الأحد، 13 سبتمبر 2020

من هو اسرائيل؟ وهل إسرائيل هو يعقوب عليه السلام؟

       يقول الله تعالى في سورة آل عمران: ''إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ'' هذه الآية قول فاصل في

الإعلان عن المصطفين من عباد الله عزوجل. فالله عزوجل يتكلم عن إصطفاءه لآدم ونوحا كأفراد مؤهلين لأداء مهمة الخلافة. وبعد الطوفان، يصطفى الله عزوجل آل إبراهيم، دون تمييز، وآل عمران على العالمين.
وما آل عمران إلا امتداد طبيعى لذرية ابراهيم عليه السلام. فإبراهيم هو إمام العالمين لقوله تعالى:
''إنى جاعلك للناس إماما''، والملة الحق هي ملة إبراهيم. وعندما يصطفى الله عزوجل آل إبراهيم على العالمين فالمقصود هو ذرية إسماعيل واسحاق ويعقوب لأنها تشكل بداية لأمة اختارها الله عزوجل للتمكين في الارض المقدسة وحمل النبوة والكتاب. ولهذا، فالقول أن إسرائيل هو يعقوب عليه السلام قول ذو أهداف صهيونية محظة هدفه الفصل بين إسماعيل وإسحاق ويعقوب ونزع الميراث والنبوة من بنى اسماعيل وخاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام. يقول الله عزوجل في سورة مريم: ''أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا..'' ولا يمكن فهم الآية إلا بوضعها في سياقها العام من قوله تعالى: ''وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ...وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ...وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَىٰ...وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ...وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ...أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ...'' فزكريا وعيسى بن مريم وموسى واسماعيل وادريس وإبراهيم هم من ذرية آدم و ''ممن حملنا مع نوح '' ومن ذرية ابراهيم وإسرائيل. وإسماعيل عليه السلام من ذرية آدم و ''ممن حملنا مع نوح '' ومن ذرية ابراهيم وإسرائيل لأن العطف يفيد الإشتراك في الصفة والحكم. فكيف يكون إسماعيل من ذرية إبراهيم وإسرائيل إن لم يكن ''إبراهيم وإسرائيل '' نبي واحد؟ لهذا نجد أن القرآن الكريم يخاطب بنى اسرائيل مرارا وتكرارا ويناديهم ''يا بنى اسرائيل '' لأن إسرائيل هو نفسه إمام العالمين، إبراهيم عليه السلام الذي منه انحدر آل اسماعيل وآل يعقوب وآل عمران عليهم السلام ولأن هذه الفئة من الناس وذرياتهم هم من اختصهم الله عزوجل بالتمكين، لقوله تعالى: '' إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ''، ''يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ''، ''وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا..''، ''وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ..''، ''وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا..''، ''فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا..'' وهنا نجد ما يقصده الله عزوجل بعطف إسرائيل على إبراهيم، لأن بنى اسرائيل/إبراهيم اختصهم الله بالكتاب والنبوة وفضلهم على العالمين، لكن هذا الإصطفاء كان مشروطا بالميثاق الذى أخده الله عزوجل على إبراهيم وبنى إسرائيل على حد السواء، لقوله تعالى: '' وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ...''، ''وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّـهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ..''. وقد ورد في التوراة الميثاق الذي وضعه الله عزوجل على إبراهيم: ''لنسلك أعطى هذه الأرض...وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في أجيالك عهدا أبديا لأكون إلها لك ولنسلك من بعدك...'' وهذا هو إبراهيم ونسله (بنى اسرائيل) الذي جعله له الله عزوجل فيهم الخلافة والحكم والكتاب وفضلهم على العالمين (بغض النظر عن تحريفات أرض الميعاد التى اهملتها من النص التوراتى). فإسرائيل لا يمكن أبدا أن يكون يعقوب عليه السلام، لأن في ذلك إقصاء لإسماعيل ومحمد عليهم الصلاة والسلام والذين هم جزء من آل ابراهيم شاء الله القدير أن يختم بهم الرسالة والنبوة. ولهذا فإن القول أن قريش وبنو هاشم من بقايا بنى اسرائيل في جزيرة العرب هو قول به كثير من الصواب ويجعلنا نعيد النظر في ما شاع في كتب الاسرائيليات ان يعقوب هو اسرائيل. يقول الله عزوجل: ''أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ'' فالله عزوجل يخبرنا أن يعقوب وبنيه لا ينكرون أن اسماعيل عليه السلام هو جزء من آل إبراهيم {آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ } ولا يصح الإيمان عندهم إلا بالإقرار أن بنى اسماعيل لهم نصيبهم من الحكم والكتاب والنبوة فلا يصح عزلهم من زمرة آل إبراهيم.

فالنداء يا بنى اسرائيل نداء للماضى والحاضر والمستقبل ويشمل كل ذرية آل إبراهيم بدون استثناء، لأنهم كلهم من أصول العرب السامية (نسبة الى سام بن نوح)، لقوله تعالى: ''أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ''، وقوله في سورة الإسراء ''...وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلًا ﴿٢﴾ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ...'' فبنو اسرائيل وآل ابراهيم على حد السواء هو انتماء واحد الى سام بن نوح وذريته التى حملها الله عزوجل في السفينة. وخروج موسى عليه السلام لآداء فريضة الحج من اليمن نحو مكة المكرمة ما هو إلا تأكيد ان الله عزوجل فرض على بنى اسرائيل زيارة مقام إبراهيم (مكة المكرمة) كما فرضها على بنى اسماعيل، وأن الارض المقدسة ملك لكل آل ابراهيم (العرب) بدون استثناء.

وكلمة إسرائيل يمكن تأويلها على وجهين: فإسرائيل من الإسراء والإسراء هو تمكين في كل الارض المقدسة من اليمن (حيث المسجد الاقصى) الى بيت الله الحرام. وربما سمي إبراهيم بإسرائيل دلالة على التمكين الذي اختصه الله عزوجل لإبراهيم وبنيه. وحادثة الإسراء هو تأكيد الى انتماء بنى اسماعيل الى آل ابراهيم (بنى اسرائيل) الذين اختار أن يختم بهم الله عزوجل الرسالة والخلافة. والوجه الثانى هو كون اسرائيل من الجذر إسر اي أسير وإيل (إل ) اي الله: أسير الله. والله عزوجل يقول: ''واتخذ الله إبراهيم خليلا ...'' والخلة، كما ورد عن إبن القيم، هو توحيد المحبة فالخليل هو الذي يوحد حبه لمحبوبه وهي مرتبة لا تقبل المشاركة ولهذا اختص بها في العالم الخليلان : إبراهيم ، ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما، وصح عن النبي أنه قال : " إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا...'' وعندما يكون إبراهيم عليه السلام خليلا لله عزوجل فهو يصبح أسيرا لمحبته ويختصه بالتوحيد الخالص الذى لا يشوبه شرك. والله تعالى اعلم

فالملاحظ أن الصهاينة اتخدوا من تحريف يعقوب عليه السلام بإسرائيل ذريعة لفك الارتباط بين الاخوين اسماعيل واسحاق ونزع الخلافة من ذريتهما على السواء. فإبليس أراد فك الإرتباط بين آدم وزوجه، وبين ''إبني آدم ''، وبين ''اسماعيل واسحاق ''، واخيرا بين ''بنى اسماعيل وبنى اسرائيل '' لتكون له السيادة وأتباعه في الارض المقدسة، أرض الإسراء والمعراج.

فإسرائيل لقب تشريف أضيف الى إبراهيم (إبراهيم وإسرائيل).

والله تعالى اعلم العالمين
س.سهام

 -------------------------
إضافات

العلامة الفوزان: إسرائيل" نبي الله يعقوب.. والصحيح لعن "اليهود"


----------------

إسرائيل هو نبي الله يعقوب عليه السلام / الشيخ محمد حسان

---------------

بسام جرار دحض دليل يعقوب هو إسرائيل من سورة مريم

-------------

هل إسرائيل هو يعقوب عليه السلام؟| الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي


-


.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..