في سنة 1925م غادر حمد بن محمد اللهيب
مدينة البصرة منهيا خدماته في مستشفى (مود) الإنجليزي ممتطيا ظهر جمله إلى
مسقط رأسه بريدة حاملا حقيبة جلدية تحتوي مشرطا طبيا وبعض الأمصال والحقن
وأهم منها خبرة كافية عرف من خلالها بعض المبادئ الطبية والعلاجية اكتسبها
من أطباء مستشفى مود الإنجليزي في البصرة وما أن وصل بريدة حتى بدأ في
تسخير خبرته في تطعيمات وباء الجدري المستشري وقتها في المنطقة لم يتوقف
عند حدود بريدة أو المنطقة بل شملت جولاته كثيرا من المدن والقرى النجدية
وصار شغله الشاغل الطواف في القرى والبوادي على ظهر جمل وأحيانا حمار يغيب
أياما وشهورا لتحصين أبناء المجتمع من مرض الجدري الذي وصف بأنه إذا ما
(غيّب عيّب) تعرض هذا الرجل للمحاربة واتهم بالسحر والشعوذة حيث كان يعمل
(شخط) في العضد كما قال عنه البعض ثم يكون حماية من الجدري كما تعرض للسباع
وقطاع الطرق في جولاته والكثير من الأخطار لكنه استطاع تحصين جيل بأكمله
من هذا الوباء القاتل وفي فترة من الفترات استعين به رسميا لتحصين طلاب
المدارس في عنيزة والبدائع رغم أنه لا يحمل أي شهادة علمية وبذلك عد
"أبولهيب" كما كان يلقب رائد التطعيم ضد الجدري ومن أول من مارسه في منطقة
نجد قبل أن يستعان به كمستشار فخري في وزارة الصحة لتأسيس عدد من
المستشفيات والمستوصفات في عدد من المناطق.
قبل
نحو 120 عاما يخرج الشاب الصغير الذي لم يتجاوز عمره 12 عاما من بريدة
بتجاه الكويت مع أخيه الأكبر، ليتعلم الغوص وتجارب الغواصين في ذلك الوقت.
حمد
اللهيب أو الدكتور أبولهيب كما يطلق عليه الناس في ذلك الوقت عمل في تنظيف
البيوت ونقل الماء ليجمع المال ويشتري القماش ويبيعه في سوق الكويت حتى
تمكن وانتقل بعهدها، بحسب حديث ابنه عبدالله، ليعمل في الغوص واستخراج
اللؤلؤ وتمكن وبرع مع النوخذة فهو يعرف أكثر من 300 موقع لاستخراج اللؤلؤ
من الخليج العربي.
البدوي والعارف بالصحراء أصبح يعرف كثيرا عن البحر ويعرف مصطلحات النوخذة ويعشق البحر حتى تمكن من معرفة أسراره.
في
عام 1340 قبل نحو 75 عاما تحول أبو لهيب نحو مشفى مود بين البصرة والزبير
في ذلك الوقت وراقب الطبيب الإنجليزي بولدس وعمل معه كممرض وتابع كل ما
يقوم به الطبيب من عمل وتطبيب، وفهم كثيرا على يد الإنجليزي وأصبح أبو لهيب
يتجول بين الأطباء واعتبروه الساعد الأيمن لهم، حتى برع في مجال الطب
بالممارسة وتعلم الكثير منهم.
في حين كان المرض يفتك بالجزيرة العربية، ولا يتم تداول العلاج الحديث بل كان سائدا علاج الكي وتضميد الجروح بالطرق التقليدية.
قبل أن ينتشر داء الجدري ويصاب به العديد من أهالي الجزيرة العربية خصوصا في منطقة نجد، ويقضي على الكثير من الناس في ذلك الوقت.
وخلال
الحلقة الثانية والتي تنشرها "العربية.نت" سنتناول دخول الجزيرة والقضاء
على الجدري والتنقل في العديد من مدن وقرى المملكة ومشاركته في المعارك
الشهيرة جراب(1333) وكون حرض 1352 وهو العام الذي تم توحيد المملكة
وتسميتها بنفس السنة.
أبو لهيب عام 1990 ميلادي مع عدد من أبنائه
-----------------------
طبيب سعودي بلا شهادة (2-3): عالج الجدري فاتهموه بالسحر
بريدة ـ محمد الحربي
نشر في: آخر تحديث:
السنة ١٣٤٠ للهجرة ومناظر الموت تحيط بكافة العوائل في الجزيرة العربية اثر مرض الجدري الذي فتك بالناس وهو مرض معدٍ.
أقصى درجات العلاج في ذلك الوقت الحجر على المريض ووضع الرماد، وهو بقايا النار، عليه حتى يشفى أو يموت وكانت الغالبية تذهب للمقبرة.
احتار الناس بهذا المرض الذي يظهر وخلال عشر سنوات حصد الكثير من الأرواح وانتقل المرض بين الناس.
وفي
تلك الفترة كان الدكتور ابو لهيب الطبيب الذي حصل عليها بلا شهادة قد عرف
العديد من أسرار الطب في مشفى مود بين البصرة والزبير على أيدي أطباء
إنجليز ليعود نحو الجزيرة العربية وهو يحمل معه تطعيمات الجدري ويتحرك في
الجزيرة العربية لتطعيم الناس.
تنقل
ابو لهيب على الأباعير والحمير وقطع مسافات كبيرة لتطعيم الناس ولايزال
بعض كبار السن يتذكرون تطعيماته لهم وبطريقة يجيدها جيدا حيث يخدش بعض
الخدوش في العضد ويضع عليها التطعيمات
أبو
لهيب تحرك نحو أكثر من ثلاثة آلاف موقع في الجزيرة العربية ومع البدو
الرحل في سبيل تطعيمهم ضد مرض الجدري الشهير والذي يؤرخ به أهالي الجزيرة.
أبو
لهيب يخرج من منزله في بريدة ولا يعود له إلا بعد الحول في تجوال كبير على
ظهور الإبل قبل أن تتواجد السيارات. أبو لهيب يذكر أن مجموعة من المغالين
رفضوا التطعيم واعتقدوا أنه ضد التوكل والبعض الآخر وصفه بالسحر والشعوذة
فكيف له أن يضع جرحا بسيطا بالذراع ويضع عليه قطرات المحلول ومن ثم يمنع
الجدري المرض الذي فتك بالناس لعشر سنوات.
كما
يذكر أبو لهيب لأحد أبنائه أن بعض المواقع رفضوا التطعيم فلما فتك بهم
بحثوا عن أبو لهيب أشهر من أدخل التطعيم ضد الجدري في السعودية بعد توحيدها
في عام ١٣٥٢ باسم المملكة العربية السعودية.
وتحرك
أبو لهيب نحو المدارس للتطعيم وساهم في اختفاء الجدري من الجزيرة العربية
في فترة ليست بالقصيرة بعد سلسلة من الموت الذي واجه الناس في تلك الفترة.
أبو
لهيب قضى أكثر من 70 عاما يمارس الطب وكان من أوائل المشاركين في تأسيس
الطب الحديث في السعودية والبدء في العلاج النظامي ومن خلال الجزء الأخير
من قصة الطبيب بلا شهادة نستعرض مشاركاته وإسهاماته في الطب الحديث وإقامة
المستشفيات وتقاعده وسنواته الأخيرة ونصائحه للأصحاء قبل المرضى في خبرة
كبيرة في الصحة وتحري الدقة في التشخيص والعلاج للمرضى.
-------------
طبيب سعودي بلا شهادة (3-3): ما فعله بعد بلوغه 100 عام
نشر في: آخر تحديث:
بعد
تجوال كبير في أنحاء المملكة لمحاربة الجدري كان للطبيب أبو لهيب وقفة مع
تأسيس الخدمات الصحية وإنشاء المستشفيات في العديد من المراكز والمدن.
استلم
أبو لهيب مركز جيزان الطبي من الدكتور رمزي بأمر من الملك عبدالعزيز -طيب
الله ثراه- وكان من زملائه الدكتور رشاد فرعون مستشار الملك فيصل فيما بعد،
وكانت له جهود في تأسيس مستشفى الشميسي بالرياض، وشارك في تأسيس مستشفى
بريدة المركزي مع مجموعة من الأطباء، واشترك معهم في عمليات كثيرة في تلك
الفترة.
ويعد
أبو لهيب أول من جلب لقاح مرض الجدري للمملكة، وساهم بشكل كبير في محاربة
المرض، وهو يسير من موقع لآخر في حرب لا تهدأ مع الجدري.
وكان
أبو لهيب يتذكر جيدا بعض الأطباء الذين يأتي بهم الملك عبدالعزيز لمعالجة
الناس، ومن بينهم ديم وهريسون وستورم يأتون للجزيرة العربية قبل عام 52
هجرية، ويعالجون الناس في نجد عامة، ويتحركون في المناطق، وأكثر تواجدهم في
الثميري. يذكر أبو لهيب بعض الممرضين السعوديين الذين ساهموا معه في تلك
الفترة، ومن بينهم محمد الدغيري وعلي الشماسي وعبدالله البريعصي والغميز
والعضيبي، وكان السعوديون العاملون في المجال الطبي يعدون على الأصابع.
الدكتور
عيد اليحيى الباحث في سبيل خطى العرب يرى أن الدكتور أبو لهيب عمل عملا
بطوليا، وهو صاحب بصيرة في مجال الطب، وأنقذ البشر من كارثة كانت تحل في
الجزيرة العربية، وبين اليحيى أن أبو لهيب من ضمن العظام الذين قدموا
لأمتهما عمل بطوليا يخلدهم التاريخ عليه.
وبعد
سلسلة من الإنجازات والعمل استمر 70 عاما تقاعد أبو لهيب وعمره 100 عام عن
العمل في المجال الصحي وهو في أوج عطائه بعد أن قدم كل ما يملك لهذه
المهنة الشريفة، ويتوفاه الله في بريدة عام 1990، وترك بعض الوصايا الطبية
الشهيرة التي لايزال البعض يتناقلها فهي على الترتيب كما كتبها
1ـ المحافظة على الصلاة إضافة للجانب الشرعي سلوك رياضي مهم
2ـ النوم الكافي
3ـ عدم تناول العلاج وعدم الذهاب للصيدليات دون استشارة طبيب معالج
4ـ الابتعاد قدر الإمكان عن الدواء حتى يستطيع جسمك أن يقاوم المرض دون تدخل خارجي
أهلا بك ، أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ، فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق تقبل أطيب تحية ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف وسيتم الحذف فورا ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..