"وَمن أقرب حوادث الرَّفْض فِي دِيَارنَا هَذِه أَنه كَانَ جمَاعَة من المتظهرين بِالْعلمِ يملون على النَّاس فِي جَامع صنعاء فِي شهر رَمَضَان سنة سِتّ عشرَة وَمِائَة بعد الْألف فِي كتب فَضَائِل عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ نَحْو ثَلَاثَة أَو أَرْبَعَة كل وَاحِد مِنْهُم قد اجْتمع عَلَيْهِ جمَاعَة كَثِيرَة من الْعَامَّة وَكَانَ أحدهم يملي على كرْسِي مُرْتَفع وتسرج حوله الشمع الْكثير فيجتمع من النَّاس عدد كثير جدا لقصد الفرجة كَمَا يتَّفق فِي مثل هَذَا وَكَانُوا يشوبون المناقب بِذكر مثالب بعض الصَّحَابَة ويحطون من بَعضهم ويصرحون بسب الْبَعْض ويتوجعون من الْبَعْض
وَكَانَ مَا يصدر من هَؤُلَاءِ من هَذِه الْأُمُور إِنَّمَا هُوَ مُطَابقَة للوزير الرافضي الَّذِي قد قدمت لَك ذكره وَلَا سِيمَا صَاحب الْكُرْسِيّ وَهَذَا الْوَزير لم يكن رفضه لوازع ديني كَمَا يتَّفق لكثير من أهل الْجَهْل المتعلقين بالرفض فَهُوَ أنذل من ذَاك وَأَقل وَلكنه يفعل ذَلِك مساعدة لجَماعَة من شياطين المتفقهة"
"المتعصبة يدْخلُونَ إِلَيْهِ فَيَقُولُونَ إِنَّه لم يبْق من يحامي على هَذَا الْأَمر سواك وَإنَّك ركن التَّشَيُّع وملجأ أَهله وَنَحْو هَذِه الْعبارَات فيبالغ فِي التظهر بِهَذِهِ الْخصْلَة وَيُحب نِسْبَة ذَلِك إِلَيْهِ فَكَانَ الرَّفْض مكملا لمثالبه متتما لمعايبه لِأَنَّهُ فِي كل بَاب من أَبْوَاب القبائح قريع ظَهره ونسيج وَحده
فَلَمَّا تكاثر مَا يصدر من أُولَئِكَ المشتغلين بِمَا لَا يعنيهم من ثلب السّلف مَعَ مَا يَنْضَم إِلَى ذَلِك من إِدْخَال الضغائن فِي قُلُوب الْعَامَّة وَإِيمَانهمْ أَن النَّاس قد تركُوا مَذْهَب أهل الْبَيْت وفعلوا وفعلوا وكل ذَلِك كذب فَإِن النَّاس هم فِي هَذِه الديار زيدية وَكثير مِنْهُم يُجَاوز ذَلِك فيصيروا رَافِضِيًّا جلدا وَلم يكن فِي هَذِه الديار على خلاف ذَلِك إِلَّا الشاذ النَّادِر وهم أكَابِر الْعلمَاء وَمن يقتد بهم فَإِنَّهُم يعْملُونَ بِمُقْتَضى الدَّلِيل وَلَا ينتمون إِلَى مَذْهَب وَلَا يتعصبون لأحد فَهَؤُلَاءِ الَّذين يقصدهم أُولَئِكَ الرافضة بِكُل فاقرة ويرمونهم بِالْحجرِ والمدر ويسمونهم بميسم النصب
فَلَمَّا تفاقم شَرّ أُولَئِكَ المدرسين وَصَارَ الْجَامِع ملعبا لَا متعبدا واشتغل بأصواتهم المصلون عَن صلَاتهم والذاكرون عَن ذكرهم رَجَعَ إِمَام الْعَصْر أعز الله بِهِ الدّين "منع صَاحب الْكُرْسِيّ من الْإِمْلَاء فِي الْجَامِع وَأمره بِالْعودِ إِلَى الْمَسْجِد الَّذِي كَانَ يملي فِيهِ
فَحَضَرَ أُولَئِكَ المستعمرون على عَادَتهم وَكَانَ الْإِمْلَاء قبل صَلَاة الْعشَاء فَلَمَّا لم يحضر شيخهم ذهب بَعضهم ليجيء بِهِ من بَيته فَأخْبرهُم أَن الإِمَام قد مَنعه وَأمره بِالْعودِ إِلَى حَيْثُ كَانَ
فَلم يعذروه وَلَا سمعُوا مِنْهُ وَرَجَعُوا إِلَى الْجَامِع ثمَّ ثَارُوا ثورة شيطانية وَقَامُوا قومة طاغوية فمنعوا من الصَّلَاة فِي الْجَامِع وَمَا زَالَ ينظم إِلَيْهِم كل رَافِضِي وَمن لَهُ رَغْبَة فِي إثارة الْفِتْنَة حَتَّى صَارُوا جمعا كثيرا ثمَّ خَرجُوا فقصدوا بَيت الْمُؤَذّن الَّذِي أظهر عَلَيْهِم الرَّأْي الإمامي فرجموه حَتَّى كَادُوا "يهدمونه وَفِيه نسَاء وَأَطْفَال قد صَارُوا فِي أَمر مريع
هَذَا وَلَيْسَ لذَلِك الْمُؤَذّن الْمِسْكِين سعي وَلَا لَهُ قدرَة على شئ وَلكنه أرسل بِالرَّأْيِ الإمامي وَإِلَى الْأَوْقَاف إِلَيْهِ ووالى الْوَقْف أَيْضا لَيْسَ لَهُ سعي فِي ذَلِك وَلكنه أرْسلهُ إِلَيْهِ بعض من يتَّصل بالْمقَام الإمامي
ثمَّ لما فرغوا من رجم بَيت الْمُؤَذّن ذَهَبُوا وَلَهُم صُرَاخ عَظِيم وأصوات شَدِيدَة إِلَى بَيت وَالِي الْأَوْقَاف وَهُوَ رجل من أهل الْعلم من آل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرجموا بَيته رجما شَدِيدا حَتَّى غشى على بعض من فِيهِ من الشرائف فَقَالَ لَهُم قَائِل إِن هَؤُلَاءِ الشرائف المرجومات هن بَنَات نَبِيكُم وَبَنَات عَليّ بن أبي طَالب وَلم يكن بَنَات مُعَاوِيَة وَلَا بَنَات عمر بن الْعَاصِ وَغَيرهمَا مِمَّن تعادونهم فَمَا لكم ولهن فَلم يلتفتوا إِلَى ذَلِك واستمروا فِي الرَّجْم ثمَّ دخلُوا إِلَى بعض الْبَيْت ونهبوا بعض مَتَاعه
وبلغهم أَن وَالِي الْأَوْقَاف وَولده لمَسْجِد قريب من بَيته فحاصروا حَيْصَة حمر الْوَحْش وصرخوا صرخة الْحمر الْأَهْلِيَّة وذهبوا إِلَى ذَلِك الْمَسْجِد عازمين على قَتله فأغلق عَلَيْهِ بعض النَّاس مَقْصُورَة الْمَسْجِد فَسلم "ثمَّ ذَهَبُوا بصراخهم وجلبتهم إِلَى بَيت بعض أهل الْعلم من أهل الْبَيْت النَّبَوِيّ وَكَانَ يعظ النَّاس بالجامع ويتظهر بِبَعْض من السّنة فرجموا بَيته رجما شَدِيدا وَفِيه شرائف وَأَطْفَال
ثمَّ ثَارُوا إِلَى بَيت بعض وزراء الْخَلِيفَة لَا لذنب إِلَّا لكَونه ينافسه ذَلِك الْوَزير الرافضي وَكَونه ينتسب إِلَى بعض بطُون قُرَيْش فرجموه رجما شَدِيدا ثمَّ كسروا بعض أبوابه ودخلوا وكادوا يتصلون بِمن فِيهِ لَوْلَا أَنه حماه جمَاعَة بِالرَّمْي بالبنادق وَآخَرُونَ بِالسِّلَاحِ
ويتصل بِبَيْت هَذَا الْوَزير المرجوم بَيت وَزِير آخر من أهل الْعلم فرجموه ورجمهم من فِي بَيت الْوَزير حَتَّى أَصَابُوا جمَاعَة مِنْهُم فَتَرَكُوهُ وَسبب رجمهم "لبيت الْوَزير هَذَا أَنه من جملَة من يتظهر بِعلم السّنة ثمَّ لما كَاد ينقضى اللَّيْل فارقوا مَا هم فِيهِ وَقد أثاروا فتْنَة عَظِيمَة ومحنة شَدِيدَة
وَلما كَانَ النَّهَار جمع الْخَلِيفَة أعوانه وطلبني واستشارني فأشرت عَلَيْهِ بِأَن يحبس أُولَئِكَ المدرسين الَّذين أثاروا الْفِتْنَة فِي الْجَامِع بِسَبَب مَا يصدر مِنْهُم من نكاية الْقُلُوب وإثارة الْعَوام فحبسهم ثمَّ أَشرت عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يَأْمر بتتبع أُولَئِكَ الَّذين رجموا الْبيُوت وفعلوا تِلْكَ الأفاعيل وَمن وجدوه حبسوه وَيَأْمُر بتتبع جمَاعَة من شياطين الْفُقَهَاء المثيرين للفتنة فَفعل وحبسوا جَمِيعًا
وَلَكِن لم ينصح وَإِلَى مَدِينَة صنعاء لموافقته للوزير الرافضي فِي الرَّفْض ومهابته لَهُ ووقوفه عِنْدَمَا يختاره ويرتضيه
وَبعد أَن اجْتمع فِي الْحَبْس جمَاعَة كَثِيرَة من هَؤُلَاءِ أرسل الإِمَام حفظه الله لجَماعَة من شياطينهم المباشرين للفتنة من الْفُقَهَاء فجِئ بهم من الْحَبْس إِلَيْهِ وضربهم بالعصى تَحت دَاره وَهُوَ ينظر ثمَّ أرسل فِي الْيَوْم الآخر لجَماعَة من أهل السُّوق المباشرين للفتنة فَصنعَ بهم مَا صنع بأولئك "ثمَّ جعل جمَاعَة من شياطين الْجَمِيع فِي سلاسل وَأرْسل بهم إِلَى جزائر الْبَحْر على هَيْئَة مُنكرَة فسكنت الْفِتْنَة سكونا تَاما
وَلَقَد شهِدت من التعصبات فِي هَذِه الْفِتْنَة مَا بهرني من الْخَاصَّة والعامة أما الْخَاصَّة فَإِنِّي رَأَيْت من أهل بَيت الْخلَافَة من أَوْلَاد الإِمَام وَغَيرهم وَمن الوزراء والأمراء والقضاه وَأهل الْعلم من ذَلِك مَا يعجب مِنْهُ فَإِنِّي لما أَشرت على الْخَلِيفَة بِمَا أَشرت خرجت من الْمَكَان الَّذِي هُوَ مُسْتَقر فِيهِ إِلَى حجرته وفيهَا أكَابِر أَوْلَاده وهم إِذا ذَاك أُمَرَاء الأجناد وَعِنْدهم جَمِيع الوزراء وهم جَمِيعًا فِي أَمر مريع فيهم من يعظم عَلَيْهِ حبس أُولَئِكَ المدرسين وَيَرَاهُ حطا فِي مرتبَة الرَّفْض ونقصا من الرافضة وَقد قتل مِنْهُم ذَلِك الْوَزير الرافضي فِي الذرْوَة وَالْغَارِب وأوهمهم أَنَّهَا ستثور فتْنَة من الْعَامَّة والأجناد ومازال بعض أَوْلَاد الْخَلِيفَة يردد عَليّ ذَلِك ويرغبني فِي الرُّجُوع "عَن الشور الَّذِي أَشرت بِهِ على الْخَلِيفَة وَيذكر مَا قد أَلْقَاهُ إِلَيْهِ الْوَزير الرافضي من خشيَة ثورة الأجناد والعامة فمازلت أعرفهُ بِالصَّوَابِ وأذكر لَهُ أَن هَذِه الْفِتْنَة لَو لم تحسم يَوْمنَا هَذَا بِحَبْس المثيرين لَهَا لهلك غَالب النَّاس فِي اللَّيْلَة الْوَاصِلَة ونهبوا الْأَمْوَال جهارا وَأَنه سيصل الْأَمر إِلَى الْخَلِيفَة وَأَوْلَاده فضلا عَن غَيرهم وعرفته أَنه مَا سيثور بِسَبَب ذَلِك أجناد وَلَا غَيرهم فَإِن هَذَا تسكين للفتنة لَا إثارة لَهَالَقَد حمدوا هَذِه المشورة بعد حِين وَعرفُوا أَنَّهَا صَوَاب وَأَن بهَا كَانَ سُكُون تِلْكَ الْفِتْنَة الَّتِي غلت مراجلها وكادت تعم جَمِيع أهل صنعاء ثمَّ تسرى بعد ذَلِك إِلَى سَائِر الديار اليمنية"
مقتطف من: الشوكاني. "أدب الطلب ومنتهى الأدب ٩٩-١٠٢
قال الإمام الشوكاني: "وقد شاهدنا من خضوع هؤلاء (الرافضة)لأطماع الدنيا وإن كانت حقيرة ما لا يمكن التعبير عنه فإنه لو طلب منه بعض أهل الدنيا أن يخرج من مذهبه لكان سريع الإجابة قريب الانفعال حتى ينال ذلِك الْغَرَض الدنيوي وَهُوَ لَا محَالة رَاجع إِلَى مَا كَانَ فِيهِ"
أدب الطلب١/ ٨٧
قال الإمام الشوكاني: "ولم أجد ملة من الملل ولا فرقة من الفرق الإسلامية أشد بهتا وأعظم كذبا وأكثر افتراء من الرافضة فإنهم لا يبالون بما يقولون من الزور كائنا من كان ومن كان مشاركا لهم في نوع من أَنْوَاع الرفض وإن قل كَانَ فِيهِ مشابهة لَهُم بِقدر مَا يشاركهم فِيهِ"
أدب الطلب ١/ ٨٧
وَكَانَ مَا يصدر من هَؤُلَاءِ من هَذِه الْأُمُور إِنَّمَا هُوَ مُطَابقَة للوزير الرافضي الَّذِي قد قدمت لَك ذكره وَلَا سِيمَا صَاحب الْكُرْسِيّ وَهَذَا الْوَزير لم يكن رفضه لوازع ديني كَمَا يتَّفق لكثير من أهل الْجَهْل المتعلقين بالرفض فَهُوَ أنذل من ذَاك وَأَقل وَلكنه يفعل ذَلِك مساعدة لجَماعَة من شياطين المتفقهة"
"المتعصبة يدْخلُونَ إِلَيْهِ فَيَقُولُونَ إِنَّه لم يبْق من يحامي على هَذَا الْأَمر سواك وَإنَّك ركن التَّشَيُّع وملجأ أَهله وَنَحْو هَذِه الْعبارَات فيبالغ فِي التظهر بِهَذِهِ الْخصْلَة وَيُحب نِسْبَة ذَلِك إِلَيْهِ فَكَانَ الرَّفْض مكملا لمثالبه متتما لمعايبه لِأَنَّهُ فِي كل بَاب من أَبْوَاب القبائح قريع ظَهره ونسيج وَحده
فَلَمَّا تكاثر مَا يصدر من أُولَئِكَ المشتغلين بِمَا لَا يعنيهم من ثلب السّلف مَعَ مَا يَنْضَم إِلَى ذَلِك من إِدْخَال الضغائن فِي قُلُوب الْعَامَّة وَإِيمَانهمْ أَن النَّاس قد تركُوا مَذْهَب أهل الْبَيْت وفعلوا وفعلوا وكل ذَلِك كذب فَإِن النَّاس هم فِي هَذِه الديار زيدية وَكثير مِنْهُم يُجَاوز ذَلِك فيصيروا رَافِضِيًّا جلدا وَلم يكن فِي هَذِه الديار على خلاف ذَلِك إِلَّا الشاذ النَّادِر وهم أكَابِر الْعلمَاء وَمن يقتد بهم فَإِنَّهُم يعْملُونَ بِمُقْتَضى الدَّلِيل وَلَا ينتمون إِلَى مَذْهَب وَلَا يتعصبون لأحد فَهَؤُلَاءِ الَّذين يقصدهم أُولَئِكَ الرافضة بِكُل فاقرة ويرمونهم بِالْحجرِ والمدر ويسمونهم بميسم النصب
فَلَمَّا تفاقم شَرّ أُولَئِكَ المدرسين وَصَارَ الْجَامِع ملعبا لَا متعبدا واشتغل بأصواتهم المصلون عَن صلَاتهم والذاكرون عَن ذكرهم رَجَعَ إِمَام الْعَصْر أعز الله بِهِ الدّين "منع صَاحب الْكُرْسِيّ من الْإِمْلَاء فِي الْجَامِع وَأمره بِالْعودِ إِلَى الْمَسْجِد الَّذِي كَانَ يملي فِيهِ
فَحَضَرَ أُولَئِكَ المستعمرون على عَادَتهم وَكَانَ الْإِمْلَاء قبل صَلَاة الْعشَاء فَلَمَّا لم يحضر شيخهم ذهب بَعضهم ليجيء بِهِ من بَيته فَأخْبرهُم أَن الإِمَام قد مَنعه وَأمره بِالْعودِ إِلَى حَيْثُ كَانَ
فَلم يعذروه وَلَا سمعُوا مِنْهُ وَرَجَعُوا إِلَى الْجَامِع ثمَّ ثَارُوا ثورة شيطانية وَقَامُوا قومة طاغوية فمنعوا من الصَّلَاة فِي الْجَامِع وَمَا زَالَ ينظم إِلَيْهِم كل رَافِضِي وَمن لَهُ رَغْبَة فِي إثارة الْفِتْنَة حَتَّى صَارُوا جمعا كثيرا ثمَّ خَرجُوا فقصدوا بَيت الْمُؤَذّن الَّذِي أظهر عَلَيْهِم الرَّأْي الإمامي فرجموه حَتَّى كَادُوا "يهدمونه وَفِيه نسَاء وَأَطْفَال قد صَارُوا فِي أَمر مريع
هَذَا وَلَيْسَ لذَلِك الْمُؤَذّن الْمِسْكِين سعي وَلَا لَهُ قدرَة على شئ وَلكنه أرسل بِالرَّأْيِ الإمامي وَإِلَى الْأَوْقَاف إِلَيْهِ ووالى الْوَقْف أَيْضا لَيْسَ لَهُ سعي فِي ذَلِك وَلكنه أرْسلهُ إِلَيْهِ بعض من يتَّصل بالْمقَام الإمامي
ثمَّ لما فرغوا من رجم بَيت الْمُؤَذّن ذَهَبُوا وَلَهُم صُرَاخ عَظِيم وأصوات شَدِيدَة إِلَى بَيت وَالِي الْأَوْقَاف وَهُوَ رجل من أهل الْعلم من آل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرجموا بَيته رجما شَدِيدا حَتَّى غشى على بعض من فِيهِ من الشرائف فَقَالَ لَهُم قَائِل إِن هَؤُلَاءِ الشرائف المرجومات هن بَنَات نَبِيكُم وَبَنَات عَليّ بن أبي طَالب وَلم يكن بَنَات مُعَاوِيَة وَلَا بَنَات عمر بن الْعَاصِ وَغَيرهمَا مِمَّن تعادونهم فَمَا لكم ولهن فَلم يلتفتوا إِلَى ذَلِك واستمروا فِي الرَّجْم ثمَّ دخلُوا إِلَى بعض الْبَيْت ونهبوا بعض مَتَاعه
وبلغهم أَن وَالِي الْأَوْقَاف وَولده لمَسْجِد قريب من بَيته فحاصروا حَيْصَة حمر الْوَحْش وصرخوا صرخة الْحمر الْأَهْلِيَّة وذهبوا إِلَى ذَلِك الْمَسْجِد عازمين على قَتله فأغلق عَلَيْهِ بعض النَّاس مَقْصُورَة الْمَسْجِد فَسلم "ثمَّ ذَهَبُوا بصراخهم وجلبتهم إِلَى بَيت بعض أهل الْعلم من أهل الْبَيْت النَّبَوِيّ وَكَانَ يعظ النَّاس بالجامع ويتظهر بِبَعْض من السّنة فرجموا بَيته رجما شَدِيدا وَفِيه شرائف وَأَطْفَال
ثمَّ ثَارُوا إِلَى بَيت بعض وزراء الْخَلِيفَة لَا لذنب إِلَّا لكَونه ينافسه ذَلِك الْوَزير الرافضي وَكَونه ينتسب إِلَى بعض بطُون قُرَيْش فرجموه رجما شَدِيدا ثمَّ كسروا بعض أبوابه ودخلوا وكادوا يتصلون بِمن فِيهِ لَوْلَا أَنه حماه جمَاعَة بِالرَّمْي بالبنادق وَآخَرُونَ بِالسِّلَاحِ
ويتصل بِبَيْت هَذَا الْوَزير المرجوم بَيت وَزِير آخر من أهل الْعلم فرجموه ورجمهم من فِي بَيت الْوَزير حَتَّى أَصَابُوا جمَاعَة مِنْهُم فَتَرَكُوهُ وَسبب رجمهم "لبيت الْوَزير هَذَا أَنه من جملَة من يتظهر بِعلم السّنة ثمَّ لما كَاد ينقضى اللَّيْل فارقوا مَا هم فِيهِ وَقد أثاروا فتْنَة عَظِيمَة ومحنة شَدِيدَة
وَلما كَانَ النَّهَار جمع الْخَلِيفَة أعوانه وطلبني واستشارني فأشرت عَلَيْهِ بِأَن يحبس أُولَئِكَ المدرسين الَّذين أثاروا الْفِتْنَة فِي الْجَامِع بِسَبَب مَا يصدر مِنْهُم من نكاية الْقُلُوب وإثارة الْعَوام فحبسهم ثمَّ أَشرت عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يَأْمر بتتبع أُولَئِكَ الَّذين رجموا الْبيُوت وفعلوا تِلْكَ الأفاعيل وَمن وجدوه حبسوه وَيَأْمُر بتتبع جمَاعَة من شياطين الْفُقَهَاء المثيرين للفتنة فَفعل وحبسوا جَمِيعًا
وَلَكِن لم ينصح وَإِلَى مَدِينَة صنعاء لموافقته للوزير الرافضي فِي الرَّفْض ومهابته لَهُ ووقوفه عِنْدَمَا يختاره ويرتضيه
وَبعد أَن اجْتمع فِي الْحَبْس جمَاعَة كَثِيرَة من هَؤُلَاءِ أرسل الإِمَام حفظه الله لجَماعَة من شياطينهم المباشرين للفتنة من الْفُقَهَاء فجِئ بهم من الْحَبْس إِلَيْهِ وضربهم بالعصى تَحت دَاره وَهُوَ ينظر ثمَّ أرسل فِي الْيَوْم الآخر لجَماعَة من أهل السُّوق المباشرين للفتنة فَصنعَ بهم مَا صنع بأولئك "ثمَّ جعل جمَاعَة من شياطين الْجَمِيع فِي سلاسل وَأرْسل بهم إِلَى جزائر الْبَحْر على هَيْئَة مُنكرَة فسكنت الْفِتْنَة سكونا تَاما
وَلَقَد شهِدت من التعصبات فِي هَذِه الْفِتْنَة مَا بهرني من الْخَاصَّة والعامة أما الْخَاصَّة فَإِنِّي رَأَيْت من أهل بَيت الْخلَافَة من أَوْلَاد الإِمَام وَغَيرهم وَمن الوزراء والأمراء والقضاه وَأهل الْعلم من ذَلِك مَا يعجب مِنْهُ فَإِنِّي لما أَشرت على الْخَلِيفَة بِمَا أَشرت خرجت من الْمَكَان الَّذِي هُوَ مُسْتَقر فِيهِ إِلَى حجرته وفيهَا أكَابِر أَوْلَاده وهم إِذا ذَاك أُمَرَاء الأجناد وَعِنْدهم جَمِيع الوزراء وهم جَمِيعًا فِي أَمر مريع فيهم من يعظم عَلَيْهِ حبس أُولَئِكَ المدرسين وَيَرَاهُ حطا فِي مرتبَة الرَّفْض ونقصا من الرافضة وَقد قتل مِنْهُم ذَلِك الْوَزير الرافضي فِي الذرْوَة وَالْغَارِب وأوهمهم أَنَّهَا ستثور فتْنَة من الْعَامَّة والأجناد ومازال بعض أَوْلَاد الْخَلِيفَة يردد عَليّ ذَلِك ويرغبني فِي الرُّجُوع "عَن الشور الَّذِي أَشرت بِهِ على الْخَلِيفَة وَيذكر مَا قد أَلْقَاهُ إِلَيْهِ الْوَزير الرافضي من خشيَة ثورة الأجناد والعامة فمازلت أعرفهُ بِالصَّوَابِ وأذكر لَهُ أَن هَذِه الْفِتْنَة لَو لم تحسم يَوْمنَا هَذَا بِحَبْس المثيرين لَهَا لهلك غَالب النَّاس فِي اللَّيْلَة الْوَاصِلَة ونهبوا الْأَمْوَال جهارا وَأَنه سيصل الْأَمر إِلَى الْخَلِيفَة وَأَوْلَاده فضلا عَن غَيرهم وعرفته أَنه مَا سيثور بِسَبَب ذَلِك أجناد وَلَا غَيرهم فَإِن هَذَا تسكين للفتنة لَا إثارة لَهَالَقَد حمدوا هَذِه المشورة بعد حِين وَعرفُوا أَنَّهَا صَوَاب وَأَن بهَا كَانَ سُكُون تِلْكَ الْفِتْنَة الَّتِي غلت مراجلها وكادت تعم جَمِيع أهل صنعاء ثمَّ تسرى بعد ذَلِك إِلَى سَائِر الديار اليمنية"
مقتطف من: الشوكاني. "أدب الطلب ومنتهى الأدب ٩٩-١٠٢
قال الإمام الشوكاني: "وقد شاهدنا من خضوع هؤلاء (الرافضة)لأطماع الدنيا وإن كانت حقيرة ما لا يمكن التعبير عنه فإنه لو طلب منه بعض أهل الدنيا أن يخرج من مذهبه لكان سريع الإجابة قريب الانفعال حتى ينال ذلِك الْغَرَض الدنيوي وَهُوَ لَا محَالة رَاجع إِلَى مَا كَانَ فِيهِ"
أدب الطلب١/ ٨٧
قال الإمام الشوكاني: "ولم أجد ملة من الملل ولا فرقة من الفرق الإسلامية أشد بهتا وأعظم كذبا وأكثر افتراء من الرافضة فإنهم لا يبالون بما يقولون من الزور كائنا من كان ومن كان مشاركا لهم في نوع من أَنْوَاع الرفض وإن قل كَانَ فِيهِ مشابهة لَهُم بِقدر مَا يشاركهم فِيهِ"
أدب الطلب ١/ ٨٧
قناة أ.د محمد بن خليفة التميمي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..