إعتراف في الوقت الضائع !

        اعترف الشيخ عائض القرني اليوم ببعض أخطاء الصحوة غير المباركة التي كاد البعض يخرجنا من الدين عندما انتقدناها.

قد يحمد البعض للشيخ

عائض شجاعته ويشكره على صراحته ومراجعته لفكره..وقد أكون منهم ربما..ولكنني أرى أن الأحق بالشكر والامتداح هي تلك الأقلام التي واجهت ذلك التيار في أوج انتشاره وسيطرته..تلك الأصوات التي اتهمت بالضلالة في وقتها..وعانت الأمرين..ونال أرباب التيار منهم ومن أعراضهم وسمعتهم..وحُرم بعضهم من وظائفهم..وتم فصلهم لأنهم قالوا كذا أو فعلوا كذا مما لا يعجب التيار..مثل أولئك النسوة اللاتي سارع المتطرفون إلى التشنيع عليهن والتحريض حتى فقدت بعضهن وظيفتها لأنها قادت السيارة.

الأحق بالشكر هي تلك الكفاءات التي همشت وأقصيت لأنها كانت حليقة الدقن قصيرة الثوب فقط.

الأحق بالشكر غازي القصيبي ومحمد الرشيد اللذين رغم وصولهما للوزارة ودوائر صنع القرار إلا أنهما لم يسلما من المؤامرات والتشكيك في الذمة والدين والتحريض والإساءة والدعاء عليهما من على المنابر..هذا وهما وزيران نالا ثقة ولي الأمر..فما بالك بالأدنى منهما وظيفة أو مركزاً.

لقد اعترف القرني اليوم أن مجتمعنا كان يرزح تحت وطأة ذلك الفكر الإقصائي الشكلي المتشدد..وهذا ما حذر منه المسلمون المعتدلون منذ سنوات..ولكن لم يسمع لهم أحد.

والأخطر في الأمر كله..أن هناك أفراداً من هذا التيار تحزَّبوا..وأصبح لديهم أجندات سياسية وعلاقات خارجية..وبعضهم انغمس في المؤامرات ضد وطنه..وبعضهم أصبح إرهابياً.

إن ما يحزُّ في النفس حقاً الثمن الذي دفعه مجتمعنا خلال تلك الفترة..ولا قيمة من وجهة نظري لأي اعتراف..عندما أتذكر الكفاءات التي أقصيت وأسباب التقدم والحضارة التي أهدرت والنفوس التي أزهقت والسنوات التي ضاعت..عندما أتذكر أبناءنا الأكفاء وكيف تم إقصاؤهم وتم تزهيدهم حتى في العلوم النافعة..وعندما أتذكر أبناءنا الذين تم تحريضهم فذهبوا إلى أصقاع الأرض طلباً للموت.

بالنسبة لي..لم أستغرب مما أدلى به القرني اليوم..وإنما أستغرب من استغراب الناس لكلامه..ولعلهم ينتبهون..ولعلهم يعون..ولعلهم يفقهون.

صالح جريبيع الزهراني
2 رمضان 1440
جدة