الأحد، 23 مارس 2025

فشل دراسة رمضان.. ومأساة أولئك المعلمات 

       فجر كلِّ يوم، نُودِّع أبناءَنا بعيونٍ دامعةٍ، وقلوبٍ نازفةٍ، فنحنُ نُغادرهم (وقد لا نراهُم مرَّةً أُخْرى)، في رحلة عذاب مستمرَّة، نحن فيها عُرضةً لحوادث مروريَّة، قد تختطف أرواحنا؛ سببها طريقٌ متهالكٌ، أو جَمَلٌ هاربٌ، أو سائقٌ متعاطٍ، أو نائمٌ، أو متهوِّرٌ.
* (نحنُ المعلِّمات اللائي يدرِّسن) في المحافظات والقُرى، التي تبعد عن مدن سكنانا من (150كم إلى 300 كم)، وفي رحلاتنا تلك، التي تسرقُ منَّا الصحَّة وساعات العُمر، تزدادُ المعاناةُ مع الصِّيام في شهر رمضانَ المبارك، حيث السفريَّات المستمرَّة والمتكرِّرة، التي لا نعودُ منها إلَّا قبيل المغرب، فيما قاعتنا الدراسيَّة خاليةٌ من الطَّالبات.
وهنا تلك المأساة بصورها ومشاهدها، يبدو أنها بعيدة تماماً عن مسؤولي التعليم، الذين -مع سبق الإصرار والترصد- يرفعون رايات الدراسة الحضورية في رمضان، بينما هم يدركون -قبل غيرهم- أنها غير منتظمة؛ فهم عاجزون عن فرضها على طلبة، أغلبهم عنها يغيبون، فيما العدد القليل، بل النادر من زملائهم الذي يحضرون، ما هم إلا في فصولهم الدراسية نائمون.
*****
* يا مسؤولي تعليمنا الأعزَّاء، محاولة إجبار المعلِّمين والمعلِّمات، وطلابهم وطالباتهم على الدِّراسة الحضوريَّة في رمضانَ، أثبتت فشلها عامًا بعد عامٍ، حتَّى وأنتم تضعُون فيها هذه السَّنة (اختبارات برنامج نافس)، التي عليكم أنْ تراجعُوا نتائجها؛ لأنَّها جاءت في أوقاتٍ غير مناسبةٍ.
واقع الحال، وتلك المعطيات تنادي بأنْ يكون شهرُ رمضانَ إجازةً رسميَّةً من الدِّراسة، أو أنْ تكون فيه عن بُعد؛ لاسيَّما وبلادنا الغالية تمتلكُ بنيةً إلكترونيَّةً قويَّةً وحديثةً ورائعةً -ولله الحمد-، وقبل ذلك شعبًا مثقَّفًا قادرًا على التَّعامل الرقميِّ، وهذا ما أكَّدته (أزمة كورونا).

* أخيرًا -مع التقدير جدًّا، والاحترام أبدًا لجهود وعطاءات مسؤولي التعليم- أقترحُ أنْ يُجرِّبُوا لمدَّة أسبوع واحد فقط، أنْ يقومُوا بتلك الرِّحلات المكوكيَّة المرهقة للمعلِّمين والمعلِّمات، خاصَّةً في رمضانَ؛ ليعيشُوا جانبًا من تفاصيل عذابهم اليوميَّة؛ فأنا متأكِّد أنَّهم بعدها سيُؤمنُون أكثر وأكبر بعِظَم رسالتهم، وحجم تضحياتهم؛ وبالتَّالي سيُعيدُون النَّظر في العديد من قراراتهم -التي بعيدًا عن التنظير- ستقتربُ أكثر من الواقع. فهلَّا فعلُوا ذلك مشكورين؟.. وسلامتهُم وسلامتكُم.
عبدالله الجميلي
 - جريدة المدينة
*
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..