعد من الملكات وسبب ذلك أن التعليم في الصغر أشّد رسوخاً وهو أصل لما بعده لأن السابق الأول للقلوب كالأساس للملكات، وعلى حسب الأساس وأساليبه يكون حال من يبني عليه واختلفت طرقهم في تعليم القرآن للولدان واختلافهم باعتبار ما ينشأ عن ذلك التعليم من الملكات.)( ).
أشار القرآن إلى ضرورة التلاوة، والتزكية، والتعليم ، قال تعالى:{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ}( ). فتعليم القرآن مهم جداً ولذلك رأى الباحث أن يبحث في الكيفية التي تدار بها حلقات تحفيظ القرآن حتى يجيد المعلمون الكيفية التي يديرون بها الحلقات مستفيدين في ذلك من العلوم التّربوية، مثل الإدارة التربوية.
وفي الحديث عن تعليم القرآن قال الشيخ محمد الغزالي: ( حدد القرآن، عمل النبي بين النّاس في ثلاثة عناصر متماسكة هي تلاوة الآيات، والتزكية والتعليم.)( )
إن العناصر الثلاثة المذكورة مهمة للفرد المسلم والجماعة؛ فالعنصر الأول: تلاوة آيات الله عبادة لله وذكراً. أما العنصر الثاني: فهو التّزكية: وهي أقرب الكلمات وأدلها على معنى التربية بل التربية والتزكية تشتركان في إصلاح النفس وتهذيب الطباع وشد الإنسان إلى أعلى كلما حاولت المثبطات والهواجس أن تسفأ به وتعوج)( ). والعنصر الثالث: هو التعليم وهو موضوع البحث باعتبار إن تعليم القرآن يعني تلاوته وتجويد حفظه مع التفكر والتدبر في معانيه.
* حلقة القرآن الكريم:-
يقصد بحلقة تحفيظ القرآن الكريم جلوس المتعلمين حول معلم القرآن الكريم للتلقي منه؛ وهذه الحلقات يستفيد منها الطلاب ، من المعلمين بالمتابعة للقراءة الصحيحة مع المعلم لطلابه أفراداً وجماعات والحلقة قد تكون في القاعة أو في أي مكان يستطيع الطالب الجلوس فيها مع شيخه الذي يعلمه القرآن الكريم تلاوة وحفظاً وتفسيراً.
إن إحكام هذه الحلقة وضبطها لتؤدي غرضها، يحتاج للإدارة التربوية وعناصرها، التي تحض المعلم على التخطيط والتنظيم وتجويد مادته وطريقة توصيلها وكذلك الالتزام الشخصي بالمخبر والمظهر.
أهم الطرق المتبعة لحفظ القرآن الكريم هي:
[1] الطريقة الكلية: وهي إعطاء الطالب كل الآيات المطلوبة ويكررها المعلم والطالب بغرض حفظها مرة واحدة.
[2] الطريقة الجزئية: وهي طريقة تُقسم فيها الآيات حسب الآيات المطلوب حفظها بعدد معين من الآيات أو الصفحات المختارة من المصحف، حسب الكيفية التي تقع في تخطيط المعلم لتحفيظ طلابه القرآن الكريم.
[3] الطريقة المشتركة وهي الطريقة التي تجمع بين الطريقتين الكلية والجزئية.
[4] طريقة المحور التدريجي: تعتمد هذه الطريقة على كتابة الآيات على السبورة بخط واضح وتشكيل صحيح، يقرأها الطالب بمتابعة المعلم، وكلما حفظ جزءاً أو بعض الآيات يمسح بطرق مختلفة؛ فقد يمسح أول الآية، أو آخرها، أو أن يمسح جزءاً منها، ويطلب المعلم من الطالب قراءتها كاملة بما فيها الجزء الممسوح حتىّ يحفظ.
[5] الحفظ على فترات:
أ/ يطلب المعلم من الطالب قراءة الآيات المطلوب حفظها من المصحف أو حسب الطريقة المكتوبة بها الآيات سواء كانت على الشاشة أو السبورة.
ب/ يترك الآيات التي قرأها في المرة الأولى لفترة تستقر في ذهنه، ثمّ يعود لقراءتها مرة أخرى، ليختبر ذاكرته وحافظته.
ج/ الفاصل الزمني بين كل مجموعة من الآيات لا يكون طويلاً لكيلا ينسى الطالب ما قرأه، هكذا يُحفَظّ الطلاب في الحلقات.
[6] استخدام الوسائل الحديثة مثل الأشرطة والمسجلات وجهاز الحاسوب ويمكن بمتابعة المعلم أو غيره يستطيع الطالب أن يحفظ عن طريق التشغيل والايقاف للمسجل.إن هذه الطرق التي تتبع في تحفيظ القرآن الكريم تحتاج لعناصر الإدارة التربوية. من تخطيط لها، وتنظيم ، وغير ذلك حتى تنضبط هذه الحلقات وتؤتي أكلها.
أهداف حلقات تحفيظ القرآن الكريم( ):-
أهم أهداف حلقات تحفيظ القرآن الكريم هي:
[1] تعليم الطلاب القرآن الكريم تلاوة وتجويداً وتدبراً، والسعي إلى تحفيظهم له عن ظهر غيب.
[2] غرس حب القرآن الكريم في نفوس الطلاب، وتعريفهم بعظمته، وتربيتهم على تعاليمه وآدابه.
[3] حفظ أوقات الطلاب والعمل على صرفهم لها فيما يعود عليهم بالنفع في الدين والدنيا.
[4] تزويد الطلاب بجملة من أحكام الاسلام وآدابه وبخاصة ما لا يسع المسلم جهله، والقيام بتعليمهم بعض جوانب الثقافة الاسلامية وشيء من سير الأنبياء والصحابة والعلماء، وذلك حسب ما يتناسب مع أعمارهم وثقافاتهم.
[5] عمارة المسجد بتلاوة القرآن الكريم، وتعليم العلم الشرعي، وإحياء رسالة المسجد وإعادة بعض من مكانته ودوره للتوسع في هذه النقطة يُرجى الرجوع إلى كتابنا (عمّار المسجد .. المخبر والمظهر).
[6] تخريج دفعات من الطلاب مؤهلة لتدريس القرآن الكريم، وتولي إمامة المصلين في المساجد وإرشادهم.
[7] تقويم ألسنة الطلاب، والعمل على تعليمهم إجادة النطق السليم لحروف اللغّة العربية ومخارجها، وإثراؤهم بجملة وافرة من مفرداتها وأساليبها.
* الأهداف العامّة لتدريس القرآن الكريم:-
إهتم العلماء بالاهداف العامة والأهداف الخاصّة في كل المجالات؛ وفي المجالات التعليمية، الأهداف العامة والخاصّة ترتبط بالمنهج من حيث المحتوى والنشاط، وكذلك المرحلة التي تقوم على تحقيقه؛ ويرى بعض علماء( ) الإدارة أن الأهداف يجب أن تغطي الميادين التالية:
[1] إشباع أمثل للمصالح المختلفة وهذا بما يتعلمه الطالب من قيم قرآنية..
[2] الكفاءة في جميع مجالات العمل معلم القرآن وطالبه الأحرى بها أن يكونا من الأكفياء في كل عمل.
[3] الإنتاج هو الحفظ للقرآن الكريم والإلتزام بقيمه.
[4] البقاء في دنيا الأعمال بما يجلبه للناس من فوائد في تنظيم الحياة، وضبط الوقت.
[5] الصورة الذهنية للمنظمة لدى جماهيرها والجامعة بما فيها الحلقة عبارة عن منظمة ترسخ في الأذهان المعاني الطيبة التي تبقى في الذاكرة.
[6] القيم الأخلاقية وهي التي يتعلمها الطالب من القرآن الكريم.
والملاحظ لدراسة القرآن الكريم وتدريسه، يجده يغطي أغلب هذه الجوانب، خاصّة القيم الأخلاقية، والأشباع الأمثل للمصالح المختلفة وفق المنهج، وكذلك تشجيع الانتاج والمنتجين ؛ والسعي في الأرض لذلك ؛ قال تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }( ).
الأهداف التعليمية:-
صنفت الأهداف التعليمية إلى أهداف تخدم أغراض تلقي المعارف، ومهارات أخرى تغطي القيم والأتجاهات وغيرها, وعلى هذا الأساس نجدها تندرج تحت المجالات الآتية:
[1] المجال المعرفي: يقصد به الجانب الإدراكي والعقلي في العمليات التعليمية.
[2] المجال الوجداني: يقصد به الجانب القيمي، وجانب الاتجاهات والميول في العمليات التعليمية.
[3] المجال النفسي-حركي: يقصد به الجانب المهاري الحركي المتعلق بالجسد ومهارات الأداء.
الأهداف العامة لتدريس القرآن الكريم:-
إن تدريس القرآن الكريم يغطي الأهداف التعليمية المذكورة أعلاه. والناظر إلى القرآن الكريم وشموله للجوانب المختلفة خاصة التعليمية والتربوية يجده يغطي كل المجالات المذكورة تغطية شاملة ومستمرة بل يغطي كل الجوانب التي يتصورها الإنسان في أي وقت من الأوقات لأنّه وحي من الله سبحانه وتعالى جاء لإسعاد البشرية وإخراجها من شقاء عبادة الانسان إلى عبادة الله الذي خلق الانسان.
إن الأهداف العامة لتدريس القرآن الكريم تعني المعاني التي بعث بها الرسول ، والتي جاءت مفصلة؛ قال تعالى:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }( )، قال صاحب التفسير الواضح: (وأول مظهر من مظاهر فضله، ونعمه على خلقه إرسال الرسل وخاصّة النبي محمّداً - - خاتماً للرسل كلهم، ولا شك أن هذه مظاهر عزته وكلمته، هو الحق تبارك وتعالى الذي بعث في العرب رسولاً من جنسهم أمياً مثلهم، لا يقرأ ولا يكتب، ومن ذلك فهو يتلو عليهم الآيات، ويحملهم على طهارة النفس ويخلق فيهم الضمير الحي، وهو الذي يعلمهم القرآن، والحكمة النافعة والمأخوذة من حديثه وقوله وفعله، فهو المثل الأعلى، الذي قاد أمته إلى الحياة الصحيحة، في التشريع والقضاء والسياسة والاقتصاد، وإنْ كانوا من قبل لفي جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، وأي ضلالة أكثر من ضلالة العرب قبل الاسلام)( ).
هذه الأهداف العامة لتدريس القرآن الكريم يمكن تلخيصها في الآتي:( )
(1) إتقان التلاوة بمراعاة أحكام التجويد، وإخراج الحروف من مخارجها الصحيحة، ولفظها بصفاتها المعروفة بها.
(2) فهم الآيات القرآنية ومعاني الكلمات الواردة فيها، ومعرفة أسباب نزولها.
(3) حفظ الآيات القرآنية بإتقان مع جودة التلاوة.
(4) حمل القلب على الخشوع والطمأنينة بالتلاوة والاستماع للآيات القرآنية.
(5) التقرب إلى الله تعالى بتلاوة القرآن الكريم لأنه كلام الله تعالى، وهو أفضل الذكر.
(6) حث الطلاب على تطبيق القيم والآداب المأخوذة من القرآن الكريم المصدر الأول للتشريع الإسلامي ، والمداومة على العمل بتعاليمه.
(7) تعظيم كلام الله تعالى والتأدب عند تلاوة آياته أو سماعها.
* من الذين يؤمون حلقات تحفيظ القرآن الكريم؟
إن الذين يؤمون هذه الحلقات يختلفون في مستوياتهم، فمن الحلقات ما يؤمها طلاب يعرفون القراءة من المصحف:
هؤلاء الذين يؤمون هذه الحلقات وهم يعرفون القراءة من المصحف يسهل عليهم التأمل والمتابعة وهؤلاء يدرسون على النحو التالي:
(1) يحدد معلم القرآن عدداً من الآيات أو قسماً حسب الأقسام التي توجد في المصحف مثل ( الربع والحزب وغيرها) بشرط أن يتناسب مع قدرات الطالب العقلية ونشاطه والوقت المتاح للحلقة وبعض الفنيات التّدريسيّة التّي يعرفها المعلم من خلال النَّص.
(2) يقرأ المعلم المقدار المحدد قراءة نموذجية على الطلاب، وهم يرددون خلفه، ثم يطلب منهم القراءة الفردية، ويعمل المعلم على تصويب الأخطاء وتقويم الأداء. ويمكن أن يستفيد المعلم من بعض الكبار من الطلاب المجيدين للقراءة في تحفيظ إخوانهم الذين هم أقلّ منهم إجادة.
(3) إذا صعب على الطلاب بعض النطق، فعلى المعلم أن يلقنهم حتى يتأكد من القراءة الصحيحة لطلابه.
أما الذين لا يعرفون القراءة من المصحف بسبب صغر السن أو عدم التعليم أو العجمة التي تجعل ألسنتهم لا تنطق الكلمات نطقاً سليماً يلجأ المعلم للآتي:
(1) محاولة تعليمهم القراءة والكتابة.
(2) التحفيظ تلقيناً حتى يتمكنوا من متابعة المصحف والقراءة منه، ثم ينتقل بهم إلى الطريقة الفردية.
* تقويم دروس القرآن الكريم:-
يقصد بالتقويم الحكم على المسألة بعدل بعد قياسها وتشخيصها. والتقويم كما عرفه بعض العلماء هو:(حكم عملي أو أنه عملية تسمح باتخاذ أحكام حول قيمة شئ ما، ويستطيع الفرد أن يُقوِّم المعلومات النّوعية أو الكمية على حد سواء)( ).
من هذا التعريف يتضح أن التقويم يوضح الايجابيات والسلبيات ومناطق القوة والضعف حتى يستطيع المعلم أن يحكم على الطالب في حفظه كتابة أو شفاهة، كما أن التقويم بهذا التعريف يعني متابعة نمو الطالب ، والتقويم للطالب يقوم به المعلم بعد قياس درجاته ونسبتها إلى الدرجة الكلية فمثلاً طالب تحصل على (95) درجة من (100) درجة نقول نسبة تحصيله (95٪). وقياساً على الدرجة الكاملة وهي(100) درجة يُحكَمُ على الطالب بأنه حصل على درجة الامتياز لأن الامتياز يعني الحصول على أكثر من 90٪ معايرة على الدرجة القصوى وهي 100 درجة ، وليكون التقويم شاملاً لابّد من التقويم المستمر لنمو الطالب ضبطاً لسلوكه والتحولات التي تحدث في حياته علاوة على تقويم التحصيل الذي ذكر.
* مقومات معلم القرآن الكريم:-
إن شخصية معلم القرآن الكريم لها النصيب الأكبر في تحفيظه للطلاب، والشخصية التي تقوم بتحفيظ القرآن الكريم يجب أن تتحلى بالمقومات الآتية:
أولاً: المقومات العقدية والأخلاقية والسلوكية:-
(1) أن تكون عقيدته سليمة موحّدة في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، وأن يكون مراقباً لربه سراً وجهراً، رجاء ثوابه.
(2) الإلمام بالمعارف والمهارات التي تعينه في تدريسه.
(3)أن يكون محباً لمهنته التي هي تعليم القرآن الكريم.
(4) أن يكون صحيحاً في بدنه خاصة في النطق، وأن يكون حسن المظهر والهيئة.
(5) أن يحافظ على الوقت ؛ يحاسب نفسه على التأخير ويحاسب غيره.
(6) أن يكون حريصاً على خدمة طلابه لتحقيق الهدف المرجو.
(7) أن يكون ذا خلق، متحكماً في نفسه يملكها عند الغضب.
(8) أن يكون ملماً بمادته (علم التدريس).
(9) أن يكون ملماً بطرق التدريس( فن التدريس).
(10) أن يتعرف على قدرات طلابه وإستعداداتهم.
(11) أن يكون قادراً على إدارة الحلقة يساعده في ذلك نظام الإدارة التربوية.
(12) أن يخطط لدروسه ويحضر لها؛ وهذه قمة الإدارة التربوية، لأن التخطيط هو البداية الصحيحة للعمل.
(13) أن يعرف كيف يمهد للدرس وكيف يغلقه وكيف يقوّم طلابه بالطرق العلمية والتربوية.
(14) أن يكون قدوة لطلابه مخبراً ومظهراً.
بهذه المقومات والصفات يسستطيع معلم القرآن الكريم أن يكون في الصدارة بين أقرانه مع تفوقه عليهم بتدريس لأعظم العلوم وأعزها ، وليكون مثالاً لطلابه لابّد أن يلم بمبادئ الإدارة التربوية التي تساعده في التخطيط إبتداء بتقسيم مفردات المادة على أسابيع السنة وشهورها ، والتخطيط للدرس ، كما تساعده في تنظيم نفسه وطلابه ومتابعتهم .
المبحث الخامس
دور الإدارة التربوية في تنظيم حلقات تحفيظ القرآن الكريم
إن الإدارة التربوية هي الأداة الرئيسة المنظمة للمارسات التربوية وبها تستثمر الامكانات المادية والقوى البشرية في إيجاد الحلقات المنضبطة ، والمعلم المنتظم ، والقائد التربوي ، الذي يعرف واجبه فيؤديه.
إن الإدارة عامة هي علم يتعلمه الانسان مثل بقية العلوم الأخرى، باعتبارها الطريق لتنفيذ الأهداف الخاصة بالمنظمة أو المؤسسة. أما الإدارة التربوية فهي التي تعمل على تحقيق الأهداف التربوية، التي تعني في هذه الحالة إنجاز الأهداف القرآنية الخالصة من تلاوة وتفسير وحفظ وترسيخ قيمها في نفوس الطلاب.
إن الإدارة التعليمية هي التي تساعد في معالجة المشكلات التربوية والتعليمية والتنموية إذا إلتزم القائمون على أمرها بعناصرها من تخطيط، وتنظيم، وتوجيه وغيرها تُعدُّ الإدارة التعليمية الناجحة حجر الزاوية في العملية التعليمية والتربوية .. لأنها تقوم بعمليات التخطيط ووضع الخطط، وتعمل على تنفيذها لتحقيق الأهداف .. والإدارة التعليمية والتربوية أعمالها كثيرة مثل توزيع السلطات في المؤسسة التعليمية، كما تعمل على تفويضها لمن يستطيعها ويقدر عليها.
أما في هذا البحث فيريد الباحث أن يوضح دورها في تنظيم حلقات تحفيظ القرآن الكريم ، ومساعدة الشيخ في الضبط وتقسيم الوقت حسب خطوات الدرس.
* مهارات الإدارة التربوية التي يحتاجها معلم القرآن الكريم:-
إن معلم القرآن الكريم الذي يدرس الطلبة في الحلقات التحفيظية يحتاج لمهارات متعددة أهمها:
[1] المهارات التصورية أو المفهومية:
يقصد بالمهارات المفهومية القدرة على الإبتكار والتخطيط والاحساس بالمشكلات والتفنن في إيجاد الحلول لها في وقتها، كما تشمل التفكير الابداعي الذي يجب أن تهتم به القيادة في كل مستوياتها ، ومن هذه المستويات معلم القرآن الكريم وهو يؤدي واجبه لطلابه .
ومعلم القرآن الكريم حري به أن يتمتع بهذه المهارات التي تساعده في وضع التصور العام للحلقة، وإتخاذ القرار في شأن مشاكل الطلاب بسهولة ويسر كما يطلب منه أن يعلم طلابه كيف يفكرون ؟ و كيف يحاورون ؟
[2] المهارات الفنية :
هذه المهارات يقصد بها إتقان المعلم لمادته وهي القرآن الكريم علماً وفناً وتدريساً يوصل المادة بسهولة ويسر لطلابه. وهذه المهارة الفنية تساعده في ضبط وقت الحلقة، كما تساعده في توزيع الوقت بين نشاطاته المختلفة في الحلقة خاصة وأنَّه يحتاج للقراءة الجماعية والفردية في العرض، كما يحتاج للتقويم والإغلاق حتى يختم حلقته بصورة علمية.
[3] المهارات الإنسانية:
وهي القدرة التي يستطيع المعلم أن يتعامل بها مع الآخرين من إداريين وأقرآن وطلاب لأن هذه المهارات الانسانية تتعلق بالتعامل مع الغير وهي أكثر أهمية للانسان الذي يعمل وسط البشر ، ومعلم القرآن الكريم جُلَّ وقته مع طلابه يتابعونه ويأخذون عنه العلم والخلق قدوة حسنة وأسوة صالحة لهم ، فهو أحق النّاس بحسن المعاملة وإحسانها .
أهم الصفات التدريسية والكفايات لمعلم القرآن الكريم:
إن معلم القرآن الكريم يحتاج لصفات تدريسية وكفايات تساعده في أداء واجبه وهو تحفيظ القرآن الكريم ، ومن هذه الصفات:
1- الصفات الجسمية والعقلية والاجتماعية والوجدانية:
هذه الصفات يجتاج إليها معلم تحفيظ القرآن الكريم مجتمعة وبإجماعها وإكتمالها يستطيع أن يؤدي واجبه على أكمل وجه، وأبرز هذه الصفات المذكورة سلامة الجسم والعقل والذكاء المناسب، والمحبة المتبادلة مع طلابه.
2- الاستعداد الفطري لمهنة التدريس:
وهذا يعني مناسبته للتدريس وأن يكون له حبُُُ ُ لها وانتماء ، وهذا يُطْلَبُ مع المطلوبات الأخرى مثل:
أ- الإطلاع الواسع في مجال تخصصه وهو القرآن الكريم وعلومه من تفسير وناسخ ومنسوخ وغيرها.
ب- أن يكون على قدر عالٍ من الثقافة العامة مثل معرفة الإدارة التربوية والمقصود بها ، وكيف يستخدمها في إدارة الحلقة مثل التخطيط للدروس ، وضبط الوقت، واتخاذ القرار حين حدوث المشكلات.
4) الصفات الخلقية والاجتماعية:
ويقصد بها أن يكون على خلق يألف ويؤلف أي حسن السيرة والسلوك والمظهر والمعشر، مشهوداً له بالإستقامة ، يؤدي حقوق ربه عليه ، وحقوق المسلمين ، ويؤدي حقوق نفسه عليه كذلك قال الأستاذ عثمان العالم:
(أن يكون معلم القرآن الكريم حسن السيره والسلوك والمظهر ، طيب المخبر ، مشهوداً له بالإستقامة ، حريصاً على أداء العبادات)( )
أهمية الإدارة التربوية لمعلم القرآن الكريم:
إن حلقة تحفيظ القرآن الكريم هي منظمة صغيرة، أهدافها الأساسية حفظ القرآن الكريم وتمثله في الحياة، وأعضاء هذه المنظمة هم الطلاب، ورئيسها هو المعلم الذي يعلم القرآن. وإدارتها جزء من الإدارة التربوية التي تتطلب صفات القائد التربوي.
إن معلم القرآن وهو يدخل على طلابه في الحلقة ، يجب عليه أن يتبع الخطوات الآتية التي تساعده في إنجاز أهدافه ، وهذه الخطوات من وظائف المدير التربوي وهي :-
(1) أن يحسن هيأته ومظهره من لبس ووقوف في المكان المناسب مراعياً متابعة الطلاب والاشراف عليهم.
(2) أن يدخل ويبدأ بالسلام (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).
(3) أن يلقي نظرة عامة على طلابه منبهاً إياهم للإنتظام في جلوسهم وتحضير متطلبات الحلقة من ؛ مصحف، ودفتر وغيرهما من مطلوبات الحلقة إشارة إلى ما خططه قبلاً.
(4) تحديد أهداف الحلقة في هذا اليوم، مثل؛ تحديد الآيات التي يرغب في تدريسها ، ويكون هذا في دفتر منظم يسمى دفتر التحضير (التخطيط للدرس).
(5) أن يبدأ بالتمهيد القصير المشوق مثل بعض القصص القرآني وحبذا لو كانت القصة هي التي يدور حولها موضوع الحلقة وهذه تجعل طلابه يثقون فيه ويحبونه، وبذلك يكتسب صفة القيادة.
(6) أن يستحضر عناصر الإدارة التربوية مثل التخطيط والتنظيم والتوجيه والمتابعة وغيرها.
(7) أن يجعل الثقة متبادلة بينه وبين طلابه ، وذلك يتطلب منه إتقان المادة وطرق تدريسها وحسن التصرف في كل شيء يحدث.
(8) أن يكون دائم التبسم ، طلق الوجه ، رفيقاً بطلابه ممّا يجعلهم يحبونه ويشتاقون إليه.
(9) أن يعطي النماذج الطيبة في القراءة (القراءة النموذجية).
(10) أن يحاول إعطاء أكبر فرص لقراءة الطلاب وأن يخاطبهم بأسمائهم بدلاً عن الاشارات التي توحي بعدم المعرفة والاهتمام.
(11) أن يكون عادلاً لا يركز على بعض الطلبة ويترك الآخرين وهذا يكون بتوزيع الفرص بالتساوي ما أمكن ذلك.
(12) أن يلتزم بزمن المحاضرة من البداية إلى النهاية وكذلك تقسيم الزمن أثناء الأداء متمسكاً بحسن إدارة الوقت.
(13) أن يقوِّم المحاضرة بصورة عادلة وحقيقية وموضوعية بتقديم الأسئلة المناسبة من مادة الدرس وفهمها.
(14) أن يغلق المحاضرة بملخص لأهم ما ورد في الحلقة ، وأن يتفق مع طلبته على واجب يعينهم في الدرس التالي، على أن يهتم بالتصحيح والمتابعة لتأكيد الاهتمام.
يستفيد معلم القرآن الكريم من الإدارة التربوية في إدارة حلقته إذا فهم عناصر الإدارة ووظائفها والتزم بها ، وكذلك التعليمات التي ذكرت آنفا خاصة المأخوذة من وظائف الإدارة التربوية وعملياتها. بهذا يتضح الدور المهم للادارة التربوية في تنظيم حلقات القرآن الكريم من حيث الضَّبط والتَّخطيط والتَّنظيم والتوجيه.
ومعلمو القرآن هم من القادة التربويين في المجتمع بحكم الآتي :
1/ حفظ القرآن والمداومة على تلاوته.
2/ التعليم والثقافة.
3/ المراكز الاجتماعية والشرف الذي نالوه بإنتمائهم للقرآن الكريم.
4/ التدين والتعامل بالدين مع المجتمع.
5/ الحب للقرآن والسنة والدين.
6/ النظرة للمجتمع بالمنظور الإسلامي.
إن القائد التربوي لا بدّ أن يتحلى بالصفات المذكورة سابقاً في البحث وأن يكون بحكم موقعه حائزاً على الأحكام المذكورة أعلاه ، حتّى يخرِّج جيلاً متمثلاً معلِّمه أسوة حسنة وقدوة صالحة.
الخاتمة:
إن الإدارة التربوية ذات أثر عظيم في إدارة حلقات القرآن الكريم وتنظيمها إذا إهتم معلمو القرآن بعناصرها من تخطيط وتنظيم وغيره. بعد هذا الشرح توصل الباحث إلى النتائج الآتية:
[أ] النتائج:
(1) لم يستفد معلمو القرآن الكريم من الإدارة التربوية في تنظيم حلقات القرآن إما لجهلهم بها، أو لعدم اهتمامهم بالاستفادة من مخرجات العلم في تدبير أمورهم.
(2) عدم تناول موضوع الإدارة التربوية واستخداماتها من الباحثين في قضايا التدريس وغيرها.
(3) الإدارة التربوية تحتاج لتوضيح دورها في حياة الانسان كبقية فروع الإدارة التي تساعد في إنجاز أهداف أي مؤسسة وتحقيقها.
(4) عدم استخدام الوسائل الحديثة في تحفيظ القرآن الكريم. وكذلك بقية التقنيات التي من شأنها اختصار الزمن مثل power point)) وغيره.
(5) معظم الذين يُدرِّسون في الجامعات لم يتلقوا دورات في علوم التربية وخاصة في الإدارة التربويَّة التي يحتاج إليها الإنسان حتى في تنظيم بيته.
[ب] التوصيات:
(1) عقد دورات في الإدارة التربوية للعاملين في حقل التدريس الجامعي وخاصة الذين يدرسون العلوم الاسلامية مثل تحفيظ القرآن الكريم.
(2) توضيح أهمية الإدارة عامة، والإدارة التربوية خاصة، لاسيما وأن معظم الباحثين يعزون التأخر في كثير من البلاد لسوء الإدارة والتي تبدأ من سوء إدارة المنزل إلى إدارة البلد.
(3) إشاعة ثقافة الاهتمام بالعلوم التربوية في شؤون الحياة، وخاصة للذين يمتهنون مهنة التدريس.
نسأل الله التوفيق للباحثين والمعلمين في مواقعهم المختلفة للاستفادة من العلوم الحديثة وخاصة ما يستجد في علوم الإدارة التربوية وغيرها والله الموفق.
ثبت المصادر والمراجع
أولاً:القرآن الكريم
ثانياً:المصادر
1/ أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ( ابن منظور الإفريقي المصري ) لسان العرب ط3 – المجلد الثالث، دار صادر بيروت، لبنان 1414هـ - 1994م.
2/ أحمد عطية الله ، القاموس الثاني ط3 ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، جمهورية مصر العربية 1968م .ص 248.
3/ المعجم الوسيط، مطابع دار المعارف ،القاهرة، مصر ، ج 1972م ص 445.
4/ محمد بن إسماعيل البخاري ، صحيح البخاري، باب خيركم من تعلم القرآن ،ج15
5/ محمد محود حجازي، التفسير الواضح ، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان 1414هـ-1994م.
ثالثاً: المراجع:
6/ أحمد إبراهيم أبو سن ، الإدارة في الإسلام ط6 مطبعة التمدن المحدودة الخرطوم السودان 1999م.
7/ أحمد علي الإمام ، القرآن الكريم هيمنته، وخاتمته، وعالميته، وخلوده، مجلة كلية القرآن الكريم (العدد الأول ذو الحجة 1428 هـ ديسمبر 2006م.
8/ المؤتمر القومي للخدمة المدنية ، الأوراق العلمية ، الخرطوم ، الفترة من 28/ أبريل إلى مايو 2001م، المجلد الأول
9/ جميل جودت أبو العينين، أصول الإدارة من القرآن والسنة، دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر، بيروت ، لبنان 2002م
10/ حسن أبشر الطيب إدارة الكوارث؛ شركة ميلايت المحدودة، لندن ، المملكة المتحدة 1412هـ - 1992م.
11/ سيد هواري ، (الإدارة والأصول والأسس العلمية ) ط 5، مكتبة عين شمس، القاهرة، جمهورية مصر العربية 1973م.
12/ عبد الرحمن بن خلدون، مقدمة بن خلدون، دار مكتبة الهلال ، بيروت، لبنان، 1983م. ص 334.
13/ عبد الغني النوري ، إتجاهات جديدة في الإدارة التعليمية في البلاد العربية ط1، دار الثقافة ، الدوحة ، دولة قطر 1411هـ - 1991م.
14/ عبد الغني عبود ، إدارة التربية في عالم متغير ط3 ، دار الفكر العربي ، القاهرة – جمهورية مصر العربية 1413هـ- 1992م.
15/ السيد عبده ناجي ، الإدارة العامة (مدخل إداري) ط3 ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، جمهورية مصر العربية 1411هـ -1991م .
16/ عثمان محمد حامد العالم، طرق وأساليب تدريس القرآن الكريم ط1 ( أسس نظرية ونماذج تطبيقية) مكتبة الرشد الرياض، المملكة العربية السعودية 1427هـ 2006م.
17/ فتحي يكن ، نحو صحوة إسلامية في مستوى العصر، مؤسسة الرسالة ,ط1، بيروت ،لبنان 1418هـ - 1997م.
18/ كتاب المنتدى ( سلسلة تصدر عن المنتدى الاسلامي، المدارس والكتاتيب القرآنية (وقفات تربوية وإدارية) مؤسسة المنتدى الاسلامي، 1417هـ.
19/ محمد الغزالي، نظرية التربية الاسلامية للفرد والمجتمع، بحث مقدم لندوة الخبراء التربويين المنعقد في مكة في الفترة بين 11-16/6/1400هـ.
20/ محمد منير مرسي ، الإدارة التعليمية أصولها وتطبيقاتها، عالم الكتب ، القاهرة، جمهورية مصر العربية 1996م.
21/ مسعود بن محمد النمر ، السلوك الإداري ، مطابع جامعة الملك سعود ، الرياض ، المملكة العربية السعودية 1410هـ - 1990م.
22/ مدني عبد القادر علاقي، الإدارة الحديثة [ مفاهيم ،وظائف، وتطبيقات] مكتبة دار زهران للنشر والتوزيع ، جدة، المملكة العربية السعودية 1414هـ - 1993م
23/ موفق حديد محمد، الإدارة( المبادئ والنظريات والوظائف ) ألحان للنشر والتوزيع ، الجبهة ، الأردن 1421هـ 2001م.
24 - lrvin J . Lehmnn. William A. Merens – Measurement and Evaluation In Education and Psycholoy.
ترجمة هيثم كامل الزبيدي دار الكتاب الجامعي، العين، الامارات العربية المتحدة 1424هـ-2003م.
فهرست الموضوعات
م الموضوع الصفحة
1
2
3
4
5
6
7
8
9
الشكر والتقدير
مستخلص البحث
المبحث الأول
(الإطار العام)
المبحث الثاني
نشأة الإدارة وتطورها
المبحث الثالث
الإدارة التربوية (المفهوم والخصائص والعوامل المؤثرة عليها)
المبحث الرابع
حلقات تحفيظ القرآن الكريم وطرق التحفيظ فيها
المبحث الخامس
دور الإدارة التربوية في تنظيم حلقات تحفيظ القرآن الكريم
الخاتمة وتشمل على:
أ- النتائج
ب- التوصيات
ثبت المصادر والمراجع
د. محمد البشير محمد عبد الهادي
....
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..