يتناقش عددٌ من المغردين عن تاريخ وزير الخارجية الأمريكي مستشار الأمن القومي سابقاً #هنري_كسينجر ، ويتبارى كاتبٌ مع آخرَ في استقصاء أدق المعلومات والتفاصيل عن حياة كسينجر من تأريخ ولادته في ألمانيا 1923م وعن اسمه الحقيقي، وهروبه إلى أمريكا مع أسرته وهو في التاسعة من عمره مروراً بلندن مع بدء حملة #الهولوكوست النازية التي شنها #هتلر ونظامُه النازيُ على اليهود، إلى تقدمه متدرجاً في حياته الوظيفية (كشف أعمال الاستخبارات والتجسس) ثم تعليمه إلى أن تخرج بشهادة الدكتوراه أكاديمياً في جامعة هارفرد.
لكن المتبارين في ما تتبع تفاصيل ما أجملتُه الآن في سبعة أسطر لا يكتفون بسرد سيرته الذاتية؛ وإنما يتفاخر بعضُهم بذكر مناقبه؛ فيعدد مواهبَه الخارقةَ؛ من الذكاء الحاد، والقدرةِ على التعبير بجلاء عن أفكاره، وموهبتِه في البحث والتقصي، وإحاطتِه الواسعة بتواريخ الشعوب والديانات والملل والمعتقدات، وتمكنِه من رسم الاستراتيجيات، وبراعتِه في الحوار معه المختلف؛ كما كان له دورُه المشهودُ إبان الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، ومحاولة عزل الحزب الشيوعي في الصين عن هيمنة السوفييت، وجر الصين تدريجياً إلى الاقتراب من النظام الرأسمالي؛ سعياً لإضعاف السوفييت.
جميلٌ أن يستوعب الكاتب ما يكتب عنه؛ لكن ليس من الجميل ولا من المقبول أن يتجاهل الأدوارَ العدائيةَ الشريرة للأمة العربية وللإنسانية التي لعبها هنري كسينجر في إشعال الحروب وإحداث الانقلابات العسكرية في كمبوديا وفيتنام وتشيلي والفلبين وإيران، وغيرها.
هنري وكسينجر و #برنارد_لويس هما الصهيونيان اللذان رسما خطوط السياسة الخارجية الأمريكية على المستوى العالمي خلال نصف قرن تقريباً، وعلى الأخص في منطقة الشرق الأوسط، فلا أحد يجهل الدورَ الذي لعبه كسينجر في تمكين الجيش الإسرائيلي من #ثغرة_الدفرسوار وإنقاذه بتطويق القوات المصرية الموجودة في الثغرة، ثم هو من أسرع للحوار مع أنور السادات لتوقيع وقف إطلاق النار وإجراء محادثات الكيلو 101 تمهيداً لمفاوضات السلام مع إسرائيل في " #كامب_ديفيد" ووقع عليها الساداتُ في واشنطن 1979م.
كسينجر هو من دعا شاه إيران محمد رضا بهلوي إلى غزو دول الخليج لاحتلال منابع النفط بدعم أمريكي، ولأن الشاه لم ير من مصلحته التهورَ بالإقدام على هذا الجنون فتم استبداله بمن لديه الاستعداد لخلق الفوضى في المنطقة فتم احتضان الخميني ورعايته وحمايته والإنفاق على تنظيمه وتوزيع منشوراته وخطبه، ونقله من العراق إلى باريس حين اختلف مع صدام حسين، ثم زفته المخابرات الأمريكية بالطائرة الفرنسية إلى مطار طهران بعد أن تمت إثارة الاضطرابات وتهييج الشعب الإيراني على الشاه بما عرف بثورة " الكاسيت " فطردت العاصي وأتت بالمطيع المستفيد الذي نفذ ما تريد وما يتوق هو أيضاً إلى تحقيقه بخلفيته الفارسية الشعوبية المعادية للعرب وللمسلمين، واستخدمته أمريكا أداةً في تنفيذ ما أوصى به كسينجر القائل "الطريق إلى القدس يمر عبر بغداد" خدمةً لإسرائيل، وقد طبقت نظريتَه فسلمت العراق لنظام الملالي ثم غزت العراق عام 2003م تطبيقاً للخطوة الأولى في تنفيذ نظرية برنارد لويس (#تفتيت_المفتت) ورسم خارطة " #الشرق_الأوسط_الجديد" .
لقد دعا كسنجر إلى تهجير المسيحيين من لبنان وتوطين الفلسطينيين فيه بديلاً عن وطنهم، ودعا سوريا إلى احتلال لبنان، ورسم لإسرائيل خطة القضاء على الانتفاضة، وهو أيضاً خلف الوثيقة رقم 200 لتقليل السكان، وهو مشتبهُ داعياً لتقليل عدد سكان العالم بإخصاء الشعوب وتعقيم النساء، وقد بدأ اقترافَ ذلك أولاً في البرازيل سعياً للوصول إلى الميار الذهبي.
تتمثل عبقرية هذا الصهيوني في براعتِه مهندسَ موت ( المليار الذهبي ) ومصممَ حروب، وزارعَ فوضى، وسارقَ ثروات، ومعادياً لكل قيمة أخلاقية تحفظ حقوق الإنسان وتصون كرامته، فلم يُبالِ بأنهار الدماء التي أريقت في فيتنام ولا كمبوديا، ولا إيران ولا العراق ولا سوريا ولا لبنان ولا فلسطين، إن ذكاءه مسخرٌ حقاً لخدمة الشر وإرضاء الشيطان.
وإنني لأعجبُ أشدَ العجب من أناس يمجدونه وهو يحتقرهم، ويرفعون من شأنه وهو ولا يراهم يستحقون الحياة، بل يرى أن من الضرورة لإسرائيل أن تثير الحروب تلو الحروب؛ لتنتهي بالسيطرة على معظم الدول العربية؛ ولتكون شرطيَ المنطقة الآمرةَ الناهيةَ فيها.
فكيف بعربي يكتب قصائد الرثاء والحسرة على فقد عدوه ؟!
أما كتُبه المطولةُ وتنظيراتُه للحروب الباردة والمشتعلة، وبحوثه في سبل القضاء على أية قوة منافسة لأمريكا، ومخاوفه من حرب نووية؛ فقد دفنت معه الآن بعد موته؛ فكل النظريات العدائية للإنسان ولقيم التعايش بين الحضارات لا يمكن أن تستمر أبداً؛ فلو عُمرت ونُفذت كما عمر ونفذ هذا الشيطان خلال ما يقرب من 80 عاماً لانقرض البشر، وماتت الحضارات، وتوقف العقل المبدع المبتكر عن إنتاج ما ينفع واشتغل على إنجاز ما يدمر ويُفني.
ولكن حكمة الله دائما أن الشر لا يسود دائما، وأن الخير وإن ضعف أو انزوى حيناً من الزمن فلابد له من عودة ليسود وتستمر عمارة الأرض.
إن أضعفَ الإيمان الامتلاءُ بوعيِِ عميقِِ لمعرفة العدو من الصديق والفرز بين الحقيقة والادعاء.
أما أولئك النائمونَ في العسل الذين لا يؤمنون بأن ثمةَ مؤامراتِِ وخططاً تُحاك وتدبر؛ فقل على وعيهم السلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..