الخميس، 2 أبريل 2020

مذكراتي اللندنية

 1-دخلت دورة كهربائية عام ١٩٩٠ وتعرفت على شخص اسمه مطابق لاسمي الرباعي بما في ذلك لقبي العائلي. بعد الصدفة الغريبة، سألني عما اذ كنت أعرف شخصًا اسمه "؟؟" يعيش حاليا في مدينة لندن. فتورطت من سؤاله المباغت ولكني أنكرت بشدة أية صلة لي به.
Image placeholder
٢- وقال يا أخي، اللندني توصل لرقمي من دليل الهاتف السعودي حينئذ "٩٠٤" وصار يكلمني ليل نهار بسبب اسمي والذي يشبه اسمك واستمرت الاتصالات لمدة شهر ثم توقفت #مذكراتي_اللندنية
Image placeholder
Image placeholder
٣- لم نفلح في الدورة الكهربائية ولكن كغمد، فكرنا بمشروع تجاري وتوصلنا لفكرة عمل مطعم. وخلال ثلاثة أشهر بدأنا بإنشاء مطعم في مدينة العمال بالدمام مقابل مدرسة فلسطين واسميناه فلفلة أسوة بملهى فلفلة النهاري الذي كان نجم عالم السياحة المصرية حينها. النجمة الحمراء تشير لموقع المطعم.
Image placeholder
Image placeholder
٣- بما أن البلد كانت تسير بالواسطة تلك الأيام، فقد استخرجت تأشيرات العمالة قبل فتح المحل واستخراج الرخص المطلوبة، وسافرت بعدها لتركيا لإحضارهم، ولم يستطع صديقي مرافقتي لأسباب عائلية.
Image placeholder
٤-وصلت اسطنبول في عز فصل الشتاء والثلوج تتساقط بكثافة وسكنت في فندق اسمه اتوكاي يقع على بحر مرمرة في اسطنبول وكان أقرب لحوش يجمع كل من هب ودب ومخلفات المقاهي الشعبية. وكانت حينها تركيا بلدا فقيرًا يشبه النيبال وأحوال السكان وملابسهم يرثى لهما.
Image placeholder
٥-وفي أول يوم كنت أحتسي قهوتي التركية وكان سعرها ٣٠٠٠ ليرة=نصف ريال،ومر بجانبي رجل طاعن في السن فحياني ثم توجه نحو البحر وسقط هنالك. كان الرجل هو صاحب الفندق وقد توفي بسكته قلبية،فأصبت بضيق شديد وتشائمت من الفندق،خاصةأني حلمت أيام الثانوية بأني سأغرق يوما في بحر ايجه القريب منه
٦- لكني لم أغير الفندق لأني تعرفت على١٥٠ مراهق آخر من دول الخليج يعج بهم الوكر،فكنت أذهب لأنقرة بالحافلة مخترقا الثلوج الناصعة البياض والجداول الصغيرة وهي تتشعب وسطها لأتابع إجراءات العمال ثم أعود قاطعا ٥٠٠ كلم لأتمتع بالثلوج واللقاء مع الشباب الخليجي.تكررت الرحلات الموكية ١٥ مرة
Image placeholder
٧- إذا أعجبتكم التغريدات المتسلسلة، سأكمل بقية الحكاية.
٨-في فندق اتاكوي، تعرفت على فهاد من الكويت الذي كان يتمخطركالطاووس ويدعي صداقته برئيس أمريكا ريغان الذي انتهت فترته للتو وأن طائرته الخاصة عادت للكويت حتى لا يدفع أرضية في مطار اسطنبول حمود، سعودي سافر من غير الحصول على تصريح من مرجعه وكان يظهر المراجل والكرم بشكل مبالغ واستعراضي
٩-بعد أيام بسيطة اكتشفنا أن الكويتي فهاد زرف أكثر من ٢٥ ألف من كم واحد من الشباب وشرد إلى بلغاريا بالحافلة كما أخبرنا من أوصله. أما العسكري حمود فأصبح يبكي كالأطفال ويقول"لا تتركون خويكم،رجعوني ديرتي". وأعتقد أنه كان من النوع الذي يؤنبه ضميره بشكل مَرَضي بعدما فلها ليومين فحسب
١٠-في أنقرة، كان مكتب جلب العمالة يعرضهم أمامنا كبضاعة مشاعة لمن يدفع أكثر. أحدهم عرض لشخص قادم من بلدة عشيرة بالقرب من الطايف كميكانيكي، وعندما لم يتفقا، خرج الميكانيكي وغير ملابسه وقدم لمقابلتي على أساس أنه معلم مشاوي، ولأني لم أنس ملامحه قلت له سأختبرك فقد لعب الفار في عبي.
١١- الغريب أن الميكانيكي واسمه طيفور استطاع صنع كبابا لذيذا لدرجة أن الزبائن لاحقا كانوا يأتون من الخبر للدمام لشراء الكباب من فلفلة. وقد أخبرني أنه قبل اختباره لم يصنع كبابا قط، بيد أنه ذهب لأمه فأعطته وصفه سهلة طبقها وكانت سر نجاحه حتى عندما استقل بعمله عني وأصبح المعلم طيفور.
١٢-عدت للسعودية بعد قضاء شهر ومعي عاملين من تركيا واستعنا كذلك بحمدي المصري، الذي كان يعمل في محل مقابل السوق الأخضر بالدمام كمعلم شاورما، ولمينا كم عامل من العمالة السائبة في الطرقات وكان الله غفور رحيم وفتحنا المطعم قبل أن تكتمل التصاريح ولا يحزنون.
Image placeholder
Image placeholder
١٣-وعندما ذهبت للبلدية لإكمال التصاريح، وجدت زميلي في متوسطة الفيصل "سحس زعلان" الذي طلب مني بعض المستندات لإنهاء التصريح. في اليوم التالي أخبرني العمال أنه سحس رضي الله عنه أتى في منتصف الليل وأقفل المحل بالشمع الوردي وطلب الفدية، حيث تم تخليص فلفلة دون اصابات.
١٤-اشتهر مطعم فلفلة وازدهر وأصبح الطريق يغلق من ازدحام المركبات عند التقاطع، فاستعنت بالمزيد من العمالة. وفي آخر الليل، كنت أقفل المحل وأستقبل حصريا أبناء مدينة العمال وشارع أبو مية تحديدًا وأجعل المطعم بالمجان تحت تصرفهم، فأصبح تكية لمن لا تكية له، وملجأ لمن تشجار مع زوجته.
١٥-كنت قد انتقلت إلى مركز تحضير البعثات CPC، وقتها، وبسبب السهر مع الشلة في المطعم للساعة الثانية صباحا،كنت أنعس وسط الفصل الدراسي، فما كان من زملائي في الصف إذا أرادوا افاقتي إلا أي يصرخوا صرخة مجلجلة بصوت رجل واحد "فلااااافل" فأصحوا مذعورا وأكمل معهم ما فاتني وقلبي معلق بفلفلة.
Image placeholder
١٦- اكتشفت أسرار الربح في المطاعم، فقد كانت فطيرة الزعتر تكلفنا قرشين فقط. كيس الفول أو الحمص ب ٤٥ ريال والربح ٦٠٠ ريال صافي يوميا. الشاورما ٥٠ كجم شرائح ساديا ٣٠٠٠ ريال صافي. علبة شاي لبتون عبوة ١٠٠ كيس ب ١٣ ريال ونبيع ٣ علب على الأقل ب ٣٠٠ ريال. أما المشويات فربحها الأقل.
١٧- كلما توقفت، سأعود لاحقا لإكمال القصة عندما أصل نهاية الثريد سأذكر ذلك لكم
١٨-تعبت من إدارة المحل خاصة أن شريكي كان قليل الحضور بسبب انشغاله العائلي فعرضت عليه شراءحصته لكي أقرر،إما المغامرة والغاء فرصة الابتعاث والتركيز على التجارة التي ستدر علي في سنة ما سأجنيه في عشر سنوات. فوافق شريكي على أن أشتري حصته البالغة ٧٥ ألف وفرح بالخروج مع أرباح ٦ أشهر
١٩-لكن بسبب نجاح المحل ظهرت تحديات لم تكن بالحسبان، فالبلدية ركزت علي من بد كل المحلات، وكذلك المطاوعة، وليس الهيئة، فكانوا يصرخون علي وأنا أقف خلف الكاشير قبل الصلاة بربع ساعة،، قفل،، قفل،، مسوي زحمة ما تنتهي قبل الصلاة. كذلك هرب بعض العمال من كثرة الضغط وبلغت عنهم، وبعد شهرين
٢٠-وصل عسكري بيتي فأخذني للشرطة الشمالية في الدمام وتفاجأت بوجود أحد العمال الهاربين يشكي بأني لم أعطه راتبه منذ شهرين. فأظهرت للضابط بلاغ هروبه، فردها لي وقال"ادفع ٧٠٠٠ آلاف للعامل والا بتنطق بالسجن الليلة". عندها أدركت أنها شكوى كيدية وأحد الحاسدين خلفها، لأن المطعم أمام!!!
٢١- لأن موقع المطعم أمام الشرطة الجنوبية، فطلبت منه الاتصال بالعقيد مجثل الغامدي مدير المركز "تقاعد لواء" فشرحت له القصة، وطلب الضابط فتحدث معه وأقفل السماعة وقال لي الضابط"زيارتك تشريف لنا،تفضل بيتك" خرجت وسحبت العامل معي وفكر أني سأستفرد به،لكني قلت له أعطيك ٧٠٠٠ ، بس علمني من
٢٢- بس علمني من ورا القصة الي خلت الشرطة تسحبني من بيتي وأنت الي أصلا هارب. وانصدمت لما عرفت من رتب العملية وهو شخص كان يتلحوس عندي ليل نهار وياخذ طلبات مجانية ودايم يقدم لي النصايح المتواصلة حتى فكرت أخليه يدير المحل مقابل نسبة من عندي.
٢٣-توجهت للمحل وأتى من غير ميعاد الواشي "شبشب الهنا" وكاد يغص عندما شاهدني، حيث قال دون أن يشعر "كيف جيت!!" رددت عليه، كيف يعني كيف جيت. فأستدرك وقال فكرتك بترتاح الليلة، فقلت له ارتحت لما أخبرني "الضابط" من هو الواشي.. فأصفر وجهه وقال نسيت حاجة في السيارة وغادر ولم يعد.
٢٤-ثم سلمت المحل لأخي الصغير وابن اختي وقلت عطوني فقط ٣٠ ألف والباقي حلال عليكم. لكن بعد شهر عرفت أن المحل سيغلق لأن كل الطلبات صارت مجانية للجنس اللطيف مع التوصيل. لذا سألت أحد الأئمة الذين كانوا يرتادون المحل عن شخص ثقة. فقال، أبد مالك إلا أبو محمد، وصلت خير. وفعلا سلمت المحل.
٢٥- سلمت المحل لأبو محمد الشامي وعمره ٧٠ سنة وقلت أنا رايح اجازة مدة ٤٠ يوم وعطني بس ٣٠ ألف وخذ الباقي كانت فترة اختبارات ولما يظهر طلاب مدرسة فلسطين المجاورة يصبح المحل كأنه مصلخ الدمام أو جمعية فراخ في القاهرة.وأخبرني طيفور عندما عدت أن أبو محمد كان يجمع الفلوس من كثرتها بأكياس
٢٦-فقلت الله يبشرك بالخير يا طيفور، أما حاي من الإجازة مطفر، يعني أكيد ٤٠ ألف جاهزه أقل شيء، وخل الباقي لأبو محمد يستاهل. وفي الحقيقة والله على ما أقول شهيد أني لا أعرف ذلك الرجل الا باسم أبو محمد ولا أعرف حتى اسمه ولم أنقل خدماته لكفالتي. كانت الأمور سهالات أو فوضى بالأدق.
٢٧- عندما أتى أبو محمد ولمحني لم يتعرف علي وأنا صاحب المحل،،،ههه،، حقيقة والله. فسلمت عليه وتحدثنا عن الحساب، فقال لي"شو الحساب،، الله وكيلك صرنا مديونين،،، الشغل تعبان والله،،، اصبر شهرين ثلاثة ويمكن يتحسن" فكرته ينكت، قلت جيب بس ٣٠ وخذ الباقي لو تبيه. لكنه جحظ بعينيه وكأنه
٢٨- وكأنه يتصدق علي. فقلت له بحزم "برا،،،،برا،، ولولا سنك كان دخلتك فرن الفطاير". خرج سريعا ثم والله عاد وقال "بدي فلوس البانزين". قلت يا حرامي كنت بسامحك بس،،، وتوني بمسكه إلا حمدي المصري ردني وقال سيبه، ربنا يحاسبه
٢٩-واليوم التالي أتاني الامام الوسيط وقال كيف جحدت أبو محمد الرجال الكبير الوقور إلي صوته مثل الشحرور. فما رديت عليه وقلت رح كلم العمال يا وجه النكبة، وشرحوا له العمال كيف كان يشيل الفلوس وريالات الطلاب بأكياس يوميا لبيته، وآخرتها يقول مديونين. فغادر دون أن يمر علي وهو يحوقل.
#مذكراتي_اللندنية@nadeemo9999
-
 

.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..