وبشكل مختصر، كتب هايدت أنه يجب ألا يكون لدى الأطفال سوى القليل من الوصول إلى أي منهما حتى بلوغ عمر الـ16 عامًا.
وبينما شكّك البعض في الأسس العلمية وراء أطروحة هايدت، ولكنه يقول إن وجهة النظر تلك مستمدّة من سنوات من البحث، من خلال تحقيقات تصوّر صراعات الصحة النفسية المتزايدة بين المراهقين الأمريكيين، والإحصائيات التي تشير إلى أن العديد من المراهقين في الولايات المتحدة يعانون بالفعل من الاكتئاب أو القلق بطريقة ما.
وقد ردّدت جمعية علم النفس الأمريكية صدى مخاوفه في تقرير جديد يستنكر تصاميم منصات التواصل الاجتماعي "غير الآمنة للأطفال".
وينص تقرير جمعية علم النفس الأمريكية، الذي صدر الثلاثاء، على أنّ الأطفال ليس لديهم "الخبرة، والحكمة، وضبط النفس" لإدارة أنفسهم على تلك المنصات.
وأفادت الجمعية بأن العبء لا ينبغي أن يقع بالكامل على عاتق الآباء والأمهات، أو متاجر التطبيقات، أو المراهقين، بل يجب أن يقع على عاتق مطوري هذه المنصات.
مع ذلك، ربما لا يستطيع الآباء والأمهات الاعتماد على المطورين، ما يؤدي إلى استنتاج هايدت الصارخ ومفاده:"نحن عند نقطة تحول كمجتمع، وإذا لم يتخذ الكبار إجراءات، فقد يخاطرون بالصحة النفسية لجميع الشباب إلى أجل غير مسمى".
وقضى هايدت ساعات لا حصر لها في نشر رسالة الكتاب منذ إصداره في 26 مارس/آذار الماضي. وتحدثت CNN مؤخرًا مع هايدت حول الكتاب وما ينتظر الآباء والمراهقين على حدٍ سواء.
CNN: كيف أوصلنا أنفسنا إلى هذا المأزق؟
جوناثان هايدت: "لطالما كانت طفولة الأطفال تعتمد على اللعب، ولكننا تركنا ذلك يتلاشى تدريجيًا بسبب مخاوفنا المتزايدة من الاختطاف والتهديدات الأخرى خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات، وما نشأ لسد فجوة هذا الوقت كان التكنولوجيا".
وفي التسعينيات، اعتقدنا أن الإنترنت سيكون المنقذ الذي سيجعل أطفالنا أكثر ذكاءً. ولأن غالبيتنا كان متفائلا بالتكنولوجيا، لم نقم بإصدار أي إنذارات عندما بدأ أطفالنا يقضون أربع أو خمس ساعات على هواتفهم والشاشات الأخرى، والآن يقضون سبع إلى تسع ساعات يوميًا.
وتتمثل الحجة الأساسية للكتاب في أننا بالغنا في حماية أطفالنا من العالم الحقيقي، بينما لم نفعل ذلك بالشكل المطلوب على الإنترنت.
CNN: ما هي بعض البيانات الأكثر إثارة للدهشة التي وجدتها؟
جوناثان هايدت: ما يتبادر إلى ذهني على الفور هو اكتشاف أن الأولاد المراهقين كانوا يعانون من أعلى معدلات كسور العظام قبل عام 2010.
بمجرد أن نصل إلى أوائل عام 2010، تنخفض معدلات دخولهم إلى المستشفى، بحيث أصبح الأولاد المراهقون الآن أقل عرضة لكسر العظام مقارنة بآبائهم أو أجدادهم، إذ أنهم يقضون غالبية وقتهم أمام أجهزة الحاسوب، وألعاب الفيديو الخاصة بهم، وبالتالي فهم آمنون جسديًا، لكنني أزعم أن هذا يأتي على حساب النمو الصحي في مرحلة الطفولة.
CNN: هل تؤثر أزمة الصحة النفسية هذه على الأولاد الذكور والإناث بشكل مختلف؟
جوناثان هايدت: تتمثل الحقائق الأساسية حول الاختلافات بين الجنسين في أنه عندما حصل الجميع على هاتف ذكي في أوائل عام 2010، اتجه الأولاد إلى ألعاب الفيديو ومنصة "يوتيوب"، في حين اتجهت الفتيات أكثر إلى منصات التواصل الاجتماعية المرئية، وخاصة "إنستغرام" و"تمبلر".
ويتمثل الفرق الثاني بأن الفتيات يتشاركن المشاعر أكثر من الأولاد، وهن أكثر انفتاحًا على بعضهن البعض. وترتفع مستويات القلق لدى الفتيات خلال مرحلة المراهقة، بمجرد ارتباطهن الشديد ببعضهن البعض عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ويُعد إيذاء النفس إحدى الطرق التي تعاملت بها بعض الفتيات تاريخيًا مع القلق.
وفي عام 2010، تضاعفت زيارات غرفة الطوارئ في المستشفى (بسبب إيذاء النفس) للفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 10 و14 عامًا ثلاث مرات تقريبًا. وهذه واحدة من أكبر الزيادات في علامات المرض النفسي التي نراها في جميع البيانات التي قمت بمراجعتها.
CNN: قلت إننا عند نقطة تحول في هذه الأزمة.. لماذا؟
جوناثان هايدت: أعتقد أن هذا العام هو نقطة التحول لعدة أسباب. وفي عام 2019، بدأ النقاش بالفعل، ثم ظهر "كوفيد-19"، الأمر الذي حجب الاتجاهات السابقة.
وقد مرت الآن بضع سنوات على فيروس كورونا، وإغلاق المدارس، وإلزام ارتداء الأقنعة، وما أصبح واضحًا للجميع هو أن الأطفال ليسوا على ما يرام.
وتُظهر لنا البيانات المتعلقة بمعدلات الأمراض النفسية أن غالبية الزيادة كانت موجودة قبل وقت طويل من وصول "كوفيد - 19".
ما وجدته منذ صدور الكتاب هو أن الجميع تقريبًا يرون المشكلة، والآباء يعانون من حالة من اليأس، إذ يشعرون وكأن الجنّي قد خرج من القمقم، ولا سبيل لإعادته.
وعندما ننظر إلى الصحة النفسية المتدهورة لدى المراهقين، والزيادات في إيذاء النفس، والانتحار، وانخفاض درجات الامتحانات منذ عام 2012 في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم، أعتقد أنه يتعين علينا القيام بشيء ما.
ويقدّم كتابي تحليلا واضحا لمشاكل متعددة و4 معايير بسيطة ستحلها.
ما هي الأعراف التي ستحل هذه الأزمة؟
جوناثان هايدت: أولا، ممنوع استخدام الهواتف الذكية قبل مرحلة المدرسة الثانوية. يجب علينا إخراجها من مرحلتي الابتدائية والإعدادية. فقط اسمح للأطفال بالحصول على هاتف قابل للطي أو ساعة هاتف عندما يتمتعون بالاستقلالية.
ثانيا، ممنوع استخدام منصات التواصل الاجتماعي حتى بلوغ الـ16 عامًا، فهذه المنصات لم تكن مخصصة للأطفال. ويبدو أنها ضارة بشكل خاص للأطفال، ويجب علينا حماية البلوغ المبكر لأنه يحدث فيه أكبر الضرر.
ثالثا، يجب أن تكون المدارس خالية من الهواتف، ولا توجد حجّة للسماح للأطفال بالحصول على أكبر جهاز إلهاء تم اختراعه على الإطلاق في جيوبهم أثناء ساعات الدراسة.
وإذا كان لديهم الهواتف، فسوف يقومون بإرسال الرسائل النصية داخل الفصل، ويصبون تركيزهم على هواتفهم، بدلا من الإنصات إلى المعلمين، وقضاء الوقت مع زملائهم.
رابعا، إعطاء الأطفال المزيد من الاستقلالية والمساحة الحرة والمسؤولية في العالم الحقيقي، نحن بحاجة إلى التراجع عن الطفولة القائمة على الهاتف، واستعادة الطفولة القائمة على اللعب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..