الثلاثاء، 27 أبريل 2021

لم تَشتَكي وَتَقولُ إِنَّكَ مُعدِمُ

 لم تَشتَكي وَتَقولُ إِنَّكَ مُعدِمُ  وَالأَرضُ مِلكُكَ وَالسَما وَالأَنجُمُ

وَلَكَ الحُقولُ وَزَهرُها وَأَريجُها وَنَسيمُها وَالبُلبُلُ المُتَرَنِّمُ

وَالماءُ حَولَكَ فَضَّةٌ رَقراقَةٌ  وَالشَمسُ فَوقَكَ عَسجَدٌ يَتَضَرَّمُ

وَالنورُ يَبني حَولَكَ في السُفوحِ وَفي الذُرى دوراً مُزَخرَفَةً وَحيناً يَهدِمُ

فَكَأَنَّهُ الفَنّانُ يَعرِضُ عابِثاً آياتِهِ قَُدّامَ مَن يَتَعَلَّمُ

وَكَأَنَّهُ لِصِفاتِهِ وَسَنائِهِ بَحرٌ تَعومُ بِهِ الطُيورُ الحُوَّمُ

هَشَّت لَكَ الدُنيا فَما لَكَ واجِماً وَتَبَسَّمَت فَعَلامَ لا تَتَبَسَّمُ

إِن كُنتَ مُكتَإِباً لِعِزٍّ قَد مَضى  هَيهاتِ يُّرجِعُهُ إِلَيكَ فَتَندَمُ

أَو كُنتَ تُشفِقُ مِن حُلولِ مَصيبَةٍ هَيهاتِ يَمنَعُ أَن تَحِلَّ تَجَهُّمُ

أَو كُنتَ جاوَزتَ الشَبابَ فَلا تَقُل شاخَ الزَمانُ فَإِنَّهُ لا يَهرَمُ

أُنظُر فَما زالَت تَطُلُّ مِنَ الثَرى  عُصورٌ تَكادُ لِحُسنِها تَتَكَلَّمُ

ما بَينَ أَشجارٍ كَأَنَّ غُصونَه    أَيدٍ تُصَفِّقُ تارَةً وَتُسَلِّمُ

وَعُيونِ ماءٍ دافِقاتٍ في الثَرى    تَشفي السَقيمَ كَأَنَّما هِيَ زَمزَمُ

وَمَسارِحٍ فَتَنَ النَسيمُ جَمالُها   فَسَرى يُدَندِنُ تارَةً وَيُهَمهِمُ

فَكَأَنَّهُ صَبٌّ بِبابِ حَبيبَةٍ    مُتَوَسِّلٌ مُستَعطِفٌ مُستَرحِمُ

وَالجَدوَلُ لجَذلانُ يَضحَكُ لاهِياً  وَالنَرجِسُ الوَلهانُ مُغفٍ يَحلَمُ

وَعَلى الصَعيدِ مَلاءَةٌ مِن سُندُسٍ وَعَلى الهِضابِ لِكُلِّ حُسنٍ مَيسَمُ

فَهُنا مَكانٌ بِالأَريجِ مُعَطَّرٌ      وَهُناكَ طَودٌ بِالشُعاعِ مُعَمَّمُ

صُوَرٌ وَآياتٌ تَفيضُ بَشاشَةً     حَتّى كَأَنَّ الكون فيها يَبسُمُ

فَاِمشِ بِعَقلِكَ فَوقَها مُتَفَهِّماً    إِنَّ المَلاحَة مُلكُ مَن يَتَفَهَّمُ

أَتَزورُ روحَكَ جَنَّةٌ فَتَفوتَها  كَيما تَزورُكَ بِالظُنونِ جَهَنَّمُ

وَتَرى الحَقيقَةَ هَيكَلاً مُتَجَسِّداً فَتَعافُها لِوَساوِسٍ تَتَوَهَّمُ

يا مَن يَحُنُّ إِلى غَدٍ في يَومِهِ قَد بِعتَ ما تَدري بِما لا تَعلَمُ

قُم بادِرِ اللَذاتِ قَبلَ فَواتِهاما كُلُّ يَومٍ مِثلُِ هَذا مَوسِمُ

وَاِشرَب بِسِرِّ حُصنِ سِرَّ شَبابِهِ   وَاِروِ أَحاديثَ المُروأَةِ عَنهُمُ

المُعرِضينَ عَنِ الخَنا فَإِذا عَلا  صَوتٌ يَقولُ إِلى المَكارِمِ أَقدَموا

الفاعِلينَ الخَيرَ لا لِطَماعَةٍ   في مَغنَمٍ إِنَّ الجَميلَ المَغنَمُ

أَنتَ الغَنِيُّ إِذا ظَفِرتَ بِصاحِبٍ   مِنهُم وَعِندَكَ لِلعَواطِفِ مَنجَمُ

رَفَعوا لَدينِهِم لِواءً عالِياً       وَلَهُم لِواءٌ في العُروبَةِ مُعلَمُ

إِن حازَ بَعضُ الناسِ سَهماً في العُلى   فَلَهُم ضُروبٌ لا تُعَدُّ وَأَسهُمُ

لا فَضلَ لي إِن رُحتُ أُعلِنُ فَضلَهُم   بِقَصائِدي إِنَّ الضُحى لا يُكتَمُ

لَكِنَّني أَخشى مَقالَةَ قائِلٍ   هَذا الَّذي يَثني عَلَيهِم مِنهُمُ

أَحبابَنا ما أَجمَلَ الدُنيا بِكُم لا تَقبُحوا الدُنيا وَفيها أَنتُمُ


إيليا ابو ماضي

إيليا ابو ماضي

إيليا بن ضاهر أبي ماضي.(1889م-1957م) من كبار شعراء المهجر. ومن أعضاء (الرابطة القلمية) فيه. ولد في قرية (المحيدثة) بلبنان. وسكن الإسكندرية (سنة 1900م) يبيع السجائر.

 وأولع بالأدب والشعر حفظاً ومطالعةً ونظماً. وهاجر إلى أميركا (1911) فاستقر في (سنسناتي) خمسة أعوام. وانتقل إلى نيويورك (1916) فعمل في جريدة (مرآة الغرب) ثم أصدر جريدة (السمير) أسبوعية (سنة 1929) فيومية في بروكلن إلى أن توفي بها. نضج شعره في كبره، وغُنّي ببعضه، وزار وطنه قبيل وفاته. له (تذكار الماضي - ط) و (ديوان أبي ماضي - ط) و (الجداول - ط) و (الخمائل - ط) دواوين من شعره. ولجعفر الطيار الكتاني المغربي (دراسة تحليلية - ط) ولعبد العليم القباني (إيليا أبو ماضي، حياته وشعره بالإسكندرية - ط).

-

.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..