الجمعة، 23 مارس 2018

ابو عقيل الظاهري بين الصحوة والإلتزام

             للشيخ أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري كتابات رصينة، وبحوث قيمة، وأسلوب عذب مميز، وما أجمل تلك الحكايات التي ذكرها في "تباريح التباريح"، و"شيء من التباريح"، وكذا في كتبه الأخرى.
وكان كثير المقارنة بين
جيل الخمسينيات الميلادية، وجيل الصحوة، أو كما أسماه: جيل الالتزام، قال :
( ولقد أكرمني ربي بأن رأيتُ بعد بلوغ الأشدِّ شبابًا من أبناء بلدي، تحقَّقت لهم دعوة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ببهاء وتوهُّج أراه في وجوههم الكريمة العريضة المُلْتَحِية.
وخَسَأَتْ أشرطةُ العندليب الأسمر، وكوكب الشرق، وغثيان الطرب المحلي الأمِّي البدائي...
فوَا ضَيْعَة الشباب وواعمراه يوم كنتُ مع لِدَاتٍ لي وجوهُهم كالعراجين الضاحية، يلحسون القمامة بأردان ثيابهم ذات الخيلاء من جيل 1952م.
وقيَّض الله للأمة قبيل القرن الخامس عشر بعقود رجالاً مهَّدوا للصحوة، لجيل الالتزام، كان دأبهم تحرير العقل من الانهزام للغرب فكريًّا وروحيًّا، مؤكدين للناس أن المستقبل للإسلام، مع ملاحظات كبيرة خانقة عقيدة وفقهًا.
وناصر الدين الألباني أعاد الشَّبِيبةَ للحديث درايةً وروايةً، والشيخ عبدالرحمن الدوسري -رحمه الله- لم يهادنْ عصرَه ألبتة مبصِّرًا للناس بحِيَل الماسونية، منبِّهًا وعيَهم إلى تطلعات المستقبل.
وبارك الله لبلادنا بسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -متَّعه الله بالصحة والعافية- وهو للصحوة الإسلامية كشعرة معاوية...(رحمه الله)
فيالله :
أيُّ مكسبٍ للأمة إذا خرج من حلقات الشيخ شباب ذوو خلوة في جوف الليل الأَلْيَل يقولون : اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد ..
ويقولون : اللهم أصلحْ إمام المسلمين وانصره، واهدِه، وارزقه البطانة ..
واعترافًا بالحق أقول:
مهما أُحصِيت المؤاخذات على قلَّة من المنتسبين للصحوة، فلا يعدُّ ذلك شيئًا في بحر حسناتهم.
لقد كان كثير من الناس قبل جيل الالتزام -لا سيما عامة الشباب- قلَّما رَأَوا الفجر الصادق والكاذب، وقلَّما استمتعوا بطلوع الشمس، أما الآن، فقد ارتبطتْ يقظتُهم بالأسحار.
وقبل جيل الالتزام :
كانت الجمعة تقام ولا يحضرها إلا أشياخ من العوام، أما الشباب فيغطُّون في سُباتٍ عميق بعد سهر امتدَّ إلى ما بعد ثلث الليل الآخر.
وقبل جيل الالتزام :
كان يُقِيم صلاة الفجر : الإمامُ، والمؤذِّن، وشيخان يسعلان.
وقبل جيل الالتزام :
كنتُ أذرع الرياض فلا أجد إلا غبارًا متراكمًا على رياض الصالحين، وربما سمحتِ الظروف بنسخةٍ من الترغيب والترهيب ..
وقلَّما اجتمعت السننُ الأربع، والموطأ، والمسند، والصحيحان في بيت طالبِ علمٍ؛ إنما يوجد ذلك في بيوت خاصة العلماء، والمكتبات الخيرية ..
وبفضل الله -ثم فضل جيل الالتزام- قذفت خزانات العالم بفلذاتِ أكبادها، فنشرت الأمهات والنوادر، والأجزاء والمسائل، وتوافرت الكتب بأبخس الأثمان ..
فشبابُ اليوم (الذين لم ينتصفوا في العقد الثالث، وهم يحفظون القرآن، وأحاديث الأحكام...)، هم الآن مشايخ، وأملأْ بها فمَك ..
وقبل جيل الالتزام :
كان المذياع العربي، والمجلة العربية، والكتاب العربي يقذفُ بالشبهات والتشكيك في الدين والتاريخ...
فجاء جيل الالتزام وحوَّل الإيمان بالدين إلى عملٍ...
وآثرتُ التعبير بجيل الالتزام بدل جيل الصحوة؛ لأن رقعتنا -حتى على مستوى العوام- لم تفقدِ الوعيَ بأحكام دينها، وتبدَّلت الخنافس وشعيرات كالجعلان تحت الأنف وعراجين ضاحية نضبت فيها ثغرة الميلاد...
تحوَّلت كل تلك إلى لِحًى عريضة، وشوارب مخبتة، وثفنات سجود.
ففداء لجيل الالتزام ألف ألف هفوة، وقد أخرجونا من حريق العفن إلى نعيم العمل.
وكنت امرأً لولا الله -ثم وعيي بجيل الالتزام- لأصبحتُ من اللاهين إلا ما شاء ربك، والله المستعصم فيما بقي ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..