فالكل يجمع أن الساحة الإسلامية الآن تعج بالفتن المتنوعة حتى أصبح الحليم حيرانا وحتى أصبح طلبة العلم حيارى أمام هذه الفتن.
وعلى هذا فقد لجأ مجموعة من طلبة العلم ومن أهل السنة من شباب الحديدة، وبيت الفقيه، والحسينية، إلى الشيخ أبي عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي حفظه الله تعالى لنسترشد بأقواله، ومن استرشد بأقوال العلماء رمي بالتقليد من الذين يدعون إلى حزبيات وغير ذلك، وكما يقال: رمتني بدائها وانسلت، ولكننا سنستمر إن شاء الله ولا نزال نسترشد بأقوال هؤلاء العلماء ونلتف حول العلماء الذين يقودون هذه الصحوة على ضوء الكتاب والسنة، من غير تخبط حتى ننجو إلى بر الأمان.
فنرجو من فضيلة الشيخ التكرم بالإجابة على هذه الأسئلة التي تدور حول المنهج.
السؤال147: ما هي السرورية وما هي العلامات الواضحة لها وهل هي حقيقة أم خيال؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. أما بعد:
فالسروية تنتسب إلى الأخ (محمد سرور زين العابدين) وقد كان بالكويت وأخرج بعض الكتب الطيبة في بيان أحوال الشيعة، وأشياء طيبة، ثم انتقل إلى ألمانيا ثم إلى بريطانيا واستقر به المقام هنالك، وأصدر مجلة (البيان)، وفرحنا بها غاية الفرح، ثم أصدر مجلة (السنة) وفرحنا بها كذلك غاية الفرح، وقلنا: هذه هي ضالتنا المنشودة وأثنى بعض إخواننا على مجلة (البيان) وأثنينا عليها قبل وقلنا: إنه لا يوجد لها نظير ولكن شأن الحزبيين أنهم يدعون في البداية إلى الكتاب والسنة حتى يألفهم الناس، وحتى تشتد عضلاتهم، فإذا علموا أن الكلام ليس مؤثرا فيهم أظهروا ما عندهم.
ومجلة (السنة) التي ينبغي أن تسمى مجلة (البدعة) تنفر عن أهل العلم وترميهم بالجمود والعمالة وبعدم فهم الواقع.
والحمد لله ظهرت حقيقة السروريين في قضية الخليج، والفضل في هذا لله عز وجل، أذكر أنني قرأت ذات مرة كلاما فيه مهاجمة للشيخ الألباني لأنه أصدر شريطا بعنوان «لقاء مع سروري» ثم بعد صفحات يثنون على الشيخ ابن باز، وقد عرفت مغزى هذا الثناء حتى لا يقال: إنهم يطعنون في العلماء.
وبعد أيام بعد فتوى الشيخ ابن باز حفظه الله بجواز الصلح مع اليهود، حملوا على الشيخ ابن باز فإذا هي خطة مدبرة للتنفير عن أهل العلم، وتلمح مجلة (البيان) و(السنة) إلى أنه ينبغي أن يرجع إلى السلفيين الذين يفهمون الواقع في اليمن في شأن قضية اليمن.
فأقول: يا مساكين، ما يوم حليمة بسر، ومن الذي يجهل حالة المسلمين، ولكن الشأن كل الشأن في علاج هذا الواقع.
فما يحصل للمسلمين من انهزامات ومن خوف ومن جدب هو بسبب الذنوب، يقول الله تعالى: ﴿وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون﴾(1).
فإذا كنا قد عرفنا الداء، فما هو الدواء، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا﴾(2).
فالذنوب هي التي أذلت المسلمين، والتعامل بالربا وإباحة الزنا في كثير من البلاد الإسلامية، واستيراد القوانين الوضعية من قبل أعداء الإسلام والخضوع لها، وكم يعد العاد... وتبرج وسفور، واختلاط في المدارس والجامعات.
والدواء يكون بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ثم بالرجوع إلى العلماء، يقول الله عز وجل: ﴿وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم﴾(3). فيجب علينا أن نرجع إلى العلماء: ﴿وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون﴾(4).
وترى بعض الناس يحفظ له ثلاثة أو أربعة مواضيع ويقوم بها في المساجد يركض وينطح، ثم يلقبه أصحابه بشيخ الإسلام، فهل هذا هو العلم؟ بل العلم أن تجلس على الحصير حتى تحتك ركبتك ولا بد أن تصبر على الجوع والعري، وانظر إلى حالة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وما صبروا عليه.
وأهل العلم هم الذين يضعون الأشياء في مواضعها، كما تقدم في الآية الكريمة السابقة ويقول سبحانه وتعالى: ﴿إن في ذلك لآيات للعالمين﴾(5). ويقول عز وجل: ﴿أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب﴾(6).
والمصيبة التي ابتلى بها المسلمون هي جهلهم بدينهم، فمن حفظ له آيات وأحاديث وقام يتكلم بها وخصوصا إذا أعطي فصاحة، قالوا: هذا هو الشيخ.
والحمد لله تتضح الحقيقة كما قيل:
إذا حمل الفصيح فلا تهبه
فتلك الاستعارة مستعارة
ولذ بالعلم والعرفان تلقى
فصاحته انتهت من غير غارة
فيجب علينا أن نزن العلماء والدعاة إلى الله بالعلم والعمل.
والله سبحانه وتعالى عند أن أخبرنا بقصة قارون: ﴿فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم * وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون * فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين * وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون﴾(7).
فيجب أن نرجع إلى أهل العلم وأن نتعلم، كما أتى جبريل إلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ليعلم الصحابة كيف يسألون.
ولن أنسى ما قاله عبدالقادر الشيباني الجويهل: سنرسل إلى أبي عبدالرحمن إخوانا يعطيهم جرعات في شهرين ثم نرسلهم إلى مراكز ونحتل الساحة على الإخوان المسلمين. فأقول: في شهرين يستطيع أن يخرج دعاة إلى الله؟
وإذا كان الجهال هم الذين يقودون الدعوات فأبشر بنكسات الدعوات. فلا بد من مجالسة العلماء، والاستفادة منهم، كما فعل علماؤنا المتقدمون، فقد جالس سلمان الفارسي أول عالم، حتى مات، والثاني والثالث، حتى لحق بالنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. وهكذا أصحاب معاذ -رضي الله عنه- قبل أن يموت قالوا له: إلى من نذهب؟ قال: إلى عبدالله بن مسعود.
ولما طالب أحد الإخوة أحد الحزبيين بطلب العلم، قال: ﴿منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة﴾(8)، يقول إن الله سبحانه وتعالى قال هذا في الصحابة، يعني أنهم قد اعترفوا أنه لا صبر لهم على طلب العلم وعلى الجوع، وأنهم يريدون أن يجاروا الناس في العمران والسيارات وفي الدنيا.
ثم نسمعهم بعد ذلك يقولون: أنتم تطعنون في الجمعيات. فمن قال لك: إننا نطعن في الجمعيات؟ نعم، إننا نطعن في بعض الجمعيات التي اشتملت على حزبيات وعلى ولاء ضيق وعلى لصوصية واختلاس الأموال، فهذه هي التي نطعن فيها وننفر عنها.
فهذه دعوة مبنية على الكذب والتلبيس وستظهر الحقيقة، فقد ظهرت دعوة علي بن الفضل، وظهرت حقيقة دعوة المعتزلة، والشيعة، والصوفية، والذي سيظهر هذا بإذن الله تعالى أهل السنة، فهذه الحزبيات المغلفة هي التي استمالت بعض ضعاف الأنفس(9) الذين يعرفون حقيقتها، استمالتهم بالدرهم والدينار(10).
وبحمد الله فأهل السنة يغربلون المجتمع غربلة، يقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك».
فالشيخ ربيع بن هادي حفظه الله بأرض الحرمين ونجد يكشف الحزبيين ويبين ما هم عليه.
والشيخ أبوالحسن بمأرب، والشيخ محمد بن عبدالوهاب بالحديدة، والشيخ محمد الإمام بمعبر، والشيخ قاسم، والأخ محمد الصوملي في جامع الخير في صنعاء.
فأنصح الإخوة -لأن أكثرهم بحمد الله مستفيد- أن يرجعوا إلى الكتاب والسنة وأن يدعوا إليهما ولا يضيعوا أعمارهم في تمجيد الشيخ فلان، ولو تركهم لقالوا: احذروه هذا من جماعة التكفير أو هو عميل للحكومة. فهذا كلام من لا يخاف الله.
السؤال148: هناك جماعات تدعي أنها سلفية، فنرجو القول الحق والفاصل فيها وهي: جماعة التكفير، وجماعة الجهاد، وجماعة عبدالرحمن عبدالخالق، وجماعة محمود الحداد، فنرجو تبيين ما هم عليه وهل يصدق عليهم اسم السلفية؟
الجواب: السلفية ليست جبة يلبسها إذا أراد، وإذا أراد خلعها خلعها، بل هي التزام بكتاب الله وبسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على فهم السلف الصالح، وبفضل الله قد تكلمنا على جماعة التكفير، وعلى جماعة عبدالرحمن عبدالخالق وبينا ما هو عليه، وهكذا جماعة الجهاد في أشرطة متكاثرة، فلا نحتاج إلى تكرير الكلام. وكذا السرورية تكلمنا عليهم في أجوبة البحرينيين(11)، حتى تعلم حقيقتهم.
ويقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به﴾(12). فالسلفي هو الذي يلتزم بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح، وليس الذي عنده انتخابات وعنده ولاء وبراء ضيق، وتنفير عن العلماء. والسلفي لا يهاجم إخوانه أهل السنة، ولا يشق عصاهم من أجل دريهمات.
وبعضهم يعرف الحقيقة، ولكن التوسع في الدنيا هو الذي جعلهم ينشقون عن إخوانهم كما قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم».
وكما قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إن لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي المال».
خسروا وخابوا، فقد كنا نعدهم للتأليف والتحقيق مثل: عبدالمجيد الريمي، ومحمد البيضاني، ومحمد المهدي، وعبدالله بن غالب، وعقيل المقطري، الذي جن ويحتاج إلى كية في رأسه، لأنه زارني بعض العامة من إخواننا السلفيين فقال: والله ما عقيل جاهل ولكنها الدنيا.
السؤال149: هناك من يوزع شريطا للشيخ الألباني في سفر وسلمان ويقول: هذا آخر شريط في سفر وسلمان، فماذا ترون في منهج سفر وسلمان، وجزاكم الله خيرا؟
الجواب: أنا لم أسمع هذا الشريط، وأنصحهما بالرجوع والتوبة إلى الله عز وجل، ونسأل الله أن يتوب عليهما وأن يهديهما للرجوع عما كانا عليه فإنهما ضيعا كثيرا من الشباب، وقد جاءتني رسائل شفوية وخطية أن الشباب بعدما حصل ما حصل لسفر وسلمان رجعوا إلى الكتاب والسنة، فهما داعيان نسأل الله أن يصلحهما.
السؤال150: هل التكلم في الحزبيين أو التحذير منهم يعد حراما؟ وهل هذا الأمر خاص بالعلماء دون طلبة العلم؟ وإن تبين لطلبة العلم الحق في هذا الشخص؟
الجواب: ينبغي أن يسأل أهل العلم عن هذا الأمر، لكن الشخص الذي ينفر عن السنة وعن أهل السنة وعن مجالس أهل العلم؛ يحذر منه، والجرح والتعديل لا بد أن يكون الشخص عارفا بأسبابهما، ولا بد أن يتقي الله سبحانه وتعالى فيما يقول، فإن الأصل في أعراض المسلمين أنها محترمة، كما قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا».
لكن المبتدعة لا بأس أن يحذر منهم طالب العلم في حدود ما يعلم بالعدالة ﴿وإذا قلتم فاعدلوا﴾(13)، ﴿ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى﴾(14)، ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان﴾(15).
والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يأمر أبا ذر أن يقول الحق ولو كان مرا.
بل الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا﴾(16).
فلا بد من العدالة في الكلام على الحزبيين، ولست أقصد أنك تنظر إلى مبتدع وتذكر ما له من حسنات وسيئات، فالمبتدع ليس أهلا لأن تذكر له حسنات، وليس لنا وقت أن نذكر حسناته.
وقد قلنا قبل إن أصحاب جمعية الحكمة، وأصحاب جمعية الإحسان مماسح للإخوان المسلمين، والإخوان المسلمون مماسح للحكومات، وهاتان الجمعيتان مدخل إلى الإخوان المسلمين؛ لأن الشخص يذهب ويدخل مع أصحاب هذه الجمعيات مدة يسيرة ثم يراهم لا علم ولا عمل -أعني عمل حركي في مجال الدعوة ولست أعني أنهم لا يصلون- فيذهب إلى الإخوان المسلمين وخصوصا إذا كانت المادة أكثر مع الإخوان المسلمين، والأماني بالرتب العسكرية، وإدارات المعاهد.
السؤال151: هل الوسائل الدعوية توقيفية على الكتاب والسنة أم هي اجتهادية؟
الجواب: أما الدعوة فالذي يظهر لي أن الدعوة نفسها توقيفية: ﴿ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة﴾(17)، ويقول: ﴿قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة﴾(18).
أما الوسائل فلا بأس بها ما لم تخالف الكتاب والسنة، فإذا خالفت الكتاب والسنة فهي تعتبر طاغوتية.
السؤال152: ما حكم التمثيل ومن يقول به بأنه وسيلة مباحة؟
الجواب: أنصح بالرجوع إلى ما كتبه الأخ بكر بن عبدالله أبوزيد، فكتابته كافية وافية.
السؤال153: بماذا تنصح من يتعاطف مع الحزبيين ولا يحذر منهم وهو من إخواننا أهل السنة؟
الجواب: أنصحه أن يستغني بالله، فإن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله» وحرام عليه أن يبيع العلم والدين، فنحن لم نعده أن يكون خادما لأولئك، بل أعددناه ليكون مؤلفا ومحققا وداعيا إلى الله على بصيرة، وهذا الشخص الذي يغض الطرف عنهم يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما﴾(19).
السؤال154: ختاما بماذا تنصح شباب السنة في تهامة؟
الجواب: أنصحهم بالالتفاف حول إخوانهم أهل السنة، فعندهم الشيخ محمد بن عبدالوهاب أخ محنك خبير بالحزبية، وعندهم الأخ محمد مقبول، وغيرهما من إخواننا المتمسكين بسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وأنصحهم بالصبر وأن يدرسوا سيرة الصحابة كيف صبروا على الجوع والعري، وعلى المخاوف وعلى الغربة من الأوطان.
وبحمد الله قد وجدنا شبابا بتهامة في غاية من الاستقامة والصبر والتمسك بسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نحتقر أنفسنا عندهم.
وأنصحهم أن يتركوا الجدل، مع أولئك فليسوا أهلا لأن يجادلوا، كما أنصح الشيخ محمد بن عبدالوهاب ألا يضيع وقته في الجدل معهم، وأنصحه أن يؤلف كتابا في بيان ما هم عليه من البعد عن سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ويطبع وينتفع به.
فهؤلاء ليسوا أهلا لأن يجادلوا، فقد جاء رجل إلى الإمام مالك وقال: يا مالك أريد أن تناظرني قال: فإن غلبتني؟ قال: اتبعتني قال: فإن جاء شخص آخر وناظرني وغلبني؟ قال: اتبعته، قال: إذا يصير ديننا عرضة للتنقل، اذهب إلى شاك مثلك فإني على ثبات من ديني.
فأنصح الأخ محمد بن عبدالوهاب ألا يبقى مشادا مع هؤلاء فهم ليسوا بشيء، ولا يضرون، فالمسألة مسألة مادة ودنيا، وأنا أعتبر الكلام فيهم رفعة لهم.
وبحمد الله فكتاب «قمع المعاند وزجر الحاقد الحاسد» قد قمعهم، وكتاب «المصارعة» صرعهم من فضل الله. وفي هذه الأيام أرسلت برسالة بعنوان «فضائح ونصائح»(20) فبحمد الله الكتب تريحنا، ونحن مستمرون على دروسنا ما فرطنا في دروسنا، ولا في التأليف، ولا في الدعوة إلى الله عز وجل بل جميع هذه الأمور حاصلة، وهم يركب أحدهم سيارته من صنعاء إلى حضرموت، من أجل أن يدعو إلى جمعية الحكمة أو جمعية الإحسان.
وأما (محمد المهدي) فأخشى عليه من أن يجن، فإنه يعتبر أخسر شخص في جمعية الحكمة لأن أهل إب كانوا مطيعين له ومحبين له، والآن قد تفلتوا عليه، فلم يبق معه إلا مبنى الجمعية، يصعد وينزل فيها. فعظم الله أجر أهل السنة في محمد المهدي(21).
وأنصح إخواني في الله ألا يميلوا إلى الدنيا، فتذهب معلوماتهم وتطمس بصائرهم ثم يزورنا الأخ بعد أيام فأقول له: أعرب يا أخانا: (إنا ههنا قاعدون)، فيقول: والله يا شيخ قد نسيت.
وكنا ذات مرة في جلسة في بيت الشيخ محمد بن سعيد العنسي وكنا مدعوين فقلت: حديث كذا من صحابيه؟ ومن أخرجه؟ وما حاله؟ فجعل بعض أصحاب جمعية الحكمة يلتفت بعضهم إلى بعض فعبدالمجيد الريمي يلتفت إلى أحمد المعلم، وأحمد المعلم يلتفت إلى آخر، ولا يجيب أحد منهم والذي يجيب هم إخواننا الذين كانوا معنا. أما أولئك فهم الشخص منهم أن يحضر موضوعا ويقوم ويلقيه.
فننصحهم بالإقبال على طلب العلم والجد والاجتهاد في تحصيله. وهناك أشرطة تتعلق بهذا الموضوع مثل شريط «نصيحتي لأهل السنة» ومثل «الأجوبة على أسئلة شباب البحرين» ومثل «البراءة من الحزبية»(22).
فأقول: نحن نقول هذا الكلام ونحن نعلم أن الحكومات تشمت وتفرح بهذه الفرقة، لكن والله كما قيل: مكره أخاك لا بطل، فقد أبى هؤلاء أن يحكموا الكتاب والسنة، وأبوا أن يسكتوا عن الدعاة إلى الله، فاضطررنا إلى أن نتكلم وأن نحذر منهم حتى لا يضيعوا الشباب.
فأنصح أصحاب الجمعيتين أن يعتبروا بالإخوان المفلسين، فقد أصبح المجتمع مبغضا للإخوان المسلمين ونافرا عنهم.
وشيء آخر هو معاملتهم السيئة والدعوة إلى الحزبية نفرت كثيرا من الناس عنهم.
فالإخوان المسلمون في مصر انتكسوا وفازوا بكرسي واحد في هذه الانتخابات، والإخوان المسلمون ههنا لعلهم يحصلون على نصف كرسي، لأن أولئك هم الأصل والسادة.
أما أصحاب الجمعية فهم في الباطن يخبرون بعض أفرادهم بجواز الانتخابات والتصويتات وتلك فتوى أحمد بن حسن المعلم موجودة، إذ أفتى بالدخول في الإصلاح والانتخاب لمرشحي الإصلاح.
وهم يرمون أهل السنة بأنهم عملاء للحكومات، فأريد منهم أن يبوحوا في جرائدهم بما يقولونه، وأنا لا أدافع عن الحكومات فرب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما﴾(23).
وأنا أشكو إلى الله من ضياع الوقت، فيأتينا الأخ من إندونيسيا، أو من أمريكا، أو من بريطانيا، وهو يشكو من الحزبيين. ولكنني أبشركم فقد أعطيتهم قسطهم في كتاب «غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة» وأعطيتهم قسطهم في كتاب «فضائح ونصائح».
كل واحد منهم يذهب يفتش الكتاب من أوله إلى آخره، هل ذكرني أبوعبدالرحمن في الكتاب. وكل هذه المسائل قد أجبنا عليها في أشرطة متقدمة وهي موجودة هنا، وموجودة في (تسجيلات اليقظة) بصنعاء.
ونقول لهم الآن: اتسع الخرق على الراقع، اطلعوا على الكتب التي أخرجت، وعلى الكتب التي ستخرج، ومنهم من يتمنى أنه ما تكلم في أهل السنة، وبلغني عن بعضهم أنه يقول: ما تكلم أبوعبدالرحمن في أحد إلا أحرقه، انظروا فلانا، ويمثل بداعية كبير جدا.
وكما قلت: فالحكومات تفرح بهذا وبالخلاف، ولكن هل لهم أن يرجعوا، فنحن مستعدون أن نسكت عنهم، يرجعون إلى الكتاب والسنة، وليس الرجوع أن يسكتوا عنا ونسكت عنهم بل الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
هذه السرورية فاحذروها
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.
والحمد لله رب العالمين.
_______________________
(1) سورة النحل، الآية: 112.
(2) سورة النور، الآية: 55.
(3) سورة النساء، الآية: 83.
(4) سورة العنكبوت، الآية: 43.
(5) سورة الروم، الآية: 22.
(6) سورة الرعد، الآية: 19.
(7) سورة القصص، الآية: 79-82.
(8) سورة آل عمران، الآية: 152.
(9) ضعاف الأنفس الذين لا يؤمنون بالقدر، ولا يؤمنون بقول الله عز وجل: ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب﴾.
(10) وبعض الدعاة المغفلين في أرض الحرمين ونجد يجاهد -في زعمه- ويجمع لهم الأموال ليحاربوا سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وينفروا عنها.
(11) مطبوع ضمن «فضائح ونصائح».
(12) سورة النساء، الآية: 123.
(13) سورة الأنعام، الآية: 152.
(14) سورة المائدة، الآية: 8.
(15) سورة النحل، الآية: 90.
(16) سورة النساء، الآية: 135.
(17) سورة النحل، الآية: 125.
(18) سورة يوسف، الآية: 108.
(19) سورة النساء، الآية: 114.
(20) وقد طبعت والحمد لله.
(21) وبعد هذا فقد انسلخ من السنة بل يخشى عليه أن ينسلخ من الدين فقد تدهور تدهورا مشينا، في هذه الأيام حدث خصام بين طرفين فحكم محمد المهدي ومدير الناحية وشخص ثالث يقال له عبدالكريم فحكم المحكمون بذبح أربعة أثوار عند أحد الطرفين، وهذا ذبح لغير الله، الذبح حرام والأكل منه حرام فأف لك يا محمد المهدي.
(22) الأول والثاني مطبوعان مع «فضائح ونصائح»، والأخير مطبوع مع «قمع المعاند».
(23) سورة النساء، الآية: 107.
المصدر
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..