الجمعة، 9 أكتوبر 2020

أي التعبيرين أنسب في يوسف عليه السلام (هلك) أو (مات)؟

قال الله عز وجلّ في  سورة غافر
 (وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ
 (34) غافر) 
فجاء التعبير القرآني في الآية بقوله تبارك وتعالى
 (حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ) وقرّاء كتاب الله عز وجلّ يثيرون تساؤلًا حول هذا اللفظ:
 ما مدى مدلول هذا اللفظ في سياق هذه الآية؟ 
 إن معرفة معنى الفعل والدلالة البيانية لهذا الفعل من شأنه أن يزول به عجَبُ القارئ ومن شأنه أن تزول به تساؤلات القرّاء لكتاب الله عز وجلّ، فما الدلالة البيانية للفعل (هلك) في القرآن الكريم؟
 1.  يأتي (هلك) في القرآن الكريم على معنى زال وفنِي كما قال الله عز وجلّ
 (هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) الحاقة)
 أي زال وفنى وكما قال الله عز وجلّ
 (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص: 88] أي زائل.
 2. ويأتي الفعل في القرآن الكريم بمعنى عذّب وعاقب كما قال الله عز وجلّ
 (وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ
 (208) الشعراء)
 أي عذبنا وعاقبنا وكما قال الله عز وجلّ
 (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ)
 [الأحقاف: 35] أي عاقبنا وعذّبنا. 
3.  ويطلق الفعل في القرآن الكريم على من مات وليس له ذرية وليس له عقب وهذا شأن يوسف عليه السلام حيث عُمّر يوسف عليه السلام كما عند أهل التأويل 130 سنة ومات وليس له عقب وليس له ذرية. ومعلوم أن يوسف عليه السلام كما جاء في الحديث هو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم فيوسف ابن يعقوب ابن إسحق ابن إبراهيم فيوسف عليه السلام هو سلالة أنبياء فلما مات وليس له عقب وهلك زعم الكفار أن النبوة والرسالة انقطعت بعد يوسف عليه السلام فردّ الله عز وجلّ عليهم بقوله تعالى
 (حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ) 
وهذا شأن الكفار 
فجاء التعبير القرآني بأدق صورة وبأوفى تعبير فقال الله عز وجلّ
 (حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ) 
إذ أن يوسف عليه السلام ليس له عقب وليس له ذرية وهذا شأن من مات وليس له عقب وليس له ذرية يطلق عليه هلك في القرآن الكريم كما قال الله عز وجلّ
 (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) [النساء: 176].
 وبهذا تتجلى هذه الصورة البيانية البديعة الخلابة لهذا التعبير القرآني ويزول به عجب القارئ وتزول به التساؤلات حول هذا اللفظ القرآني والله تعالى أعلى وأعلم.
منقول 
جزي الله كاتبه وقارئه وناقله خير الجزاء

هناك تعليقان (2):

  1. ٢٢ صفر ١٤٤٢ - ٩ اكتوبر ٢٠٢٠

    اود ان اعقب على النقطه ٣ والتي اشرتم فيها ان الفعل هلك يستخدم لمن توفاه الله وليس له "عقب" . لكن هناك ايات في القران تقول عكس ذلك منها :

    ١ . ما قاله اخوة يوسف لابيهم :
    ‫﴿قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين﴾ ‬

    واشير الى قولهم من "… او تكون من الهالكين"

    ٢ . ﴿لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير﴾

    واشير الى قوله :
    "…فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه …"
    اي المسيح ليس له عقب وامه لها عقب .

    ٣ . " … وَلَٰكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ"

    وهنا الايه واضحه .

    انتهى . .

    م. يزيد بن منصور العساف

    ردحذف
    الردود
    1. وافر الشكر والتقدير لك اخي أ. يزيد
      بارك الله فيك ووفقك

      حذف

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..