شاهدت كغيري الحلقة الأخيرة من مسلسل «ليه لا» الاجتماعي المثير للجدل على منصة شاهد الشهيرة.
وضّح هذا المسلسل بأحداثه حقائق مهمة عدة، هي أصلاً من صميم الشريعة الإسلامية التي قدّرت المرأة حق قدرها ومنحتها الكثير من الحقوق والواجبات، التي حاول البعض طمسها لحاجة في نفسه، لعل من أهم تلك الحقائق أن المرأة كائن حي لها استقلاليتها الخاصة وشخصيتها الاعتبارية لقول الحق «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف».فالمرأة وحدها هي صاحبة الحق بتقرير مصيرها، لها حق الزواج في أي مرحلة عمرية وفي أي وضعية اجتماعية كانت، ولها وحدها اختيار الزوج المناسب لترتبط به دون إكراه أو غصب أو تدخل.
أثار هذا المسلسل جدلاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي حول زواج «الويك اند»، وقسّم الآراء بين مؤيد ومعارض لهذا النوع من الارتباط.
إن كل علاقة زواج لها شكل معين يرتاح إليها الرجل وتركن إليه المرأة، فبعض الزيجات قد يناسبها زواج المسيار أو زواج الويك اند أو زواج الليل أو زواج النهار أو المسفار أو زواج السر أو زواج فرند أو زواج التجربة أو الزواج بنية الطلاق أو الزواج العرفي وغيرها من عقود الأنكحة المستحدثة التي بدأت تنتشر في المجتمعات الإسلامية، هي عقود زواج صحيحة لا غبار عليها كونها حققت الجانب الشرعي للارتباط، فعقد الزواج يتم بركنين وهما «قبول وإيجاب، وزوجان خاليان من الموانع الشرعية» مثل المحرمات النسبية والسببية الدائمة والمؤقتة المانعة من الزواج باتفاق أئمة المذاهب واختلفوا في شروط النكاح وهي «الشهود والإشهار والولاية».
عقد النكاح عقد مقدس باشره الله بنفسه مرتين؛ الأولى بإشارة النص في قوله تعالى (اسكن أنت وزوجك الجنة)، ولم يكن لسيدنا آدم حق في منافع بضع حواء حتى أباحه الله بقوله (زوجك)، وكانت هذه الكلمة أساساً في جعل الأصل في الإبضاع التحريم. بخلاف العقود والمعاملات الأخرى فالأصل فيها الإباحة.
المرة الثانية التي باشر الله عقد النكاح بنفسه جاءت في قوله تعالى (فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها).
فعقود الأنكحة المستجدة ومن ضمنها زواج (الويك اند غير المحدد بمدة زمنية) عقود صحيحة من الناحية الشرعية كونها استوفت أركان الزواج وشروطه المختلف عليها. فالمسيار على سبيل المثال ويقصد به نكاح السر أو استكتام الشهود مع استيفاء باقي الشروط أباحه مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثامنة عشرة برابطة العالم الإسلامي، فإبرام عقد زواج تتنازل فيه المرأة عن السكن والنفقة والقسم أو بعض منها فهذا له أصل في الشرع، بفعل سودة بنت زمعة زوج رسول الله التي وهبت ليلتها لعائشة، فالليلة حق للمرأة فإذا أسقطتها وجعلتها لضرّتها تعيّنت لها، وهذا صحيح في مذهب أحمد والشافعي.
واختلف أهل العلم في اعتبار الإشهار أو الإشهاد شرطاً في صحة العقد، فعند الإمام أحمد أنه يصح بغير شهود، وفعله ابن عمر والحسن بن علي وابن الزبير وغيرهم فلا يثبت في الشاهدين في النكاح خبر، وقد أعتق النبي صفية بنت حيي فتزوجها بغير شهود فيصح العقد بغير شهود.
واستدل المالكية على صحة العقد بغير شهود بقوله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء).
فكانت الآية على عمومها، وما ورد عن أحاديث الإشهاد إنما هي أحاديث آحاد ولا تخصيص لكتاب الله بخبر الآحاد. واستدلوا أيضاً بحديث رسول الله قال: «ألا أنكحك آمنة بنت ربيعة بن الحارث؟»، قال بلى قد أنكحتها ولم يشهد.
وفيه دلالة على صحة العقد من غير إشهاد. كما استدلوا بأن علياً قد زوّج ابنته أم كلثوم ولم يشهد.
ومن استدلالهم أيضاً أن العقود إما عقد على عين كالبيع أو عقد على منفعة كالإجارة، وليست الشهادة شرطاً في أي منهما، وشرط النكاح عقد على منفعة فالحق به فلا يُشترط فيه الإشهاد. ويجوز أن ينعقد النكاح بغير شهادة ثم يقع الإشهاد بعد ذلك.
والحنفية اشترطوا شاهدين إلا أنهم لم يشترطوا فيهما العدالة، فيصح عند سكرانين يعرفان النكاح وإن لم يذكراه عند الصحو.
ومن أباح النكاح الذي استكتم فيه الشاهدان أبو حنيفة والشافعي، فالعلماء اختلفوا في قول إن الإشهاد أو الإشهار شرط في صحة عقد النكاح.
وإذا اختلفت على المسلم فتوى فهو مخير يأخذ بما يشاء. فلا يجمل بأولئك الممانعين لزواج (الويكند) أو غيره من عقود الأنكحة التي تتوفر فيها شروط صحة العقد أن يحرموها أو يستنكروها ويصفوها بالدعارة والمخادعة. فلا يدري أحد بما في صدور الناس من النوايا والمقاصد، فلربما من أقدم على هذا النوع من الزواج قصد السلامة من الوقوع في الحرام، فلا ينبغي في شرع الله أن يكون المعيار في الحكم على تصرّفات الناس ومعاملاتهم بما يستقبحه الناس أو يستحسنونه بل بما ورد في شرع الله بالاجتهاد والنظر في كتاب الله وسنّة رسوله وما يتبعهما من إجماع أو قياس على أصل.
فطالما أن الشروط وأركان الزواج قائمة نستطيع التأكيد أن زواج الويكند والمسيار والمسفار وزواج الليل أو النهار وغيرها أنكحة شرعية صحيحة، متوفر فيها الأركان قائمة فيها الشروط، ولها فوائد اجتماعية كثيرة تخدم بها مصالح كثيرة للرجل والمرأة، فهو حل ترتجيه من فاتها سن الزواج كما يقلّل نسبة العنوسة ويشد من أزر المطلقات والأرامل ويساعد المرأة العاملة، والأهم أنه يقلّل من نسبة الانحراف والشذوذ في المجتمع، وقد تُبنى به بيوت سعيدة يريد لها الله البقاء والاستمرار والاستخلاف في الأرض بإذن الله.
سوف أسمع من يردد النغمة الصحوية الجاهزة: هل ترتضيه لابنتك لأختك لأمك؟
وردي أن من يحتاج إلى مثل هذه الزيجات ويضطر إليها فهي حلال في شرع الله.
المصدر
-
التعليق :
تم نشر المقال للتوثيق ، وإلا فإن مثل هذلا المهرطق يهذي "كعادته" .. للإثارة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..