الثلاثاء، 21 مايو 2019

«سعودي أوجيه» والألعاب النارية

          يعشق اللبنانيون الألعاب النارية, وبالأمس (ولعتْ) باللبناني أي (أشعلتْ) شركة سعودي أوجيه والقائمون عليها الألعاب النارية احتفالاً بـ
الحكم القضائي الصادر من محكمة التنفيذ بالرياض بالأمس الاثنين 20/5/2019م, وملخصه: أن حجم المديونيات على الشركة قدره (21) مليار ريال, في حين أن المبالغ الموجودة في حساب المحكمة لصالح الشركة قدرها (83) مليون ريال, في حين أن المبالغ الموجودة في حسابات الشركة قدرها (171) ألف ريال!, وقد جاء في القرار أن عدد المطالبات في الفترة الأولى يزيد على (6000) مطالبة.
وقد عرضت دائرة التنفيذ على الدائنين التسوية الودية, بحيث يستوفوا ما لهم من ديون محاصة من موجودات الشركة, وأن يأخذ كل منهم ما نسبته (1%) من دينه! والذي قوبل بالرفض.
فصدر القرار القضائي بتوزيع الموجودات على الدائنين, بحيث يكون الأولوية في السداد على الترتيب الآتي: 1- مصروفات التنفيذ. 2- الديون المرهونة بالصكوك العقارية (وهي ديون للدولة). 3- أجور العمال. 4- المبالغ المستحقة للدولة. 5- بقية الدائنين.
ومع علمنا أن نقد الأحكام القضائية, وبخاصة المنظور منها غير مكتسب القطعية بعد, متروك الرأي الأخير فيه للجهات الاستئنافية, إلا أن هذا الحكم يخص الآلاف وقد سُلم لهم وانتشر, وموضوعه رأي عام, ومن هنا جاء المقال.
إن الشركات تربح وتخسر, ولذا جاء نظام الإفلاس ليُنظم حالات الشركات المُفلسة أو المتعثرة, إلا أن الإفلاس قد يكون اعتيادي, ناتج بحكم أن التجارة ربح وخسارة, وقد يكون تقصيري ناتج من تقصير الإدارة والملاك وتفريطهم, وقد يكون احتيالي ناتج عن العديد من الممارسات غير المشروعة أو تهريب للأموال وإخفائها.
من هنا كان لزاماً لمعالجة مثل هذه القضايا الكبيرة بحجم مبالغها, وأعداد المتضررين منها, وما تمثله من إضرار بالاقتصاد الوطني عموماً وبأطراف عدة من التجار والموردين والدائنين خصوصاً, أن نسأل أصحاب الفضيلة قضاة التنفيذ عن الآتي:
1- هل استفسروا عن الأموال الموجودة لدى الشركة (المادة 16 من نظام التنفيذ)؟ فإن كان الجواب كما أسلفنا, بحيث أن الموجودات لا تغطي (1%) من الديون, فحق لنا أن نسأل:
2- أليس هذا يُعد قرينة على وجود – أو احتمالية وجود – تلاعب؟ أو تحايل؟ أو تقصير؟ أو تفريط؟ ألا يوجد احتمالية عبث يستحق السؤال؟!.
3- هل أمر قاضي التنفيذ بالتفتيش على سجلات الشركة؟ لمعرفة مآل الأموال, وسبب الخسارة, هل هُربت الأموال أو أخفيت؟ هل تبخُرُها كان بفعل فاعل أم بفعل القضاء والقدر؟ (المادة 16/1).
4- هل سُئِل محاسب الشركة عن ذلك؟ وهل التزم المحاسب بالإفصاح والبيان (م/17)، هل سُئِل وحُقق مع كبار موظفي الشركة عن ذلك (م/17).
5- هل سُئِلت وزارة التجارة أو طُلب منها التحقيق والتفتيش على الشركة, وعن حالها وسبب خسارتها ومآل أموالها (م/17)، هل من المقبول أن تُمارس الشركة أعمالها وتستمر في أنشطتها رغم تجاوز الخسائر أضعاف مضاعفة رأس المال المُعلن؟ ومن يُسائل المقصر والمفرط؟ والذي سبب في الإجرام والإضرار في حق الآلاف.
6- هل كلفَ قاضي التنفيذ خبيراً ذات دراية ومعرفة للتفتيش على سجلات الشركة لمعرفة كيف تحققت الخسارة؟.
7- هل سُئلت البنوك ومؤسسة النقد ووزارتي الداخلية والتجارة عن ما لديها من معلومات (م/17/1).
8- ما الإجراءات التي اتخذها قاضي التنفيذ؟ كمنع من السفر وغير ذلك بحق المديرين أو المحاسبين أو الملاك؟ (م/17/3).
9- هل تم التحقق من تسلسل حركة عقارات الشركة وموجوداتها وأموالها؟ للتوثق من: عدم تهريب أو إخفاء للأموال؟.
10- هل أخذت الإقرارات القضائية اللازمة من إدارة الشركة وملاكها عن سبب الخسارة ومآل الأموال؟ تحت طائلة مسؤوليتهم القضائية عن صحة الإقرارات.
11- هل استفسرَ من وزارة المالية؛ هل توجد مستخلصات للشركة؟.
12- هل هناك أموال للشركة على الغير؟ وما هي الإجراءات القضائية المتخذة لأجل تحصيلها, وفاءً للدائنين؟.
13- ما هي الإجراءات التي اتخذها القاضي لأجل الاستعلام عن الأموال, والاستجواب والتتبع؟ (م/77).
14- كون الفرق كبيراً بين ما للشركة وما عليها, هل يُعد ذلك قرينة على وجود تقصير أو تهريب أو إخفاء أموال؟ وهل للقاضي حبس مدراء في الشركة, وبخاصة أن حجم الدين كبير؟ (م/78/1).
15- هل اتخذ القاضي الإجراءات اللازمة لمعرفة سبب الخسارة, أهو اعتيادي أو تقصيري أو احتيالي؟ (م/80).
إن المادة (88) تنص على المعاقبة بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات, كل مدين: أ- ثبت قيامه بإخفاء أمواله, أو تهريبها, أو امتنع عن الإفصاح عما لديه من أموال. د- كذب في إقراراته أمام المحكمة, أو كذب في الإجراءات, أو قدم بيانات غير صحيحة, وتسري هذه العقوبات على كل من أعان الشركة المدينة على ذلك أو ساعدها بارتكاب أحد الجرائم المذكورة, كما تسري على الممثل النظامي للشركة ومنسوبيها.
كما تعاقب المادة (90) بالسجن مدة لا تزيد على خمس عشر سنة كل مدين ثبت أن سبب مديونيته قيامه بعمل احتيالي, أو قيامه بتبديد أمواله إذا كانت الأموال كثيرة ولو ثبت إعساره في الحالتين, وتعد هذه الأفعال من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف.
إنني أطرح الاستفسارات أعلاه, من وجهة نظر شرعية قانونية بحتة, وذلك لأنه من غير المسموح في القضايا الكبيرة التي تمس اقتصاد البلاد وهذا الكم حجماً وعدداً, إلا أن تتخذ جميع الإجراءات في سبيل التحقق من الحالة, وتحقيق مطلب حماية الدائنين كما حماية المدين.
وليس القصد الشركة بذاتها أو ملاكها, فديدن الحقوقيون الترفع عن الاعتبارات الشخصية والخاصة, إن ما يعنينا هو تطبيق صحيح الإجراءات القضائية واجبة الاتخاذ في مثل هذه الحالة, وحوكمتها, سواء ما تعلق بكفاية المواد النظامية! أو بسلطة القضاء وكفاءته! لمعالجة قضايا كبيرة شائكة مثل هذه القضية, التي تقتضي الحكمة وتحقيق التوازن بين ما للدائنين والمدين على السواء من حقوق.
إننا لا نصدر الأحكام, ولكننا نطلب اتخاذ ما يمكن اتخاذه حماية للاقتصاد ومقوماته وأطرافه, حفظ الله الجميع.


عاصم العيسى

محامي ومحكم معتمد في القضايا المصرفية والأوراق المالية
النائب المُعين عن مساهمي شركة المعجل
AsemAlessa @

المصدر

--------------------
مواضيع مشابهة - أو ذات صلة :

لا مستحقات للموظفين وملكية أوجيه في جدة لحسام


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..