الخميس، 21 مارس 2024

‏متدينون جداً فاسدون جداً .

     الباحث الياباني نوبواكي نوتوهارا عاشر العرب أربعين عاما وكتب  كتابه " العرب من وجهة نظر يابانية " فصّل كيف لهذا العربي أن يظهر التقوى والورع ويحاسب الآخرين لو تأخروا عن صلاة الجماعة لكنه لايتورع أن يسرق وأن يرتكب في السر ماينهى عنه في العلن . 
في هذا العصر كثرت الأفعال التي ظاهرها الدين وباطنها الفساد ولهذا قد يأتي ساقط من البشر ويجيّش الناس ويتهم الآخرين مثلا بفساد دينهم وفساد أخلاقهم وهو لايرتدع عن ارتكاب المحرمات . وكنّا نعيش في زمن وأقمنا للناس وزنا وظننا أنهم ملائكة مبرئون ثم حصبت الحاصبة فترى من كان لديه الاستعداد لقتالك لأن ثوبك يتعدى الكعبين وهو يخفف اللحية ويحضن الفتيات ويبيح الأغاني ويرقص مع الراقصين . اللغة لم تترك الحيارى يتحيرون والتائهون يتيهون فأوجدت كلمة " الاستشراف " ومعنى استشرف اطّلع من مكان عال كالبرج أو الجبل وهي خاصة بجنود الحراسة في أيام الحروب والقتال . لكن من عام ٢٠١٥ جاءت هذه الكلمة بمعنى جديد " الاستشراف»، بمعنى سوق الشرف والفضيلة على الآخرين، أي السعي الرخيص والسهل لنيل الشرف والفضيلة على حساب الآخرين، ثم من هذا المعنى تفرعت معانٍ أخرى يدل عليها السياق، كالنفاق في أمر أخلاقي، أو الاعتراض على الآخر في سلوك شخصي لا يخالف القانون، أو محاولة تلميع النفس بذمّ تصرفات الآخرين، أو ممارسة الوصاية الأخلاقية على الناس. " . 
طبعا منصة X هي بيئة خصبة للاستشراف وفرد العضلات ، ولو لم تكتب شيئا فإنك لن تسلم من أذى المستشرفين وهم كلاب رخيصة لديها قدرة حتى على نهش عرض من يخالفهم ولو كتبت عن امرأة في قصة قديمة مثلا فسينبح عليك ألوف مؤلفة حتى من لم يكن طبعه النباح ولهذا قال الأعرابي القديم : الكلب الذي ينبح عليك سينبح لك لو رميت له عظمة على قارعة الطريق . وغالبا الكلب الذي ينبح نادرا أن يعض فهو كلب لا وظيفة له إلا أن ينبح سواء شاهد شيئا يستحق أولا .
والناقد البصير بعيوب الناس قد يمر على قول امرئ القيس : 
        ——" فَمِثلُكِ حُبْلَىٰ قَد طَرَقتُ وَمُرضِعًا
               فَأَلهَيْتُها عَن ذِي تَمَائِمَ مُغيَلِ .
إِذَا مَا بَكَىٰ مِنْ خَلْفِهَا انحَرَفَتْ لَهُ
               بِشِقٍّ وَشِقٌّ عِنْـدَنَا لَمْ يُحَوَّلِ   .
ويقرأ ويحلل ويتمعن بالوصف الأدبي "
       سَقَطَ النَصيفُ وَلَم تُرِد إِسقاطَهُ
          فَتَناوَلَتهُ وَاِتَّقَتنا بِاليَدِ
       بِمُخَضَّبٍ رَخصٍ كَأَنَّ بَنانَهُ
        عَنَمٌ يَكادُ مِنَ اللَطافَةِ يُعقَدِ  " . هذا لا ينكره ويبلع لسانه عنده وهو عنده الاستعداد أن يحاضر عن أخلاق العرب بالجاهلية ويطمس وأد البنات والرايات التي توضع على منازل الغانيات وينكر نكاح الاستبضاع ونكاح الرهط وماجبّها الا النبي صلى الله عليه وسلم وأبطلها . لكن المستشرف حيوان عجيب فهو يثور على عرض امرأة جاهلية قبل الاف السنين ويقذف عرضك أنت الذي تحيا عصره الراهن . بل إن المستشرف الحقير يخصك بالنصيحة ليس لأنه يريد الخير هو يستقوي عليك ويريد أن يظهر النزاهة والشرف على حسابك ليقول : والله نعم الرجل أنت ، لله درك . ولكنه أجبن وأحقر أن يتعرض للقوي الذي يجعله يلحس مؤخرته . لا أريد أن اكتب كثيرا ولكن افحصوا أخلاقكم وحاولوا أن تصلحوا ذواتكم فضلا على أن تصلحوا أخلاق فاطمة بنت المنذر …

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..