"المجاهد" في أفغانستان والمطارد في السودان والغامض في تركيا والسجين في ليبيا والمحظي لدى قطر. القصة الكاملة لتحولات "الجهاد" مع بن لادن وقتال القذافي و
محاضن تركيا وسجون ليبيا وصناعة الثورة والثروة. ثريد عن رجل خلع بزة الحرب وارتدى بدلة المال والسياسة.
أغسطس … 2011 سويعات قبل السقوط النهائي لباب العزيزية معقل القذافي في طرابلس، وإذ بالمشهد الليبي يلفت أنظار دوائر المخابرات العالمية، ويثير أسئلة الصحافة العالمية، ويرسل رسالة لكل "الإرهابيين" في العالم، لأن رجلاً الآن يطل عبر شاشة قناة الجزيرة القطرية اسمه عبدالحكيم بلحاج.
كان المشهد مثيراً في كل تفاصيله، لأن هناك تاريخاً يُصنع الآن في ليبيا، والمخرج يقدم البطل للمشاهدين، ويرسم ملامح المستقبل لهذا البلد الذي يوشك أن يلحق ببلدان سبقته وهي تونس ومصر في المسرح الكبير الذي يحمل عنوان "الربيع العربي".
القصة تتلخص في "تبييض" رجل استثمرته المخابرات العالمية، بما يمكن تسميته تواطئ من ماليزيا، وطمع من تايلند، وحرفية من بريطانيا، ليقع في يد المخابرات الأمريكية CIA التي استخرجت منه ماتريد قبل أن تسلمه للنظام الليبي الذي سجنه، حتى ظهر عبر الجزيرة ينظر للدولة المدنية!
ذهب بلحاج إلى أفغانستان 1988، وكانت المعارك الطاحنة وقتها على أشدها بين أمراء الحرب الأفغان وجنودهم العرب ضد القوات السوفييتية الغازية، وتعرف هناك على كل رموز الحرب العرب والعجم، وفهم هناك كيفية اللعب على المتناقضات والمناورة مع كل مخابرات العالم.
بعد سقوط كابل عام 1989 انقطعت أخبار بلحاج، حتى عن المقربين له في رحلة القتال الأفغاني، وعجزت الكثير من المخابرات العالمية عن تحديد مكانه، حتى ظهرت تكهنات بأنه في السودان، المكان المفضل حينها لزعامات الأفغان العرب وعلى رأسهم أسامه بن لادن.
ولكن لم تكن السودان هي المحطة الوحيدة، بل تخللها إقامة طويلة في تركيا، وهي الإقامة التي أعادت تشكيل الكثير من أفكاره لتهيئته لمرحلة بعيدة المدى سيتم صناعتها لاحقاً، و كانت تركيا حينها ملجأً للعديد من القيادات، وممراً آمنا للاتصال بإيران. حيث أفتى بلحاج بجواز العمل مع طهران
مكث بلحاج هناك حتى العام 1994 حيث قرر من هناك الذهاب إلى بلده ليبيا للقيام بمهمة تجميع فلول المقاتلين والأفغان العرب الذين عادوا لليبيا و "نقل الخبرة" للمتشددين الذين انضموا لهم، حيث انطلقت معسكرات التدريب في الجبل الأخضر تحضيرا لاستهداف النظام الليبي ودعما للمقاتلين في الجزائر.
لم تمض سنة واحدة حتى تعرض التنظيم لضربات أمنية موجعة قُتل على إثرها القائد عبدالرحمن حطاب، وهرب بعدها بلحاج مرة أخرى إلى أفغانستان بعد أن اكتسب الخبرة والمعرفة لتسهيل مروره من كل هذه الدول سواء السودان أو تركيا أو إيران، حتى وصل وجهته ليبدأ مرحلة جديدة.
هنا نتوقف لذكر بعض المعلومات المهمة عن تلك الفترة بين عودة تشكيل الجماعة وبين ضربها، حيث حدثت الكثير من العمليات في ليبيا والجزائر على حد سواء، ومن ذلك مقل جنود ليبيين وكذلك زوجين ألمانيين في سرت بطريقة وحشية على طريقة الجماعات الجزائرية التي كانت تفتي بقتل أطفال ونساء العسكر.
وفي أفغانستان عاد الرفاق للاجتماع مرة أخرى، وكانت الأرض مهيأة لهم أكثر بحكم تفرغهم للعمل لأن طالبان في حينها استولت على أغلب المناطق، ووفرت للأفغان العرب وعلى رأسهم أسامة بن لادن الدعم والملاذ والأمان لتكون أفغانستان قاعدة لاستهداف كل الدول الإسلامية.
خلصت اجتماعات الرفاق الليبيين إلى تنصيب بلحاج أميرا للجماعة الليبية المقاتلة بتزكية من بن لادن، وتعيين أبو المنذر سامي الساعدي مسؤولاً شرعياً وأبو حازم خالد الشريف مسؤولا أمنيا، والعشرات من الجنود فيما بدأت الاتصالات في الداخل الليبي لتهيئة الأرض لقدوم القيادات للعمل القتالي.
وأصدرت الجماعة حينها بياناً يدعم الجماعات الجزائرية الإرهابية، وتكفير النظام والمؤسسة العسكرية في الجزائر، بدعوى أنه جهاد، واعتمد البيان بلحاج نفسه، بـ"مواربة فقهية" من قادة التنظيم الأكبر (القاعدة) مثل بن لادن والظواهري وغيرهم الذي يتمركزون في أفغانستان تلك الفترة.
استمر بلحاج في قيادة التنظيم عن بعد، ونفذ الكثير من العمليات منها محاولتين لاغتيال العقيد معمر القذافي والبقية استهدفت كل من له علاقة بالدولة بما في ذلك أعضاء الشورى والجنود والعاملين في المصالح الحكومية، وكانت البيانات تصدر من أفغانستان بتحديث مستمر للعمليات.
التحول الكبير حدث حينما اندلعت أحداث 11 سبتمبر 2001 التي تسببت في أكبر مصيدة دولية للإرهابيين حول العالم، حيث تشظوا في كل بلاد العالم الإسلامي فبدؤوا "جهادهم" الجديد ضد أهلهم في كل بلد على حدة، مصر والسعودية واليمن والعراق وليبيا وغيرها، إلا بلحاج فلم يعلم أحد مكانه.
استمرت العمليات في ليبيا مع عدم وجود شخص يحمل اسم عبدالحكيم بلحاج بشكل رسمي، حتى حدث المفاجأة في كوالالمبور العام 2004، حين اتصل ماليزيون ببلحاج معلنين أنهم اكتشفوه وأن الأمريكان كذلك، وأنهم يلاحقونه، حينها كان بلحاج مع زوجته مختبئا هناك بجواز مزور يحمل اسم (عبدالله الصادق).
اتضح لاحقاً أن المخابرات البريطانية هي من كان لديها قصب السبق في الاكتشاف، وأن الماليزيين تخلصوا منه -ربما لأسباب قانونية- إلى مطار بانكوك وهناك سلمه التايلنديون إلى محققي CIA الذين كانوا ينتظرونه بسيل من التحقيقات قبل أن تتم صفقة غامضة مع المخابرات الليبية تسلمته بموجبها.
وهناك في سجون ليبيا بدأت قصة جديدة أبطالها كثيرون، منهم رموز دينية سعودية وأنظمة خليجية، ومخابرات دولية، فضلا عن الدور الكبير الذي قام به سيف الاسلام القذافي الذي كان يقود جمعية للتنمية ولكنها كانت تركز في عملها على الصفقات مع قيادات الإرهاب في السجون.
بعد سجنه بسنوات، قاد بلحاج عملية تغيير فكري "مراجعات" مع رفقائه من الجماعة داخل السجون، أفضت إلى كتاب شهير حمل عنوان "دراسات تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس"، حملت تغييرا كبيراً ونقلت الكثير من الأفكار عن السعودي سلمان العودة والقطري يوسف القرضاوي.
وبالفعل تحقق المطلوب وحدثت المصالحة الكبرى التي بموجبها تم إطلاق سراحهم في العام 2010 وهو العام بالتحديد الذي تواجد فيه الكثير من رموز الإخوان هناك وخصوصا الخليجيين والمصريين في المساجد حيث يثنون على القذافي وليبيا وشبابها.
عام واحد حتى اندلعت ثورة "الناتو" كما يحب تسميتها البعض، لأنها الثورة العربية الوحيدة التي شاركت فيها قوات الناتو بفرض حظر جوي وقصف مباشر للجيش الليبي، في الوقت الذي كان يظهر فيه بلحاج على قنوات فرنسا شاكراً لأمريكا الأفغان وفرنسا ليبيا
وهنا ظهر بلحاج مجدداً ببزته العسكرية مقدماً نفسه فاتحاً لليبيا، ويظهر بجواره في ظهوره الأول ضابط المخابرات القطري الشهير حمد بن فطيس، وتحدث لقناة الجزيرة وهو ماجعل قادة الثوار يتساءلون كيف يحدث ذلك؟
أيام حتى بدأت الآلة الإعلامية القطرية بعمليات تبييض مستمر لـ "سيرة القاعدي القديم" فنشرت الكثير من الأخبار عنه ثم أظهرته في لقاء حصري مع المذيع الإخواني الشهير صاحب المهمات الخاصة أحمد منصور وهو يلقنه ما يجب أن يقوله حرفياً عن إنشاء دولة "مدنية".
الآلة ذاتها وضعت له برامج وفعاليات أخرى مع العديد من رموز التيار الحركي، وظهر في عديد الصور مع بعض المنظرين لما يعرف بالربيع العربي وأهمهم السعودي سلمان العودة ويوسف القرضاوي ورفيقه القديم علي الصلابي
يعرف القطريون أن مشاركة الناتو لن تكون بلا ثمن، ولن يترك الحبل للجماعات الإرهابية في حديقة أوروبا الخلفية وخصوصاً إيطاليا وفرنسا، ولذلك تم بحرص لامتناهي تقديم بلحاج كرجل تعددي وصاحب أفكار تقدمية تدعو للحرية والعدالة والليبرالية
كان في الوقت ذاته بلحاج على تواصل برفقاء الأمس من الأفغان العرب الذين قدمت لهم الثورات فرصة ذهبية للخروج من السجون، وعلى الفور حضر اسمه في أشهر عمليتي اغتيال في ليبيا وتونس، حيث اغتيل القائد العسكري الليبي الشهير عبدالفتاح يونس ، وفي تونس القائد السياسي شكري بلعيد في العام 2013
ووسط هذه الأجواء كان بلحاج مطيعاً جداً لخدمة المشروع الذي يُطبخ في دهاليز الدوحة واسطنبول، حيث تم انتدابه للأراضي التركية لتدريب نواة قوة قتالية من السوريين، حيث رصدته أجهزة مخابرات دولية وكشفت دوره في ذلك
ولكن "التبييض" القطري التركي لم يكن كافياً لتمرير شخصية بهذا التاريخ في الأوساط الانتخابية، ففشل فشلا ذريعا في الانتخابات التي دخلها مؤسسا لحزب الوطن "ذو الألوان والهوية المشابهة للخطوط القطرية"، وعرف حينها أن مجاله هو المال.
فبدأ أولا باستخدام 75 مليون دولار كان قد استولى عليها من أحد مقرات القذافي، وبمساعدة من النظام القطري بالغطاء السياسي أنشأ شركة الأجنحة للطيران التي بدأت صفقاتها مع نظام قطر الذي اشترى عبر بلحاج طائرات عالقة في مالطا نتيجة عدم الإذن لها بدخول ليبيا بمبلغ تجاوز 700 مليون دولار
الآن؛ يملك الكهل الوسيم ملياري دولار من دخل شركته، كانت حصيلة جيدة من مكاسب ثورة "الناتو" التي عصفت بليبيا حتى اليوم، وصار غنياً لدرجة أنه لايعير اهتماما لمبلغ التعويض الذي أقرته بريطانيا له تعويضاً عن الوشاية به قبل تسليمه للقذافي، وللإسلامويين مع بريطانيا قصة أخرى.
المرجع
-
.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
محاضن تركيا وسجون ليبيا وصناعة الثورة والثروة. ثريد عن رجل خلع بزة الحرب وارتدى بدلة المال والسياسة.
أغسطس … 2011 سويعات قبل السقوط النهائي لباب العزيزية معقل القذافي في طرابلس، وإذ بالمشهد الليبي يلفت أنظار دوائر المخابرات العالمية، ويثير أسئلة الصحافة العالمية، ويرسل رسالة لكل "الإرهابيين" في العالم، لأن رجلاً الآن يطل عبر شاشة قناة الجزيرة القطرية اسمه عبدالحكيم بلحاج.
كان المشهد مثيراً في كل تفاصيله، لأن هناك تاريخاً يُصنع الآن في ليبيا، والمخرج يقدم البطل للمشاهدين، ويرسم ملامح المستقبل لهذا البلد الذي يوشك أن يلحق ببلدان سبقته وهي تونس ومصر في المسرح الكبير الذي يحمل عنوان "الربيع العربي".
القصة تتلخص في "تبييض" رجل استثمرته المخابرات العالمية، بما يمكن تسميته تواطئ من ماليزيا، وطمع من تايلند، وحرفية من بريطانيا، ليقع في يد المخابرات الأمريكية CIA التي استخرجت منه ماتريد قبل أن تسلمه للنظام الليبي الذي سجنه، حتى ظهر عبر الجزيرة ينظر للدولة المدنية!
ذهب بلحاج إلى أفغانستان 1988، وكانت المعارك الطاحنة وقتها على أشدها بين أمراء الحرب الأفغان وجنودهم العرب ضد القوات السوفييتية الغازية، وتعرف هناك على كل رموز الحرب العرب والعجم، وفهم هناك كيفية اللعب على المتناقضات والمناورة مع كل مخابرات العالم.
بعد سقوط كابل عام 1989 انقطعت أخبار بلحاج، حتى عن المقربين له في رحلة القتال الأفغاني، وعجزت الكثير من المخابرات العالمية عن تحديد مكانه، حتى ظهرت تكهنات بأنه في السودان، المكان المفضل حينها لزعامات الأفغان العرب وعلى رأسهم أسامه بن لادن.
ولكن لم تكن السودان هي المحطة الوحيدة، بل تخللها إقامة طويلة في تركيا، وهي الإقامة التي أعادت تشكيل الكثير من أفكاره لتهيئته لمرحلة بعيدة المدى سيتم صناعتها لاحقاً، و كانت تركيا حينها ملجأً للعديد من القيادات، وممراً آمنا للاتصال بإيران. حيث أفتى بلحاج بجواز العمل مع طهران
مكث بلحاج هناك حتى العام 1994 حيث قرر من هناك الذهاب إلى بلده ليبيا للقيام بمهمة تجميع فلول المقاتلين والأفغان العرب الذين عادوا لليبيا و "نقل الخبرة" للمتشددين الذين انضموا لهم، حيث انطلقت معسكرات التدريب في الجبل الأخضر تحضيرا لاستهداف النظام الليبي ودعما للمقاتلين في الجزائر.
لم تمض سنة واحدة حتى تعرض التنظيم لضربات أمنية موجعة قُتل على إثرها القائد عبدالرحمن حطاب، وهرب بعدها بلحاج مرة أخرى إلى أفغانستان بعد أن اكتسب الخبرة والمعرفة لتسهيل مروره من كل هذه الدول سواء السودان أو تركيا أو إيران، حتى وصل وجهته ليبدأ مرحلة جديدة.
هنا نتوقف لذكر بعض المعلومات المهمة عن تلك الفترة بين عودة تشكيل الجماعة وبين ضربها، حيث حدثت الكثير من العمليات في ليبيا والجزائر على حد سواء، ومن ذلك مقل جنود ليبيين وكذلك زوجين ألمانيين في سرت بطريقة وحشية على طريقة الجماعات الجزائرية التي كانت تفتي بقتل أطفال ونساء العسكر.
وفي أفغانستان عاد الرفاق للاجتماع مرة أخرى، وكانت الأرض مهيأة لهم أكثر بحكم تفرغهم للعمل لأن طالبان في حينها استولت على أغلب المناطق، ووفرت للأفغان العرب وعلى رأسهم أسامة بن لادن الدعم والملاذ والأمان لتكون أفغانستان قاعدة لاستهداف كل الدول الإسلامية.
خلصت اجتماعات الرفاق الليبيين إلى تنصيب بلحاج أميرا للجماعة الليبية المقاتلة بتزكية من بن لادن، وتعيين أبو المنذر سامي الساعدي مسؤولاً شرعياً وأبو حازم خالد الشريف مسؤولا أمنيا، والعشرات من الجنود فيما بدأت الاتصالات في الداخل الليبي لتهيئة الأرض لقدوم القيادات للعمل القتالي.
وأصدرت الجماعة حينها بياناً يدعم الجماعات الجزائرية الإرهابية، وتكفير النظام والمؤسسة العسكرية في الجزائر، بدعوى أنه جهاد، واعتمد البيان بلحاج نفسه، بـ"مواربة فقهية" من قادة التنظيم الأكبر (القاعدة) مثل بن لادن والظواهري وغيرهم الذي يتمركزون في أفغانستان تلك الفترة.
استمر بلحاج في قيادة التنظيم عن بعد، ونفذ الكثير من العمليات منها محاولتين لاغتيال العقيد معمر القذافي والبقية استهدفت كل من له علاقة بالدولة بما في ذلك أعضاء الشورى والجنود والعاملين في المصالح الحكومية، وكانت البيانات تصدر من أفغانستان بتحديث مستمر للعمليات.
التحول الكبير حدث حينما اندلعت أحداث 11 سبتمبر 2001 التي تسببت في أكبر مصيدة دولية للإرهابيين حول العالم، حيث تشظوا في كل بلاد العالم الإسلامي فبدؤوا "جهادهم" الجديد ضد أهلهم في كل بلد على حدة، مصر والسعودية واليمن والعراق وليبيا وغيرها، إلا بلحاج فلم يعلم أحد مكانه.
استمرت العمليات في ليبيا مع عدم وجود شخص يحمل اسم عبدالحكيم بلحاج بشكل رسمي، حتى حدث المفاجأة في كوالالمبور العام 2004، حين اتصل ماليزيون ببلحاج معلنين أنهم اكتشفوه وأن الأمريكان كذلك، وأنهم يلاحقونه، حينها كان بلحاج مع زوجته مختبئا هناك بجواز مزور يحمل اسم (عبدالله الصادق).
اتضح لاحقاً أن المخابرات البريطانية هي من كان لديها قصب السبق في الاكتشاف، وأن الماليزيين تخلصوا منه -ربما لأسباب قانونية- إلى مطار بانكوك وهناك سلمه التايلنديون إلى محققي CIA الذين كانوا ينتظرونه بسيل من التحقيقات قبل أن تتم صفقة غامضة مع المخابرات الليبية تسلمته بموجبها.
وهناك في سجون ليبيا بدأت قصة جديدة أبطالها كثيرون، منهم رموز دينية سعودية وأنظمة خليجية، ومخابرات دولية، فضلا عن الدور الكبير الذي قام به سيف الاسلام القذافي الذي كان يقود جمعية للتنمية ولكنها كانت تركز في عملها على الصفقات مع قيادات الإرهاب في السجون.
بعد سجنه بسنوات، قاد بلحاج عملية تغيير فكري "مراجعات" مع رفقائه من الجماعة داخل السجون، أفضت إلى كتاب شهير حمل عنوان "دراسات تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس"، حملت تغييرا كبيراً ونقلت الكثير من الأفكار عن السعودي سلمان العودة والقطري يوسف القرضاوي.
وبالفعل تحقق المطلوب وحدثت المصالحة الكبرى التي بموجبها تم إطلاق سراحهم في العام 2010 وهو العام بالتحديد الذي تواجد فيه الكثير من رموز الإخوان هناك وخصوصا الخليجيين والمصريين في المساجد حيث يثنون على القذافي وليبيا وشبابها.
عام واحد حتى اندلعت ثورة "الناتو" كما يحب تسميتها البعض، لأنها الثورة العربية الوحيدة التي شاركت فيها قوات الناتو بفرض حظر جوي وقصف مباشر للجيش الليبي، في الوقت الذي كان يظهر فيه بلحاج على قنوات فرنسا شاكراً لأمريكا الأفغان وفرنسا ليبيا
وهنا ظهر بلحاج مجدداً ببزته العسكرية مقدماً نفسه فاتحاً لليبيا، ويظهر بجواره في ظهوره الأول ضابط المخابرات القطري الشهير حمد بن فطيس، وتحدث لقناة الجزيرة وهو ماجعل قادة الثوار يتساءلون كيف يحدث ذلك؟
أيام حتى بدأت الآلة الإعلامية القطرية بعمليات تبييض مستمر لـ "سيرة القاعدي القديم" فنشرت الكثير من الأخبار عنه ثم أظهرته في لقاء حصري مع المذيع الإخواني الشهير صاحب المهمات الخاصة أحمد منصور وهو يلقنه ما يجب أن يقوله حرفياً عن إنشاء دولة "مدنية".
الآلة ذاتها وضعت له برامج وفعاليات أخرى مع العديد من رموز التيار الحركي، وظهر في عديد الصور مع بعض المنظرين لما يعرف بالربيع العربي وأهمهم السعودي سلمان العودة ويوسف القرضاوي ورفيقه القديم علي الصلابي
يعرف القطريون أن مشاركة الناتو لن تكون بلا ثمن، ولن يترك الحبل للجماعات الإرهابية في حديقة أوروبا الخلفية وخصوصاً إيطاليا وفرنسا، ولذلك تم بحرص لامتناهي تقديم بلحاج كرجل تعددي وصاحب أفكار تقدمية تدعو للحرية والعدالة والليبرالية
كان في الوقت ذاته بلحاج على تواصل برفقاء الأمس من الأفغان العرب الذين قدمت لهم الثورات فرصة ذهبية للخروج من السجون، وعلى الفور حضر اسمه في أشهر عمليتي اغتيال في ليبيا وتونس، حيث اغتيل القائد العسكري الليبي الشهير عبدالفتاح يونس ، وفي تونس القائد السياسي شكري بلعيد في العام 2013
ووسط هذه الأجواء كان بلحاج مطيعاً جداً لخدمة المشروع الذي يُطبخ في دهاليز الدوحة واسطنبول، حيث تم انتدابه للأراضي التركية لتدريب نواة قوة قتالية من السوريين، حيث رصدته أجهزة مخابرات دولية وكشفت دوره في ذلك
ولكن "التبييض" القطري التركي لم يكن كافياً لتمرير شخصية بهذا التاريخ في الأوساط الانتخابية، ففشل فشلا ذريعا في الانتخابات التي دخلها مؤسسا لحزب الوطن "ذو الألوان والهوية المشابهة للخطوط القطرية"، وعرف حينها أن مجاله هو المال.
فبدأ أولا باستخدام 75 مليون دولار كان قد استولى عليها من أحد مقرات القذافي، وبمساعدة من النظام القطري بالغطاء السياسي أنشأ شركة الأجنحة للطيران التي بدأت صفقاتها مع نظام قطر الذي اشترى عبر بلحاج طائرات عالقة في مالطا نتيجة عدم الإذن لها بدخول ليبيا بمبلغ تجاوز 700 مليون دولار
الآن؛ يملك الكهل الوسيم ملياري دولار من دخل شركته، كانت حصيلة جيدة من مكاسب ثورة "الناتو" التي عصفت بليبيا حتى اليوم، وصار غنياً لدرجة أنه لايعير اهتماما لمبلغ التعويض الذي أقرته بريطانيا له تعويضاً عن الوشاية به قبل تسليمه للقذافي، وللإسلامويين مع بريطانيا قصة أخرى.
المرجع
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..