الاثنين، 31 أكتوبر 2022

وقـفَـاتٌ وعِـظَـات🔷مقال عن تاريخ مميز و عدة وفاة

إمرأة صالحة ولها مؤلفات دينية توفي زوجها من ٤ اشهر وعشر أيام   وخرجت من العده يوم السبت ١٤٤٤/٤/٤ هت  وانهالت عليها عشرات الرسايل الجميع يقولون لها غفر الله لابو أولادك  ،و خرجتي من الحداد في يوم مميز تاريخه. فكتبت المقال الأتي:

بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله..
وبعد:
 🔺 { ٤-٤-١٤٤٤ هـ…}🔺
تاريخ سيظلّ خالدًا في ذاكرتي إلى ماشاء الله…
ليس لأنه مميّز بتشابه أرقامه!!
بل لأنه يوافق نهاية فترة عشتها لا تشابه أي مرحلة في حياتي..

-إنه يوافق نهاية عدّتي على وفاة زوجي (أبو مصعب) بعد إصابته بمرض خطير ،رحمنا الله وإياه ووالدينا وأحبابنا .

-ولي مع هذا الحدث وقفاتٌ وعِظات أسردها للتذكير :

١-🔹الدنيا دار سفر للآخرة، فالوجهة معلومة، والرحيل محتوم ،ولكن اليوم مجهول ، فلنبادر بإعداد الزاد ليوم المعاد، فقد يفاجئنا الأجل في أي زمان ومكان..
(وماتدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت).
قال الإمام أحمد:" إذا ذكرتُ الموت هان عليّ كل أمر الدنيا، إنما هو طعامٌ دون طعام، وشرابٌ دون شراب، ولباسٌ دون لباس
 وإنما هي أيام قلائل".

إلا إنما الدنيا نضارة أيكة
إذا اخْضرّ منها جانب جفّ جانب
فلا تكتحل عيناك منها بعبرة
 على ذاهب مـنها فإنـك ذاهـب

٢-🔹سمّى الله الموت مصيبة (فأصابتكم مصيبة الموت) ولا يهوّن وقعها إلا الأجر العظيم من الله، قال ﷺ : (يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة).

٣-🔹والمصائب كفارة للخطايا بوعد نبيناﷺ :(مامن مسلم يصيبه أذى إلا حات الله خطاياه كما تحات ورق الشجر).
والمصائب التي تكفر الذنوب لاتقتصر على صاحب البلاء فحسب، فقد قال ﷺ: (لايزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وماعليه خطيئة)
فسبحان من يسوق النعم في بطون البلايا.

 ٤-🔹وليعلم المصاب أنّ الذي ابتلاه أرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين،ليمتحن
صبره ورضاه عنه، وليسمع تضرعه وابتهاله،
وكم من الناس من ساقه البلاء إلى ربه ، وردّه إليه رداً جميلاً، وفتح له أبواباً من العبادات كالتوبة والانابة والصدقة(إِنَّ رَبَّكَ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ﴾ 

٥-🔹على المصاب الاسترجاع عند وقوع المصيبة(إنا لله وإنا إليه راجعون…)
ومجاهدة النفس على مايُرضي الله، والفزع إلى الصلاة، ولزوم أدعية الكرب، وقد كان
ﷺ إذا نزل به كرب قال: (ياحي ياقيوم برحمتك استغيث)
قال ابن الجوزي : البلايا ضيوف، فأحسن قِراها حتى ترحل إلى بلاد الجزاء مادحة
غير قادحة".
  والله سبحانه يجبر قلب من لجأ إليه، ويثبّته بتوفيقه، ويُعوّضه عن مصابه بأعظم الجزاء.

٦-🔹المصيبة الكبرى والرزيّة العظمى هي مصيبة الدين، وقد كان ﷺ يكثر من دعاء
:(يامقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك)
وورد عنه ﷺ : (ولاتجعل مصيبتنا في ديننا).
ومن دعاء المؤمنين( ربنا لاتزغ قلوبنا بعد 
إذ هديتنا).
كلُّ المصيبات وإن جلّت وإن عظُمت
إلا الـمصـيبات في ديـن ِالفـتى جـَلَلُ

ومن أدبرت عنه الدنيا وسَلِم له دينه، 
خيرٌ ممن أقبلت عليه الدنيا وخسر دينه.

٧-🔹ماخُطّ في الغيب ممايجري في الكون
من عطاء أو منع،من حياة أو موت سيقع،. فقضاء الله نافذ، وقدره ماضٍ، قالﷺ:
(كتب الله مقاديرالخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة)،(واعلم أن ماأخطأك لم يكن ليصيبك،
وماأصابك لم يكن ليخطئك)
ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر:
طمأنينةالقلب وراحة البال. 
‏١٢-عند رؤية الميت وهو مسجّى على النعش تشعر بالرهبة، وتصغر الدنيا في عينيك ، وتنسَ أمنياتك الدنيوية، وتعجب مما يكون بين بعض الناس من شحناء وبغضاء وتناحر..
‏ولو تذكروا هذه النهاية ما وقع هذا منهم ..
‏والدنيا لاتساوي عند الله جناح بعوضة كما ورد ذلك عن نبينا ﷺ .

٩-🔹البكاء على المصيبة جبلّة إنسانية ، لايأثم عليها العبد طالما أنه لم يصاحب ذلك سخط، قال ﷺ :لما مات ابنه إبراهيم:(إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ).

١٠-🔹على المصاب ألّا يجترّ الحزن، لأنّ الحزن يُضعف القلب، ويوهن البدن، وقد ورد عن النبي ﷺ :( اللهم إني أعوذ بك من الهمّ والحزن)، وعليه أن يُشغل وقته بما ينفعه من أمور دينه ودنياه…
وأعرف من حفظت سورة البقرة في مدّة العدة، وأخرى حفظت عدة أجزاء من
القرآن الكريم، فكان لها سلوة وعزاء..

١١-🔹العبد يضعف عند البلاء ، ولذا شُرِعت التعزية ، فقد عزّى النبي ﷺ بعض أصحابه ، وعزّى الصحابة بعضهم بعضا ..
ومن مقاصد التعزية المواساة وشدّ أزر
أهل الميت وتثبيتهم بتذكيرهم بما ورد
  في فضل الصبر والاحتساب .

اصبـرْ لـكل مـصيـبةٍ وتجـلّـدِ
‏واعلمْ بأنّ المـرءَ غـيـر مُـخلّـدِ
‏أو ما تـرى أن المصائبَ جـمّةٌ
‏وتـرى المـنـيّـة للعبادِ بمـرصدِ
‏من لم يصب ممّن ترى بمصيبةٍ؟
‏ هـذا سبيـلٌ لستَ فـيه بـأَوْحـدِ
‏وإذا أتـتـك مصيبةٌ تشجي بـها
‏فاذكـر مُصابك بالنبيّ مـحـمدِ

١٢-🔹الأيام دُوَل، لاتثبت على حال،قال تعالى: (وتلك الأيامُ نداولها بين الناس)
كم مرةٍ ذهبتُ أعزّي قريبات وزميلات في وفاة أزواجهنّ، وكنت أوضّح لمن تسألني
عمّا يجب على المحادّة اجتنابه ..
وها أنا عشت الحدث فيأتين لتعزيتي، وأفعل ما كنت أذكّرهنّ به من ترك لبس الذهب والزينة في اللباس ، وعدم الاكتحال،وخلع الحليّ ،وعدم الخروج من البيت إلا لحاجة، والحمد لله من قبل ومن بعد.

١٣-🔹مكوث المرأة في بيتها مدة العدّة واجتناب مايجب عليها ؛ عبادة تؤجر عليها ؛ فهي طاعة لله، وامتثال لقوله ﷺ:"لا يحِلُّ لامْرأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، إِلاَّ عَلى زَوْجٍ أَرْبَعَة أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ".

١٤-🔹على الأبناء أن يكونوا متآلفين متحابين، وأن يزداد برّهم بوالدهم بعد وفاته بالصدقة والدعاء وغير ذلك،قال النبي ﷺ:" إنّ الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول:أنّى لي هذا؟ فيقال : باستغفار ولدك لك".
-وعليهم أن يتسابقوا في برِّ والدتهم، والسعي في مصالحها ، ونيل رضاها.
قال ﷺ : (الزم رجلها فثمَّ الجنَّة).
- وعليهم أيضاً الحرص على صلة أرحامهم ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم .
 قال ﷺ :(من أحبّ أن يُبسط له في رزقه،
وينسأ له في أثره، فليصل رحمه).

١٥-🔹الأهل والأقارب سند في هذه الحياة بعد الله يشاطروننا السراء والضرّاء ..فلنحسن العُشرة معهم ولنتغافل عن
زلاتهم طمعًا فيما عند الله.
وكما قيل: التغافل نصف العقل.

١٦-🔹الأخوّة في الله نعيم معجّل، وقد رأيته-ولله الحمد- في هذه المحنة في أسمى معانيها وأصدق صورها ..وقد ورد عن النبي ﷺ بشارة للمتحابّين في الله: (يقولُ اللهِ عزَّ وجلَّ: وجبت محبتي للمتزاورين فيَّ ، والمتجالسين فيَّ والمتحابِّين فِيَّ…)
اللهم أسبغ علينا من فضلك..

١٧-🔹استكثروا من الصحبة الصالحة فهي مغنم، وأي مغنم!! ذخرٌ في الدنيا بالتذكير بالخير والإعانة عليه ، ووفاءٌ بعد الممات بالدعاء والعمل الصالح من صدقة أو عمرة أو غيره ، ووصالٌ في الآخرة بشفاعة 
بعضهم لبعض كما ورد ذلك عن نبينا ﷺ.

١٨-🔹الدنيا دار ابتلاء لم تصف لأحد من الخلق..فما من بشر إلا وابتُلي بفقد  
قريب أو صديق..
على ذا مضى الناسُ اجتماعٌ وفرقةٌ
وميـتٌ ومـولـودٌ وبـِشـرٌ وأحـزانُ

١٩-🔹الآخرة خيرٌ لمن اتّقى، ففي الجنة لاخوف ولا حزن ،ولاهرم، ولاغلّ ولاحسد،
ولامرض ولا فَقْد.. نعيم سرمديّ،
وسرور أبديّ-اللهم اجعلنا من أهلها-.
ولولا أمل اللقاء في الجنة لتقرّحت الأكباد من ألم الفراق.
والفراق الحقيقيّ هو فراق الآخرة
 (فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير)…


٢٠-🔹ما أسرع مرور السنين والشهور
والأيام مع من عاشرناهم ثم فقدناهم،
لكن لازالت ذكرياتهم باقية؛ هنا أكلنا
سويًّا ، وهنا جلسنا ، وهنا مشينا، وهنا…
وما أصعب لحظات إخراج مايخص
الميت في بيته من ملابس وغيره..
ثم انقضت تلك السنون وأهلها
فــكـأنــّهـا وكـــأنـّـهـم أحــلام 

٢١-🔹الحياة الزوجية لاتخلو من الكدر والمنغصات تارة ، والفرح والسرور
تارة أخرى، ..ولكن بعد الرحيل لانذكر
 إلا المواقف والذكريات الجميلة.

٢٢-🔹اليوم نُعزّي غيرنا، وغداً يُعزّى فينا،
ولسان حالنا كما قال الشاعر:

إني مـعزيكَ لا أنـيِّ عـلى ثقـة ٍ
مِنَ الخُلودِ، وَلكنْ سُنَّة ُ الدِّينِ
فما المُعَزِّي بباقٍ بعدَ صاحِبِهِ
ولا المُعَزَّى وإنْ عاشَا إلى حَينِ

واختم هذه الوقفات بوصية نبينا محمد ﷺ : 
 "اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ : شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك"

أسأل الله أن يغفر لنا ولوالدينا ولأحبابنا ،
وأن يعوضنا من الجزاء أجزله، ومن الفضل أوسعه..
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلّم على النبيّ الكريم.

           🔷
                                  
كتبته/شيخة القاسم
……………………….

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..