يظن كثيرٌ من الناس أن العولمة هي
التقدُّم والرُّقي والانفتاح الاقتصادي، ومع أنَّ مفهوم العولمة لا يقتصر
على الجانب الاقتصادي، بل يشمل الجوانب الاجتماعية والبيئية، والثقافية،
والسياسية، إلاَّ أنَّ
الجانب الاقتصادي هو أبرز مظاهر العولمة، فهي إذًا
مصطلح يعني: جعل العالَم عالمًا واحدًا، موَجهًا تَوْجِيهًا واحدًا في إطار
حضارةٍ واحدة، ويرتكز مفهومُ العولمة على التقدُّم الهائل في التكنولوجيا
والمعلوماتيَّة، بالإضافة إلى الروابط المتزايدة على كافة الأصعدة على
الساحة الدولية المعاصرة؛ يقول الرئيس الأمريكي السابق كلينتون: "ليست
العولمة مجرد قضية اقتصادية، بل يجب النظر إلى أهمية مسائل البيئة والتربية
والصحَّة.
والعولمة في الأصل هي:
السيطرة على العالم، وجعله في نسق واحد، وذكر توماس فريدمان أن العولمة الحالية ما هي إلا
نوع من الهيمنة الأمريكية، والعولَمة لها تأثيرٌ كبير على حياتنا الدينية
والاجتماعية والثقافية، فالعولمة تعني بالضرورة: اختراق البنْية الثقافية
المحلية، وتفاقم مخاطر الاستلاب والغزو والاستعمار الثقافي، بل مخاطر مَحْو
الهُوية ونزع الخصوصية الشخصية التي ما زالت الأمم تضحِّي بالأرواح في
سبيل الحفاظ عليها.
فالذي نشاهده اليوم في ظلِّ هذا النظام الجديد، والتبشير بالعولمة:
دولٌ تفكَّكَتْ كما يحدث الآن في أفغانستان، والصومال، والعراق، والسودان،
ومذابح ضد الإنسان بشكْلٍ عام، والمسلم بشكل خاصٍّ، وارتكبت دون تحقيق
دولي، وكما حدث في البوسنة والهرسك في قلب أوروبا، وما حدث في كوسوفا، وكما
حدث في رواندا؛ حيث أُبِيد أكثر من نصف مليون مواطن، دون أن تُحَرِّك
القوى المهيمنة ساكنًا، ومن هذا الباب سوف أكشف بعض مخاطِر العولمة على
حياتنا اليومية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وأسال الله أن
يوفقني فيما جمعْتُ وكتبْتُ.
مخاطر العولمة على الجانب الديني:
1- التشكيك
وخَلْخَلة المعتَقَدات الدِّينية، وطمْس المقدَّسات لدى الشعوب المسلمة
لصالح الفكر المادي اللا ديني الغربي، أو إحلال الفلْسفة المادية الغربية
محل العقيدة الإسلامية، وإضعاف عقيدة الولاء والبراء، والحب والبغض في
الله، وإن استمرار مشاهدة الحياة الغربية، وإبراز زعماء الشرق والغرب داخل
بيوتنا مع ذِكْر أعمالهم وقوتهم وسيطرتهم على غيرهم، والاستمرار في عرض
التمثيليات والمسلسلات المترجمة والرومانسية - سيخفف ويضعف ويكسر الحاجز
الشعوري بقوة الإسلام، ويرسخ هيمنة الغرْب، فمع كثرة المساس يقل الإحساس.
2-
تقليد النصارى في عقيدتهم، وذلك باكتساب كثيرٍ من عاداتهم المحرَّمة وغير
المناسبة، والتي ربما تقْدح في عقيدة المسلم وهو لا يعلم؛ كالانحناء،
والتشبه بالنساء, ولبس القلائد والصلبان، وإقامة الأعياد العامة والخاصة،
وهذا واضح ومنتشر بين الشباب في أشكالِهم وملابسهم.
3-
نشْر الكفر والإلحاد؛ حيث إن كثيرًا من شعوب تلك الدول لا يؤمنون بدين، ولا
يعترفون بعقيدة سماوية، فلا حرج عندهم إذا نشروا أفلامًا تدعو بطريقة أو
بأخرى لتعلم السحر والشعوذة والكهانة التي يقحمونها في بعض ألعابهم
وقتالِهم.
4- استبعاد
الإسلام وإقصاؤه عن الحكم والتشريع، وعن التربية والأخلاق، وإفساح المجال
للنظم والقوانين والقيَم الغربية المستمدة من الفلسفة المادية والعلمانية
البرجماتيَّة.
5- تحويل المناسبات الدينية إلى مناسبات استهلاكية،
وذلك بتفْريغها من القِيَم والغايات الإيمانية إلى قيَم السوق
الاستهلاكية، فعلى سبيل المثال: استطاع التقدم العلمي والتقني الحديث أن
يحوّل شهر رمضان (شهر الصوم والعبادة والقرآن)، وعيد الفطر خاصة، من مناسبة دينية إلى مناسبة استهلاكية.
6-
انتشرت الجمعيات الأهلية المدعومة غربيًّا، التي تقوم بمحاربة الهُوية
الثقافية الإسلامية، وإثارة الشبَه والشكوك حول النظُم والتشريعات
الإسلامية، وخاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين المرأة والرجل وقضايا المرأة
المسلمة، وتطالب بعضها جهارًا نهارًا الحكومات والمجالس البرلمانية إصدار
القوانين وفق مواثيق الأمم المتحدة المتعلِّقة بحُقُوق الإنسان، بعيدًا عن
النظُم والتشريعات الإسلامية.
مخاطر العولمة في الجانب الاقتصادي:
7-
السيطرة على رؤوس المال العربية، واستثماراتها في الغرب، فالعالم العربي
الذي تتفاقم ديونه بمقدار (50) ألف دولار في الدقيقة الواحدة هو نفسه الذي
تبلغ حجم استثماراته في أوروبا وحدها (465) مليار دولار عام 1995م، بعد أن
كانت (670) مليارًا عام 1986م، فنتيجة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي
والتبعية النفسية للغرب؛ تصب هذه الأموال هناك لتدار حسب المنظومة الغربية.
8-
الهيمنة الأمريكية على اقتصاديات العالم من خلال القضاء على سُلطة وقوة
الدولة الوطنية في المجال الاقتصادي؛ بحيث تصبح الدولة تحت رحمة صندوق
النقد الدولي، حين تستجدي منه المعونة والمساعدة عبر بوابة القروض ذات
الشروط المجحفة، وخاضعة لسيطرة الاحتكارات والشركات الأمريكية الكبرى على
اقتصاد الدول.
9- تركيز
الثروة المالية في يد قلة من الناس أو قلة من الدول، فـ 358 مليارديرًا في
العالم يمتلكون ثروة تضاهي ما يملكه أكثر من نصف سكان العالم، و20 % من
دول العالم تستحوذ على 85 % من الناتج العالمي الإجمالي، وعلى 84% من
التجارة العالمية، ويمتلك سكانها 85% من المدخرات العالمية.
إذًا؛ نكتشف أنّ 5,19 % من الاستثمار
المباشر، و08 % من التجارة الدولية - تنْحَصِر في منطقة منَ العالم يعيش
فيها 82 % فقط من سكان العالم.
10-
سيطرة الشركات العملاقة عمليًّا على الاقتصاد العالمي: إنّ خمس دول -
الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وفرنسا وألمانيا وبريطانيا - تتوزَّع
فيما بينها 172 شركة من أصل مائتي شركة من الشركات العالمية العملاقة.
11-
إضعاف قوة موارد الثروة المالية العربية المتمثِّلة في النفط؛ حيث تم
إضعاف أهميته كسلعة حينما تم استثناؤه من السلع التي تخضع لحرية التجارة
الدولية - أسوة بتجارة المعلومات - من تخفيض الضرائب والقيود الجمركية
المفروضة عليه من الدول المستهلكة، فما زالت هذه الدول - وعلى رأسها
الولايات المتحدة الأمريكية - ترفُض اعتبار النفْط والمشتقات البتروكيماوية
من السلع التي يجب تحريرها من القيود الجُمركية والضرائب الباهظة التي
تفرضها الدول المستهلكة، وبذلك تجنِي هذه الدول الأرباح الهائلة من وراء
ذلك.
12-
ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الدول الإسلامية؛ نتيجة إلغاء هذه الدول
الدعم المالي الذي كانتْ تقدمه للسلع الغذائية، وبسبب الاحتكار والمنافسة
غير المتكافئة من الدول الكبرى، وبسبب قيود الجودة وشروط المواصفات
العالمية التي تفرضها الاتِّفاقيات التجاريَّة والصناعيَّة الدولية.
13-
ظهور عمليَّة الإغراق التي ترتبط بالسِّعْر, وذلك بأن تطرح في الأسواق سلع
مستوردة بأسعار تقل كثيرًا عن سعر المثيل في السوق المحلي, أو عن سعر
المثيل في سوق الدولة المنتجة لهذه السلعة وتصدرها, أو انخفاض سعر البيع عن
سعر تكلفة الإنتاج، ويتم تداولها لفترة زمنية.
مخاطر العولمة من الجانب السياسي:
14-
فرض السيطرة السياسية الغربيَّة على الأنظمة الحاكمة والشعوب التابعة لها،
والتحكُّم في مركز القرار السياسي وصناعته في دول العالم لخدمة المصالح
الأمريكية والقوى الصِّهْيَوْنِيَّة المتحَكِّمة في السياسة الأمريكية
نفسها، على حساب مصالح الشعوب وثرواتها الوطنية والقومية وثقافتها
ومعتقداتها الدينية.
15- فالعولمة
نظام يقفز على الدولة والوطن والأمة، واستبدال الإنسانية بذلك ، إنَّها
نظام يفتح الحدود أمام الشبكات الإعلامية، والشركات المتعددة الجنسيات،
ويزيل الحواجز التي تقف حائلاً دون الثقافة الرأسمالية المادية والغزْو
الفكري، الذي يستهدف تفتيت وحدة الأمة، وإثارة النعرات الطائفية، وإثارة
الحروب والفتَن داخل الدولة الواحدة كما في السُّودان.
16-
إنّ العولمة لا تكتفي بواقع التجزئة العربية والإسلامية الآن، بل تحاول
إحداث تجزئة داخلية في كل بلد عربي أو إسلامي، حتى ينشغلوا بأنفسهم وينسوا
تمامًا أنهم أمة عربية واحدة، ينتمون إلى جامعة إسلامية واحدة.
مخاطر العولمة في الجانب الاجتماعي:
17-
شيوع الثقافة الاستهلاكية - لأنّ العولمة تمجِّد ثقافة الاستهلاك - التي
استخدمتْ كأداة قوية فاعلة في إطلاق شهوات الاستهلاك إلى أقصى عنان، ومِن
ثَمَّ تشويه التقاليد والأعراف السائدة في العالم الإسلامي.
18- تغريب الإنسان المسلم، وعزله عن قضاياه وهمومه الإسلامية، وإدخال الضعف لديه، والتشكيك في جميع قناعته الدينية، وهويته الثقافية.
19-
إشاعة الجنس وثقافة العنف التي مِن شأنها تنشئة أجيال كاملة تؤمن بالعنف
كأسلوب للحياة وكظاهرة عادية وطبيعية، وما يترتّب على ذلك من انتشار
الرذيلة والجريمة والعنف في المجتمعات الإسلامية، وقتل أوقات الشباب
بتضييعها في توافه الأمور، وبما يعود عليه بالضرر البالغ في دينه وأخلاقه
وسلوكه وحركته في الحياة، وتساهم في هذا الجانب شبكات الاتصال الحديثة
والقنوات الفضائية وبرامج الإعلانات والدعايات للسلع الغربية، وهي مصحوبة
بالثقافة الجنسية الغربية التي تخدش الحياء والمروءة والكرامة الإنسانية.
ولقد أثبتت الدراسات الحديثة خطورة
القنوات الفضائية - بما تبثه من أفلام ومسلسلات جنسية فاضحة - على النظام
التعليمي والحياة الثقافية والعلاقات الاجتماعية ونمط الحياة الاقتصادية في
العالَم الإسلامي، كما أثبتت الدراسات الحديثة أن شبكة المعلومات الدولية
(الإنترنت) أكبر قوة دافعة للعولمة المدوية لصناعة الجنس.
20-
انتشار نوعية مميزة من الثقافة المادية والمعنوية الأمريكية؛ حيث سيطرت
الثقافة الأمريكية الشعبية على أذواق البشر، فأصبحت موسيقا وغناء مايكل
جاكسون، وتليفزيون رامبو، وسينما دالاس، هي الآليات والنماذج السائدة في
مختلف أنحاء العالم، وأصبحت اللغة الإنجليزية ذات اللكنة الأمريكية هي
اللغة السائدة.
21-
انتشار الأزياء والمنتجات الأمريكية في كثير من الدول الإسلامية؛ لأنَّ
هذه السلع تحمل في طيَّاتها ثقافة مغايرة تسحق ثقافات الأمم المستوردة لها،
وظهور اللغة الإنجليزية على واجهات المحلات والشركات، وعلى اللعب
والهدايا، وعلى ملابس الأطفال والشباب.
قد ينبري بعض السذج من الناس فيقول:
وأي خطر حقيقي يمكن أن يهدّد المسلمين إذا شاعتْ هذه المطاعم والأزياء والتقاليد والمنتجات الأوربية والأمريكية؟!
وأي خطر حقيقي يمكن أن يهدّد المسلمين إذا شاعتْ هذه المطاعم والأزياء والتقاليد والمنتجات الأوربية والأمريكية؟!
والجواب: هو المثل الفرنسي المشهور الذي يقول: أَخبرْني ماذا تأكل، أُخبرك مَن أنت.
فالأزياء, والمطاعم، والمأكولات
والمشروبات، وغيرها من المنتجات، تجلب معها مفاهيم بلد المنشأ، وقيمه
وعاداته ولغته، وذلك يوضح الصلة الوثيقة بين هذه المنتجات وبين انفراط
الأسرة، وضعف التديُّن، وانتشار الكحول والمخدِّرات، والجريمة المنظمة،
وأيضًا فإنَّ أي مطعم أو متجر من (الماركات) الغربية المشهورة يقام في
بلادنا - ينهار أمامه عشرات المؤسسات الوطنية الوليدة، التي لا تملك أسباب
المنافسة، ممَّا يزيد من معدلات الفقر والبطالة، ولقد ثبت أنَّ الأزياء
الأوربية والأمريكية قد كتبت عليها عبارات باللغة الإنجليزية تحتوي على
ألفاظ وجُمَل جنسية مثيرة للشهوات، ومُحَرِّكة للغرائز الجنسية، وأيضًا لا
دينية، تمس المشاعر والمقدسات والأخلاق الإسلامية، وتروج للثقافة الغربية
التي تقوم على الإباحية والحرية الفوضويَّة في مجال العلاقات بين الرجل
والمرأة.
ولقد أدركت بعض الدول خطورة الآثار
الثقافية للعولمة في بلدانها، ومن هذه الدول فرنسا، فهذا وزير العدل
الفرنسي جاك كوبون يقول: "إن الإنترنت بالوضع الحالي شكلٌ جديد من أشكال
الاستعمار، وإذا لم نتحرك فأسلوب حياتنا في خطر، وهناك إجماع فرنسي على
اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة لحماية اللغة الفرنسية والثقافة الفرنسية من
التأثير الأمريكي"، بل إن الرئيس الفرنسي جاك شيراك عارض قيام مطعم
ماكدونالدز، والذي يقدم الوجبات الأمريكية، مسوغًا ذلك أن يبقى برج إيفل
منفردًا بنمط العيش الفرنسي، كما قام وزير الثقافة الفرنسي بهجوم قوي على
أمريكا في اجتماع اليونسكو بالمكسيك، وقال: "إني أستغرب أن تكون الدول التي
علَّمت الشعوب قدرًا كبيرًا من الحرية، ودعت إلى الثورة على الطغيان، هي
التي تحاول أن تفرض ثقافة شمولية وحيدة على العالم أجمع، إن هذا شكل من
أشكال الإمبريالية المالية والفكرية، لا يحتل الأراضي، ولكن يصادر الضمائر،
ومناهج التفكير، واختلاف أنماط العيش.
22- ومن
مخاطر العولَمة في الجانب الاجتماعي: أنها تركز على حرية الإنسان
الفردية إلى أن تصل للمدى الذي يتَحَرَّر فيه من كل قيود الأخلاق والدِّين
والأعراف المرعية، والوصول به إلى مرحلة العدمية, وفي النهاية يصبح الإنسان
أسيرًا لكل ما يعرض عليه من الشركات العالمية الكبرى التي تستغله أسوأ
استغلال، وتلاحقه به بما تنتجه وتروج له من سلع استهلاكية أو ترفيهية، لا
تدع للفرد مجالاً للتفكير في شيء آخر وتصيبه بالخوف.
23-
تكريس النزعة الأنانية لدى الفرد، وتعميق مفهوم الحرية الشخصية في العلاقة
الاجتماعية، وفي علاقة الرجل بالمرأة، وهذا بدوره يؤدي إلى التساهل مع
الميول والرغبات الجنسية، وتمرد الإنسان على النظم والأحكام الشرعية التي
تنظم وتضبط علاقة الرجل بالمرأة، وهذا بدوره يؤدي إلى انتشار الإباحية
والرذائل، والتحلل الخلقي، وخدش الحياء والكرامة والفطرة الإنسانية.
24-
إنَّ ثقافة العولمة ثقافة مادية بحتة، لا مجال فيها للروحانيات أو العواطف
النبيلة، أو المشاعر الإنسانية، إنها تهمل العلاقات الاجتماعية القائمة
على التعاطُف والتكافل والاهتمام بمصالح وحقوق الآخرين ومشاعرهم، فهي تشكل
عالمًا يجعل من الشح والبخل فضيلة، ويشجع على الجشع والانتهازية والوصول
إلى الأهداف بأية وسيلة، دون أدنى التفات إلى القيم الشريفة السائدة في
المجتمع.
25-
إنّ وسائل العولمة في مجال الإعلام والاتصالات - وخاصة الأقمار الصناعية -
التي تدور حول العالم في كل لحظة، وتتسلل إلى البيوت على وجه الأرض كلها،
دون استئذان، وتلعب بشخصية الأفراد والأمم جميعًا - تثير في برامجها
وأنشطتها الشهوات الجنسية، وتزين عبادة الجسد، وتشيع أنواع الشذوذ، وتحطم
قيم الفطرة الإنسانية الرفيعة، فتتناقض بذلك مع النظام الإسلامي الاجتماعي
والأخلاقي الذي أراد الإسلام في ظلِّه أن يبني مجتمعًا نظيفًا، مؤمنًا
فاضلاً عفيفًا؛ جاء في خطاب الرئيس بوش - الابن - عن حال الاتحاد اليهودي
المسيحي في 29 يناير عام 2002م: "ومن الآن فصاعدًا يحق للعالم: تناول الخمر
والتدخين، وممارسة الجنس السوي أو الشذوذ الجنسي، بما في ذلك سفاح
القربى واللواط، والخيانة الزوجية، والسلب، والقتل، وقيادة السيارات بسرعة
جنونية، ومشاهدة الأفلام والأشرطة الخلاعية داخل فنادقهم أو غرف نومهم".
هذه بعض مخاطر العولمة التي يجب على كل
مربٍّ وأب وأم ومعلم ومعلمة، وكل من هو مسؤول عن رعيته، أن يتعرف عليها،
ويحذر منها؛ حتى لا نقع فيها، أو نُساق لها ونحن لا نعلم.
عامر الأسمري
28/1/2010 ميلادي - 14/2/1431 هجري
(العولمة نقمة أم نعمة... ) ـ،||~/~|
ردحذفالعولمة في اللغة تعني ببساطة جعل الشيء عالمي الانتشار في مداه أو تطبيقه. وهي أيضاً العملية التي تقوم من خلالها المؤسسات، سواء التجارية أو غير التجارية، بتطوير تأثير عالمي أو ببدء العمل في نطاق عالمي. العولمة عملية اقتصادية في المقام الأول، ثم سياسية، ويتبع ذلك الجوانب الاجتماعية والثقافية وهكذا. أما جعل الشيء دولياً فقد يعني غالباً جعل الشيء مناسباً أو مفهوماً أو في المتناول لمختلف دول العالم.
أيضاً العولمة عملية تحكم و سيطرة ووضع قوانين و روابط، مع إزاحة أسوار وحواجز محددة بين الدول وبعضها البعض؛ وواضح من هذا المعنى أنها عملية لها مميزات وعيوب. أما جعل الشيء دولياً فهو مجهود في الغالب إيجابي صرف، يعمل على تيسير الروابط والسبل بين الدول المختلفة.
العولمة قد تكون تغيراً اجتماعياً ، وهو زيادة الترابط بين المجتمعات وعناصرها بسبب ازدياد التبادل الثقافي ، فالتطور الهائل في المواصلات والاتصالات وتقنياتهما الذي ارتبط بالتبادل الثقافي والاقتصادي كان له دوراً أساسياً في نشأتها. والمصطلح يستخدم للإشارة إلى شتى المجالات الاجتماعية، الثقافية، الاقتصادية، وتستخدم العولمة للاشارة إلى:
تكوين القرية العالمية: أي تحول العالم إلى ما يشبه القرية لتقارب الصلات بين الأجزاء المختلفة من العالم مع ازدياد سهولة انتقال الافراد، التفاهم المتبادل والصداقة بين "سكان الارض".
العولمة الاقتصادية: ازدياد الحرية الاقتصادية وقوة العلاقات بين أصحاب المصالح الصناعية في بقاع الارض المختلفة.
التأثير السلبي للشركات الربحية متعددة الجنسيات، أي استخدام الأساليب القانوية المعقدة والاقتصادية من الوزن الثقيل لمراوغة القوانين والمقاييس المحلية وذلك للاستغلال المجحف للقوى العاملة والقدرة الخدماتية لمناطق متفاوتة في التطور مما يؤدي إلى استنزاف أحد الأطراف (الدول) في مقابل الاستفادة والربحية لهذه الشركات.
لكن مع الاسف العولمة نقمة على دول العالم الثالث وذلك لأن:
ـ افتقار النظام الاقتصادي العالمي لوجود آلية دولية تكفل حماية الدول الفقيرة خلال الأزمات المالية، حيث أثبتت أزمة جنوب شرق آسيا عدم وجود تكامل بين عناصر الاقتصاد العالمي لمكافحة الفقر وحماية محدودي الدخل في مثل هذه الأزمات.
ـ تعرُّض الدول النامية لضغوط بسبب محاولات الدول المتقدمة فرض أجندة من الأولويات تراعي مصالحها الاقتصادية، في نفس الوقت الذي إذا تحدثت فيه الدول النامية عن حقوق الملكية الفكرية وحقها في حماية مواردها لا تجد اعترافاً أو قبولاً من الدول المتقدمة.
ـ تأثر عمليات التنمية الاقتصادية في الدول النامية بعملية العولمة، حيث أدت إلى تراجع التمويل الدولي المقدم للتنمية الاقتصادية في الدول النامية إلى الخُمْس منذ عام 1992م، وهو ما أدى إلى زيادة أعداد البطالة في دول الجنوب؛ حيث وصلت إلى حوالي مليار عاطل في الدول النامية بما فيها دول مجموعة الـ 15.
ـ تعرضت صادرات العالم الثالث لمعوقات لا علاقة لها بالتجارة عند دخولها أسواق الدول المتقدمة، مثل معايير العمل ومعايير الصحة والسلامة، وكذلك تعرُّض أسعار هذه الصادرات للتدهور؛ حيث إن أسعارها الحالية لا تعكس أسعارها الحقيقية طوال العقدين الماضيين.
ـ سماح العولمة بتفضيل بعض الدول وتهميش الضعفاء والتذرع بالعولمة لاستخدام النفوذ وفرض الهيمنة واستخدام القوة والعقوبات الاقتصادية، وكذلك حجب التكنولوجيا عن الدول الساعية إلى النمو، وهو ما يزيد من حدة الصراع بين الشمال والجنوب، ويزيد الفجوة الاقتصادية بين الطرفين.
ـ تزايد الخلل في توازن الاقتصاد العالمي واستمرار عدم الاستقرار في أسواق المال الدولية، وهو ما يدعو للقلق من نمط العلاقات الاقتصادية الدولية السائد حالياً الذي أدى إلى تناقص معدلات النمو في الدول النامية من 6% إلى 2% في المتوسط
وهذا منقول للفائدة